|
حروب الاطلسي في دول العروبة !
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7208 - 2022 / 4 / 1 - 15:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعتقد أنه توجد قواسم مشتركة بين حرب دول الأطلسي في أوكرانيا من ناحية و حرب هذه الدول في العراق و سورية خصوصا و في بلدان شرق و جنوب البحر المتوسط عموما من ناحية ثانية ، مثلما أن من المفروض أن تأخذ حركة التحرير الوطني الفلسطينية بعين الأعتبار القواسم المشتركة التي تربط القضية الفلسطينية بنظيرتها الجزائرية . بكلام أكثر صراحة ووضوحا ، أزعم أن الحروب دول الأطلسي المتتالية هي أشكال متطورة لنفس الحرب الماضية و الحالية و القادمة ، او بتعبير أدق ، هي خطوات على نفس النهج نحو غاية واحدة تتلخص بالسيطرة على كامل كوكب الأرض بالإضافة إلى مواءمة الديمغرافية و التوزيع السكاني مع مصالح طبقة رأسمالية ليبرالية مسّها على الأرجح جنون العظمة من جراء ابتداعها وسائل و أساليب مكنتها من الإستيلاء المطلق على السلطة في الدول المشار إليها .
نضع هذه التوطئة تمهيدا للإنتقال من بعد أو بالأحرى للعودة إلى مسألة الفوضى التي تعم حاليا كل من لبنان و سورية و العراق ، أي المنطقة الممتدة بين المتوسط غربا والخليج العربي شرقا ، و التي كان لدول الأطلسي دور كبير في إطلاق سيرورة العنف والتدمير فيها ، التي أصابت الدولة أو شبه الدولة في البلدان المذكورة ، اصابات يمكن نعتها بالماحقة ..
من البديهي أن إيفاء هذا الموضوع حقه يتطلب البحث في تفاصيل عديدة ، تطرقنا لبعضها في مناسبات سابقة و سنواصل دراستها كلما سنحت الفرصة و توفرت الإمكانيات . اما في هذا الفصل فإننا سنحاول تلمس الآثار التي خلفتها حتى الآن ، حروب الدول الأطلسية في بلدان الشرق الأوسط خصوصا في الحقلين الرئيسين اللذين يتوافق الكثيرون من المراقبين و الخبراء على أنهما على رأس لائحة أهداف هذه الحروب و هما أولا ، السيطرة على منابع النفط و الغاز و على خطوط جرّهما إلى الاسواق التي تتحكّم في حركتها الولايات المتحدة ، و ثانيا ، دعم و بسط نفوذ إسرائيل لجعلها القوة الأكبر في الشرق الأوسط بما هي امتداد للولايات المتحدة و مكون عضوي و أساسي لسلطانها .
يتساءل المرء في هذا السياق عن مصير " القضية الوطنية الفلسطينية " ، علما أن الفلسطينيين اليوم موزّعون على ثلاثة صنوف ، صنف من اللاجئيين ( 1948 : فلسطينيو الشتات و سكان قطاع غزة ) و صنف ثان من العرب الإسرائيليين (1948 ) لا يتمتعون بحقوق مماثلة للإسرائيليين اليهود ، و أخيرا صنف ثالث في الضفة الغربية ، يرزحون منذ سنة 1967 ،تحت و طأة احتلال استعماري عنصري إستيطاني
من الطبيعي أن هذا الوضع لم يلق قبولا من منظمة التحرير الفلسطينية و الدول العربية ، الذين حاولوا جميعا التعبير عن رفضهم له بكافة الإشكال و من ضمنها حرب العصابات و حرب الجيوش .
من المعلوم في هذا الصدد ، بعد سنوات من العمى و الجهل ، والتخبط و الإرتجال و التكرار و الهزائم و الصفقات ، أن بعض المعترضين أذعنوا طائعين أو مكرهين ، للواقع ، و أعلنوا عن تطبيع علاقتهم باسرائيل و عقدوا معها إتفاقيات تجارية و سياسية تشمل العمل المشترك على مستوى كامل الفضاء العربي .
ما يهمنا هنا ، هي الأطراف التي لم ترضخ في ظاهر الأمر للضغوط الأميركية ـ الإسرائيلية ، فلم تتخل عن مطالبتها بأراضيها التي أحتلت في حرب حزيران 1967 و عن دعم حق الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم التي طردوا منها ، الذي تؤكد عليه قرارات الأمم المتحدة ( القرار 194 ) ، و حق الفلسطينيين غير اليهود في العيش في بلادهم دون تمييزهم من غيرهم على أساس المعتقد الديني و التصنيف العرقي و الهوية الثقافية .
مجمل القول أن تمسك هذه الأطراف بحقوقها و اصرارها على دعم حقوق الفلسطينيين فقد الكثير من الزخم تدريجيا منذ سنوات 1970 ، إلى حد أن التذكير به صار نوعا من الحنين إلى الماضي و من تبجيل الرموز و الإنتماء الثقافي . فما هو موضوعيا ، مضمون التطبيع مع إسرائيل ، أو عدمه ، في البلاد التي استولت الولايات المتحدة على دولتها أو عطلت مرافقها الحيوية او أحتلت بعضا من أراضيها ، أو صاغت دستورها و قوانينها أو أنها تضيق عليها الخناق حتى تستسلم لمشيئتها ؟
ما أود قوله هو أن إصرار بعض الأطراف على التذكير بأنهم ملتزمون "بالثوابت" التي كانت شعار الفترة الناصرية العروبية ، صار مسموعا ولكنه غير مفهوم على الإطلاق ، لا سيما عندما ننظر إلى الواقع الملموس في بلدان " العروبة " ، إلى حد أن الكثيرين يعتقدون في قرارة أنفسهم ، أن هذا الشعار لا يعدو كونه شماعة لتبرير التغاضي عن التجاوزات و المفاسد التي يتسبب بها بشكل عام جميع الذين يصلون إلى السلطة ، إلا ما ندر. بناء الدولة الوطنية أو إصلاح شبه الدولة الموروثة عن المستعمر مؤجل ، بالرغم من أن شبه الدولة تحولت في بعض الظروف إلى أداة تقيد التقدم و تمنع الوعي ، كما أنها توكلت أحيانا باحتضان نشاطات عدائية مناوئة للدولة أو لشبه الدولة المجاورة . لا نجازف بالكلام أن نموذج التناقض الروسي الأوكراني معروف جدا في بلدان العروبة و أن تكراره تزايد بشكل ملحوظ تلازما مع بروز الدول النفطية الغنية في شبه جزيرة العرب .
إذا سلمنا جدلا أن بعض دول العروبة أو شبه الدول ما تزال ترفض "التطبيع " مع كيان إستعماري عنصري أستيطاني ، و لكنها " تؤجل " النضال ضده بالوسائل و الأساليب الملائمة ، و في الوقت نفسه ، يسرح و يمرح الديبلوماسيون و غير الديبلوماسيين الأميركيين في بلادها ، أو تحتل الولايات المتحدة مواقع في البلاد ، أو تمتلك قواعد عسكرية على التراب الوطني ، فمن حقنا أن نعتبر أن هذه الدولة تقيم علاقات طبيعية مع الكيان ألمُلمّح إليه ، كون السفارة ، و المبعوث و القاعدة العسكرية ، يعملون جميعا في الحقيقة بالتنسيق مع هذا الكيان و في خدمته ,
خلاصة القول و قصاراه ، يمكننا أن نفترض أن شبه الدولة هي في الواقع أداة تستخدمها الولايات المتحدة إقليميا مع الدول المجاورة أو ضدها من جهة و داخليا ضد الأحزاب و الحركات الوطنية و التنويرية ، حتى إذا ما تآكلت ، عملت على استبدالها أو على الإستغناء عنها و إعادت ترسيم الحدود و الخرائط .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحروب الغشومة
-
الحرب العبثية
-
في خضم - صدام الحضارات -
-
الحرب في أوكرانيا : حدودية أم وجودية ؟
-
عصر الحجر
-
السلاح النووي و الإعلام المانستريم و تصادم الحضارات في أوكرا
...
-
القرابات الروسية و القرابات السورية
-
الحرب ووباء الكوفيد و الثورات الملونة !
-
الوجه الفلسطيني لحرب التحرير الجزائرية
-
ثبات المسافة بين المركز و الأطراف !
-
ملحوظات حول المسألة الوطنية !
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية : لبنان نموذجا
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية العمالية ! (1)
-
سقوط الدولة في لبنان
-
مقاربات مجردة (5)
-
مقاربات مجردة (4)
-
مقاربات مجردة (3)
-
مقاربات مجردة (2)
-
مقاربات مجرّدة -1-
-
المسألة الكوفيدية و المسألة الفلسطينية
المزيد.....
-
إليك ما نعرفه عن اصطدام طائرة الركاب ومروحية بلاك هوك وسقوطه
...
-
معلومات سريعة عن نهر بوتوماك لفهم مدى تعقيد البحث عن حطام ال
...
-
أول تعليق من ترامب على حادثة اصطدام طائرة ركاب ومروحية عسكري
...
-
حوافه حادة..مغامر إماراتي يوثق تجربة مساره بوادي خطير في قير
...
-
كيف نجا قائد الطائرة إف-35 -الأكثر فتكا في العالم- بعد تحطمه
...
-
إيطاليا تعيد كنوزا عراقية منهوبة.. قطع خلدت ذكرى من شيدوا ال
...
-
FBI يستبعد العمل الإرهابي في حادث اصطدام طائرة الركاب بمروحي
...
-
بعد كارثة مطار ريغان.. الإعلام الأمريكي يستحضر آخر حادث كبي
...
-
جورجيا تنسحب من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بعد مطالباته
...
-
الائتلاف الوطني السوري يهنئ الشرع بتنصيبه رئيسا للجمهورية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|