أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - الدوافع النفسيّة وراء كتابة القصيدة الذاكرة الحيّة على الجريمة قراءة في قصيدة الشاعرة : سلوى علي – العراق , روح الشمس في ممرّات الخردل . بقلم : كريم عبدالله 31/3/2022 .















المزيد.....

الدوافع النفسيّة وراء كتابة القصيدة الذاكرة الحيّة على الجريمة قراءة في قصيدة الشاعرة : سلوى علي – العراق , روح الشمس في ممرّات الخردل . بقلم : كريم عبدالله 31/3/2022 .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 7208 - 2022 / 4 / 1 - 00:06
المحور: الادب والفن
    


مالذي يحرّك مخيّلة الشاعر أثناء كتابة القصيدة , ومالدافع الداخلي النابض الذي يدفع الشاعر الى كتابة القصيدة ..؟؟!!! .
انّ الشاعر انسان استثنائيّ , غير طبيعيّ , قلقٌ دائماً , وغير مستقر نفسيّا , مهوسٌ بالشعر والابداع , بمقدوره أن يدجّنُ هذا القلق وعدم الاستقرار النفسيّ عن طريق فكتابة الشعر . انّ الشاعرة : سلوى علي , استطاعت ان تجعل مِنَ التمزّقات التي كانت تعاني منها نفسيّاَ الى قصيدة تخلّد الفاجعة . أنَّ الشاعر الذي لا يمتلك ضميراً حيّاً , هو شاعر تافهٌ , والشاعر الذي ( لا يحبلُ ) بكارثةٍ فضيعة لا يمكنه ان يكتب مقطعاً نصيّاً حقيقياً يتوازى مع محنته , هكذا كانت الشاعرة وهي تكتب عن قضيتها وقضية شعب بأكمله , لقد ( حبلتْ ) فولدتْ لنا هذا المولود ( القصيدة ) المجروحة الخاطر , والمثقلة بهول الألم والمحنة , لقد كانت الشاعرة قد احترقت , فكان رمادها شعراً يؤرّخ لهذه الفجيعة , أنّ الشاعرة قنبلة موقوتة , انفجرت فكان نتيجة هذا الانفجار هذه القصيدة ( روح الشمس في ممرّات الخردل ) , لقد كانت الشاعرة مهوسة بذكرى مؤلمة عذّبتها كثيراً , أنّها تعاني من عقدة نفسيّة مرّت بها , وعاشت كلّ تفاصيلها حتى الدقيقة منها , عقدة تراكمت فأصبحت جرحاً عميقاً في روحها وذاكرتها الحيّة , أنّها الذات المسكونة بالهمّ الداخلي الذي جعلها تلجأ الى الشعر في ترجمة معاناتها الفظيعة , أنّ هشاشة روحها جعل منها حسّاسة جداّ وكأنّها دُمّلة تنزُّ بالوجع كلّما داعبتها الذكرى , وراودتها المشاهد المؤلمة , أنّ الأزمة النفسيّة التي تركتها في أعماقها هذه الفاجعة حرّك روحها , وأقلقتها كثيراً , وجعلتها شعلة تحترق بهدوء وهي تسرد لنا مصيبتها .
أنّ عنوان القصيدة هذه ( روح الشمس في ممرّات الخردل ) , يدلّ على أنّ ثمن / الحرية – الشمس / الموت – الخردل / , من هنا نقرأ هذه المساحة الشاسعة منَ الألم والخيبة والخسران والموت , ثمن باهض وفجيعة مهولة , فالشاعرة تبتدأ قصيدتها بهذه الطقوس المرعبة / طقوس مغروسة بطعم الرماد تكتظّ بالذكريات / , ذاكرة حيّة لمّا تزل تكتظّ بالكثير من الذكريات المؤلمة والفظيعة , طقوس ترافقها أينما كانت وتكون كالزمن الذي لا فكاك منه , فنحن سنبقى تحت رحمة هذا الزمن , ونعيش فيه رغماً عنّا / تتجوّلُ في عقارب الساعات / , لتثقب الاحزان حين دسّت اشعة الشمس بالقبور أمام ضوء القمر / أنّ الكارثة هي الحاضر الاول في تحريك مخيلة الشاعرة لكي تكتبها كما عاشتها هي , أنّها تصوّر البشاعة أصدق تصوير مشحوناً بالكثير من التشظّي والوجع / جماجمها زرعت في كتب الرهبة تصمت رصاصاتها شهقات الحضارة لنار سرمديّة يستلذُّ بأطفال يتلوّن آيات الشيب على جناح فراشة فوق هامة عزرائيل / ما اجمل تصوير هذه الفجيعة والكارثة الانسانيّة , لقد كانت الارض مزرعة جماجم , وأيّ جماجم هذه , جماجم أطفال وشيوخ ونساء كالفراشات الرقية يقلّبها ( عزرائيل ) ..!! , ثم تسترسل في تصوير هذه المشاهد المرعبة / هناك تخمّرت أوتار النزف وصدى الرؤيا بذاكرة التنزيل , لتبلّل لحظات الاحتضار/ في تلك الارض المنكوبة ظلّت تحتفظ ذاكرة الشاعرة بكل تفاصيل محنتها , وتشهد لحظات الاحتضار والموت السريع , / فيتلاشى سالك دروب الصمت عبر ممرّات الخردل أتعبه الرقص بين اوراق الربّ , فانكسرت بهجة الشمس قبل ان تصرخ هل مِنْ نصير ..؟؟ / نعم فيحلّ السكون والصمت والموت وتنطفئ الشمس ويحلّ الظلام الكثيف حين تغلق العيون أجفانها , / نفضت شال الابجديّة لتمتلئ قوارير الربّ تحت جدائل ذهبيّة على صدى صوت حقول السنابل المجروحة قبل مواسم الحصاد برائحة حدائق التفاح لتشقّ صدر الديمومة في جنّات عدن / هنا نجد المقدرة الابداعية لدى الشاعرة في تصوير هذه المشاهد المأساوية عن طريق اللغة التجريديّة – التعبيريّة , لغة حيّة استنفرت طاقاتها واستنطقتها وبثّت فيها العمق المأساوي الانساني , وجعلت مِنَ المتلقي يقرأ ما وراء الكلمات مِنْ معاناة انسانيّة , استطاعت أن تصوّر لنا بشاعة الموت وهمجيّة الانسان حين يتخلّى عن انسانيته مِنْ أجل مصلحته الشخصيّة , ثم سرعان ما / يأتي المصير ويمتزج الطوفان , بلحظة انفجار , وصاح الدم في الحقول لا مأوى لقد أورق المستحيل , فتساقطت النجوم على همس الليل المبلّل بالحنين وهي تدندن بصوت نوارسها الصباحيّة الراحة أغنية لقد غرست الشاعرة في نفوسنا ملامح الخوف الذي حلّ بتلك الارض ( حلبجة ) , وطقوس الفناء والرعب والالام , لأنّ روح الشاعرة كانت تسكن في / ممرّات الخردل – في الممرّات المؤدية الى الموت البشع / , فهي الشاهد على ما حلَّ , فنحن في هذه القصيدة لا نرى هذه الذات الشاعرة , ولكن نتلمس رفيف أجنحتها الرقيقة وسط هذا العذاب والدمار , وهي تحاول برفرفة اجنحتها أن تزيل غبار الهمجيّة عن بتلات الورود المحترقة , تحاول ان توقظ الارواح الغافية على أسرّة الموت المتوحّشة , أنّها تحاول ان تزيل عن أجساد الاطفال أطناناَ مِنَ الاوجاع , أنّ الشاعرة حمّلت قصيدتها هذه ابعاداً انسانيّة وهموماً , فهي تغوص في اعماق ذاكرة الارض المنكوبة , لتستنطقها مِنْ اجل ايصال صورة واضحة وصوتاً نقيّاً عن كارثة انسانيّة , وتحفّز التفكير على أن يلعن الديكتاتوريات البغيضة , وينمّي في الروح حبَّ الحرية والسلام والحياة . ثم تختتم قصيدتها بهذه الاغنية الفلكلوريّة القديمة التي كان أهالي ( حلبجة ) يتغنون بها :

أريد وردة مِنْ بتلات الورد
وردة مِنْ حدائق حلبجة
وردتي وردتي وردتي .
أنّها عشق الحياة والجمال والحرية .
لقد كانت القصيدة عبارة عن انظمة متداخلة ومترابطة سلسلة ذهبيّة , بعضها يوحي والاخر صوّر , تتجلّى حاضرة داخل نسيجها الشعري , أنّها عبارة عن تجربة أدبيّة نابعة مِنْ أعماق الذات الشاعرة , مشحونة برؤية أدبية عميقة و أنّها عبارة عن التقاط المعنى العميق وبثّه في روح المتلقي ليتعامل معها بطريقة ايجابية . أنّها القصيدة السرديّة التعبيريّة التي تتجلّى فيها طاقات اللغة , والخيال الخصب المنتج , والفضاءات الشاسعة مِنَ الجمال والابداع الفذّ .
أنَّ هذه القصيدة تحكي عن محنة الأنسان ورحلته في البحث عن الحرية والضياء والشمس , أنّها مأساة الإنسانية في هذا الزمن , أنّها حكاية المدينة التي كانت آمنة مسالمة ( حلبجة ) التي قصفها النظام السابق بالقنابل الكيمياويّة , فأباد أهلها , وترك الرعب يعشش في قلوب الناجين منها .



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجلّيات النفسيّة في قصيدة الشاعرة : نعيمة عبدالحميد – خصوب ...
- جمالية اللغة التجريديّة في القصيدة السرديّة التعبيريّة بقلم ...
- أساطيرُ العبوديّة قراطيسٌ باليّة
- القناع في القصيدة السرديّة التعبيريّة قراءة في قصيدة الشاعرة ...
- قراءة في قصيدة الشاعرة اللبنانية : جميلة مزرعاني – مصيدة الح ...
- قراءة في ديوان الشاعرة اللبنانيّة : رنا يتيم – طرقٌ على بابٍ ...
- قراءة في رواية ( خيانة ٌ في تلافيفِ العقل ) ل كريم عبدالله – ...
- الكتابة الابداعية – الايحائية في قصيدة ( غناء عوسجة بدمعة كب ...
- الكيانات الجمالية العميقة قراءة في قصيدة / مسافات الألم / لل ...
- التطرّف التعبيري في الكُتل التجريديّة عند الشاعرة : لينا قنج ...
- قراءة في قصيدة الشاعرة : منال هاني سوريا – مواءٌ يقضُّ مضجع ...
- اللغة التجريديّة
- اللغة التعبيريّة
- ولا يزال العنقود يتدلى قراءة في رواية ( عنقودٌ مِنَ الشيزوفر ...
- متى يهبني الله عمراً طويلاً أجني ثماركِ .. ؟! .
- رحلةُ العودة من العالم السفليّ
- لغةُ المرآيا ( تجريديّة – تعبيريّة – بوليفونية ) الفسيفسائيّ ...
- سايكولوجيّة القصة الطفليّة - قصة مسرحيّة (لعبة الفايروسات) – ...
- قراءة في ديوان ( وراء هذا الغموض تتكورُ قناديلي راشةً ) – لل ...
- تجلّيات اللغة التعبيريّة في السرديّة التعبيريّة وجهي .. صبحٌ ...


المزيد.....




- يوم جامعي وانكسار صامت
- ردا على صنصال وداود المتفرنسين.. روائي جزائري يهاجم -زناة ال ...
- عادات الحجيج في صعيد مصر.. أهازيج تراثية وجداريات تخلد -رحلة ...
- الحج خطوة بخطوة
- هاشم الغيلي.. منتج الأفلام اليمني يتحدث لترندينغ عن أفلامه ا ...
- وفاة الفنانة الفرنسية المخضرمة نيكول كروازي عن 88 عاما
- المخرجة السورية وعد الخطيب.. طفولة وأمومة صاغتا عدسة -من أجل ...
- رفع التمثيل الدبلوماسي بين باكستان وأفغانستان.. ماذا بعد؟
- كيف تحول التراث الشعبي المغربي إلى ركيزة ثقافية في المجتمع؟ ...
- هونغ كونغ ترحب بإقامة حفلات للموسيقيين الروس


المزيد.....

- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - الدوافع النفسيّة وراء كتابة القصيدة الذاكرة الحيّة على الجريمة قراءة في قصيدة الشاعرة : سلوى علي – العراق , روح الشمس في ممرّات الخردل . بقلم : كريم عبدالله 31/3/2022 .