أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 3















المزيد.....

في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 3


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 10:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


استهلال:
هذه محاولة في استكناه المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق، بأبعاده المختلفة، السياسي والتاريخي والديموغرافي والإيكولوجي، وكيف أثرت هذه الجغرافيا في صياغة تاريخه الحديث وإشكاليات حاضره، مثلما تساهم في صياغة مزاج أفراده وجماعاته، وصناعة أنساقهم Systems، وأساليب حياتهم Styles of Their Lives. وسنحاول أن نعرض في مقالنا هذا لكل بعدٍ منها. فالطبيعة الجغرافية والمناخية للعراق لعبت دوراً حاسماً ليس في تاريخه بل حتى في تكوين مجتمعه، مثلما يشير أحد الباحثين( ).

ثالثاً – في التوزيع الديموغرافي للجغرافيا:
لقد كان سكان العراق لا يتجاوزون الـ (3) ثلاثة ملايين نسمة في بداية القرن الماضي، وقد تسببت الكوارث التي مرَّ بها العراق في كل مرة، في موت وفناء الكثيرين من سكانه. أما منذ بداية النصف الثاني من القرن السابق، فعلى الرغم من حدوث عدة انقلابات عسكرية بدأت منذ العام (1936) وحدثت في أعوام أخرى (1941، 1958، و1963، 1968،)، وحدوث خمسة حروب كبرى (أربعة منها خارجية) وعدد لا بأس به من الانتفاضات الشعبية، بالإضافة إلى موجات التهجير القسري (الداخلية والخارجية) التي استخدمتها الحكومات العراقية المتعاقبة لإسكات وقمع حركات المعارضة، فإن العراق مر بثورة ديموغرافية أدت إلى مضاعفة عدد أفراده مرة ونصف في حتى عام (1958)، وثلاث مرات نصف في عام (1977)، وما يقارب من سبع مرات ونصف في عام (1997)( ). ويسكن أرض العراق حسب تقديرات العام 2000 ما يقارب (24) مليون نسمة( ). وعلى أية حال سنقوم بتصنيف معطيات التوزيع الديموغرافي (السكاني) للمجتمع في العراق إلى ما يأتي:
( آ ) الكثافة السكانية: إن سكان العالم موزعون بشكل غير متساوٍ، وعلى الرغم من جميع وسائل تعميم طرق الحياة المستمدة ن أساليب التوسع التقني الصناعي في مجالات العمل والنقل والمواصلات، فما زال السكان مختلفي الأوضاع من حيث الكثافة في المناطق السكنية. ومهما كان التوزّع السكاني في تفاوت شديد، فقد أصبح متعارفاً عدّ الكثافة السكانية مجرد نسبة عددٍ من السكان في مكان ما إلى مساحة هذا المكان. لكن المدلول الجغرافي لهذا النوع من الكثافة لا يعطينا القيمة المرجوة من الناحية العلمية بسبب أن مساحة المكان ليست كلها بنفس الأهمية الاقتصادية، لأن قسماً يكون مستغلاً والقسم الآخر قد لا يكون، كما أنه قد توجد عوائق تمنع ذلك الاستغلال( ).
بناء على ما سبق، فإنّ متوسط الكثافة السكانية لا يعني شيئاً بحد ذاته، فالعراق الذي تكوّن الصحراء ما يقارب (40% ) من مساحته، يتمركز سـكانه بأعداد ضخمة في وادي الرافدين، وتحديداً في الشريط الضيق الممتد بمحاذاتهما (أي بمحاذاة النهرين). ويبلغ معدل الكثافة السكانية حسب تقديرات عام (2000) ما يقارب (53) نسمة في الكيلومتر المربع الواحد. وهي نسبة معتدلة بحسب التقديرات الإحصائية. لكن هذه النسبة لا تشكل حقيقة الكثافة السكانية في العراق الذي يتركز السكن فيه في مدن الوادي، إذ يرتفع الرقم إلى (500) نسمة في المناطق الشديدة الكثافة (مثل بعض مدن وأحياء العاصمة بغداد ومدينتي البصرة والموصل) ويصل العدد إلى (234) نسمة في المناطق الكثيفة السكان (كما هو حال مراكز المدن العراقية عموماً)( ).
(ب) التوزيع الحضري والريفي للسكان: يشير لمبارد Lampard إلى وجود ثلاثة مفاهيم للتحضر متداولة الآن في العلوم الاجتماعية، وهي : السلوكي والبنائي والديموغرافي. وبينما يهتم الأول بتجربة الأفراد مع مرور الزمن وبأنماط السلوك، فإن الثاني يتعلق بنشاطات كافة السكان وخاصة تغيرات النسق الاقتصادي، فإن الثالث يهتم بدراسة تركيز السكان.
إن التفسير الأول لمفهوم (التحضر Urbanization) هو تفسير اجتماعي يشير إلى العملية التي يكتسب بها الفرد غير الحضري الأدوار ونمط المعيشة والرموز وأنواع التنظيم والمظاهر الحضارية المميزة لمدينة، ويشارك سكانها المعاني والقيم والأفكار الخاصة بهم. ويطلق على أسلوب الحياة السائد في المراكز الحضرية الكبيرة بـ (الحضرية). وتسري عملية التحضر على الأشخاص الذين يعيشون في المدن، والذين يقيمون في المناطق غير الحضرية ولكنهم أصبحوا تحت تأثير النمط الحضري. بينما يشدد التفسير الثاني على الاقتصاد، ويرتبط بانتقال الناس خارج الجماعات الزراعية إلى جماعات أخرى غير زراعية أكبر منها عموماً. وجوهر هذا المفهوم هو العلاقة بين التنمية الاقتصادية والتحضر. أما المفهوم الثالث لعملية التحضر فهو ديموغرافي محض، يعدُّ عملية التحضر تركيزاً للسكان. وتتخذ عملية التركيز هذه مظهرين: زيادة عدد المراكز الحضرية (المدن). وزيادة حجم المراكز الحضرية. ونتيجة لكلا المظهرين تزداد نسبة الناس الذين يعشون في المراكز الحضرية. وطالما كان التحليل الديموغرافي للسكان هو محور اهتمام هذا الجزء من المقالة، وجب التركيز على المفهوم الثالث، مع الإشارة إلى عدم إهمال المفهومين الآخرين في سياقها( ).
على الرغم من أن المقصود بالحضر هم سكان المدن تحديداً، فإن تعريف المدينة مسألة معقدة. فالسكان الذين يصنفون حضراً يختلفون من بلدٍ لآخر. ذلك أن وصف المناطق بـ (الحضر) أو (الريف) غالباً ما يرتبط باعتبارات إدارية وسياسية وتاريخية، أو بمعايير (أو محكات) تصنيفية تضاف إلى جانب المعايير (أو المحكات) الديموغرافية( ). مثل معيار الكثافة السكانية أو المهنة أو نوعية الأملاك أو نوع الضرائب أو التصنيف وفق العامل الإداري (وهو العامل المستخدم في العراق لتحديد الريف والحضر، فكل ما هو خارج الحدود الإدارية لمراكز المدن يعد من الأرياف وفقاً لهذا المعيار). فالحضر الذين يشكلون ما نسبته (60%) تضم بغداد نسبة (39%) منهم بحسب إحصاء (1977)، و(44%) بحسب إحصاء (1987)، لا زالوا يفتقدون لكثير من شروط الحياة الحضرية( )، كما أشرنا إلى ذلك في مقالاتٍ سابقة( ).
وإذا شئنا التبسيط لقلنا إن العراق تحول في أربعين عاماً (1947-1987) من كون ثلث سكانه من المقيمين في المدن إلى كون ثلثيهم في هذا الوضع. وتشير بعض التقديرات إلى انتقال (70 %) من العراقيين إلى تجمعات تضم أكثر من خمسة آلاف نسمة عام 1985. غير أن الانتقال تم بوضوح لمصلحة المدن ذات النشاط الاقتصادي العصري (بغداد، البصرة، كركوك، الموصل) على حساب المدن ذات النشاط الاقتصادي التقليدي (الأنبار، ميسان، المثنى)( ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) سليم مطر: العراق وخصوصيات الموضع والموقع (مقالات في الهوية)، بغداد، صحيفة الصباح، الثلاثاء، 20/ يناير/ 2004، ص 3
(2) بحسب إحصاء عام 1997 الذي يقدر سكان العراق بـ (22) مليون نسمة مقارنة بـ (7) ملايين نسمة حسب إحصاء عام 1957 (الجهاز المركزي للإحصاء، بغداد، 1997)
(3) يراجع بهذا الشأن تقرير منظمة اليونيسيف في الأمم المتحدة عن (الحالة الصحية) في العراق، تقرير منشور في موقع المنظمة على شبكة الأنترنيت بتاريخ 14/5/2001
(4) علي وهب: المجتمعات البشرية والأنماط المعيشية والسلوكية، منهجية الجغرافيا الاجتماعية، بيروت، دار الفكر اللبناني، 1996، ص 257
(5) بحسب إحصاء عام 1997 (الجهاز المركزي للإحصاء، بغداد، 1997)
(6) يونس حمادي علي: مباديء علم الديموغرافيا، بغداد، جامعة بغداد، 1985، ص 241
(7) نفسه، ص 242
(8) غسان سلامة: المجتمع والدولة في المشرق العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2،1999، ص 218
(9) راجع مقالتنا الموسومة (انتهاك حقوق الإنسان في المدينة العراقية)، المنشورة في صحيفة (الصباح) البغدادية يومي الثلاثاء 13-6-2006، والثلاثاء 20-6-2006
(10) غسان سلامة: المصدر السابق، ص 220



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 2
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 1
- المقامة الديمقراطية
- تنوير أهل العراق... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الحادي ع ...
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء التاسع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء العاشر
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السابع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثامن
- تنوير أهل العراق ... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الخامس
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السادس
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثان ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الراب ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثال ...
- تنوير أهل العراق... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الأول
- في المضمون الاجتماعي للفن....قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن ...
- في المضمون الاجتماعي للفن.... قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن ...
- المؤسسة العسكرية في الدولة العراقية السابقة 1-2
- المؤسسة العسكرية في الدولة العراقية السابقة 2-2
- عراق (واحد) أم (موحّد)...... عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟
- في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 3