|
مكانة المرأة .. في المجتمع الايزيدي الحلقة 4
صبحي خدر حجو
الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 10:26
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
3ـ التشريع المدني ( القوانين والتشريعات المدنية الحديثة بالنظر لوجود وتعايش الايزيدية في بلدان متعددة ، فقد خضعوا لتطبيق التشريعات المدنية المختلفة لهذه البلدان ( العراق ، سوريا ، تركيا ، جورجيا، ارمينيا ، واخيرا المانيا). ولذلك ، كان هنالك تفاوت بهذه الدرجة او تلك ، بين تشريعات هذه البلدان ، وانعكس ذلك على احوال الايزيدية بدرجات متفاوته أيضا. مثلا ، في ارمينيا وجورجيا وأذربيجان ، كانت التشريعات المدنية لهذه البلدان واحدة ، وكانت متقدمة قياسا للبلدان الاخرى . فقد كانت تنظر بعين المساواة للمرأة والرجل في مختلف مجالات الحياة . وقد انعكس ذلك ايجابيا على المرأة الايزيدية في تلك البلدان ، حيث استفادت من الزامية التعليم لمرحلتي الابتدائية والمتوسطة واحيانا الثانوية ، والبعض منهن تقدمن في مضمار التعليم والدراسة اشواطا بعيدة ، وحصلن على شهادات عالية وفي اوقات مبكرة قياسا للنساء الايزيديات في البلدان الاخرى . كما انها ( المرأة ) إستفادت بشكل جيد من زوال ظاهرة تعدد الزوجات . اذ ان القانون السوفياتي السابق ، كان يحّرم ويمنع تعدد الزوجات بالاضافة الى الاستفادة من المساواة في الحصول علىالميراث ، وايضا في مسائل اخرى لا تقل اهمية، كفرص العمل والدراسة واجازات الامومة والرعاية الصحية ، ومنع الاعتداء الجسدي ومقاضاة الرجل قانونيا في حالة وقوعه على المرأة ، والمساواة في حق الطلاق وحق الام في حضانة الاطفال بعد وقوع الافتراق ، وحقها في التملك ( ملكية الاشياء ). وبالرغم من انعكاس هذه القوانين ايجابيا على المرأة الايزيدية ، كما قلنا ، ولكن كان هنالك اختلاف كبير في درجة تطبيقها، وبالتالي الاستفادة منها ، ما بين الذين يسكنون المدينة والريف ، فالذين يسكنون ايرفان وتبليسي والمدن الكبيرة الاخرى كانت استفادتهم اكثر من الذين يسكنون الريف ، ولم تؤدي هذه القوانين الى تطور وضع المرأة الاجتماعي بنفس الوتيرة . اذ بقيت المرأة في ريف هذه البلدان تعاني من معاملة الدرجة الثانية ، اي تعامل وفق النظرة والاسلوب العشائريين ، وتتعرض الى اشكال كثيرة من الاضطهاد البيتي ، وواجباتها اكثر بكثير من حقوقها . اما في تركيا فقد كان يطبق القانون المدني ولم يكن الايزيديون ليراجعوا الدوائر الحكومية، الاّ عندما يضطروا الى ذلك ، حيث كانت تعاملهم الحكومة التركية وتسجلهم لدى دوائرها على انهم فرقة من الاسلام وعلى ( المذهب الخامس ) ، ولم يرضخ الايزيدية لهذه التسمية او القبول بالاسلام ، فقد سُجلوا في السجلات والمعاملات الحكومية على انهم ( اي الايزيدية دينسيسية اي بدون دين !! ) ، وعدا حالات الاضطرار للخضوع للمعاملات الرسمية ، فقد كان الايزيدية يطبقون فيما بينهم وفي قراهم والتي كانت بعيدة في اغلب الاحوال عن المراكز الحضرية والمدنية ، يطبقون القوانين والعرف العشائري في علاقات الزواج والاسرة والموقف من المرأة ....الخ . وفي سوريا ايضا كان الامر شبيها كما في تركيا في بداية الامر ، حيث كانت الاغلبية الساحقة من الايزيدية تتجنب قدر الامكان التعامل مع الدوائر الحكومية ؛ اذ كانت تلك الدوائر تعامل الايزيدية على انهم مسلمون وتسجلهم في سجلاتها على هذا الاساس حتى الفترات الاخيرة . وحدث تغيير في وضعهم منذ بداية السبعينات من هذا القرن ( الماضي ) * . حيث حدث بعض الانفتاح عليهم وسمح لهم بتسجيلهم كونهم ايزيدية . وبسبب تنامي حاجتهم للتعامل مع دوائر الدولة بسبب الوظائف او المعاملات التجارية والمدارس و.....الخ . ورغم الجوانب الايجابية للقوانين المدنية في سوريا غير انها ايضا مبنية علىاسس الشريعة الاسلامية ، مع ذلك يلاحظ ازدياد نسبة الايزيدية الذين يتعاملون مع هذه القوانين خاصة الساكنين منهم في المدن . وبخلاف ذلك فانهم يطبقون قوانين العرف العشائري فيما بينهم في الريف خاصة . اما في العراق ، وعلى اعتبار ان الاكثرية الساحقة من الايزيدية يعيشون في هذا البلد فانهم ولاعتبارات كثيرة، منها بعدهم عن مراكز المدن ، وانتشارهم في القرى والارياف ، والخشية التاريخية الطويلة الامد من الانظمة المركزية والشكوك الدائمة بنواياها ، وما تعرضوا له من اضطهادات ومظالم كثيرة ، اضافة الى ضعف الوعي الاجتماعي وانتشار الامية ، الى جانب عوامل اخرى ، كانت تجعل الايزيدية لا يحبون التعامل مع الاجهزة الحكومية وان اضطروا لهذا التعامل فبحذر شديد . ولم يكونوا يرتأوا ان تكون لدى السلطات المركزية اية معلومات او سجلات عنهم الاّ في حالة اضطرارهم الى ذلك (1) . لهذه الاسباب لم يكونوا ليهتموا بوجود قوانين مدنية للاحوال الشخصية ، فضلا عن انهم كانوا يتحفظون لعلمهم ايضا من ان تلك القوانين موضوعة استنادا للشريعة الاسلامية . اضافة الى القصور الذي كان يسود اساليب الحكومات المتعاقبة لارشاد الناس بالروية والاساليب التربوية وانعدام استخدام طرق الاقناع والافهام والتوعية الصحيحة باهمية وضرورة الاستفادة من تلك القوانين لحل مشاكلهم الاجتماعية . لذلك نلاحظ ان الايزيدية وبشكل عام كانوا يعتمدون على انفسهم وعلى ما هو متعارف عليه ( العرف العشائري ) في تسيير وحل مشاكلهم . وبطبيعة الحال كانت تنتاب هذه الحلول النواقص والثغرات وتترك وراءها مشاكل حادة في اغلب الاحوال . ويمكن القول ان الوضع اختلف منذ اواسط الستينات من هذا القرن ( الماضي )* . اذ حدثت تطورات هامة كمية ونوعية في وضع الناس التعليمي والثقافي والاختلاط ، والحاجة المتزايدة للتعامل مع دوائر الدولة ... الخ . من العوامل التي ساعدت على زيادة التوجه للاستفادة من تلك القوانين ، ولكن ليس في جميع الحالات ،وعلى الاغلب يتم اللجوء اليها عندما يقرر الرجل ذلك . ولكن وفي كل الاحوال ، ورغم وجود ثغرات في تلك القوانين الا انها كانت خطوة متقمة للمجتمع ومنهم الايزيدية ، واثرّ بشكل ايجابي الى حد ما على وضع العلاقات الاجتماعية . اذ في حالات غير قليلة وعند نشوء خلافات بين العوائل او العائلة الواحدة يتم اللجوء الى القانون المدني . رغم ذلك ما زال الامر محصوراً ولم يتحول الى ظاهرة شاملة . ويمكن القول ان مجرد المعرفة بوجود هذا القانون وتوفر امكانية اللجوء اليه ، يعطي قوة وزخما للذين يشعرون بالغبن ، وفي نفس الوقت يحسّن المواقف ويجعل امكانية التراضي وابداء قدر من التساهل موجودا لدى الكثيرين ، بينما كان للناس في السابق خيار واحد فقط ويتمثل بالعرف العشائري والذي كان لصالح الرجل كلياً. 9/9/2006 يتبـــــع
الهوامش :
* كل اشارة نجمة واردة هي من الكاتب ويشير الى القرن الماضي . 1ـ د . سامي سعيد الاحمد ( الايزيدية ، احوالهم ومعتقداتهم ) بغداد 1971 ، الجزء الثاني ص 72
#صبحي_خدر_حجو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحات حزينة من الانفال * 2
-
مكانة المرأة .. في المجتمع الايزيدي الحلقة 3
-
صفحات حزينة من الانفال
-
مكانة المرأة .. في المجتمع الايزيدي 2
-
مكانة المرأة .. في المجتمع الايزيدي
-
الايزيدون .. لا يعيشون خارج التاريخ ، وانما في قلبه!
-
نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية - ح الاخيرة
-
نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة للحلول المناسبة وا
...
-
نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة للحلول المناسبة وا
...
-
نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة ، للحلول المناسبة
...
-
مقالة .. تساوي .. إقالة
-
كوردستان .. بين العناوين
-
دعوة .. لرسم نهج سليم للتعامل مع المكونات الكوردستانية
-
وقع المحظور .. يا غلابة
-
تحية وتهنئة ، من بيشمه ركة ، الى بيشمه ركة
-
راتب .. وموقـــف ذو مغـــــزى
-
هـــلاّ، فرقتّم يا قوم ،بين الاسود والابيض ؟
-
عندما يتحول الشك الى يقيـــن
-
صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق
-
هــل هــــــو ارهـــــاب ام - مقاومـــــة - ، ايها الرفاق ال
...
المزيد.....
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|