مشكلة الزمن

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 7202 - 2022 / 3 / 26 - 12:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

مشكلة الزمن بمستوياتها الثلاثة اللغوية ، والفلسفية ، والعلمية .

1 _ المشكلة اللغوية ، في المستوى الأولي والمشترك .
بعد فهم المشكلة اللغوية ، عبر أمثلتها البسيطة أولا ثم المعقدة ، يمكن الانتقال بشكل مباشر وصحيح إلى المستوى المنطقي .
2 _ المشكلة المنطقية أو الفلسفية ، وإمكانية المقارنة بين أكثر من لغة .
المشكلة المنطقية تتضمن اللغوية ، والعكس غير صحيح . حيث توجد مشكلات منطقية متعددة ومتنوعة ، ولا علاقة لها باللغة . مثالها الواضح والبسيط مشكلة السبب الأول ، أو الوجود والعدم ، أو مشكلة البداية والنهاية ، وغيرها من المشكلات التي اتفق على تسميتها ميتافيزيقية .
3 _ المشكلة العلمية ، تتحدد بشرط قابلية الاختبار والتعميم .
المشكلة العلمية تتضمن سابقتيها ، المشكلة اللغوية والمنطقية بالتزامن .
ما تزال مشكلة الزمن بين اللغة والفلسفة ، ويصعب التعبير الصحيح عنها بلغة العلم ( التعبير بشكل موضوعي ودقيق ) .
وهذه الفكرة جديدة ، وسأناقشها بشكل أوسع خلال ما تبقى من الكتاب .
1
الزمن والوقت والزمان ، مشكلة مزمنة في العربية ، وربما تبقى بدون حل مع بقية مشكلات الثقافة العربية ...ولا أحد يعرف إلى متى ، أو يهتم .
بدون حل المشكلة اللغوية ، يتعذر الانتقال الفعلي إلى المستوى المنطقي للمشكلة . كما هي في بقية الثقافات العالمية ( الحديثة ) .
المثال النموذجي على المشكلة اللغوية _ المنطقية ، يتمثل بالفكر .
يعرف اللغويون الفكر ، بأنه اللغة عندما تعي ذاتها .
لكن ، هذا التعريف خارج الاتفاق الثقافي ، الفلسفي والعلمي خاصة .
....
مشكلة طبيعة الزمن ، وأصله ، ونهايته وحدوده ما تزال منطقية ونظرية . ويتعذر تحويلها إلى المستوى العلمي ، الاختباري ، ضمن المعطيات العلمية الحالية والثقافية بصورة عامة .
لكن ، اتجاه حركة الزمن كما يمكن ملاحظتها واستنتاجها من التوقيت العالمي الحالي ، هي بالعكس تماما من الافتراض السائد ، من المستقبل إلى الماضي . بينما العكس يمثل الاتجاه الموضوعي لحكة الحياة : من الماضي إلى المستقبل ، عبر الحاضر . وهما متعاكسان بطبيعتهما .
2


مشكلة الزمن لغوية بالمستوى الأول ، ومنطقية تاليا ، ومشكلة علمية تجريبية واختبارية ثالثا .
مثال على المشكلة اللغوية ،
التعصب والتسامح وبقية علاقات التتام ، مثالها النموذجي الغنى والفقر أو الصحة والمرض أو الجهل والمعرفة .
الصحة تتضمن المرض والمعرفة تتضمن الجهل والغنى يتضمن الفقر بالفعل ، بينما العكس غير صحيح .
يمكن للشخصية الغنية أن تعيش على مستوى الفقر مباشرة وفي مختلف الظروف والأحوال ، ولا يمكن للشخصية الفقيرة العيش على مستوى الغنى ، سوى في حالة خاصة ووحيدة أن تمتلك المال بالفعل .
علاقة التتام النموذجية ، تتجسد عبر مراحل العمر المتعاقبة بطبيعتها ، وغير القابلة للعكس مطلقا ( بسبب العلاقة العكسية بين الحياة والزمن ) .
الشباب مثلا يتضمن المراهقة والطفولة بالتزامن ، والعكس غير صحيح . بينما تتضمن الكهولة مختلف المراحل قبلها ، وما سبقها .
الفرق بين علاقات التناقض والتعاكس ، يتكشف بوضوح خلال العلاقة بين الماضي والمستقبل ، أيضا بين الزمن والحياة .
التناقض يتضمن العكس والتعاكس ، بينما العكس والتعاكس حالة خاصة فقط من علاقات الاختلاف والتناقض .
في الثقافة العربية مشكلة الزمن لغوية بشكل شبه كامل .
ربما تكون بعض اللغات الحديثة قد تجاوزت هذه المشكلة الموروثة ، والمزمنة . لا أعرف .
اللغو ميزة ومشكلة بالتزامن .
هذا موقف التنوير الروحي ، من الثقافة وكل شيء آخر أو حدث .
كل ما يحدث يمكن التعامل معه بوصفه مشكلة وصفة سلبية أو العكس ، يمكن التعامل معه كميزة وخاصية جيدة .
....
لا ينكر أهمية اللغة عاقل _ة .
لكن ، يمكن أن تتحول إلى مشكلة بالفعل ، كما هو واقع اللغة العربية . والأسباب الحقيقية خلف ذلك عديدة ، ومتنوعة ، بطبيعة الحال . لكن أكثرها أهمية ، كما اعتقد ، الجدلية العكسية بين الحياة والزمن . بعدم فهمها ، يتحول أي شيء من جيد إلى سيء ، عبر التكرار فقط .
....


....
حالة الصحة تتضمن المرض بالفعل .
بينما حالة المرض تتضمن الصحة بالقوة فقط .
....
مثال آخر على المشكلة اللغوية التصنيف ، الثنائي خاصة .
علاقة اليمين واليسار علاقة عكسية ، وتبادلية بطبيعتها .
لكن يوجد استخدام لغوي ثان ، بين اليمين والشمال . حيث يعتبر الشمال مرادفا لليسار ، لا شيئا أخر ويختلف عنه .
ضمن المستوى الثنائي لا توجد مشكلة ، يمين وشمال او يمين ويسار .
لكن ، بعد الانتقال إلى التصنيف التعددي ، الرباعي مثلا ، تتكشف المشكلة اللغوية وتتضخم بشكل سرطاني أيضا .
اليمين واليسار والشمال والجنوب ، أسماء الجهات الأربعة المختلفة ، والمتميزة بوضوح كامل .
عندما تستخدم كلمة شمال ، للدلالة على اليسار وعلى وجهة الشمال بالتزامن ، هنا المشكلة اللغوية تحتاج إلى حل عاجل ومباشر .
....
المثال أعلاه ، بالإضافة إلى التعصب المتبادل بين الموقفين المتطرفين والمتناقضين الديني واللاديني ، التعصب الديني التقليدي والمعروف للجميع ، كان يقابله خلال القرن الماضي التعصب اللاديني متمثلا ببعض النظم الشيوعية ( الستالينية خاصة ) .
في الجوهر التعصب واحد ، سواء مع _ أو ضد _ الدين . أو أي موقف آخر ، بصرف النظر عن الموضوع .
التعصب والتسامح علاقة تناقض ، وليست علاقة عكسية مطلقا .
التسامح يتضمن التعصب بالفعل ، والعكس غير صحيح .
3
المشكلة المنطقية ، تتمثل بالعلاقة بين الحياة والزمن بشكل أساسي . في العربية لا توجد مقالة واحدة تناقش العلاقة بينهما ، أو حتى عبارة .
لا أعرف الوضع في بقية الثقافات ، واللغة العالمية خاصة .
مع أنني أعتقد ، أن المشكلة مشتركة . مثال على ذلك الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون ، الذي اهتم بالعلاقة بين الحياة والزمن بالفعل . لكن ، موقفه الأساسي ، مع كل فرضياته ، بالمقلوب . حيث كان يعتقد أن العلاقة الأساسية للزمن هي مع المكان ، وليس مع الحياة . وهي غلطة نيوتن الموروثة ، والمشتركة إلى اليوم .
قبل فهم أن الزمن والحياة اثنان ، ولا يمكن اختزالهما إلى الواحد ، يتعذر فهم العلاقة بينهما . أيضا ، يلزم فهم علاقة التناقض بينهما .
مثال آخر على المشكلة المنطقية ، يتمثل بطبيعة اليوم أو الساعة .
ساعة الحياة تختلف بشكل نوعي عن ساعة الزمن ، وعن ساعة المكان أكثر . ونفس الشيء بالنسبة لمضاعفات الساعة واليوم كالسنة والقرون أو لأجزائهما مثل الدقيقة والثانية .
يوم الأمس ثلاثة أنوع ، مثله اليوم الحالي او الغد :
1 _ يوم الحياة ، يأتي من الماضي إلى المستقبل عبر الحاضر .
وهذه الفكرة ، ظاهرة ، وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا استثناء .
2 _ يوم الزمن بالعكس ، يأتي من المستقبل إلى الماضي عبر الحاضر .
هذه الفكرة أيضا ظاهرة ، وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم .
3 _ يوم المكان يجسد عامل التوازن والاستقرار الكوني ، وهو يتمثل بالإحداثية بأي نقطة في الكون ، وبلا استثناء .
4
المشكلة العلمية ، تتضمن المستويين السابقين بالتزامن .
مثال على المشكلة العلمية ، العلاقة بين الحياة والزمن والمكان .
العلاقة بين الحياة والزمن ، تتمثل بالمعادلة الصفرية من الدرجة الأولى :
س + ع = الصفر . أو الحياة + الزمن = الصفر .
بينما العلاقة بين الزمن والحياة والمكان ، ثابتة وعادية :
س + ع + ص = ص .
أو الزمن + الحياة + المكان = المكان .
للبحث تتمة .

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات