|
المرأة في روايات محفوظ
ماجدولين الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 10:32
المحور:
الادب والفن
غيّب الموت الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ (94 عاماً) عن 35 رواية و 15 مجموعة قصصية وست مسرحيات هي "يحيي ويميت" و"التركة" و"النجاة" و"مشروع للمناقشة" و"الجبل" و"الشيطان يعظ". وترجمت أعمال الروائي المصري الراحل الذي كتب أكثر من 50 رواية إلى 33 لغة. وإضافة لجائزة نوبل في الآداب حصل الأديب محفوظ على جوائز أدبية متعددة منها جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام .1959 ومن بين الجوائز المحلية التي نالها في مطلع حياته جائزة قوت القلوب عن رواية "رادوبيس" عام 1943 وفي العام التالي حصل على جائزة وزارة المعارف عن رواية "كفاح طيبة"وبعدها بعامين فاز بجائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "خان الخليلي". كما حصل محفوظ على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية كما نال بعد ثماني سنوات جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس نفسه وبعدها بعام منح وسام الجمهورية من الدرجة الأولى. وكانت آخر الجوائز التي حصل عليها بعد نوبل جائزة مبارك في الآداب عن المجلس الأعلى للثقافة توفي عميد الأدب العربي نجيب محفوظ تاركا خلفه جميع أعماله بين يدي أجيال من القراء تنوعت مشاربهم وانتماءاتهم واجمعوا على النهل من منبع الرواية العربية التي دعم قواعدها الراحل نجيب محفوظ. اذكر أني بدأت في قراءة الروايات العربية في سن مبكرة وأول الروايات كانت روايات إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ. روايات محفوظ كانت تتمتع بإثارة من نوع خاص تشد القارئ وتحثه على متابعة القراءة دون ان يتمكن من ترك الرواية قبل أن تنتهي فقد استطاع ببراعة وحنكة من تناول الطبقة الوسطى في المجتمع المصري بامتياز من خلال عين ثاقبة وربطها بعلاقات مع شرائح مختلفة من المجتمع تنوعت بين المجتمع الارستقراطي ومجتمع الفقراء وبين مجتمع الشرفاء ومجتمع السارقين ومدمني الخمر والمخدرات والعاهرات .... وبين هذا كله برزت المرأة بوضوح في أعماله لكنني اعتقد انه اخفق في إعطاء المرأة المصرية الصورة الحقيقية لها أو انه على الأقل بالغ وغالى في إعطاء تلك الصورة السلبية عنها فالمرأة الشريفة العفيفة كانت تبدو مكسورة مقموعة ويبدو أن شرفها بسبب سيادة الزوج عليها وقبله الاب والاخ فبدت مقتنعة باستلابها لاتحاول الفكاك منه او تغييره كما جاء في ثلاثيته "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية" "فأمينة" امرأة نقية عفيفة اكبر خطا ارتكبته في حياتها أنها زارت السيد الحسين دون إخباره وعقاب لها على إجرامها كسرت قدمها-كما صورت الرواية- واما في الجانب الآخر من عالم "سي السيد" هنالك "العالمة" التي أحبها بشكل كبير وهي امرأة ساقطة لعوب,إضافة لمجموعة من النساء جسدهن محفوظ في رواياته منهن بنات السيد عبد الجواد –وهي الشخصية المحورية لثلاثيته الشهيرة- إحداهن طيبة بسيطة ولهذا لحقها الجور من أختها ومن القدر فتوفي زوجها وانكسرت إلى الأبد والأخرى استطاعت السيطرة على زوجها لا لأنها ذكية إنما لكون الزوج دون شخصية لهذا تمكنت المرأة من قيادته. المرأة القديرة والقوية في هذه الثلاثية هي حماة بنات "سي السيد" وهي غير عربية وكان لها كلمتها باعتبارها من باشاوات العصر ولا ادري ماهو مدلول كونها غير عربية وهل يشير هذا لتفوق المرأة الأجنبية في حينها عن المرأة العربية المقهورة؟ الدور الآخر للمرأة في روايات محفوظ هو دور المومسات ففي بعض الروايات أعطى نجيب محفوظ للمومس دورا مهما ورائدا في المجتمع بحيث تستطيع التغيير بالعوامل الاجتماعية وكثيرات هن العاهرات من النساء في رواياته اللواتي يبدأن ببيع الجسد تحت ضغط الحاجة والفقر فقد جسد تلك الحالة في رواية "القاهرة الجديدة" من خلال شخصية البطلة التي أحبت بعفاف ولكنها تحت وطأة الفقر سلمت نفسها لرجل من طبقة ارستقراطية وهذه ليست الحالة الوحيدة التي كتب عنها إنما حالات عدة مماثلة وكأن المرأة بشكل عام تبيع جسدها عندما تجوع. وتكررت تلك الحالة في راويات عدة للراحل الكبير نجيب محفوظ ففي رواية "زقاق المدق" يصور حالة المرأة التي تطمح لتغيير واقعها الفقير فتبيع نفسها لمن يدفع لها. كتب بعض النقاد عن تلك الروايات وفسروا تلك الظاهرة بأنها لاتقصد المرأة بالتحديد إنما تشير إلى الوضع السياسي لتلك الفترة!!! والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا المرأة بالذات لتكون رمز السقوط والخيانات في المجتمع الذي تغلب عليه الذكورة؟ ولو كان الأمر كذلك لما جسد الكاتب صور المومسات بكثرة وصورهن بصور نساء رقيقات بقلوب بيضاء وجعل الظروف القاهرة السبب الأوحد لانحرافهن. فقد جسد نجيب محفوظ في رواية "اللص والكلاب" صورة المومس "نور" التي تحب البطل بشكل كبير وصادق وتتعب لأجله كثيرا مما يجعل القارئ يتعاطف معها ويحبها كسيدة رائعة مضحية. الوجه الجميل للمرأة في روايات محفوظ هو نموذج "زهرة" في رواية "ميرمار" فقد بدت فتاة طيبة احتال عليها رجلها لمدة, لكنها استطاعت في النهاية الانتصار والتحرر من أفكاره الشريرة وبقيت مرفوعة الرأس،لكن أنموذج "زهرة" لم يتكرر كثيرا ربما بسبب الظروف التي شهدها الكاتب في فترات مختلفة لم يرى فيها بصيص أمل في مجتمع شوهته الانكسارات والهزائم المتتالية. المرأة عند نجيب محفوظ غالبا ماتكون المركز وحولها يدور الصراع وقد حاول اعتبارها مرآة تعكس العادات والتقاليد في المجتمع المصري ولكن هل هذه الصورة واقعية تماما أم أنها تحمل في طياتها بعض الإجحاف في حق المرأة المصرية؟ والتي يذكرها التاريخ على أنها سيدة عظيمة ناضلت كثيرا لأجل إثبات وجودها كالسيدة هدى شعراوي وغيرها.... وكي لا نكون مجحفين في نقدنا فإننا نشير هنا إلى أن صورة المرأة الأم في روايات محفوظ كانت مشرفة وأظهرت الأم كسيدة عظيمة بانية للأجيال ويمكننا هنا من ذكر "امينة" مرة اخرى فبرغم قهرها كانت اما عظيمة. وأظن في نهاية الأمر أن محفوظ لم يستطع تصوير واقع المرأة بشكل لائق ربما لان المرأة لم يكن لها دور هام في حياته ولهذا لم يستطع سبر أغوارها كما ينبغي. بكل الحالات يبقى نجيب محفوظ مدرسة للرواية العربية ورمز للأدب العربي بشكل عام رحمه الله واسكنه فسيح جنانه.
#ماجدولين_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البتراء مدينة الدهشة والابهار
-
توقفوا عن بيع الكلام
-
أرصفة البوح في قصائد الشاعر عبد السلام العطاري
-
سيعود
-
أحبك قليلاً، كثيرًا، بحنو، بشغف، بجنون، لا أحبك
-
بطاقة حب موشاة بالياسمين في ذكرى رحيل الشاعر الكبير نزار قبا
...
-
كبت المراهقة
-
وزارة نسائية
-
تباً لك ايها الموت
-
غسل أبي ما تبقى من تاريخنا
-
,,,,,حفلة تخرج,,,,,,
-
المرأة بين القانون والشريعة الاسلامية
-
تجليات في محراب الامس
-
من المستفيد من الإساءة للرسول؟؟؟
-
ادركت الان فقط!!!
-
المرأة في مجتمعاتنا .. بين الواقع والحلم
-
المبدع العربي بين التجاهل والتهميش
-
صدور مجلة ثقافة بلا حدود الرقمية على شبكة الانترنت
-
حوار خاص لجريدة البلاد السعودية
-
ردا على مقالة الأستاذ فيصل القاسم - السمكة تفسد من رأسها
المزيد.....
-
-وتر حساس- يثير جدلا في مصر
-
-قصص من غزة-.. إعادة صياغة السردية في ملتقى مكتبة ليوان بالد
...
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|