لهذا تركت الإسلام، قصة رقم (14).

راش أودين
أحد أعضاء مبادرة مسلمون سابقاً التطوعية لخدمة المجتمع اللاديني في العالم العربي.
(Rush Odin)

الحوار المتمدن-العدد: 7198 - 2022 / 3 / 22 - 00:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ترددت كثيراً في سرد قصتي لكم لكنني قررت أن اكتبها مختصرة بشكل مُلِم إلى حد ما. والأهم من ذلك سوف أسردها لكم بكل أمانة وصدق. في البداية كنت أعيش حياتي مثل حياة معظم الفتيات اللاتي يتنفسن هواء الشرق الأوسط. أنا غنية عن شرح كيف, فأنتم على علم بهذا الحال. كنت في أتم الإيمان والإسلام وتحجبت في سن العاشرة ولم أكن امانع أبداً حينها، بل بالعكس تماماً وددت أن ألبس القفازات لأن هذا ما يرضي الله و والدي أو هكذا اعتقدت. لقد كنت طفلة في أوج جهلي واستسلامي لما يحيط بي دون أي مقاومة تذكر, كالشجرة، تحرك الرياح أغصانها كيفما تشاء.

ها أنا أصبحت بالغة وعليَّ أن أحمل شرف العائلة و أحافظ على سمعة القبيلة كلها. صار يفرض عليّ الكثير، أكثر مما أتحمل. كانت تراودني أسئلة كثيرة مثل، لماذا الإسلام يكلف المرأة بأن تكون خادمة مهانة للرجل وتكرس حياتها من أجله؟ لماذا انا أُحبس في البيت بينما اخي يلعب مع رفاقه في الخارج؟ أصبت باكتئاب شديد، فجأة.. وجدت نفسي في دوامة، فتارة أشعر بأن الله حنون وتارة أمقته بشدة. في الأخير أدركت سواء قلت هذا او ذاك فأنا أؤمن بوجوده وربما سيعاقبني.

في مرحلة من حياتي بدأت بقراءة سورة الكهف كل يوم جمعة بشكل منتظم، لأنهم أخبروني أن من يقرأها كل جمعة يسلمه الله من كل مكروه حتى الجمعة التالية. لقد احصيتها لقد قرأتها قرابة اثنين و خمسين مرة بلا انقطاع. كنت مغمضة عقلي لا عيني لم أكن واعية لما اقراءه حقاً. حتى قرأتها للمرة الثالثة والخمسين، تبين لي شيء عظيم, شيء كنت أقرأه بدون وعي! قصة الخضر عندما قتل صبي بريء.. وكان تبريره أن الله أعطاه علم الغيب، وقد علم أن هذا الصبي سيغدو كافراً عندما يكبر، لذلك أخذ على عاتقه قتله في طفولته حتى لا يثقل على والديه وأن الله سوف يعوضهم بما هو أحسن. هنا توقفت.. علمت أن هناك خطأ، لابد أنني لم أفهم الحكمة جيداً. فبحثت ووجدت أنني فهمتها بشكل صحيح تماماً. كيف يعطي الله علم الغيب لأحد آخر؟ لماذا ما الهدف؟ يقول الله أنه يخيرنا بين الجنة والنار، ولكن إذا هو شاء ذلك (وما تشاءون إلا أن يشاء الله)؟ حسب قصة الخضر نفهم أن الله يعلم أعمالنا قبل فعلنا لها وبالتالي بخلقه لنا عند علمه بما سنفعله أصبح حكم مسبق بالجنة والنار بينما كان بمقدوره أن يخلق أهل الجنة فقط. هل يعقل أن كيان عاقل وعالِم وقوي ورحيم يخلق كيان ضعيف وجاهل وخطّاء لأجل يعذبه للأبد بأبشع الطرق؟!

الله من يختم على قلوبنا الإيمان به أو الكفر ومن ثم يعاقبنا على ذلك؟ ذلك الصبي لم يحق له الخيار أبداً لأنه قُتل! اذاً الإسلام يستبيح قتل كل الكفار؟ لا لأن هناك آية تقول (لكم دينكم ولي دين) أليس كذلك؟ مهلا لحظة! (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) وآيات أخرى مشابهة تحرض على قتل غير المسلمين. إذاً الإسلام يسمح ولا يسمح بقتل غير المسلمين إنه متناقض في ذلك فالآيات المكية تناقض المدنية. لو كان كاتب القرآن حكيم وعليم لكان أكثر حرصاً في اختيار الألفاظ وتوصيل الفكرة فمثلا بدل أن يقول قاتلوا الكفار أو المشركين أو أهل الكتاب أو الذين لا يؤمنون كان يجب أن يقول قاتلوا الذين يعتدون عليكم، هل هذا أمر صعب؟ قصة الخضر كانت الشرارة التي أيقظت ذلك العقل الذي كان قابعاً في الظلمة. لقد استمريت على البحث واكتشفت أشياء كثيرة كنت اقرأها وانا مخدرة الوعي. تطلَّب الأمر قراءة سورة الكهف 53 مرة على التوالي حتى يستيقظ عقلي النائم.

الآن أنا غير مؤمنة بالأديان أو القوى الخارقة للطبيعة و أؤمن بأني قادرة على التفكير لنفسي بكيفية عيش حياتي وما هو الصواب والخطأ. حالياً أنا مستقلة مادياً وأحسن حالاً وهذا ما لا يتوفر لكثير من النساء في الشرق الأوسط للأسف. كم هو مريح أن أنظر الى السماء دون الشعور أن هناك من يتجسس عليّ أو يتحكم في مصيري.

_______
ملاحظة هامة: هذه السلسلة من القصص تم تسليمها لنا من أصحابها لغرض النشر. نحن نقوم بمراجعتها وتحريرها بفريق من المتطوعين وليس مجهود فردي وحسب. نقوم أيضا باستبدال المصطلحات العامية بمقابلها بالفصحى لمراعاة قواعد النشر وتسهيل الفهم لشريحة أكبر من القرّاء. كنّا ننوي نشر هذه السلسلة من المقالات في صفحة مستقلة وليس في صفحتي الشخصية لكن واجهنا مشكلة في التواصل و التنسيق مع القائمين على الموقع لهذا سنواصل النشر بهذه الطريقة ونعتذر عن أي إرباك قد يحدثه هذا.

#راش_أودين (هاشتاغ)       Rush_Odin#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات