|
شجرة الحياة الآشورية: سر الكون والانسان والنبات
دانيال سليفو بتازو
الحوار المتمدن-العدد: 7186 - 2022 / 3 / 10 - 13:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجربة حياتية: شجرة الأقانيم الثلاث للشخص بمتابعة التحولات في الوعي وطبيعة الانتماء الآشوري العراقي المرتبط بالتقدم في العمر، نلتمس تراكم تجارب ثقافية وصور عديدة ومواقف لا تُنسى. ففي الشخصية الأولى، أي الفتوة العشرينية، كان الشخص مثل المعدن المشحون بالعاطفة الجياشة والفنتازيا الجاذبة بقوة الى جمع المعلومات والمعارف عن كل ما هو مرتبط بأوليات الثقافة القومية والوطنية والعقائد والروحانيات أيضاً، كعناوين وخطوط رئيسية بلا تفاصيل، لتوضع في الذهن والذاكرة بعشوائية وفوضى، ويتم استعارتها وتناولها في كل مناسبة أو غير مناسبة، لمجرد التبليغ والاستلام والتسليم السريع للرسائل وان كانت مبهمة ومفتوحة النهايات. وهذه الشخصية متحولة من موقف الى أخر دون عوائق، بحسب الاستجابات المستجدة. وفي الشخصية الثانية، فترة الشباب، تمت استعارة وإبراز المعلومة والموقف أمام الأخرين دون تردد مع إضافة وتطوير واجتهاد، وعدم الاهتمام الكافي بالمراجعة والتحقيق الكافيين. مسوقين بالحماسة والطاقة الإيجابية للدخول في مضمار العمل والمجابهة، بعد بروز الهوية والانتماء، مع محاولات لترتيب التحولات نحو تشكيل الأسلوب والتنظيم المؤسساتي، وكذلك في البحث الدؤوب للسبل والطرق الكفيلة للوصول الى الأهداف المرسومة والتي يتم صقلها وتهذيبها لكي تستقبل المقبولية والرضى والتأييد. مع ازدياد الاهتمام بالمواهب والهوايات الشخصية كالفن، والادب، والعلوم، والسياسة. أما الأقنوم الحياتي الثالث المُعبّر عن فترة الكبر والشيخوخة، فالصفة الجامعة لأفرادها هو الشعور الطاغي بالقناعة التي تكاد تكون تامة بالحصيلة والحصاد، مع الإصرار على المواقف، وسد الأبواب أمام الآراء والاجتهادات الشابة الجديدة لعدم وجود مساحة شاغرة لها، وبسبب الكم الكبير للملفات المتراكمة والمُخّزنة فيها، والمؤسف له هو عدم إمكانية مسح وإزالة بعض المواضيع والمواقف القديمة منها رغم سوؤها لفوات الآوان، مع تراكم الڨيروسات المعنوية القديمة فيها كالعشائرية المقيتة والتعصب الفارغ للانتماء الكنسي، وعشق الجدالات العقيمة المكررة برتابة الى حد الغثيان، وان كان بشكل نسبي من شخص الى آخر. هذه الانتماءات الضيقة أُريد منها التعويض عن الانتماء الحقيقي الواسع والشامل. باختصار وكأن الفرد الواحد يعيش ثلاث أقانيم وطبائع وشخصيات، مختلفة في القدرة على الاستيعاب والفهم والتبليغ من خلال الانتقال من فترة الفتوة الى الشباب والى الشيخوخة، مع الطرح جانباً التأثيرات المتعلقة بالحالة المادية، وعلاقات الصداقة، والبيئة السياسية، والأمنية. وحدة الوجود وعلاقة مستقبل الإنسان والنبات كموجودات مترابطة وحدة الوجود مذهب صوفي يقول بأن الله والمخلوق والطبيعة حقيقة واحدة، وأن الخالق هو واجب الوجود الحق، أما مجموع المظاهر الروحية- المادية فهي تجليات تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود حقيقي خالد وأبدي قائم بذاته. ففكرة أو مذهب وحدة الوجود، هي فكرة قديمة أعاد إحيائها بعض المتصوفة والذين تأثروا بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة وفلسفة الرواقيين. ولقد نادى بوحدة الوجود بعض فلاسفة الغرب من أمثال سبينوزا وهيگل وهؤلاء قدموا فهم للكون ومكان الفرد البشري فيه. اليوم، يعتقد أغلب علماء الفيزياء وأطباء الكم quantum theory بأننا جميعًا مرتبطون من خلال جزيئات الطاقة لدينا. وكل شيء على كوكبنا هو جزء من هذه الجزيئات بما في ذلك ذكائنا... لذا يمكنا دراسة ومتابعة تنظيم علاقة الموجودات (الانسان والنبات) مع بعضها بالاستعارة من الحضارة العراقية الأشورية والبابلية والسومرية كحضارات رائدة في هذا المجال وكتمهيد لمعرفة حقيقة الوجود، وأن كان تحقيق ذلك لا يتم في المستقبل المنظور! فحضارتنا جديرة وذات كفاءة وخزان ثقافي غزير لمحاولة حل لغز الوجود ومعنى الخلود والحياة على كوكب الأرض، وإيجاد السبل الإيجابية لحماية الأرض من التحديات والعيش في بيئة صحية ونظيفة وأمينة. فالتدهور البيئيّ يهدد بدوره كلاً من صحة الحيوانات، والبشر، والنباتات على المدى الطويل بفعل بعض الأنشطة البشريّة غير المسؤولة، والصراع على الموارد والهيمنة. فيلم أڨيتار Avatar مثالاً محور الفيلم يتعلق بالحقيقة الواضحة للجميع حول الجشع وعدم الاهتمام بالحياة البشرية وقدسية جميع أشكال الحياة في الكوكب والكون. هذا الفيلم يدور حول ترابط كل الحياة مع بعضها البعض، ووجود تحديات تستهدف الجميع، وضرورة الاتحاد لمجابهة المخاطر. يعرف العلماء اليوم أننا جميعًا جزء من قوة طاقة موجودة في كل مكان طوال الوقت. وان كوكب الأرض والكون وبكل ذراتها المهتزة وجزيئاتها لها تواصل سري عجيب مشترك عضوياً. ثم تتواصل احداث رواية الفيـلم وتُسلط الضوء على أهمية الارتباط الروحي للكائنات مع الشجرة العملاقة المخلوقة من قوة الهية Eywa والتي تخفي تحت جذورها مواداً ثمينة. وتتواصل الشجرة العملاقة المقدسة Home tree جسدياً ووجدانياً بكل شيء وكشبكة مشحونة بالطاقة الإيجابية لكيانات Pandora (المخلوقات الساكنة في ذلك الكوكب). تلك الكائنات المرتبطة ببعضها ومع الشجرة بنسيج متناغم مع نسيج الكون، إذ تتواصل الشجرة مادياً وروحياً مع جميع الكائنات، وكان مغزى القصة أن الخير يسود دائمًا. وتستمر الرواية في سرد محاولات قوى الشر المُحتلة والقادمة من الأرض في القضاء على شجرة الحياة في الكوكب، بعد ان قضت على كوكب الأرض. وطاقة إرادة الحياة الإيجابية هي الأقوى دائماً من طاقة الشر السلبية. إذا فكرنا في أنفسنا بشكل أفضل، فسنكون دائمًا في طاقة الخير. في طاقة الخير، سنعلم أن أرضنا توّفر الوفرة للجميع. العلاقة الوثيقة والعضوية بين الإنسان والنبات بحسب اسطورة إنانا وعشتار ((كل الأشجار، كما هي، تتكلم مع بعضها البعض؛ كل الاشجار كما هي تخاطب البشر. كل الأشجار خُلقت للرفقة البشرية. مدراش رباح، تكوين 13: 2) والكلمة المستخدمة للشجرة في تكوين 13: 2 هي "سياه" والتي تعني أيضًا المحادثة والعشب. لا نحتاج أبدًا إلى الشعور بالوحدة في هذا العالم إذا خرجنا وتحدثنا إلى الأشجار وصلنا بين الأعشاب مثل إسحاق. تُعرف شجرة الحياة أحيانًا بالتوراة وأيضًا الشجرة الغامضة المكونة من 32 مسارًا تحتوي على 10 سفيرات. إذا تمسكنا بهذه الشجرة في هذا العالم سنجد الحياة الأبدية في العالم الآتي.)) أنتهى الاقتباس. حينما كانت عشتار تعشق، وحينما تفور طاقات الحب في جوانحها وفي خلجاتها الداخلية وعناصر قواتها المخفية عن البشر! يعم الحب وينتشر الحنان والألفة والتفاؤل والأمان بين البشرية، وتفيض الأنهار العذبة بطعم العسل، ويندمج الانسان ويتفاعل مع ألوان الطبيعة البهيّة الزاهية، ومع خيراتها وغلاتها الوفيرة. وحينها تتعطل نشاطات وطاقات الآلهة جميعاً الى حين، وتختلى قوى الشر وجنّياتها، خائبة مهزومة بلا حول ولا قوة. حينها يبدأ الانسان الضعيف المستكين يردد جملة واحدة ولا يعرف غيرها مُساقاً بالحب المتفوق الى المستوى الآلهي: ها قد جاءت عشتار. تتكلم عشتار بعذريتها المتسامية مع الطبيعة والكون بشكل غيبي بالمطلق، فهي الكون والأرض، المكان والزمان، الزرع والحبوب، وتتكلم بالحب العائم فوق جميع الموجودات، وليس بالغرائز العليلة المكبوتة كما قد نتصور. تنشد عشتار، ويصدح الفضاء بصدى الأصوات المؤمنة بأناشيد وادعية، مُرددةً معها بالروح: - ها قد جاء بي، قد جاء بي ... الى البستان، دموزي جاء بي تمشيت معه بين الأشجار، قرفصت بالوضع المناسب ... وامام دموزي القادم بالنشيد دفقتُ الزرع من رحمي، وضعت الزرع أمامه ... دفقتُ الزرع أمامه وضعت الحبوب أمامه، دفقتُ الحبوب أمامه. يبدو ان المفاهيم الحياتية حول العلاقة الزوجية والعمل الزراعي انطلقت الى آفاق كونية ويقع على عاتق القوى الإلهية الميتافيزيقية، فأسطورة الزواج الإلهي المقدس بين عشتار وتموز، يُحرّض الدافع الجنسي لدى الافراد ويضمن خصوبة الأرض والحيوانات. فبينما كان تتوجه أنظار العالم القديم نحو السماء وتنتظر مياه الامطار لتخصيب الأرض وزيادة المنتجات الزراعية في علاقة حميمة بين السماء والأرض. هكذا نفهم من أناشيد عشتار كأن علاقة الزواج حراثة وزراعة تتماثل مع علاقة السماء بالأرض. ويبدأ الشعب الاحتفال بقدوم الأكيتو بالأناشيد بقدوم الربيع، (ܪܹܫܵܐ ܕܫܲܢ̃ܬܵܐ ܐܵܫܘ݂ܪܝܬܵܐ)، وكان عيداً للسومريين والبابليين وصولا للآشوريين، حيث يُعلّق الأجداد (وبعض المعاصرين أيضاَ) باقات من الأعشاب على الأبواب لتتعرف عليهم ملائكة الخير في تجوالها حول المدن والقرى لتجزيهم في العام الجديد. ففي بداية العام والشهر الأول منه أي نيسان (بالحساب القديم)، حيث يُنقَذ ويُخلص الملك (برج الحمل) من الموت وابتلاعه من الحوت (برج الحوت- الشهر الأخير من العام السابق)، وتخرج الشعوب القلقة على مصير المملكة، بالدق على المواد المعدنية لتصدر أصواتاً مزعجة عالية، مرددين بما معناه (حوته يا منحوته.. هدّي گمرنا العالي!). ليبتعد الحوت (عند خسوف القمر)، وليتوقف عن التهام الملك الذي يخرج من العالم السفلي بمساعدة عشتار! ليعود الرخاء ويعم والخير والازدهار. ويستمر الاحتفال مدة اثنتا عشر يوماً على عدد شهور السنة كما هو معلوم. وبنفس السياق الأسطوري وعلى المستوى الكوني العابر لمستوى المشاعر والأدراك البشري الا للقلة من الكهنة، تقول إنانا بصوت الاله والانسان والأرض بالنشيد وكأنها نشيد الاناشيد قائلة: فرجي قرني الهلال، قارب السماء ... مليئة بالرغبة كالقمر الجديد أرضي متروكة بلا حرث، فمن لي بمن يحرث أرضي من لي بمن يفلح لي حقلي؟، من لي بمن يفلح لي أرضي الرطبة؟ أي سيدتي العظيمة، أنا دموزي الملك، سأحرث لك فرجكِ إذن احرث فرجي يا رجل قلبي ... احرث لي فرجي في حضن الملك ارتفع الأرز سامقاً، ومن حولهما تدافع القمح عالياً ... وازدهر كل بستان. وفي لُغتنا السريانية العريقة نجد هذه موروثات من الأساطير وبؤر مضيئة ومنبثقة من التراث العظيم عن علاقة الانسان بالنبات. اذ يُطلق على البذور الزراعية بـ ܒܲܪ ܙܲܪܥܵܐ. والزرع للنسل (الأبناء والاحفاد) ܙܲܪܥܵܐ. الالهة أيل وآنو وأصل كلمة الشجرة أيلانو (أيلانـا- ܐܝܼܠܢܵܐ). * أيل: انتشرت عبادة الآلهة النهرينية المعروفة باسم أيل (ܐܝܠ) أو ألـ، الالهة الأعلى منذ فجر السلالات في بلاد النهرين. والمُلاحظ ان أسماء الملائكة جميعها ارتبطت أسماءها بأيل كمقطع يضيف القدسية لها. مثل: (كبير-أيل: جبرائيل) وميخائيل واسرافيل، وأضيفت أيضاً الى أسماء الأنبياء أحياناً مثل: يعقوب-أيل ويوسف- أيل، وكذلك أسماء بعض الملوك من الحضر والمناذرة (النساطرة المنذورين! – ܢܙܝܼܪ̇ܐ) والذين عرفوا كذلك بـ(آل لخم)، وبـ (آل النعمان)، وبـ (آل عدي). ويبدو ان الـ التعريف في اللغة العربية مصدرها اسم الاله أيل!، وبدونها تصبح الأسماء نكره. وكذلك استخدامات اللغة السريانية لـ: ܐ̄ܝܠܐ ܐܝܠܗ (موجود). *آنـو: هو الاله الأكبر ويقع في المرتبة الأولى في سلسلة الالهة (بحسب الأساطير) في حضارة بلاد النهرين، وتم تسميته بأبي الالهة، ومقره (عرشه) في السماء العليا، والاسم الأول (في أعلى شجرة الحياة الآشورية. ومن المحتمل ان اسم الاله أنـو مصدر كلمة انا- ܐ̇̇ܢ̇̇ܐ. ومن هنا وكاحتمال أعتقد بأننا: عندما نتطّير من رأي أو حادث، نلجأ الى الدق على الخشب لأيقاظ الاله (أيل وآنـو) المُخبئين في الأشجار (الخشب)! ليطردوا الشر والحسد. *وكما يمكن ملاحظة التبادل والتناسق في المعاني وبشكل متوازي بين المصدر النباتي الخبز والمصدر الاحيائي أي اللحم، وانعكاس ذلك في اللاهوت المسيحي. سر التناول أو القربان المقدس ويحتفل بها جماعة المؤمنين، الاحتفال يكون بصيغة تناول قطعة صغيرة ورقيقة من الخبز (تعرف بالـبرشان والتي تمثل جسد يسوع وتُغمس قطعة الخبز في القليل من الخمر الذي يمثل دم يسوع.) وقد نحتاج الى المزيد من الدراسة والبحث لاكتشاف الترادف الواضح في الكلمات بين العربية والسريانية وحتى بين اللغات الأخرى، مثل كلمتي لحم العربية ولخما السريانية (لحم - بشر- ܒܣܪ̇ܐ وكذلك الخبز ولخما - ܠܚܡ̇̇ܐ)، فهاتان الكلمتان لهما دلالات ايمانية واضحة. فهل ان طبيعة العقائد تُشكل صياغة الكلمات أم العكس هو الصحيح؟ والأرجح وجود فرق بين الشعوب المؤسسة للعقائد وبين المستقبلة لها التي تستقبل العقيدة واللغة ككل لا يتجزأ. شجرة الحياة والمعرفة الآشورية كمصدر للقابالاه اليهودية معنى الـقابالاه في لغة (الأشوريت- سوريت) هي كلمة ܩܸܦܠܵܐܹ او هي عبارة ܩܸܦܠܵܐܹ ܕ ܚܟܼܡܬܵܐ. وتعني أسرار الحكمة والفصول وأبواب الحكمة. ومنها طبعاً فصل الكتاب ܩܹܦܵܠܹܐܘܿܢ وهذا الأقرب الى المعنى، ونجد كذلك كلمة ܩܘܼܒܸܠܬܵܐ وتعني اتجاه الصلاة (القِبلة). وفي العبرية تُكتب القابالاه بـ(קבלה – ك. ب. ل. ه). حينها وفي الماضي البعيد، لم تكن هناك حدوداً بين معتقدي الطرق الإيمانية، بالخصوص بين المسيحية المشرقية واليهودية (اليهو-مسيحية)، وظهرت مشتركات أيمانية عديدة بين الشعوب. وانتشرت بدون عُقد ولا احتكار!، الى أن أستغُلت واستُخدمت لمصلحة رجال الحُكم والسياسة وصارت وسيلة للسيطرة والاحتلال، وأصبحت تُعرف بما يمكن تسميته اليوم الديانات! ((لا بل نجد في التاريخ بسهولة مشتركات أساسية تدعو للمعايشة بين الشعوب، مثل الزرادشتية والميثرانية والمانوية مع اليهو-مسيحية المتفاعلة حينذاك في أورها وخدياب وحران ونصيبين وأنطاكية، نزولاً الى نوهدرا وكركوك- بيت جرماي والى ساليق- قطسيفون وكوخي والى ميشان- (المدينة المنّورة) والى البصرة. ومن أهم تلك المشتركات وأعظمها كانت شجرة الحياة التي صيغت بطرق ولهجات عديدة بحسب الاقوام والمناطق، وتمتد جذور الشجرة في العالم السفلي ثم صعوداً الى أعالي السماء، حيث عرش آنـو. إذ أحتل الاله آنو وآشور التجلي الأول (سفيروت القمة). Sefirot. وكما يقول الپرفيسور المبدع الدكتور سيمو پرپولا تحت عنوان: ((تصنيف أرقام الالهة في الرسم البياني للشجرة: بالنظر إلى الرسم التخطيطي المعاد بناؤه عن كثب، يلاحظ المرء أن جميع الآلهة العظيمة للإلهة البابلية- الآشورية موجودة فيه، وبعضهم يحتل نفس المكان لأنهم كانوا متكافئين من الناحية اللاهوتية. ويفتقد إله رئيسي واحد فقط، وهو Assur، الذي لم يشهد له أي رقم صوفي. يشير هذا بقوة إلى أن هذا الإله المهم يجب أن يُعرف بالقرص المجنح فوق الشجرة الآشورية التي ينبثق منها التيار الإلهي، وبالتالي فهو متطابق مع الإله المتعالي للقبالة، (وكلمة) إن سوف. يمكن ترجمة Ein Sof كـ "لا نهاية له")). انتهى. ويمكن تفسير الالفاظ والتهجئة المختلفة لأسم آشور على إنها تُعبر عن فكرة الاله الواحد أو الوحيد أو المنتشر عالمياً باعتباره يحتل السفيروت أو التجلي الأول، والأهم من ذلك أن اسم اشور مشتق أصلاً من الرقم الأول بالأعداد الآشورية، آش- ܐܵܫܒܼܪܐ. (الاُس – الابن). والمعرفة الواعية الكاملة للشجرة الآشورية والقابالاه وآثارها في اليهو-مسيحية لا بد أن تحدث تغييراً إيجابياً في فهمنا للدين وفلسفة بلاد ما بين النهرين لان شجرة الحياة في التراث الحضاري الآشوري البابلي السومري ومن خلال الالواح والتماثيل العملاقة، لا تختلف كثيراُ في الخطوط الرئيسية العامة عن التصوف اليهودي (القابالاه). والقابالاه رمز متعدد الطبقات، ويشبه الى حد بعيد شكل المصابيح المدورّة التي تُزين شجرة رأس السنة، وعدد الدوائر هي عشرة ومرقمة من الواحد الى العشرة. باعتبارها قوى وتجليات صفات الله وتُسمى السفيروت. انظر الشكل. وامتد ذكر مفهوم شجرة الحياة في الكتب المقدسة ونقتبس من التوراة ما يلي: ((أنبت الرب الاله من الأرض كل شجرة شهية للنظر، وجيدة للأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. تكوين: 2و9. وكذلك ((أوصى الرب الاله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، أما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكلا منها لأنك موتاً تموت)) تكوين:2، 16 و17. وتم وضع أسماء ملوك بني إسرائيل في دوائر التجلي (السفيروت) من قبل الحاخامات بحسب الترتيب المذكور في التوراة. تطور مفاهيم شجرة الحياة(القابالاه) دلالة على بدايات عقيدة التوحيد العقائد المختلفة المرتبطة بشجرة الحياة المقدسة، (شجرة معرفة الخير والشر)، اعتبرت الامتداد العظيم لها من الأرض الى السماء، من الجذور الى الاغصان، كصورة للكون وقوانينه، وأهمها النظام والإيمان بالقوة الإلهية، والرضوخ للأنظمة والقوانين الموضوعة من ممثل الاله على الأرض، وهو آشورالمتجسد بصورة الملوك العظماء المتألهين بمستوى الملائكة. ونجد في المنحوتات والجداريات الآشورية الضخمة نحت الشجرة المقدسة الملك الآشوري (إنسان متأله) وسط قرصاً مجنحاً لنسر يحوم فوق الشجرة. وهذا نموذج للقاء الانسان المثالي الضعيف الزائل نتيجة الموت بالكون الكبير، وضرورة إتباعه للخطوات المرسومة بالتجليات (دوائر السفيروت) وهي صفات الله وقواه الإلهية، وتتضمن الحكمة- ܚܟ݂ܡܬܐ والمعرفة- ܝ݂ܕܥܬܵܐ والايمان-ܗܝܡܵܢܘܬܵܐ والجمال- ܫܘܦܪܐ وصولاً الى النصر- ܙܟ݂ܘܬܵܐ والمجد-ܫܘ݂ܒ݂ܚܐ في الحياة وصولاً الى الملكوت-ܡܠܟܘ݂ܬܵܐ في المركز الأخير العاشر، حيث يسير نحو تحرير الروح من قيود الجسد ليتحد مع الخالق في المركز الأول التاج- ܬܵܓ݂ܵـܐ. حروف الأبجدية الـ 22 ومواقعها كروابط بين التجليات الالهية ((في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والله هو الكلمة)). ططيانوس. من حروف السريانية (أسوريت) تكونت الكلمات وخُلق كل شيء. انتشرت وبكثرة صور لترتيب كلمات شجرة الحياة (القبالاه) باللغة العبرية، وقيل ان عزرا النبي (عزير ومرقده في ميسان)، الذي حمل الى فلسطين الاحرف السريانية- الآرامية المربعة الشكل المعروفة بالخط الآشوري المربع هي التي مهدت الى نشوء الابجدية العبرانية، مع ملاحظة ان لهجة لغة ولهجة التخاطب بين النساطرة الآشوريين واليهود العراقيين القاطنين معهم كانت مشتركة. لذا وبالاستعانة بالقابالاه اليهودية أمكننا من وضع الأحرف السريانية بدلاً عن العبرية للوصول الى شكل جديد لا يختلف بالمحتوى والمعني عن المستخدم لدى المتصوفة من رجال الدين اليهود. وفي الأبجديات العبرية والسريانية والمندائية تشابه ومشتركات لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن نكرانها. ويقول أحد الحاخامات المختصين بمعاني القابالاه: (( قال الحاخام إسماعيل: قال لي ميتاترون الملاك ، أمير الوجود: تعال وانظر الحروف التي بها خُلقت السماء والأرض ، الحروف التي بها خلقت الجبال والتلال ، الحروف التي خلقت بها البحار والأنهار ، الحروف التي بها خلقت الأشجار والأعشاب الحروف التي خلقت بها الكواكب والأبراج ، الحروف التي بها خلقنا كرة القمر وكرة الشمس ،وجميع النجوم المختلفة فيم ".الحروف التي بها خُلق عرش المجد وعجلات الكابالا مركبة الحروف التي بها خلقت ضرورات العالمين.الحروف التي بها خلقت الحكمة والفهم والمعرفة والحصافة ، الوداعة ، والبر الذي به يدعم العالم كله. “. مشيت بجانبه وأخذني بيده ورفعني على جناحيه وأظهر لي تلك الحروف، جميعها، منقوشة بأسلوب ملتهب على عرش المجد)). المراجع: - THE ASSYRIAN TREE OF LIFE: SIMO PARPOLA Kabbalah Meditation from Torah to Self-improvement to Prophecy - فراس السواح: مدخل الى نصوص الشرق القديم. - يوسف رزق الله: نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق. - سهيل قاشا: بابل والتوراة.
#دانيال_سليفو_بتازو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار بصوتٍ عالٍ: آشور الإساس والحقيقة الغائبة للإسم والمعنى
-
5) سرديات/ مقطتفات من الحياة اليومية في المعتقل
-
4) سرديات/ مسح الغبار عن صور الحياة اليومية في المعتقل
-
3 ) سرديات/ التوق الى قمم الجبال من وراء الأبواب الموصدة
-
2) سرديات / ايام القسوة والقلق والتحدي في الأمن العامة
-
1) سرديات أليمة من داخل أسوار ابوغريب
-
إجتهادات من خارج الصندوق: التاريخ ذكر كل شئ ما عدا الحقيقة
-
قصص الإبادة هل تعود من جديد في العراق ؟
-
كيف نفهم الحركة الآشورية العراقية ومستقبل العراق ؟
-
وحدتنا القومية والوطنية في العراق : نظرة من الاتجاه الآخر
-
رجال فوق صفيح ساخن والإنعطافة الأخيرة للقضية النهرينية العرا
...
-
رأي : العراق والحراك من أجل الخلاص
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|