سامال أمين
الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 06:18
المحور:
الادب والفن
عن مشاهدة واقعية في بقعة ٍ ما وفي مدينة ٍ ما من أرض العراق الجريح
عند مقربة من زقاق ضيق
يؤدي الى شارع ٍ في حي قديم
طفلة واقفة
تبكي
ورجل
أقترب منها بهدوء
وبحنان سألها
مالذي يبكيك ِ يا صغيرتي ؟
فأدارت بوجهها عنه
هل تهتِ عن البيت ؟
فشاحت بوجهها نحو الشارع المؤدي إلى نهايته
والرجل مستغرب
يرفع نظارته ويرى الشارع
ولا يجد شيئا يفهمه
ولا يرى شيئا سوى بكاء الصغيرة
أقترب منها
وانحنى نحوها
ومد يده الى شعرها
هل تخبريني أين بيتكم ؟
أين والدك ؟
أين والدتك ؟
ولماذا تبكين ؟
لما انت هنا ؟
لماذا لا تعودين إلى البيت ؟
ربما أهلك قلقون عليك ؟
وأسالة لا تنتهي
واجوبة مفقودة
واصوات الاطفال في الشارع يلعبون
وطفلة صامتة
ولألأ تسيل كالمطر
من عينين ِ سوداوين واسعتين
وشعر طويل
ووجه ابيض يسرُ الناظرين
وملابس رثة
وفردة نعل ممزق ْ
والآخر مختلف
وتفأفأ الرجل ُ
واعاد نظارته
وابتسم قليلا ً
عله يؤثر عليها
ومد يده ُ من جديد
وقال :
هيا يا ابنتي ... هيا حبيبتي
سأعيدك ِ إلى البيت
فدفعت بيد الرجل رافضة ً
واعادت البكاء بحرقة
وأنحازت بنظرها اليه
يملؤه حزن وخوف وألم
وجلست عند قارعة الرصيف
ومسحت بعضا ً من الدموع
بطرف يدها
والبعض الآخر بطرف دشداشتها
وحطت ْ رأسها على ركبتيها
ومالت بعنقها لترى نهاية الشارع
ماسكة ً طرف نعلها
تلهو بثقب ٍ موجود
ورفعت راسها وقالت :
كيف أعود إلى البيت ِ ؟
وشاحنة ُ القمامة ذهبت ْ
فقد تأخرت ُ ... ولم أدركها
فكيف تطلب مني العودة إلى البيت ؟
وهي ذهبت ... وغادرت
و جمعت كل الازبال والفضلات
والقمامة
وبقايا طعام الاغنياء
والميسورون
في الشارع المقابل
فهم يرمون بقايا طعامهم وقمامتهم في الساحة المجاورة
فقمامتهم مأكلنا
ومافيها رزقنا
فماذا نأكل اليوم ؟
ماذا أ ُطعم امي المريضة ؟
واخي الصغير
هل علمت الان ما سبب بكائي؟
ونهضت ....
وادارت وجهها
واجهشت بالبكاء من جديد
وسارت نحو الزقاق الضيق
ثم أختفت عن الانظار
فرفع الرجل نظارته من جديد
ومد يده وأخرج منديله
ومسح ما ذرفت عيناه من الدموع
على ....
طفلة تبكي
#سامال_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟