أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - روسيا واليسار في المنطقة العربية















المزيد.....


روسيا واليسار في المنطقة العربية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7185 - 2022 / 3 / 9 - 10:49
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



توضيح لا بدّ منه بادئ ذي بدء. في التصنيف التقليدي للفلسفة السياسية، تُصنَّف في اليسار الأطراف التي تشكّل المساواة الاجتماعية القيمة الفلسفية الرئيسية لديها، في حين أن الليبرالية تضع في الصدارة الحرية السياسية والمساواة في الحقوق. والحقيقة أن اليسار تطوّر تاريخياً من رحم الليبرالية، من جناحها اليساري الذي مثّله خير تمثيل الفيلسوف الفرنسي جان-جاك روسو. فاليسار بالمعنى الأصلي هو مَن يُضيف إلى القيمتين الليبراليتين المذكورتين قيمةَ المساواة الاجتماعية، على غرار ما نجده لدى كارل ماركس وفريدريش إنغلز أو في تجربة كومونة باريس (1871). بيد أن المسار التاريخي ولّد أيضاً قسماً من اليسار شطّ عن القيمتين الليبراليتين ليسحق الحريات، بدءاً من حكومة روبسبيار خلال الثورة الفرنسية (94-1793) وصولاً إلى الحكم الستاليني في الاتحاد السوفييتي الذي وصل به سحقه للحريات وللحقوق السياسية إلى إعادة انتاج نظامٍ من اللامساواة الاجتماعية تتربّع على السلطة فيه فئة بيروقراطية ميسورة.
ومع ذلك، بقيت الستالينية تنادي بالمساواة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية ولو من باب الحرب الأيديولوجية، فرأينا أتباعها من أحزاب شيوعية تدخل في حالة شبيهة بانفصام الشخصية، تدافع عن القيمتين الليبراليتين في الدول المنتمية إلى المعسكر الغربي وتؤيد الدكتاتورية البيروقراطية الشمولية في الاتحاد السوفييتي والدول الدائرة في فلكه. وفي أولى السنوات اللاحقة لانهيار الاتحاد السوفييتي، كانت قوى اليسار بشتى أطرافها تميّز بين مناهضتها للإمبريالية الأمريكية وتمسكّها بالقيم التقليدية. فعندما قامت الولايات المتحدة، ومعها حلفٌ عريض شمل سوريا حافظ الأسد، بشنّ هجومها الأول على العراق في عام 1991، ميّزت قوى اليسار بمعظمها بين شجبها للعدوان وموقفها من نظام صدّام حسين الغارق في الاستبداد والرشوة والفساد.
وفي المقابل، رأينا شططاً لدى بعض الأطراف غير الشيوعية المدّعية لليسار، بل المدّعية للماركسية-اللينينية (وماركس ولينين منها براء)، وهي بوجه عام أطراف نتجت عمّا سمّي «تمركس» (أي تبنّي الماركسية) بعض الجماعات القومية في المنطقة العربية في نهاية الستينيات من القرن المنصرم. هذه الأطراف، تمشياً مع الارتهان المادي الذي نسجته مع الأنظمة العربية المنبثقة من التيّار القومي، أي عراق صدّام حسين وسوريا آل الأسد وليبيا القذّافي، ابتعدت عن كافة قيم اليسار التاريخية في تعاملها مع هذه الأنظمة المضادة للحرية والحقوق والمساواة الاجتماعية والاقتصادية، وأبقت على مبدأ واحد هو معاداة الولايات المتحدة.


وهي معاداة تنسجم مع موقف الأنظمة المذكورة، فبالرغم من ادّعاء هذه الأطراف أنها تتبنّى «مناهضة الإمبريالية»، هي في الحقيقة مناهِضة للإمبريالية الأمريكية حصراً، تتعامى عن كون روسيا فلاديمير بوتين دولة قائمة على رأسمالية فاحشة، أسوأ بشتّى المقاييس من الرأسماليات الغربية، ودولة إمبريالية بامتياز تَرسّخ حكمُها من خلال سحق شعب الشيشان داخل حدود «الاتحاد الروسي»، ثم انتقل إلى السعي وراء استرجاع بعض ما سيطرت عليه الإمبراطورية الروسية في زمن القياصرة.
وها أن أدعياء اليسار هؤلاء يُبدون مودّة إزاء قيصر روسيا الجديد في غزوه الإمبريالي لأوكرانيا، وهي مودّة تتراوح بين نقد غزو أوكرانيا من طرف الشفاه مع تصويب كافة الأسهم ضد أمريكا، في أحسن الحالات، وبين التذيّل لموسكو على غرار رئيس المحمية السورية للإمبراطورية الروسية. وقد باتوا في تبعيتهم لنظام آل الأسد أسوأ بعد من أتباع النظام الثيوقراطي الإيراني، الذي التزم الحذر ولم يؤيد الغزو الروسي، لاسيما أنه يعلم مدى تواطؤ الحكم الروسي مع الدولة الصهيونية ضدّه وفي الساحة السورية بالذات. أما الأحزاب الشيوعية البارزة في المنطقة العربية، فقد شجبت الغزو الروسي لأوكرانيا على العموم، وهي تدين الولايات المتحدة في الآن ذاته كما ينبغي أن يكون الموقف السليم.
فقد أصدر الحزب الشيوعي العراقي، في بيانه بتاريخ 25/2، موقفاً يقول: «إن شعوب العالم التي لم تتعاف بعد من جائحة كورونا وآثارها الوخيمة، صُدمت على نحو واسع بهذا الاستسهال لخرق القانون الدولي وسيادة الدول، وهو ما قامت به أمريكا وحليفاتها مرّات كثيرة سابقاً، ويتكرّر الآن في هذه العمليات العسكرية الروسية، في حين يتوجب الالتزام باحترام قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والحرص على السلام والاستقرار في العالم واحترام القواعد والأعراف الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها بإرادتها الحرة.»
وأتى الموقف الأوضح من الحزب الشيوعي السوداني. فقد أصدر بياناً بتاريخ 27/2، بدأ على النحو التالي: «إن الغزو الروسي لجمهورية أوكرانيا يفضح الصراعات بين القوى الإمبريالية لبسط نفوذها والاستيلاء على الموارد في القارة الأوروبية والعالم. ورغم الذرائع التي يستخدمها الطرفان – روسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو من جهة أخرى – إلا أن الغزو الروسي وما صاحبه من اتهامات أتى نتيجة المنافسة الإمبريالية بين الجبهتين.» كما جاء في نهاية البيان: «إن الحزب الشيوعي السوداني إذ يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب بالانسحاب الفوري للقوات الروسية من أوكرانيا، يدين كذلك استمرار التحالف الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة في تأجيج التوتر والحرب وتهديد السلام والأمن العالميين.»
وربّما كان السبب الرئيسي الذي يفسّر الوضوح الأكبر في موقف الحزب السوداني أنه يناضل في موقع مميّز لإدراك حقيقة الإمبريالية الروسية، إذ إن روسيا بوتين ليست متحالفة مع مصر السيسي وإمارة بن زايد في دعم خليفة حفتر في ليبيا وحسب، بل هي أكثر الدول العظمى صراحةً في دعمها للطغمة العسكرية الانقلابية في السودان، وقد ربطت علاقة وثيقة، اقتصادية وعسكرية، مع أكثر الأطراف العسكرية السودانية رجعيةً، قصدنا بالطبع المجرم «حميدتي» الذي زار موسكو يوم بدء غزو أوكرانيا بالذات. وقد جاء في بيان الحزب تعليقٌ على ذلك يقول: «الحزب الشيوعي السوداني، في اتساق مع موقفه المبدئي في الحفاظ على سيادة السودان وإبعاده عن المحاور العسكرية، وإقامة علاقات متوازنة مع كل دول العالم، يُدين زيارة سلطة انقلاب 25 أكتوبر، ومحمّد حمدان دقلو لروسيا، وينبّه إلى خطورة التوقيع على إقامة القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر، مما يجعل السودان في مرمى نيران الصراع بين أمريكا وروسيا ومرتزقتها (فاغنر) لنهب موارد السودان وأفريقيا مما يهدّد الأمن والسلم العالميين.»



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...
- تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين
- بعد الانقلاب الأرعن: السودان إلى أين؟
- «وقائع انقلاب مُعلَن» في السودان


المزيد.....




- نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو ...
- الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر ...
- موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا ...
- مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
- تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا ...
- برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
- إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات ...
- المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان ...
- استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - روسيا واليسار في المنطقة العربية