|
لا أرى ، لا أسمع ، و لن أتكلم .
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 15:06
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بعد حرب 67 .. و وصول الجيش الإسرائيلي إلي الضفةالشرقية من قناة السويس في مواجهة القوات المصرية .. قامت بعض المناوشات العسكرية التي سميت أثناء ذلك ( بحرب الإستنزاف ) . لم يكن مفهوما من الذى يستنزف من .. فالطيران الإسرائيلي كان بإستطاعته أن يصل لاى بقعة من أرضنا .. دون قلق أو خوف .. بل كان بإستطاعته أن يحمل قوات تقوم بالتخريب .. داخل الوادى .. دون ردع . من الأهداف التي دمرتها القوات الإسرائيلية ..كانت بعض خطوط نقل كهرباء الجهد العالي القادمة .. من أسوان .. لذلك إتخذت القيادة قرارا ( متسرعا ) بتلغيم تلك الأبراج .. حتي لا يتكرر الإضرار بالخطوط . كانت سريتي .. مكلفة ضمن قوات أخرى .. من سلاح المهندسين ..بتلغيم بعض الأبراج التي مكانها أعلي الجبل .. بجوارمركزأبنوب بأسيوط ..و بدأنا نحدد مكان مناسب لإقامة معسكر نتحرك منه شمالا و جنوبا للقيام بالمهمة . كانت مأمورية سخيفة .. و في نفس الوقت لا فائدة منها .. فنحن نعلم أن رص حقل ألغام .. دون حراسة .. لا معني له لدى عدو مدرب يستطيع .. عمل ثغرات فيه .. و أننا نعرض الأهالي و حيواناتهم .. لخطر أكثر من حماية المكان . في اليوم التالي لوصولنا .. جاءني صف ضابط مجند ( مهندس ) يبتسم ..لقد وجد في كفر صغير رجل مسن.. سأله :- - ماذا تفعلون .. - فرد نلغم الأبراج .. - م هي موجودة من زمان .. إيه اللي فكركم .. - فرد الرئيس جمال عبد الناصر أمر . - مين عبد الناصر .. دة . - حاكم البلاد .. صمت المسن قليلا .. ثم عاود السؤال . - ليه هو الملك فؤاد مات . !! يا بختك .. غياب كامل عن الوجود .. و الأحداث ..و إبتعاد عن ما يجرى حوله .
هذا المسن ..المتخلص من إرتباطات الوجود في المجتمع أصبح بعد ذلك النموذج الذى علي أن أحتذى .. به .. فمنذ 2011 ( عندما قفز الضباط علي السلطة ) .. توقفت عن شراء الجرائد و المجلات المصرية .. ثم الغيت محطات الأخبار .. من قائمة القنوات المفضلة لدى.. و لم أعد أستمع إلي خطابات و أحاديث .. و حواديت المسئولين .. ثم أغلقت الفيس بوك حتي لا أسمع عنهم ..و تجنبت الحديث عن ما يحدث في بلدنا .. و إعتمدت في الأخبار علي قناة جوجل ..التي يمكنك أن تطلب منهم عدم إرسال أخبار لمواضيع محددة فيفعلون. ..ولم أعد أشاهد في التلفزيون إلا مسلسلات أجنبية أو أفلام لا تنطق باللغة العربية .. أو ماتشات الكرة .. خصوصا ما يتصل بالنادى الأهلي . توقفت عن إجراء أحاديث من الناس ( أصدقاء أقارب جيران )..أو مكالمات تليفونية .. أو حوار علي وسائل الإتصال الحديثة .. خصوصا لو كان عن الإنجازات المزعومة ..و لم أعدأتفاعل مع الناس حتي في حضور الجنازات أو العزاء . بعد شهور قليلة من الإنسحاب خارج المجتمع .. برأت من الإرتباط المرضى بوسائل الأعلام الحكومية و دعايتهم المغرضة ..و لم يعد يشغلني .. إلا مباريات وخطط النادى .. في الصراع .. حول تحقيق الفوز في جميع المسابقات . لقد أصبحت فارغا .. هايفا .. مع سبق الإصرار و الترصد .. لا أهتم بأى شيء ..عدا هذه الكرة التي يتقاذفها اللاعبون للاسف أنني لم يسعدني حتي هذا فالشعاع الخافت الذى يطل علي المجتمع الفاسد الذى أهرب منه .كان أيضا فاسد .. لقد لحق الفساد بإتحاد الكرة و لجنة الحكام .. و المعلقين ..الذين يضادون لاسباب مجهولة لي نجاحات الأهلي و يريدون أن يفرضوا علي السوق أندية الحكومة و المليونيرات . لقد إستهلكوا لاعيبة الأهلي و الزمالك في مسابقة كأس العرب .. ثم إفريقيا ..و مسابقة سخيفة إسمها كأس الرابطة يلعب فيها الأهلي دون لاعبية الدوليين .. كسروا البعض و تركوا البعض مرضي دون علاج .. لقد كرهت إتحاد الكرة هذا .. و أتمني أن يهزم الفريق المصرى من السنغال كي لا يدمروا من تبقي من لعيبة الأهلي في كأس العالم الذى يحجزون فية أخر مكان في القائمة دائما . بل الأهلي نفسه أزعجني بالصفقات التي جرت خلال العامين الماضيين .. و اللعيبة الأجانب الذين أنفق علي شرائهم الملايين .. ثم ركنهم بجواره لا يلعبون أو مرضي أو مستهلكين.. و هو أمر يبدو أن المسئولين عن الشراء قد تم خداعهم لان الأجانب في أندية المليونيرات ذوى كفاءة عالية و تأثير في النتائج سقوط النادى الأهلي أمام ناد من جنوب إفريقيا .. و تعادله مع أخر .. من السودان ..جاءا ككابوس لم أكن مستعد له .. لقد عكنن علي لفترة طويلة .. و لم يسعدني أن فاز علي نادى محلي .. يدعمة المليونيرات ..بأربعة أهداف ... بل فقدت الثقة في أن يحقق نجاحا في مسابقة أبطال إفريقيا .. العالم تقلص لدى ليصبح ماتش كورة أنتظره بالساعات .. و لم يعد يلفت نظرى أن هناك حرب دائرة في أوروبا .. أو أن القيمة الشرائية للجنية أصبحت توازى المليم حتي عندما أشترى من السوق بعض إحتياجاتي فقرارى في مواجهة الغلاء هو ألإستغناء عنها . لقد أصبحت الجنيهات القليلة التي تصلني كل شهر كمعاش .. لا قيمة لها ..و تحول المجتمع حولي إلي مستشفي للمجانين ...أو غابة أحاول أن أهرب من ضواريها .. بنسيانهم .. و عدم ذكرهم .. و إنكار وجودهم . وقليلا قليلا .. سأتحول بمرور الوقت .. إلي هذا المسن الأسيوطي الذى ترحم علي الملك فؤاد.. فأترحم علي الملك فاروق . التشخيص العلمي لحالتي هذه أنني مريض بالإكتئاب ( المزمن ) الشديد . و رغم علمي بهذا إلا أنني مستمر في الحركة علي درب الفقد دون علاج . و هو أمر يحدث لي دائما عندما يتحول المجتمع حولي إلي مكان لا يمكنني التوائم معه فبعد أن خاب المسئولون عن حرب الإستنزاف في حماية قواتهم.. من طلعات طيران العدو .. قرر الفريق محمد فوزى أن تحتمي القوات بالسكان المحليين.. و تختبيء بينهم . غباء .. يجعل الخطر علي المدنيين متضاعف .. و لدى العدو حجته عندما يبرر ما حدث لتلاميذ بحر البقر عندما ذهبت كتيبتي ..للإختباء في مزرعة الملك السنوسي في أبو رواش .. و بدأ الجنود يصطادون الثعابين .. بجوار الفاكهة المعلقة في الأشجار ..صرحت .. بأن وضع القوات بين المدنيين ..خطأ لا يمكن السكوت علية .. فإعتبروني مريضا تخلصوا منه . اليوم و منذ سبع سنوات .. أعاني من نفس الأعراض ..و أرى أن تنفيذ تعليمات البنك الدولي.. حولنا إلي عبيد لمن يتحكم في عملتنا . نحن نعمل و نشقي و هو يحصل ضرائب مجحفة .. تزيد من ملياراته . و لان هذا الوضع لن يتغير قريبا و ليس بيدى توق الطوفان القادم ..لذلك قررت أن أبق علي القليل من التواجد .. بأن أغلق عيني و أذني .. و لا أتكلم ..لاصبح مثل الملايين الذين يحيطوني ..مواطنا يائسا سلبيا يعيش بالجسد فقط - يتعذب - في غابات المليونيرات .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا ريتك يا أبويا .. راحت عليك نومة
-
ثلاثين ثانية سعادة .
-
تعددت الأنظمة .. و الفكر واحد
-
الصيغة المصرية للديموقراطية
-
هذا التواجد التافه ..ليتني قلت (لا) .
-
الحرب في بر مصر
-
إستمرار الحكم العسكرى ..أهو قدر
-
تأملات في ذكرى ثورة
-
مافيا الهدم و الجمهورية الجديدة
-
هل مصدرالقيم والأخلاق هو الدين ؟
-
مش قلتلكم بلاش قنزحة .
-
المسكوت عنه في إتفاقية السلام
-
إنهم معروفون لنا، وبعضهم درس عندنا
-
و عاد يناير ليجد الوضع علي حاله
-
محنة تحقق كابوس(الجد )
-
الإبحار في ظلمات الماضي
-
أسئلة ثمانيني لم تجد الإجابة
-
ثم فقدوا الأمل ( رمز الأمل ).
-
بلاش قنزحة سيبوا لعب الكرة للأغنياء
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (3 )
المزيد.....
-
شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت
...
-
-لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت
...
-
شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان
...
-
شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف
...
-
باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف
...
-
أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
-
لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
-
-فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|