أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فؤاد سلامة - ثورة أم تغيير نحو الأفضل؟















المزيد.....

ثورة أم تغيير نحو الأفضل؟


فؤاد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 7180 - 2022 / 3 / 4 - 14:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


جدل كثير تثيره شعارات الثورة والتغيير.
ليس أعز على قلوب اليساريين والمستقلين المشاركين بانتفاضة ١٧ تشرين اللبنانية بمختلف ميولهم، من رفع شعارات الثورة والتغيير أو التغيير الثوري.
بعد أكثر من مائتي عام على الثورة الفرنسية وأكثر من مائة عام على الثورة البلشفية وأكثر من أربعين عاماً على الثورة الإيرانية، باعتبار هذه الثورات محطات تاريخية كبيرة طالما ألهبت مخيلة الشباب واليساريين والمثقفين بشكل عام، يحق للجميع أن يسألوا ويتساءلوا: ماذا أنتجت تلك الثورات العظيمة؟
لا شك أنها أنتجت تغييرات كبيرة، ولكن الثمن كان مرتفعاً جداً مقابل تلك التغييرات ولم يبقى في غربال الثورة الا القلة من القادة السلطويين والدمويين في مواجهة شعوب مسحوقة ذليلة ومفقرة.

يحق للجميع أن يسألوا ويتساءلوا عن جدوى الثورات ومآلاتها، وأن نفحص بكل أمانة محصلاتها النهائية. لايمكن إعادة كتابة التاريخ ولا تصحيح مساراته المتعرجة. فقط يمكن استخلاص الدروس وأخذ العبر من أحداث الماضي، وهذا يقودنا إلى ملاحظة أن معظم ثورات العقود والقرون الماضية لم تنتج تحسينات عميقة في مسار حياة الشعوب باستثناء الثورة الفرنسية، ربما لخصوصيتها الثقافية.
أما الثورة في بلاد كثيرة فلم تنتج إلا دكتاتوريات أسست لسلالات عائلية لم تكن مطلقاً أفضل حالاً من السلالات الملكية المسماة رجعية. ذلك أن السلالات "الثورية" كانت تتميز عن السلالات الملكية بدمويتها التي تفوق التصور وبتبديدها للثروات الوطنية في مشاريع تسلح أمبراطورية وبشكل يفوق ما بددته الملكيات العائلية.
مقارنة بسيطة بين سلالات الملوك في عصرنا وسلالات رؤساء الأنظمة الثورية تظهر فارق حجم الدموية وتبديد الثروات بين النوعين من السلالات. رغم تبديد الثروات الكبير في الحالتين فإن درجة الرخاء لا تقارن بين شعوب تعيش في ظل ملكيات، وشعوب تعيش في جمهوريات شبه ملكية في كوريا الشمالية وكوبا وإيران وسوريا واليمن ولبنان والعراق وليبيا ومصر. أما لناحية النزوع القمعي الدموي الهادف لاستئصال المعارضين للنظام بل وإبادة شعوب وإفقارها، فالمقارنة لصالح الأنظمة الملكية، رغم وجود حالات دموية مرعبة في بعضها، تبقى محدودة عددياً، هذا فيما الأعداد في بلاد الدكتاتوريات العسكرية تفوق التصور.

هل يستطيع أحد من اليساريين أن يعطينا مثلاً واحداً عن نظام ثوري يعيش شعبه في حالة رفاهية وحرية ولو نسبية؟ بماذا تنفع الشعارات الثورية واللغو الدائم حول محاربة الأمبريالية، إذا كان مستوى تمتع المواطن بالرخاء والحرية أقل بكثير من مستوى البلدان الموسومة بالرجعية أوتلك المنضوية في حلف الناتو والغرب عموماً؟ هل يمكن تبرير الوضع المتدني للحريات وانعدام الرخاء الاقتصادي في بلدان تحكمها أنظمة أمنية مغلقة بالكامل على التطور الديمقراطي؟
مضى وقت انتشرت فيه منظومة الدول الاشتراكية والثورية على جزء كبير من الكرة الأرضية ولم تستطع تلك المنظومة إرساء سوق اقتصادية حرة فيما بين دولها تجلب الرخاء لشعوب تلك الدول. باستثناء الصين التي قدمت في مرحلتها الثورية ضريبة مرتفعة في أعداد الضحايا ( يقول البعض عشرات الملايين) وهي اليوم لم تعد تدعي أنها دولة ثورية أو تقدمية. لم تُقدِّم باقي الدول التقدمية/الثورية نموذجاً واحداً مغرياً لشعوب الأرض بل بالعكس قدمت نماذج مغرقة في الانحطاط والبشاعة على كل الصعد.

أما دول الغرب فرغم أنها لم تحقق طموحات شعوبها بالكامل فإنها تخلصت من الكثير من الشوائب وعلى رأس تلك الشوائب انتشار النهب والفساد والقمع والعنصرية في التعامل مع شعوبها. ولا زالت تلك الدول غير قادرة على الوفاء بتعهداتها تجاه باقي شعوب الأرض لناحية رفض التعامل مع الدكتاتوريات والتشجيع على الديمقراطية والعدالة في توزيع الثروات والعلاقات المتكافئة بين الدول.

كديمقراطيين اجتماعيين تغييريين فإن جل ما تعنيه الثورة لجيلنا اللبناني جيل الثورة والمقاومة هو تلك العاطفة المشوبة بالأحلام الوردية حول ثورة ومقاومة تكنس كل أنواع الاحتلالات وأوساخ الماضي وعفونة النظام الهجين نصف المدني ونصف الطائفي والذي يمنع المحاسبة ويقضي على الكفاءة والنزاهة. أحلام حول المساء الكبير الذي يعلن بزوغ شمس الحرية والعدالة وقيام دولة الحق والقانون. إنه الحنين لأول حبيب (الثورة)، ولأول منزل (الحزب الثوري)، كما يقول الشاعر.. وجل ما نطمح إليه في بلداننا اليوم هو التغيير نحو الأفضل وليس الثورة بمعناها الانقلابي الراديكالي الذي يوصل للسلطة مجموعة عصبوية بيروقراطية متسلطة تحاول الاستئثار بكل مقاليد الحكم، على غرار حركات المقاومة في الجزائر ولبنان، التي ما إن يتحقق هدفها بإجلاء المحتل، فإنها لا ترضى بأقل من إقصاء كل المعارضين الذين لا يشاركونها النظرة والعقيدة والارتباط بشبكات الفساد التي تنشئها وتحميها.

يرتكب الكثير من اليساريين خطيئة الدمج بين حق الشعوب في مقاومة الاحتلال وانتهاك سيادة الدولة والقانون، حتى تغدو المقاومة، بغض النظر عن محتواها وأهدافها والعقيدة التي يحملها المنخرطون بها، تصبح فوق الدولة والقانون. الحجة ضعيفة ولا تصمد أمام العقل والمنطق حتى أمام منطق الثورة التي يريدها الثوريون علمانية ومنطق المقاومة التي يريدونها وطنية. الحجة الهزيلة التي يقدمها أنصار المنطق الثوري هي أن النظام هو نظام طائفي ويحق للمقاومة بصفتها الحالية انتهاك سيادة الدولة والقانون والدستور وتقاسم السيادة بين الدولة والمقاومة بل والدخول في تبعية أمام المموِّل والمسلِّح الإقليمي.
المقاومة كي تكتسب شرعية شعبية وقانونية يجب أن تكون مقاومة وطنية دفاعية لاطائفية، تعمل داخل الرقعة المحتلة من الوطن ولا تضع نفسها في تصرف ممول خارجي يستعملها كما يشاء على رقعة شطرنج مشروعه الإقليمي الهيمني العقائدي والنووي ويطلب منها حماية منظومة مافيوية لا تريد أن تبني وطناً ودولة.

كثيرون سيعتقدون أن تفضيل التغيير على الثورة هو بمثابة طعن في الظهر للثائرين على الفساد والطغيان. أن نضع قليلاً من الماء في نبيذ الثورة لن يفسد قضيتنا المشتركة وهي بناء دولة مدنية/علمانية حديثة ترتكز على ديمقراطية تمثيلية حقيقية وتداول للسلطة قبل أي شيء آخر. يأتي بعد ذلك أن تكون الدولة عادلة من دون أن يعني ذلك أن الديمقراطية أهم من العدالة، فشرط العدالة أن يكون الناس متساوين في الحقوق والواجبات أمام القانون، ولا مجال لقيام ديمقراطية حقيقية من دون إلغاء الفوارق الطبقية والطائفية الكبيرة ومن دون وضع الدين في مكانه الحقيقي أي في بيوت العبادة وفي قلوب الناس لا في الدولة ومؤسساتها.



#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوى التغيير في لبنان، إلى أين، وما العمل؟
- لبنان، للخروج من الطريق المسدود
- إزاحة منظومة الفساد في لبنان كأولوية!
- النوادي العلمانية في لبنان، مؤشر للتغيير أم عارض في موت النظ ...
- الانتفاضة، قيادة أو لا قيادة؟
- بولا أخطأت، لم تخطئ؟
- إئتلاف مدني أم تحالف يسار في لبنان؟
- في ضرورة بلورة قواسم مشتركة لقوى التغيير في لبنان
- تخبط المعارضة في لبنان وتكرار أخطاء 2015
- تقييم أولي لتحرك الأحد الماضي
- الشيوعي في مواجهة أزماته
- المعركة الثقافية السياسية
- دعوة للنقاش: السيادة أولاَ أو الإصلاح؟
- سبعة، حزب أم منصة؟
- مراجعة نقدية للتحركات الاحتجاجية في لبنان
- هل يتحكم الشيعة بالنظام اللبناني، وكيف؟
- النظام الطائفي والإصلاح المحظور
- المعارضة في لبنان إلى أين؟
- قطب معارض كبير، هل هذا ممكن؟
- المعارضة جنوبا، بين الماضي والمستقبل


المزيد.....




- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
- اليمين المتطرف يهدد الحكومة الفرنسية بحجب الثقة
- الجامعة الوطنية للتعليم FNE (التوجه الديمقراطي) ترسل وزير ال ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
- عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغر ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فؤاد سلامة - ثورة أم تغيير نحو الأفضل؟