أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم زهوري - بصدد نقد النزعة المركزية الأوروبية















المزيد.....

بصدد نقد النزعة المركزية الأوروبية


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 7179 - 2022 / 3 / 3 - 00:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قبل أن تتحول الفتاة الفلسطينية عهد التميمي بجدائلها الشقراء وهي تتصدى لجنود الإحتلال إلى فتاة أوكرانية على شبكة وسائط الاتصال الإجتماعي كانت الصور المتخيلة للسيد المسيح ابن الناصرة الفلسطينية منذ عهود سحيقة تنقلب بقدرة مفاعيل قوالب إنشاء الصور الذهنية النمطية الإستنسابية لكل جماعة دينية إلى شاب يافع وسيم أشقر الشعر بملامح محلية الصنع ذات عيون زرقاء حادة في حدود المتخيل الجماعي لكل طائفة وجوهر رأسمالها الرمزي المحلي ... تغتصب الصور تلك في هيمنتها الشمولية على ما عداها وكأنها حقيقة أزلية للمتخيل رغم حقيقة وجود اختلاف التعدد والصور الأخرى بحيث يتم تزييف و إلغاء الصور الجديدة المكتشفة في وقت احتلال الجغرافيا وقتل سكانها وتطويب الأرض بكونها ملكية خاصة خلال حقبة العصر الكولونيالي .
يعد نقد المركزية الأوروبية أحد أهم المقولات الإجرائية الفاعلة فى مجال النقد الثقافى والتحرر من المركزية الأوروبية صار مطلبا عالميا نصادفه فى مجالات الإبداع والنقد والعلوم الإنسانية فى مختلف الثقافات الإنسانية. تعنى المركزية الأوروبية أن أوروبا بالنسبة للعالم هى المركز وباقى أقاليم العالم هي التوابع الهامشية
النزعة المركزية الأوروبية هى بناء فكرى حي ومعاصر يتصل بتصوراتنا عن معنى التاريخ ومعنى الحضارة. ولقد صاغ الفيلسوف الألمانى هيجل فى فلسفته للتاريخ التعبير الأوضح عن هذه النزعة حين قال: التاريخ العالمى يسير من الشرق إلى الغرب، أوروبا هى الغاية وآسيا هى البداية.
و كان الخطاب الأوروبي في عصر الأنوار المروج للحرية والمساواة وحقوق الإنسان، أول مغتصب لهذه الحقوق من خلال حملات استعمارية، اتسمت بتبني نزعة ظلامية، لأنها حرمت نفس الحقوق الإنسانية علي الشعوب المستعمرة ، منذ عام 1492 أي عام اكتشاف القارة الأمريكية، وطرد سكان الأندلس ( المسلمين واليهود ) حيث سنشهد آلة طرد المنابع الشرقية وغير المسيحية للحضارة الأوروبية. ففي مطلع القرن الخامس عشر اخترعت إسبانيا منظومة نقاء الدم ، وسوف تتكلف ازدواجية الانتماء للديانة المسيحية وللعرق في شرعنة غزو أمريكا، مدعومة بالخطاب المعادي للمور المهزومين ( الموريسكيين) و الخطاب الذي يشرعن بدوره العبودية وتجارة الرقيق في عموم قارة أفريقيا . وقبل أن تتدخل المنظومة العقلانية من أجل تبرير سمو العرق الأوروبي على العرق الأسود.نحن أمام اختزال شديد للعرق الإنساني في هوية أوروبية تقوم علي رفض كل هوية أخرى تشوه نقاء الصورة المزعومة . يحدث هذا في وقت تطلع فيه أوروبا على آفاق جغرافية جديدة وعلي تنوع ثقافي وإنساني غير متجانس مع المعتقدات الأوروبية الراسخة قبل رحلات الغزو والاكتشاف. عصر الأنوار إذا لم يسلم من النزعة العنصرية البغيضة، بحيث أن الحديث عن عالمية الحقوق الإنسانية كان يهم فقط الإنسان الأبيض، وتحديدا الرجل الأبيض . وسوف تأتي النظرية العلمية التي تتحدث عن سمو هذا الرجل الأوروبي الأبيض من أجل الدفاع عن مصالحه وتغذية شهيته الاستعمارية وهو في كامل قواه العلمية. من أجل جعل العالم أكثر تحضرا، وبالتخلي عن النزعة الإنسانية، أصبح الرجل الأوروبي الأبيض يعتبر نفسه الحارس الخاص لهذه النزعة. وأن قدوم النزعة النازية لم يجسد استثناء أو قطيعة عما كان سائدا من قبل، بقدر ما كان استمرارية لنزعة الرجل الأوروبي الأبيض، والذارئع الفكرانية كانت بدورها جاهزة، من خلال الانطلاق من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة . . أننا نندد اليوم بالنزعات العرقية والعنصرية للمنظمات النازية أو أحزاب اليمين، ونحن نتجاهل أن نزعة الاستعلاء ظلت راسخة في اللاوعي الأوروبي وكانت علي الخصوص أمرا عاديا من قبل .لقد ترسخت في الوعي الأوروبي نزعة التفوق والاستعلاء علي باقي الشعوب والأمم والثقافات،
وهذا يفسر مدى استخفاف المسؤولين الأوروبيين بمطالب الجزائريين والفيتناميين بضرورة الاعتذار عن مجازر سطيف وسايغون في عام 1945. فلا فرنسا ولا الولايات المتحدة ولا بريطانيا جسدت الاستثناء على هذه القاعدة، لأن جميع هذه القوي العظمى تنطلق من هذه الأرضية. إن الخوف من التخلي عن موقع الهيمنة ـ وهو الموقع الذي أسس طبيعة العلاقة مع العالم ـ أصبح لصيقا بالخوف علي الهوية من الاندثار. وخلافا لما أردنا دوما تكريسه كيقين، فإن هذه الثقافة تجسدت عبر أشكال عدة وفي جميع حقب التاريخ. واليوم، ومن خلال الضغط علي الجميع من أجل تكريس ثقافة الاختلاف والاعتراف بالآخر، يلجأ الغرب إلي تحديث هذه الثقافة عبر أشكال جديدة من نفي الغير وشيطنته، أو عبر المراوغة والمناورة حول المفاهيم المضللة، من قبيل ابتكار الأوروبيين لمنطق نحن وهم كلما تعلق الأمر بالتعاطي مع قضايا الأقليات الأجنبية المقيمة والمهاجرة في القارة العجوز . أن الغرب يبقي مرشحا لأن يهيمن علي باقي الشعوب والأمم، وذلك بالرغم من ظهور مراكز قوى جديدة في العالم، مع فارق أن الهيمنة هذه المرة تتخذ أشكالا جديدة ومغايرة عما كانت عليه الأمور من قبل. أما الأمل فيكمن في العولمة البديلة ، التي تفرز بالضرورة نهاية عصر الهيمنة وظهور تعدد لمراكز القوة والقرار، مما سيفضي في نهاية المطاف إلي فقدان الغرب لتفوقه وذبول نزعته المركزية والاستعلائية. . ويتجسد أيضا في المتغيرات التي مست المعيار الأساسي للثراء، بحيث أصبح لصيقا اليوم بمستوي التقدم الصناعي والتقني وليس بالجغرافيا، وخاصة بعد ولوج الصين ودول جنوب شرق آسيا عالم التكنولوجيا المتقدمة، حيث أدت المعجزة الاقتصادية للصين واليابان
والنمور الآسيوية إلي نوع من القطيعة المفاهيمية مع المفاهيم القديمة والمتهالكة المرتبطة بالثراء.ثمة إذا مجموعة عوامل تترجم تآكل الهيمنة الغربية من خلال تنامي حصة جنوب شرق آسيا والصين في التجارة العالمية، وإذا علمنا أن القارة الآسيوية تستحوذ لوحدها علي ما يقرب من 30% من الإنتاج العالمي، ونضيف فوق ذلك الخطاب المروج لتصاعد القوة الاقتصادية الصينية خلال السنين والعقود المقبلة، فإن ذلك يؤشر بشكل عملي علي تقويض المركزية الغربية ، وعلى نقد جدي لمنظومة النظام الرأسمالي ومعه الحلم الليبرالي الذي روج له فرانسيس فوكوياما، الأمريكي الجنسية والآسيوي الأصل. وما الحروب التي تنشأ جراء ذلك تدعو إلى عدم التفاؤل كثيرا بخصوص مصير خطاب الاستعلاء الغربي الذي يعتقد أنه سيد الكون والطبيعة وإله البشر، ويحثنا نفس العمل الجاد علي تبني خيار النسبية في قراءة نسق فكري قديم، ظل دوما مختلطا مع النظام الطبيعي للأشياء.
شيوع هذه النزعة الأوروبية ليس مقترنا بالسطوة العسكرية ولا بالهيمنة الإقتصادية لأنها ببساطة عبارة عن مفهوم عن العالم وموقع الإنسان فيه. فصعود أمريكا واليابان والصين اقتصاديا لا يعد إضعافا للمركزية الأوروبية بل تكريسا لها ... إن لم تستطع المراكز الجديدة بتفعيل توازن على مستوى العالم لصالح ثقافة العدالة الكونية في المؤسسات المعولمة التي تقوده .



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرميد الحكاية المنحورة
- إلى أمي
- عناقيد آخر النهار
- هو في تلك اللحظة
- هي جبهتي المتثاقلة البيضاء
- ثورة من زجاج
- الهادئ مثل إشتياق
- مثل إلفة نباح جرو صغير
- رئة الخطوات فوق السراب
- عناق العمر قصيدة
- خرافة التعب في البذرة العارية
- عرس الوردة
- وحدك أيتها الحياة
- سيرة القهر قناديل بابل
- في الشرق الحزين
- -شرفة على الفاكهاني-* وشرفة على بستان القصر
- شراع في مهب ريح
- كانت الأوسمة خيال
- جنازة النبع على الأرصفة
- تلال القرى الذابلة


المزيد.....




- من المنتصر بين ترامب وبايدن؟ تفاعل وسجال بعد مناظرة CNN
- بعد مناظرة CNN.. حملة ترامب تعلن -النصر-.. وديمقراطيون يشعرو ...
- -لقد كان ذلك مؤلمًا-.. محلل CNN يعلق على أداء بايدن في المنا ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 25 مسيرة في عدة مقاطعات روسية خلال ...
- أمطار وغزيرة وطقس سيئ في أجزاء كبيرة من شمال ووسط إيطاليا
- حرب غزة: قصف متواصل على القطاع وإدارة بايدن ستفرج عن قنابل ب ...
- إيران تنتخب رئيسا جديدا خلفا للراحل إبراهيم رئيسي
- بايدن أم ترامب؟.. من انتصر في المناظرة التاريخية وفق استطلاع ...
- ترامب: بايدن سيجر الولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة
- بيلاوسوف يوجه الأركان العامة للتعامل مع استفزازات المسيرات ا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم زهوري - بصدد نقد النزعة المركزية الأوروبية