أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا















المزيد.....

تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل يوم من قرار فلاديمير بوتين غزو كامل الأراضي الأوكرانية، نشرت مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية مقابلة أجرتها مع الجنرال ديفيد بتريوس، الذي قاد إحدى فرق جيش الولايات المتحدة في غزوه للعراق في عام 2003، وكان آنذاك جنرالاً بنجمتين (لواء) ثم تولّى مسؤوليات متعاظمة وصولاً إلى قيادة كافة قوات الاحتلال في مرحلة «الطفرة» التي شهدت زيادة مؤقتة في عدد الجنود الأمريكيين بدءاً من عام 2007، وكان قد حصل بتريوس عندها على نجمته الرابعة. ثم غادر العراق في عام 2008 لتولّي مسؤوليات عسكرية أخرى، كانت آخرها قيادة القوات الأمريكية والحليفة في أفغانستان لمدة سنة قبل تقاعده من القوات المسلّحة في صيف عام 2011.
فبتريوس إذاً مخضرمٌ في إدارة الاحتلالات وكان خيار المجلة بإجراء مقابلة معه في شأن احتمال الاحتلال الروسي لأوكرانيا خياراً حكيماً بالتأكيد. سأله الصحافي الذي أجرى المقابلة: «حشدت روسيا قوات عسكرية حول أوكرانيا يبدو أن تعدادها 190.000. هذا لا يزيد كثيراً عن عدد قوات التحالف خلال الطفرة في العراق. لكنّ أوكرانيا بلد أكبر وشعبه أكثر عدداً. هل تستطيع روسيا السيطرة على كافة أراضي أوكرانيا؟»
طبعاً، للبلدين اليوم، العراق وأوكرانيا (بدون شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا) حجمٌ سكاني متساو تقريباً يناهز 40 مليوناً، لكنّ تعداد سكان العراق عند بدء الاجتياح قبل عشرين عاماً كان أقل بكثير من العدد الحالي، يزيد قليلاً عن 25 مليوناً. أما مساحة أوكرانيا فهي أيضاٌ تزيد عن مساحة العراق بنسبة النصف تقريباً. وتنضاف إلى هذه المعطيات جملة أمور تعقّد الحالة الأوكرانية بالمقارنة مع الحالة العراقية: منها أن نسبة سكان العراق الذين لم يكونوا مؤيدين للنظام ولا معادين للاحتلال أعلى بكثير من نسبة سكان أوكرانيا الذين ينطبق عليهم هذا الوصف، في ضوء ما كشفت عنه الحرب الدائرة حتى الآن؛ ومنها أن القوات المسلّحة الأوكرانية أقوى بكثير مما كانت عليه القوات العراقية إثر تدميرها في عام 1991 وبعد اثنتي عشرة سنة من حظر مطبق للأسلحة وقطع الغيار.
كل هذه الأمور تؤكد أن فلاديمير بوتين ارتكب خطأ جسيماً في الحساب أخطر بعد من خطأ إدارة جورج دبليو بوش التي أقنعت نفسها (وأقنعها من أرادت الاستماع إليه من العراقيين، وأولهم أحمد الجلبي) بأن الشعب العراقي سوف يستقبل قواتها بالورود. هذا ما حدا بوزير الدفاع الأمريكي آنذاك، دونالد رامسفلد، على الإصرار على اجتياح العراق بقوات لم يبلغ عددها سوى 125,000 بالرغم من تحذير جنرالات البنتاغون له بأن هذا العدد لن يكفي للسيطرة على العراق. وهذا ما عناه بتريوس في ردّه على الصحافي قائلاً:
«بصراحة، وصولنا إلى بغداد، بالرغم من أنه كان أصعب مما تصوّره الكثيرون عن بُعد، كان يسيراً إلى حد بعيد. لكن لمّا انهار النظام، لم تكن لدينا قوات كافية ولو بحد أدنى لمنع السرقات، ولم تكن لدينا لاحقاً قوات كافية للتصدّي للجماعات المسلّحة والمتطرّفة عندما زادت حدة العنف بصورة دراماتيكية في عام 2006 إلى أن وصلتنا قوات إضافية خلال الطفرة التي دامت 18 شهراً»…

ثم أضاف بتريوس في صدد الحديث عن قوات الطفرة المساوية للقوات الروسية التي جرى حشدها على تخوم أوكرانيا: «عددٌ من القوات يبلغ 190,000 يبدو كأنه كبير، لكنّ عمليات مكافحة التمرّد تستهلك الكثير من الجنود. فإذا نظرنا في الأفراد المنتشرين فعلاً على أرض المعركة والذين هم على استعداد لخوض عمليات مكافحة تمرّد تجري 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، فإن العدد الفعلي يصبح أقل إثارة للرهبة بكثير ويصبح عدد القوات المنتشرة قليلاً جداً في أماكن انتشارها».
بقي فارق آخر وهو الأهم: لم يكن لصدّام حسين، لا في عام 1991 ولا في عام 2003، أي سند عسكري خارجي، فخاض الحربين بعزلة تامة بلا امدادات بالسلاح والعتاد. أما في حالة أوكرانيا، فقد تعهّدت دول حلف الناتو تزويد المقاومة الأوكرانية بكافة أنواع الدعم باستثناء التدخّل المباشر في القتال. حتى أن الاجتياح الروسي قد أدّى إلى جعل أغنى الدول الأوروبية وأكثرها تقدماً في المجال الصناعي، وهي ألمانيا بالطبع، تنفكّ عن القاعدة التي التزمتها منذ نشأة دولتها الجديدة على أنقاض الحكم النازي إثر الحرب العالمية الثانية، وهي قاعدة عدم تسليم أسلحة نارية إلى قوى محاربة.
التزاماً بهذه القاعدة، فإن الحاجة العسكرية الوحيدة التي كانت ألمانيا قد سلّمتها لأوكرانيا حتى الآن تمثّلت بشحنة من الخوذات، ما جعل بعض المعلّقين يسخرون سائلين برلين إن كانت تنوي تسليم أوكرانيا مخدّات في الدفعة القادمة! وها أن برلين قرّرت تزويد الأوكرانيين بالسلاح، بل بنوعي السلاح اللذين هم بأمسّ الحاجة إليهما في تصدّيهم للاجتياح الروسي، وهما النوعان اللذان تحتاج إليهما أي قوات شعبية في تصدّيها لجيش متفوّق عليها بالطيران والآليات: صواريخ محمولة على الكتف، منها ألف صاروخ حديث مضاد للمدرّعات وخمسمئة صاروخ مضاد للطيران من نوع ستينغر.
ويجدر بالذكر في هذا الصدد أن واشنطن فرضت حظراً على تسليم هذين الصنفين من السلاح لقوات المعارضة السورية. كان هذا بالرغم من أن تركيا، سند المعارضة السورية الرئيسي، هي ذاتها صانعة لصواريخ ستينغر تحت وكالة أمريكية، وقد واجهت من قِبَل واشنطن تحريماً صارماً لتسليمها، نزولاً عند رغبة الدولة الصهيونية التي اعترضت اعتراضاً شديداً على ذلك حيث رأت أن من شأنه أن يشكّل تهديداً لطيرانها.
ولو تسلّمت المعارضة السورية صواريخ أرض-جو منذ البدء لاستطاعت أن تحرم قوات النظام من احتكاره للأجواء، بما كان يمكن أن يغيّر مصير الحرب السورية بالكامل. وفي الحقيقة، لو أبدت واشنطن استعداداً لتسليم صواريخ مضادة للطيران للمعارضة السورية، لشكّل ذلك رادعاً قوياً أمام تدخل سلاح الجوّ الروسي في الحرب السورية بدءاً من خريف 2015.
يشير ما سبق إلى الفارق العظيم الذي يشكّله العامل الإسرائيلي بين سوريا من جهة، وأفغانستان وأوكرانيا من الجهة الأخرى، إذ سلّم الغرب صواريخ ستينغر للمجاهدين الأفغان في قتالهم ضد الاحتلال السوفييتي وهو يستعد لتسليمها للقوات الأوكرانية في قتالها ضد الاحتلال الروسي، بينما احترم الفيتو الصهيوني بعدم تسليمها للمعارضة السورية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين
- بعد الانقلاب الأرعن: السودان إلى أين؟
- «وقائع انقلاب مُعلَن» في السودان
- لبنان و«الحسابات الخاطئة»
- تأمل أولي في عِبَر الانتخابات العراقية


المزيد.....




- من الصين إلى تشيلي والمكسيك.. بعض البلدان تعاني حرارة شديدة ...
- مقتل إسرائيلي بالرصاص بالضفة الغربية والجيش يعلن فتح تحقيق
- -اليونيفيل-: استهداف المواقع الأممية في لبنان أمر مرفوض 
- باتروشيف: مسؤولو الغرب يروّجون الأكاذيب حول روسيا للبقاء في ...
- هجوم محتمل للحوثيين في اليمن يستهدف سفينة في خليج عدن
- مقتل إسرائيلي في إطلاق نار في قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة ...
- كشف سبب الموت الجماعي للفقمات في مقاطعة مورمانسك
- دعوة روسية للحيلولة دون انهيار الاتفاق النووي مع إيران
- عالم سياسة أميركي: حماس تنتصر وإستراتيجية إسرائيل فاشلة
- فيديو يرصد الحادثة.. السلطات الأردنية توضح طبيعة -انفجار عمّ ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا