أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام صالح جوهر - البعد المناطقي والطائفي في الجيش السوري















المزيد.....

البعد المناطقي والطائفي في الجيش السوري


بسام صالح جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 7168 - 2022 / 2 / 20 - 13:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحقيقة أن حدة بروز الأزمة الطائفية في سوريا، مرّت بعدة
مراحل وذلك تبعاَ لحدة الصراع على السلطة والاستقطابات الحادة
التي فرضها هذا الصراع.
والحقيقة الأخرى أن الطائفية ليست ظاهرة جديدة على المجتمع
السوري وليست وليدة الصراع الأخير بل تعود جذورها إلى فترة
الاحتلال العثماني، الذي قسم المجتمع السوري على أسس طائفية،
(وهو ما كان يُعرف بنظام المُلة). ثم جاء الانتداب الفرنسي وكرس
هذا الموضوع من خلال تعامله مع السوريين عبر انتماءاتهم الدينية
والمذهبية وليس عبر أحزابهم ونخبهم. ولكي يسهل على فرنسا
السيطرة والتحكم، قامت بتقسيم سوريا إلى عدة دول طائفية، كما
قامت بأنشاء (القوات الخاصة للشرق)، وهي قوات قوامها
الأساسي من الأقليات، علويين ودروز وشركس وأكراد
ومسيحيين، مهمتها هي حفظ الأمن ومنع وقمع الفتن الداخلية. لكن
هذا الأمر شكل شعوراً لدى الأغلبية السنّية بالاستيلاء والكراهية
ضد أداة القمع هذه.
لقد أثبت تاريخ حكم الجيش لسوريا، وهو تاريخ طويل، أن
الاعتماد على العنصر المناطقي وبالتالي الطائفي (الطوائف
موجودة في مناطق جغرافية محددة ومعروفة)، كان ومازال هو
العنصر الأكثر أماناً واستقراراً ورسوخاً من أي انتماءات فكرية أو
حزبية أو أيديولوجية في إدارة الحكم والجيش، من هنا فإن حافظ
الأسد لم يكن الأول في التقاط هذه الحقيقة ولم يكن أول من مارسها
على الأرض، بل كان بارعاً وناجحاً في استخدامها أكثر من غيره
من الضباط الذين سبقوه. وبالعودة إلى الوراء قليلاً نلاحظ أن كل
ديكتاتور اعتمد على أفراد من منطقته وبيئته ومن طائفته والذين

هم محل ثقة، لذلك فإن كل التكتلات والاستقطابات في الجيش،
سواء كانت على شكل أيديولوجي أو حزبي أو مدني أو ريفي، هي
في عمقها استقطاباً مناطقياً وطائفياً، طبعاً مع بعض الاستثناءات
ذات التأثير الضعيف.
ليس من قبيل الصدفة أن جميع الانقلابات التي حدثت في سوريا
هم من ضباط الأقليات. في الانقلاب الذي قاده الزعيم حسني
الزعيم في آذار- مارس 1949،ظهر العنصر الكردي بصورة
واضحة في قيادة الجيش، حيث كان عدد الضباط من أصول كردية
يزيد عن عشرين ضابط منهم خمسة في القيادة العامة. ( حسب ما
كتبه مطيع السمان في كتابه – وطن وعسكر.
أما انقلاب اللواء سامي الحناوي، وهو كردي، فقد غلب العنصر
الأقلوي على المجلس الحربي الذي شكله والذي يتألف معظمه من
ضباط أقليات خدم معظمهم في (القوات الخاصة للشرق ) خلال
فترة الانتداب الفرنسي وهم : العقيد بهيج كلاس( مسيحي)، العقيد
علم الدين قواص(علوي)، المقدم أمين أبو عساف(درزي)، الرئيس
محمد معروف(علوي)، الرئيس خالد جادا(شركسي)، الرئيس حسن
الحكيم(اسماعيلي)، الرئيس محمد دياب (اسماعيلي)، الرئيس
محمود الرفاعي (سني)، الرئيس عصام مريود (سني). ( كتاب
الجيش والسياسة للدكتور بشير زين الدين ص 177). وعندما جاء
انقلاب العقيد أديب الشيشكلي، الذي كان أكثر ذكاء وحذر، فقد
عمل على إبعاد وتصفية الكثير من ضباط الأقليات بشكل تدريجي
وعلى رأسهم الضباط المسيحيين والشركس والعلويين والدروز،
حيث تم اغتيال اللواء سامي الحناوي في لبنان وعزل اللواء آرام
كره موكيان من سلاح المدفعية ومحاكمة العميد بهجت كلاس
بتهمة الأعداد لمحاولة انقلاب وإبعاد الضباط الشركس وعلى

رأسهم محمود شقير وخالد جادا، أما الضباط العلويون فكان
نصيبهم هو اغتيال اثنين وهما آمر سلاح الجو العقيد محمد ناصر
والمقدم غسان جديد (شقيق اللواء صلاح جديد الذي تم عزله من
رئاسة الشرطة العسكرية وكان موقع مهم آنذاك ومن ثم اغتياله في
بيروت عام 1957 على يد عناصر عبد الحميد السراج المقرّب
من الشيشكلي)، بعد اتهامه بالقيام بمحاولة انقلاب مع العقيد محمد
معروف (الذي سُجن هو الآخر ومن ثم اُبعد إلى لبنان) بالتعاون
مع حسن الأطرش وفضل الله جربوع من السويداء. (انظر كتاب
[أيام عشتها] للعقيد محمد معروف وكتاب [الجيش والسياسة في
سوريا] للدكتور بشير زين الدين). وبحسب العميد مطيع السمان
في كتابه (وطن وعسكر ص344) فقد استبعد الشيشكلي، وبقدرة
فائقة شركاءه في الانقلاب، العقداء الخمسة واستبدل بهم مجلساً
ثورياً عسكرياً صورياً وكلهم من الملازمين من أبناء مدينته (حماه)
وريفها وآخرين على نفس الشاكلة، كان من بينهم نقيب واحد.
حتى الرئيس شكري القوتلي عام 1956، وبالتعاون مع رئيس
الأركان توفيق نظام الدين، قام بنقل وتهميّش أكثر من مئة ضابط
من الأقليات واستبدالهم بمجموعة من الضباط الدمشقيين الموالين
له.
بعد الانفصال عن مصر، قام قادة الانفصال بتسريح الكثير من
الضباط البعثيين والناصريين، أغلبهم من الأقليات، بما في ذلك
أعضاء اللجنة العسكرية بالكامل. لكن الرد لم يكن بعيد حيث قام
قادة انقلاب الثامن من آذار بتسريح حوالي 700 ضابط من
الدمشقيين والمستقلين والوحدويين المناصرين لهم وتم إعادة كافة
الضباط البعثيين إلى الجيش وأولهم أعضاء اللجنة العسكرية
الخمسة، الذين سيكون لهم بصمة لا تُمحى في تاريخ سوريا.

الفترة التي أعقبت انقلاب آذار كانت فترة صراعات عنيفة بين قادة
الانقلاب أنفسهم وتركت أثرها فيما بعد على تكوين الجيش السوري
وتركيبته. الصراع بين اللواء صلاح جديد والرئيس أمين الحافظ
في شباط 1966، كان له أثر كبير، حيث تم تسريح أكثر من 400
ضابط من أنصار أمين الحافظ ومعظمهم من السنة، واستبدالهم
بضباط احتياط من الأقليات ليس لهم علاقة بالجيش وليس لهم أية
خبرة عسكرية (وهذا الأمر لم يكن مألوف في الصراعات
السابقة)،لكن ميزتهم الوحيدة هي الولاء للبعث وصلاح جديد.
بعد ذلك جاء الصراع مع المقدم سليم حاطوم (الذي شعر بتهميشه،
خاصة وأنه قام بدور حاسم في انقلاب آذار)، حيث قام بمحاولة
انقلاب فاشلة عام 1967 تم إعدامه على أثرها ومن ثم تم تصفية
الضباط الدروز الموالين له وتبعهم بعد فترة قصيرة تصفية الضباط
الحوارنة بقيادة أحمد سويداني الذي أودع السجن لفترة طويلة.
من خلال ما تقدم نجد أن هناك خيط يربط كافة التصفيات
والتنقلات والصراعات في الجيش السوري، منذ تأسيسه عام
1946 وحتى الآن، ألا وهو الاعتماد على المنطقة والطائفة
كمرتكز لبناء السلطة والسيطرة. حيث أسفرت تلك الصراعات
والتصفيات إلى سيطرة ضباط الأقليات على الجيش وخاصة
الضباط العلويين الذين فاق عددهم أقرانهم من الطوائف الأخرى.
المرحلة الأسدية:
بعد حسم الصراع بين حافظ الأسد وصلاح جديد لصالح الأول،
هذا الحسم تطلّب وقتاً وجهداً ودهاء وتآمراً وتحالفات قام بها الأسد
ضد خصمه وصديقه اللدود، حرص الأسد على عدم وجود منافس
له طوال الفترة التي هندس فيها مملكة الرعب في سوريا التي لم

يسلم منها لا السوريون ولا دول الجوار. كثير من الضباط كان
مصيرهم السجن أو التسريح أو التهميش نتيجة وقوفهم مع جديد.
لكن كثيرين أيضاً ركبوا الموجة وأصبحوا حجر أساس في مملكة
الرعب هذه.
ظاهرياً لا توجد محاصصة طائفية لأي منصب كان في سوريا،
لكن الواقع مختلف تماماً وخاصة على مستوى المؤسسة العسكرية
والأمنية، التي كانت موضع اهتمام خاص ودائم لدى الأسد، ولا
يسمح إلا لدائرة ضيقة بالاضطلاع على هندسة هذه المؤسسة.

شعبة المخابرات العسكرية كانت ومازالت صاحبة الدور الأساسي
في عملية القبول في الكلية الحربية والجوية والبحرية، وذلك عبر
دراسات أمنية ميدانية تقوم بها على كافة المتقدمين للانتساب لهذه
الكليات، ولا يمكن قبول طلب أي شخص تربطه علاقات وصلة
قربى مع أشخاص ذوي تاريخ سياسي معارض، والأولوية في
القبول الولاء أو الحياد الإيجابي على أقل تقدير.
كما أن فرع شؤون الضباط، الفرع 293، يتبع نفس آلية القبول في
الكليات العسكرية في عمليات الترفيع والترقية والتعيين في
المناصب القيادية، حيث يتم دراسة كافة تقارير ضباط الأمن
الموجودين في الوحدات والقطعات والتشكيلات التي ترد إلى الفرع
المذكور ومن ثم يتم تقديم تقرير مفصل للقائد العام للجيش والقوات
المسلحة بأسماء الضباط المرشحين للترقية وللمناصب القيادية
وكذلك الضباط المغضوب عليهم بغية تسريحهم، كما حصل معي.
ودائماً ما يكون البعد الطائفي والولاء حاضراً وبقوة في هذه الآلية
من الترقيات والتصفيات على حد سواء، دون الالتفات إلى مستوى

المهنية أو الحرفية، علماً أن ترقية الضابط في الجيش يتعلق
بملفين، الأول يوضع فيه كل الأوراق المتعلقة بمهنية الضابط
ودورات التأهيل التي اتبعها والعقوبات التي نالها خلال خدمته. أما
الملف الثاني فهو ملف سري توضع فيه التقارير الأمنية، ودائما ما
يكون الملف الثاني هو الحاسم في الترقية من عدمها.
هذه الآلية في الانتساب والترقية والتصفية أفضت إلى أن الضباط
الذين وصلوا إلى مواقع القرار في الجيش والأمن هم من الدائرة
المقربة من العائلة الأسدية.
من خلال ما تقدم نرى أن تطييف المؤسسة العسكرية والأمنية
ليست وليدة هذه الأيام، بل أن جميع من كان له دور في حكم
سوريا، منذ الاستقلال وحتى الآن، لعب دوراً في هذا الأمر،
يتناسب وفترة حكمه وكما ويتناسب والظروف التي كانت تحيط به.
بسام جوهر
ضابط سابق ومعتقل سياسي سابق



#بسام_صالح_جوهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ترامب يعلق على رفض بايدن إمكانية مهاجمة إسرائيل لمواقع إيران ...
- ترامب لإسرائيل: اضربوا منشآت إيران النووية
- وزير كويتي سابق: لن تكون هناك أزمة حدودية مع العراق إذا حسنت ...
- أنباء عن استهداف شقة في شمال لبنان بـ -مسيرة-
- بايدن: الفرق الأميركية والإسرائيلية على تواصل دائم بشأن التط ...
- إسرائيل: مقتل جنديين في هجوم بمسيرة -من الشرق-
- لأول مرة منذ بداية الحرب.. الجيش الإسرائيلي يستهدف طرابلس شم ...
- الجزائر تستغرب من عدم تحديد الجناة في تفجير -السيل الشمالي- ...
- المغرب.. رصد عوامل تعرض 40% من تلاميذ المملكة للتحرش الجنسي ...
- بايدن -قلق- مما سيفعله ترامب في الانتخابات الرئاسية، في أول ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام صالح جوهر - البعد المناطقي والطائفي في الجيش السوري