عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7165 - 2022 / 2 / 17 - 03:18
المحور:
الادب والفن
الكثير منا يسمع عن الحب,
الكثير منا يقرأ عن الحب
الكثير منا يكتب عن الحب
ولكن القليل منا عاش او يعيش الحب
ويبقى الحب نوعا من التصور نتخيله ونتمنى عيشه
وبهذه الأجواء عاش عاصم كشخص آكاديمي تشغله الحياة البحثية والعلمية, وحياة أسرية هادئة مستقرة زوجة وأربعة أطفال, حتى زواجه كان تقليديا فهو لم ينتج عن علاقة عاطفية, بل كان من اختيار والدته, وكان يشعر بمساحة من الحرية في ظل علاقة اسرية هادئة ومتزنة.
وفي ذات يوم, وبينما كان في مكتبه في الكلية, تم انضمام مجموعة جديدة من طلبة الدراسات العليا إلى القسم, وكانت المجموعة تضم طالبين واربع طالبات. وقد صدف أن مر هؤلاء الطلبة على مكتبه كجزء من خطة الارشاد الآكاديمي. شرح لهم كالعادة بعض الامور الآكاديمية, وقد لفت انتباهه إحدى الطالبات, حيث كانت تمثل نمطا لايروقه, ولنقل أن عصام لم يستلطفها... ولكن ذلك لا يعني له شيئا فهي في نهاية المطاف طالبة عابرة كغيرها من الطالبات.
توالت الزيارات وقد تبادل الجميع ارقام الهواتف من أجل التواصل. وحدث أن هذه الطالبة اعتادت على الإتصال به تشكره على مساعدته, وكانت تظهر له باستمرار أهمية مساعدته لها, وكان صوتها ناعما موسيقيا, وبدأ يستلطفها ويغير وجهة نظره عنها, وفي اليوم التالي زارته في مكتبه وحدها, ومدت يدها مسلمة عليه, ومد يده مصافحا لها, ووجد يدها ناعمة جدا بشكل مثير... توالت زيارتها وزاد اعجابه بها, بل بدأ يشعر بأن قلبه يخفق لها!
ولكن يا إالهي مالذي يجري؟ ومالذي يهزك أيها الجبل؟
ولكنها لم تترك أفكاره تذهب بعيدا, حيث اتصلت به وأخبرته بأنها تريد أن تزوره في الغد لتناقشه في أمر مهم بالنسبة لها, إن لم يكن عنده ما يمنع. وقد أجابها على الفور بأنه سيكون بإنتظارها. لقد كان يشعر بالسعادة أكثر كلما كان له دور في حياتها.
وفي اليوم التالي, زارته في مكتبه وسلمت عليه وصافحته بيدها وابتسمت له ابتسامة جميلة اشعرته بنوع من النشوة العارمة, وقدم لها فنجانا من النسكافيه...وقال لها خيرا ما عندك؟
فقالت له: بصراحة تقدم لي شخص يريد أن يخطبني, وهو يعمل في دولة خليجية ووضعه ممتازمن الناحية المادية والإجتماعية....
فقلت لها: تبدو الأمور محسومة, فما المشكلة, وكيف أستطيع أن أساعدك؟
قالت لي وبشكل مدهش ومفاجيء: لقد رفضت وبشدة...فقط لأبقى بجانبك...
قلت لها: هل أنت واعية ومدركة لما تقومين به؟
قالت نعم: أردت أن أعترف لك بحبك منذ زمن, ولكني لم أستطع, واليوم لا أقدر على عدم الإعتراف...
ويبدو أنني كنت ممتنا لها لهذا الموقف حيث أن هذا الشعور كان ينتابني ولكني لا أقدر على البوح بمشاعري.
لقد كانت هذه هي الحادثة الأولى التي أواجه به مشاعري وأجد به فتاة أحبها وتصارحني بمشاعرها, ولقد طلبت مني أن لا أتخلى عنها, ووعدتها بذلك...
لقد شعرت بتغيرات في حياتي, وكنت اشعر بسعادة عارمة, لقد بدأت أشعر حجم النقص في حياتي, وكم هو جميل ذلك الحب الذي اشعر به.
بهذه الخلفية المضطربة, بدأت حياة عصام بالتأرجح بين حياة كلاسيكية متزنة وهادئة, وبين واقع جديد فيه حب وعواطف متقدة. إنه لامر مربك فهل ينسحب من ماضيه وأسرته وأبنائه, هل يترك ذلك كله ويجري وراء عواطفه أو ربما نزوات عابرة.
في ظل هذه الظروف المربكة, كانت هنالك حاجة لحدث جديد يرجح الاحتمالات. ولم يطل الأمر كثيرا, فبينما كان عصام في مكتبه, وكانت هي عنده في المكتب, وبينما كان يتفحص بريده الإلكتروني, فإذا بإحدى الرسائل تتضمن الإعلان عن رحلة خارجية لإحدى الدول العربية المجاورة, وهنا سألها عصام: هل ترغبين بالسفر معي إلى خارج البلد؟
فقالت وبدون تردد: نعم, امنيتي أن أكون معك في أي مكان وزمان.
وقام على الفور بحجز مقعدين لهما في أجمل رحلة مفترضة. وكان من المفروض ان تسير الرحلة بعد اسبوعين من وقت الحجز. وفي خلال ذلك كانت تتصل به ليلا معبرة عن شكرها وامتنانها له على هذه الفرصة كي تستفرد به خلال هذا الوقت. وكانت تحدثه عن تصوراتها في الرحلة وتقول له بعد أن ينام الأولاد, ستكون هنالك أوقات رائعة بينهما....ولقد كان مجرد ذكر الأولاد وتخيلها لوجود عائلة بينهما يعطيه شعورا بالنشوة وتصور علاقة مستمرة بينهما...كان يأتيه شعور بأنه يحصل على فرصة يستحقها وبأن القدر يبتسم له.....
وأتى موعد الرحلة, وانطلقت الحافلات, وكانت أوصته قبل ركوب الحافلات بأن تكون إلى جانبه فهي لا تريد أن تتركه لحظة واحدة وهو في غاية السرور لسماع ذلك, وفي خلال الرحلة كان يتبادلان الابتسامات والإغراق بالنظر في العيون, وكانا كلما نزلا باستراحة يبتعدان عن الجماعة ويسيران وحدهما وكأنما جمعت لهما الدنيا وحدهما, كانا يشربان القهوة معا والعصائر والشطائر والصور....
وأخيرا وصلت الرحلة غايتها, حيث وصلنا الفندق المقرر, وأخذ كل غرفته, وكان الوقت قد تجاوز العصر, فأخذنا قسطا من الاستراحة حتى يأتي وقت العشاء لننزل إلى مطعم الفندق. وبعد ذلك تمشينا على الشاطيء, ووجدنا في استراحة شعبية, ممرا على البحر ينتهي بطاولة وكراسي, وبالفعل استقر بنا الحال في هذه الإستراحة, وطلبنا القهوة والأرجيلة, وكان ينتابني شعور ما كأننا في مقطع من الجنة....ولكن ذلك الشعور لم يكتمل في فرحته أو نشوته حيث بدأت بالتغير, وقالت أنها تريد أن تعود للفندق....أوصلتها للفندق وأخذ ينتابني شعور بأن شيئا ما يحدث غير متوقع ....رجعت إلى الاستراحة وأكملت السهرة فيها وحدي....استمرت الرحلة ثلاثة أيام بدت فيها كل يوم تميل للإنضمام إلى الاشخاص الآخرين, فمرة تريد أن ترقص مع هذا ومرة تريد أن تجالس هذا....وشعرت بأن هذا السلوك يجرحني وتمادت فيه....وشعرت بأنها توجه رسالة لي ...ربما تقول فيها من الأفضل أن تنسى ما بيننا ورغم أن إيقاعات ذلك كانت شديدة على عصام, إلا أنه حمد الله كثيرا على أن قد استفاق من أوهامه قبل فوات الآون, وانتهت الرحلة وعادا إلى أرض الوطن, كأن لم يكن بينهما شيء. ولقد عرف أن حبه لزوجته كان حقيقة غير مزركشة وأن عائلته كل حياته
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟