أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا أنا لستُ غنيًا؟1/ 2














المزيد.....


لماذا أنا لستُ غنيًا؟1/ 2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 21:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفقر هو من أشد الأمراض الخطرة التي تعاني منها المجتمعات والشعوب والأمم. بل هو الأشد خطورة على الأطلاق، وتكمُن هذه الخطورة في إنّ الإنسان الذي يصُاب بهذه الداء الوبيل، قد يصبح مجرمًا قاتلاً، يقتل أي إنسان يلقاه في طريقه أو عن طريق السطو المسلح؛ أو بأي طريقة هو التي يريدها، بهدف الحصول على الأموال، ليصدّ بها سهام الفقر الموجهة الى نحره، والتي قد تصيبه بمقتل. وفي كلّ فأن القتل هي قضية اجراميّة.
لا يقل الإنسان فتكًا وضراوة عن بقيّة الحيوانات في حصوله على ما يسدّ رمقه. فالحيوان إذا جاع سيفترس الحيوان الذي هو أضعف منه قوة، ليجعله وجبة غذاء دسمة، وهو لا يفترس بهدف الافتراس وبيان قوته العضلية، وإنمّا يفترس بهدف اشباع غريزته الحيوانية، المتمثلة بالجوع. هذه الغريزة التي هي نفسها موجودة لدى الإنسان؛ فالإنسان إذا جاع قد يقتل أو يسرق في سبيل الحصول على المأكل. والميزة الأخرى، التي يمتاز بها الحيوان عن الإنسان؛ إنّ الحيوان يفترس حينما تستبد به غريزة الجوع، وإذا شعر في غضاضة نفسه أنّه بمنأى عن الجوع، فأّنه لا يهجم على تلك الفريسة التي يجدها أمامه كلقمة سهلة. بينما الإنسان يقتُل ويسلب ويعتدي على ابناء جنسه، متى سنحت له الفرصة ووجد الوقت المناسب، ما يعني إنّ الإنسان يحمل طابعًا عدوانيًا، ونفسًا شريرة تكمن داخل جسده، بعكس الحيوانات الأخرى، ومن هذه الطبيعة الكامنة فيه يصير الإنسان ظالمًا مستبدًا، حينما يتسلط على أبناء جنسه ويمتلك رقابهم، وهذا ما نجده لدى الحكّام والملوك والسلاطين على طول التاريخ الإنساني.
وهنا نقول، الذي يُصاب بداء الفقر قد يصبح لا شعوريًا في بعض تصرفاته، كأن يشذ عن إنسانيته يكون انانيًا دنيئا شرهًا، يرغب بالحصول على ما في يد الآخرين، ويتمنى في اعماق ذاته، أن يصاب بالفقر غيره ، كذلك حتى يتساوى معه، فالشخص المريض المُمددّ على السرير إنمّا يأنس حينما يجد شخصًا راقدًا بجنبه مصاب بالمرض ذاته، ففي نفسه يشعر بارتياح من باب المواساة، كأنه يقول في نفسه أنني لست الوحيد المصاب بهذا الداء، وإنمّا ثمة آخرين يشاركوني ألألم ذاته، والمعاناة نفسها.
وأريد أن اتكلم عن نفسي فأقول: لقد سرقت مني الحياة ما سرقت، واستبد بيّ الزمن ما أستبد، وغربلتني المعاناة ما غربلت، واخذ مني القدر كلّ مأخذ، طيلة أكثر من أربعين عامًا أو تزيد (كغيري الكثير) وأثناء أعوامي الماضية حصلت على مبالغ طائلة من المال ونقود كثيرة، لو بقيَت تلك الأموال التي حصلت عليها لكنتُ من الأغنياء، لكن القدر كان ليّ بالمرصاد على طول الخط، فالأموال التي تأتيني ما تفتأ إلّا أن تذوب كذوبان الملح في الماء القراح. وربما هذا هو قدري بالحياة.
وبالمقابل وجدتُ أحد الأدباء من يمجدّ الفقر ويرى إنَّ الفقر هو الذي يصيح بنا دائمًا: إلى العمل، إلى الكدِّ، فأكثر الذين أمسوا أصحاب ملايين، ومشاهير رجال، وكبار محسنين، ورجال دولة، وعلماء، وأدباء، وشعراء إنمّا هُم من الأشخاص الذين كانوا لا يعلون عليك قيراطًا واحدًا، ولا تفوق أحوالُهم حالك بشيء.
وهذا الرأي، إنْ كان إلى حدٍ ما صحيحًا، إلّا أنّ الفقر يسبب قضايا نفسية تجعل من الإنسان حاد المزاج، إنسانًا لا يطيق الحياة، وقد يُعرّض نفسه الى المهالك بارتكابه حوادث اجرامية، من قتل وتسليب وغير ذلك، خصوصًا الإنسان الذي ظل يلازمه الفقر طيلة حياته، ومهما بذل من كدٍ وكدحٍ فهو ظلّ فقيرًا مُعدمًا، تلازمه الفاقة والحاجة، وفي زماننا هذا كم من شابٍ قد انتحر بعد أن ضاقت به سُبل الحياة واضناه الفقر ونقص الحاجة، وإن كان هؤلاء تعوزهم الحكمة والثقافة والمعرفة، فالإنسان الحكيم المثقف المُطلّع، مهما تستبد به الحياة لا يستسلم للقدر ويحني هامته الى أول هزة نفسية تقف ازاءه، وتعترض في طريقه. إن الحكيم هو الذي ينظر إلى ما وراء الأشياء فيتعرَّف أسرارها، لا تكون له حياةُ الذي يتعلَّق بظاهرها ولا أخلاقُهُ ولا نظرتُهُ؛ هذا الأخير هو في نفسه شيء من الأشياء له مظهرُ المادة و خداعها عن الحقيقة؛ وذلك الأول هو نفسه سرٌّ من الأسرار له روعة السرّ وكشفُهُ عن الحقيقة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أنا لستُ غنيًا؟2/ 2
- كيفَ نشأت نظرية العلاج بالمعنى؟
- كيفَ نشأت نظرية العلاج بالمعنى؟(2)
- الرؤية الجماليّة كقيمة للإنسان
- متى يُهزم الإنسان؟
- متى صار الإنسان متفلسفًا؟
- وتريّات منسيّة!
- مفهوم الدين لدى جوستاف لوُبون(2)
- مفهوم الدين لدى جوستاف لوبون(1)
- كيفَّ أُعبّر عن صلواتي
- اللاجدوى وعبثية الحياة: الغور في فراغ أجوف
- أناشيد الليل
- بوح!
- عطرك يليق بسمعة بساتيني
- الى عمر الخيام
- محطات مؤجلة
- حفلة شبه تنكرية
- احتساء الشعر و رمزية الجمال في (احتسي الشعر) لوليد حسين
- الصين وامريكا مَن سيهزم مَن؟
- قراءة اولية في فكر الدكتور خزعل الماجدي1/ 6


المزيد.....




- تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري ...
- إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
- سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
- روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
- عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا ...
- أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف ...
- ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
- العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو ...
- مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
- من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا أنا لستُ غنيًا؟1/ 2