أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سفيان ميمون - حياة حي ميت














المزيد.....


حياة حي ميت


سفيان ميمون
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7162 - 2022 / 2 / 14 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


يسكننا الوطن مثلما نسكنه ، هكذا يعبر الأدباء بشاعريتهم المعهودة حينما يستشعرون حنينهم للوطن ويستذكرون علاقتهم به ، في لحظة وجدت نفسي أتأمل حال الوطن باحثا عن علاقة لي تربطني بهذا الوطن ، فقررت ودون شعور أن ألتفت إلى الحي الذي أسكن و يسكنني في الوقت ذاته ، أسكنه بجسدي و يسكنني بهمومه التي لا تنتهي ، كان تأملا يمزج بين الإغراق في الخيال و معاينة الواقع عينا، طريق الحي أمامي تمتلئ غبارا ، لقد كنت على الحافة بمقهى ذلك الحي الوحيدة ، لم يكن من الواجب إهدار مابقي من حريرات في التأمل الذهني ، بل كان علي أن اذخرها إلى المساء لعلي أستطيع أن أنهي قراءة الفصل الأخير لرواية اسمها المأساة .
يسكن الحي الذي أسكن سكان مساكين ، مساكين فعلا لأنهم لا يعرفون كيف يجعلون منه حيا جميلا أنيقا يستحق فعلا لقب حي نسبة إلى الحياة ، ربما مازالت الحياة لم تسر بعد في جسد هذا الحي ، فالكل يجمع على افتقاره لكل مواصفات الحياة ، أو ليست الحياة قائمة على الماء ؟! و بدون ماء لا حياة ؟! .
سكان الحي لا يعرفون كيف يجعلون منه حيا جميلا أنيقا لأنهم لم يخبروا تلاعبات الإدارة و مكر المسؤولين ، فمسنوهم أميون و صغارهم الذين بلغوا من العلم مبلغا ليست لهم المعرفة الكافية بخبايا التسيير و الإدارة ، فليس يسيرا على سكان حي هذه حالهم أن ينقذوا حيهم من الضياع .
تركت عيني ذلك الحجر الذي اقتلعته عجلة جرار كان يريد تغيير الاتجاه ورحت أغرق ثانية في قراءاتي السابقة إذ ساقتني ذاكرتي إلي محتوى مقال قرأته منذ سنين خلت ، لا أذكر السنة بالذات و لكني أتذكر أنه يتحدث عن المواطنة ، فرحت أقيس محتوى المقال بمحتوى الحال ، هل نحن مواطنون حقا قياسا بما قرأت في المقال ؟ أم أن ذلك الذي قرأت يتصل بعالم المثل و ليس له في الواقع مكان .
لقد عرفت أن للمواطنة ارتباطا قويا بالحقوق و الواجبات ، فالمواطنة عرجاء من غير واجبات حينما لا يحس المرء بنشوة المساهمة في بناء الوطن ، وهي تسلم من غير حقوق إلى انكماش الاحساس بالوطنية لدى الفرد ، فيصبح على اتصال بنوع آخر من الأحاسيس تخالجه كل صباح و كل مساء ، أحاسيس هي أقرب للعبودية منها إلي المواطنة ، و كأننا أمام وضع لا يختلف فيه إلغاء المواطنة في الفرد بإلغاء الفرد ذاته .
في لحظة قررت أن أترك هذا الخيال الذي أنهك قواي و أن أقطع علاقتي بذاكرتي التي لا تعرف طريقا سوى القراءات المتراكمة لكم من المقالات و الكتب ، فترك الخيال يحيل حتما إلى الاهتمام بالواقع لكنني وجدت هذا الواقع شديد الارتباط بعالم الخيال و التأويلات : على بعد خطوة من وسط المدينة طريق غير صالحة للسير على الأقدام ، افتقار شديد لماء الشرب ، فوضى في البناء ، انعدام للمرافق، شكاوى تلوى الشكاوى للمسؤولين ، وعود كاذبة ....... هذا هو واقع الحي الذي سرعان ما يعيدك للخيال لعلك تستريح ثانية من كل هذه الهموم حينما تسقط عن نفسك صفة المواطنة و تلبس ثوب المنبوذ في وطن شبه لك أنه لك كما أنك له خلال المواعيد الانتخابية .
لقد كانت المأساة رواية يرويها الجميع في الحي مساء حينما يجتمعون بالمقهى ، ولكل روايته المعهودة ، فهي تتكرر كل يوم بذات التفاصيل : الطريق ، الماء ، البلدية ، التهميش ،..... ، ولكن لا أحد استطاع أن يفك عقدة المسرحية التي تلتوي حبالها في ساحات الحي وأن يوقف الوجع الذي يتلوى منه هؤلاء السكان المساكين برأي راجح يسعدهم أو إجراء ناجح تطيب بهم خواطرهم وسرائرهم.
كل شيء في هذا الحي يدعو إلى التأمل والسؤال حتى الاسم: بوعلايق ، لماذا سمي بهذا الاسم ؟ لم أترك فضولي يتجاوز حده قبل أن أقصد جماعة من مسني الحي كانوا يتسامرون بجوار المقهى وأبادرهم بالسؤال عن سر التسمية ، لأعرف أن حديثهم لم يخرج عن الإطار وأنهم كانوا يعقدون مقارنة بين اليوم الذي يأتي إليهم المترشحون للانتخابات يناشدونهم أصواتهم واعدين إياهم بإدماج حضري محترم واليوم الذي يتربع فيه هؤلاء المسؤولون على كراسيهم متناسين هموم الكادحين الذين مروا على ظهورهم إلى تلك الصالات المكيفة.
بذلك الاعتقاد الساذج ، المألوف والحكيم في الوقت نفسه ، أجابني عمي ابراهيم: لقد أخبر "المرابط الطاهر" أن جميع المشاريع معلقة عن الحي إلى حين يلتزم فيه السكان بإخراج "الزردة " إلى الجوامع التي عهدوا إخراجها إليها حينما كانوا يسكنون الريف ، لقد طالتهم لعنة الأولياء الصالحين ، فعلقت مشاريعهم ، وعلقت آمالهم في عيشة رغد.



#سفيان_ميمون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع المدني: بساطة اللفظ وعمق المعنى
- جيجل - المحافظة- *
- البيوغرافيا في الدراسات الاجتماعية
- أستاذ الجامعة وإشاعة روح النقد لدى الطالب
- كورونا والإبداع
- السوسيولوجي والطقس الديني
- التعدد الثقافي والديمقراطية
- العلوم الاجتماعية بين الميثودولوجيا والأيديولوجيا
- الجزائر وأنثروبولوجيا الاستعمار
- أهمية العلوم الاجتماعية في التنمية – علم الإنسان نموذجا –
- عقدة المثقف


المزيد.....




- وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي ...
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...
- شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
- آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
- هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر ...
- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
- لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
- وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض ...
- الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس ...
- رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سفيان ميمون - حياة حي ميت