حيدر وسام
الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 06:16
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
عنوان هذا المقال غريب بعض الشيء لكنه حقيقة جديدة طارئة على عالمنا الذي بدأ يتغير بشكل سريع وخطير ومخيف ربما .
سبب إختياري لهذا العنوان هو ما سمعت وما شاهدت من آخر تقليعات الجماعات الإرهابية , تقليعة جديدة على الساحة والجديد فيها هو إنها ليست إسلامية أو سلفية أو تكفيرية أو عربية ولا تمت لجنسنا المتهم بالإرهاب دوماً بصلة سوى إن المتحدث في الشريط الذي شاهدته يتحدث بلغة نسمعها يومياً وهي اللغة الإنكليزية !! .
حيث أفادت صحيفة صنداي تايمز الصادرة يوم الأحد 3/9/2006 أن متطرفين "بيض" من أقصى اليمين تبنوا طرق الجماعات المتشددة الإسلامية وصاروا يبثون أشرطة فيديو على شبكة الإنترنت يهددون فيها بقطع رؤوس المسلمين البريطانيين.
وقد شاهدت في الشريط أحد الشبان الإنكليز وهو يتحدث بأسلوب الظواهري وأسامة بن لادن والزرقاوي ومن يأتي بعدهم , لكن باللغة الإنكليزية !!!...
رأيته وهو يهدد السكان البريطانيين من المسلمين أو من حملة جنسيات أخرى ولكنهم يعيشون في إنكلترا ويتوعدهم بإحراقهم وهم أحياء ويعدهم بالقتل وقطع الرؤوس إن لم يغادروا بلاده ( المملكة المتحدة ) , وبدا هذا الشاب وكأنه جاد بالفعل وكان الشرر يتطاير من عينيه والتي كانت هي الشيء الوحيد الظاهر منه بالإضافة إلى فمه ..
وقد تم إطلاق تسمية على هذا الشريط هي شريط "الجهاد الأبيض" ...
لي بعض الملاحظات على هذا الشريط المقيت الذي شاهدته والذي كنت أتمنى بأن لا أراه يوماً وهي :-
• هل بدأ اليمين المسيحي في أوروبا بإنتهاج أسلوب القاعدة "التكفيري" في تهديد الآخرين أي بمعنى " إن لم تكن معي فأنت ضدي " .
• هل سنرى تنظيمياً مسيحياً في أوروبا يستتر بالدين المسيحي كما يستتر بالإسلام من يسمون أنفسهم "تنظيم القاعدة" .
• هل ستكون هناك "قاعدة" مسيحية على غرار "قاعدة" أفغانستان .
• هل من الممكن إن من أوجد "تنظيم القاعدة" في العالم وأقصد بهم البريطانيون والأمريكيون سيخلقون تنظيماً جديداً في أوروبا وربما في أمريكا أيضاً .. من يدري !! .
• ألم يكتفي المؤسسون الأوائل لمثل تلك التنظيمات بعشرات الآلاف الذين قتلهم "الإنتحاريون" دون تفرقة أو تمييز على العرق أو الدين ( والعراق خير دليل على ذلك ) .
• ألم يكونوا ( البريطانيون ) هم من حمل راية الحرب على الإرهاب بعد الولايات المتحدة .
• ألم يعدوا كل شعوب الأرض بأنهم سيقضون على تلك التنظيمات من أجل حياة عالمية أفضل وأرض يملأها السلام .
• أليس جنودهم مازالوا متواجدين في العراق من أجل فرض الأمن والقضاء على المليشيات ومنع التطرف الديني ودحر الإرهاب والسيطرة على الأوضاع ودعم العملية الديمقراطية ومساعدة الشعب العراقي ودفع العملية السياسية إلى الأمام وإعتبار العراق قاعدجة لنشر السلم العالمي ونموذجاً للتعايش السلمي الديمقراطي كما يقولون ... أم لغرض آخر !! .
• هل حربهم على الإرهاب هي تأسيس "قاعدة" مسيحية لطرد العرب والمسلمين الذين يسكنون بريطانيا منها , وربما يتطور الوضع ليتم طردهم من كل أوروبا وأمريكا !! .
• هل هناك بند من بنود إتفاقية جنيف لحقوق الإنسان ينص على طرد مواطنين من بلد وهم من حملة جنسيته لأنهم يعتنقون ديناً غير دين البلد على الرغم من إن هذا البلد هو بلد علماني والدين مفصول فيه عن الدولة .
• أيصح أن تكون بريطانيا دولة تشجع الجماعات الإرهابية الخارجة على كل قوانين الأرض والمتحدثة بلغة الدم والعنف , وهي ( بريطانيا ) صاحبة القوانين والعقول السياسية والبلد الموقع على كل الإتفاقيات والعهود الدولية الراعية لحقوق الإنسان والحافظة لحرياته المختلفة في التعليم وحق العيش وحرية التفكير وإعتناق الدين الذي يرغب بالإضافة لكونها اللسان الثاني بعد الولايات المتحدة في إنتقاد الجماعات الإرهابية وأساليبها غير المتحضرة والهمجية .
• ألم يوضحوا ( البريطانيون ) بأن سبب الإرهاب في العالم هو الدين الإسلامي ومن يعتنقه !! ..
تلك أسئلتي للسياسيين البريطانيين والأوربيين والأمريكيين والتي أعرف بأني سأسمع أجوبتها ولكن ليس بالشكل الصحيح ..
ولي أسئلة أوجهها لأسامة بن لادن ومن تلاه في النهج والتفكير غير الصحيح وهي :-
• هل يمكن إعتبار ما تقوم به وما قمت به منذ زمن بعيد "جهاد" بالتعبير الإسلامي ومتلائماً مع مفاهيم الإسلام الحقيقية .
• هل تعتبر أدائك الإجرامي هذا والمستمر في كل بلد تطأها أقدام أتباعك ومناصريك شيئاً داعماً للفكر الإسلامي وللدين بشكل عام .
• ألا يجوز للمسيحي والمعتنق لأي دين آخر بالعيش على هذا الكوكب , وهل الكرة الأرضية حكراً على المسلمين !! .
• ألم يكن من نفذ عملية برج التجارة في أمريكا يعيشون فيها أم إنهم منذ أن ولدوا كانوا أتباعاً "لحضرتكم" وكان الإسلام يفيض من بين أصابعهم كالشلال المنهمر .
• ألم تعتقد بأنه سيأتي اليوم الذي سيواجهك به من تحارب وبنفس أسلوبك , ولا أعتقد بأنك قد تركت أحداً دون أن تحاربه !!.
• هل نصرتك للدين الإسلامي هي بقطع الرؤوس وتفجير المدنيين وإنتهاك الحقوق وتكبيل العقل وحجب التفكير عنه .
• هل الإسلام عندك هو العودة ببني البشر إلى عصور ما قبل الحضارة وإجبارهم على تنصيبك "خليفة" للكرة الأرضية !!! .
• هل الإسلام عندك هو القمع والمنع لكل ما هو مفيد .
• ألم تكن عندك دولة "أفغانستان" ... لن أسألك ماذا فعلت بها أوماذا عملت لأجلها .. بل ما الذي جلبته لها سوى القوات الغازية وجيوش الأرض كلها اليوم فيها .
• هل بناء الدولة بمفهومك هو بالخوف والتنكيل والتشريد وعدم إحترام معنى الإنسانية أو الإعتراف بها .
• هل إنتهاك حقوق المرأة والرجل على حد سواء هي من أحد أركان الدين الإسلامي أم إنه يعطيك شعوراً بأنك سيد الأرض ومالكها .
• وسؤالي الأخير ما هو ردك على ما حدث في المملكة المتحدة اليوم من ما يسمى بـ "الجهاد الأبيض" .
تلك أسئلتي لأبن لادن والظواهري ومن تبع "قاعدتهم" التي ينخرها الكذب والدجل والنفاق والتي أعلم وبشكل جيد بأنهم وإن أجابوا عليها فسيجيبون عليها بآيات قرآنية لا تمت بصلة للموضوع أو تكون غير ذي صلة بجوهر الأسئلة وبلب المشكلة .
هل ما رأيته وما نشرته الـ "صنداي تايمز" يمكننا وصفه على إنه بداية لنهاية العالم المتحضر ...
هل سينجر المجتمع الأوربي إلى نفس الأسلوب الذي تتبعه العقول المتخلفة ...
هل إنتهى عصر الأفكار النيرة التي أنجبتها الثورة الصناعية الأوربية ...
هل نقول وداعاً لعالم يحترم حقوق الإنسان وكأنها كتاب سماوي ونقول أهلاً للتطرف والتشدد والتخندق الديني ...
هل ستكون هناك حرباً عالمية دينية تدمر الأخضر واليابس في كل الأرض ...
هل يمكن إعتبار "شريط الجهاد الأبيض" مجرد وقاحة لبعض الـ "كوكلس كلان" الجدد , أم يجب أخذه بنظر الإعتبار وإعطائه تصنيفاً وفق التصنيفات الإرهابية الطارئة على عالمنا ...
هل ستؤول الكلمة الفصل في تحديد مصير هذا العالم لمن يؤمن بالعنف و إراقة الدماء و إضطهاد الضعفاء ...
ألا يجب أن نصحوا كبشر ونفوق مما نحن فيه من أحلام بالهيمنة والسيطرة على ثروات الآخرين فيما نترك ثرواتنا لكل من هب ودب وللأفاقين من أبناء جلدتنا بكل تلاوينهم السياسية والدينية ...
ألا يجب أن نعي بأننا بشر وبأن الله وفي كل كتبه المنزلة قد كرم البشر وفضلهم على كل المخلوقات وحرم قتل النفس التي خلق والتنكيل بها بل وحرم حتى إذلالها وإمتهان كرامتها والإنتقاص منها ...
ألم يحن الوقت لتحالف أبناء البلد الواحد على إختلاف أديانهم وأعراقهم وأصولهم وإنحداراتهم ليخدموا البلد الذي إحتضنهم لآلاف السنين .
ألا يجب التفكير بمستقبل أبنائنا بعيداً عن إنتمائاتنا السياسية والفكرية والمذهبية ...
هل يمكن أن نقسم العالم على أساس دول دينية ونعود به إلى الوراء إلى ما يقارب الألفي عام , بل هل يمكن تقسيم البلد الواحد الى كانتونات طائفية وعرقية كما يحدث اليوم في العراق ومدنه و بل حتى في الشوارع الصغيرة الموجودة في مناطق مدنه ...
ليس لدي ولا لدى أي كاتب أكثر من هذا الكلام عسى أن يلاقي أذان صاغية وعقول متفتحة وقلوب رحيمة ونفوس كريمة و مبادئ قيمة يمكن الإرتكاز عليها في قادم الأيام .
أقول قولي هذا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ...
#حيدر_وسام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟