أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الياس خليل نصرالله - صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا الْحُقوقيُّ السُوري امِيلِيُوسْ بَابِينوس















المزيد.....


صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا الْحُقوقيُّ السُوري امِيلِيُوسْ بَابِينوس


الياس خليل نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 7161 - 2022 / 2 / 13 - 12:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السبت، 12 فبراير 2022

صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا
الْحُقوقيُّ السُوري امِيلِيُوسْ بَابِينوس

الياس خليل نصرالله

بَابِينُوسْ حُقوقِيٌّ سُوريٌّ شَهيدُ العَدالَةِ اَلَّتِي أرْسَى قَوانينَها . وُلِدَ عَامَ 142 لِلْمِيلَادِ فِي حِمْصَ السّوريَّةِ (أم الحِجارَةِ اَلسَّوْداءِ) وَدَرَسَ الحُقوق فِي بَيْروتَ اَلَّتِي كَانَتْ تُعْتَبَرُ فِي حِينِهِ (الأُم المُرْضِعَةَ لِلْحُقُوقِ ، وَقَدْ بَقِيَتْ حَتَّى مُنْتَصَفِ القَرْنِ السّادِسِ مِنْ أَشْهَرِ مَدارِسِ الحُقُوق فِي الإِمْبِراطوريَّةِ الرّومانيَّةِ . إِن تَأْثير الحَضارَةِ السُّورِيَّةِ فِيِّ كُلّ مَنَاحِي الحَياةِ الرّومانيَّةِ دَفْعَ الشّاعِرِ والْكاتِبِ الرّومانيِّ " جُوفِينَالْ " بِأَنَّهُ فِي القَرْنِ الثَّانِي المِيلَادِيِّ "كَانَ مُنْذُ زَمَنٍ بَعيدٍ وَنَهْر الْعَاصِي السّوريِّ يَصُبُّ مَاءَهُ فِي نَهْرِ التّيَبُّرِ جالِبًا مَعَهُ لُغَته ،عاداتِهِ ، عُوده وَقيثارَتهُ بِأَوْتارِها المائِلَةِ"

وَ لَعَلَّ مِنْ اهْمِ تَأثِيرَاتِ الحَضارَةِ السّوريَّةِ عَالَمِيًّا خِلالَ العَصْرِ الرّومانيِّ مُنْجَزاتِها فِي التَّشْريعِ والْحُقوقِ . فَمَعَ مَطْلَعِ القَرْنِ الثّالِثِ المِيلَادِيِّ أَصْبَحَتْ بَيْروتُ مَرْكَزًا لِمَدْرَسَةِ الحُقوقِ وَالَّتِي استمرت حَتَّى مُنْتَصَفِ القَرْنِ السّادِسِ ،أَشْهُرَ مَدْرَسَةٍ مِنْ مَدارِسِ وِلاياتِ الِامْبِرَاطُورْيَّةِ الرّومانيَّةِ . وَيُشِيرُ البَاحِثُونَ إِلَى أَنَّ مُؤَسِّسَ هَذِهِ المَدْرَسَةِ هوَ الإِمْبِراطورُ ،الفِينيقي الأَصْل، سِبْتِيمُوسْ سِيفِيرْيُوسْ (193 -211 م)وَالَّتِي تَعْهَدَهَا مِنْ بَعْدِهِ أَبَاطِرة مَن أَصِل سُّورِيّ . دَفْع الرّياديُّ لِهَذِهِ المَدْرَسَةِ ،الإِمْبِراطورُ يُوسْتَنْيَانُوسْ لِتَسْميَتِها أُم القَوانينِ ،والمُرْضِعَة لَهَا

شَغَلَ بَابِينُوسْ عِدَّةَ مَناصِبَ هامَّةً فِي عَهْدِ الإِمْبِراطورِ سِيبْتِيمُوسْ سِيفِيرُوسْ زَوْجِ جولْيا دومَنا الحِمَصيَّةَ ، اَلَّتِي حَكَمَتْ رُومَا لَاحِقًا . وَقَدْ كَانَ مُقَرَّبًا مِنْهُ ، وَالَّذِي شَاءَت الأَقْدارُ أَنْ يَقومَ ابْنُ سَفيروس بِقَتْلِهِ . وَجَاءَتْ نِهايَتُهُ فِي أَعْقَاب صِراعٍ مَرير عَلَى السُّلْطَةِ بَيْنَ كَرَاكِلَا وَغيتا، أَوْلاد الِامْبِرَاطُورِ سِبْتِيمُوسْ وَ جولْيا دومَنا ، إِنْتَهَى بِقْتَلِ كَرَاكْلَا لأَخِيه غِيتَا . أَمْرَ الإمْبِرَاطُورُ كَارَاكْلَا بَابِينُوسْ أَنْ يُوَظِّفَ كُلَّ مَهارَتِهِ وَفَصاحَتِهُ فِي سَبيلِ تَلْمُس الأَعْذارِ والتَّبْريراتِ لإِقِّناعِ مَجْلس السِناتِ الغاضِبِ بِشَرْعِية جَريمَتِهِ النَّكْراءِ . وَلَكِنَّ المُفاجاَةَ اَلَّتِي لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُها الِإمْبِرَاطُور، هِيَ رَفْضُ رَجُل العَدالَةِ لِهَذَا الطَّلَبَ، بِرَدَهُ بِشَجَاعَةٍ: "إِنَّ قَتْلَ الأَشِقّاءِ أَهْوَنُ مِنْ تَسْويغِ هَذَا القَتْل" ، وَبَعْدَ إِلْحاحِ الإِمْبِراطورِ بأن يُقَدِم الطُعون لإثْبَات بَرَاءته أَجَابَهُ بَابِينُوسْ "إِنَّ تَسْويغَ قَتْلِ النَّفْسِ لَيْسَ أَسْهَلَ مِنْ اقْتِرَافِ القَتْلِ" ، وَحاوَلَ الِامْبِرَاطُورَ إِقِّناعَهُ بِأَنَّهُ اضْطُرَّ دِفَاعًا عَنْ النَّفْسِ . إلَّا اَنْهُ تَحَدّاه قَائِلًا : " إِنَّ اتِّهامَ قَتيلٍ بَرِيء بِالْقَتْلِ هُو قَتْل لَهُ مَرَة ثَانِية" . فَكَانَ هَذَا الجَوابُ المَشْهورُ السَّبَبَ لِضَيَاعِ حَياتِهِ، فَمَا كَانَ مِنْ الإِمْبِراطورِ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ الجُنودُ المُحيطينَ بِهِ بِقَتْلِهِ ، فَتُقَدِّمَ أَحَدُهُمْ بِبَلْطَةٍ، فَمَا كَانَ مِنْ بَابِينُوسْ إِلَّا أَن يَنْتَهَرَهُ لِاسْتِخْدَامِهِ اَلْبَلْطَةِ بَدَلًا مِنْ السَّيْفِ، ليُقُتِلَ بِالسَّيْفِ دِفَاعًا عَنْ الحَقِّ وَإِظْهارِ العَدالَةِ. وَتَطَرَّقَ المُؤَرِّخُ ادْوارْدْ غَيَّبونَ فِي كِتابِهِ اضمحلال الِامْبِرَاطُورْيَّةِ الرّومانيَّةِ وَسُقوطُها الَّى هَذِهِ المَأْساةِ "لَقَدْ كَانَ إِعْدامُ بَابِينُوسْ مُحْزِنًا وَكارِثَةً عامَّةً تُنْذِرُ بِاقْتِرَابِ إِنْهيارِ الِامْبِرَاطُورِيَةِ".

إِنْجَازَاتُ بَابِينُوسْ فِي مِضْمارِ الحُقوقِ والْقانونِ :
لَقَدْ قَدَّمَ هَذَا الفَيْلَسوفُ الحُقوقيُّ لِلإنْسَانِيَّةِ ، تَشْريعاتٍ شَكَّلَتْ المَصْدَرَ الرَّئيسيَّ اَلَّذِي إِسْتَمَدَّتْ مِنْهُ بِشَكْلٍ خاص الدّوَل الْاوْرُوبِيّة الحَديثَةَ قَوانينَها ،كَفَرَنْسَا ، اِيطَالْيَا ، اَلْمانيًّا وَاسْبَانْيَا . لَقَدْ أَلَّفَ بابينوس تِسع عَشرة رِسَالَة فِي الْمُطَارِحَاتِ القانونيَّةِ وَ ٣٧ مُؤَلَّفًا فِي قَضَايَا حُقوقيَّةٍ، وَكَانَ مِن ضِمْنَ الخَمْسَة فُقَهاء سُورِيِّين (أُلَبّيانِ ، غَايُوسْ، بولُسْ وَمُودِيسْتُوسْ) اَلَّذَيْنِ صَاغَتْ تَشْريعاتُهُمْ ٨٠ بالمائة من قوانين اَلِامْبِرَاطُورِ يُوسْتِنْيَانُوسْ. وَمِن أشَّهِرَ مُؤَلَّفاتُهُ "الأَسْئِلَةُ" "الفَتَاوَى" وَاَلْاَجْوِبَةُ". وَلَقَدْ كَانَ كِتابُهُ "اَلْاَجْوِبَة" مُقَرَرًا فِي مِنْهاجِ دِراسَةِ الحُقوقِ فِي رُومَا. وَلَقَدْ أُدْخِلَتْ ٥٩٦ فِقْرَةٌ مِنْ كِتاباتِهِ فِي موجَزِ يُوسْتِينِيَانُوسْ فِي الْقَانُونِ وَتَرَدَّدَ فِيه اسمه ١٥٣ مَرَّةً . لِذَا قِيلَ فِيه إِنْ التُّراثِ القانونيِّ اَلَّذِي اوَّرَثَهُ بَابِينُوسْ لِلْعَالَمِ فَاقَ مَا أَنَّجَزَهُ رومانيٌّ آخَر فِي مَجالِ الحُقوقِ. وَهَذَا مَا دَفَعَ البَاحِثون لِلْقَوْلِ: كَانَتْ سوريَّةً فِي القَرْنِ الثّالِثِ مِيلَادِي تَعْكِسُ عَلَى العالَمِ تَقاليدَها الحُقوقيَّةَ اَلَّتِي تُعَدُّ مَصْدَرَ الحُقوقِ والتشريعات الرّومانيَّةِ.
تَرْتَبِطُ أَهَميَةُ القَوانينِ اَلَّتِي صَاغَهَا الحُقُوقِيُّونَ السُّورِيُّونَ وَمِن بَيْنِهِمْ “بَابِينُوسْ” لَيْسَ فَقَطْ ، بِتَأْثِيرِهَا الجِذْريِّ الجارِفِ عَلَى القَانُون الرّومانيِّ ،إنَّما بِمُساهَمَتِها فِي تَخْليصِ التَّشْريعِ الرّومانيِّ مِنْ تَقَوْقُعِهِ فِي الْفَظَاظِة والْقَسْوَةِ بِفِعْل تَأْثِيرِ الفِكْرِ الاّنسانيِّ لِفَلْسَفَةِ المَدْرَسَةِ الرّواقيَّةِ الَّتِي أَسْسَها زِينُونْ الفَينيقي وَالَّتِي ارتكزت فِي أُسسِها عَلَى القيَمِ والاخِّلاقِ السّاميَةِ ، وَقَامَ بِتَطْبيقِها الِامْبِرَاطُورُ الفَيْلَسوفُ السّوريُّ الأَصْلُ ،مَارْكُوسْ اورِيلُوسْ .
وَتَحْتَلُّ ا الأَخْلاق المَرْتَبَةَ الأُولَى فِي هذِه الفَلْسَفَةِ . ويتَمَحْوَرَ مَفْهومُ فَلْسَفَتها عَلَى "مَحَبَّةِ الحِكْمَةِ وَمُزاوَلَتِها" ، اِيْ هِيَ كَانَتْ تَشْتَرِطُ تَحْقيقَ الفَضيلَةِ بِالْفِكْرِ والْمُمارَسَةِ. فَاَلْفَلْسَفَةُ فِي تَصَوّرها هِيَ مُمارَسَةُ الفَضيلَةِ. لِذَا دَأَبَتْ لتَطْبيقُ أَسْمَى القيَمِ . واعتبرت فَلْسَفَتُها بِأَنَّ وَظيفَةَ واهِّدافَ البَحْثِ فِي اَلْطَّبيعيّاتِ والْمَنْطِقِ هوَ تَأْسيس وَتَرْسيخ مَمْلَكَةِ الأَخْلاقِ ، والْحِكْمَةُ عَلَى الْإِرْضِ . لقد حَدَدت بأَنّ أَسْمَى الفَضائِلِ الحِكْمَةَ وَالَّتِي تَنْبُعُ مِنْهَا الفَضائِلُ الرَّئيسيَّةُ "اَلْإِسْتِبْصارُ ،الشَّجاعَةُ ،الْعِفَّةُ والْعَدالَةُ " ،كَمَا رَبَطَتْ الفَلْسَفَةُ الرَّوَاقِيَّةِ بِينَ الفَضيلَةَ والسَّعادَةَ ، فَاَلْسَعادَةُ فِي تَصَوُّرِها تنحصر فِي فَضائِلَ عَقْليَّةٍ وَهِيَ " ضَبْطٌ "النَّفْسُ" وَ "الِاكْتِفاءُ الذّاتيُّ" ، وَ "اَلْحِكْمَةُ"
وَإِكْتَسَبَتْ هَذِهِ الفَضائِلُ الثَّلاث صبْغَةً عَقْليَّةً ، لِتُصْبِحَ الفَضيلَةُ عِنْدَهَا التَّخَلُّصَ مِنْ الرَّغَبَاتِ والتَّحَرُّرِ مِنْ الِانْفِعالِ والْغَرائِزِ وَالشَّهْوَاتِ، وَمِن َمنظور فَلْسَفَتِها لَنْ يَسْتَطيعَ أَلْبَشِرُ تَحْقيقَ الخَير الامْثَل لِأَنْفُسِهِمْ، وَبُلوغِهِم ذُرْوَةَ السَّعادَةِ ، إلَّا بِاتبَاعِهِمْ نَهْج الحَقِّ ، وَتَحْريرِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ اَلْاِنْفِعالاتِ وَاَلْنَزَواتِ وَضَبْطِهِمْ النَّفْسَ.

وَمِن السِّماتِ اَلَّتِي تَمَيَّزُ بِهَا فِكْرَ المَدْرَسَةِ الرّواقيَّةِ الدَعْوَة للكوسمبوليس .وهُو مَفْهومٌ أبْدّعه الفَيْلَسوفُ الرِّواقي دِيُوجِينِ والتي إِعْتِقَدَت بَانْ البَشَرُ هُمْ مُوَاطِنُو اَلْعالَمِ وَلَيْسُوا مُوَاطِنِي بَلَدٍ اَوْ مِنْطَقَةً مُعَيَّنَةً. فَاعْتَبَرَتْ جَميع البَشَر هُمْ ظَاهِرة لِرُوحٍ عالَميَّةٍ واحِدَةٍ ،وَلِذَا عَلَيْهُمْ العَيْشُ فِي سَلَام ومَحَبَّةٍ . وَهَذَا مَا اَكَدَهُ الفَيْلَسوفُ الرِّواقيُّ "ابْكْتِيتُوسْ ( ٥٥ ١٣٥م )" فِي قَضيَّةِ عَلاقَةِ الاُّنسانِ مَعَ العالَمِ "كُلُّ إِنْسَان هوَ اوْلَا بِذَاتِهُ مواطِنٌ ، إِلَاّ أَنْهُ اَيْضًا عُضْوٌ فِي مَدينَةٍ كَبيرَةٍ مِنْ النّاسِ ، وَأَنْ الخَيْر الحَقيقيُّ كَامِن داخِلَ الاُّنسانِ وَسَيَتَحَقَّقُ فَقَطْ عِنْدَمَا سَيَتَوَفَّرُ مَبْدَأ الإخوَةِ الإِنسانِية". وَعَبَّرَ دِيُوجِين عَنْ ذَلِكَ بِمَقولَتِهِ "أَنَا لَسْتُ الاَثيني أَوْ اَلْكورْنَثيُّ إِنَّما أَنَا مواطِنٌ مِنْ العالَمِ . وَيُنْسَبُ لِلشَّاعِرِ السّوريِّ "مَلَاغِرْ" مِنْ "غَدّارًا" (تَقَعُ اليَوْمَ قُرْب مَدينَةِ أمِّ قَيْسِ الِارْدِنِيَّةِ ) في تِلْكَ الفَتْرَةِ "إِذَا كُنْتَ سُورْيَا فَمَا هِيَ الغَرابَةُ؟ يَا أيها الغَريبُ إَنَنَا نَقْطَنُ بَلَدًا وَاحِدًا وَهُوَ العالَمُ، وَشَيْءٌ واحِدٌ أَنَّبِتْ كُلّ البَشَرِ. اذَا الْكُوسْمُوبُولِيتِيَّةَ ، اَلَّتِي نَادَتْ بِهَا الرّواقيَّةُ هِيَ مَفْهومٌ يَسْعَى إِلَى رُؤْيَةِ البَشَريَّةِ كَوَحْدَةٍ عُضْويَّةٍ واحِدَةٍ ، وَتُكَرِّسُ الوَلاءَ لِلْجِنْسِ اَلْبِشْريِّ بِأَكْمَلِهِ، وَالَّذِي تَجْمَعُهُ ُهُويَّةُ كُوسْمُوبُولِيتِيَّةٍ، تَضُمُّ عَناصِرَ ثَقافيَّةً مِنْ مُخْتَلِفِ أَنْحَاءِ العالَمِ . وعليه تكون قدْ دَعَتْ هَذِهِ الفَلْسَفَةُ السّياسيَّةُ لِانْتِماءِ كُلِّ البَشَرِ إِلى مُجْتَمَعٍ واحِدٍ، تَرْبُطُهُ مَنْظومَةُ قِيَمٍ اخْلاقيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ.
وَفِي الخِتَامِ عَرَضَتُ أَنَّ هَذِهِ البُقْعَةَ مِنْ الوَطَنِ اَلْكَليمِ سُورْيَا ، قَدْ أَعْطَتْ لِلْعَالَمِ التَّشْريعاتِ والْقَوانينَ اَلَّتِي تُعَدُّ مِنْ مْصَادِرِ الحُقوقِ حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا. لَكِنَّ المُدْهِشَ أَنَّ قِلَّةً قَليلَةً مِنْ السُّورِيِّينَ والْعَرَبِ تَعْلَمُ ذَلِكَ، بَيْنَمَا نَجِدُ الغَرْب يَتَبَاهَى بِمَا قَدَّمَتْهُ سُورْيَا لِلْبَشَرِيَّةِ. وَالمؤسِف تَغْييبُ هَذِهِ الصَّفَحاتِ المُشْرِقَةِ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا اَلْتَليدِ، والأسباب لِهَذا التَّغْييبِ لا مَجالَ هُنَا لِذِكْرها. فَبَابِينُوسُ المُغَيَّبُ فِي شَرْقِنا يَحْظَى بِتَقْديرٍ فائِقٍ فِي الغَرْبِ كَفَيْلَسوفٍ حُقوقِيّ سوريٍّ . إيطَالْيَا نصَبَتْ لَهُ تِمْثالًا شامِخًا أمامَ دَارِ العَدْلِ فِي رُومَا. كَمَا خَلْدَتْهُ الوِلاياتُ المُتَّحِدَةُ بِجِداريَّةِ أَمامِ مَبْنَى الكَوْنِجرَسَ مُعَنْوَنَةً بِاسْمِهِ وَقَدْ كُتِب عَلَيْهَا " مُؤَلِّفٌ لاكَّثِر مِنْ ٥٦ مُؤَلَّفًا فِي الحُقوقِ.

وَبُودَى أَنْ أُنّوِهْ أَنَّ إنجاز. بَابِينُوسْ وَرِفاقِهِ مِن سُوريا لَم يَكُن مَقْصُورًا عَلَى العَصْرِ الرّومانيِّ إِنَّما هوَ إِسْتِمْراريَّةٌ لِرِيَادَةِ المَشْرِقِ فِي التَّشْريعِ وَالَّذِي بَدَأَ بَاوْرَانْمُو إلى حَمورابي إلى القَوانينِ الِاشُورِيَّةَ والْفِرْعَوْنيَّةَ وُصُولًا إِلى مَدْرَسَةِ بَيْروتَ لِلْحُقُوقِ وَالَّتِي شَكَّلَتْ نَواةَ الفِكْرِ الحُقوقيِّ . وَهَذَا مَا يُؤَكِّدُهُ الباحِثُ "بَوْلْ كُولِينِيتْ " فِي بَيْروتَ كَانَ يَتِمُّ صياغَةُ الحُقوقِ الرّومانيَّةِ الجَديدَةِ، مِنْ قِبَلِ جَماعَةٍ مِنْ الفَنيقيّينِ السُّورِيِّينَ هُمْ عائِلَةُ سِبْتِيمُوسْ سِفِيرُوسْ وَمُسْتَشَارِيه، وَيَعْتَرِفُ الغَرْبُ بِأَنَّ القَوانين الرّومانيَّةَ الجَديدَةَ مَدينَةٌ بِبُلُوغِهَا أَوْج الكَمالِ لِفَتْرَةِ حُكْمِ السُّلالَةِ السّوريَّةِ لِعَرْشِ رُومَا (193- 235 م). وَلَقَدْ حَفظَ التّاريخُ إِنْجَازَاتِ أُولَئِكَ اَلْعَظْماءِ كَسوريّينَ، فَوَثِقَها المُؤَرِّخُونَ ، بِأَنَّ سُورْيَا كَانَتْ فِي القَرْنِ الثّالِثِ المِيلَادِيِّ تَعْكِسُ عَلَى العالَمِ تَقاليدَها الحُقوقيَّةَ وَالَّتِي تُعَدُّ مِنْ مَصادِرِ التَّشْريعِ فِي العالَمِ ."



#الياس_خليل_نصرالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رُهابُ (فوبيا) العَيْنِ والْحَسَدِ – تَغْليبُ الخُرَافَاتِ ع ...
- تَأْصيلُ عِبارَتَي اَلْدحَيِّ وَاَلْدحْيَةِ
- التَّلاقُحُ بَيْنَ اللُّغَاتِ
- مرحلة الاتزان
- مرحلة الرزانة
- طقوس وعادات من عَبَقِ الماضي السحيق، ما زلنا نمارسها!
- قراءة في كتاب وليد الفاهوم* -دراسات في الدين والدنيا والإسلا ...
- آراء المؤرخين في نشأة المعتزلة، تّسميتها ومواقفها!
- أسطورة نفرتيتي بين الواقع والخلود
- التخمة بين القمة والقاع في الدولة العباسية
- الولوج الى العتبات الحياتية في قواني امورابي (حمورابي)
- المثقف وأوتاد الثقافة المنفتحة
- نظرة عصرية في ادب ابن العميد
- الحصانة البرلمانية بين الانتهازية والمساواة
- لمحة عن صراع عبدالله اوچلان والنظام الاوردوغاني
- الطب الشعبي في الميزان تعريف الطب الشعبي - التقليدي
- محيي الدين بن عربي، فيلسوفًا ومتصوّفًا!
- بول فيريري وفلسفة التعليم – خلاصات تهمّ مجتمعنا الياس خليل ن ...
- لا إمام سوى العقل!
- موقف الفيلسوف ابن الراوندي من الموت


المزيد.....




- ردًا على ترامب.. المكسيك في طريقها لفرض رسوم جمركية انتقامية ...
- رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضته ...
- شولتس يستبعد أي تعاون مع اليمينيين المتطرفين
- تديره شركة إماراتية.. حقل غاز شمالي العراق يتعرض لهجوم دون إ ...
- كندا والمكسيك.. ردة فعل انتقامية
- عودة 300 -مرتزق روماني- من الكونغو بعد مشاركتهم في دعم الجيش ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تفجير مبان ومقتل عشرات المسلحين في الض ...
- الخارجية الأمريكية: روبيو أبلغ الرئيس البنمي بأن ترامب لا ين ...
- سيدة تلتقي بأطفالها لأول مرة منذ 6 أشهر بعد تحرير قريتها في ...
- مينسك لا ترى أي مؤشرات لنشوب عدوان عليها


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الياس خليل نصرالله - صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا الْحُقوقيُّ السُوري امِيلِيُوسْ بَابِينوس