|
مشهدنا بعد التصحيح
رياض الغريب
الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 05:56
المحور:
الادب والفن
لأني أضع المنفى أمامي وأصدقائي المتخمين به أراني اقلب وجها بلا معنى في المرايا وأستمع لأنين يشبه أنين راحل يتمنى العودة سريعا لدموع امرأة ظلت تراقبه وهو يدس أوراقه بحقائب فارغة قلت لليل هذه ألليلةَ لنحتكم إليها تلك المبجلة بصمتها ورنين فراغها البعيد .. لم تكن معي حين غافلنا الوقت ودس حياتنا بجحيم نحن وقوده ونحن حجارته ونحن الرؤوس التي طلت من خلف سوا تره وطلاسم يده اليسرى كذبة صدقها الكتبة وسماسرة اللغة الفصيحة لم تكن معنا كانت على شرفتها تعد أصابع القمر وتمشط لنجمة بعيدة وتتنهد .. انه المشهد الذي راودني وأنا اعبر أليك بلا ر توش التجاعيد والمرايا معي وقصاصات أتعلم منها كيف أمحو هتافه وأناشيده ومذياع بياناته وأصوات مطربيه وشعراءه ومريديه والملثمين من بعده لنتوقف عن الحديث عنه انها حياتنا ولانحتاج لمنفى لننسى او لنكون اكثر اشراقا نحن قاعدون هاههنا ومقابل الشط ثمة اصوات تتحرك وعجلات في طريقها إلى الغروب وعيون سماسرة تراقب المشهد... انه المشهد مشهدنا ونحن نغلق الابواب دوننا ونقول هيت لك ايها الخوف مشهدنا ونحن نحمل العربات بما تبقى من عيون اقمارنا مشهدنا ونحن نثمل بالسر ونشتم بالعلن ونغوص إلى باطن الحكمة وحدنا مشهدنا ونحن نشتم بعضنا واحيانا نقتل بعضنا واحيانا نقبل بعضنا انه مشهدنا مشهدنا الذي وقفنا فيه نبتسم للكامرة ونحن ندفن شعر نجمتها البعيدة مشهدنا الذي نريد ولانريد نرفض ونقبل خارج المشهد مشهدنا الدامي مشهدنا الاخضر في الشمال مشهدنا المحتقن في الجنوب مشهدنا الذي يشبه الصراخ والصمت والفراغ والانين والدموع والمناديل التي تلوح مشهدنا الذي تخلص منه الجميع سوانا مشهدنا المفزع المقزز المروع المتهالك على مقعد ارواحنا لتكن انت معي ماشاء ليل الليلة لمشهد بلا كاميرا لأني اضع المنفى أمامي يقول صديق لي حين وصلت المنفى اجلست انثى الطريق على مصطبة المشهد فرأيت دموعها تقفز خارج الحديقة وتقول ياللجحيم انه جحيمنا الذي تحدثت عنه انه الخوف الذي ورثناه من كل خطواتنا لذا راح صديقي يستدرج الفرح الطافح في منفاه ويجمع في سلته تفاح المعنى ليكتشف الطريق إلى جنته خارج جحيمنا ليقول لي انكم آمنون بدوننا لتغلقوا ابوابكم وأحلامكم دوننا فنحن ذاهبون إلى حيث يذهب القمر وتنام النجمة البعيدة سنعيد ترتيب وجوهنا بلا رتوش صديقي يكثر من كتابة الرسائل وحين لاتصله منا سوى القصائد يعلق على باب المنزل نحن خارج المكان من فضلك اترك الاشياء خارجآ لتبقى صورنا ونحن نبتسم للمارة وهم يهمسون ياللجحيم جحيمنا الذي نرضعه لاطفالنا قبل الوصول.... صديقي أغتسل بماء المنفى وتخلص منا تماما مثلما نحن نغتسل بمذياعه صباحا بأناشيده مساءآ بملثميه في كل وقت (لينغي لينغي اعتقد بأن الامر قد وقع ) * لكن الامر لم يقع وظل جحيمنا يوم هنا وهناك الف مرة ونحن نودع زهرات العمر نراقب المشهد الذي لاينتهي وصديقي يفكر كثيرآ بنا لكنه لايتحدث عنا للاخرين لأننا نشبه الجحيم ويخاف أن يرى دموع النساء في المنفى وهمهماتهن وهن يقولن له : oh…my god يا ألهي الذي في السماء لتكن رسائلنا هنا مثلما نحن هنا بلارتوش ليكن مشهدنا طبيعيآ بلا الوان اسود وأبيض ابيض واسود حتى يرانا صديقي اكثر وضوحا ونرانا مثل البلاد خفف الوطأ ماأظن اديم الارض الا من هذه الدماء او من بقايا انفاس وامنيات خفف لعلنا نهتدي له لنسأله ترى كيف كان يرى لون الارض قبل انهيار اللحم على وجه الاس او على حافة الرصيف . الدمع منفلت والانين خفي والروح بين يديك قفي ماكنت استدرج الاهات لك لكنها هي الان بين عينك رصاصة ملثمة من اصابع دعي دعي المركب يمضي دعي الموتى ينامون ماعدنا كما ترغبين نطارح الاشواق في اخر الليل ونمنح الانفاس للقمر الذي يراقبنا وهمنا بلد اخضر ترقص فيه الانوار والضحكات توهمنا بهذا وركضنا إلى دجلة نحتضن الصغار وكنت من خجل تقولين الناس والناس تركض صوبنا بقلوبها تخفق الافراح يالحلمنا كم توهمنا لم نكن نعي ان الرصاص ابن عم جارنا الصامت غريبنا الناسج قتلنا في الفراغ اتدرين كيف رأيت الرصيف والشارع يغرق بهم .. بنا كومة من الأحلام تغرق فوق بعضها وتمد الأصابع لتلوح لمركبنا وداعا وداعا أيتها الشمس والحبيبات والأس يبكي أنا احبك ومن خوفي عليك أقول تعال نضع العمر جانبا والمرايا على سطح الغرام والتجاعيد على حبل الأولاد ونفترش الحديقة إنها ليلة صيفية باردة والعراق كما تعرف يا حبيبي شمسه تحرق الروح فدعنا نستغيث ببرد الليلة ونمسك البداية في البداية ونستدرك ما خبأه الورد في أقصى المدى ونرى هل كان في وسن الشجيرات كل هذا الألم أنت لم تكمل لقد قلت الرصيف وكومة أحلام وبكيت لم تكمل ما يحدث لنا لهم في الطريق وفي الساعة الأولى من الفجر لم تكمل ولن تكمل لأنك رأيت الاس في وجه الراحلين وشممت رائحة ماء الورد والأصوات ورأيت كيف يغسلون ما تبقى وما تبقى سوى الرصيف . بباب المستشفى رأيت امرأة تبحث عن ابن لها وأخرى تبحث عن ابن لها وأخرى تبحث عن ابن لها وأخرى وأخرى وأخرى وكأن الأمهات تجمعن ليبحثن عن قبر واحد يجمع كل أبناء البلاد ورأيت أمي في آخر النساء تلوح لي لانها اطمأنت على حالي .. وحالي على ما يرام والحمد لله .. فتركتهن لباب المستشفى ولثلاجة الموتى وليطمأن القاتل فهن بأحسن حال والحمد لله .. باب المستشفى مثلي شاهد ربما سيأتي المصور وتجمعنا صورة للذكرى مع الجنائز والعجائز ورائحة الاس ومن خلفنا ثمة من يبتسم... وليبتسم سيكون القادم بيننا وحين يلمحنا ونحن نودع الزهرات سيكتب على لوح الجدار هنا تكمن رائحة الورد وهناك رائحة عفنه ويشير إلى المبتسم ... وأنت تلهث في العراء وراء عيون تحدق في رمل القدمين وأنت منهم مثقل بالهموم وأنت منهم غارق بدمع الأمهات في مقبرة النجف القريبة منك تسمع في المساء الأغنيات التي تنحر قلبك .. قربك الأراجيح تحلق بالضحايا ببقايا قميص ملون ذهبت تحضره من الحبل الجميع مستسلمون لنوم الظهيرة ,, على الرصيف المقابل لحديقة ( النساء) نساء يلطمن على ما تبقى من الوجوه ونساء عاريات من الروح التي أذابها الذباح لخمسة أولاد - لم يصلها سوى صورة لهم وهم في ثلاجة مستشفى ( المحمودية) - قالوا لها انهم حرس وطني .. والحرس الوطني يتحمل شمس البلاد ونار الذباح المتمرس برؤية الجثث المنحورة .. وقالوا لها لم نشأ إحضارهم دفنا موتانا وعدنا ننتظر مصور الجزيرة كي يصور ثديك المتيبس وهو يعاتب تنور ( الزهرة) - زهرة تتفتح في قلوب موتانا وتشرأب من القبر لعيون القادمين من أقصى الرمل مفخخين نشير ببياض أطفالنا صباح الطريق الملثم بعيونهم - الله اكبر والعصافير عادت إلى أشجارها كي تتشاجر ببراءة أو تشارك في نواح الأرامل في المساء وانين الأطفال على الآباء الغائبين ونخاف إن نقول لهم إن انفجار في الطريق غيبهم هذا المساء ونخاف إن نعقد صفقة مع السلام المخبأ تحت ثياب القنبلة ونخشى البلاد ونأمل أن يطل علينا المذيع ويبتسم ليقول - انتهى كل شيء عودوا إلى المقهى - سيكون هذا المساء صحوا والغيوم ولت هاربة تمتعوا بالنسيم قرب الجبل والجبل هو الاخر مفخخ بالجنوب ونحن نمنح المذياع والتلفاز اغلب أوقاتنا عاطلون نتابع نشرة الأخبار وربطة عنق السياسي وجثة الجندي على قارعة الطريق وننتظر الخبير بشؤوننا إن يتحدث عنا ونحن نفتح افواهنا ونقول( والله يفتهم)ونتبجح في المقهى ونكرر مثل الببغاء ماقاله الرجل والرجل ينتظر ( الجزيرة) إن تحرر ما سيقبض خلف الجدار وينام مطمئنا لينفجر احدهم في مقهى يعج بنا نحن العاطلين نراقب فم السياسي وننتظر المفخخ بفارغ الصبر نامي جياع الشعب نامي منحتك شارة النصر والاحلامِ نامي فقد مر النسيم وما عليك سوى شد الحزامِ لتنقطعي ويكون كلكامش آخر من مر بك ليبحث في غابة الأرز عن وهم ينال منه ويعود إليك لتستيقظي من خدر المذيع ونشرة الأخبار والصحف التي تراهن الآخر والآخر يرزم بالحقائب ليرى الثلج من جديد .. عامان لم ير فيها غير وجوهنا المعصورة في المرايا وأغانينا التي تشبه المقبرة عد يا صديق الثلج عد وعلى أطراف الأصابع كم ربحت عد نحن خسرنا العمر وأنت لم تخسر سوى أيام البلاد لنا النخل نخلنا سننتظر الرطب - واذكروا الله عند المساء فإذا انتهيتم انظروا في مرآة السماء .. هل الرؤوس التي تحت أقدامكم دموعنا التي سقطت على البلاد قرب دجلة مسكت يدها وهي تغني اغاني( محمد جواد اموري) وتحدثني عن بغداد وكانت الظهيرة قاسية فأكلنا تمرا وشربنا لبنا كرديآ لنطفأ اللهب قالت – انظر هناك لم أر غير رؤوس تتساقط في الأفق ودموع عاشقات والله بريء مما يفعلون هكذا قالت عجوز في الحلة وهي تزيح بقايا اللحم البشري العالق بوجهها عند منتصف الليل ينزل القلب إلى الشارع وحيدا وحزينا من جديد مرة رأى أما هائمة قرب الشط قالت- أعوذ منك بكل أحبتنا في الجنوب وبأسماء المنحورين على الأسماء فقال لها- لم يقل غير انه يتذكر انه تمتم حين عاد يوسف لا تقصص رؤياك على وطن خبأ الموت في الطرقات وفي حقائب إخوتك الملثمين تحت ظلهم ينام الظلام يوسف لاتحبو لشمس لن تسجد والمدى مفخخ بالعويل والأرامل صوتهن يملأُ أيامنا بالسواد بكينا كثيرا على مقابرنا وتخيلنا قيامة الموتى لتمسح صمت عرينا وذلنا الصارخ فينا لكننا عدنا نناديك يوسف لا تضحك وتعلم هتاف الذئب والذئب يتنزه في هواء الصباح ويأكل ما يشاء من القرى أنيابه في لحم مفترق نراك تحبو أليه وحيدا وتتلعثم شهقة الشجر المحترق تعلم من درسك الأول في السقوط ,, انك لم تسقط في بئر الحروب وحيدا كنا معا نمرن الإخوة على تفخيخ ذئب في طريق القوافل وفي عيون الرمل وهتاف موتى الرحلة .. تذكر جيدا صوتهم وهم ينادونك يوسف تعال نلعب وتحبو مبتسما ببراءة الصبح والأنهار والقبب الملونة ورماد البيوت وسواحل الأحلام المليئة بالعطر وبكل بنفسجة تلوح في ذاكرة التأريخ الذي هو دمك الكذب على جدار تلطخ بالأحمر ولحم يوسف ... يوسف.. يا يوسف لا تلعب ويوسف يلعب في الطرقات والطريق انفجار في اركَيلته ثمة رائحة تتجول بين الجالسين - اراد احدهم أن يزيح فكرة راودته لكنه ابتسم للمصور وهو يحاول إن يجسد لحظة( حلية) في البداية عصفور في غرفة مقفلة الصياد يكرر قولا لا يفقهه العصفور تعال هنا تعال هنا وهنا مصيدة مفخخة وأصابع تشير إلى المصور تقول الأخبار الواردة من بغداد إن شاعرا كربلائيا قتله ملثمون قرب اللطيفية والأخبار لا تكذب لان المراسل العراقي له يد في ذلك والشاعر هذا لديه حفيدٌ ينتظر قدومه بلعبة لأنه استلم مرتب الجريدة ... والجريدة تعلن في صفحتها الأولى موته وتنشر صورة لانفجار في الاعظمية وتحت الصورة عنوان بارز شاعر عراقي يغادرنا
#رياض_الغريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منكسر ومتجعد في مراياه
-
مناديل اليتامى
-
شاعر
-
نزهة
-
لم يبق لي شيء سوى حياتي
-
هذا ليس بالاعلان الدعائي
-
متاحف الرؤوس
-
الديوانية
-
انتظار
-
حياة
المزيد.....
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|