علاء عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 7157 - 2022 / 2 / 9 - 08:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في مرحلة هي من أحرج المراحل التاريخية، تناضل المرأة العربية في دمشق و بغداد و طرابلس و صنعاء و بيروت، تناضل من أجل كسرة أو من أجل شربة ماء تناضل من أجل حليب أطفال لكي تطعم و أطفالها ، تبحث عن الدفئ بعد أن فشلت مسارات السلام في و قف الصراعات الداخلية.
إن مصطلح تمكين المرأة السياسي يشيرإلى تقوية النساء في المجتمعات المعاصرة، وقد أصبح هذا المفهوم موضوعًا هامًا للنقاش خاصة في الدول النامية و أصبحت هذه المجتمعات بحاجة ملحة لتحرير المرأة في مجالات التنمية والاقتصاد. ومن الممكن أيضًا أن يشير مفهوم التمكين إلى ارتقاء المرأة بمسؤولياتها الوطنية في سياقٍ اجتماعي أو سياسي معين.
ان المرأة العربية وفقا لنظرية الدور تعتبر من أكثر فئات المجتمع تعرضا للصراع ،فهي في إطار الأسرة إبنة وأم وزوجة ، إلى جانب ذلك ربما تكون موظفة ونقابية وبرلمانية ووزيرة. وهو ما يؤدي إلى إختمار الصراع لتحقيق التوازن بين مهامها المختلفة.
و ربما يري البعض أن إرهاصات العمل السياسي منوط بالرجل فقط ولكن نتائج السياسة السالبة أو الموجبة تقع وطأتها على شريحة النساء شراً أو خيراً. فالحكومة ترسم سياسة البلد في الحرب والسلم وتضع الخطط الإقتصادية والتعليمية والصحية ، والمرأة كربة أسرة وكفرد فاعل تمثل 50 في المائة من المجتمع وهي مسؤولة عن رعيتها، تؤثر وتتأثر تأثراً واضحاً بهذه السياسات. والمرأة بطبيعتها تميل إلى الأمن والإستقرار الأسري وتحرص على سلامة كل أفراد الأسرة ولكن لم يتاح لها المجال لوضع السياسات الراشدة والرائدة لقيادة المجتمع.
دور المرأة في النشاط السياسي المعاصر:
أدي التطور الثقافي المقترن بأدوات العولمة إلى تنوع النشاط السياسي في زماننا على شكل برلمانات نيابية ومجالس تشريعية ومجالس شورى، بالإضافة إلى مجلس الوزراء والولاية العامة للدولة، ولعل الرأي الفقهي في تولية المرأة أي من هذه المهام شبه ضعيف ولا يعتمد على نص قانوني صريح يمنع المرأة من ممارسة هذا النشاط أو تولي هذه المناصب. لكن المرأة في الزمان الماضي كانت في درجة متدنية من المعرفة والتعلم والثقافة، ولا ينفي ذلك وجود نساء نابغات وملكات ومحنكات في كل زمان ومكان.
ولعل إنشغال المرأة العربية بمهامها الأساسية والمتعلقة بالأمومة ورعاية الأطفال تنأى بها بعيداً عن تمكينها السياسي . برغم أنها اكتسحت جوانب الحياة المختلفة الاقتصادية و الاجتماعية ، وقد أحرزت نجاحاً باهراً في كل مجال طرقته مع الوعي التام والإدراك العميق لكل مجريات الأمور أنها تستطيع أن تتولى أعلى المناصب و تحقق التمكين السياسي.
المشاركة السياسية للمرأة العربية:
لقد ساهمت المرأة العربية في السياسة الداخلية مساهمة قوية وفاعلة، فقد شاركت القيادات المتعلمات إخوانهن الرجال في مقاومة الاستعمار بكل السبل حتى نيل الإستقلال مثل الجزائرية (جميلة بو حيرد) ، وقد تقلدت المرأة العديد من المناصب السياسية على سبيل المثال لا الحصر، وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن أو الوزيرة أمال عثمان في مصر، و كذلك وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي ، و إضافة لعضوة مجلس النواب الأردني : توجان فيصل ،والناشطة الحقوقية اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام: توكل كرمان.
و في ذات السياق لا يمكن أن ننسي دور المرأة في الثورات العربية فقد كانت قصب الرمح النابض في تأييد ودعم الثورة حين أحيت شعيرة المقاومة ودفعت بفلذات كبدها إلى ميدان النضال بحثاً عن الحرية .
إن ثمًة قصوراً لا بد من الإعتراف به، إذ أن نسبة اشتراك المرأة في الجولات التفاوضية نسبة ضعيفة جداً، إضافة إلى مشاركتها كمراقبة فقط بدلاً من أن تكون مفاوضة أساسية تجلس في مائدة التفاوض.
أما الاجراءات التي يمكن أن تُساعد على تمكين المرأة
يوجد العديد من الإجراءات التي يجب اتّباعها للمساعدة على تمكين المرأة، ويُمكن تقسيمها إلى مجموعتين كالآتي:
إجراءات تقوم بها الدولة: يكون تمكين الدولة للمرأة من خلال اتخاذ الإجراءات الآتية:
-إنشاء آليات تُساعد المرأة في المجتمعات على المشاركة على قدم المساواة وبشكلٍ عادلٍ في جميع مجالات الحياة العامة سواءً العملية أو السياسية، إضافةً لتمكين المرأة من التعبير عن احتياجاتها.
- القضاء على كلٍّ من الأمية، والفقر، والمشاكل الصحية لدى النساء، ولتحقيق ذلك يتمّ تعزيز إمكانيات المرأة من خلال تنمية مهاراتها وإتاحة فرص لها في التعليم والعمالة.
- اتباع مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تُمكّن المرأة من الحصول على دخل مناسب، واعتمادها على نفسها اقتصادياً، إضافةً إلى دعم المرأة من أجل وصولها إلى أنظمة الضمان الاجتماعي على قدم المساواة مع الرجل.
- القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة.
- القضاء على مجموعة من الممارسات العنصرية الممارَسة ضد النساء من قِبل أصحاب العمل، مثل إلزام المرأة بإثبات استخدام موانع للحمل كشرط لحصولها على الوظيفة.
- استخدام مجموعة من التدابير المناسبة كاللوائح والقوانين التي تُراعي الجمع بين أدوار المرأة المُتمثّلة في الإنجاب، والرضاعة الطبيعية وتربية الأطفال، إلى جانب المشاركة في القوة العاملة.
إجراءات يقوم بها الأفراد: للأفراد دور مهم في زيادة تمكين المرأة، ويكون ذلك من خلال اتّباع الإجراءات الآتية:
- دعم الفتيات والنساء في الأزمات الي يتعرّض لها عدد كبير من الفتيات لأشكالٍ مختلفةٍ من سوء المعاملة؛ كعمالة الأطفال، أو الزواج المبكّر، لذا من المهم حمايتهنّ بعدّة طرق؛ كالتعليم، والرعاية الطبية، وتقديم القروض التجارية، وغيرها من المساعدات.
- مساعدة النساء على الاستثمار: يُمكن مساعدة النساء المجتهدات والطموحات على إنشاء الأعمال التجارية أو توسيعها من خلال توفير قروض بسيطة لهنّ تُساعدهنّ على تحقيق ذلك.
- تشجيع تعليم الفتيات: عندما تتلقّى الفتيات التعليم الثانوي فذلك يُساعدهنّ على تأمين مستقبل أفضل، بسبب زيادة قدرتهنّ على رعاية أنفسهنّ وأطفالهنّ، وزيادة قدرتهنّ على التفاعل الاجتماعي، وغيرها من الأمور.
وختاماً فأن المردود الإيجابي للتمكين السياسي للمرأة لم يرق إلى أن تتمكن المرأة العربية من ممارسة دورها و تقديم صورة حضارية للمجتعات الغربية ولم تكن الحالات السابق ذكرها سوي حالات فردية قليلة لم ترتق إرهاصاتها لظاهرة جماعية عربية حيث ظلت العادات و التقاليد الموروثة قيداً يكبل تحرر المرأة العربية كما أن الأمية تزيد من عزلتها الدولية لذلك فإن المرأة العربية بحاجة ملحة إلى التمرد على الموروثات التاريخية من العادات و التقاليد و أن تقفز على المسلمات العقائدية المتطرفة . ولتحقيق ذلك يجب التسلح بالعلم و القراءة للإرتقاء بمكنونانتها الفكرية. فمازالت مشاركة المرأة العربية السياسية خجولة و دون المستوى، على الرغم من التطور الذي شهده وضع المرأة العربية مؤخراً في مجالي الصحة والتعليم،لكن لم تقترن هذه المكاسب بإنجازات مماثلة في مجال التمكين السياسي. وحصة المرأة في المشاركة في الحياة العامة والسياسية في المنطقة العربية هي من بين أدنى الحصص في مناطق العالم. على أرض الواقع توجد فجوة كبيرة جداً بين نصوص القرارات و الممارسة الفعلية وبين واقع تمكين المرأة العربية سياسياً. ففي الوقت الذي تحاول الدول العربية أن تلبي في دساتيرها متطلبات التوجهات والقرارات الدولية، هناك على صعيد الممارسة تفاوت كبير بين جوهرهذه التوجهات والواقع التمكيني السياسي للمرأة العربية، وصولاً إلى استراتيجية فعالة تتمحور حول كيفية جعل حركة المرأة السياسية جزءاً لا يتجزأ من الأنشطة اليومية بحيث تأتي معبرة عن إفراز طبيعي لتطور المجتمع، إذ إن ممارسة المرأة دورهاالسياسي هو ضرورة وطنية وقومية وإنسانية تتطلب توافر الإرادة السياسية الداعمة لوصول المرأة إلى البرلمان و الحكومة وتقديم الدعم لكل مبادرة ترتقي بمسؤليات المرأة الوطنية و أهمها التمكين السياسي للمرأة كمحور للإصلاح السياسي في الدول العربية، وستظل حقوق المواطنة مغيبة إلى أن تستعيد المرأة حقوقها المفقودة وأهمها المشاركة السياسية التي تعتبرناقصة نقصاناً فاضحاً وبها عوار إذا لم تتمكن النساء تماماً، من الممارسة الفعلية وليس في النصوص القانونية فقط.
وهي بادرة هامة في إصلاح الأوضاع السياسية في العواصم العربية.
#علاء_عبد_الحميد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟