شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7154 - 2022 / 2 / 6 - 00:16
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 736 ، 31 جانفى 2022
https://revcom.us/en/mafia-logic-us-sanctions-against-russia
و نحن ننشر هذا المقال ، يستمرّ الوضع المتوتّر حول أوكرانيا بين الولايات المتّحدة و حلفائهات من جهة و روسيا من الجهة الأخرى (1) . في هذه اللحظة ، يبدو أنّ إستراتيجيا الولايات المتّحدة تقوم بالأساس على معارضة تحرّكات روسيا بواسطة العقوبات الإقتصاديّة . و النزاع الأساسي هو حول أيّ من القوّتين الإمبرياليّتين – الولايات المتّحدة أم روسيا – ستهيمن على المناطق و البلدان المفاتيح لأوروبا الشرقيّة .
لقد قال لندسى غراهام الجمهوريّ – الفاشيّ للقناة الفاشيّة فوكس " نيوز " إنّه على الولايات المتّحدة أن تفرض على روسيا " لإنتهاكها النظام العالمي بجهازها العسكريّ وليس لقيامها بغزو ".( لاحظوا : ليس فحسب في حال قيامها بغزو وإنّما ببساطة عقاب روسيا بسبب جهازها العسكري – و هيمنة الولايات المتّحدة تقدّم بصيغة تخفيفيّة على أنّها " النظام العالمي" ). و لا يترك الديمقراطيّون المجال لتخلّف أحد في المطالبة بالعقوبات حتّى مع وجود إختلافات بالذات بشأن متى و كيف تُفرض هذ ه العقوبات . و السيناتور الديمقراطي بوب مننداز ، رئيس لجنة العلاقات الخارجيّة بالكنغرس ، قال إذا هاجمت روسيا أوكرانيا ستواج " أقسى العقوبات " .(2)
ما هي هذه العقوبات ؟
تقدّم وسائل الإعلام ( التابعة للطبقة الحاكمة ) العقوبات على أنّها طريقة إنسانيّة عيارها دقيق و لا تمييز فيها غايتها عقاب قائد روسيا ، بوتين و الجيش الروسيّ . و على نحو غاية في الضرر ، تفعل الشيء نفسه أصوات لها تأثير في وسائل الإعلام " الليبراليّة / التقدّميّة " . فقد جاء في إفتتاحيّة " الديمقراطيّة الآن ! " في 26 جانفى " قال الرئيس بيدن يوم الإثنين إنّه سيفكّر شخصيّا في عقوبات ضد رئيس روسيا فلاديمير بوتين لتسبّبه في توتّرات متصاعدة بشأن أوكرانيا "( التشديد مضاف ) . و في ذات الإفتتاحيّة لم يشيروا البتّة إلى الطبيعة الفعليّة للعقوبات أو العذابات الجماهيريّة التي ستُفرض على الشعب الروسيّ . و صوّر مقال لمركز التقدّم الأمريكي ، وهو مكتب دراسات عليا للفكر الليبرالي له " تأثيره "، هذه العقثوبات على أنّها عقوبات ضد " أوليغارشيّة المكدّسة للأرباح الضخمة " و ضد " المتسامحين مع السرقة " . و شدّد على أنّه من الحيويّ " توضيح أن العقوبات تستهدف بوتين " و إستبعد خطر نشوب حرب .
لكن وراء كلّ هذه التعمية تكمن قصّة قصيرة : إعتبارا للدور الهيمني الذى تنهض به الولايات المتّحدة في العالم إقتصاديّا و عسكريّا ، حكّام الولايات المتّحدة في موقع فرض يخوّل لهم فرض العقوبات التي تخنق قدرة أمّة على البيع و الشراء في السوق العالميّة . و في عالم اليوم شديد الإندماج ، هذا يعنى جعل حياة الناس في الأمّة المستهدفة جحيما لا يطاق .
العقوبات تتسبّب في القتل :
لنقلي نظرة على مثال على ذلك . لعقود إستخدمت الولايات المتّحدة العقوبات ضد إيران (3) و كانت التبعات مدمّرة . و مثلما جاء في تقارير موقع جريدة " الثورة " على الأنترنت revcom.us ، عقوبات الولايات المتّحدة عرقلت السير العادي للإقتصاد الإيراني مانعة إيّاه من تصدير و إستيراد السلع و عاقبت البلدان الأخرى التي رغبت في الإستثمار في إيران أو إقامة مبادلات تجاريّة معها . فإرتفعت نسب البطالة و التضخّم المالي بشكل جنونيّ و حُرمت إيران من تصنيع أو إستيراد الأدوية و التجهيزات الطبّية التي هي في حاجة إليها . و في حين كان يتوقّع تخفيف هذه العقوبات ، إشتدّ الإنعكاسات الفظيعة للعقوبات مع إنتشار وباء كوفيد و قد ورد في تقرير لجريدة " النيويورك تايمز " ، " في حال حدوث ذلك ، ستضاعف الولايات المتّحدة فرض عقوبات جديدة أخرى " تحول دون توفير الأدوية و التجهيزات الطبّية بما فيها أجهزة التنفّس التي تمثّل إلى وقتنا الحاضر بالنسبة للعديد من المصابين بكوفيد مسألة حياة أو موت . (4)
و نعثر على مقال آخر عن العقوبات مؤرّخ في 29 جانفى في جريدة " النيويورك تايمز " و قد حذّر من أنّ العقوبات " قد تتسبّب في تضخّم ماليّ حاد و إنهيار في السوق الماليّة و أشكال أخرى من الإضطرابات الماليّة التي ستتسبّب في أضرار للشعب [ الروسي ] - من أصحاب المليارات إلى موظّفى الحكومة ، إلى أسر الطبقات الوسطى ". و قد أضاف المقال أنّه " بالنسبة إلى الروسي المتوسّط ، أقسى إجراءات الولايات المتّحدة قد تعنى المزيد في ارتفاع الأسعار في المواد الغذائيّة و في الملابس و بشكل أكثر دراماتيكيّة ، قد تتسبّب العقوبات في تخفيض حاد من قيمة الروبل [ العملة الروسيّة و إنهيارها سيخرّب إن لم يقضى على إدّخارات الجماهير لسنوات ] و في إنهياره هو و الأسواق الروسيّة " .
و لنكون واضحين ، لم تكن جريد " التايمز " تنثر هذه التحذيرات من منطلق إنشغالها بحياة الجماهير الشعبيّة الروسيّة بل كانت تنثرها لتشير إلى الطرق التي يمكن للعقوبات أن تؤثّر عكسيّا على مصالح الولايات المتّحدة . لكن الواقع يفوح الذى يفوح منها هو أنّ العقوبات ستتسبّب عمدا في تجويع الجماهير و في نقص في توفير الرعاية الصحّية و في كوارث إجتماعيّة لعدد كبير من غير المقاتلين – مدنيّين و أناس عاديّين – بمن فيهم الروسيّين الذى يعيشون في الوقت الراهن حياة " الطبقة الوسطى ". (5)
منطق المافيا الكامن وراء العقوبات ضد روسيا :
يعلم حكّام هذه البلاد و موظّفوهم جيّدا جدّا أنّ الخطاب الإنسانويّ " المناهض للسرقة " الذى يروّجون له لوصف العقوبات ضد روسيا ليس سوى هراء . و قد ظهر هذا مثلا في " خلفيّة نداء صحفيّ لموظّفى الإدارة القدماء بشأن الإجراءات الاقتصاديّة الردعيّة ضد تهجّم روسيا على أوكرانيا " حيث عرض الناطق الرسميّ باسم بيدن أجندته لممثّلى وسائل الإعلام السائدة التي تمّت دعوتهم : " تدرّجيّة الماضي إنتهت و هذه المرّة سنبدأ من قمّة سلّم التصعيد و نبقى هناك . و قد بذلنا جهودنا للإشارة إلى هذه النيّة بوضوح كبير . و سأقول إنّ غرق المبيعات في الأسواق الروسيّة و ارتفاع تكاليفها و إنخفاض قيمة العملة و خطر نقص في تموين هذه الأسواق تعكس حدّة الإنعكاسات الإقتصاديّة التي يمكن و سوف نفرضها على الإقتصاد الروسيّ في حال الإقدام على مزيد الغزو.(6)
... سبب أنّ العقوبات فعّالة هو أنّه إذا قطعنا خطوة إلى الوراء و نظرنا إلى الهيمنة العالميّة للولايات المتّحدة – أسس برامج الحواسيب و التكنولوجيا و الأجهزة و السيطرة على خيارات التصدير ، التي نأخذها بعين النظر نحن و حلفاؤنا و شركاؤنا ستوجّه ضربة موجعة للطموحات الإستراتيجيّة لبوتن الرامية إلى تصنيع إقتصاد روسيا ... جميع الخيارات وضعناها فعلا على الطاولة و نحن متّحدون مع الحلفاء و الشركاء لنفرض بتصميم عقوبات قاسية على روسيا في حال غزوها أكثر لأوكرانيا ". (7)
هذا ليس سوى خطاب مافيا . إنّه منطق قطّاع طرق يستخدمون قبضتهم المفروضة بعنف على الاقتصاد العالمي و الذين يحسبون كيفيّة تركيع منافسهم و جعله يجثو على ركبتين ب " سيطرتهم العالميّة " على التكنولوجيا و المسالك الإقتصاديّة التي تربط العالم معا . هذا يساوى قولهم إنّهم سيستخدمون الموقع الهيمني في العالم الرأسمالي – الإمبريالي ليغلقوا منافذ و مخارج مسالك التوصّل إلى المواد الغذائيّة و الأدوية و النقل و المواصلات للتمكّن من تسيير إقتصاد في عالم اليوم .
الإرهاب محدّدا موضوعيّا يستهدف عن وعي مدنيّين أبرياء بعنفه و عذاباته و غايته تحقيق هدف سياسيّ . و عقوبات الولايات المتّحدة جرائم حرب إرهابيّة وهي ليست إلاّ جريمة من جرائم لا تتوقّف ضد الإنسانيّة لا يمكن أن تظاهيها أيّة قوّة على وجه كوكب الأرض . (8)
هوامش المقال :
1. For more on possible scenarios and dangers, and the hypocrisy of the U.S. stance, see our previous coverage: As U.S. Rulers Debate Response to Russia in Ukraine: IT’S NOT “OUR” EMPIRE and Mounting War Danger, Uncertainty, and World-Class, Jaw-Dropping, Head-Spinning U.S. Hypocrisy Over “Spheres of Influence.” For background on the origins and nature of Russia’s moves in relation to Ukraine, see Ukraine and Kazakhstan: Crises, Volatility and the Danger of War on the Russia Border.
2. Menendez is consciously making a play on words with a reference to the world’s largest-ever non-nuclear bomb, nicknamed MOAB, the “mother of all bombs,” which Trump dropped on Afghanistan (see Trump s New Afghan Strategy: Piling Horrors Atop 16 Years of Horrors). And, in the process, providing a “tell” as to what the actual and intended impact of sanctions will be.
3. Iran is an oppressed nation and Russia is an imperialist country, and the specific objectives of U.S. sanctions are different in relation to each of them, but the terrible suffering U.S. sanctions have created in Iran also reflect the nature and impact of sanctions wherever and however they are applied. And despite being an imperialist country, Russia is very dependent on imports. For example, even with major Western drug manufacturers setting up facilities in Russia, the country produces no more than 15 percent of the required components for medicines it needs and is heavily dependent on buying those medicines from the West with money received in payment for energy exports that could be choked off by sanctions (see Russia’s import substitution: Effects and consequence).
4. See Medical Terrorism—American Style: U.S. Sanctions and Military Threats Escalate Iran’s COVID-19 Death Toll and Threaten the World. The New York Times article cited acknowledges that “The United States frequently reiterates that the sanctions exempt the sale of medicine and medical devices. However, American secondary sanctions on financial institutions and companies that do business with Iran have made it nearly impossible for Iran to buy items like ventilators to treat coronavirus patients.” For a personal account of the impact of sanctions on Iran, see My Life in Iran Under Sanctions.
5. See U.S. Sanctions Aimed at Russia Could Take a Wide Toll. This New York Times article basically weighs in in support of Biden’s strategy, which it characterizes this way: “President Biden has said he will not send American troops to defend Ukraine. Instead, U.S. officials are trying to devise a sanctions response that would land a damaging blow against Russia while-limit-ing the economic shock waves around the world—including in the United States. Officials say that for now, the Biden administration does not plan to target Russia’s enormous oil and gas export industry doing so could drive up gasoline prices for Americans already grappling with inflation and create a schism with European allies.” Note, again, how all this is framed in and trains readers to look at the choices and challenges confronting the rulers of the U.S. as “OUR” interests.
6. This refers to more-limit-ed economic sanctions by the U.S. and its allies after the 2014 Russian annexation of Crimea.
7. At the end of January, as U.S. and EU sanction threats grew, the Russian stock market took a dive with tens of billions of dollars wiped from the value of some of the country’s leading businesses. See Russian Markets Plunge as War Fears Mount.
8. See the American Crime series at revcom.us.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟