سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 12:16
المحور:
الادب والفن
هواجس السيد نون
٢٧ - الحجرة
المكان الذي أتواجد فيه حاليا والذي سأسميه مؤقتا "الحجرة"، لأنه من المحتمل أن يتحول فيما بعد إلى شقة أو ستوديو أو زنزانة أو أي مكان آخر للإقامة. هذه الحجرة مجرد صندوق كبير شبه مكعب، أقول كبير لأنه يحتويني وكذلك العديد من الأشياء الأخرى بما في ذلك العديد من الناس الذين يأتون من حين لآخر، يدخلون ويخرجون دون أن يصطدموا بعضهم بالبعض. وأستطيع أن أتحرك بداخله براحة نسبية، حيث يمكنني أن أسير من جانب لآخر ما يقارب الثمانية أو التسعة خطوات من باب المدخل حتى النافذة المطلة على الشارع عند الحائط المقابل، وخطوات أقل قليلا من الطاولة والكرسي على يمين المدخل حتى السرير في الجهة المقابلة. رياضتي المفضلة تنحصر في عد الخطوات التي أجتازها من الباب حتى النافذة وبالعكس، ثم من الحائط الملتصقة به طاولتي الخشبية المتوسطة الحجم حتى السرير والدولاب الذي يحتوي بعض الملابس وبعض الحاجيات الأخرى التي تستحق أن نذكرها في وقت لاحق.
الطاولة الخشبية تبدو مكتظة بعدة أشياء لا أعرف مصدرها بالدقة، أوراق عديدة وكتب وجرائد وأقلام بالإضافة إلى زجاجة من الماء وكأس وفنجان قهوة وصحن به بقايا من وجبة الغذاء، بالإضافة إلى كراسة السيد نون. لقد نسيت أن أذكر هذه التفاصيل المهمة، ذلك أن السيد نون يشاركني هذا الفضاء منذ البداية، يأتي ويختفي كما يشاء بصورة غير منتظمة. في أغلب الأحيان يجلس على الكرسي أمام الطاولة الخشبية ويفتح الكراسة الكبيرة، أحيانا يبدأ في الكتابة فورا لعدة لحظات أو لفترة طويلة حتى حلول الظلام، وأحيانا حتى الصباح، وأحيانا يبقى أمام كراسته والقلم جامد في يده دون أن يخط حرفا واحدا، وفي النهاية يترك القلم يسقط من يده ويتجه إلى النافذة ويبقى للحظات قد تطول أو تقصر مراقبا ما يحدث في الخارج. السيد نون دخل على الخط كما يقال وأصبح جزءا مكونا من برنامجي اليومي ذات يوم يبدو لي بعيدا الآن عندما كنت أبحث عن شخص من المارة لمساعدتي لحمل صندوق، أو شيء من هذا القبيل للطابق الثاني. وربما بكل بساطة ذات يوم جلس على نفس الطاولة التي أجلس إليها وطلب قهوة بدون سكر أو ربما كان يرتاد هذه الحجرة قبلي. لا أتذكر التفاصيل، ولكن ما أهمية التفاصيل بعد كل هذه السنوات الطويلة من العشرة.
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟