أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جودي كوكس - 1905: “احتفال المضطهدين”















المزيد.....

1905: “احتفال المضطهدين”


جودي كوكس

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 00:01
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الفصل الرابع: 1905: “احتفال المضطهدين”
الفصل الرابع من كتاب ثورة النساء: روسيا 1905-1917

الكاتبة: جودي كوكس

يوم 5 كانون الثاني عام 1905، سارت مظاهرة من 200 ألف شخص على الثلج الكثيف في شوارع سانت بطرسبرغ لتقديم عريضة إلى القيصر. وصفت العريضة كيف أنه يجري التعامل معهم ليس كبشر إنما كـ”عبيد حيث عليهم أن يعيشوا ظروفهم القاسية بصمت”.(22) كان المتظاهرون يرتدون ثياب الأحد ويحملون صور القيصر والأيقونات الدينية. في الواقع، تميّز إيمانهم بالقيصر بشبه شغف ديني.

القيصر كان قد غادر سانت بطرسبرغ، ولكن ليس قبل نشر 12 ألف جندي لمنع وصول المتظاهرين إلى قصر الشتاء. في طريقهم إلى القصر واجه المتظاهرون كتيبة من تلك الجحافل. حمل الجنود بنادقهم وأطلقوا النار على الجموع. تساقط الناس على الأرض يصرخون في وقت استمر الجنود بإطلاق النار. اصطبغ الثلج بدماء المئات من الرجال والنساء والأطفال المقتولين. أطلقت المجزرة موجة من الإضرابات والمظاهرات في كل أنحاء الأمبراطورية الروسية. بذلك بدأت ثورة عام 1905. ألكسندرا كولونتاي، التي كانت قد أصبحت واحدة من الثائرات الروسيات المميزات، والتي شاركت في مسيرة ذلك الأحد الذي بات يعرف باسم الأحد الدامي. وصفت كولونتاي كيف أن القيصر قتل من دون علم ليس فقط المتظاهرين إنما أيضاً إيمان “العمال بأنه يمكن أن يحقق العدالة لهم. من الآن فصاعداً بات كل شيء مختلفاً وجديداً”.(23)

فاجأت الثورة الجميع، ولكن من كان على صلة بالعاملات كان على علم بتنامي مقاومتهن للظروف الصعبة التي عشن تحت وطأتها. زادت الحرب مع اليابان عام 1904 من الظروف الصعبة للريفيين والآلاف من الفلاحات الثائرات اللواتي كن يسخر منهن من خلال تسميتهن بـ”بايبي بونتي”: الفلاحات المشاغبات. تركت العديد من النساء “سلبيتهن وجهلهن وراءهن” كتبت ألكسندرا كولونتاي، وتوجهن إلى المدن.(24) عام 1904، عمت موجة من الإضرابات في المصانع في كل أنحاء روسيا، وشاركت فيه أعداد متزايدة من العاملات، خاصة في قطاع النسيج. أدركت الرفيقات داخل التكتل البلشفي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن حزبهن لن يتمكن من قيادة حركة الإضراب إذا تجاهل النساء.

مع ذلك، فكرة استقطاب النساء كانت مسألة نزاعية مع العديد من الاشتراكيين والنقابيين، لأن عمل أغلبية النساء قد تركز في مهن لا تحتاج إلى مهارات وفي صناعات سيئة التنظيم وبالتالي بدا افتقادهن للقدرة على تنظيم أنفسهن. كذلك اعتبرت العاملات القسم الرجعي من الطبقة العاملة واعتبرن عبئاً على الحركة العمالية. أرادت ألكسندرا كولونتاي الوصول إلى العاملات ولكن كانت مستاءة من محافظة النساء اللواتي التقت بهن: “مازالت العاملات يتفادين الحياة والنضال، ويعتقدن أن مصيرهن هو الطبخ والجلي وتربية الأطفال”.(25)

في القرى توقعت النساء أن تكون حياتهن شبيهة بحياة أمهاتهن، وجداتهن وجدات جداتهن، ولكن الفقر أرغمهن على النزوح إلى المدن والعمل في المصانع. انعدام الأمان الذي عشن فيه كان يعني أنهن يملن إلى الالتصاق بالبنية العائلية، ولكن انكسار طريقة حياتهن التقليدية عنى أنهن يمكن أن ينفتحن على طرق أخرى في رؤية العالم. خلال موجة الإضرابات الهائلة التي حصلت عام 1905، خرقت العاملات التوقعات وبدأن بالتنظم. عاملات المصابغ والمنازل، اللواتي كن بغالبيتهن من النساء، أضربن وحاولن تشكيل النقابات: “تخلت النساء عن خضوعيتهن القديمة، وتركن الآلات وأعطين حركة الإضراب معنى لا شبيه له من التضامن والثقة”.(26)

عام 1905 كان الحزب البلشفي ضعيفاً على الأرض في روسيا بعد سنوات من الاعتقالات والقمع. مع ذلك، كان لديهم مجموعة أساسية من الأعضاء ذوي الخبرة، والذي عنى أنهم يمكن محاولة أن يكون لهم تأثيراً على الأحداث. البلشفيات، على سبيل المثال، كن فاعلات للغاية في تهريب السلاح من فنلندا إلى روسيا. كن يكثرن من التعطر لإخفاء رائحة الديناميت، كما خبأن المسدسات في ثيابهن. واحدة من أكثر المهرّبات شجاعة كانت فيودوسيا درابكينا، التي أرسلت بمهمة عبر سانت بطرسبرغ، فأخذت ابنتها ليزكا، البالغة من العمر 3 سنوات، غطاء لها. تذكرت ليزكا كيف كانت حائرة بتغير مظهر أمها المستمر، تارة طويلة وتارة أخرى منحنية، في وقت كانت تهرب السلاح. تمكنت فيودوسيا وليزكا من تهريب القنابل إلى موسكو في شهر كانون الأول/ديسمبر لمساعدة الانتفاضة المندلعة هناك.(27)

نساء كفيودوسيا كن شجاعات للغاية، ولكن عام 1905 كان مركز الثورة ينتقل بعيداً عن السلاح ومتاريس الشوارع باتجاه مراكز العمل وسوفيات سان بطرسبرغ، منظمة الطبقة العاملة الديمقراطية المباشرة. كروبسكايا، زوجة لينين، كانت واحدة من الثوار/الثائرات الذين واللواتي تمكنوا/ن من العودة إلى البلاد من المنفى عام 1905. وأصبحت أمينة سر اللجنة المركزية للبلاشفة، حيث اختبرت معنى التمكين: “من الصعب تخيل كيف تمكنا من القيام مع كل ذلك، وكيف استمرينا على تنظيم الأشياء، وكيف استمرينا دون أن يتحكم بنا أي أحد، و”كيف عشنا بملء حريتنا””.(28)

تمكنت أولئك الثوريات المحترفات من انتزاع الاحترام من العمال. على سبيل المثال، انتخبت ألكسندرا كولونتاي لحضور اجتماع سوفيات سانت بطرسبرغ الأول. المحرضات الخبيرات مثل كولونتاي وكروبوسكايا وإيلينا ستاسوفا تمكنّ أيضا من استقطاب عاملات راديكاليات إلى الاشتراكية الثورية. فالبلاشفة كان لديهم عدداً قليلاً من الرفيقات داخل المصانع. نظمت فيرا كاريلينا الآلاف من العاملات دعماً للجمعية العمومية لعمال مصانع ومشاغل سانت بطرسبرغ عام 1904. نظمت هذه الجمعية العمومية الإضراب في مصنع بوتيلوف وكانت المظاهرة المنظمة في كانون الثاني/يناير عام 1905 واحدة من محركات الثورة. يوم 3 حزيران/يونيو عام 1905، أضربت 11 ألف عاملة نسيج بالقرب من موسكو، في واحد من أكبر الإضرابات التي شهدتها روسيا. قتلت 28 عاملة، من بينهن المناضلة البلشفية أولغا غانكينا، التي قتلتها عصابات “المئات السود”، عندما اعتقلتها في وقت كانت تحمل حقيبة مليئة بالسلاح. مقتلها ألهم العديد من النساء للانضمام إلى قتال الشوارع. حتى بعد هزيمة الثورة، عام 1907، تمكنت هؤلاء العاملات في قطاع النسيج، بفضل ثقتهن بأنفسهن، من الإضراب والحصول على نصف نهار عطلة كل أسبوع بهدف الذهاب لغسل الثياب.

خلال الثورة تضاعفت أعداد المنتسبين إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي. كان للأعضاء الجدد خبرة أكبر في النضال المباشر من أولئك الذين عاشوا النضال السري. انضمت النساء المسيسات بفعل ثورة عام 1905 إلى صفوف البلاشفة ليس كنساء يتولين أدواراً تقليدية كمهربات وأمينات سر، إنما كممرضات ومقاتلات شوارع ومحرضات. منحت ثورة عام 1905 الحزب البلشفي شبكة من المناضلات الملتزمات داخل بعض أكبر مصانع سانت بطرسبرغ، وقائدات أساسيات حازمات على الوصول إلى النساء وكسبهن لصالح الاشتراكية من خلال التنظيم والنشر. أثبتت الثورة كيف أن الجزء الأكثر خجلاً والأكثر تعرضاً للاضطهاد يمكن أن يتحول بفعل الأحداث وأن يكون في واجهة النضال الثوري.

أظهرت أفعال هؤلاء العاملات أنهن لا يحتجن إلى تمضية سنوات في النقابات والمنظمات الاشتراكية لتحضير أنفسهن للثورة. حتى النساء اللواتي وصلن مؤخراً إلى المدن الصغيرة من عالم القرى المتخلف تعلمن بسرعة كيفية التنظم، والنضال وأي نوع من التغيير أردن النضال من أجله. مستخلصاً الدروس من تجربة ثورة عام 1905، كتب لينين: “الثورات هي احتفال المضطهدين والمستغلين. ليس في أي وقت تكون فيه الجماهير في موقع للمضي قدماً من أجل التغيير الاجتماعي إلا في وقت الثورة. في مثل هذا الوقت، يستطيع الناس اجتراح المعجزات.(29)

الهوامش:

23. Porter, Alexandra Kollontai, p.91.

24. Ibid., p.89.

25. Ibid., p.86.

26. Ibid., p.94.

27. Jane McDermid and Anna Hillyer, Midwives of the Revolution: Women Bolsheviks and Women Workers in 1917, (London, 1994).

28. Ibid, p.62.

29. Vladimir Ilyich Lenin, ‘The Two Tactics of Social Democracy in the Democratic Revolution’, Chapter 13, (1906) https://www.marxists.org/



#جودي_كوكس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوار/الثائرات الأوائل: “إلى الشعب!” - الفصل الثالث من كتاب ...
- الفصل الثاني: روسيات في باريس: “إلى المتاريس!”
- الفصل الأول: أين النساء؟
- مقدمة كتاب ثورة النساء: روسيا 1905-1917
- كيف ناضل ماركس وإنغلز من أجل تحرير النساء
- خارج الظل: البلشفيات والاشتراكية الروسية


المزيد.....




- -مبوظ الدنيا كلها-.. داعية مصري ينتقد -الشيخ غوغل- بسبب فتوى ...
- احتجاج لسيدات برازيليات أمام الكونغرس ضد مشروع قانون يقيّد ح ...
- -المرأة اللطيفة-.. ماذا تخبرنا أصوات تطبيقات الذكاء الاصطناع ...
- ملك المغرب يوجه المجلس العلمي للإفتاء بتعديلات مدونة الأسرة ...
- غضب بعد استبعاد النساء الأفغانيات من محادثات دولية مع طالبان ...
- فرنسا.. إحالة حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين إلى محاكمة جن ...
- المغرب: مطالبات بقانون يضمن الحق باللجوء إلى الإجهاض الآمن! ...
- شروط منحة المرأة الماكثة في المنزل بالجزائر 2024 وطريقة القب ...
- تحذير أممي من إنعدام الأمن الغذائي للنساء في قطاع غزة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات بين 21 و 28 حزيران/يونيو


المزيد.....

- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جودي كوكس - 1905: “احتفال المضطهدين”