أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 52














المزيد.....

جسر اللَّوْز 52


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7150 - 2022 / 1 / 31 - 13:38
المحور: الادب والفن
    


تعرفت على تولين خلال علاقتي الزوجية المسطّحة مع رهان.
كنت يومها قافلاً من مؤتمر علمي في مدينة ميونخ ممثلاً عن الشركة التي أعمل فيها. كنت في طريقي إلى بيتي الكئيب، هناك كانت زوجتي رهان تنتىظرني.

بلغ قطار المسافرين محطته الأخيرة في السادسة مساء.
نزلت منه قاصداً بوابة الخروج، داعبتني نسائم ربيعية طيبة حين غادرت المحطة، نظرت إلى السماء الصافية ثم ألقيت نظرة مستعجلة على ساعة يدي، أوقدت سيجارة ومشيت ببطء متوجهاً إلى محطة الباص.

في المقعد المزدوج الأول خلف السائق جلست إمرأتان، أم واِبنتها.
بدت الأم في منتصف عقدها السابع، شرقية، قروية بلباسها وتقاسيم وجهها. أما الاِبنة فقد بدت في نهاية عقدها الثالث، ممتلئة الجسم، غضَّة، طويلة القدّ، متحررة النظرات والوجه والملبس، شعرها أسود، عيناها سوداوتان وشفتاها ورديتان جميلتان حرّتان.

أرخيت جسدي المتعب في المقعد الفارغ خلفهما وانشغلت بهمومي.
أدارت وجهها باتجاهي وابتسمت لي عيناها.
شعرت بحبل حميمي يربطنا برفق.
خجلت من أحاسيسي تجاهها إذ بعد دقائق سأكون جالساً مقابل زوجتي رهان وسأتعشى معها أكلتها المشهورة "أرز مع بازلاء".

سمعتهما تجمجمان بلغة مشاكسة، وصل مسمعي كلمات: خاشوقة وكنافة وبشكير ... عرفت من خلالها بأنهما تتكلمان اللغة التركية.
حشرت نفسي بحديثهما مقاطعاً ومخاطباً الاِبنة بالألمانية: "أأنت من تركيا؟"
أجابتني بلطف: "أهلي من تركيا".

بعد حديث قصير أقنعتها أني أعيش وحيداً، أعطيتها عنوان إيميلي وأعطتني بدورها بطاقة عليها اسمها ورقم تلفونها وعنوان إيميلها وأخذت تتمتم: "كونك ما زلت عازباً سأدعوك قريباً لتناول الطعام التركي في منزلي".
شكرتها وسألت من باب المجاملة: "وماذا ستطبخين لي!؟"

نهضت استعداداً للنزول في المحطة القادمة، حدّقت بي وابتسامة حيرة لا تفارق وجهها الجميل ثم قالت: "سأطبخ لك بامياء خضراء مع رز ولحمة، وستكون التحلية بقلاوة، لا تنس أن تهاتفني".
رمقت قامتها الهيفاء بنظرة فاحصة وقلت بسعادة مراهق: "سأتصل بك قريباً حتماً".

في الحقيقة لم أتصل بها، أكره استخدام التلفون، كتبت لها، في الحقيقة لم أكتب لها، كنت دائم الانشغال بمصائبي مع رهان، أرسلت لها مقطعاً من قصيدة لجبران وكتبت أننا في بداية تعارف وليس لدي ما أخبرها به.

تعاملتْ تولين مع مفردتاي الخفيفة بجدية كما يفعل كل ألماني وكتبت لي شيئاً:

مرحبا أحمد،

أشكرك على إيميلك وعلى القصيدة المعبرة لخليل جبران.
لدي له كتيب "النبي" (لقد قرأته بالفعل وبتركيز، جميل جداً لكنه متطلب جداً) ولدي أيضاً مجموعة من القصائد له (التي لم أقرأها بعد).
هل قرأت شيئاً من كتابات ناظم حكمت أو عزيز نيسين؟
نعم، نحن ما زلنا في البداية.
كانت شجاعة كبيرة منك أن تتحدث إلي في الباص. وكما لاحظت أنت، لم أقل على الفور "لا، اتركني وشأني"، بل كنت أشعر بالفضول عما تريد أن تسألني عنه، وقبل كل شيء كيف ستسألني.
تكلمت معك بوجود أمي رغم تزمتها ووثقت بك إلى الحد الذي جعلني أعطيك فيه رقم هاتف شقتي، وهذا يُظهر أنني كنت أقدّرك على أنك أهل للثقة وأرجو ألا يخيب أملي مع الأيام.
دعنا نعطي الوقت لهذه العلاقة الوليدة ولنمضي في طريقها ببطء وهدوء.
أريد أن أخبرك بأنني لست من النوع العفوي، ومع هذا فقد كنت في الباص بالفعل عفوية في تصرفاتي إلى حد كبير.

تحياتي الحارة
تولين



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 51
- جسر اللَّوْز 50
- جسر اللَّوْز 49
- جسر اللَّوْز 48
- جسر اللَّوْز 47
- جسر اللَّوْز 46
- جسر اللَّوْز 45
- جسر اللَّوْز 44
- جسر اللَّوْز 43
- جسر اللَّوْز 42
- جسر اللَّوْز 41
- جسر اللَّوْز 40
- جسر اللَّوْز 39
- جسر اللَّوْز 38
- جسر اللَّوْز 37
- جسر اللَّوْز 36
- جسر اللَّوْز 35
- جسر اللَّوْز 34
- جسر اللَّوْز 33
- جسر اللَّوْز 32


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 52