مناف الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 17:39
المحور:
الادب والفن
لم يكن تأجيلي الحديث عن بطرس وخلف بسب عدم أهمية دلالة القصة، وإنما بسبب عدم أولويتها، ولأن في قصة بطرس وخلف فجوات درامية كثيرة قد يلقى القارئ عنتًا في ملئها. على كل حال سأكثف القصة قدر الإمكان.
أول فجوة في القصة هي أن بطرس قادم من أقصى الشمال، أما خلف فهو قادم من اقصى الشرق ولا تعرف نقطة اللقاء ولا ظروفه، ولكن بطرس كان فوضويًا مثل خلف وربما ساهمت فوضى الرجلين في صنع لقاء الصدفة. عرض بطرس على خلف أن ينتمي إلى خطه السياسي بدون مقدمات وهنا تظهر الفجوة الثانية، فقد كان خلف يتبنى شكلًا دينيًا متطرفًا ومع ذلك فقد وافق على الانتماء إلى خط بطرس الديمقراطي العلماني. ولعل التفسير كامن في عدم جاذبية بطرس وانعدام موهبته في الإقناع وفي جهل خلف وقلة ذوقه.
ما جرى بعد ذلك كان فجوة كبرى، فقد أصر بطرس على أن يفرض ديمقراطيته على جماعته في مفصل تاريخي مهم بالقوة فاحتج خلف الذي كان يرى أن الديمقراطية ( التي لم يكن خلف يعرف إلا اسمها) إنما تكون بالنفاق للقيادة وتبين أن خلف اتخذ من بطرس جسرًا لكي يتزلف لمن هم أعلى من بطرس.
وبين أخذ ورد وشد وجذب دخل على الخط أحد مريدي بطرس ووجه إهانة كبيرة، لخلف وهنا تطل فجوة أخرى برأسها، فقد كان خلف سفيهًا ومع ذلك لم يرد على الإهانة، وربما يمكن تفسير هذا باضطراب أصاب قلب خلف بعد النقلة غير المفهومة من إسلامي متطرف إلى ديمقراطي علماني وهي نقلة ربما سببت قدرًا من فقدان الثقة ونقصًا في الشجاعة المحدودة أصلًا.
أما الفجوة الكبرى فهي تدليل القيادة لخلف على الرغم من كل أمراضه وصب جام غضبها على بطرس الذي كان له تاريخ في النضال لا ينبغي التنكر له.
وربما يكمن التفسير في أنفة القيادة ورفضها محاولات بطرس فرض ديمقراطيته بأدوات استبدادية من جهة، واستمرائها لنفاق خلف وتبعيته من جهة ثانية, وهو ما يثير الريبة في مدى تمثلها للديمقراطية ووقوفها على التخوم بين المثل العليا, وبين البراغماتية السياسية المتطرفة.
#مناف_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟