سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3 - 09:48
المحور:
القضية الفلسطينية
(العُمر الافتراضي لماكنزمات الذات القيادية)
((مابين السطور))
لقد مر قرابة العام على النكسة التي منيت بها حركة فتح منذ الخامس والعشرون من كانون ثاني2006 وقد ُصدم الجميع لنتائج المنازلة الحزبية التشريعية بين حركتي فتح وحماس وكأن تراجع رصيد الحركة الجماهيري كان بفعل شياطين السماء,فكما دُس السُم لمفجر مجدها فقد دُس السم في شرايين نموها وزحفها لتحدث الانتكاسة التي تبرأ منها صناعها ولم يتحلى احد بالجرأة الفتحاوية ويتحمل جزء من مسئولية الانتكاسة,بل اخذ كل فريق داخل الحركة يعزو النكسة لأسباب تتوافق مع شعاراته فكُلٌ يُلقي بالكرة القذرة في ملعب خصمه الحركي فتارة نسمع بتشخيص العلة في تعطيل جهاز الطرد المركزي وتوقف حركة التحديث والإحلال وتارة أخرى تُشخص العلة على أنها مؤامرة من القيادة الوسطية للقيادة التاريخية الحديثة وتارة ثالثة يعزوها هذا وذاك لغدر وخُذلان القاعدة الحركية فاختلط حابل القديم بنابل الحديث وعمت الفوضى صفوف القاعدة المنشطرة بين هذا الفريق وذاك والمتمردون فريق ثالث لهم دورهم في المرحلة القادمة كادرا وعناصر.
وتبقى الحقيقة مثل لهيب الشمس ونور القمر رغم الكسوف والخسوف الذي تسبب به الجميع ولا احد بريء,فتداول القيادة الحركي في عالم النسيان واليات العمل الحركي جُمدت بفعل فاعلين وبفعل تكريس ثقافة الأبدية القيادية مما تسبب بنوبات شلل كانت الانتكاسة الموَثَقة أخرها وذلك نتيجة جلطات دماغية كان لابد من تجاوزها بإجراء جراحة كانت ومازالت لابد منها لإحداث سيولة دموية مُتَزِنة وضخ دماء جديدة في شرايين الحركة الرائدة يكون دور الأباطرة والفحول التاريخيين بعد خطوة للوراء دورا أكثر ريادية واهم قيادية بل مرجعية أساسية مُسلحة بالخبرة التاريخية التي لاغنى عنها للكادر المنبثق من رحم الحركة وفقا لمعايير بعيدة عن العسكرة والمحسوبية القيادية وبالمحصلة فان الحراك السلبي الداخلي بين أقطاب الشيبة والشبيبة القيادية دون أي إفرازات ايجابية خارجية مما يتسبب بأورام سرطانية فيما لو تم تداركها مبكرا تكون في طورالنتوءات الحميدة وإن تم تجاهلها عمدا كما يحدث تصبح في القريب العاجل أورام خبيثة تتطلب جراحة الاستئصال لإنقاذ مايمكن إنقاذه وهذا مالا يتمناه إلا المستورثين والفوضويون!!!!
وقد تجرأ قادة الكيان الإسرائيلي بكل وقاحة بالترحم على حركة فتح التي تتآكل كما وصفوها بل وكما تمنوها لان سقوط الحركة الرائدة فتح يعني سقوط البنيان من جميع الفصائل والحركات تباعاً وهذه مسلمات ثورية إستراتيجية لامجال للخوض فيها ,وكان ذلك بسبب الترهل الذي أصاب ميكانزمات الحركة على مستوى مؤسساتها والياتها الداخلية من المؤتمر العام مرورا بالمجلس الثوري وصولا للمجلس المركزي حيث أراد البعض إجراء عملية تحنيط فرعونية لروح المؤسسة دون أي مبررات منطقية أو طارئة.
فمنذ ذلك التاريخ والحركة رهينة المحبسين القديم والجديد وعملية استقطاب وصلت إلى ذروتها وشد الحبال فترنحت الحركة من سيء إلى أسوأ وتم صلبها وتعطيل حركتها ويطول الانتظار!!!
فإلى متى أما آن للحركة العملاقة أن تترجل؟؟؟
مرت العديد من الأشهر العجاف والقاعدة القانطة من جدية الشعارات الجوفاء تسمع بعملية الإصلاح والإنقاذ وإعادة الأمور إلى نصابها لتستعيد فتح مكانتها التاريخية التي تليق بزخمها الثوري ودورها الريادي في عملية التحرير فكُثفت الاجتماعات وارتفع صخب التصريحات ليعتقد المراقب الساذج أن عملية الإصلاح في مخاضها الأخير فنجد أول الغيث إعادة الأمور إلى تاريخ الانطلاقة الأول لتعريف من هو فتحاوي ومن هو دخيل ومن هونص نصيص!!! وتبدأ معركة النماذج وتعبئ ثم يظهر خطأ في الإعداد ويدور الخلاف على اللون الصفر والرمادي حسب المكان الوظيفي وتنتهي عملية التعبئة ويكتب كل من يعتبر نفسه عضوا مايحلو له فمنهم من يبلغ من العمر الثامنة عشرة وتاريخ انتماءه يقل عن عمره بخمس سنوات وعشرات الشباب تحت جنح الظلام يحصلون على وثائق تفيد أنهم أعضاء قيادة منطقة وحتى إقليم وتعتمد من المرجعيات العليا فكانت البدايات تدل على النهايات والكل ينتظر الفرز وذلك بادعاء التجهيز للمؤتمر السادس المغرور فالبداية مهزلة دون رقيب وحسيب والنتيجة مخاض يفيد أن المولودة قردة!!!
والمحصلة الخطيرة في حال الإصرار على تعطيل جهاز وآلية الطرد المركزي الذي يفرز ميكانزمات الحراك فتحدث عملية التكاثر والتدافع داخليا دون مخارج ديمقراطية ثورية فيحدث الانفجار,والمأمول من منطلق المسئوليات الحركية بعيدا عن كاريزمية الأنا الشخصية وبهرجة التيجان القيادية تنفيس حقيقي وفق آليات تتوافق مع التداول السلمي الحركي لسلم الهرم القيادي بشكل طبيعي يضمن التوافق بين كينونة الشخصية القيادية وقدرتها على العطاء والموقع القيادي التنفيذي والمركزي والاستشاري فترجمة التطور القيادي بالرسم البياني يبدأ من القاعدة صعودا إلى القمة ثم الانحدار الحميد من القمة إلى القاعدة في الاتجاه الأخر حيث النزول بأثقال الخبرة اللازمة للدورة الجديدة وهكذا فرحلة الذهاب تبدأ من القاعدة بخبرات ورصيد بسيط ورحلة الإياب إلى القاعدة بخبرات ورصيد عظيم وهكذا تستمر دورة الحياة الحركية يكون دور العائد قائدا مؤهلاً لاقائداً مبتدءاً,قائدا وموجها ومرشدا ومرجعا للمؤهلين الجدد من موقعه الجديد فيكتمل دور الحرس القديم والجديد بالتوافق والتسليم بالبديهيات والمسلمات اللازمة لبقاء شعلة الحركة الديمومة لتضيء درب المتطوعين كبوصلة توجه الطاقات والإمكانيات المهدورة والمتسربة إلى قبلة التحرير دون الانشغال بتوافه الأمور والتمرد على سُنن الحياة والتشبُث بالمقامات القيادية من المهد إلى اللحد مما يدفع بأعداء الحركة من الصهاينة والمتسلقين إلى وصفها بالحركة البائدة والمتآكلة وغيرها من مسميات الزور, ويدفع بالأصدقاء بفقدان الثقة بديمقراطية الحركة الثورية التي كانت بمثابة الوقود للاستمرارية الحركية حتى وصفت بالديمومة فلا يجوز سرقة صفة الديمومة وخلعها على الأشخاص فتحدث الجلطة الكبرى!!!
فلا يجوز أبدا أن يستباح تاريخ فتح وينتهك عرضها على أيدي زناة الأباطرة المستورثين,أما آن الأوان لان يهرع الشرفاء والمخلصين لنجدتها وتخليصها من براثن الخصخصة الآثمة!!!أتناسيتم أم نسيتم فتح التاريخ,فتح المدرسة الثورية,فتح عرين الشهداء,فتح المنهج والفكر العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والدبلوماسي أنتركها لزناة الليل يستبيحون شرفها ونقف كالأزلام مناصرين لهذا الفريق أو ذاك!!!أما آن لدماء الشهداء أن تنتصر على أباطرة الشَخصنة الحركية؟؟؟!!!
كنت أرى السقوط قبل أشهر من موعده تجسد لي وفق معطيات ميدانية وليس بوشوشة الودع والضرب في الرمال..كنت أرى الانهيار بأم عيني فصرخت وصرخ كل المخلصين ومن هم اشد مني انتماء وترجمت الصرخة إلى مقالات وماهي بمقالات كاتب يبحث عن شهرة قلمه بالنفاق والتنظير لأي من المختصمين بل كانت من أعماق أعماق فتحاوي يرى الكارثة تداهم بيته الكبير فصرخت في صحراء العدم كمن ينادي قوما لايسمعون إلا صدى وعظمة نرجسية أصواتهم وإطراء منافقيهم فكتبت محذرا:
((تقارب الرؤوس فقالوا معتوه,كتبت فتح ستصبح حزب معارضة فقالوا سفيه,كتبت الأربع العجاف تدق أبواب الفتح فقالوا قارئ فاشل,وختمت ألملم أحزاني بقصة من واقع المرارة وصحراء التيه قصة العاشق الصغير يولد ميتا فبكى كل من بقلبه ذرة حب ووفاء لحركة عمرها تاريخ الأجيال والنضال وأنهيت بقصيدة ستبقى شاهدا حيا على كل المتآمرين وعلى كل المخلصين كانت بشقين متتاليين شق الرثاء لما سيحدث وشق الانبعاث والوفاء لمن سينهض بعد النكسة هم بيارق الانبعاث الحديث الآتون على صهوات فرسان العاصفة لإعادة الشعلة التي خبا نورها لتنهض الديمومة من منطلق الملتقى الفتحاوي الجديد!!!
وهنا اكتب من جديدا سؤالا وأخر يحتاج إلى جرأة متناهية ومسئولية للإجابة على كلاهما:
*أين اختفت الهبة الجماهيرية الفتحاوية الكبرى عندما انطلقت مئات الآلاف من أعضاء وأنصار حركة فتح للتعبير عن سخطهم لما آلت إليه سفينتهم الفتحاوية من تخريب وعبث فهل كانت زوبعة في فنجان؟أم حققت الهدف؟ أم تم الالتفاف عليها وبيعت في سوق النخاسة بابخس الأثمان؟؟؟
*من المسئول عن اخذ فتح من غرفة الإنعاش المركزي إلى حلبة المنازلة؟؟؟وطالما أن النتيجة محسوبة مسبقاً فتح في كبوتها وانقسامها تصارع حماس في نهضتها وتماسكها!!!فمن المسئول؟؟؟أم أن اختيار الزمان كان ذات مغزى وأبعاد سياسية؟؟؟!!!
وفي نهاية مقالتي المتواضعة أقول إن الطبيعة الكونية لها مسلمات وبديهيات لكل شيء نهايات وبدايات فكيف نجعل النهايات رافداً لبدايات أصيلة وكيف نجعل البدايات تسير وفق بوصلة خارطة الخبرة التاريخية الحركية؟؟؟فحتى ديمومة النهار والليل لها بدايات ونهايات مؤقتة ومتواصلة يذهب يوم ويأتي يوم جديد نقيم به القديم وفق الخبرة المكتسبة والفطنة والفراسة القيادية الفطرية,فكما الليل والنهار هو الإنسان الذي بتنازعه الخير والشر له بدايات ونهايات وبينهما قدرات جسدية وعقلية تصلح للعمل في مرحلة دون غيرها وفي موقع دون غيره وهذا مانطلق عليه عملية العمر الافتراضي لماكنزمات القيادة الحركية!!!
فهل يتم العمل قريبا وفق نوايا خالصة حقيقية ووفق رؤيا مستقبلية واليات سليمة لإنقاذ حركة فتح من التيه في صحراء الصراع بين الحق والباطل؟؟؟ فمن الحق ومن الباطل؟؟؟ ومن سيتحمل مسئولية هذا الضياع والتيه الذي سينعكس سلبا على مسار العمل الثوري والعمل السياسي الفلسطيني؟؟؟!!!
هل ستشهد الأيام القريبة القادمة تنازلا عن شعارات الديمومة القيادية لصالح الديمومة الحركية ووقف صراع الثئران وحوار الطر شان؟؟؟
وهل تبقى القاعدة الفتحاوية المنقسمة على نفسها بين عشرات الكتاتيب العسكرية وعشرات الأقطاب القيادية لتدور في دائرة العدم المفرغة ولا تتوصل إلى قواسم مشتركة لإنقاذ الحركة الأم بعد غياب الأب الروحي للحركة الذي كان بحق يملك مفاتيح الإعجاز للتحكم في مدار التناقضات لدرجة أن لَمس الجميع وخاصة من ادعوا بأنه كان أُس الدكتاتورية والفساد فتبين أن مساوئ القائد كانت منافع؟؟؟!!!
واختم محذراً من التعمد والالتفاف بخطط التسويف ليبقى الوضع على ماهوعليه وذلك بتصدير الأزمة الداخلية لفتح عبر مهاترات لاطائل منها وخلق جبهة صراع خارجية مفتعلة وتصوير أخطارا خارجية تحدق بالحركة لتصبح مواجهتها أولوية وهمية أو تضخيم تلك الجبهات من اجل إبقاء الوضع مترديا بحق الأغلبية وجيدا بحق أقلية فعندما تعاد الأمور إلى نصابها ويتم تحديث ميكانزمات الحراك التنظيمي القيادي على غير رغبة جوقة أصحاب النظرية الأبدية تكون البداية!!!
فهل تكون بداية توافقية بين هذا وذاك في غير صالح ورغبة الأغلبية؟؟؟ أم تكون بداية جادة وحقيقية يخلص فيها الجميع النية ويجزلون العطاء من اجل عودة الحياة إلى شرايين الحركة وفق آلية التداول القيادي الطبيعية؟؟؟إن غدا لناظره قريب
ولا يسعني إلا أن أختم كما بدأت أما آن لفتح أن تترجل؟؟؟أما آن لفتح أن تتحرر؟؟؟
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟