أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - كتاب صُنِع في الجحيم(4)















المزيد.....



كتاب صُنِع في الجحيم(4)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 7147 - 2022 / 1 / 27 - 00:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب صُنِع في الجحيم
محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلماني


الفصل الثاني (تتمّة)

المشكلة اللاّهوتيّة-السياسيّة

رسالة في اللاّهوت والسّياسة، مثل رسالة سبينوزا، هي، على عدّة أصعدة، نتاج محض لبداية العصر الحديث (أي الفترة التي تلت مباشرة العصر الوسيط). ذلك لأنّ الموضوع الذي تتناوله-المسألة اللاّهوتيّة السياسيّة- قد برز في أوروبا وأصبح مُلحّا في فترة سياسيّة ودينيّة مفصليّة في مجتمع القرن السّابع عشر. لقد كان قادة تلك الفترة يسعون إلى استخدام الدّين في شكل كنيسة رسميّة بغية توطيد دعائم أنظمتهم وتمتين الرّوابط بين رعاياهم من خلال معتَقد طائفي. ولكنّ استراتيجيا كهذه لم تكن حتما جديدة في حدّ ذاتها، إذ أنّها كانت جزءًا من السّلطة الملكيّة والامبراطوريّة طيلة أواخر العصر القديم والعصر الوسيط، غير أنّ القرنيْن الخامس والسّادس عشر كانا مسرحا لتحوُّل الممالك الصّغيرة والإمارات تدريجيّا إلى الدُّول القوميّة، وإلى تمركُز السّلطة السياسيّة على أراضٍ أوسع في حين أنّ الإصلاح الأوروبيّ كان قد أدخل تنوّعا دينيّا كبيرا (وانشقاقا) داخل الشّعوب. وقد حثّ هذا الوضع الجديد أكثر فأكثر الحكَّامَ على توظيف الدّين لخدمة الوحدة الوطنيّة والولاء السياسيّ. وكما قال أحد المؤرِّخين: "الدّين المشترك كان يُفتَرض فيه أن يُوثِّق الرّابط بين الحكّام والمحكومين في كنف العناية الرّبّانيّة التي تتوقّف على حياة دينيّة منظَّمة تحكمها عقيدة صحيحة من خلال تنظيم كنسيّ مُحكَم التّنظُّم، وشعائر عامّة صحيحة وتَقْوى الشّعب"(1).
كان من الواجب، مع ذلك، الاضطلاع بهذه الاستراتيجيا بعناية فائقة وتوازن لا اختلال فيه. فمهما بلغت درجة فائدة الدّين لغايات سياسيّة فإنّ وجود كنيسة لها سلطة طاغية كان من شأنه أن يشكِّل عقبة وحتّى خطرا بالنّسبة لنظام لائكي، أي سلطة بديلة داخل سلطة أخرى. بالفعل، وفي أواسط القرن السّابع عشر تقريبا، وبالخصوص في جمهوريّة مثل جمهوريّة المقاطعات المتّحدة أو في كيان دستوري مثل انجلترة، كانت المؤسّسات اللاّئكيّة قد بدأت تنظر بعين الرّيبة والحذر إلى تجاوزات الكنيسة لبسط نفوذها على الحياة المدنيّة. فاللّيبراليون النييرلنديّون مثلا، مع بقائهم أعضاء موالين بإخلاص للكنيسة الإصلاحيّة، فإنّهم ظلّوا دائما على يقظة وفي حيطة من منافسيهم الأشدّ أرثوذكسيّة ومُحافظةً والذين كانوا يسعون ليجعلوا من الجمهوريّة دولة كلفينيّة بأتمّ معنى الكلمة. وفي ذات الوقت، كانت السّلطة الدينيّة، التي بلغت أوجه تأثيرها السياسيّ والإجتماعي في أوربا القرون الوسطى، تخشى من الآن فصاعدا أن يقع تهميشها من طرف سلطة سياسيّة مستقلّة أكثر فأكثر. كان قادة الكنيسة يَعُون جيّدا أنّهم بدأوا يفقدون شيئا فشيئا سيطرتهم على حياة المواطنين العاديّين.
بطبيعة الحال، كانت المساندة والرّعاية اللّتان يتمتّع بهما الدّين الرّسميّ في ظلّ دولة طائفيّة مُرحَّباً بهما، إلاّ أنّ رجال الدّين، المتعطِّشين دوما لممارسة تأثير سياسي وأخلاقي أكبر، كانوا لا يكتفون بذلك بل كانوا أيضا يصارعون من أجل استعادة هذا التّأثير بشتّى الطّرق.
كلّ هذه التطوّرات التّاريخيّة هي التي حفزت ظهور تحليلات نظريّة أكثر إسهابا حول دور الدّين داخل الدّولة. ففي التّنافس بين السّلطات المدنيّة والدّينيّة للاستيلاء على سلطة الدّولة، مثل السّيطرة على قلوب وعقول (وأيضاد أجساد) المواطنين، قام مفكِّرون من الجانبيْن بإثارة مسألة ما يجب أن تكون عليه العلاقة الملائمة بين اللاّهوتي والسياسيّ. فهل يجب على السياسي أن يكون خاضعا للّاهوت، ممّا يتمخّض عنه أمّة تكون في نهاية المطاف محكومة من طرف رجال الكنيسة ومجموعة من القوانين الضيّقة أملتها فرائض لاهوتيّة؟ أو بالعكس، يجب أن تكون الحياة الدينيّة لنظام سياسيّ خاضعةً، كأيّ حقل إجتماعيّ آخر، لسيطرة السّلطات اللاّئكيّة؟ هل يجب على الكنيسة أن تتحكّم في الدّولة أم الدّولة هي التي تتحكّم في الكنيسة؟ أو ربّما من الضّروري يجب تجنّب أيّ علاقة مّا مهما كانت طبيعتها بين السّلطَتيْن؟
شهد القرن السّابع عشر نشر عدد من الدّراسات المهمّة والفاعِلة حول المسألة اللّاهوتيّة-السياسيّة. إحدى هذه الدّراسات التي عنوانها: "آريوباجيتيكا (Areopagitica)"، للشّاعر جون ملتون، نُشِرت في إنجلترا عام 1644، كانت عبارة عن خطاب موجّه إلى البرلمان الإنجليزي ينادي فيه صاحبه بحرّية الرّأي والصّحافة. غير أنّ ملتون كان يخشى أن تكون الهجمات الشّرسة التي تعرّض لها واحد من كتُبه السّابقة المطالِب بإباحة الطّلاق وأيضا قانون الرّقابة الذي أصدره البرلمان، يكون كلّ ذلك بإيعاز من السّلطات الدّينيّة (فقد لقي قانون 1643 المتعلّْق بالرّقابة بترحيب بالغ من طرف اللاّهوتيّين الانجليز). فهذه النّوع من تدخّل الكنيسة في الشّؤون العامّة وفي التّعبير عن الآراء والأفكار كان يبدو في نظر ملتون تدخّلا مفرطا لا يمكن القبول به، وهو تصرّف يذكِّر بما تقوم به الكنيسة البابويّة (papist)، أي الكاثوليكيّة.
كان يُنظَر إلى هذه المسألة اللّاهوتيّة-السياسيّة بحساسيّة كبيرة جدّا داخل هذه الأمّة الجديدة النييرلنديّة. فبعد أن تحرّرت مؤخّرا من هيمنة إسبانيا الكاتوليكيّة، واصلت هذه المقاطعات الكلفينيّة (وهي تغطّي تقريبا أراضي البنيلوكس الحالي) ليس فقط في مناقشة ما هو أفضل شكل من أشكال الحكم الذي يجب تبنّيه، ولكن كذلك البتّ في قضيّة المكانة التي يجب منْحها للدّين في المجتمع. الفصل 13 من معاهدة إتّحاد أوتريخت (1579)، الذي غالبا ما يُعتبَر الوثيقة التّأسيسيّة للجمهوريّة (المستقلّة) للمقاطعات المتّحدة النييرلنديّة، ينصّ صراحة على أنّ: "لكلّ فرد الحرّية في اعتناق ديانته، ولا يمكن لأحد أن يتعرّض للإضطهاد والمساءلة فيما يتعلّق بممارسة الشّعائر الدينيّة". في أواسط القرن السّابع عشر تقريبا، وبالأخصّ في المدن اللّيبراليّة مثل آمستردام، تمّ الاعتراف للكاثوليك، واليهود، وسائر الأقليّات الدينيّة الأخرى (مثل اللّوثريّين) بحريّة المعتقَد، والسّماح لهم بممارسة دياناتهم. حتّى وإن لم يكن ذلك بشكل صريح دائما، كان على الأقل يتمّ في كنف نوع من المودَّة والقبول الحَسَن وبالخصوص بدون أيّ خوف أو وجل من الملاحقات والاضطهادات التي كانت تتعرّض لها الأقلّيات الدينيّة في مناطق أخرى من أوروبا.
إنّ القرن الذّهبي النييرلندي الذي يُعتَبر فترة انفتاح سخيّ على كلّ الدّيانات هو بالتّأكيد شيء مبالَغ فيه، ولكن ما هو صحيح أنّ المقاطعات المتّحدة كانت تشكِّل أنموذجا نادرا جدّا للتّسامح الدّيني في تلك الفترة(2). مهما يكن من أمر، لقد كانت الحياة في نييرلندة محكومة من طرف الكنيسة الإصلاحيّة التي كانت تتمتّع بامتيازات جمّة مقارنة بالمذاهب الدّينيّة الأخرى، كما كانت تمثّل شكل العبادة الذي تفضّله الجمهوريّة وترتاح إليه (حتّى وإن كان ذلك بصورة غير رسميّة). فالطّقوس اللّيتورجيّة من قُدّاس وشعائر جماعيّة مختلفة كانت لمدّة طويلة مفتوحة فقط للطّوائف الإصلاحيّة (بروتستانتينيّة).
من المحتمل أنّ بيتر فان دان هوف (Pieter van den Hove)(3)، رجلَ صناعة النّسيج في مدينة ليدن، كان أهمّ مؤلِّف نييرلندي قبل سبينوزا تناول المسألة اللاّهوتيّة السياسيّة؛ إذ أحرز على شهرة عالميّة بفضل كتاباته السياسيّة. كان كتابه "مصلحة هولندا" (L’intérêt de la Hollande)، الذي نُشِر سنة 1662 بالفرنسيّة والنييرلنديّة، إلى حدّ كبير هجوما ضدّ مؤسّسة شتادهودر (stadhouder)، وهي عبارة على نوع من الحاكِم المحلّي من مخلّفات الفترة التي كانت فيها الأراضي المنخفضة تحت حكم دوقات بورغونيا (Ducs de Bourgogne) عن بعد. وبما أنّ هذه الوظيفة كان يشغلها شخص واحد في عديد المقاطعات الكبيرة، فإنّ شخصيّة الشتادهودر كانت تجمِّع فعليّا كلّ السّلطة السياسيّة للجمهوريّة وذلك تقريبا كما كان الأمر عليه تحت النّظام المَلَكي. لقد كان فان دان هوف يؤكِّد على أنّ السِّلم والازدهار الاقتصادي لا يشجِّعهما نظامُ حكومة جمهوريّة لا مركزيّة وحده بل أيضا الفصل بين الكنيسة عن الدّولة. فسعادة مجتَمع مّا، حسب اعتقاده، تقتضي بالفعل أن تقتصر الكنيسة-المقصود هنا الكنيسة الإصلاحيّة الهولنديّة-على لعب دورها داخل حدود مجالها الخاصّ بها، بمعنى آخر أن تهتمّ بالسّعادة الرّوحيّة لأتباعها ومريديها، وذلك دون أيّ تدخُّل وتأثير مسموح به على السّاحة السياسيّة. ومع أنّ فان دان هوف كان مقتنعا بضرورة فرض نوع من الرّقابة على الأقليّات الدينيّة إلاّ أنّه كان يعتقد في ذات الوقت أنّ حرّية المعتَقَد أساسيّة لازدهار الجمهوريّة.
خلافا لمنشور مِلْتن الذي بقي نوعا مّا ضبابيّا في مقاربته للمشكلة اللاّهوتيّة-السياسيّة، وإذا كان كتاب فان دان هوف يركِّز أساسا على الوضع في الأراضي المنخفضة، فإنّه لا يوجد بالمقابل أي أثر للتعصّب وضيق الأفق أو أيّ نوع من أنواع المراوغة في كتاب توماس هوبز "اللفياثان" (Leviathan). نُشِر هذا الكتاب بالإنجليزيّة عام 1651، وتُرجِم إلى النييرلنديّة عام 1667 وفي طبعة لاتينيّة عام 1668، وهو يقدِّم تحليلا موسّعا للطّبيعة البشريّة والمجتمع السياسيّ والهيئات الدينيّة؛ تحليل يهدف إلى البرهنَة على أنّ الدّولة الأكثر أمناً والأقوى هي الدّولة التي تكون فيها السّلطة بين يديّ حاكِم واحد (من الأفضل أن يكون ملِكا يحكم بمفرده). كما سنرى لاحقا، يضع هوبز أصول الدّولة داخل بسيكولوجيا كائنات بشريّة تعيش في حالة الطّبيعة [الفِطرة]، وهي عبارة عن حالة ما قبل مدنيّة يستطيع فيها الجميع أن يفعلوا كلّ ما في استطاعتهم من قوّة لكي يؤمِّنوا بقاءهم. وهؤلاء الأفراد، إذ يقودهم العقل نحو السّعي لإيجاد الوسائل التي تسمح لهم بضمان عيشهم وحماية ممتلكاتهم، يُفوِّضون كلّ حقوقهم المشروعة للدّفاع عن أنفسهم إلى حاكِم له الصّلوحيّات الكاملة، لكي يلعب دوره، ويمارس السّيطرة التامّة على قوانين الدّولة ومؤسّساتها. وبناء على ذلك، فإنّه لا وجود لحرّيات أخرى غير تلك التي يُعلنها الحاكم ويسمح بها.
من جهة أخرى، نرى أنّ هوبز لا يتغاضى عن مكان الدّين داخل الدّولة، فهو يقدِّمه على النّحو التّالي: تمثّل الهيئات الكنسيّة في الدّولة، في غالب الأحيان، ثاني مركز للسّلطة (يُفتَرض أنّه أعلى من سلطة الدّولة) وأيضا مصدر ولاء للدّولة، وهذا المركز يجعل من تلك الهيئات خطَرا على الوحدة الضّروريّة لاستمراريّة الدّولة. فإذا كان من صلوحيات الدّولة تأمين السّلم الدّاخلي وتنظيم الدّفاع المشترك ضدّ الأعداء الخارجيّين، ففي هذه الحالة لا يمكن أن يوجد إلاّ حاكِم واحد وحيد تكون سلطته مطلقة بالضّرورة. وبالتّالي يجب "تجميع" السّلطة السياسيّة والدينيّة بين يديْ حاكِم مدني:
"هناك مسيحيّون موجودون في امبراطوريّات يحكمها أُمراء مختلِفون وكذلك في دول مختلفة، ولكن كلّ فرد منهم خاضِع لهذه الدّولة التي ينتمي إليها؛ وبناء على ذلك، لا يستطيع أن يخضع لأوامر أيّ شخص آخر. وبالتّالي، فالكنيسة، بمعنى تلك التي تكون قادِرة على إصدار أمر، أوإقرار حكم، أو تبرِئة أو إدانة شخص مّا، أو القيام بأعمال أخرى، هي شبيهة بالجمهوريّة المدنيّة، المؤلَّفة من المسيحيّين، وهذا ما يسمّى بالدّولة المدنيّة بحُكْم أنّ رعاياها هم بشر،؛ كما أنّ الكنيسة تسمّى كذلك لأنّ رعاياها هم مسيحيّون. والحكم الزّمني والحكم الرّوحي ليسا إلاّ مجرّد لفظتيْن وقع استنباطهما في هذا العالَم حتّى يختلط عندهم الحابِل بالنّابل وتزدَوِج الرّؤية لديهم فلا يقدرون على تمييز حاكِمهم الشّرعي. صحيح أنّ أجساد المؤمنين لن تكون في الآخرة فقط روحانيّة بل أيضا خالدة، بعد أن كانت في هذه الحياة الدّنيا أجسادا قبيحة قابلة للتّعفّن. ولهذا، لا يوجد حكْم في هذه الدّنيا، سواء كان حكم الدّولة أم حكم الدّين، لا يكون حكْماً زمنيّا؛ كما أنّه لا توجد تعاليم لأيّ عقيدة يُسمَح للرّعية بممارستها إذا كان الحاكِم قد أمر بمنعها، سواء كان ذلك الحاكم هو الدّولة أو الدّين. والذي يَحكُم يجب أن يكون كائنا واحدا؛ وإلاّ فإنّ العاقبة سوف تكون بالضّرورة ظهور فصائل متناحِرة، وحرب أهليّة داخل الدّولة، بين الكنيسة والدّولة [...]، بين سيف العدل ودرع الإيمان"(4).
تمتدّ سلطة المَلِك، داخل الأراضي الخاضعة له، حتّى تشمل الدّين، فيصبح الملكُ القسَّ الأوّل لدى رعاياه؛ وبصفته تلك فهو يراقِب الشّعائر الدّينيّة العموميّة والمعتقدات التي تشكّل جوهر الإيمان؛ وهو غير مُلْزَم بأداء واجب الطّاعة لأيّ سلطة مهما كان شأنها حتّى ولو كان البابا نفسه. فأيُّ تصرّف مخالف لهذا لا يمكنه أن يؤدّي إلاّ إلى الانقسامات الدّاخليّة وإلى "صراعات كبرى".
يوضِّح هوبز تصوُّرَه بالتّفصيل، وهو تصوّر يأخذ بعين الاعتبار وفي آن واحد مقوِّمات الضّرورة السياسيّة وشروط الجذور الدّينيّة في النفسيّة البشريّة. هنا كما هو الحال أيضا، وتحت أوجه أخرى، يُذكِّرنا الليفياثان بشدّةٍ برسالة سبينوزا في اللاّهوت والسّياسة.
يقوم الفيلسوف الإنجليزي، على غرار ما يقوم به زميله النييرلندي، بفحص طبيعة النبوّة وصحَّة المعجزات، بحيث يجد نفسه وجها لوجه أمام المسألة الخطيرة المتعلّقة بمنزلة الكتابات المقدّسة وتأويلها. فمن وجهة نظر رجل الدّين في القرن السّابع عشر وأتباع طائفته لا يمكن أن تكون تصوّرات هوبز ومفاهيمه إلاّ على أنّها بعيدة كلّ البعد عن الأرثوذكسيّة الدينيّة بل وحتّى تجديفيّة. فهوبز يذهب، في رؤاه المادّية للطّبيعة والإنسان، إلى حدّ إنكار إمكانيّة وجود شيء له صفة "ماهية لا مادّية"، وهو ما يلغي ليس فقط إمكانيّة وجود روح بشريّة غير متجسّدة، ولكن أيضا وجود ربّ غير مادّي (بدون جسم). لهجة هوبز غالبا ما تكون لهجة ساخرة، إذ لا نرى عنده إلاّ النّزر القليل من الإحترام للأديان الطّائفيّة وبالخصوص منها الكاثوليكيّة (5). لا يتناول هوبز، في الجزء الرّابع المُعنْون "في مملكة الظّلمات"، مملكةَ إبليس المفارقة للطّبيعة، ولكن مملكة الإكليروس في هذه الحياة الدُنيويّة التي هي عبارة على "كنفدراليّةِ مُخادِعين" يسعون جاهدين، لكي يبسطوا هيمنتهم على البشر في هذا العالم الآني، إلى إطفاء النّور فيهم، نور الطّبيعة ونور الإنجيل معاً من خلال اللّجوء إلى نشر عقائد ظلاميّة مضلِّلة؛ وبالتّالي للحيلولة بينهم وبين الاستعداد لـ"مملكة الرّب القادِمة".
إعتبارا لكلّ ما تقدّم، ليس من الغريب أن نرى الكثير من مناوئي سبينوزا قد ذهبوا إلى حدّ تضمين كتاب هوبز في اللاّهوت والسياسة، جنبا إلى جنب مع رسالة سبينوزا، في قائمة المنشورات الجديدة التي يجب مصادرتها ومن ثمّة حظرها. إنّ ردَّ هوبز نفسه على رسالة سبينوزا يوضّح ذلك أفضل توضيح. يقول لنا جون أوبري (John Aubrey) أوّلُ كُتّاب سيرة هويز، إنّ مؤلِّف اللّيفياثان، الكتاب الذي يمكن أن نعتبره كتابا جريئا بصورة استثنائيّة، كان هو نفسه قد ذُهِل من جرأة سبينوزا. فهوبز يعتبر أن صاحب الرّسالة، حسب ما يرويه لنا أوبري: "ذهب أبعد منه أشواطا طويلة، إذ أنّه [أي هوبز] لم يتجرّأ على الكتابة بمثل هذه الجسارة"(7).
ليس هناك أدنى شكّ في أن يكون سبينوزا قد قرأ الليفياثان (حتّى وإن كان مضطرّا أن يقرأه في التّرجمة اللاّتينيّة أو النييرلنديّة)، وأيضا كتاب فان دان هوف "مصلحة هولندا" الذي أشارنا إليه أعلاه(8). إنّ ما وجده سبينوزا في هذين الكتابيْن كان بالتّأكيد بالنّسبة له مصدر إلهام وإسهام كبيريْن في تغذيّة تأمّلاته في الدّولة، وتصوّراته بخصوص الدّين والإجراءات الواجب اتّخاذها من أجل الوقوف ضدّ تدخّل رجال الدّين في الشّؤون السياسيّة.
****
لا يستهلّ سبينوزا رسالته بالتّصدّي المباشر لمشكلة اللاّهوت والسياسة. لكن ما سيؤكِّده في الفصول الأولى بخصوص جملة من المسائل اللاّهوتيّة، والدّينيّة والتّاريخيّة من شأنه أن يهيِّء الأرضيّة للنّتائج التي سيتوصّل إليها فيما يتعلّق بالعلاقة الملائمة بين السّيادة السياسيّة والسّلطة الكنسيّة داخل دولة عصريّة.
تبدأ الرّسالة بسرد مقتضب للتّاريخ الطّبيعي للدّين وبتأويل بسيكولوجي للتّوحيد التّقليدي. إنّ الدّين كما نعرفه، حسب الشّرح الذي يعرضه سبينوزا في مقدّمته، ما هو إلاّ خرافة منظَّمة. فرجال الدّين، المتعطّشون للسّلطة، يستعملون سذاجة أفراد الشّعب لكي يستغلّوا آمالهم ومخاوفهم من تصاريف الطّبيعة وتقلّباتها وما يُخبِّؤه لهم ظهر الغيب، غايتهم الوحيدة من كلّ هذا هو التحكّم في معتقدات النّاس وحياتهم اليوميّة. تُبرز مقدّمة الرّسالة حجم ازدراء سبينوزا للأديان الطّائفيّة، شاقّا في نفس الوقت الطّريق أمام شروحاته المختَزَلة والطّبيعيّة للعناصر العَقَديّة والتّاريخيّة التي تمثّل قلب التّقليد اليهودي-المسيحي.
كما سنرى لاحقا، يشنّ سبينوزا هجومه الأوّل ضدّ التصّور الدّيني التّقليدي للنّبوّة، والمعجزات، والرّب، والشّعب اليهودي "المختار"، وبالخصوص ضدّ البيْبل. لم يكن الأنبياء الأوّلون، في نظر سبينوزا، أفرادا متعلِّمين أو موهوبين، وبالتّأكيد لم يكونوا فلاسفة؛ إذ لم يكونوا غير شخصيّات كاريسماتيّة تتمتّع بخيال واسع بصفة خاصّة، وتكون لها القدرة على إلهام الآخرين من خلال رسالاتها الأخلاقيّة. فالمعجزات، مفهومة على أنّها أعمال خارقة للطّبيعة وإلهيّة، هي في حقيقة الأمر وبكلّ بساطة غير ممكِنة الحدوث. فكلّ حدث يحمل في ذاته عِلَّة طبيعيّة وتفسيرا، وقوانين الطّبيعة، باعتبارها أسمى تعبيرٍ لصفات الرّب، لا يمكنها أن تقبل أيّ استثناء؛ أمّا الإيمان بالمعجزات فهو مبنيّ على الجهل وليس مصدره التّقوى الحقيقيّة. وفيما يتعلّق بـ"رسالة" اليهود الإلهيّة فإنّ سبينوزا يحتجّ بأنّها لا تتمثّل مطلقا في هِبَة خاصّة ، ميتافيزيقيّة أو أخلاقيّة، بل تتمثّل بالأحرى في فترة طويلة من الحِكمة والتنظُّم السياسيّ وحسن الطّالع.
إنّ النتيجة، التي ربّما تكون الأكثر جرأة، والأكثر دلالة، والأعلى درجة من درجات الفظاعة (بالطّبع في عيون معاصريه) التي كان سبينوزا قد توصّل إليها في رسالته هي أنّ الكتابات المقدّسة ليست في الحقيقة إلاّ مجرّد عمل أدبي من صنع البشر. فهي أبعد من أن تكون ذلك المنبَع للحقيقة المطلقة حتّى وإن كان بإمكانها أن تمثّل وسيلة لتبرير إطاعة الرّب والخضوع لمشيئته، أي بعبارة أخرى فرض سلوك أخلاقي حَميد على العامّة. وهذا ما سيقود سبينوزا إلى نتيجة مفادها وجوب إعادة قراءة البيْبل من جديد للعثور في باطنه عن عقيدة "الدّين الحقّ"، بمعنى الضّرورة الأخلاقيّة الجوهريّة بالفعل المتمثّلة في محبّة الغير، والعيش حسب ما يمليه العدل والبِرّ. حينها فقط نكون قادرين على تحديد ما يجب عمله بالضّبط للإعراب عن إجلال حقيقيّ للرّب ونيْل الغبطة والسّعادة.
لقد كان سبينوزا متأكِّدا من أنّ تحليلاته سوف تساهِم في نفس الوقت في تحجيم قدرة السّلطات الدّينيّة العمليّة على السّيطرة على حياة المواطنين العاطفيّة، والفكريّة والجسديّة، وقدرتها على استخدام التّبريرات النّظريّة لإحكام تلك السّيطرة. يرى سبينوزا أنّ الدّروس المتضمَّنة في "الرّسالة"، لو سمعها ووعاها جيّدا حكّام المقاطعات المتّحدة فإنّ الصّراط المستقيم، نحو إعادة تأسيس علاقات نقيّة بين الدّولة والدّين، سوف تُفتَح على مصراعيْها خالقة بذلك محيطا ملائما لتحقيق الفضيلة والسّعادة الفرديّة.
****
من المحتمَل أن يكون سبينوزا قد ترك جانبا كتاب "الأخلاق" لكي يتفرّغ كلّية لتأليف "الرّسالة"؛ غير أنّ هذا لا يعني بالضّرورة أنّه تخلّى، حتّى ولو مؤقّتا، على الاهتمام بكُبرى الإشكاليات الميتافيزيقيّة والأخلاقيّة. فإذا كان هناك موضوع يمكن أن نجده حاضرا دائما وعلى امتداد مجموع كتابات سبينوزا فهو موضوع كيفيّة التّحرّر من العبوديّة، سواء كانت عبوديّة بسيكولوجيّة، أو سياسيّة، أو دينيّة. "الرّسالة" و"الأخلاق" هما عملان يمثّلان جزءًا من نفس المشروع الفلسفي والسياسي الكبير الذي انخرط فيه سبينوزا: تحرير الأفراد من براثن الخرافة والوهم، وتخليص حياة المواطنين من مخالب سلطة الكنيسة. كان سبينوزا، في نهاية المطاف، يصبو إلى إقامة المجتمع الدّيموقراطي المتسامِح الذي يتألّف من أفراد يقود أعمالَهم الدّينُ الحقّ (أي الأخلاق).
كرّس سبينوزا هذيْن العمليْن في البحث عن الحريّة، باعتبارها استقلالا ذاتيًّا وحكمًا ذاتيّا أيضا. في "الرّسالة" نرى أنّ الأمر يتعلّق بالتحرّر من الانفاعلات المخالفة للعقل مثل الأمل والخوف، ومن المعتقدات الخرافيّة والشّعوذة التي تُولِّدها مثل تلك الانفعلات. فكلّما تقدّمنا أكثر فأكثر نحو وضعٍ عقلانيّ، ونحو إدراك سليم للطّبيعة والمكان الذي يحتلّه فيها الكائن البشريّ، تضاءلت أكثر فأكثر قوّة الانفعلات السلبيّة ويصبِح الأفراد جرّاء ذلك أكثر استقلاليّة. إنّ أفعال الأفراد قليلا ما تتمّ نتيجة للطّريقة العشوائية التي تعتمدها القوى الخارجيّة للتّأثير بها عليهم، بل تَتِمّ بصورة أكبر من خلال معرفة هؤلاء الأفراد لحقيقة العالَم. والأفراد الأحرار حقيقة والذين يصفهم كتاب "الأخلاق" يفعلون انطلاقا من معرفتهم وليس حسب انفعلاتهم.
تمثّل "الرّسالة" مرافعة طويلة من أجل الحريّة في المجال السوسيو-سياسي: حريّة التّفكير والتّعبير، وبالخصوص حريّة التّفلسُف وحريّة المعتقَد (على الأقل شريطة ألاّ تقتضي هذه الأخيرة نشاطات في الفضاء العامّ). ولا يجب كذلك الخلط بين حريّة التّفلسُف وحريّة المعتقَد بأيّ حال من الأحوال، إذ أنّ الأولى تتعلّق بالبحث عن الحقيقة في حين أنّ الثانية تكون مرصودة للحثّ على فعل العمل الصّالح (السّلوك الأخلاقي). تتوالى القضايا المطروحة في "الرّسالة" وتترى ساعية لعرقلة الوسائل المختلفة التي تستخدمها السّلطات الدّينيّة من أجل مراقبة عقول وأفعال العباد والاستحواذ على سلطة الدّولة.
إذاً يجب أن نعتَبِر "الأخلاق" والرّسالة في اللأّهوت والسياسة كتابيْن متكامليْن. فكلّما تحّرر شخص مّا أكثر على المستوى الفردي، كانت معتقداته أكثر عقلانيّة، وكانت أقلّ عرضة للوقوع في أسر الخرافة وقيود المتعصِّبين الدّينيّين. وأيضا، فكلمّا ازدادت الدّولة تحرُّراً من تأثير الإكليروس ومحكومة بمبادئ ديمقراطيّة ليبراليّة، كانت حريّة مواطنيها أكبر للتّفرغ للفلسفة وبلوغ الحقائق التي من شأنها أن تحرِّر عقولهم. فكلا الكتابيْن،الرّسالة والأخلاق، اللّذيْن يعملان سويّة لمصلحة نفس القضيّة، يقدّمان نقدا عميقا للدّين: الأوّل من وجهة نظر لاهوتيّة، سياسيّة وتاريخيّة، والثّاني من منظور ميتافيزيقي وأخلاقي.
ولأنّ هذيْن الكتابيْن وقع تأليفهما تقريبا في نفس الفترة، فحالما أتمّ سبينوزا الرّسالة عاد لإتمام كتاب الأخلاق، فلا غرابة إذن أن نجد الأفكار المعروضة في أحدِهما منعكِسة في الآخر. فالقضايا ذات الطّابع السياسيّ المطروحة في القسم الرّابع من "الأخلاق"، على سبيل المثال، تشكّل إذا جاز القول نسخة مُختصَرة للبَرهَنة بخصوص الدّولة التي نعثر عليها في الرّسالة؛ من غير المرجَّح أن تكون هذه القضايا قد صيغَت بتلك الطّريقة إذا لم يكن سبينوزا في غضون ذلك لم يقرأ هوبز ولم يؤلِّف الرّسالة في اللّاهوت والسياسة. من جانب آخر، نرى أنّ تصوّر الرّب الذي يعرضه سبينوزا في كتاب الأخلاق يصوغ تفسيره للعناية الإلهيّة في الرّسالة: "مشيئة الرّب وأوامره، وبالتّالي عنايته، التي نجدها في الكتب المقدّسة لا تعني شيئا آخر غير نظام الطّبيعة ذاته"(9). وبالفعل، تسلّط الرّسالة الضّوء على التّداعيات اللاّهوتيّة، والدينيّة، والسياسيّة المترتِّبة عمّا كان كتاب الأخلاق قد افترضه بخصوص الرّب، والطّبيعة، والكائن البشري، والمجتمع. كان سبينوزا يطمح إلى رؤية سياسة الأمل (الوَعْد)، والخوف (الوعيد) تحلُّ محلّها سياسة العقل، والفضيلة، والحريّة، والسّلوك الأخلاقي. والكتابان، الرّسالة والأخلاق، يقدّم كلّ منهما مساهمته لتحقيق هذه الغاية.
يمكن القول إذاً أنّ سبينوزا لم يتناول مشروعا جديدا عندما شرع في تأليف الرّسالة عام 1665، بل واصل في نفس المهمّة حتّى وإن كان ذلك قد اتّخذ وجهة مغايرة واعتمد على آليات ووسائل مختلفة. وبالفعل، فإنّ المسائل الدّينيّة والسياسيّة التي تناولها في الأخلاق: قيمة الكتب المقدّسة وتأويلها؛ اليهود شعب الله "المختار"؛ أصول الدّولة؛ الطّبيعة؛ شرعيّة السّلطتيْن السياسيّة والدّينيّة وحدودها؛ في ضرورة التّسامح؛ كانت كلّها بالتّأكيد مسائل تشغل سبينوزا منذ إقصائه من الطّائفة اليهوديّة في آمستردام. فكلّ الشّهادات بخصوص معتقدات سبينوزا الدّينيّة التي تعود تقريبا إلى الأعوام 1655-1657، ومن بينها شهادات الكابتن مالترانيلاّ والأخ توماس، تشير جميعا إلى أحكام بخصوص الكتب المقدّسة تتطابق جوهريّا، إذا صدّقنا ما قاله شهود كانوا على العموم معادين للفيلسوف الشّاب، مع الأحكام التي ترد في الرّسالة. ثمّ هناك نصّ، ظلّ مفقودا طيلة قرون عديدة، عبارة على Apologia، أي دفاع سبينوزا ضدّ "إبْعادِه" عن الدّين اليهودي يُفتَرض أنّه قد كتبه بعد فترة زمنيّة قصيرة من الحِرْم (ووُصِف في تقرير قديم على أنّه "أطروحة ضدّ العهد القديم")، وهذا النصّ يشتمل على جزء هامّ ممّا سيظهر لاحقا في الرّسالة، بما في ذلك انكار سبينوزا للأصل الإلهي للتّوراة ومزاعِم "اصطفاء الأمّة العبريّة". وهكذا، ففي حين يمثّل كتاب الأخلاق محاولة سبينوزا الذي تخلّى عن إتمام "رسالة قصيرة"، إعطاءَ أفكاره حول الميتافيزيقا والأخلاق تعبيرا أدقّ، فإنّ الرّسالة في اللّاهوت والسياسة تقدّم، ضمن تعبير ناضج ومتطوِّر مفاهيم دينيّة كانت قد رافقت فقدانه للإيمان وهي التّجربة التي عاشها وهو بعدُ شابّا في مقتبل العمر.
على العكس من اللّهجة الباردة واللاّمبالية لكتاب الأخلاق، نجد الرّسالة تنمّ عن لهجة متحمِّسة تذهب إلى حدّ السّخط والغضب. ولا يسعنا إلاّ أن نلاحظ ونتحسَّس هذه الهمّة العالية والإلحاح الرّفيع اللّذيْن يسريان برقّة وعذوبة (وأحيانا بأقلّ رقّة وعذوبة) عبر فصول الكتاب كلّها. كلّ ذلك لأنّ الرّسالة تمثّل الردّ على أحداث قريبة العهد كانت قد مسّت شخصيّا الفيلسوف الشّاب؛ أحداث كانت تقدّم، على الأقلّ من وجهة نظره، مؤشِّرا خطيرا على تردّي مستوى التزام المقاطعات المتّحدة إزاء مبادئها الأساسيّة. في نهاية عام 1665، سنرى الأفق السّياسي يتسربل بألوان داكنة، ومن ثمّة لن يزداد الوضعُ إلاّ سوءًا.
(يتبع)
-------------------
هوامش
(1) HSIA, R. Po-Chia, VAN NIEROP, H.F.K. Calvinisme and Religious Toleration in the Deutch Age, Cambridge, Cambridge University Press, 2002, p. 75.
(2) نفس المصدر
(3) كان اسمه أيضا بالفرنسيّة Pierre de la Court
(4) اعتمدنا في نقل هذا الاقتباس على ترجمة ديانا حرب وبشرى صعب مع بعض التصرّف فيما ارتأيناه مناسبا أكثر لتأديّة فكرة هوبز أو لتوضيح المعنى بجُمَل وتراكيب اعتبرناها أقرب إلى أسلوب اللّغة العربيّة وأفصح. اللّفياثان، دار الفارابي وهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث،أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، 2011، ص 455. [المترجم]
(5) لقد دار جدل كبير حول مسألة إلحاد هوبز الفعلي. أنظر مثلا: MARTINICH, A.P., The Two Gods of Leviathan : Thomas Hobbes on Religion and Politics, Cambridge, 1992.
(6) اللّفياثان، ج 4، ص 579 في ترجمة حرب وصعب.
(7) AUBREY, John, Brief Lives, Oxford, 1898, I, p. 357.
(8) في كتابه Descartes and the Dutch, 1992, p. 9-10,، يقترح Verbeek أنّ رسالة سبينوزا يمكن أن نعتبرها شرحا للّفياثان.
(9) الرّسالة، حنفي، ص 230 (بتصرُّف).



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب صُنِع في الجحيم (3)
- كتاب صُنِع في الجحيم (2)
- كتاب صُنِع في الجحيم (1)
- رَبُّ القَبائل، إسلام محمّد
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (14)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (13)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (12)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (11)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (10)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (9)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (8)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (7)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (6)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (5)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (4)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (3)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (2)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (1)
- سورة الفيل والتّفسير المستحيل!
- مَكّابِيُّون وليسَ مكّة: الخلفيّة التوراتيّة لسورة الفيل(2)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تطلق نحو مئة صاروخ على حيفا ووسا ...
- قائد الثورة الاسلامية يهنئ المنتخب الوطني للتايكواندو
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف 5 مواقع عسكرية إ ...
- ترامب يتعهد بـ-ترحيل كارهي اليهود- إذا أُعيد انتخابه.. وهكذا ...
- جودة عاليه Toyor Baby تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 ...
- رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي قره داغي: على ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف 5 أهداف بخمسة عمليات منف ...
- باسم يوسف يسخر من محاكمة نتنياهو و-تحيز أمريكا-
- مشعل: ستنهض الروح الفلسطينية من جديد كالعنقاء
- ” استقبلها وارتاح من زنهم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - كتاب صُنِع في الجحيم(4)