أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: ابتسامة تصلح لنهاية الطريق...














المزيد.....

قصة قصيرة: ابتسامة تصلح لنهاية الطريق...


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 23 - 16:10
المحور: الادب والفن
    


ذهبت لطبيبة أسنان بعد ليلة كاملة من ألـم لا يطـاق... الأسنان تميّـــز بيـن اللّـيـل و النهار و تحــب السهــر، تــريدك مفـتـوح العينين و تولـول، كل الخلطات العجـيبة و المسكنات لا تجدي نـفـعا. رغم فـوبيا كرسي الطبيب الذي يشبه كرسي تعــذيب و استنطاق، وجـدت نفسي عند العيادة، لا أعـرف كيف لبست ثيابي، استقبلتني بنفسها، تساءلـت أين الممـرّض الذي يقـف عادة هنا؟
أم تراها كانت تشعر بألمي، أدخـلتني قـاعة الفحـص بـدل قـاعة الانتظار... وجـدت إمرأة مسنة أمامي تراجعــت معتذرة، فقـالـت الطبيبة: لا، أدخلي... عادي.
جلست على على مـضض منتظـرة دوري، و العجوز أمامي بكامل ثقـلها و حليّها و الوشم المنكمش أسفل ذقنها كأنه عنقـود عـنب متعـفـن يسحبها للأسفل، فاغـرة فمها و الطبيبة بأداوتها متأهبة لنزع بـقايا ضـرس متآكل، باقي الأسنان أسقطتهم في دروب هذه المدينة المـدفــن....
سألتَها: يالحاجة مـوالـفة تروحي لطبيب أسنان؟
ـــ مع أن الإجابة كانت أكثر من واضحة في فمها على شكل فراغات.
ـــ قالت العجوز: نعم يا بنتي.
بدأت تنزع بقايا ضـرس متآكل، قلبي كان يخـفـق بشدة... امتلأ فم العجوز باللّــعاب مجّته و بصقته على الأرض... ثارت ثائرة الطبيبة... ألم تقولي أنك متعودة على زيارة طبيب أسنان. هنا يبصق الناس... هنا مكان البصاق؟.
انتـفـضت مـن مكاني و كل شتائم الـدنيا على طـرف لساني، قـرصني ألم البارحة من أذني و قـاطـعـتنا العجوز اسمحي لي يا ابنتي لم أنتبه، أعـدت الجـلـوس....
همّت الطبيبة بنزع ضـرس آخر، و هي تلوي فمها و متقزّزة كأنها تغيّــر حفاظا في حضانة أطفال أو في دار عجزة.
نطقت العجوز التي تكظم غيضها، ماذا تفعلين؟ لا تنزعي الآخـر، لن أتحمل الــوجـــع.
ردت الطبيبة بصوت مرتـفع: ميـن المعلّم فيكم، أنت أو ابنك؟
ابنك قال: "اقلعي بالزوج باش نركبلها طاقهم أسنان و نخلص.
ردت العجوز: المعلّم اللي واجعـو الـفـم.
اثلج قلبي ردّها، و خرجت مع العجوز قاصدة ميكانيكي آخر فأطباء الأسنان يدرسون خمس سنوات ليخلعـوا ضـرس، كان عمي "الباهي" ينـزعـه في الأسواق قـديما بألم أقـل و يغـلف الأنياب بالـذهـب أو الفضة، أيام كانت الإبتسامات من القلب و تلمع.
خرجنا و تركت الطبيبة تركض ورائي لنهاية الشارع مرددة عبارتها، انتظري ... انتظري.... قلت لها إذا لحقتي بي سينبت لهذه العجوز أسنان. انتبهت أنني كنت أنتعل حذائي بالمقلوب إحدى فـردتيه لأبي.
هذا الصباح تعرّفت على تلك العجوز، سلمت عليها و سألتها؛ بخيــر؟
سحَبت طقم أسنانها و ردت: بخير يا الوردة...
فضحكت بفـرح لأول مرة منذ أشهـر.
أعادته لفمها و بادلتني الضحك...
ثم نزعته و وضعته في حـقيبة يدها، قائلة لا هو ركب على فمي و لا فمي ركب عليه...
في أوج غـرقنا في موجة الفـرح العارمة تلك، أتى لص و سرق الحــقـيبة، شرعت في الـركض و العجـوز تعرج ورائي، أتركيه يا بنتي تخلصت منه، أتـركيه...
بعدا أيام بينما كنت أبحث عن كتاب قـديم، عثرت على طقم أسنان يباع في بسطة السوق مع سمّاعة أذن و عصا من خشب الصندل و سحاب بنطال بأسنان نحاسية و حبة بندق، عندما سألته عن سعر طـقم الأسنان، و رد بعشرين ألف، لا أدري لماذا خيل لي أنه يبتسم كــقـندس.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة الأولى من مجموعة: أنتِ أولى بنبضك...
- كلمات آبقة
- قصة قصيرة العايب
- الفصامي عن الفيلم القصير اثنان ناقص واحد ل-أشرف النجاد- و - ...
- قراءة في مجموعة قصصية طفلان ضائعان للقاص و الروائي -سلام إ ...
- قصة قصيرة: كمّامة عزلة
- قصة قصيرة: الرّدية
- قصة قصيرة: عاثر حظ
- قصة قصيرة: أرواح معلّبة
- قصة قصيرة: حورية خلاسية
- قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون
- قصة قصيرة عنوانها: مكيرد
- قصة قصيرة: أزرار مفتوحة
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: ابتسامة تصلح لنهاية الطريق...