أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي النجار - اسئلة المثقف الاشكالي














المزيد.....


اسئلة المثقف الاشكالي


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 07:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في اجتماعنا العربي الإسلامي تجد جماهير غفيرة في ثقافة المرويات والسرديات عزاءها الوحيد، حتى لو كانت هذه الثقافة توهمية، هم يعرفون ذلك أحياناً ولكن ما كانوا ليتحملوا الحياة لولا هذا الغوث الميثي والسحري، هذا الغوث يوفر لهم الحل والمخرج، يساعد الناس بهذا النحو أو ذاك على الانتصار للتخلص من الشعور بالنقص والعجز، والإحباط وفقدان الأمل، ويفسر المفكر الإيراني مصطفى ملكيان بان يلجا الإنسان إلى مثل هذا الغوث إذا واجه حدود قدراته وإمكاناته، واصطدم بعجزه وضعفه، ويضيف وهو على حق، الغوث الأسطوري والسحري يحطم هذه الحدود والحواجز في بعض الأحيان، أو يجعلها مفهومة ومستساغة في أحيان أخرى، وهو في الحالتين يساعد الكانسان على التخفيف من معاناته وأحزانه. لذلك يبدو سؤال سيجموند فرويد جميلاً للغاية: كيف تريد أن تسحب من تحت أقدامهم هذا السند من دون أن يكون لديك شئ أفضل تقدمه بالمقابل؟!
على العموم فان ثقافة المجتمعات العربية الإسلامية تقليدية قارة، طاردة بعنف للإشكاليات العقلانية الجديدة، (الإشكالية: هي النظرية التي لم تتوفر إمكانية صياغتها فهي توتر ونزوع نحو النظرية، أي نحو الاستقراء الفكري/محمد عابد الجابري) لأنها ،أي هذه الثقافة التقليدية لا ترغب بالعزوف عن صناعاتها الخيالية التي تشبه مكوك النساجين، تستلذ بممارسة هذه الصناعة التي استورثتها من تنضيدات وسرديات الأسلاف وشبكة مفاهيمهم العتيقة، والآن تسوقها بمتعة وسهولة إلى الناس دون إخضاعها للاستفهامات أو النقد حتى لو استعارت بعض المفاهيم والمصطلحات من شبكة مفاهيم الحداثة، مثل :حقوق الإنسان/الدستور والانتخابات/الديمقراطية والحرية...الخ .
اعتماداً على تحديد الجرجاني للمشكل: "ما لاينال المراد منه إلا بتأمل بعد طلب" فالإشكال صفة لقضية لا يظهر فيها وجه حق ويمكنها أن تكون صادقة؛إلا انه لا يقطع بصدقها، فالمثقف الإشكالي (نزعم إن هذا التوصيف من ابتكارنا) لايندفع في تأكيد ثقافة اجتماعه، إنما يصنع خطابه المتميز (الخطاب:بمعنى كلام ،مقال، هو التعبير المادي عن الفكر) يصنعه على هيئة أسئلة مريبة،إشكالية،غير وضعية ولاجزمية أو اطلاقية ولانهائية، بمعنى انه دائما في نزوع نحو الاستقراء الفكري، وبذا هو وحده الذي يتجاسر ويفض بضاعة ثقافة قومه التقليدية، ومن هنا يحدث الإشكالي ضعضعات مخيفة في ثوابت أبناء جلدته وأجهزة مفاهيمهم ومرجعياتهم ومخيالهم النصي، فتبادر على الفور أجهزة السلطة (الثقافية والسياسية) طرد هؤلاء الإشكاليين الذين تجاوزوا على الأعراف والتقاليد واخترقوا سنن الآباء والمعصومين، ومن هنا أيضا يبدأ اتهامهم بالهذيانات والتهريفات، اتهامهم بالجنون والعقوق والكفر والفسق والزندقة، بهذه اللائحة القانونية وتحت وطأتها يساهم المجتمع ونخبه التقليدية بإقصاء النوع الإشكالي من المثقفين باعتبارهم: أعداء !
يمضي الإشكالي مبتهجاً في العمل بالمواد التي يملكها والتي هي ذاته، يلتهم كل شئ: المشاعر/المخلوقات/ الكتب/ الأحداث/ المعارك/ وعلى حد تعبير بابلو نيرودا: لو استطعت لأكلت الأرض وشربت البحر جميعه. يتمرد الإشكالي على أخوانه الكبار وآبائه التثقيفيين، يكف عن اعتبارهم حججاً وأوصياء أو مرجعيات، هو بهذا المعنى يقترب من تحديد ريجيس دوبريه، التحديد الذي يسربه لنا من خلال ناريه وجدرانه الأربعة: "أي فرد قادر على ممارسة إدراكه مستقلاً عن انفعاليته متحركاً بقوانينه الخاصة وواجداً فيها طاقة الإقلاع بلا محركات أخرى غير التي يعطيها لنفسه"، انه يشبه ذلك المثقف الذي يسميه انطونيو غرامشي: "المثقف العضوي"، المتوتر الحواس كالسهم على وشك مغادرة قوسه، وقد لا يصل إلى عمر الشيخوخة لأسباب تتعلق بقطع رقبته في احد أقبية التطهير الثقافي، المثقف الإشكالي نقيض ذلك التقليدي الانتهازي، الذي تعلم القفز المتقن، القفز ساعة الصفر نحو أي طعم لذيذ مثل سمكة دنيئة، انه يعرف وبأي الأوقات من أين تؤكل الكتف، الانتهازي نعني به المشتغل بالثقافة وليس التاجر مثلاً –لان طبيعة التجارة انتهازية- ينتحر ثقافياً ولكن على مستوى آخر ينتصر كي يصل إلى أفضل حالة تلغي حياة الفاقة وتحقق له المزيد من الابتهاجات ووفق معيار دوبريه الانف الذكر ستكون سحنة الانتهازي الثقافية ألغيت تماما، لم يعد مثقفا بل أي شئ آخر !!



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسكويه فيلسوف الادباء
- الاكراه والاختيار في الخطاب الاسلامي
- الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون
- للعقل وقت وللخوف وقت
- الاسلام والفكر المعاصرحوار مع المفكر محمد أركون
- التسامح وقبول الاخر
- الاسلام والمعابر الى الديمقراطية
- الثقافة الاسلامية وتصحيح الاسئلة
- الإطار المفهومي للعلمنة
- كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون
- جدلية الحداثة المادية والحداثة الثقافية


المزيد.....




- بيان من مجلس سوريا الديمقراطية بعد الإعلان الدستوري
- لأول مرة.. السعودية تتفوق على مصر وإسرائيل في المقاتلات العس ...
- اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النو ...
- بي بي سي تدخل قاعدة حميميم في سوريا التي تؤوي عائلات علوية ...
- متى يعتبر نقص الحديد في الجسم مشكلة؟ وما أفضل طرق العلاج؟
- الصين وروسيا تدعمان إيران مع ضغط ترامب لإجراء محادثات نووية ...
- البرتغال تشكك في شرائها مقاتلات -إف-35- خشية من موقف ترامب
- اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية -الحامل-
- أوربان يعارض القرض المشترك للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وي ...
- لوكاشينكو: منظومة صواريخ -أوريشنيك- الروسية ستدخل في الخدمة ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي النجار - اسئلة المثقف الاشكالي