أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فرحات - قطار الليل نحو لشبونه














المزيد.....

قطار الليل نحو لشبونه


محمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 7138 - 2022 / 1 / 17 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


أن يقرأ فقرة من كتاب بلغة غريبة، فيقرر أن كاتبها ما كتبها إلا له، فيقرر التوقف عن إكمال روتين حياته، يترك كل شئ، يذهب يبحث عن كاتب تلك الفقرة التي قلبت حياته وغيرتها تماما، يبحث عنه في حياة كل من عاش معه، هل تبدو فكرة رواية قطار الليل للشبونة خيالية نوعا، هل بحثك عن شغف ما قد يأسرك بين ما يقارب الستمائة صفحة. ولكما قررت أن تغلق الرواية ولا تعود إليها، تراك تعاودها وتزيل ما علق بها من غبار آثار ملل ينمو كطحالب خضراء بين جنبات سلم رطب مهجور...
رواية "قطار الليل نحو لشبونة." للفيلسوف الفرنسي باسكال مرسييه، رواية ساكنة ليست متحركة، تدور حول نصوص كتبها أحدهم بكتابه يحكي تجربته ومحنته، لم يكن البطل في الحقيقة يبحث عن الكاتب أو ملابسات ما كتبه، بقدر ما كان يبحث عن نفسه هو ذاته.
وحينما تكشفت ذاته لذاته فقد حياته وداعي وجودها، حينما تلبس بالمعرفة الحقيقة فقد قدرته على الاستمرار بالحياة ذاتها.
لم يكن أماديو برادو الطبيب الفيلسوف الثائر بأحد المنظمات اليسارية ضد ديكتاتورية حكم سالازار الرهيب، في حقيقته غير موندوس جريجوريس عالم اللغات الميتة الممل والذي لم تطق زوجه رتابة حياته فهجرته لتعيش مع غيره.
لم تكن تلك العلاقات الطارئة على حياة موندوس غير صور مما تمنى أن يتلبس بها طيلة حياته.
تحول النص الروائي لفيلم سينمائي رائع يأخذك بعيدا لتتفحص تلك الكهوف الغائرة بنفسك تكلله اقتباسات فلسفية لبسكال مرسييه حول الذات البشرية وتباينها حيال الوجود الثابت المراقب بصمت سادر في تأمل مصائر البشر ومآلاتهم.
والفيلم بطولة الممثل البريطاني المخضرم الذي لم ينل ولو قدر يسير من الشهرة التي يستحقها هوليوديا جيريمي إيرنز يؤدي الدور الرئيسي في الفيلم ـ كما هو في الرواية ـ لمدرس تاريخ لغات سويسري ـ ريموند غريغوريوس ـ يلتقي صدفة فتاة برتغالية تحاول الانتحار من على جسر قرب مدرسته، فينقذها وتختفي تاركة كتابا غريبا يلفت انتباهه ويشكل كل قصة الفيلم.

أغلب التصوير الخارجي في البرتغال، وبعضه في سويسرا وهناك تصوير في ألمانيا بالطبع (بلد الانتاج).

الكتاب لطبيب برتغالي متوفى شارك في المقاومة ضد ديكتاتورية حكم سالازار، لكن أفكاره أثارت اهتمام المدرس السويسري، فترك مدرسته وسافر إلى لشبونة للبحث عن المؤلف وحكايته.

في الفيلم ثلاثة أطباء، الطبيب أمادو دا برادو (يؤدي دوره الممثل البريطاني جاك هستون) بطل الحكاية وابن قاض رفيع المستوى في برتغال سالازار، ورفيقه في الدراسة والنضال جورج، غريمه في حب بطلة الحكاية والمقاومة ستيفانيا سبينوزا (تلعب دورها الممثلة الفرنسية ميلاني لوران) وهو طبيب صيدلي.

والطبيبة الثالثة هي طبيبة العيون ماريانا (تؤدي دورها الممثلة الألمانية مارتينا غيديك) التي تعالج المدرس في لشبونة، وعمها المسن هو الضلع الرابع في خلية المقاومة مع أمادو وجورج وستيفانيا.

أماديو الطبيب الذي أراد ان يكون كاتبا ولم تجعله مهنة الطب مقاوما شرسا مثل رفيقه جورج يتمرد على أرستقراطية أبيه وإن تعلق بأخته (التي جمعت مذكراته بعد وفاته ونشرتها في الكتاب محور القصة) وتحبه ستيفانيا فتفرق بينه وبين رفيق عمره ... ويموت بسبب حالة صحية يعاني منها تؤدي إلى انفجار شريان في مخه.

تبقى كلماته بالنسبة للمدرس السويسري أكثر من أي شئ آخر، ويبقى نبل ممارسته للطب لدى أخته التي لا تعتبره متوفيا، ويبقى إخلاصه للصداقة وللمقاومة عند رفيقه جورج ويبقى حبه الطاغي لدى ستيفانيا.

عقدة الفيلم الفلسفية حين ينقذ الطبيب (المقاوم سرا) رئيس البوليس السري مينديز بعدما هاجمه متظاهرون وكادوا يفتكون به، فيلومه رفاق المقاومة بعنف ويحاول الدفاع بأنه طبيب مهمته "ألا يتألم الناس" وليس قتلهم.

حفيدة منديز ـ الذي عرف باسم "جزار لشبونة" ـ هي التي اكتشفت الكتاب في برن بسويسرا وكادت تنتحر لينقذها الأستاذ غريغريوس ويبدأ رحلة الفيلم بحثا في السياسة والحب والفلسفة.

تصوير يبدو تقليديا، لكن بروعة ممتعة، تضفي عليه طبيعة مواقع البرتغال التي اختيرت للتصوير حالة تمزج بين الماضي والحاضر من خلال الحارات والبيوت والبحر والمناطق المفتوحة.

رغم السياسة والفلسفة وقلة "الأكشن" إلا أن الفيلم لا يصيبك بالملل، وتكتشف فيه أشياء إنسانية بسيطة وفي غاية العمق في آن.
ويظل أروع ما في الفيلم موسيقاه للألمانية الرائعة آناتي فوكس، سيناريو وحوار أوليريش هيرمان إخراج بيل أوجست.
هي دعوة لمشاهدة الفيلم وقرائة الرواية س



#محمد_فرحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألعاب اللغة-2-
- ألعاب اللغة-ما بعد نظرية الأدب-
- نيتشة وعزة تلجراف عند-مصطفى أبوحسين-.
- -نسائي الجميلات- لأمنية طلعت، أدب الممانعة.
- -تاريخ موجز للخليقة، وشرق القاهرة- معزوفة المشترك الإنساني.
- ليس ثمة مايدعو للبهجة...
- ولي النعم
- وكان الفتى الأشقر
- -السنجة- أحمد خالد توفيق.
- مائدة الزعيم
- -مارواه البحر- لساندرا سراج
- الكاتب السري
- سيزيف الهلباوي-5-
- الحكم بعد المداولة.
- قطار الهلباوي، وموعد مع السقوط! -3-
- سعد والهلباوي -2-
- رواية أحاديث الجن والسطل إصدار دار ابن رشد ، ومناشدة للجهات ...
- كان لسان الهلباوي؟!-1-
- العود الأبدي بين الفلسفة والرواية
- تماهي يومي مع النشرة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فرحات - قطار الليل نحو لشبونه