|
الفلتان الامني يعصف بحلم الدولة الفلسطينية ويستر دون قرار لواجهته
طارق العربي
الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:19
المحور:
القضية الفلسطينية
لقد صنف الباحثون على مدى العصور أهمية الأمن في حياة الفرد والمجتمع في موقع متقدم بل إن كثيرا منهم رأى أن نشأة المجتمعات الإنسانية قامت على ركيزة الحاجة للأمن ولكن كيف يجد الأفراد أنفسهم بدون امن داخل المجتمعات التي كونوها وعاشوا فيها والى أي خيار سيتجه هؤلاء الأفراد في المستقبل؟ اإن نشأة ظاهرة الانفلات الأمني في المجتمع الفلسطيني ، واستمرار تعمقها بشكل متزايد مع مرور الوقت ، أمر يدعو الفلسطينيين للشعور بالقلق ، ويجعل المواطن البسيط يتساءل ، من المسئول عن هذه الظاهرة ؟ ومن المستفيد من استمرارها على هذا المنوال ؟ والأهم اين الأجهزة الأمنية الفلسطينية من القيام بدورها المناط بها في الحفاظ على الاستقرار في ظل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي السادية؟ وهو االأمر الذي لا يزال يثير سخط الناس على سياسة المؤسسة الرسمية الفلسطينية في التعاطي مع ظاهرة الفلتان الأمني والتي تتمثل في ادوات لا تزيد عن مفهوم التعايش معها مما يؤدي بشكل متزايد الى تعميق الظاهرة ، والمساهمة في لعب المزيد من الاشخاص دوراً في نشر حالة الانفلات الامني بغية حماية مكتسباتهم السياسية والاقتصادية وحاجاتهم الامنية .
بداية الفلتان ... مسؤولية الاحتلال
يرى العديد من المحللين السياسيين أن ممارسات الاحتلال الاسرائيلي القمعية شكلت حالة تعدي صارخ وانتهاك مستمر على الأجهزة الأمنية حيث تعرضت أفراد هذه الأجهزة لحالة من الاضطهاد والتعذيب والقتل والتنكيل والضرب عدا عن اقتحام المقرات وهدمها واعتقال منتسبيها ، وهذا كله أدى حدوث الفوضى في المجتمع الفلسطيني ، وتعزيز الشعور لدى المواطن بعدم الثقة بهذه الأجهزة لكونها عاجزة حتى عن حماية نفسها ، فكيف تحمي حياة المواطنين بكافة جوانبها . ويضيف البعض الأخر أن اتفاقيات أوسلو وطبيعتها المرحلية انعكست على وسائل وأدوات ونتائج ، بنية النظام السياسي الفلسطيني ، الاقتصادية والتشريعية والأمنية وحتى القضائية ، حيث كان مطلوبا بناء سلطة مؤقتة محدودة الصلاحيات والموارد والحدود من أجل تهيئة الشعب الفلسطيني للانتقال في مرحلة تشييد الدولة بالرغم من عدم تحديد اطار زمني واضح تقام في نهايته الدولة الفلسطينية وهو ما أنتج مؤسسة فلسطينية برؤية مرحلية تحيط الشكوك إلى حد كبير بقدرتها الأمنية والادراية إلى جانب كفاءتها في سياسة الأمور الحياتية. كما إن حالة الانقسام التي عاشها الشارع الفلسطيني بعد توقيع هذه الاتفاقيات قد عمق الازمة ، ففي حين انفردت حركة فتح في صنع القرار الفلسطيني برزت حركات سياسية معارضة على ، رأسها حماس ، التي أخذت في التشكيك بقدرة السلطة الفلسطينية ، وفي الوقت ذاته رفعت شعارها بضرورة إسقاط أوسلو الأمر الذي تمخض عنه إفرازات عدة وصلت أحيانا حد التصادم بين الطرفين ما أدى إلى وجود سلطة فعلية في الساحة الفلسطينية برأسين .
المجتع الفلسطيني وظاهرة الفلتان
جامعة النجاح الوطنية تقول :" ان القراءة الأولية للظاهرة تشير إلى علاقة وطيدة بين انتشار حمل السلاح وبين حالة الانفلات الأمني على الرغم من انتشار حمله والتلويح باستخدامه من خلال الاستعراض في الشوارع والمناسبات و الجنازات ، إلا أن المجتمع مارس حمل السلاح بشكل واسع منذ قدوم السلطة الفلسطينية ولم يحصل بسبب ذلك انفلات امني كما هو حاصل الآن ". وتضيف إن التطور الحاصل ، هو الانتفاضة ، بمعنى ان السلاح أصبح سلاحا ناشطا ومستخدما وفاعلا ، وغير خاضع للضبط من قبل المؤسسة الأمنية ولا حتى الفصائل الفلسطينية ، وصار يستخدم علانية من قبل الأفراد والجماعات الفلسطينية وبذلك ان حمل السلاح لم يعد حكرا على أبناء حركة فتح والأجهزة الأمنية للسلطة بل أصبح متاحا للفصائل الفلسطينية وللأفراد غير منتمين سياسيين . واستطردت قائلةً : " ومن خلال المعطيات المتوافرة لنا نجد أن انتشار ظاهرة حمل السلاح في الشارع الفلسطيني لم تكن لتنتشر ويتسع نطاقها ولم تكن لتتبلور ، لولا تحالف الكثير من القوى السياسية والشعبية ، وحتى الأمنية ، مع ظاهرة المسلحين لكن ما لم يرد على لسان الدكتورة فريال جاء على لسان لؤي الضابط في جهاز الشرطة الذي مضى إلى القول " إن السلاح الموجود في الشارع والذي اخذ غطاءا من المقاومة للقيام بأعمال وصلت حد النهب والقتل والخاوات هو من الممارسات التي تشكل ملامح هذه الفوضى ، الأمر الذي وضع المجتمع بحالة من الرعب والقلق الدائم ، والغضب والضيق من هذه الظاهرة" مشدداً على أن هذا الواقع أدى إلى فقدان المواطن الثقة بسلاح المقاومة وشرعيته إلى حد أن شرعية استخدام السلاح صار مرهون بحمله فقط دون وجود مرجعيات أو مؤسسات قادرة على وضع حد لهذه المشكلة .
إسرائيل ... المعتدي والمغذي ان السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية لم تكن مجرد ضربات عقابية لعدم قيامها بواجباتها الأمنية تجاه الاتفاقيات الموقعة فحسب بل إن هذه السياسات والضربات كانت على علاقة مباشرة باستحقاقات الوضع النهائي إضافة إلى رغبة إسرائيل في القضاء على مجمل مقومات الدولة الفلسطينية ، وخفض مستوى التوقعات والمطالب الوطنية لدى القيادة الفلسطينية . وكذلك الحاجة إلى إحداث حالة من الإرباك الداخلي لاجبار الفلسطينيين على إفراز قيادات أمنية وسياسية يمكن" التفاهم معها وتكون افضل من القيادة الحالية التي وقعت على الاتفاقيات وأدارت العملية السياسة" على حدّ قول الكتورة أمين كما أن نجاح إسرائيل بربط المقاومة في الإرهاب على الصعيد الدولي عمق من الأزمة وأدى إلى فشل السلطة في محاولاتها المتكررة الرامية لضبط الحالة الامنية بسبب التشكيك الذي رافق تلك المحاولات والضجة الاعلامية التي صاحبتها واحاطت بكل النشاطات على اعتبارها عملاً موجهاً ضد بنية المقاومة . في مواجهة الظاهرة الخطيرة
إن انقسام القيادة الفلسطينية والفصائل حول مفهوم الانفلات الأمني وعلاقته بحركات المقاومة أدى إلى تشتيت الرؤية في كيفية التعاطي مع هذه الظاهرة في الوقت الذي لم تتقدم فيه القيادة الفلسطينية حتى اللحظة لوضع خطة شاملة لإنهاء هذه الظاهرة ، وعدم صدور قرار حاسم منها في هذا الشأن. ومن وجهة نظر أمنية يقول الضابط لؤي : "عدم اتفاق القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية على أجندة سياسية واضحة جنباً إلى جنب حالة التفكك التي تسود كافة المؤسسات في السلطة ، والسيطرة الإسرائيلية شبه الكاملة على الوضع الأمني في فلسطين وسحب الملف الأمني بالكامل من السلطة وحتى على مستوى عمل شرطة السير . ويشير الضابط إلى أن أي برنامج للعمل وضبط الأوضاع الأمنية لن يستطيع المرور دون إذن مسبق من دولة الاحتلال التي تحتمي خلف شعار " لا يوجد شريك فلسطيني " لعدم رغبتها في إعطاء السلطة الفلسطينية فرصة للخروج من الأزمة ، وإبقائها غارقة في مشكلة الأمن الداخلي . إن واقع الأجهزة الأمنية الفلسطينية من حيث بنيتها وسياستها الداخلية واثر ممارسات الاحتلال على ادائها وعلاقتها بالمستوى السياسي افرز بشكل طبيعي ظاهرة الفلتان الأمني في الساحة الفلسطينية ، وفي ظل هذه الحالة باتت القيادات الامنية والسياسية والاجتماعية وحتى رجال المال والاقتصاد الفلسطيني يطلب ود المسلحين من خلال توفير المال والسلاح لهم في بعض الأحيان مقابل توفير الغطاء والحماية لمن يقوم على دعمهم بهدف حماية مكتسباتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
#طارق_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وطن البنفسج
-
احبك ...دون اقتناعي
-
بيروت
-
في مدارسة امرأة
-
في مدينة رديكالية
-
انا وةغزة والمشهد السريالي
-
هدى الغالية
-
سيدة حرة
-
الى رجل
-
كل شيء معد للخسارة
-
براءة من العرب
-
الملابس السوداء
-
ماذا تخسر
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|