|
السنة الامازيغية لا تصلح للأدلجة
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 7136 - 2022 / 1 / 14 - 19:39
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
https://www.yo اللهف وراء تاريخ الآخرين لا يؤسس لهويتك بل يطمسها، الملك شيشناق وإن كان امازيغيا فهو مصري وحتى قبره وكنوزه وجدت بوادي الملوك وأكثر من هذا لم يكن معروفا إلا حين اكتشف قبره بكنوزه الفضية، ينتسب جده الثامن إلى قبيلة المشواش بليبيا، أسس العائلة 22 وتسمى العائلة اللوبية او الليبية لا يعني الامر أنه ليبي لسبب بسيط: لا يمكن إسقاط الحدود الجغرافية الآنية على دول لم تكن تعرفها في الماضي وهذا يضع حدا لكل تلك الأبحاث التي بحثت ان تؤسس لتونسة شيشناق أو ليبيته أو جزائريته، ومعنى هذا أن مصر في عهد شيشناق كانت حدودها اكثر من حدودها الآنية والكثير من الحفريات تؤكد هذا، بل حتى رواية "الحمار الذهبي" لكاتبها أبوليوس في سفرياته تتكلم وكان الحدود بين شمال إفريقيا ومصر غير موجودة واكثر من ذلك استعان بالإلهة إيزيس لتعيد شكله البشري تكريسا لهويته الشمال إفريقة بمصرها وليبيتها وغيرها من دوال شمال إفريقيا. يعني لم يكن حينها ينطق لا الجزائر ولا ليبيا ولا مصر ولا المغرب ولا تونس، كان يتكلم عن بيئة أخرى تعرضت في زمنه لغزو إغريقي، لم يستولي شيشناق على الحكم بالقوة أو بالغزو كما يدعي الكثير من الملهوفين حول قوة الأمازيغ بل حسب موسوعة الويكيبيديا كان من أسرة تحتل مكانة مرموقة سياسيا ودينيا وعسكريا إبان آخر فروعن من العائلة 21، واكثر من ذلك كان متزوجا من ابنة الفرعون نفسه أي انه تسلم الحكم سلميا بسبب هرميته ومكانته في المجتمع الفرعوني بسبب تدهور الاوضاع في زمنه: لا غزو امازيغي لمصر ولا هم يحزنون كل ما هناك هو ان خريطة مصر كانت تتمدد او تتجزر حسب أوضاع حكم الفراعنة وقوتهم، لقد قيل :" لكل زمان ومكان رجال ودولة" بمعنى ان الدولة تتحدد بزمانها ومكانها فدولة المرابطين او الموحدين ليست هي هي المغرب الحالي ودولة العباسيين ليست هي العراق الحالي وإن تمركزت بالعراق وبشكل عام فالدولة الحديثة ليست هي الدولة في الماضي وليس مقنعا بشكل علمي من يؤجزر(من الجزائر) او يتنوس (من تونس) او يمغرب التاريخ لأن التاريخ برجاله ودوله المعلومة تاريخيا، يمكننا الحديث عن امازيغية شيشناق ليس فقط من خلال علاقته بقبيلة المشواش بل ايضا بعلاقته بالفضة، الشعوب الامازيغية تفضل الفضة عن الذهب وهذا سر يمكن بحثه انتروبولوجيا وإثنيا وغير ذلك، لكن لا علاقة له بالسنة الامازيغية او إيناير او ليلة العجوز او غير ذلك مما له علاقة بالميثولوجيا الامازيغية . السنة الامازيغية مقرونة بالسنة الفلاحية ومعنى هذا أنها تقليد لاستعاب وضبط دورة المناخ في المغرب والمنطقة المغاربية وربما كل حوض البحر الأبيض المتوسط باختلافات جزئية: هناك نص لنازك الملائكة تتكلم على هذا اليوم باختلاف ان نازك تتكلم عن 13 او 14 يناير وليس 12 يناير كما في المنطقة الامازيغية ويسمونه في سوريا بعيد القوزلي، وهناك ايضا تقليد في إسبانيا يسمونه "المناكي" وإن اختلف في صيغته الاندلسية عن المغاربية إلا انه يعبر عن هذه العملية من ضبط ايام معينة بحوادث مناخية تخلق التفاؤل أو التشاؤم بموسم فلاحي معين، سنة فلاحية. السنة القوزلية في سوريا هي من عدلها البابا غريغوريس إلى الزمن الغريغوري (السنة الميلادية حاليا) لكن ما يهمنا هنا وإن قلت المستندات فإنها في سوريا تقوم ايضا على ضبط واستيعاب الدورة المناخية في علاقاتها بالأرض والزرع. لا ادري لماذا نربط السنة الامازيغية بشيشناق وغن كان في السياق العام مرتبط بالشياكة الفرنسية، اكتشف قبر شيشناق سنة 1940م إبان الحرب العالمية الثانية من طرف بروفيسور فرنسي اسمه مونيتا، حينها لم يهتم احد بالحدث بسبب الحرب العالمية، احتاجت الشياكة الفرنسية ان تصنع له حدث في المعهد الامازيغي بباريس من خلال الباحث الجزائري الامازيغي عمار نقادي الذي وضع الرزمانة الامازيغية للسنة وحدد سنة الصفر في تولي شيشناق حكم مصر سنة 950 ق.م. سيشم البعض أن هناك تحوير المسألة في مؤامرة ضد الامازيغ، لكن بالنسبة لي المسالة ليست هكذا لان السنة الامازيغية هذه التي هي أيضا السنة الفلاحية موجودة بشيشناق او بغيره، في نظري التحديد الحقيقي أقدم من شيشناق لأنه ببساطة متعلق بالمناخ والأرض والجغرافيا وليس بإيديولوجية الغزو والغزو المضاد (غزو رمسيس في الغرب الإفريقي ورده بغزو الشرق الإفريقي من شيشناق حسب ما ينشر في الفضاءات الامازيغية). في نظري وبدون ادلجة صراع وهمي بين المغرب والمشرق العربي (مصر في العهود الفرعونية ليست عربية)، يجب ان نحتفل بالسنة الامازيغية بما هي عملية ضبط واستيعاب الإنسان الامازيغي لدورة المناخ في علاقته بالارض والمحاصيل الزراعية، عوض البحث في تاريخ شيشناق المصري يجب البحث عن دلالات ايام السنة الفلاحية الامازيغية المرتبطة بالدورة الفلاحية في علاقتها بالمناخ: ليلة إيناير هي هذا السحر الجميل : حكاية الاجداد للأحفاد لفهم طقوس الطبيعة وقساوتها في قصص ميثولوجي رائع يستهويه عقل طفل بشكل يصقل معارفه حول المناخ، قصة العجوز التي تحدت يناير برغم قسوته في البرد والثلج والعواصف، العجوز التي تحدت يناير متنكرة لقسوته حين أفصحت أن بقاءها رهين بقوة جسمها وأن يناير لا أثر له عليها ليقترض ينايريوما من فبراير لتجميد العجوز، الامازيغ الاصليون يحتفلون ايضا بيوم 31 يناير كيوم العجوز حيث يمنع الراعي والفلاح وأي بشر من الخروج لتجنب العواصف من برد وثلج وغير ذلك. السنة الامازيغية نحتفل بها عبر مدار السنة من خلال احتفالات متعددة وليس فقط في رأس السنة، نحتفل بها من خلال تامزوزرت، من خلال أغنجا (طقس لطلب المطر)، منخلال عدة طقوس، ويجب ان تكرس كتقليد هوياتي لا علاقة له بالسياسة والإيديولوجية، أي نظام سياسي عاقل في الدول المغاربية لن يكرسها ما دامت تبنى على سرقة تاريخ دولة كدولة مصر، لم يغزوا الامازيغ مصر ولا مصر غزتهم، كانت مصر جزءا منا بدليل رواية أبوليوس وربما جزء من شمال إفريقيا كان جزءا منها قديما، في التاريخ هناك محكيات لا تستقيم من قبيل مثلا: لماذا تحكم الإغريق والرومان من الجزائر وتونس وجزء صغير من المغرب فقط ولم يتحكموا في كل المنطقة؟ في رواية في وصف إفريقيا لمحمد الزياني في القرن 13 وصف منطقة مكناس بتعرض سكانها لافتراس الأسود، كيف تبنى حضارة في مملكة اسود؟ هذا هو السؤال الذي لا يطرح في التاريخ، لمؤرح إسباني، صاحب كتاب: "العرب لم يغزوا الاندلس" طرح إشكالات اخرى منها الجغرافية التاريخية، شكك في ان شمال إفريقيا كانت صحراء قاحلة وان الغزو فيها صعب بالجمال، أقر ان الغابات التي كانت منتشرة من ليبيا حتى المغرب لا تسمح بغزو رائع لبدو العرب بالجمال وان الفرس خرافة شعرية عند العرب. السنة الامازيغية لا تصلح للأدلجة، هي عملية ضبط واستيعاب المناخ في علاقته بالأرض والإنسان الامازيغي.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زمن الكوارث
-
لاول مرة في الحوار اتكلم عن كرة القدم
-
اليسار والثورة
-
تحرير ماركس من الخرافات..! تحرير أم تفهرس؟
-
الامازيغية حين تهان في وطنها
-
وزير العدل المغربي وحكاية جوارب
-
أخاشث وا (لك هذا)
-
الخطأ المقدس
-
لماذا نقد الماركسية وليس الرأسمالية
-
ردي على تعليق الصديق عبد الحسين في مقالي: الماركسية ليست طوب
...
-
الماركسية ليست طوباوية
-
المغرب الرخيص وقضايا الصراع الطبقي
-
حوار الطرشان في قضية الصحراء
-
الغجر
-
هل سينجح استيفان دي مستورا في مهمته بالصحراء الغربية؟
-
-كان صبت اندبي! كان صحت اندبي.-
-
قضايا مغربية
-
البوليزاريو وإشكالية توحيد الشعوب المغاربية
-
قراء مقتضبة في نص الحوار المفتوح للرفيق رزكار عقراوي
-
لا يمسه إلا المطهرون
المزيد.....
-
ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
-
تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
-
نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
-
شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي
...
-
مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
-
صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
-
اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من
...
-
السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال
...
-
دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو)
...
-
واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|