أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 43














المزيد.....

جسر اللَّوْز 43


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7133 - 2022 / 1 / 11 - 17:39
المحور: الادب والفن
    


في المملكة العربية السعودية، سافرت رهان مع والدها في رحلة حج إلى مكة، دون والدتها. مع والدها كان لديها هناك سرير مشترك في غرفة فندق. اتصل بي مصطفى، بكى من شدة الإيمان وقال لي إنه يريد إعادة ابنته إلى ألمانيا، كما طلب مني بأدب الزواج من ابنته: "تزوجها يا عمي، أرسل الله لك صبية عذراء جميلة شريفة، صبية تربت في بيت الأخلاق والعزة والشرف، الصبية تحبك يا عمي، لا تضيّع الفرصة من يدك".
كان مصطفى يتنفس بصعوبة وهو يتكلم وكأنه سيودّع الحياة في أي لحظة وفي الحقيقة لم أستطع أن أحسم الأمر فيما إذا كان يمثّل عليّ مشهداً درامياً عبر الهاتف أم كان صادقاً: "يا ابني لا تكن معتداً بنفسك، العزة لله وحده، لا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ، الخطأ من سمات البشر، خطأ رهان الأول والأساسي هو أنها ظلمت نفسها وأعطت العمل والدراسة والعائلة ومساعدة الناس الفقراء معظم وقتها ولم تتفرغ أبداً لحياتها الخاصة بل أهملتها إلى أبعد حد ممكن، لم تنفق في حياتها كلها بضع دقائق لتكلم أي رجل في مواضيع خاصة أو لتقبل النقاش مع أحدهم في موضوع خارج نطاق العمل أو الدراسة، كانت دائماً تتجاهل نظرات الإعجاب والمودة، لم تكن تريد أن يقف أي شيء في طريق تحقيق طموحاتها العلمية وخاصة أن السفر إلى ألمانيا كان أحد هذه الطموحات، وعندما قرّرت أن تلتفت إلى حياتها الخاصة واعتقدت أن الوقت قد حان وربما وجدت الشخص المناسب وأرادت أن تفسح له فرصة النقاش لم تتوفق بل صُدمت في أول جولة، صدّقت من لا تعرفه فعلاً ووثقت به وبكلامه ونسيت الدنيا لتتذكّره فقط، وها هي تعيش بسببه حالة عذاب أرهقتها إلى حد كرهت فيه نفسها وجعلتها تفكر بالانتحار."
كان قراره بإعادة ابنته إلى ألمانيا أمراً بديهياً بالنسبة لي، لأنني أعرف بالضبط ما يعني بالنسبة له ولأولاده أن يحصلوا على تصريح إقامة دائمة، بالإضافة إلى ذلك، ليس من السهل على الأجنبي "العربي" الحصول على إقامة في السعودية.
لم أقل شيئاً مميزاً، بقيت واقفاً في منطقة الحياد كما أمرني القدر، كنت خائفاً من التقدم خطوة إلى الأمام أو التراجع خطوة للوراء، كنت واثقاً أن الوقت قد حان للاستيقاظ من الكابوس الذي أرهقني لمدة أحسبها عمراً كاملاً لأعود إلى دراستي وأصدقائي وإلى طبيعتي وأموري الخاصة. تعلمت خلال فترة علاقتي القصيرة بها كيف يُصاب الإنسان بحالة ضعف مهما كان قوياً وكيف تهزه الريح في لحظة مباغتة لا يعرف موعدها ولم يتهيأ لها من قبل. معرفتي بها كانت وما زالت قدرية وخارجة عن إرادتي، لم أسع لها ولم أنتظرها ولم أتوقعها وحاولت أن أهرب منها مرات ومرات، شاء لي القدر أن أتعثر بها وأن يحدث معي كل هذا، أراد الله لي أن أتألم وأنا راض بمشيئته. لا أعرف كيف دخلت حياتي التي حصنتها ضد النساء بعد وفاة أغلى الناس على قلبي. سأحاول أن أنساها وسألعن لحظة تعارفي بها كلما تذكرتها.
في اليوم التالي وصلني إيميلاً من رهان، حين قرأته شككت في أن يكون أسلوبها، أعتقد أن مصطفى من كتبه بالاتفاق معها. كتبت بالأحرى كتب:
" في البداية لا بد أن أقول السلام عليكم لأنه كما يقال السلام لله وليس لك.
للأسف على ما يبدو حتى الآن لم تستوعب نوعية الإنسانة التي تتحدث معها، لن ألومك لأنك كنت الشخص الوحيد الذي تعاملت معه ببساطة شديدة، سيأتي اليوم الذي تتأكد فيه بنفسك أنني لست تلك الساذجة الراغبة بالتسلية وإضاعة الوقت، إذا كنت تبحث عن تسلية تخفّف عنك فلن تجدها عندي، إذا كنت تريد تعويض شيء ما تفتقده ابحث عنه في مكان أخر وإذا كنت مزاجياً هذا لا يعني أن تطبّق مزاجيتك على الناس الذين تتعامل معهم، أنا إنسانة أحب الناس وأقدّس العلاقات المبنية على الصدق والمحبة والاحترام، الاحترام المتبادل هو اللبنة الأساسية لأي علاقة اجتماعية وعاطفية، وأنا أرى أن معرفتنا وصلت إلى الحد الذي يجب أن تنتهي عنده لأنها أصبحت بعيدة عن الاحترام وأنا لا تناسبني العلاقات التي تسودها قلة الاحترام، من فضلك يكفي، لا داع لحديثنا أو اتصالنا مع بعض بعد الآن. لم أعد أريد أن أعرفك أكثر وأكتفي بما عرفته. وصلت إلى قناعة أنه من الصعب التفاهم معك لأنك كل يوم برأي وهذا شأنك، لكنني لا أحب أن أعذب نفسي معك ولست مضطرة للدخول في متاهة أنا بغنى عنها. من فضلك حاول أن تنهي ما بدأته معي بهدوء فأنا لا ينقصني متاعب ويكفي ما أنا فيه الآن ولا أحتاج لمن يعذبني أكثر، بل أحتاج لمن يساعدني على تجاوز هذه المرحلة الصعبة. أرجوك كما أقنعتني بالبداية أن أكون على اتصال معك ساعدني أن تقنعني أنك ذلك الشخص الذي لا يستحق حبي واحترامي له. يمكنك أن تنسى أنني موجودة في حياتك، إلا في حال احتجت أي شيء يمكنني مساعدتك به، لن أتردد عن مساعدتك في حال كان بإمكاني ذلك لأن ذلك واجب حتمي على من يعرف معنى كلمة واجب.
أتمنى لك حظاً سعيداً مع دراستك وعلاقات طيبة مع الجنس اللطيف. "
بعد عدة أيام هاتفتني رهان وقالت إن عليّ زيارتها في برلين.
رفضت تحقيق رغبتها. صارت تتصل بي كل ربع ساعة وتبكي بلا انقطاع.
خلال تلك الفترة كنت أبحث عن فرصة عمل جديدة. وشاء القدر أن اضطر للسفر إلى برلين لحضور دورة تدريبية تأهيلية. هناك قابلتها، بدت رهان مختلفة قليلاً، لطيفة، واعية ومسؤولة. شعرت بحاجة لها، كنت أرغب في تكوين أسرة وتربية طفل مثل أي شخص آخر، في برلين أمضينا مع بعض عدة أيام بسلام ووئام.
بعد الخطوبة المشؤومة وبسبب البدء بالتخطيط الصامت للزواج تراكمت الديون على قلبي، اضطررت لبيع أسهمي البنكية متحملاً بعض الخسائر المالية وبعت أيضاً جزءاً يسيراً لا يتجاوز خمسة بالمائة من حصتي من معرض السيارات الفخم الذي ورثته عن حبيبتي الغالية وزوجتي الألمانية وأم طفليّ.
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 42
- جسر اللَّوْز 41
- جسر اللَّوْز 40
- جسر اللَّوْز 39
- جسر اللَّوْز 38
- جسر اللَّوْز 37
- جسر اللَّوْز 36
- جسر اللَّوْز 35
- جسر اللَّوْز 34
- جسر اللَّوْز 33
- جسر اللَّوْز 32
- جسر اللَّوْز 31
- جسر اللَّوْز 30
- جسر اللَّوْز 28 و 29
- جسر اللَّوْز 27
- جسر اللَّوْز 26
- جسر اللَّوْز 25
- جسر اللَّوْز 24
- جسر اللَّوْز 23
- جسر اللَّوْز 22


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 43