رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7133 - 2022 / 1 / 11 - 14:51
المحور:
الادب والفن
مواجهة الواقع في قصيدة
"سأظل أسأل"
سامي البيتجالي
"
"سأظل ُّ أسأل ُ حيث أمضي ..
ثم أمضي..لستُ منتظراً جوابا
ما ضلّنا في البحثِ إلا عصبةٌ
غَفلتْ و أغفلت الصوابا
ما زلتُ أسأل ُ ما الحقيقةُ، ما الخلاصُ
و آخر النفق الطويلٍ إلى الخلاصِ
و لم أزد ْ منه اقترابا
أنا لستُ أسمع ُ من فقيهٍ
في بلاط الحاكمين َ
و حاكمٍ جزَّ الرِّقابا
كن قُرمطيَّ الفكرِ
صوفيَّ النزوعِ، و كنْ
أبا ذَرِّ الغَفارِيَّ الذي نزعَ النقابا
هذا خياركُ أنت َ من كرسيّهِ:
إن أنت لم تقْلبْه
لا ترجو من الله انقلابا "
يمكننا فهم القصيدة من خلال تقسيمها إلى مقطعين، الأول يتحدث عن الواقع وما فيه، والثاني يتحدث عن الرد عليه مواجهته، نلاحظ أن المقطع الأول متعلق بالحالة العامة، رغم أن الشاعر يتحدث عن نفسه، فالعنوان يأخذنا إلى استمرارية فعل "أسأل" المتعلق بالشاعر، والذي نجد أثره في متن القصيدة، من خلال تكرار ألفاظ: "أمضي، غفلت/أغفلت، أسأل" الخلاص" فهذا التكرار مرتبط ففاتحة القصيدة "سأظل" من هنا جاءت الألفاظ لتخدم العنوان.
ولم يقتصر الأمر على تكرار الألفاظ السابقة فحسب، بل طال أيضا ألفاظا أخرى متعلقة ب"سأظل" وتخدم معنى الاستمرار منها: "منتظرا، البحث، ما زلت، ما الحقيقة، ما الخلاص، آخر، النفق، الطويل، فكل هذا الألفاظ لها علاقة باستمرارية السؤال والبحث عن مخرج.
المقطع الثاني جاء مغاير للأول، فالشاعر يخاطب نفسه، فهو من خلال مخاطبة نفسه يريد الابتعاد عن مخاطبة القارئ مباشرة، حتى لا يكون فظا في تقديم الفكرة، فبدا وكأنه يعطني ذاته محاضرة في مواجهة الواقع، فهناك ثلاث شخصيات/حالات تم الدعوة لتبنها: "قرطبي، صوفي، أبا ذر الغفاري".
يستوقفنا هذا الترتيب للشخصيات/الحالات فالأول "قرطبي" ثار على الواقع وتمرد عليه، وعمل على إحقاق العدل الاقتصادي في المجتمع، وهذا هدف الثائر/الثورة، العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والثاني "صوفي" متعلق بالصفاء والتوحد مع الفكرة، والهيام بالجسد إلى ما هو أبعد مما هو ملموس، وكأنه من خلال "صوفي" يؤكد على نقاء الفكرة والتوحد معها، بحيث ينكر الشاعر ذاته في سبيل الفكرة/النهج الذي تبناه، والثالث "أبا ذر الغفاري"، ذلك الشخص الذي قال كلمة حق في وجه (السلطان) فكان عقابه النفي، وكأن الشاعر من خلال تناوله لشخصية "الغفاري" يستمد منها القوة لمواجهة ما سيؤول عليه حاله بعد قيام بالتمرد/بالثورة، فهو على استعداد لتحمل كل شيء في سبيل تحقيق العدالة، وبما أنه يعتمد على الإيمان ب"الله" فهذا سيجعل منه متمردا/ثائرا لا يلين أمام الصعاب والمحن.
من هنا نجد أن ترتيب الشخصيات خدم فكرة التمرد على الواقع، وقدمت الفكرة بطريقة غير مباشرة، وهذا يجعل المتلقي يتبنى موقف لشاعر المتمرد.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟