أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - حوارات في الادب والفلسفة والفن مع محمود شاهين ( إيل)















المزيد.....



حوارات في الادب والفلسفة والفن مع محمود شاهين ( إيل)


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 7129 - 2022 / 1 / 7 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


جرى هذا الحوار في:
مندى الملحدين العرب ومنتدى اللادينيين السابقين خلال بضعة أشهر عام 2006
أسماء المحاورين مستعارة وكذلك محمود شاهين الذي يحاور بإسم إيل وهو أسم كبير الآلهة الكنعانيين .
ثمة حوار آخر في الأسبوع الأدبي. الأسماء كلها حقيقية .
سيزيف :
تحية طيبة للزملاء الاعزاء ..

باسم اعضاء وادارة منتدى الملحدين العرب ارحب بالأديب والتشكيلي الفلسطيني المولد .. العربي الهوية .. الانساني النزعة : محمود شاهين :-x
وسوف يحل الفنان الكبير ضيفا عزيزا هنا باسم العضو ( ايل )

لا يسعني في النهاية سوى ان اتقدم بالشكر الى الفنان محمود شاهين على حماسته للحوار رغم مشاغله المتعددة ..
الشكر للصديق ابراهيم خليل الذي سعى وساعد كثيرا من اجل اقامة هذا الحوار ..
وكل الشكر لمن يتابع الحوار .لا يوجد اعضاء
سيزيف:
محمود شاهين في سطور ..

من مواليد القدس 1946

درس الصحافة

فنان روائي وناقد

أعطى دروساً عملية في الفن التشكيلي في الأكاديمة الصيفية الأوروبية, التي تقام بإشراف كلية "راهل فارن هاجن" في ألمانيا, وبدعم من الاتحاد الأوربي

يكتب في الفكر والنقد الأدبي والفني

مقتنيات لأعماله الفنية في أكثر من خمسين بلداً في العالم وبما لا يقل عن ستة آلاف لوحة


معارض فنية :
المركز الثقافي الروسي – دمشق – 95 – 97 – 98
مراسم الفنانين – دمشق – 95
الشام القديمة – 95 – 96
مقهى النوفرة – دمشق القديمة معرض دائم منذ عام 98 حتى عام 2004
الناصرة – فلسطين – 97
فروندنبرغ – ألمانيا – 98
إيزارلون – ألمانيا – 98
صالة عشتار – دمشق – 98
دار الثقافة – برلين – 2000
المركز الثقافي السوري – باريس – 2002
دار الثقافة العالمية – رين – فرنسا – 2002


معروضات خاصّة :
القاهرة – رام الله – حيفا – برلين – مندن – سولنجن – نورنبرغ (ألمانيا) – وصالة لوريزون, باريس – مدينة رين (فرنسا) – ومدينتي جراتز وفينا "النمسا"


الأعمال الأدبية :
نار البراءة – قصص – دار ابن رشد – 79
الخطار – قصص – دار القدس – بيروت – 97
الأرض الحرام – رواية – وزارة الثقافة – دمشق – 83 (ترجمت إلى التركية عام 2002)
الهجرة إلى الجحيم – رواية – المؤسسة الجامعة – بيروت – 84
الأرض المغتصبة – رواية – دار الشيخ – دمشق – 89
غوايات شيطانية – رواية ملحمية (ترجمت إلى الألمانية عام 99)
موتى وقط لوسيان – قصص – وزارة الثقافة الفلسطينية – رام الله – 98


أعمال صحفية :
فلسطين أرض وحضارة – الدار الجماهرية – طرابلس – 85
حرب المواجهة في لبنان – الاعلام الموحد – دمشق – 83


دراسات نقدية في مجلات شهرية وفصلية أهمها :
التحول من البداوة إلى النفط في مدن الملح
الحزن الدفين - دراسة في قصص الأديبة الفلسطينية سميرة عزام
مقالات في الرواية الفلسطينية
مقالات في الرواية العربية
مقالات في الرواية العالمية
مقالات في القصة الفلسطينية


مخطوطات لم تنشر :
الملك لقمان – ملحمة – جزءان
الأرض المغتصبة – جبل المنطار, رواية
الأحزان المتعانقة – رواية
كما ترجمت بعض قصصه إلى الانكليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والاسبانية والروسية وغيرها, وبيعت بعض قصصه إلى السينما والتلفزيون
حولت قصته "نارة البراءة" إلى المسرح وعرضت في عمان عام 1991

مقتنيات عامة لبعض الأعمال الفنية :
المتحف الوطني بدمشق – لوحتان (70*100)
وزارة الثقافة الفلسطينية
صحيفة الأخبار – مصر
مكتب م.ت.ف – دمشق
المركز الثقافي السوري - باريس
سيزيف:
( 1 )
بدايات ...

- تحية طيبة استاذ شاهين :
.. المتتبع لابداعاتك المختلفة سواء في القصة او الرواية او الفن التشكيلي يلحظ دوما فكرا خاصا ومختلفا يسري في اوصال النتاج الفني ..
هذا الفكر الاستثنائي والاصيل .. حتما كانت هناك عوامل ما ساعدت على تشكله .. النشأة الاولى .. القراءات .. تجارب وجودية لا تنسى .. بشر قد تركوا علامات في المخيلة والعقل .
ارجو من فنانا الجميل ان يروي لنا باستفاضة عن بداياته الفكرية والفنية .
:-x
إيل :
(1)
جزيل شكري لإدارة المنتدى وللزميل سيزيف الذي كان وراء فكرة الحوار والزميل ابراهيم الذي سيساعد في الحوار .. ويهمني أن أؤكد ثانية أنه لا فرق على الإطلاق بيني وبين إيل وقد كتبت قبل قليل في شريط الإعلان ردا على الزميل الفهدي مستعيرا قول العظيم الحسين بن منصور الحلاج:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا .. نحن روحان حللنا بدنا
وإن أنت أبصرتني أبصرتنا إن أنت أبصرته أبصرتني..
طبعا هذا مطلع قصيدة للحلاج .. ويمكن على ضوء ما جاء فيها أن
تعتبروا أن من يخط هذه الكلمات الآن هو أنا أي شاهين
وأكرر شكري للزميلين وللإدارة ولكافة الزملاء الذين سيتابعون الحوار والذين قد يتدخلون فيما بعد .وشكرا للزميل سيزف على المقدمة . انتظروا إجاباتي.. وسلامتكم
إيل:
ج- نشأتي الأولى كانت في ريف القدس وفي بلدة تدعى عرب السواحرة .. وقد تركت المدرسة في سن مبكرة من الصف الثاني الإعدادي ، إذ أخرجني أبي من المدرسة لأرعى قطيع أغنامنا بعد أن تركه الراعي نتيجة لظلم أبي الذي كان قاسيا وجبارا
كانت هذه فرصة أمامي لأن أقرأ ما يتوفر لدي.. مع القطيع طبعا .. وأذكر أنني قرأت في تلك الفترة ، ألف ليلة وليلة ، التي أثرت في أكثر من أي عمل أدبي آخر

قرأته في حياتي ولا تعرفون كم بكيت على صفحات هذه الملاحم الرائعة في الكتاب ..وكم فرحت أيضا وكم أفدت من ذلك للمستقبل ، علما انني بدأت أحلم بأن أكون كاتبا ..
كذلك قرأت سيرة بني هلال والزير سالم – وقد أبكتني وصايا كليب للزير إلى حد غير معقول –
وما زلت أحفظ الكثير من الأشعارفي الملحمتين :
يقول الزير ابو ليلى المهلهل .. وقلب الزير قاسي ما يلينا
وإن لان الحديد ما لان قلبي.. وقلبي من حديد القاسيينا
تريدي يا امي أن أصالح .. وما تدري بما فعلوا فينا
فسبع سنين قد مرت عليه .. أبات الليل مغموما حزينا
أبات الليل أنعى في كليب .. أقول لعله يأتي إلينا
أجتني بناته تبكي وتنعى .. تقول اليوم صرنا حائرينا
فقد غابت عيون أخيك عنا .. وخلانا يتامى قاصرينا
وأنت اليوم يا عمي مكانه .. وليس لنا غيرك معينا ..
ألخ ..
من سيرة بني هلال إليكم هذه القصيدة وهي على لسان وطفاء بنت ذياب بن غانم :
يا بوي جوزني ويا بوي بيعني بريت عامر ما بريد رجال
ويوم خيل الغز حاطت بمحملي .. ما شفت من خيلك ولا خيال
ولني بحثحاث الركابين عامر . عامر الزغبي من فروع طوال
كن طلب مني الحب ونا سخيت له .. وأخذها من روس الخدود زلال
ويوم ذاق الحب شاشن ظمايره .. قعد يفرقهم ميمنه وشمال
حبني يا بوي ثمانين حبه .. ما حبه إلا يرمي بها خيال
ل يا بوي جوزني ويا بوي بيعني .. بريت عامر ما بريد رجا
******************
وتقولون لي لماذا أحب النساء ؟ أرأيتم ماذا يفعل الحب ؟ لولاه لبقيت راعي غنم مدى حياتي
أتريدون قصيدة أخرى من سيرة بني هلال .. ليكن
وهذه على لسان عزيزة بنت الوهيدي أحد حكام تونس
أول كلامي من مديح المصطفى..ألهاشمي سيد ولد عدناني
تقول عزيزة بنت الوهيدي .. أبيات شعرنظمتها بمعاني
يونس لا تبكي بكاك ضرني .. غطى على قلبي وعاق لساني
أنظر صبية أصبحت بحضرتك . عرجون ثريا حولة العشيراني
والراس منها مثل راس يمامه والشعر مسبول على القمصاني
والحاجبين كما قوس الرجا سبحان ربي كحل العيناني
والأنف منها كالحسام مجرد في يد فارس نازل الميداني
والثم منها خاتم من ذهب .. وسنانها لولو والشفف مرجان
والعنق عنق غزال جل الذي صنع يراعي الخدام في البر والوديان
والسرة منها كما فسقية بالمسك والزبد انحشت ألواني
من تحتها ( وهنا المهم ) تلتقي جنينة هاوية مفتاحها من داخل القمصاني
يا بخت من كان ينفتح له بابها يقضي زمانه بالصفا غرقاني !!
إلى آخر القصيدة وهي طويلة ..
أسوق بعض هذه القصائد لأقول أنني لم أكن أقرأ الكتب قراءة عابرة .. بل كنت أحفظ الكثير
مما هو فيها وكأنني سأقدم بها فحصا.
وقرأت في تلك الفترة سيف بن ذي يزن وأبا النواس وبعض أعمال المنفلوطي – أذكر منها العبرات وهي مبكية .. ومحمد الغريب ونمر العدوان .
وكنت حافظا ومغنيا لكل الأغاني والأهازيج الشعبية في البلدة : أغاني الدلعونا والعتابا والميجنا
ومويل الهوى والهجيني وأغاني الحصاد والندب وبعض الأغاني الخاصة بالأعراس كالبدع ومنه عدة أنواع ..
إضافة إلى ذلك تعلمت العزف على الناي (الشبابة
والأرغول والمجوز .. وكنت عازفا ماهرا .. وأطوع الأغنام على عزفي وصوتي غناء أو زجرا
ولاحظت فيما بعد أن بعض الغناء السائد في بلدتنا آنذاك يتحدث عن غزوات جرت اوائل القرن الماضي أو ما قبله في شرق الأردن.
لم تكن الأمارة التي غدت مملكة قد أقيمت بعد ) مما جعلني
أتوقع أن معظم سكان بلدتنا قد جاءوا من شرق نهر الأردن .هناك قصيدة من نوع البدع ما زلت أحفظها تتحدث عن حرب بين الحمايدة والحويطات .. وما يدهشني في هذا النوع من الشعر الشعبي البلاغة العامية التي فيه، ففي القصيدة أرى تشبيها للخيول برف الحمام وهذا في الشعر الشعبي
شبه نادر ..يقول مطلع القصيدة:
يا ولد دني للذيلول .. دني الثنتين العجلانات
ومحمد علي اغتزانا .. مع تالي الليل بخيله فات
والصبح طلعت النجمة .. قبل ما يقمن الحلابات
كن لطن فريق الرهط .. خلوا الصهاوي امدحات
ولني بالصايح يصيح .. يصيح بروس النبيات
اوش علومك يا صايح .. يا شين اعلومك كذابات
وعلومي يا حلة هلي مع العساكر منثورات
وجتنا فزعة من السياح ..و بالدروع المصنات
ومن قبلهن لمعين .. وهن بالعن امبلمات
تأملوا البلاغة في هذا المقطع السابق
إنه يتحدث عن الخيول ويقصد أنه منذ أن توجهت الخيول إلى القبلة ( ومن قبلهن) حتى وصلت إلى بلدة معين وهي ملجمة بالأعنة
ويتابع عن الخيول
ويومن صارن جلاعة الدير .. يشدنك رف الحمامات
أي حين وصلت الخيول إلى منطقة قلاع الدير بدت كرف الحمام
القصيدة طويلة ..
! استراحة : عشاء وكاس عرق ومن ثم عودة

إيل:
(2)
لم اتطرق إلى أحلام يقظتي حين لم يكن هناك ما يشغل دماغي .
وأنا في المدرسة كنت أتاثر بشخصية بعض الأساتذة وأرى نفسي في شخص أحدهم
.. لكن حين تركت المدرسة واصبح لدي الوقت للقراءة الحرة راحت أحلامي تكبر إلى حد المستحيل .. فحلم الأديب لم يكن متبلورا لدي .. فرحت أحلم بأن أكون ملكا !! ونظرا لأنني لم أكن أعرف من الملوك إلا واحدا رحت أتمثل نفسي مثله ، وأصبحنا صديقين حميمين, .. حتى أنه في بعض شطحات أحلام اليقظة تنازل لي عن العرش!!غير أن شهامتي كانت تأبى قبول التنازل رغم أنني كنت أضع نفسي في مرتبه لا ثقل عنه إطلاقا! .. وحين وقفت على مائدة الملك بعد قرابة ثلاثة أعوام من ذلك التاريخ ، لم أتذكر ولو للحظة أنني في حضرة الملك الذي كنت أتخيل نفسي مثله.
لا أعرف ما إذا كانت قراءاتي لألف ليلة وليلة وغيرها هي التي نمت هذا الخيال لدي ، وإن كنت الآن أعتقد ذلك ، وأطرف ما في خيالي الملوكي في الفترة تلك أنني كنت أعرف أختين في البلدة ، تزوجت أنا من إحداهما فيما تزوج جلالته الأخرى ، فأصبحنا عديلين.
هناك شخصيات كثيرة من البلدة ظهر بعضها في أدبي فيما بعد وبالأسماء الحقيقية
يمكن اعتبار فترة المراهقة هذه هي بداية تشكل ثقافتي التي لم أكن أعرف حينها أن لها علاقة بالثقافة.
هربت من بيت أبي على أثر ضربة منه بهراوة فأس ، أرادها أن تقع على رأسي غير أني أملته فوقعت على كتفي !!حصل ذلك أثر اكتشافه لبضعة قروش تنقص من محفظته وتوقع أنني من أخذها ، وهو أنا بالفعل، ومن غيري ؟!كنت أطمح في الذهاب إلى القدس لأحلق شعري وآكل الكنافة عند جعفر.
استأجرت غرفة في ضواحي القدس وبدأت أعمل في الأعمال الشاقة اليومية .. الحفريات.. مساعد دهان .. مساعد بلاط.. أعمال البناء.. شق الطرقات .. وأظن أنني كنت في حدود السابعة عشرة من عمري حينئذ .لا يوجد ما يستحق الذكر في تلك الفترة سوى أنني رأيت كاتبا ..
وهو في الحقيقة ليس كاتبا ، هو محاسب الورشة التي أعمل فيها ، وبما أنهم يسمونه كاتب الورشة فقد اعتبرته كاتبا .. وكنت أبدو مأخوذا بنعومة يديه وبالطريقة التي يمسك بها قلمه .. وكان هذا كافيا لأن يجعلني اتواضع وأقبل بمهنة كمهنته ( كاتب ورشه ) فهذا بالتأكيد أفضل من الضرب بالفأس طوال اليوم .
أظن أن الأمر دام حوالي عام ..إلى أن قرأت إعلانا في صحيفة يدعو إلى إقامة دورة لتعليم الطهي (جمعية الشبان المسيحية) في فندقها في القدس .YMCAفي
. وهكذا وجدت نفسي في مطبخ الفندق بعد بضع ساعات .. ليعلمني رئيس الطهاة الطيب عبد المعطي الجعبري كيف افرم رأس البصل ، والحق أنه ادهشني حين فرم رأسا أمامي ، فقد بدت يده وكانها تعمل بنابض كهربائي !! وشككت في أنني سأتمكن ذات يوم من فرم البصل كما يفعل .. وبدا لي فيما بعد أنني كنت مخطئا..
خرجت بعد ستة اشهر بشهادة مساعد طاه .. وكنت قد تابعت خلال تلك الفترة دراسة الإنكليزية بشكل خاص .. وحاولت العمل في الجمعية نفسها كسفرجي .. غير أنني ومنذ صباح اليوم الأول دلقت العصير على ظهر أحد ضيوف مدير الفندق بعد أن ملأ نادل لئيم أربعة كؤوس عصير إلى حافتها وطلب إلي تقديمها.. مالت كؤوس العصير على الصينية التي كنت أحملها وانا أهم لتقديم العصير للضيوف..
أرادوا أن يعيدوني إلى المطبخ فرفضت .. عملت في فندق صغير يدعى جرين بارك حسب ما أذكر. عملت قرابة شهر ليس كطاه بل كمسؤؤل عن كل شيء ، وطردت بعد مشاجرة مع الشاب الذي كان يعمل تحت يدي .
. حين شتم أبي. ضربته لكمة اسفل فكية
فوقع على الأرض وقبل أن ينهض كنت قد أفرغت سطل تراب – كان معدا للحريق فوقه ..
وكل هذه القتله لهذا البائس لأنه شتم أبي !
عملت في فندق سان جورج كجرسون لمدة ثلاثة أشهر .. طردني المدير لأنه رآني آكل حبة تفاح عائدة عن المائدة.
عملت في فندق جبل الملوك كجرسون لمدة شهر طردت بعد أن دبر جرسون آخر مقلبا لي بوضع صفر زيادة امام الرقم (60) وصفر آخر أمام الرقم (1) على دفتر الفواتيروعند المحاسبة نقص المبلغ الذي كان في الأصل 60 فلسا فقط ثمن زجاجة كازوز واحدة وليس عشرزجاجات .
وكنت في هذا الشارع الذي يقع فيه قصر الملك وخلال عملي في الحفريات قد نزلت من الباص وهو سائر لأن الوقوف في الشارع الموازي للقصر ممنوع .. وربما من حسن حظي أن السائق استطاع أن يجعل العجلات الخلفية تتلافاني .. فخرجت بيد مفكوكة .. وكانت يدي الأخرى قد كسرت حين كنت في بيت أبي أثر سقوطي عن ظهر البغل ، فتغيبت عن المدرسة لثلاثة أشهر رسبت خلالها في الصف الخامس.
ذهبت إلى عمان .. عملت في مطاعم الأردن لبضعة أسابيع. طردوني بحجة أنني اضحك على الزبائن !!والحق أنني كنت أضحك على الجرسون! الذي وشى بي.
عملت في فندق الأردن لثلاثة أشهر .. طردوني دون سبب !!ثم في الفيلا روزا
وهنا ولأول مرة شاهدت الملك ألذي كان مثلا لي وأرى نفسي مثله في أحلام
يقظتي الطفولية المنقرضة .
(3) إيل
كانت بعض حفلات القصر وبعض حفلات الحكومة تقام في هذا المطعم .. ولا أظن أنني كنت قادرا على تصديق نفسي
حين وقفت على مسافة قد لا تزيد عن المتر من الملك ورحت املأ عيني بمرأى وجهه ، ولا أعرف ما إذا كان عقلي اللاواعي يوقظ ما يبطنه ليسجل في اللاوعي أيضا: ها أنت أمام مثلك الأعلى ، أين أنت وأين هو ؟ما أدركته فيما بعد
أنني حين كتبت ملحمة ( الملك لقمان ) التي أصور نفسي فيها ملكا خارقا قادرا على زلزلة الكون، بعد قرابة 28 عاما من ذلك اليوم كنت استعيد ما يختزنه لا وعيي من أحلام اليقظة، إنما بصورة أكثر إغراقا في الفانتازيا والخيال.
قد لا تستوقفني أية وقائع غير عادية خلال عملي في هذا المطعم .. فقد تعرفت إلى نوع من حياة علية القوم أين أنا منه..
لكن هناك بعض الطرائف سأذكر بعضها
الحادثة الطريفة الأولى كانت مع الأميرة عالية وكانت حينها في حدود الثانية عشرة من عمرها وكانت تلعب على المائدة بأفعى بلاستيكية ، ولا يمكن لأحد أن يتصور مدى دهشتي حين نادتني الأميرة ( يا قدسي ) وهذا اللقب الذي كنت أنادى به في المطعم . وطلبت إلي أن أضع الأفعى في ساندويتش وأقدمه للآنسه كارمن وهي إحدى أصحاب المطعم الإسبان .امتثلت للأمر
وذهبت إلى المطبخ ،هيأ لي الطاهي الإسباني ساندويتشه مرتبه!! وضعها في صحن زين حوافه بشرحات من البندورة والخيار ..
وفيما كنت أقدم الطبق للآنسة كهدية من الأميرة لاحظت أن الجميع يترقبون ما سيحدث ، فقد سربت الأميرة الأمر لكل المحتفلين ، وقد اتخذت مكانا قصيا في المطعم حتى لا ينالني من معلمتي صفعة ما أو صرخة هائلة في وجهي.
انتفضت الآنسة كارمن وندت عنها صرخة خافته وهي ترى شوكتها تسل الأفعى من السندويتشه ، فيما شرع المحتفلون بالضحك ....
الحادثة الثانية كانت حول مباراة لمن يتمكن من إطفاء شمعة من جراء الهواء الذي تحدثه لكمته دون أن يلامس الشمعة ودون أن تتجاوزها قبضته . أي على القبضة أن تتوقف على مسافة مليمتر أو
أكثر من الشمعة .. لم ينجح أحد من الحضور ..
وأخيرا نهض الملك الذي عرف عنه أنه رياضي ، وأطفأها فعلا من التسديدة الأولى . فراح الجميع يصفقون.
سأكتفي بهاتين القصتين حتى لا أخرج عن صلب الموضوع الذي نحن بصدده
كان ذلك أواخر عام 1966إذا لم تخني الذاكرة، وكنت قد بلغت العشرين من عمري، واستمر عملي في المطعم حتى ما بعد حرب حزيران .. وعلى أثر الهزيمة الساحقة لم تعد تقام في المطعم أية حفلات ، فقررت الإدارة تخفيض رواتبنا ،
مما دفعنا إلى الإضراب عن العمل .. غير أن الإدارة قامت بفصل المحرضين على الإضراب وكنت أنا أحدهم ! رفعنا دعوى قضائية تركناها بين يدي محام ، وسافرت إلى الكويت مع أحد زملائي.
في اليوم الثاني من وصولي إلى الكويت شرعت في العمل في مطاعم جبري وهي لسوري .. عمل
مرهق جدا حوالي 14 ساعة في اليوم ومنذ اليوم الأول في العمل حاول غربلي ( كويتي ) أن
يطبقني !!وحين تنبهت إلى هذا الأمر رحت أحمل خنجري تحت ملابسي وكم تمنيت ألا أضطر إلى استخدامه ذات يوم .. خنجري من أيام الرعي ونايي، لم يفارقاني لسنين طويلة .. الناي بالتأكيد ما زال يرافقني حتى اليوم أما الخنجر فقد أبقيته في الأردن بعد ايلول الأسود.
تركت العمل للإرهاق الذي كنت أعانيه ورحت أبحث في المطاعم والفنادق .. تنقلت بين عدة مطاعم وفنادق دون أن أجد عملا مقبولا .. وتعرضت لمحاولة تحرش ثانية تخلصت منها بسهولة بمجرد تلمس خنجري تحت ملابسي .. هاتان المرتان اللتان تعرضت فيهما للتحرش دفعتاني إلى الإعتقاد أن هذا المجتمع لا يعاني إلا من المشكلة الجنسية !!فالمال متوفر وراحة البال
وليس هناك أية هموم على الإطلاق سوى الجنسي منها !!
جرى ذلك خلال أيام معدودة معي .. ولو أنني بقيت في الكويت لفترة أطول لتكرر الأمر بالتأكيد.ولم أعرف ما إذا كنت وسيما إلى حد يدفع الرجال إلى التحرش بي !!وفيما بعد حين كانت تصف بعض الفتيات وسامتي لم أكن أصدق ذلك ، فأنا في نظر نفسي لم أكن وسيما ولا جميلا
تبين أنني خالفت قانون الإقامة بتجاوزي مدة الشهر المسموح لي به كزيارة ، وحين ذهبت إلى دائرة الجوازات لمعالجة الأمر ألقوا علي القبض وسفروني بعد ساعات من السجن دون ان يسمحوا لي بالذهاب إلى البيت لأخذ أمتعتي.
طلبت إلى سائق الباص الذي سُفرت فيه- وأنا أضع يدي على مأخذ خنجري - إلى إعطائي جواز سفري لأنني لا أريد العودة إلى الأردن . أعطاني السائق الجواز بكل بساطه .وهنا بدأت التسكع في شوارع البصرة دون مال يذكر ودون عمل!

(4) إيل

لن جيت بصره والعراقين سلم .. سلم لي على سلطان العراق غدير
قل له حسينك حسينك يا غديرابن سالم .. عالدار ما يدري عليش يشيل
دشرن فقري واتبعن أهل الغنى .. واتبعن من يلفي عليه كثير ..
يحكى أنه وفي قديم الزمان حكم العراق رجل يدعى غدير ابن سالم ، وأن الزمان قد جار على هذا الرجل ففقد حكمه وهاجر إلى الشام .. حيث وجد من يعيد له السلطة والمال عند أحد امراء القبائل .. فعاد إلى العراق حاكما .. وتقول الحكاية أن الزمان جار على الرجل المحسن بدوره نتيجة لكرمه الحاتمي ، ففقد ماله ونساءه .. فقرر أن يستجير بالحاكم الذي أحسن إليه..
ملأ الرجل خرجا بالرمل وجلس على طريق القوافل الذاهبة إلى العراق .. وراح يرجو التجار كلما مر أحدهم أن يأخذ معه خرج الرمل إلى غدير بن سالم ، غير أن أيا من التجار لم يأبه له .. إلى أن جاء تاجر ظن أن الرجل مجنون .. وحين هم بالإنصراف راح الرجل يبكي ويعفر التراب على رأسه ، فرق قلب التاجر وقرر أن يأخذ خرج الرمل . وحين شرعا في حمل الخرج لوضعه على الناقة لاحظ التاجر أن الرجل غير جاد في مساعدته لوضع الخرج على ظهر الناقة .. فراح يتساءل عما يبغيه.
وحينها هتف الرجل : من لا يحمل الحمل الثقيل لن يحمل الحمل الخفيف . إنه مجرد اختبار .. وأخرج قصاصة ورق من جيبه وقدمها إلى التاجر قائلا .. لا أريد منك سوى حمل هذه القصاصة إلى والي العراق غدير بن سالم!
راح التاجر يحث ناقته إلى أن بلغ البصرة قبل جميع التجار وما أن قابل الوالي وسلمه الورقه ليقرأ ابيات الشعر التي فيها ،
حتى انهمرت الدموع من عينيه ، وأمر جنده بأن يستولوا على بضائع تجار الشام جميعا إلى أن يأتوه بالرجل الشيخ وخرج الرمل ! فعاد التجار إلى الشام يقبلون قدمي الشيخ ويطلبون صفحه وشفاعته عند والي العراق.

رافق الشيخ التجار ليستقبله الوالي استقبال الولاة ويقدم له منصبه كوال على العراق .. غير أن الشيخ أبى ، فمنحه الوالي كافة بضائع تجار الشام ، ووهبه الكثير من الخيول والإبل والمال ، ليرجع إلى الشام ويعود أحسن مما كان..
كثيرا ما كانت أمي تقص هذه الحكاية بوجودي، وما أن شرعت في التجوال في شوارع البصرة حتى راحت أبيات الشعر تتردد في مخيلتي وكما كانت ترويها أمي ..
بضعة شهور في البصرة كانت أقسى أيام حياتي وأسوأها .. لم أجد عملا بسهولة ..
.. والكويت أغلقت الحدود في وجه النازحين إليها من فلسطين والأردن .. والشوارع تعج بالمشردين والنساء اللواتي لم يستطعن اللحاق بأزواجهن العاملين في الكويت.. ..
أرسل لي صديقي الذي سافر معي إلى الكويت حقيبتي وبعض النقود .. أجمل وألطف وأنبل وأكرم صديق عرفته في حياتي .. بحثت عنه في عمان فيما بعد ولم أعثر عليه للأسف.
(طه موسى عبد الرحمن ) من الدوايمه ..كان يسكن الوحدات في عمان .. من يعثر عليه له مني جائزة قيمة .حاول بعض الأصدقاء فلم يجدوه .. يمكن السؤال عنه في نقابة عمال الفنادق والمطاعم إذا ما تزال قائمة .لو تعرف كم أنا مشتاق لك ايها الحبيب طه ؟
قرأت في البصرة سيرة عنترة العبسي وبعض كتب جبران كما أنني شرعت في كتابة الشعر وكان شعرا رديئا جدا ..
عملت نادلا في أكثر من مطعم .. إلى أن قررت السفر إلى بغداد ..لأتسكع وأتشرد من جديد .. عملت نادلا في كازينو ، ثم بائعا متجولا لأشياء تعلق في السيارات أو تغلف المقود .. إلى أن قررت الإلتحاق بالثورة الفلسطينية.
انتميت إلى حركة فتح أوخر عام 68
دخلت دورة صاعقة في البداية .. ثم فرزت إلى دورة هندسة متفجرات .. تم التدريب في العراق .. وفي معسكر الرشيد على وجه التحديد.
عدت إلى الأردن برفقة العديد من المقاتلين أواخر عام 68 أو أوائل عام 69
فرزت إلى قاعدة في البتراء جنوب الأردن .. ظهرت البتراء كثيرا فيما بعد في لوحاتي . فقد كانت أهم ملهمي في الفن!
انتقلت إلى قاعدة أخرى مطلة على البحر الميت ولها مواقع على شاطئه . وجدت هناك مكتبة جيدة تعج بالكتب الماركسية وبعض الآداب . تعرفت لأول مرة على كتب لماركس ولينين وإنجلز وماوتسي تونغ ونجيب محفوظ وأول ديوان لمحمود درويش ( آخر الليل نهار ) إذا لم تخني الذاكرة.
وحاولت كتابة الرواية..
أواخر عام 69 دخلت مع مجموعة مقاتلة إلى فلسطين عبر البحر الميت ( 15 مقاتلا ) .. وقعنا في كمين للإحتلال على شاطىء البحر، نجونا منه بأعجوبة بالتسلل إلى داخل فلسطين ، لكن بعد أن تفرقنا وأضعنا بعضنا بين الجبال والأودية في ظلمة الليل .
جدا .. مغامراتي في الأرض المحتلة طويلة وكثيرة ومثيرة ..
قرات أول رواية مترجمة ( ذهب مع الريح ) لمارجريت ميتشيل . وسيرة النبي محمد كما يرويها الشيخ عبد الحميد السائح..
فقد كان لدي بعض الوقت للقراءة رغم عملي ..
عدت بعد قرابة ثمانية أشهر إلى الأردن وعبر البحر الميت أيضا .. وكانت ليلة رهيبة عبر البحر..
حدثت حرب أيلول بعد أسابيع من عودتي .. اعتقلت في أيلول عشوائيا مع المئات..
وبقيت في سجن الجفر قرابة شهر . أكلت قتلا مرتبا كغيري ... وصليت لجلالته مع
السجناء ، فلم يكن أحد الحراس الليليين يجد ما يتسلى به ليقضي فترة مناوبته أمام بركسنا سوى ايقاظنا وإرغامنا على الصلاة ركعتين لجلالته !أو بشتمنا بكل ما يخطر بباله أو استدعاء أحدنا والبصق في وجهه عبر كوة الباب.
خرجت من السجن حافي القدمين وببنطال ممزق..
كنت قد خطبت قبل أيلول أول فتاة تعرفت إليها . تزوجتها أوائل عام 71
وكنت قد بدأت العمل في الصحافة ، حين خيروني بعد ايلول أين أحب أن أعمل .. فاخترت الصحافة .. وكانت أول نقلة في حياتي في الإتجاه الصحيح
بعد أحداث جرش وعجلون خرجت المنظمات الفلسطينية من الأردن .. وكان لا بد من الخروج ، فجئت إلى دمشق مع زوجتي بالطائرة عن طريق بيروت لأن سوريا كانت قد أغلقت حدودها مع الأردن ..
تابعت عملي في الصحافة الفلسطينية التابعة لفتح .. وبقيت في دمشق إلى اليوم .. ولا بد من وقفة أخيرة غدا ألخص فيها حياتي في دمشق التي كونت فيها ثقافتي لأبني شخصيتي التي كانت ضائعة .
: إيل
(5)
ذكرياتي في دمشق خلال 36 عاما تحتاج إلى مجلدات .. ففيها اصبحت صحافيا واديبا ورساما وناقدا ، والتقيت فيها ببعض
أهم الأدباء العرب : محمود درويش ، حنا مينه ، مظفر النواب ، الطاهر وطار ، أحمد فؤاد نجم ، هاني الراهب ، ممدوح عدوان ، سعد الله ونوس ـ جمال الغيطاني ، الأعرج واسيني ـ الزاوي أمين ، شوقي بغدادي ، سعيد حورانية ، حيدر حيدر ، وغيرهم كثيرين ، وبعضهم أصبحوا أصدقاء وما زالوا ، وكم سكرنا معا .. إضافة إلى العشرات من المسرحيين
والسينمائيين والموسيقيين والتشكيليين والمفكرين والنقاد العرب .. وقد رحل بعض هؤلاء الأصدقاء عن الدنيا غير أنهم ظلوا في ذاكرتي .
سأحاول تلخيص هذه الحقبة حسب العقود :
في السنين العشر الأولى ومن البداية .
- كان لا بد من إغناء لغتي لأنني كنت أقوم بتصحيح الجريدة وهي( فتح ) في حينه إضافة إلى عملي كمراسل أخبار .
وكذلك كان لا بد من إغناء فهمي للصحافة .. لذلك ابتعت العديد من كتب اللغة والنحو والصرف إضافة إلى كتب تتحدث عن الصحافة ..
-في الوقت نفسه بدأت الكتابة الأدبية وارسلت أول قصة لي إلى مجلة روز اليوسف باسم مستعار ونشرتها ..
- أوائل عام 72 ذهبت في دورة إعلامية إلى القاهرة ..وشرعت في كتابة رواية مستلهما سيرة حياتي السابقة
كذلك انتسبت في دمشق إلى معهد لدراسة السكرتاريا وإدارة الأعمال .. ويبدو أنني لم أكن واثقا من عملي في الصحافة
حتى رحت أدرس هذا التخصص
تابعت قراءتي للماركسية . انتقلت الجريدة إلى بيروت وأصبحت تصدر باسم ( فلسطين الثورة ) كمجلة .. انتقلت إلى العمل في مجلة فلسطينية شهرية ولم يكن كادرها سوى مني ومن رئيس التحرير ، لذلك كنت أنتحر في العمل وأتابع كل شيء حتى تنزل المجلة إلى الأسواق .أحيانا كنت أكتب خمسة مواضيع في العدد. توقفت المجلة بعد حرب تشرين .. فرحت أعمل في مكتب الدراسات الفلسطينية مشرفا على نشرة شهرية يصدرها المكتب
قررت التوقف عن متابعة قراءاتي الماركسية والفلسفية وعلم النفس والأسطورة والديانات .. وكنت قد قرأت أيضا مذكرات جيفارا وحياة ستالين وكفاح هتلر وبعض الكتب عن حرب العصابات .. للتركيز على الأدب الذي كان هاجسي ، ولم أكن قد قرأت إلا لحنا مينه ويوسف ادريس ومحفوظ والقدوس وحبيبي وكنفاني وبعض الآخرين من الفلسطينيين حسبما أذكر .. في دمشق طبعا .
وهكذا انهمكت في قراءة الأدب إضافة إلى ممارسة الكتابة الأدبية لكن بشكل محدود جدا .
قرأت لديكنز وهيجو وبلزاك وتشيخوف ودوستويفسكي وجوركي وبوشكين وكازنتزاكي وشارلوت وإملي برونتي وزولا
وبيرل باك وهنريت بيتشر ستاو .. وغير هؤلاء كثيرين .. وكان لا بد من العودة لأمهات الأدب العالمي الإلياذة والأوذيسة
ودونكيشوت وفاوست والكوميديا الإلهية وهاملت والملك لير .. وغيرها ..
. عام 74
فرغت من كتابة الجزء الأول من سيرة حياتي وحين أطلعت الصديق رشاد أبو
شاور ( رئيس تجمع الكتاب الفلسطينيين حاليا ) عليه نصحني بأن أكبه في الزبالة !! وكانت أول صفعة مرتبة لي !اعترف بي رشاد بعد بضعة أعوام وأجرى معي مقابلة صحفية
كنا نلتقي دائما في بيت الصديق الراحل مصطفى الحلاج ( تشكيلي فلسطيني ) أنا ورشاد ويحيى يخلف ( أديب معروف
ووزير ثقافة فلسطيني قبل الحالي ) ويوسف اليوسف الناقد الفلسطيني الكبير .. وهناك التقيت محمود درويش لأول مرة
عام 75 ذهبت في دورة صحفية إلى القاهرة بعد أن أصبحت عضوا في اتحاد الصحفيين العرب وكنت قد حضرت المؤتمر التأسيسي لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين عام 72كعضو عامل.
في القاهرة زرنا مؤسسة الأهرام واطلعنا على آلية عملها والتقينا احسان عبد القدوس الذي كان رئيسا للتحرير حينها
إضافة إلى نشاطات أخرى كثيرة عدا المحاضرات‘ منها زيارة الأماكن الأثرية المصرية والمتحف وسيناء والسد العالي وقناة السويس والإسكندرية والأقصر..
بدأ ظهور القصص الجادة والمتميزة لي . ولن أنسى ذلك اليوم الذي جاءني في
صباحه المبكر الصديق الراحل سعيد حورانية – وكنت قد أعطيته قصة ليبدي رأيه فيها قبل نشرها وهي قصة نار البراءة المنشورة في الموقع هنا -
ليخبرني أنني كتبت قصة عظيمة وأنني أوجدت عالما جديدا في الأدب الفلسطيني كله
الذي كان يقتصر حتى حينه - مع بعض الإسثناءات- على الكتابة عن الفدائي .وكان تأثير أدب الواقعية الإشتراكية الذي فهم خطأ يجعل الكتاب يلجأون إلى التفاؤل في نهايات قصصهم .. وجاءت قصصي التي تنتهي بالموت أو الفجيعة لتقلب الطاولة على رأس الجميع .. فقد سلكت الطريق الذي اتبعه غسان كنفاني في ( رجال في الشمس ) وسميرة عزام في الكثير من قصصها.
كثرت طلبات المجلات مني لكتابة القصص فيها وكثرت دعوات الأمسيات الأدبية .. وكنت ألقي قصصي بشكل تمثيلي
دون أن أجلس على الكرسي على الإطلاق .. لذا كان الناس يتمتعون بمشاهدتي والإستماع إلي ، حتى أن بعض الصحف راحت تتحدث عن ظاهرة إلقائي لقصصي ..
تحول بيتي خلال أعوام أواخر السبعينات إلى منتدى ثقافي لكثرة ما كان يرتاده مثقفون .
لم يكن الرسم يخطر على بالي إلا نادرا ولم يكن إلا خربشة حتى حينه ، أتسلى بها عند السفر وأنا في الطائرة وأحيانا كنت أضطر لرسم موتيفات للمجلة التي كنت أعمل فيها ..
نسيت أن أقول أنني عام 74 انتسبت إلى معهد غوته ورحت أدرس الألمانية .. وعام 76 رحت أدرس الفرنسية في المركز الفرنسي . وعام 77 دخلت دورة في النادي السينمائي - الذي كنت عضوا فيه – لكتابة السيناريو
.. وكنت قبلها قد أخذت دورة تصوير !! عدا أنني كنت أعود بين فترة وأخرى لترميم ما نسيته من إنكليزيتي وإضافة بعض المفردات إليه
: سأقفز حتى نهاية عام 80
عام 89 صدر لي مجموعتان قصصيتان ( نار البراءة ) و(الخطار) عن دار ابن رشد ودار القدس على التوالي . في بيروت .
هوايتي أعوام السبعينات عدا المسرح والسينما كانت الشطرنج . وكان تحديا كبيرا أمامي وأصبح هاجسي لبضعة أعوام فأنا من النوع الذي لا يقبل الهزيمة بسهولة إلا إذا كانت( ربما )أمام سباسكي وفيشر!
.. يبدو أنه لا بد من حلقة أخر ى . تحملوا



إيل:

عام 81 كلفت بكتابة مسلسل تلفزيوني عن القضية الفلسطينية وكذلك شرعت في كتابة رواية( الهجرة إلى الجحيم ) بتكليف من مكتب الدراسات الفلسطينية الذي يرأسه الأخ أبو مازن الرئيس الفلسطيني الحالي .. والرواية أيضا كانت بتكليف وقد بنيت على مذكرات حقيقية لمهاجر بولوني ساعدته منظمة التحرير على مغادرة اسرائيل ، وكان لدى أبي مازن حينئذ مشروع لمساعدة يهود اسرائيل- والعرب منهم بشكل خاص- على الهجرة المعاكسة طرحه على بعض الدول العربية ووافق عليه بعضها كالمغرب .. وكنت حينها لم أكن مقتنعا بالفكرة رغم تطوعي للعمل فيها آنذاك ، وصادف دخول الراحل ياسر عرفات علينا فيما كنت أتناقش أنا وأبو مازن حول الفكرة وشاركنا النقاش .
كتبت الرواية دون الإعتماد كثيرا على مذكرات أركاديوش بودليفسكي ، التي كتبت بشكل تقريري في حوالي عشرين صفحة
وجاءت الرواية عكس ما كان يرغب أبو مازن فقد قتلت أركاديوش في نهاية الرواية وقتلت معه بعض المناضلين الفلسطينيين واليهود ، لأقول أن الحل ليس بالهرب والتهريب ، بل بالنضال ضد هذا الكيان الفاشي العنصري الإستيطاني.
صدرت الرواية عن المؤسسة الجامعية للدراسات في بيروت في بيروت عام 84 . وكذلك أنهيت المسلسل في 15 ساعة تلفزيونية غير أنه لم ينتج هو الآخر لخلافي مع المنظمة حول المشاهد التي تشير إلى فلسطين كلها وليس الضفة وغزة فحسب ، وقد رفضت تعديل هذه المشاهد أو حذفها.
شرعت في كتابة رواية ( الأرض الحرام ) وكذلك عينت كمراسل( لفلسطين الثورة ) في دمشق .وكنت أكتب حينها عن الأدب الفلسطيني في الأرض المحتلة إضافة إلى نشاطات كثيرة كنت أزود بها المجلة . وبدأت انشر مقالاتي في صحيفة الوحدة الخليجية بالتزامن مع فلسطين الثورة
عام 83 صدرت رواية الأرض الحرام عن وزارة الثقافة في دمشق .. كما صدر لي كتاب وثائقي عن الإعلام الفلسطيني حول حرب عام 82.
كذلك سافرت إلى المغرب بدعوة من اتحاد كتاب المغرب لحضور ندوة أدبية عن القصة العربية . وهناك جرى تصرف
معي من قبل محمود درويش أثر في نفسي كثيرا مما جعلني أستعيده بعد أكثر من عشرة أعوام وأكتب مجموعة قصائد حول ديوانه ( لماذا تركت الحصان وحيدا ) بعنوان" السلام على محمود" .. وأستعيد الحادثة في القصيدة المقدمة . القصائد موجودة في المنتدى وفي موقعي.
كذلك سافرت إلى موسكو في أول رحلة استجمام في حياتي دامت خمسة اسابع . التقيت خلالها الشاعر الجميل عبد الرحمن الخميسي الذي وعدته بنسخة من مؤلفاتي حين لم يتسن لي تقديمها له في دمشق قبل فترة
. ورغم أنني بدأت حبا جديدا في دمشق مع طالبة ألمانية إلا أنني رحت أغرق في حب الروسيات !!وهذا لم يمنع من استمرار حبي مع الألمانية التي تزوجتها فيما بعد رغم فارق السن الكبير نسبيا بيننا .. وهجرت زوجتي الأولى دون أن اتخلى عن مسؤولياتي تجاهها..
) عام 84 شرعت في كتابة الجزء الأول من ملحمة (الأرض المغتصبة )
قراءاتي خلال الأربع أو الخمس سنين هذه كثيرة ، لكن أهمها كان النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية للراحل
الكبير المغدور حسين مروة .. مجلدان ضخمان في حوالي الفي صفحة أمضى 40 عاما في الإعداد لهما . أية أمة هذه التي تقتل علماءها .. أنا لا أعرف كيف سترتقي ولو درجة واحدة في سلم الحضارة البشرية .كذلك انهيت دراستي عن أعمال الأديبة الفلسطينية الراحلة سميرة عزام . ونشرتها في ملحق اسثنائي أصدرته صحيفة فتح ..
وهي هنا فتح الجديدة أثر الإنشقاق الذي جرى في فتح.. ..
وقد بقيت قرابة عام دون راتب أثر انشقاق أبو موسى الذي رفضت الإنضمام إليه ..
.. لن أخوض أكثر هنا ..
.. وكذلك شرعت في كتابة دراسة عن مدن الملح لعبد الرحمن منيف التي صدر جزؤها الأول .. ومرضت بالتهاب الحنجرة واللوزتين أثر دعوة عشاء من عبد الرحمن منيف لبعض الأدباء ، أذكر منهم الصديق الراحل غالب هلسه والصديقين ممدوح عدوان وشوقي بغدادي وأدباء آخرون نسيتهم وكنا جميعا مع نسائنا ما عدا غير المتزوجين كالطفل الراحل غالب هلسه . أمضيت الليلة في تدخين الأرجيلة وحين استيقظت في الصباح الباكر لم أكن قادرا على فتح فمي ولا حتى على الصراخ والأنين..
وكنت خلال الفترة تلك أساعد زوجتي (الألمانية طبعا ) في الإعداد لرسالة الماجستير .كما صدر لي كتاب( إعداد) عن تاريخ فلسطين القديم ..
****************************
يبدو أنه لا بد من العشاء والعودة . عشاء بعد منتصف الليل
إيل:
لقد عدت .. الساعة الآن الثانية والربع من صباح أحد يومين ، الأربعاء أو الخميس ، بشرفي لا أعرف ، لعله يكون الجمعة!
ثمة ملاحظات لا بد من ذكرها قبل استئناف الإجابات:
- خلال استعراضي للمادة بعد ادخالها في الموقع أكتشف بعض الأخطاء النحوية لأنني لا أقوم بمراجعة نحوية ولغوية للمواد قبل إرسالها .. نظرا لضغط الوقت .. أحيانأ أنجح في العودة إلى التعديل قبل انتهاء المدة وأحيانا لا أنجح .. صحيح أنني أكتب باللغة الفصحى ، لكن حين تكون الجملة طويلة ويتخللها حروف عطف ، وجمل اعتراضية ، وما إلى ذلك ، تضيع الحالة النحوية التي بدأت بها الجملة .. ولتلافي هذه الأخطاء لا بد من مراجعة النص بتؤده
. وهذا ما لا أفعله ليس لثقتي بلغتي فحسب - اي أن اخطائي لن
يكتشفها إلا الضالعون في اللغة – بل لضغط الوقت أيضا .. لذا عذرا من الأصدقاء
للأخطاء التي قد تصادفهم . ومشكلتنا في العربية أننا نتحدث بالعامية ونقرأ
(مع أنفسنا ) بالعامية ، أو أقرب إلى العامية، حتى لو كانت نصوصنا مشكلة ،حتى اننا
حين نكتب لا نفكر بلغة فصيحة مائة في المائة ..لذلك لا بد من مراجعة النصوص لغويا بعد كتابتها ..
الملاحظة الثانية: لاحظت وأنا أتصفح مواضيع اليوم، زميلا يبحث عن كتب لنوال السعداوي ، مما ذكرني بهذه السيدة المكافحة ، والتي شكلت لجيلي هاجسا معرفيا لم يكن في مقدورنا الإستغناء عنه .. وأذكر أنني في أعوام السبعينيات رحت أتابع كل كتاب تصدره ، وأذكر أنني قرأت لها ستة كتب ، أذكر منها : المرأة والجنس ، الرجل والجنس ، الأنثى هي الأصل ، إضافة إلى كتابين آخرين ونص روائي .وإذا كان لي ثمة ملاحظة على كتب نوال ، فهي أنها كانت تتجاهل في بعض الأحيان الظلم الواقع على الرجل أيضا ، مع أنني أتفق معها تماما أن مجتمعنا مجتمع ذكوري.
ما يزال في جعبتي أكثر من عشرين عاما من عمري لم أتطرق إليها .. وأشك في أنني سأنهي سيرة حياتي المقتضبة هذه الليلة
ولا اعرف فيما إذا كان الزميل سيزيف حين طالبني بالإستفاضة في سؤاله يعرف أنني ساكتب هذا القدر من الكتابة أم لا ، فيما يتعلق بي ، أرى أنني أختصر ولا أستفيض ، لأن سيرة حياتي تحتاج إلى مجلدات
بعد إذنكم أخذت شفة عرق من الكأس الثالث .. العرق في رمضان أطيب منه في أي شهر آخر ، لا أعرف لماذا ، ربما لأن إلهي يحبه ، وهو حين يخاطرني ( لغة التخاطر والتذاهن هذه لغة خاصة بيني وبين إلهي ) طالبا مني التوقف لأنني سكرت، أشرع في الصراخ في وجهه الذي لا اراه : لك يا أخي حل عني لم أبع ولا لوحة هذا اليوم وتلاحقني حتى على كاس عرق زيادة ؟ سكرت ، وماذا لو سكرت ؟ هل ستنقلب الدنيا رأ سا على عقب ؟ إذا أنت الإله غير قادر على ذلك فهل سيقلبها كأس عرق زيادة ، لك حتى أن ترسل لي زبونا يبتاع لوحة ، لا تقدر ، أي إله أنت ، هل يعقل أن أترك كل الآلهة التي تحدثت عنها البشرية والقادرة على كل شيء وأتبعك أنت ؟ يا اخي حل عني أو اصبح قادرا على كل شيء كآلهة الآخرين
أكيد أنا سكرت وأكيد انتم تتساءلون الآن اين الفنان التشكيلي شاهين ؟ شاهين هذا الذي هنا هو شاهين آخر يتحدث عن الصحافة والأدب والأدباء لكن اين شاهين الفنان الذي عرفناه ؟ إليكموه:
لم يشكل الرسم يوما هاجسا لي في حياتي ، مع أنني لم اكن أترك معرضا للفن التشكيلي إلا وأحضره .ولا أظن انني خربشت في حياتي حتى حينه أكثر من بضع خربشات لا تستحق الذكر ، وكنت احتفظ برسومات كثيرة لفنانين رسموني أو عملوا منحوتات لي ، ومنهم جورج بهجوري الذي رسمني بشكل كاريكاتيري وحسين حمزة وموفق قات ومصطفى الحلاج وغيرهم ،.البداية كانت مع قواقع البحر الصغيرة . كانت زوجتي الأمورة الألمانية التي تغزل بها الشعراء وحسدني عليها كثيرون تحب السباحة ، وأنا البدوي ابن الصحراء أحب الخيول والجبال والربيع وحتى الصحراء وأكره البحر أو أخافه وخاصة بعد الليلة الرهيبة المرعبة التي عدت فيها من الأرض المحتلة عبره
ممتطيا دولاب سيارة ..والأمواج ترفعني قرابة ثلاثة أمتار على متنها ثم تنقض بي وأنا أتمسك بالدولاب بكل ما في يدي من قوة حتى لا انقلب رأسا على عقب ، وحينها ستكون نهايتي ، لأن المياه المالحة جدا ستخترق أنفي وعيني..
لا أعرف كيف امضيت طوال الليل في البحر الميت ممسكا أعصابي كالفولاذ ! ولا أعرف كيف انهارت حين راحت الأمواج تقذفني على الشاطىء الشرقي عند الفجر لأصطدم بالرمل وأتحسسه بيدي، ولأرتجف بكل شدة من قمة رأسي حتى أخمصي قدمي ، وأنا أستلقي على الرمل باسطا يدي عرضا على طولهما وفاتحا ساقي على وسعهما.
. يبدو انني كنت اطلق العنان لأعصابي التي خنقتها طوال الليل .
وما أن هدأت أعصابي حتى أخذت رشاشي وشرعت في إفراغ مخزن ذخيرة في السفح المواجه لي ، وأنا أصرخ : أنا شاهين، أنا حي ، لن تفلحوا في قتلي يا بني صهيون !! وكانوا قد حرثوا جبال الأرض المحتلة بحثا عني !!لكن !!
لكن !! وهنا ..
.. أصبح الصباح وتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح ..
بإلهي الذي لا يعبده غيري قولوا لي أين كنت ؟ كأس العرق فضي !! سأحضر زجاجة بيرة يكفي عرقا هذه الليلة..
البيرة لذيذة وإلهي البائس هذا لا أعرف كيف تبعته ، لا يوجد لديه جنة ولا حور عين ولا حتى غلمان وولدان مخلدين ، ولا شيء على الإطلاق.)
أظن انني كنت مع أمورتي الألمانية التي تحب السباحة كثيرا وكانت أمهر من السمك في السباحة ! لك يا أمورتي هل العرق هو الذي جعلني أتذكرك هذه الليلة ، أم ملخص سيرة حياتي ؟ لك يا عزيزي يا سيزيف هل كنت تعرف أنك ستفتح جروحا كثيرة في حياتي حين طرحت علي فكرة إجراء مقابلة معي ؟
بيرجت ؟ أين أنت ؟ أشعر بحنين كبير إليك ؟ أعرف أنني قسوت عليك ، وأنا البدوي الراعي !! ليس حين طلقتك فحسب ، بل حين كنت تستشيرينني في كل من تحبين من بعدي ؟ أي جنون هذا
؟ لقد أصبحت بروفيسورة في الأدب وما تزالين تستشيرينني في عشاقك من بعدي ؟ وكأنك الطفلة التي عرفتها في الثانية والعشرين من عمرها ، و قد تجرحها نسمة هواء في غير أوانها ، وحين اتيتني بصورة هذا الأمير الإفريقي وأريتنيها أطبقت بيدي على وجهي لأنني لم احتمل سواد الليل الذي رأيته في صورته . أعرف انني أزعجتك كثيرا . أنا آسف يا بيرجت ، كنت تتخوفين ألا تجدي رجلا مناسبا من بعدي ، وها أنت تتزوجين من أمير يحمل الدكتوراة في الذرة ، وتنجبين منه طفلتين ، وصلني شريط الفيديو الذي تحممين فيه طفلتك السمراء في الحمام . فرحت لك كثيرا .. ولا أعرف لماذا انقطعت أخبارك ؟ اريد فقط أن أطمئن عليك ..سميرة تزورني كل عام وتمكث معي قرابة شهر وتنسى تماما أنها مطلقتي .. تعيد لي البيت يلمع
! تصوري أنني انتظر زيارتها كل عام لتنظف لي البيت وهي سعيدة بذلك !!ثم ألم نتفق على الصداقة مدى الحياة يوم الطلاق ؟
ألم أدعوك على الغداء بعد توقيع طلاقنا في المحكمة ، لنتغدى أجمل غداء مر به مطلقان تحت ظلال الأشجار وبين نوافير المياه ؟ إلهي يسامحك
يا جماعة إذا كنت سأسترسل هكذا لن أخلص منكم خلال عام . يلعن أخت العرق . خلص في السكرة القادمة سأحدثكم عن شيء آخر ، ربما عن بعض عشيقاتي وليس عن زوجاتي
فيما كانت الأمورة تسبح كنت أتسلى بجمع قواقع البحر من الشاطىء ولا أعرف حينها لماذا كنت أجمعها ؟ ولا أظن أنني كنت أتوقع ذلك ، حين رحت الصقها بشكل فسيفسائي ، بعد العودة من عطلة البحر ، على وجوه أرسمها أنا ، أو على صورة ما ، لتبدو اللوحة فسيفسائية . كما أنني فعلت ذلك على بعض الزجاجات فيما بعد ، ولو أن أحدهم قال لي أنني سأتحول إلى الرسم ذات يوم لقلت له أنه مجنون !! كنت أتسلى فقط في الوقت الذي لم يكن لي فيه رغبة في الكتابة أو القراءة
لقد أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح وأنا ما زلت أقرع القداح . تصبحون على خير وإلى اللقاء في الحلقة السابعة

إيل:
(7)

يمكن تلخيص الأعوام من 86 إلى 92 بما يلي :
- كتابة قصص مطولة هي على التوالي : جسدي بين صبرا وبسمة .. صلاة الجلالة . أولادي . موتي وقط لوسيان .
وقد صدر بعض هذه القصص عن وزالرة الثقافة الفلسطينية فيما بعد .
- صدور الجزء الأول والثاني معا من ملحمة الأرض المغتصبة .
_ الإنتهاء من كتابة الجزء الثالث من الملحمة وعدم موافقة اتحاد الكتاب العرب على نشره .. وهذا ليس أول مخطوط يمنعه اتحاد الكتاب لي .علما انني انتميت لهذا الإتحاد عام 81 وما زلت عضوا فيه .
شاركت في إعادة كتابة سيناريو فيلم الإنتفاضة الذي أخرجه أحمد الخطيب ومثل فيه ماجدة الخطيب وإحسان صادق وأمينة رزق وجميل راتب وغيرهم .وحولت الحوار في السيناريو من المصرية إلى الفلسطينية .. السيناريو الذي أشرف عليه رفيق الصبان كان رديئا للغاية وحاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن الإعداد للتصوير كان قد أوشك على الإنتهاء.
أجمل شيء في هذا الفيلم تعرفي على الرائع جميل راتب، ومحسنة توفيق ، وأطرف شيء أن أمينة رزق كانت تغلبني في لعب الورق. .
- بعد فترة وجيزة جاءني منتج فيلم ناجي العلي لكتابة الحوار للسيناريو الذي كتبه بشير الديك ، ومثل بطولته فيما بعد نور الشريف . كان السيناريو مقبولا غير أنه احتوى بعض المغالطات التاريخية ، اختلفت أنا وبشير الديك على ورود اسمي في السيناريو .. فقد رفض أن يدخل اسمي بأي شكل إلى جانب اسمه رغم كل الجهد الذي سأبذله لترميم السيناريو ..وكانت النتيجة أنني رفضت عقدا بسبعة آلاف وخمسمائة دولار كنت في أمس الحاجة إليها.
كتبت سيناريو من جزأين عن الإنتفاضة أرسلته مع مخرج صديق إلى ليبيا .. قال أن الليبيين لم يشتروه .. علما أنه لم يعد النص إلي . وقد سبق وأن بعت قصصا للسينما والتلفزيون وقبضت ثمنها وإن لم تنتج . آمل الا يكون صديقي قد باع السيناريوهين لليبيين وقبض ثمنهما .. والتسعيرة هناك عالمية أي لا تقل عن 70000 دولار للسيناريو الواحد.
كتبت سيناريو آخر عن قصة نار البراءة غير أن المخرج اشترط أن يقاسمني حقوقي بانتصاف !طبعا رفضت وما يزال السيناريو نائما
صديق آخر لطش قصة نار البراءة وحولها إلى المسرح ومن غبائه أنه لم يغير شيئا لا في اسماء الشخصيات ولا في الوقائع ما عدا النهاية.
- وحين عرضت المسرحية في مهرجان المسرح في عمان وقد كتب عليها أنها من تاليف المذكور وليست إعدادا عن نص أدبي ، فضحته الصحافه مما دفعه والمخرج إلى إعادة النظر .. وكنت قد كتبت مقالا نشرته الدستور الأردنية اشرشح فيه الإثنين المعد والمخرج!
- شرعت في الكتابة في صحيفة الحياة اللندنية .. عن الرواية الفلسطينية . كما كتبت بعض المقالات عن الرواية العالمية
ومنها مقالة عن( زوبك) للكاتب التركي الكبير عزيز نيسن .. وقد أرسل المترجم مقالتي مترجمة إلى عزيز نيسين الذي رد يشكرني وتطرق إلي في مذكراته . وكنت قد أرشدت دريد لحام للرواية بعد قراءتها.
- كنت أساعد زوجتي التي أصبحت تعد لرسالة الدكتوراة ، كما أنني تابعت دراسة الألمانية لأننا قررنا الإقامة في ألمانيا بعد إنهاء الدكتوراة.
تابعت الرسم بقواقع البحر الصغيرة ووجدت نفسي أغرق معها وأستغرق زمنا طويلا في التعامل معها إلى أن اصبح لدي كمية كبيرة منها .كما أنني جننت بالورد خلال تلك الفترة وأصبح في بيتي وشرفاته أكثر من مائة وردة.
فقدت بعض الأصدقاء الجميلين خلال تلك الفترة منهم : غالب هلسا الذي رحل وهو ( زعلان ) مني، وفواز الساجر.مسرحي – وشريف شاكر – مسرحي .وكنا قد فقدنا حسين مروة أيضا وشيعناه إلى السيدة زينب !! ( شيوعي يدفن في السيدة زينب ) فكرة جميلة ، نكاية بالقتلة الذين لا يعرفون اية جريمة اقترفو بحق عالم فذ ومسن.
كنت أعيش حالة إحباط كبيرة بعد رفض نشر الجزء الثالث من الأرض المغتصبة ، كذلك رفض الإتحاد مجموعة قصص لي .ورغم أنه كان بإمكاني البحث في دول أخرى إلا أن كرهي للبحث عن ناشرين أحجمني عن ذلك !وكنت منذ ان وطدت قدمي في الكتابة قد شرعت في ترسيخ طموح كبير في نفسي بأن أكتب أدبا عظيما بكل ما تعنيه الكلمة في المستقبل . وما أكتبه حتى حينه لم يكن أكثر من تدريب على الإبداع .وحين بدأت اصطدم بالمحظورات بدأت معنوياتي تتدهور. .
- كان لدي مبلغ من النقود لا اعرف ماذا أفعل به ، وحين عرف صديق لي أستاذ فلسفة ، أن لدي بعض النقود، طلبها لتشغيلها في محل باله مناصفة ، ونظرا لأنني كنت سأسافر إلى ألمانيا ‘ فإنني اعتبرت أن ما سأحصل عليه من المحل قد يكفي لمصروف أولادي أعجبت بالفكرة وأعطيته النقود .. وبعد حوالي عشرة ايام من فتح المحل اكتشفت أنه يسرقني وعبر أوراقه هو ، فأنا لم أكن في المحل . خيرته بين إعادة النقود واستلام المحل أو بيعه ، لكنه لم يقدر على الشراء ولم يجد من يشتري ، فطردته واستلمت المحل، وهكذا اصبحت بائعا لحثالات برلين ، البالة وما أدراك ما البالة !إنها زبالة في زبالة في زبالة!!
والذي زاد من الطين بله أن الخلافات قد دبت بيني وبين زوجتي الألمانية فجأة ، وكان لا بد من الفراق ، حملت نفسي أثر آخر مشاجرة، وجئت إلى بيت أولادي ، لأعيش كبائع بالة لأكثر من عامين ، من أسوأ أعوام حياتي!
: إيل
(8)
عن قراءاتي في الفترة السابقة أذكر انني قرات لسيد القمني أول كتاب وهو الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
وكان منشورا في مجلة الكرمل .. وفيما بعد قرأت كتبه الأخرى هو وفرج فوده ونصر حامد ابو زيد .. وكذلك وجدت نفسي أعود إلى سيرة محمد واقرأ السيرة النبوية لإبن هشام بمجلدلتها الأربع ، كذلك ابتعت قصة الحضارة بمجلداتها أل 21
عدا عن قراءاتي لروايات الأ صدقاء التي صدرت حديثا ومنها: روايتان لغالب هلسه وروايتان لخيري الذهبي .. وكنت بين فترة واخرى أعود للعملاق يوسف ادريس لأقرا قصة له .. واتابع ما يكتبه زكريا تامر.
تابعت في البالة مطالعة الألمانية لفترة رغم انني تركت المعهد .. ورحت أتابع كتابات الصديق فراس سواح الذي لم اتركه منذ كتابه الأول ( مغامرة العقل الأولى ) وكان قد اصدر وقتها ( دين الإنسان ) كذلك تابعت كتابات صادق جلال العظم وقد اصدر حينها كتابه الذي يناقش فيه رواية سلمان رشدي .ولم يكن لدي خلال تلك الفترة البائسة أية رغبة في الكتابة .. إلى أن جاء يوم شعرت فيه انني سأنقرض ، فوضعت نفسي أمام خيارين إما الإنتحار أو ترك البالة .وكان الخيار الأخير هو الأفضل ، فبعتها بالتقسيط إلى نصاب لم يدفع من ثمنها شيئا يستحق الذكر.
قررت أن أعزل نفسي عن العالم الخارجي .. أغلقت باب غرفتي على نفسي وأخذت قلمي وشرعت أكتب ( الملك لقمان)
كنت أكتب ليلا نهارا ودون توقف ، إلا لأخذ قسط ضروري من النوم أو تناول بعض الطعام .. وكنت عصبي المزاج إلى حد غير معقول ، حتى أنني اضطررت إلى تطليق زوجتي الأولى ( مهجورتي ) لأنني لم أعد اطيق الحياة حتى مع نفسي ، فكيف مع النساء ؟ أنهيت الرواية بجزأيها الأولين خلال ثمانية أشهروشرعت في مراجعتها .. ولم أعرف حينها أنني كنت أحيي حلما مخبوءا في لا وعيي من أيام المراهقة ، بأن أكون ملكا!!
شرعت في مراسلة دور الصحف ومنها الريس مع إرفاق فكرة عن الملحمة ، ولم توافق أي دار نشر على النشر .ووجدت نفسي بلا نقود تذكر فرحت أتصل ببعض المثقفين لشراء كتب من مكتبتي .. بعت حوالي ألف كتاب من أهم الكتب التي جمعتها
في حياتي وبمبلغ لا يتجاوز ما يعادل 1500دولار.. لا تساوي أكثر من ثمن 100 مجلد منها.
بكيت على اعمال دوستويسفسكي ودونكيشوت الذي كنت أعشقه وغيره من الكتب . أبقيت على كتب كثيرة ايضا حوالي الف كتاب .. وكان هناك آلاف المجلات الشهرية التي لم يدفع فيها أحد ثمنا يذكر وظلت تحاصرني في المكتبه بعد أن تحولت إلى الرسم إلى أن تخلصت منها هذا العام 2006 بأن أعطيتها للبواب هدية ليبيعها بمائة دولار ، ولأكتشف أن الذي شراها هو الأمين العام لاتحاد الكتاب الفلسطينيين ، فهو يتاجر بالكتب !!
في بداية عام 2005 شرعت في كتابة ( غوايات شيطانية ) على هامش الملك لقمان . كنت في حاجة لأن أفرغ الغضب المكبوت في دخيلتي ..وأشعر أنني وحيد في الكون كله ولا يوجد معي احد على الإطلاق ، فكان لا بد من إيجاد إلهي وأنا
الماركسي مع أنني أدرك أنه ليس هناك إله ولو حسب المفاهيم الدينية لمختلف الشعوب ، لذلك لخصت حواري مع الله – أسميته الذات الكلية في الملك لقمان مع أنه إله لقوم متخيلين وليس بالضرورة أن يعبر عن فهمي أنا –ولهذا قلت
- مهما مهما كنت
!! ومهما لم تكن
لم يبق لي إلا أنت
وليس لي إلا أنت
ولا يدركني إلا أنت
ولا يفهمني إلا أنت
ولا يسمعني إلا أنت
ولا يبصرني إلا أنت
إن كنت أو لم تكن
فلتكن أنت أنا
ولأكن أنا أنت
فليس لي إلا أنت
يا ألله يا ألله يا الله
****************
يلخص هذا المقطع قصيدة مطولة في البحث عن الله في كتاب الغوايات .وفي نهاية الجزء الأول من الملك لقمان أختتم الجزء
بعبارة للملك لقمان يوجهها لملايين المحتشدين من حوله ينتظرون منه كلمة عن الله وهو الملحد حسبما يعرفون ـ فيقول
(حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله ) وأقصد أن الإيمان الحقيقي لا يأتي إلا بعد ذروة الإلحاد ، فهنا بالضبط يكمن الله !!
كان اعتكافي ما يزال مستمرا لأحد عشر شهرا ، ورحت أراجع بعض الكتب الصوفية التي لم ابعها.. ولا أعرف كيف وجدت نفسي أشرع في الرسم الذي هجرته لحوالي ثلاثة أعوام .. كنت أرسم لنفسي ولم افكر في الإحتراف أبدا . رحت أخربش بالأقلام أشكالا تجريدية لا تخلو من إيحاء بوجه إنساني او كائن ما.
وصدر خلال تلك الفترة ديوان درويش ( لماذا تركت الحصان .. ) ونظرا لأنني لم أكن قد خرجت تماما من الحالة الشعرية التي عشتها في الغوايات رحت أكتب شعرا عن الديوان ، مستهلا أشعاري عنه بقصيدة أحيي فيها محمود وأذكره بحادثة مكناس حين لم يرفع السيجارة من فمه حين هممت لعناقه . في القصيدة الثالثة عن الديوان انتقدت قصائد محمود بقسوة .
وحين شعرت بتلك القسوة ، عقبت قائلا
أعرف أني قسوت عليك يا محمود وأنت المدلل
وأنت من تجرحك غيمة في اليد
وقهوة بلا هيل
ونسمة في صباح مبكر
وقبلة مني على الخد
عزائي يا محمود أني نًدٌ
يقسو على النًدِّ
وفل يشكو الياسمين للجوري
وشفتا رضيع تقسو على النهد
سلاما محمود سلاما
سلاما إلى النرجس
سلاما إلى النسرين
سلاما إلى الورد
نبوسه على غمزة في الخد
بوس السنونو للسنونو
وبوس النِّدِ للندِّ!!
* * * * * *
ونظرا لأنني كنت محتقنا ولم أقم بأية أمسية أدبية منذ مدة طويلة ولم ألب أي دعوة لاتحاد الكتاب لإقامة أمسية لي منذ ان انتميت إليه مع أنه يحق لي ثلاث امسيات سنويا . كنت اقيم امسياتي بشكل خاص وفي أماكن أختارها .
اتصلت بالمركز الروسي وطلبت أن يحجزوا لي يوما لإقامة أمسية .. حجزوا لي بعد أيام وكانت الأمسية بعنوان!
( صوفية حديثة )
ألقيت بعض أشعاري عن محمود وأشعار من غوايات شيطانية . ولا أظن انني رفعت صوتي في أية أمسية لي من قبل كما رفعته في تلك الأمسية مما جعل مهندسة الصوت في حيرة من أمرها فكلما خفضت أصوات الميجرفونات تجد صوتي أعلى مما يجب وحين تخفضها على الآخر يصادف أن المقطع القادم يتطلب أن أخفض صوتي ليغدو همسا ، فتضطر إلى رفع الصوت. وقد ألقيت قصائدي بانفعال شديد.
وكنت قد عرضت لوحة لي أمام المنصة التي ألقي منها . مما دفع الشاب الذي قدمني (علي سفر) وهو شاعر، يتحدث عن مفاجأة أخرى قادمة لي قد تكون الرسم .فالشعر كان مفاجأة لأنني لست شاعرا ولم أعرف كذلك.
سرت شائعات بين المثقفين أنني جننت ، فيما عدت إلى اعتكافي في البيت ، وشرعت في الرسم ، وهذه المرة للإحتراف وليس لمجرد التسلية .. حوالي سبعة أشهر إضافية جننت فيها مع الألوان التي أستخدمها للمرة الأولى .. نسيت كل شيء ،
الناس ، الطعام ، الشراب ـ الأدب ، النساء بالتأكيد ، كل شيء على الإطلاق ، ولم يعد هناك إلا الألوان وأنا ، ترافقني ليلا نهارا ، ولم أعد أرى في احلامي غيرها .. رسمت حوالي ألف لوحة اخترت منها 102 لأول معرض لي وفي المركز الروسي أيضا وتحت عنوان ( ألوان من السماء.. المعرض التجريبي الأول لمدرسة الصوفية الحديثة ) وهو اكبر معرض فردي أقيم في دمشق حسبما أعرف . كان ذلك في مثل هذه الأيام من عام 95

إيل:
(9)
باع المعرض بعض اللوحات ، غير أنها لم تكن كافية لدفع ثمن البراويز الذي فاق الألفي دولار .. نقلت المعرض إلى ساحة عامة في أحد أهم شوارع دمشق حيث خصصت حديثا للفنانين لعرض لوحاتهم ، ويبدو أن الفنانين رفضوا عرض لوحاتهم
في الساحة .. والنقابة وجهت دعوة إلى المحافظ لافتتاح الساحة فلا يعقل ان يأتي ولا يجد فنا ، فكنت من انقذ الموقف كمبتدىء.
والحق ان هذا المعرض شاهد ازدحاما منقطع النظير ، وجعل عشرات الآلاف من الناس يتعرفون إلي ، فقد دام حوالي ثلاثة أشهر ، كما أنه كرسني كرسام .وقد بعت في هذا المعرض أكثر مما بعت في الروسي غير أنني لم أف ثمن البراويظ كاملا
وأغلى لوحة بعتها فيه كانت ليهودي سوري بما يعادل 300 دولار ، مع أنني سعرتها ب دولار.900
وظل اليهودي يتردد طوال ثلاثة أيام وأنا أرفض بيعها له لأنني لم أبعها لغيره
ب 500 دولار .. وصادف ان جاءتني فاتورة هاتف بحوالي 300 دولار، فقد كانت ابنتي تغازل خطيبها في الكويت كل يوم لبضع ساعات . وحين جاء اليهودي في اليوم الرابع – ويبدو أنه جاء ليزيد المبلغ- أعطيته اللوحة دون أن أتمسك بالسعر السابق .. وهكذا ذهب ثمن أغلى لوحة بعتها حينذاك ثمن غزل!
ولم أعد قادرا على دفع ثمن فواتير الغزل اللاحقة لأنها كانت خيالية .. أكثر من خمسة آلاف دولار ( ما يعادل طبعا).فقطع الهاتف .. وبقيت دون هاتف .ومن حسن حظي أن نائب وزير المواصلات كان صاحب دار نشر وقد نشر الجزء الثاني من روايتي الأرض المغتصبة .. ذهبت إليه مع لوحة 100*70 سم .. وأخبرته أنني في حاجة إلى هاتف استثنائي ، وكانت مشكلة الحصول على خط هاتف في دمشق أصعب من الحصول على عروس .لم يقصر الرجل . غير انه كان لا بد من بيع بعض أثاث البيت والتلفاز لدفع ثمن الخط الذي كلف حوالي 400 دولار .
خلص المعرض وعدت إلى اعتكافي وصراعي مع الألوان . ليلا نهارا . ولم أعرف أن هناك حوارات ومعارك جارية في الصحافة حول أشعاري عن محمود درويش.
بعضها يشتمني وبعضها ينتقدني وبعضها يريد ان يركب الموجة ليشهر مجلته الحديثة فيضع صورتي وصورة محمود على الغلاف وبعناوين من مثل ( الفأس التي تريد أن تهدم جبلا ) ( الدجاج الثقافي ) وهذه المجلة حصلت عليها !
ولا أظن أن هناك صحافيا في العالم أحقر من هذا الصحفي الذي شطب كل فقرة في القصيدة التي ابدي فيها محبتي لمحمود وأبقى ما
قد يوحي بكرهي لمحمود . وراح يتدخل في القصيدة معلقا بين فقرة وأخرى .. كنت قد أرسلت القصائد إلى الصديق الياس خوري
الروائي اللبناني الجميل ، وكان حاضرا معنا في مكناس ، وقد دعيت أنا وهو من قبل زوجة الشاعر عبد اللطيف اللعبي الذي كان حينئذ يقبع في سجون الملك الحسن ، ولم نصحب محمود معنا حين لحق بنا ليهرب من جو الحفل الكئيب الذي كان خاليا من الخمور وليس هناك غير اللحوم المكدسة !وعشرات الأدباء العرب السلطويون منهم وغير السلطويين .كنا قد ركبنا سيارة السيدة اللعبي وأغلقنا الأبواب ، حين وصل محمود ونقر على الزجاج ولا أذكر كيف صرفناه ـ أظن أن الياس قال له راجعين
وكنت قد أعطيت القصائد أيضا لسميح القاسم حين التقيته في دمشق . ولا أذكر لمن أعطيتها أيضا . وبالصدفة فتحت على إذاعة مونتي كارلو لألتقط بعض الكلمات من نهاية مقابلة كانت تجرى مع محمود وكان يدافع عن سلوكه وعن أخلاقه ، فعرفت أن القصة قد تجاوزت حدودها وهي لا تستحق كل هذا الضجيج ، وعرفت من أحد المثقفين أن محمود كتب مقالا في الكرمل يتحدث عني فيه بمودة . ( يلعن أخت هالقبلة ، لو كان محمود يعرف أنها ستؤدي بعد أكثر من عشرة أعوام إلى كل هذا العتاب لجعلني أهري خديه بوسا!!)
الطريف والغريب أننا عدنا إلى محمود وشعره بعد حوالي خمسة أعوام حين صدرت صحيفة الدومري الناقدة في بداية ما سمي ربيع دمشق وأجرت مقابلة معي ، تطرقت فيها إلى الأدب والشعر الفلسطينيين ومما قلته أن لدينا في الساحة الفلسطينية شعراء لا
يقلون أهمية عن درويش ، لأفاجأ بمانشيت عريض أعلى المقابلة يقول
: محمود درويش شاعر غير مهم !! وحين قرأت نص المقابلة لم أجد هذا الكلام وإن كان ثمة بعض الأخطاء والمغالطات البسيطة لأن المقابلة أجريت تسجيلا وكانت طويلة .
لم أعثر على صديقي الفنان علي فرزات لأسأله عما تفعله جريدته . كتبت ردا رفضت الجريدة نشرة فنشرته في تشرين السورية .
وكانت اللعنات تنهال علي من كل صوب قبل نشر الرد في تشرين ..لم أشهد مثيلا له إلا بعد صدور الجزء الثاني من رواية الأرض المغتصبة عام 89 حيث اعتقد كثيرون أن الأعجف في الرواية هو ياسر عرفات ، فانهالت التهديدات علي ، حتى أجريت مقابلة في الحياة اللندنية قلت فيها أن الأعجف هو سلبيات القيادات كلها وليس ياسر عرفات تحديدا .
كان ردي على الدومري قاسيا فقد تساءلت :
هل هناك أحمق يمكن أن يصدق أن محمود درويش شاعر غير مهم ـ وهل هناك من هو أكثر حمقا يصدق أنني أنا من يقول ذلك ؟ ولا أظن أنكم تكتبون إلى الحمقى ؟
وأوردت بعض الفقرات من أشعاري عن محمود والتي أبدي فيها محبتي له ، ومنها
ولأهديك السلام تلو السلام
طالما أننا لم نلتق إلا لماما
ولتعانق دموعي جراحاتك
وتسمو بنشيدك إلى العلا
وتغنيه إلى السحاب أنغاما
*** ***
سلام عليك قبل خلقك من الأديم
وسلام عليك يوم ولدت
وسلام عليك رضيعا في المهد
وسلام عليك وأنت تمتطي الغماما
لم تجد أغنياتي يا محمود مفرا
من التحليق بأجنحة قوافيك
ليهمس الكلام إلى الكلام كلاما
ويخلق من العدم وجودا
ويقرىء الكون على وقع أشعاري السلاما
سلاما محمود سلاما
سلام يهدي السلام سلامه
وسلام يحمل إلى السلام سلاما
فالسلام على سلام يهدي السلام سلامه
والسلام على سلام يرد على السلام السلاما
سلاما محمود سلاما .
*** ***
القصائد كاملة موجودة في منتدى اللادينيين و موجودة في موقعي الشخصي أيضا .
يبدو أنني سأطيل عليكم .

ابراهيم خليل:
تحية طيبة ايا الاديب الكبير شاهين ( ايل) )

نعلم انك تتعب في الطباعة ....ندعو لك بالصحة وشرب المزيد من العرق ....
احببت المرور لتوقن اننا هنا ومازلنا نتابع اجابتك للسؤال الاول .

سيزيف :
بالصدق
طالما اصابني سرد الذكريات بالضجر
لكن معك الامر يختلف ..فأنا استمتع ايما استمتاع
واصل يا فنانا الجميل .. فتجربتك عميقة وثرية
شكرا على مجهودك ووقتك
إيل:
العزيزان سيزيف وإبراهيم ..
الحقيقة رغم أنني أمضي بعض الوقت في التنضيد لأنني أتعامل مع الحروف بإصبع واحد ، إلا أنني أشعر براحة تامة لحاجتي إلى مقابلة
وأنا على أعتاب دخول عامي الحادي والستين ، فربما لن يتكرر الأمر
معي مرة ثانية ..
جزيل شكري عزيزي سيزيف .. بدأت الحلقة العاشرة ليلة أمس بالبحث عنك
آمل أن تكون الحلقة الأخيرة
تحياتي
إيل:
(10)

سيزيف بحق إلهي أين أنت ، أما زلت تتابع إجابتي على سؤالك الخبيث هذا .. لقد عرفت ماذا تسأل لتريح نفسك وتجعلني أسهر الليالي !! بيني وبينك أظن أنني كنت في حاجة إلى سؤال من هذا النوع وأنا على وشك اقتحام عامي الحادي والستين
في الثلاثين من اكتوبر الحالي ! أعددت العدة لولوج هذا العقد بقرارات صعبة ، أولها ترك السيجارة التي رافقتني أكثر من 45 عاما ، وثانيها التخفيف من الخمر ، وثالثها محلول لحاله ، أقصد معاشرة النساء ، إذ لم يعد هناك معجبات على الإطلاق بعد أن رأين الشيب يكتسح شعر ذقني ورأسي وكم حاولت تحريض إلهي البائس هذا لعله يقدر على شيء بسيط جد اً ،
أن يعيدني عشرين عاما إلى الوراء ، لم أطلب منه حور عين ولم أطلب منه مالا أو جاها أو ملكا ، مما يقال أن الآلهة الأخرى تستطيع فعله .. عشرين عاما فقط . للأسف لم يقدر على ذلك .. يقول لي انه علي وعلى البشرية أن نشغل عقولنا معه ليس لوضع حد للشيخوخة فحسب ، بل لإيجاد حل للموت وللأمراض والحروب وللرقي بالحياة الإنسانية ، وكثيرا ما يصرخ بي هاتفا:
هل أوجدت فيكم هذه العقول لكي تتفرجوا علي ؟ يا خيبة أملي فيكم ، ليتني جعلتكم جرذانا أو بعوضا أو نملا ، لكان ذلك افضل لي من أتعب مليارات السنين لأوجدكم ، ولتنتهوا إلى ما أنتم عليه اليوم !!وكم أحاول أن أهدىء من غضبه دون جدوى
وهذا ما يدفعني إلى الغضب أنا الآخر فأصرخ به بالعامية وشيء جيد أنه يعرفها ( حل عني يا ، كلما قلت للناس أنك خلقتنا كي ترى نفسك ، كي تحقق ذاتك ، كي توجد حياة ترضى عنها ، كمالا ما ، وأنك وضعت ذاتك فينا كي نكون معك ـ كي نفكر معك ، لنطور الحياة معا ، لنبلغ كمالا ما تتحق فيه سعادة البشرية ، لنكون مثلك ،و لتكون أنت نحن ونحن أنت ، راحوا يسخرون مني ويتهمونني بالزندقة والإلحاد ، حل عني ، ماذا في مقدوري أن أفعل لك ، قلت لهم مليون مرة أن وجودنا ليس عبثا ، وأن هناك غاية لك منه وهي أن نساعدك في عملية الخلق الأرقى التي تطمح في الوصول إليها ـ فقالوا لي أنك قلت( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فرحت تصرخ بي : أبول عليك وعلى الجن ووووووووووومن قال لك أنني في حاجة إلى عبادة ، من قال أنني في حاجة إلى معابد ، من قال لك أنني خلقت جنا ؟ وحينها أدركت يا إلهي أن ثقافتك ما تزال محدودة رغم كل إبداعاتك وأن معرفتك ليست كلية ، فأنت حتى الآن لا تعرف ما تقوله البشرية عنك ، وكم فوجئت يا إلهي حين عرفت أنك لم تسمع لا بالقرآن ولا بالإنجيل ولا بالتوراة ولا حتى بالتاو والفيدا و الأوبينيشاد ، ولا ببوذا ولا بزاردشت ولا بعشتار ولا برع ولا بالآلاف غيرهم ، أف ،لم أكن اعرف أنك متخلف إلى هذا الحد رغم كل خلقك . حل عني يا أخي ،اي شو بدي أعملك دورة تثقيفية ؟ كم تدفع بما أننا في زمن العولمة ؟ أو أقول لك روح إقرأ رواياتي إذا بتعرف تقرأ بلكي بتتثقف لك إشوي ، وبعدين بكفيك شرب عرق شايفك رح تسكر مثلي .. بعدين انا ما بدي منك هالعشرين سنة الي انت ما قادر عليهن ، رايح أشحدهن من الناس ، وإذا كان كازنتزاكي ما عملها ، أنا رايح أعملها ،من بكرة ساجلس على قارعة الطريق وأفرد طاقيتي أمامي وانادي : يوم من أعماركم لي يا محسنين ، ساعة ، دقيقة ، ثانية ، وسترى كيف سأجمع عشرين عاما أضيفها إلى عمري إنما بأثر رجعي ،لأعود إلى الأربعين ، وحينها سترى كيف تتفتل الصبايا من حولي )
*****
أنا الآن في بداية السهرة ويقظ تماما ، بالكاد حتى أخذت شفة ، جاي على بالي سيجارة من بتاعات عزيزي أبو النجوم ،
وما أدراكم بأبي النجوم ، إنه أحد أهم النجوم في عالمنا العربي وفي مصر ، فمنذ أن غادر دمشق منذ حوالي عشرين عاما لم أذق طعم السجائر التي كانت تجعلني أحلق في السموات السبع إلا ما ندر !!وكان يجب أن نسهر ليلة رأس السنة هذا العام معا حين فوجئت به يخابرني من دمشق بعد منتصف الليل ، لكن مرض زوجته جعله يقطع زيارته إلى دمشق ، فخسرت اللقاء ...
الفقرة السابقة التي أتحدث فيها مع إلهي كتبتها آخر ليلة أمس بعد الكأس الرابع . وكنت قد تشاجرت معه ولم أنقل ماذا جرى .
لأن الصباح ادركنا ، فصرفته إلى سماواته ، وكان متقمصا شكلي ، إنه يلح علي دائما كي نساعده في الإرتقاء بعملية الخلق
هذه اللوحة التي شرع يعفس فيها منذ حوالي عشرين مليار عام أو أقل قليلا إلى أن انتهت إلى ما انتهت إليه ، دون أن يرضى عن نفسه ،
حقيقة أنا أفهم أن أعفس بريشتي بضعة أعوام لأنجح أخيرا في رسم لوحة ما لن تشبع نهمي ولن ترضيني ولن تطمئن نفسي لكن لا أفهم أن يعفس إله مليارات السنين ويظل غير راض عن نفسه !!وهذا ما دفعني إلى أن أصرخ به : يا أخي الا ترى ناطحات السحاب والجسور والحدائق الغناء والبث التلفزيوني والإنترنت ، وشبكة الإتصالات والمواصلات بكل أنواع حافلاتها
وحتى الصواريخ والطائرات الحربية ، هذا عدا الكهرباء والماء وما إلى ذلك ، كل هذه المكتسبات الحضاري منها وغير الحضاري أضفناها إلى لوحتك الكونية لتزداد جمالا ، ومع ذلك لست راضيا عنا ـ أي شو بدنا انسويلك ، نجد لك حلا للموت الذي فشلت أنت في إيجاد حل له حتى الآن ؟يا أخي خذنا على قد العقول التي أعطيتنا إياها !! وراح يصرخ بي ، ناطحات
سحاب وانترنت تفتخر به لأنه أتاح لك أن تقول ما لا تستطيع قوله ،و و و ألخ ، أريدكم أن تعدلوا معي النظام الكوني ، يجب أن تجدوا معي حلا للزلازل والبراكين والفيضانات والحروب السخيفة وووو .. وكان لا بد من مقاطعة هذا الإله العجيب
الذي يطلب منا المستحيل الذي عجز عنه ، فرحت أصرخ به ، يا أخي منشان القرود إذا أنت بقدراتك الخارقة لم تجد حلولا هل تريدنا بهذه العقول التي أوجدتها فينا أن نعدل لك النظام الكوني ؟ فراح يتساءل : كم وظفتم من هذه العقول لخدمة الإنسانية ؟ وبعد برهة صمت قلت:
: يقولون أن أحد أعظم علمائنا ويدعى آينشتاين ، وضع لنا نظرية من أعقد النظريات ، أسموها النسبية ، وظف 6% من قدراته الدماغية !ولم أتوقع أن يكون إلهي عصبيا إلى هذا الحد ، وكنت قد أشرت إلى أنه كان متقمصا شكلي ، ففوجئت به يطبق أصابع يده اليمنى ما عدا السبابة التي اشرعها كالسكين وراح يقربها من عيني ، حتى أحسست للحظات أنه سيغرسها في عيني : ها أنت تعترف وترى الحقيقة أو شيئا منها ، فلماذا لا تشغلون الطاقة الهائلة التي منحتكم إياها بهذه العقول للإ رتقاء بالحياة الإنسانية على الأقل ؟! فقلت ساخرا وكنت أريده أن ينصرف ويتركني وشأني : يا أخي شغلناها وهي أمة العرب طلع معها مولينكس وكولينكس وكولا وألف نوع من العلكه ، وأنظمة ولا أحلى منها .. وخذ هي حبة علكة مني روح إعلك فيها وخليني في حالي ،عندي مقابلة مع الملحدين واللادينيين بدي أكملها ، وإذا بدك انضم إلنا ، بلكي بنطول بالنا عليك وبنتحملك .كنا مع المتدينين ما خالصين ، وهلا يبدو بدنا نتورط مع إله ملحد ولا ديني !! إوليه على حالنا!
وهكذا نهض إلهي وانصرف صافعا الباب خلفه بكل قوة وهو يردد : إذن انتظروا مليار عام أخرى لعلني أرتقي بحياتكم بعض الشيْ
وعذرا لأنني لم أستطع تجاوز هذه الزيارة المفاجئة لإلهي . وأعاهدكم انني لن أتطرق إليه ثانية إلا ما ندر وسأترك ذلك لأسئلتكم . وسأعود بعد العشاء لأتابع ملخص سيرة حياتي لكم.
: إيل
(11)
تابعت اعتكافي وجنوني بالألوان الذي امتد حتى الان .. إذ نادرا ما أذهب إلى نشاط ثقافي ما ، من معرضي إلى البيت ولا شيء غير ذلك .. بيتي جنة دنياي .. أعيش وحيدا منذ اثني عشر عاما ونيف .. أعشق الوحدة التي تتيح لي كل شيء احبه العمل والقراءة والتأمل. .
أقمت مجموعة معارض في دمشق قبل أن أدعى إلى ألمانيا لإقامة معرض وتدريس اسلوبي في الرسم لطلاب من كافة أنحاء أوروبا ضمن نشاط صيفي كانت تقيمه جامعة ألمانية.
في معرضي الصوفي الأول استخلصت كلمة من مجموعة مقالات لشاعر الهند العظيم طاغور ، شعرت أنها تعبر إلى حد كبير عما في دخيلتي ، جعلت منها كلمتي عن المعرض .. كتبتها بخط يدي.. ..

للأسف لم أتمكن من إدخال الصورة إلى موقعي لنقلها لكم بشكل أفضل لأن العزيز ابو النور الذي جاء ليصلح لي أخطاء في موقعي قد ألغى لي صفحة التحكم في الموقع ، وكما يقولون بدل ما يكحلها قلع عينها !! وآمل أن يسمح له الوقت ليعيد الكحل كماكان !! هل من خبير يساعد في الأمر؟
أما في المعرض الثالث عام 98 فقد كتبت كلمة مختلفة أنعي فيها الأدب الذي تحطم طموحي فيه ، وأثني على اللون الذي غدا روحي.
أيقظني صديق- كان في ضيافتي- من النوم، ليقول أن لي مخابرة هاتفية من الناصرة !! نهضت مذعورا ، من الناصرة ؟! يعني من إسرائيل !! رحنا في داهية!
ألو مين ؟
- أنا الفنان سليم الضو .. قرأت لك قصة مترجمة إلى الفرنسية عام 79 وأنا أدرس السينما في باريس ، ومنذ ذلك اليوم وأنا اضعها في ذهني لإنتاجها سينمائيا . يجب أن نلتقي في عمان لكتابة العقد . اتصلت بأصدقاء في السلطة الفلسطينية فأرشدوني إلى هاتفك.
يكثر خيرك لسا الدنيا فيها خير!!
كانت بعض قصصي قد ترجمت إلى عدة لغات أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات
لم يكن معي نقود للسفر إلى عمان، فتكفل سليم بمصاريف سفري وإقامتي .. مع أن لي أخوة وأقارب في عمان لكني لا أحب ان انام عند احد!
فعلا سافرت إلى عمان .. ونظرا لأنني أعرف أن فرع المخابرات على الحدود سيستدعيني كما في كل مرة فقد أخذت معي مجموعة من المقابلات والمقالات وبشكل خاص التي نشرت في الصحافة الأردنية ، لأثبت مصداقيتي .. وهذا ما فعلته في أول مرة أعود إلى عمان بعد 15 عاما من الإغتراب ، وبجواز سفر أردني منته ، بعد تدخل الزميل فخري قعوار ورابطة الكتاب الأردنيين ومجلس النواب للسماح لبعض الكتاب بالعودة إلى الأردن بجوازات سفرهم التي كانت ممنوعة من التجديد
لأسباب سياسية ، إلا بعد مراجعة المخابرات ! وكنت أقضي اعوامي السابقة بجواز سفر سوري مؤقت ‘( إلهي كثر خير السوريين )!!وكذلك سمحت لنا السلطات السورية بالخروج بجوازات أردنية منتهية منذ أعوام .كنا مجموعة من الكتاب ،وكانت الديمقراطية قد بدأت في الأردن . واستقبلنا على الحدود مجموعة من الكتاب والفنانين وأعضاء مجلس النواب بعد أن صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء بالسماح لنا بالدخول ، ومع ذلك فقد أجري معنا تحقيق سريع على الحدود ، فاعتقل بعضنا مؤقتا ،ونفد الآخر ، وكنت أنا من النافدين لأنني اصطحبت معي كما من الجرائد فردته على مائدة المحقق ، ومع ذلك سألني عما إذا كنت قد اختطفت طائرة من قبل ؟ تصوروا طائرة ، يعني لو كانت سوزوكي كنت تحملتها ـ أما طائرة ؟!! ومع ذلك أعطاني ورقة لمراجعة دائرة المخابرات في عمان.
وهكذا في السفرات اللاحقة والأخيرة كنت أعرف ماذا أصطحب.
التقيت سليم وكتبنا عقدا ثمنا فيه القصة ب 5300 دولار.. أعطاني أل 300 كمصاريف وبقي باقي المبلغ إلى حين الشروع في التصوير .. وكنت قد عملت له مسودة سيناريو تبرعا مني لإغناء القصة . وقد اصطحبت معي العديد من اللوحات ، أخذها سليم معه ، وبعد بضعة أشهر فوجئت بسليم يتصل بي من الناصرة ويطلب إلي أن استمع إلى إذاعة اسرائيل بعد نصف ساعة ، حيث ستجري معه مقابلة على الهواء عن المعرض الذي سيفتتح في المركز الثقافي العربي في الناصرة .. قلت اولي رحنا في داهيتين، بكرة بتهموني بالتطبيع مع إسرائيل . وكان قد طلب إلي أن يتصل معي هاتفيا لتنقل مكبرات صوت كلمة لي في الإفتتاح ‘ غير أنني رفضت .
فعلا استمعت إلى الإذاعة وتحدث سليم بشكل جميل عن أدبي وفني
وكان مؤتمر الأدباء العرب قد عقد في دمشق بعد أسابيع وسمعت أن هناك من حاول طرح معرضي كنوع من اشكال التطبيع غير أن زملاء ثنوه حين اقنعوا الجميع أنني كفلسطيني يحق لي ان أعرض لوحاتي في بلدي . لم أكن مدعوا إلى المؤتمر غير انني ذهبت لمشاهدة الادباء القادمين من فلسطين والأردن وبعض الأصدقاء ،وخاصة جمال الغيطاني الذي كنت أعطيته من قبل ( غوايات شيطانية ) لنشرها في القاهرة ، أثر لقاء لنا في دمشق.
أرسل لي سليم مبلغ 1500 دولار وهذا أكبر مبلغ أحصل عليه حتى حينه من معارضي هذا المبلغ أحصل عليه اليوم بسهولة خلال شهر أوخلال أيام من معرضي الدائم.
لم تمر سوى أسابيع حتى جاء ت دعوتي لإقامة معرض في ألمانيا وإلقاء محاضرة في الفكر الصوفي الإسلامي وتدريس طريقتي في الرسم.
كنت قادما للتو من معرض في السلمية وما كدت اجلس حتى قرع الباب . كان دليل سياحي برفقة سيدة ألمانية قدمها لي على انها الدكتورة ... مسؤولة العلاقات العامة في الجامعة .. ونظرا لأن سمعة الغرب عندنا طنانة وافقت دون شروط ، قالت أن الجامعة ستتكفل بسفري وإقامتي كاملة مع الطعام و مصروف جيب جيد.
تلقيت تذكرة الطائرة في الوقت المحدد وسافرت إلى فرانكفورت ومنها بالقطار 300كم حتى وصلت إلى هاجن المدينة التي سأحل فيه.
جاءت السيدة إلى محطة القطار بعد دقائق من وصولي واصطحبتني إلى السكن الجامعي الذي سأقيم فيه . كنت متعبا من السفر فأنا لا أنام في الليالي التي سأسافر فيها صباحا .
التقيت بعض الفنانين العرب والأوروبيين والأتراك ، مسرحيون، تشكيليون ، موسيقيون ، راقصون، فقد كان هناك كورسات للعديد من النشاطات.
ذهبت إلى النوم بعد تناول العشاء فورا . لم أكن قد نمت حين فوجئت بالسيدة تطرق بابي .. فتحت لها .. قالت : جئت أنام عندك ! قلت في نفسي الشغلة فيها وما فيها شو ما فيه غرف في السكن الجامعي، ولا شو الحكاية ؟ كان هناك سريرإلى جانب سريري في الغرفة . قلت لها اوكيه . وفوجئت بها تشرع في نزع ملابسها وهي تردد بالإنكليزية : أنا لا أنام إلا عارية ! وكم كان سيسعدني هذا العري لو أن السيدة كانت جميلة ، فقد كانت بشعة وسمينه وفي الثامنة والأربعين من عمرها ، وكنت سأتجاوز مسألة العمر لو أنها كانت جميلة ، فأنا في الثانية والخمسين أيضا حينذاك .كنت جالسا على السرير ، فقلت لها يمكنك أن تنامي كما تشائين لكن أنا متعب جدا ويجب أن أنام . واستلقيت على السرير وأدرت ظهري لها وأنا أحاول النوم . ولم أعرف حينها أنني بسلوكي قد بدأت أزرع بذور الإنتقام في نفسها.
لقد سبق وأن تعرضت لمواقف من هذا النوع في دمشق ومع نساء جميلات جدا ، لكني كنت أتهرب من هذه المواقف بسهولة .
نظرا لأن معظم من حدث معهن تربطني صداقة ما بأقارب لهن ، وأنا لا أستطيع إقامة علاقات من هذا النوع حتى لو كانت عابرة أو فرصة سانحة ، وقد تركت هذه المواقف علي شيئا من الكره والحقد مع بعض هؤلاء النسوة والفتيات ، فلم أكن اقيم علاقات غرامية إلا مع نساء غير مرتبطات .. ربما هناك شواذ لنساء لم أكن أعرف أنهن مرتبطات أو لا أعرف أحدا من أقاربهن.
وحين كتبت قصة (نار البراءة ) تناولت المسألة نفسها ، كما أن قصة يوسف القرآنية مع زليخة ( ماذا كان اسم امرأة الفرعون )؟ ماثلة في ذهني ، ومع ذلك لم أتعلم ، ولذلك دفعتني هذه السيدة الألمانية ثمنا باهظا!
إيل :
(12)
بدأت الدورة .. ألقيت للطلاب محاضرة عن الفكر الصوفي خصصتها عن الحلاج بعد مقدمة عامة عن الفكر الصوفي . ثم بدأنا الرسم . كان معظم طلابي من طالبات الجامعات وبعض أساتذة الجامعة الذين أحبوا المشاركة في الدورة ..
لم أعقدهم ، قلت لهم تعالوا نلعب بالألوان كالأطفال وسألعب أمامكم .. في اليوم السابع افتتحنا معرضا للطلاب ضم قرابة مائة لوحة
فوجئت بمصروف الجيب الذي أرسلته السيدة لي الذي لم يتجاوز 40 مارك . وهو مبلغ بائس ادركت أن هذه أول ردة فعل منها على ليلة التعري الخائبة!
اللطمة الثانية حين ذهبت مع بعض الطلاب لحضور افتتاح المعرض الذي أقامته لي .. وكنت قد أحضرت معي من دمشق 220 لوحة صغيرة ومتوسطة . وجدت أنها عرضت قرابة أربعين لوحة وباسعار بائسة جد.
رفعت الورقة التي وضعت عليها التسعيرة ومزقتها وأنا أتساءل عما إذا كانت هذه أسعار فن أم اسعار بطاطا ؟ مع أن حقوقها حسب اتفاقي معها 50%
وكان يجب أن تضع أسعارا مقبولة .
عدت إلى السكن غاضبا بعد الإفتتاح الذي حضره عدد مقبول من الناس . تناولت بعض الخمر ونمت .
بعد انتهاء الدورة دعتني السيدة إلى بيتها وتكررت مسألة مراودتي عارضة علي أن تجعلني فنانا وأديبا مشهورا وأنها ستتزوجني وكانت قد أرتني البيت الذي تسكنه من الخارج حيث أحيط بحديقة .. حاولت إقناعها بالتي هي أحسن أننا كأصدقاء قد تستمر صداقتنا أطول ـ فأنا مزاجي ويمكن أن لا تحتمليني لأكثر من اسبوع هذا إذا احتملتك أنا .. ويبدو انها اقتنعت على مضض!! وأحضرت فتاة تتعلم الرأس الشرقي راحت ترقص لنا ، ولم تكن جميلة هي الأخرى لكنها مقبولة .
. انتقت لوحة وقالت أنها ستدفع ثمنها للسيدة .. بعد انتهاء السهرة أرتني الغرفة التي سأنام فيها . وفعلا ذهبت ونمت.
فوجئت في اليوم التالي أنها ستصحبني إلى مدينة كولن لننام هناك وفي اليوم التالي ساستقل القطار من هناك إلى فرانكفورت حيث موعد طائرتي للسفر
وفوجئت أيضا حين وجدت أنها حجزت غرفة مشتركة لي ولها . بعد العشاء قالت أنها متعبة . ذهبت إلى الغرفة فيما ذهبت أنا للبحث عن بار.
حين عدت لم أكد أنم حين أيقظتني وهي تخزني بيدها قائلة أنني أشخر ، وحين تكرر الأمر عدة مرات اضطررت إلى ترك السرير والنوم في الحمام.
سافرت في اليوم التالي دون أن تعطيني الألف مارك التي وعدتني بها لتستعيدها من ريع المعرض الذي ما يزال قائما عدا اللوحات الكثيرة التي تركتها عندها إضافة إلى مخطوطين روائيين لترسلهما إلى دار الجمل .وحين ذكرتها بالمبلغ عند وصول القطار قالت لن أعطيك ، ولم يكن أمامي سوى بضع ثوان للصعود إلى القطار.
أدركت وأنا آخذ مقعدي في القطار أن وقعتي لن تكون سهلة مع هذه المخلوقة وقد تستولي على اللوحات والمخطوطين وهذا ما حدث !!
ولم انجح في استرداد لوحة منها حتى اليوم . وكانت قد جاءت إلى دمشق بعد أشهر وأقنعتني أنها ستقيم معارض كثيرة لي باللوحات وادعت أن المعرض لم يبع شيئا .وحين ذكرتها باللوحة التي ابتاعتها الراقصة تراجعت واعترفت ببيع لوحة أخرى واعطتني 200 مارك ، وبعد أن استشرتها في مسألة حاجتها إلى صديق( لتحل عني ) أجابت بالايجاب .
. كنا في مطعم . نهضت واتصلت بصديق دارس في المانيا ..قلت: خيوه تع شيل هالحمل عني !!
وفعلا جاء وكم كانت سعيدة بعد ذلك ، مما دفعني إلى الإعتقاد أنها ستتغير وقد أعطتني 800 مارك أخرى بعد ذلك . لكن ما أن تخاصمت مع الصديق حتى عادت إلى لؤمها ولم اعد أعرف صدقها من كذبها وحين أراسلها لا تجيب ، وعرفت أنها أقامت معرضين بعد ذلك ولم ترسل لي قرشا . وفوجئت وأنا في برلين بعد قرابة عامين ونصف أنها بدلا من إرسال المخطوطين لدار الجمل
أحضرت مترجما وجعلته يترجم الغوايات لتأسس بها دار نشر !وقد ارسلت لي 30 نسخة إلى برلين وحين راسلتها سائلا عن حقوقي لم تجب كما في اللوحات . وحين كنت أحاد ثها هاتفيا كانت تجعجع على الهاتف دون أن أفهم شيئا.
كان معرض برلين عام 2000 جيدا .. أقمت في بيت صديقة عظيمة هي التي رتبت للمعرض وكانت قد جاءت إلى دمشق وابتاعت لوحات ودفعت ثمنها وأخذت لوحات لتبيعها لي وباعتها كلها دون أن تأخذ قرشا .. وكان الإفتتاح حافلا بالمدعوين
ومنهم مسؤولين وأعضاء في البوندستاج ( البرلمان) وقد أقامت الصالة حفل كوكتيل ممتاز وأحضرت فرقة موسيقية شرقية راحت تعزف ألحانا شرقية ، وألقى مدير دار الثقافة كلمة ترحيبية بي كأديب وفنان ، لم يترك في قاموس الألمانية كلمة جميلة إلا وأوردها فيها . مما خجلني.. ورددت بكلمة شكر والتطرق إلى ما تتضمنه اللوحات . وباع المعرض بشكل جيد.
عام 2002 كان معرض باريس بدعوة من المركز الثقافي السوري . وكان جيدا . لكني قبل السفر نسيت بعض اللوحات المخصصة لمعرض باريس في سيارة أجرة أثر مشادة مع السائق ، وكنت عائدا من استوديو لتصوير اللوحات . ورغم أننا قلبنا الدنيا نداءات إلى السائق في الصحافة والإذاعة والتلفزيون وإعلانات أمام شرطة المرور ، إلا أنه لم يعد اللوحات ،
فاضطررت إلى أخذ لوحات غيرها ، وحين كنت أجري مقابلة في إذاعة مونتي كارلو في باريس ، وجهت له نداء ليعيد اللوحات. .
حين عدت من باريس وجدت أنه قد سلم اللوحات لشرطة المرور بعد أسبوعين حين لم يتمكن من بيعها وحين عرف أنه يرتكب جناية باحتفاظه باللوحات
بعد انتهاء المعرض في باريس جاءت صديقة فرنسية ونقلته إلى مدينة رين حيث لديها صالة هناك كنت قد اتفقت بعد عودتي من ألمانيا عام 98 مع مقهى النوفرة ( وهو أشهر مطاعم دمشق ويرتاده السواح بشكل دائم )على إقامة معرض دائم .. وثابرت على إعطاء لوحات لمن يريد أن يسوق دون عقود لأفقد بذلك أكثر من 700 لوحة حتى اتعلم.
كنت سأنهي الآن . لكن انقطاع الكهرباء وفقدان جزء الختام جعلني اكفر وانط فوق وتحت !! كما نططت حين نسيت اللوحات في التاكسي ورحت أنط والطم على رأسي . والناس يتجمعون من حولي ويحاولون تهدئتي.
سأعود إليكم بعد العشاء لكتابة الخاتمة .

إيل:
(13)
الختام !
مكثت في مقهى النوفرة أكثر من ستة اعوام ،إلى أن اختلفنا . فاضطررت إلى استئجار محل . ويا ليتنا اختلفنا من البداية حين كانت المحلات رخيصة لكنت ابتعت محلا .. لكن الندم لا ينفع .. ورغم أنني ادفع اجرة غالية للمحل وصاحبه يزيد الأجرة بشكل تعسفي كل عام إلا أنني أبيع بشكل جيد وما لا يقل عن عشرين لوحة شهريا كمعدل . الرسم حقق لي ما لا استطيع تحقيقه من الأدب ،وأعفاني من مقص الرقيب وشروط الناشر وغير ذلك مما لا يتناسب وعصاميتي . أحيانا لا يخطر لي أن أفتح المحل .. وفي الغالب لا افتح قبل الواحدة ظهرا وأول من يقفل مساء . لوحاتي الآن في أكثر من ستين بلدا في العالم ، وانا اليوم انتهيت من اللوحة رقم 7567 لي منها في العالم أكثر من 6000 لوحة .
صحيح أن قلبي ينفطر حزنا لفراق الأدب الذي لم أعد إليه منذ عام 94 من القرن الماضي إلا بشكل عابر مع أن طموحي الأدبي كان كبيرا، وكبيرا جدا ، وحين شرعت للبدء في تحقيق هذا الطموح اصطدمت بحواجز الممنوعات ، التي يصطدم بها الأدباء العرب جميعا ( الدين ،الجنس ـ السياسة) لذلك ليس في أدبنا العربي كله عمل أدبي بحجم دونكيشوت ، أو جين إير ، أو فاوست ، أو هاملت ،أو الإلياذة ـ أو الكوميديا الإلهية ، أو الأخوة كارامازوف ، أو المسيح يصلب من جديد ، أو بيت الأرواح ـ ـ أو الملك لير ، أو ألجريمة والعقاب ، أو الدون الهادىء ، أو ذهب مع الريح ! ويمكنني أن أضيف عشرات الأعمال الأخرى.
وثقوا- ودون أي غرور على الإطلاق - لو أن الوقت الذي أمضيته في الرسم قد اتيح لي أن أمضيه في الأدب ، لكتبت أدبا لن يفخر به العرب وحدهم ، بل البشرية كلها ، ويمكنني القول الآن بعد تحطيم أحلامي ، أيها الناس أينما كنتم ، لقد خسرتم أديبا وكسبتم رويسما !!أي رسام صغير جدا، إذا جاز تصغيري لكلمة رسام!
القمع هو قدر هذه الأمة ، قمع العقل وقمع الجسد أيضا ، فمن أين سيأتي الأدب العظيم الذي يسبر اغوار الحاضر ويستشرف آفاق المستقبل ، هل هناك من يستطيع أن يدلني على عمل أدبي عربي واحد قائم على الحلم بالعدالة كما في دونكيشوت ، ولا تعرفون كم هناك دونكيشوت في الأدب الأوروبي ساهم في الوصول إلى النهضة الأوروبية الحديثة ، إلى العدالة والحرية الممكنتين .
جزيل شكري لمنتديي الإلحاد واللادينيين ، أللذين أتاحا لي هذه الفرصة وأنا على أعتاب ولوج عامي الستين بعد اسبوعين
وجزيل شكري للزميل سيزيف الذي كان وراء هذا اللقاء والزميل ابراهيم الذي سيشارك في الحوار والزملاء الذين سيدخلون فيما بعد . وآمل أن أكون قد أعطيت الشباب عبرة من تجربتي ، ألا يستكينوا لواقعهم مهما كان رديئا وسلبيا ، وأن يثابروا على الإجتهاد وينبذوا الكسل .وآمل أن ينجحوا يوما في تحقيق ما فشلت أجيالنا في تحقية ، من حرية وكرامة وديمقراطية وعدالة إنسانية .
ولا يسعني في الختام إلا أن ارفق لكم كلمتي في معرضي الثالث في الثقافي الروسي ، التي أمجد فيها اللون وأنعي فيها الأدب الذي فقدته!َ

همس إلى لون تفيّأ ظلال المطر!


يا لون، حين زارني طيفك في شفق الفجر مؤتلقاً بروح الخالق في سنا البرق وتحت ظلال المطر، لتقنذني من ربق الكلام وأسر الزمن، وتقودني إلى آفاق الحلم، أغواني سحر جمالك وأنا أتيم في سدم فيئك، وذاهنني الله أن أتبعك، فتبعتك، لتحملني وأحملك، عبر فضاءات الروح ونبض الأحاسيس، إلى غياهب المطلق وأغوار المجهول.

يا لون، يا رفيقي، يا صديقي، يا حبيبي، كم من أيام كنت وحدك فيها تنير ظلمة الهزيع من حولي بشموع ترقص، وكم من ليال كنت وحدك فيها ترسم تفاصيل الحلم؟! بعد أن خان الزمان زمانه وضاق صدره بصريح الكلام!

يا لون، كان الكلام عشق روحي، فغدوت أنت روحي، لأغدو كلمة في لون، ولونا في كلمة. فماذا في مقدوري أن أقول لك حين يمنع الكلام من أن يقول كلامه،من أن يبوح بمكنونات بدئه؟!

أنا مدين لك أيها اللون، مدين لك بودي، مدين لك بعشقي، مدين لك بكل خلايا عمري، فشكراً يا لون، شكراً يا أحمر، شكراً يا أصفر، شكراً يا أزرق، وعذراً يا لون إذا ما خنت نفسي وخنتك، بتقييد حريتك أحياناً وكبح جماح طموحك في خلق جديد، خلق لم تبصره عيون بعد، و لم تسمع به آذان ولم تدركه حواس وعقول، و لم يضمره إحساس، إذ يبدو يا لون أننا حقاً مسيرون، ولن نوغل في غور المطلق، وتصور العدم، مالم نكبح جماح القدر، ونمسك زمام الخلق !
محمود شاهين
إيل:
سيزيف ... أين أنت ؟ آمل أن يكون المانع خيرا .
سيزيف:
استاذنا الجميل ..
اذا كان هناك انشغالا ما .. فهو انشغال عنك بك ..
بقدر ما قدم ردك السخي لمسيرة حياة رائعة من اجابات .. بقدر ما اثار اسئلة اخرى ايضا .. كذلك فهو فرض تعديلات ضرورية على اسئلة قد قمت بوضعها مسبقا ...
بجانب كونه ممتعا .. فهو حوار فريد في آليته .. كونه تفاعليا .. وهذا بالتأكيد افضل .
اشكر لك حماستك وكرمك .. واتمنى ان نكون بقدر العطاء ..
انتظرني خلال الساعات القليلة القادمة .

تحياتي ومحبتي لك
سيزيف:
تحية طيبة استاذنا الجميل ..

كنت اود ان ابدأ بتساؤلاتي المسبقة عن اللون والفن التشكيلي والذي برعت انت فيه الى حد التميز بمدرسة خاصة بك ..
لكنها تلك الغصة بالحلق التي لم تزل باقية بعد قراءة اخر سطورك والتي نعيت فيها ضياع حلمك الادبي ..
اولا .. وقبل اي شيء .. الشعور بالفقد والاسى يجب ان يكون من نصيبنا نحن .. شعوبا مغيبة ونخبة انعزالية ..
كم نحن بحاجة الى اي وكل عقل مبدع قد ينشر ولو بصيصا من ضوء بتلافيف نفق مظلم تسكنه ارواحنا وعقولنا ..
وكم من افكار عظيمة ماتت .. او بالاحرى تم وأدها بصحاري التخلف والجهل العربية .. ونحن كلنا شهود ..
سيدي .. دعني قليلا الومك .. انت لا تكتب من اجل لحظة راهنة حتى وان تقيدت بها .. وابدا ما كان الوضع المختل حاليا في كل شيء هو معيارا او حكما لابداعك ..
انت لا تكتب استجلابا لمرضاة ودنانير كروش مستبدة على عروش .. او توحدا بمهرجي وخصيان المُلك.
انت تكتب من اجل الانسان في صورته الابدية .. ومن اجل قيم سرمدية تبقى حتى بعد فناء الالهة جميعا
انت تكتب لانك يجب ان تكتب .. كما ان الشمس تشرق لانها يجب ان تشرق ..
انت تكتب بوصفك جزءا من ضمير امة .. ولحظة من ذاكرة شعب
تخيل معي امة تخلى عنها ضميرها وفقدت ذاكرتها .. انه الموت .
......
اعرف كم هي الكلمات سهلة .. وكم هي النصائح مجانية ..
استطيع ايضا ان اتخيل سنوات طويلة من المعاناة الذاتية والشعور بالجحود واللاجدوى ..
لكنني بالصدق اشفق عليك من مخالب اليأس لا ترحم .. وانت من كنت تريد ان تزرعنا املا ..
اتمنى ان تعيد النظر في قرار اعرف ان الظروف هي من دفعتك الى اتخاذه ..
مازالت هناك صباحات وليال ربيعية .. مازالت هناك انفاس بالصدر الجياش تتردد .. فلا تتردد ..
هذا ليس من اجلك انت بقدر ما هو من اجلنا نحن .

محبتي لك
إيل:
عزيزي سيزيف . جزيل شكري على التعقيبين الجميلين والمعبرين عما يكتنف نفسي ونفسك .
لقد لمحت في أكثر من مناسبة اشتملت على رد لي إلى الأدب الذي يصرخ في وجهي دائما ( متى ستعود إلي ، أتراك غرقت في بحور الألوان وألقيت بي خلف ظهرك ؟! ) وأهرب من الإجابة إلى الألوان بالفعل وأنا أشعر بقلبي ينز دما لهذا الوضع الذي وجدت نفسي فيه ، في صراع بين اللون والكلام .. أو بين الرسم والأدب.
المشكلة يا عزيزي أنني حين شرعت في تنفيذ أحلامي الكبيرة أدبيا بدأت باعمال ملحمية طويلة ، أصغرها سيكون في ثلاثة أجزاء
- كما كنت أفكر في ما ستكون عليه ( غوايات شيطانية ) التي اختصرتها لأنهيها في جزء ثان بقصيدة ملحمية طويلة نسبيا. –
فملحمة (الأرض المغتصبة ) منع جزؤها الثاني من النشر وهي إن أردت إكمالها ستكون في أربعة أجزاء على الأقل.
وملحمة
الملك لقمان ) لم أتمكن أيضا من نشر جزئيها المكتوبين ، وكنت أفكر أنها ستكون في ستة أجزاء ، لأنها ملحمة تكوين جديدة !!وإذا ما قدر لي العودة إليها سأنهيها في ثلاثة
والمشكلة ليست مشكلة عدم إيجاد ناشر . المشكلة تكمن في لقمة العيش، والكتابة الأدبية الجادة جدا تحتاج إلى تفرغ ، وما كتبته من أدب متواضع من قبل كنت أسرق زمنه من زمن الصحافة التي كنت أعمل فيها .. وحين قررت التخلي عن الصحافة للتفرغ للأدب
ومحاولة العيش منه ، لم أجد من ينشر ، ولولا هذا الحبيب اللون الذي هبط علي فجأة لاضطررت إلى العودة إلى الصحافة ، وسرقة بعض زمنها لأكتب أدبا مقبولا لا غير
الرسم يأخذ مني كل يوم من ست إلى ثماني ساعات ويجعلني أعيش بكرامة وبشكل جيد
بينما كتابة ثلاث أو أربع صفحات يوميا بشكل أدبي جيد تحتاج مني إلى ثماني ساعات ، وكتابة رواية في حدود مائتي صفحة تحتاج إلى ستة أشهر ، لن أجد خلالها من يقدم لي قرشا
حاولت كثيرا التوفيق بين الأدب والرسم ، بأن أخصص وقتا محددا للأدب ، غير أنني فشلت ، حين أشرع في كتابة الأدب لا بد وأن يستولي علي بحيث يمنعني من الرسم ، وحين أستغرق في الرسم وخاصة الفانتازي منه أجده يسحرني ولا يدع لي أي منفذ للهروب ، وكثيرا ما أرى إلهي يتجول في اللوحات المعروضة في بيتي ليبدي إعجابه بالفانتازي والغريب منها ليقول لي أحسنت أنا لم أبدع شيئا مثل هذا ، وحين يمر على لوحة فيها تجسيد لشخوص ما ، يقول لي أنت هنا فاشل ، أنت تسرق مني !! هذا ابداعي أنا ولا يحق لك أن تقلده !!!!!لذلك أهرب دائما وكثيرا إلى ما لم تره عيناي ولم تسمع به أذناي
ومع ورغم كل ذلك يا عزيزي آمل أن تجدني يوما ما عائدا إلى الأدب ، وخاصة إذا ما جمعت مبلغا من المال يكفيني لأن أعتكف في بيتي وأكتب وأكتب وأكتب فقط
وأظن أن هذا الأمر ليس صعبا .. المشكلة أنني مبذر جدا ومصروفي لا يقل عما يعادل 800 دولار شهريا . مع أنني أعيش في بيتي الذي دفعت معظم ثمنه من الرسم وليس من الأدب والصحافة .وإذا ما مد العمر فسأعود وسأعود حتما ، لكن بدلا من أن أعود ولدي رصيد كان يفترض ألا يقل عن عشرين عملا أدبيا ، ومعروفا في العالم ، لا سيما وأن ترجمات بعض اعمالي رافقتني منذ بداياتي ،سأعود ببضعة أعمال منسية و كرسام لا يعرف معظم الناس أنه كان كاتبا.
أحييك
tafili:
ربما من الصعب تخيل الصورة الحقيقية للفنان دون اللقاء الشخصي به
لقد حظيت بشرف اللقاء به و قضاء سهرة مميزة من أجمل سهرات العمر
الفنان يتمتع بميزة غريبة في الأماكن العامة و هي أنه يستقطب الحضور دون أن يبذل جهدا و يطغى بحضوره حتى على جميلات المكان و رواده

سؤالي للفنان هو:

هل أنت نادم على مجرى و سير حياتك؟؟ هل كنت تتمنى أن تعيش حياة عائلية تقليدية مع زوجتك و أبنائك و أحفادك؟؟؟
سيزيف:
عمدتنا طفيلي ..
الان فقط ادركت مزايا ان اكون مشرفا عاما سؤال عميق احييك عليه ..
بس يكفي هذا .. ولا بدك تحرق ما بجعبتي

تحياتي ومحبتي لك
:tafili
أسحب السؤال
ولا يهمك
سأبدأ بعد ما تنتهي............ إن أبقيت لنا شيئا
منصف
هل من الممكن الأستمرار على النهج المخطط له دون تدخل أحد
إيل:

بالإذن من العزيزين منصف وسيزيف ، اسمحوا لي أن أجيب على سؤال العزيز الطفيلي :
يا عزيزي هكذا جرت حياتي والندم لا ينفع حتى وإن كنت نادما
فيما يتعلق بالحياة الزوجية وحسب تجربتي بعد أن تزوجت مرتين
وعاشرت أخريات بما يشبه الزواج نظرا لاستمرار العلاقة لأكثر من عام أحيانا بل أكثر من عامين ، مؤسسة فاشلة جدا جدا يستحيل أن تدوم إلا على مضض، ومع من يجد نفسه تحت الأمر الواقع ولا يجد مفرا من ذلك ، أو أنه يتمتع بها وهذا من حقه
.. وأنا أمقت الحياة العائلية التقليدي منها وغير التقليدي ولو قدر لي أن أعيش الحياة مرة ثانية لما تزوجت على الإطلاق ، ربما زواج متعة أو مسيارأو بوي فرند إذا لم يتح لي المجتمع الحياة مع امرأة حسب مفاهيمي.
أنا أعشق الوحدة . ومنذ عام 95 وأنا أعيش أجمل أيام حياتي من حيث الهدوء وعدم النكد .. مع توفر الفرصة لي للعمل والتأمل والحب الحر بين فينة وأخرى
سيزيف:
اقتباس:

وإذا ما مد العمر فسأعود وسأعود حتما ، لكن بدلا من أعود ولدي رصيد كان يفترض ألا يقل عن عشرين عملا أدبيأ ، ومعروفا في العالم ، لا سيما وأن ترجمات بعض أعمالي رافقتني منذ بداياتي ،سأعود ببضعة أعمال منسية و كرسام لا يعرف معظم الناس أنه كان كاتبا!



المهم أن تعود يا سيدي ..
لا اتخيل ابدا قلما وابداعا مثلك يظل قيد سجن الظروف المقيتة ..
اتمنى لو توصلت الى صيغة عادلة تقسم وقتك بها مابين اللون والكلمة .. كلاهما ابداع .. لكن الكلمة خير وابقى .. او هكذا اتصور .

حسنا .. يبدو ن اسئلتي التالية سوف تكون متوافقة تماما ومنسجمة مع سير حوارنا ..

اللون والكلمة .. اللوحة والكتاب .. ايهما اقدر على التعبير من وجهة نظرك 1-
وايهما الاكثر قدرة على التأثير؟

2- لكل فنان طقسه واحيانا جنونه الخاص .. البعض لا تتحرك فرشاته الاعلى انغام الموسيقى بينما تكون الطبيعة او المرأة ملهمة البعض الاخر
ما هو طقسك الملائم والاعتيادي لتفجر ابداعك اللوني

من حيث الاسلوب والبنية الفنية للوحة .. لاي التيارات الفنية يمكن لك ان تصنف اعمالك 3-

4- ثمة اتهامات تقليدية دوما ما توجه صوب الفنون التشكيلية من عينة : الترف الفكري .. فنون
الصفوة . كذلك نحو المشتغلين بها بالاغتراب والانفصال عن متطلبات الواقع ..
من المسئول عن تلك الاتهامات ،
ولماذا فعلا ( بدليل الواقع ) لا تعد الفنون التشكيلية فنونا جماهيرية؟
5- في ضوء تجربتك الثرية .. وعلى خلفية واقعنا الثقافي والاجتماعي .. كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي في المنطقة العربية؟
تحياتي ومحبتي لك
إيل:
س-اللون والكلمة .. اللوحة والكتاب .. ايهما اقدر على التعبير من وجهة نظرك
وايهما الاكثر قدرة على التأثير؟
ج- ليس ثمة مجال للمقارنة بين اللوحة والكتاب أو بين الرسم والأدب أو حتى البحث ، لم يمنع لي من أكثر من سبعة آلاف لوحة ، ولا لوحة ، بينما منع لي من ثماني روايات ومجموعات قصصية خمسة أعمال حتى أن رواية لي صودرت من الأسواق ( العبور إلى الوطن ) !!ولا تنس يا عزيزي أنه في البدء كانت الكلمة وأن الكتب السماوية وغير السماوية نزلت بالكلمة ، الكلمة هي أفضل ما ابتدعه الإنسان للتعبيرعن كل شيء حتى الآن . يمكننا أن نعيش دون رسم ، لكن لا يمكننا أن نعيش بشكل جيد دون لغة .، حتى أن اللغة تبدو وكأنها ضرورة من ضرورات الحياة كالطعام والشراب والهواء والنار .وفي التوراة لم يجد الله ما يعبر به عن النور والظلام إلا الكلمة فأسمى النور نهارا وأسمى الظلمة ليلا.
الكلمة هي الأقدر على التعبير والتأثير أيضا ، ومع ذلك يمكن للوحة أن تقول ما لا تستطيع الكلمة أن تعبر عنه ، بوصفها وسيلة تعبير مختلفة ، وهذا ممكن في الكلمة أيضا ـ إذ يمكن لها أن تقول ما لا يمكن للون أن يعبر عنه أو يقدر على رسمه .
من يستطيع أن يرسم الله مثلا .. فمفهوم الله في كل دين عميق وشامل جدا ، ويكفي أن نعبر عنه بكلمه تجريدية مؤلفة من أربعة أحرف يكفي ذكرها ليمثل في ذهن كل واحد ما يعنيه الله له .ولن يفوتني أن أنوه إلى ان الكلمة واللون لا يمكن أن يعبرا عما تعبر عنه الموسيقا ، والعكس صحيح ايضا . .. إنها وسائل تعبير مختلفة.
أذكر في أوائل السبعينيات حين كنا نحضر أمسية شعرية لمظفر النواب كنا لا نكتفي بالتصفيق بل بخبط الأرض بأقدامنا
أيضا لنجعل جدران مدرج جامعة دمشق ترتج من حولنا ، وخاصة حين يصرخ (أبو عادل ) : القدس عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ، ووقفتم خلف الأبواب ، تسترقون السمع إلى صرخات فض بكارتها ، أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة . ( سلامتك عزيزي أبو عادل .. سمعت أنك في المستشفى والذي ابلغني لم يعرف أي مستشفى ، أنت في قلوبنا يا أبا عادل وستبقى .. كل تمنياتي وتمنيات الزملاء في منتديي اللادينيين والإلحاد لك بالشفاء ) وآمل من الزملاء في المنتديين أن يتقبلوا تخويلي لنفسي بالتحدث باسمهم!
حسب تجربتي مع الكلمة ، أذكر في بعض أمسياتي الأدبية وحين كنت أقرأ قصة ( أولادي )
التي تتحدث عن أم فلسطينية فقدت سبعة شهداء(أبناء) كنت أرى نسوة كثيرات يبكين في القاعة ، مع أنهن سوريات .ولم أشاهد ما يدعو للدهشة في معارضي سوى مرات محدودة حين راحت شابة تبكي وهي تقف متأملة إحدى لوحاتي وحين قبلت طفلة لوحة لي! أو حين ابتاعت امرأة لوحة لأنها شاهدت فيها مرض السرطان الذي تعاني منه ، أو حين رأى زبون يوم القيامة في إحدى لوحاتي.

س- لكل فنان طقسه وأحيانا جنونه الخاص .. البعض لا تحرك فرشاته الا أنغام الموسيقى بينما تكون الطبيعة او المرأة ملهمة البعض الاخر! ما هو طقسك الملائم والاعتيادي لتفجر ابداعك اللوني؟

ج- أنا في العادة أكون مع إيقاع خاص يكمن في دخيلتي وينبع منها ، وسيان عندي إن كانت هناك موسيقى أو لم يكن ، مع أنني أفضل الصمت من حولي كما في الكتابة.

س-- من حيث الاسلوب والبنية الفنية للوحة .. لاي التيارات الفنية يمكن لك ان تصنف اعمالك
ج- معظم أعمالي لا يمكن تصنيفها ضمن أية مدرسة فنية ،فأنا حين أرسم اكون مع نفسي
ولا أفكر في أي مدارس على الإطلاق . ويمكن القول أن لي مدرستي الخاصة وإذا أتيح لي
أن أطلق عليها اسما سأسميها بما اسميتها به من قبل ( الصوفية الحديثة ) وقد لا يخلو الأمر
من أن أجد بعض لمسات سريالية أو انطباعية أو حتى واقعية في لوحة ما ، هذا عدا التجريد
س- - ثمة اتهامات تقليدية دوما ما توجه صوب الفنون التشكيلية من عينة : الترف الفكري .. فنون الصفوة..كذلك نحو المشتغلين بها بالاغتراب والانفصال عن متطلبات الواقع ،من المسئول عن تلك الاتهامات ، ولماذا فعلا ( بدليل الواقع ) لا تعد الفنون التشكيلية فنونا جماهيرية؟

ج- الفن التشكيلي أو التصوير بشكل عام ليس فن الصفوة ، إنه فن جماهيري ، لكن الذائقة الفنية شبه المعدومة عند الناس نتيجة لعدم وجود الوعي الفني والثقافي يجعلهم يقدمون على شراء صور لعلي بن أبي طالب أو لعنترة بن شداد وعبلة، أو تشكيل لمسجد او حارة شعبية وربما لوحة لباقة ورد . عدا عن أن الأحوال المادية للناس تلعب دورا مهما في ذلك أيضا.
ولا أظن أن فنا ما ليس له علاقة بالواقع ، فالفنان ابن مجتمعه وابن عالمه ومهما حاول أن يبتعد لن يستطيع . لكن ثمة فرق بين من يرى الواقع جميلا ويعبر عنه بفرح ورومانسية
ويرسم أناسا سعيدين ، وبين من يرى في وجوه الناس البؤس والكآبة والقمع ويعكس ذلك في لوحاته .. ثمة آلاف اللوحات عندي التي لا يبدو فيها البشر بشرا .. معظمهم يظهرون في لوحاتي كالأصنام ، أو بوجوه بلا عيون ، أو بعيون واحدة فوق وأخرى تحت ! وأحيانا يبدون كالأشباح وأظن أن أجمل لوحة عندي مناقضة لهذا الطرح هي لوحة الشيطان الذي صورته في شكل امرأة جميلة ، بعكس ما صوره الفنانون عبر التاريخ ، بشكل بشع جدا ، سأرفق صورته وصورة لأناس أو وجوه مشوهة ، وربما تجريد ما للوحة أخرى .
أظن أنني أجبت عن الفقرتين اللاحقتين ضمن إجابتي . المشكلة لها علاقة بثقافة المجتمع

س‌- في ضوء تجربتك الثرية .. وعلى خلفية واقعنا الثقافي والاجتماعي .. كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي في المنطقة العربية؟
ج- ما أعرفه أن للفن التشكيلي العربي سمعة جيدة في العالم وأن الفن التشكيلي مزدهر أكثر من الفنون الأخرى في بلادنا ، لأن الرقابات العربية لا تفهمه ، ولأنه يتيح للفنان أن يعبر عن ذاته ويحقق وجوده( ضمن ظروف القمع التي نعيشها ) أكثر من أي فن آخر . تخيل أن يكون لي أنا أكثر من ستة آلاف لوحة في العالم وأنا احترفت الرسم في سن 48، ترى لو أنني احترفت الرسم في سن مبكرة ، ماذا كنت سأعمل ، وماذا سأكون ؟

سيزيف
تحية طيبة استاذ شاهين

الاله الشاهيني ...

اوائل زيارات دهشتي معك كانت من خلال آلهك الخاص
وكم من مرة قد تحدثت عنه او وصفته .. وفي كل مرة يضيف الكلام عنه جديدا .. الا انه ايضا لا يشفي غليلا ..
شذرات هنا وهناك .. يطل علينا من خلالها آلهك يدعونا اليه او الى انفسنا من خلال تحققه ..

من هو!
ما هي صفاته!
ماذا يريد منا ! وهل هو اصلا مكترث بنا!
متى واين رأيته لاول مرة ! وهل بامكاننا نحن ايضا التواصل معه!
هل سوف يكون حقا بقادر على بلوغ الكمال!
اخيرا وليس آخرا .. هل تعتقد ان له وجود حقا ! ام انه مجرد حلم وفكرة!
ج‌- في البداية لا بد من التأكيد على أن كل فكر إنساني ظهر منذ بداية الخلق حتى الان هو ليس أكثر من اجتهاد لمعرفة حقيقة الوجود ـ وأن كل فكر ظهر حتى الان سواء كان ماديا أو مثاليا ، لم يصل إلى الحقيقة المطلقة ، أي الحقيقة التي ليس بعدها حقيقة على الإطلاق ، وهنا تكمن مشكلة الفكر الديني ، فالمسلمون على سبيل المثال يرون أنهم عرفوا الحقيقة المطلقة من محمد وناموا عليها ، وهنا يكمن سر تخلفهم عن البشرية ، مع أن محمدا أوصى في بعض أحاديثه بأن الأمة في حاجة إلى من يصلح لها أمور دينها كل مائة عام ، ورغم أن كثيرين حاولوا التجديد في الفكر الإسلامي إلا أنهم قمعوا أو اعدموا كما حصل للحلاج ، والسهروردي . وعلى ضوء هذه المقدمة التي تستند إلى فكر مادي وليس مثاليا ، يمكن اعتبار كل ما سأقوله مجرد اجتهاد لم ولن يكون ولا بأي شكل حقيقة مطلقة ، وهو قابل للدحض والطعن والتطوير ، إذا كان فيه ما يستحق أن يبنى عليه . كثيرا ما أسأل نفسي إذا ما توصل البشر يوما إلى الحقيقة المطلقة . ما الذي سيكونون عليه حينئذ ؟ فأقول لا بد أنهم
سيصبحون خالقين مثل الله ( أستخدم كلمة الله كتعبير مجازي لا غير ، وقد أسميتها في الملك لقمان ( الذات الكلية ) أو( الذات الكونية) المحركة للكون بكل ما فيه ، وهي موجودة في كل الكائنات الحية
وحتى غير الحية ، كالتراب والحجر . لكن بأشكال مختلفه . غير أني وفي بعض تأملاتي أرى أن الله نفسه لم يبلغ الكمال المطلق . وبالتالي لا يعرف حقيقة مطلقة ، وبهذا أصل إلى استنتاج ، لا يوجد حقيقة مطلقة ، بل نسبية ، ولا يوجد إله كامل بل إله يسعى إلى كمال ما لا يعرف ما هو ولن يبلغه ، وأظن أن التوقف عند حد معين واعتباره كمالا مطلقا سيكون قتلا لعملية التطورالوجودي الجارية منذ مليارات الأعوام.
الأن لنعد إلى البداية :
لقد كنت ماركسيا في فترة من فترات حياتي .. وسبب انهيار الإتحاد السوفياتي ودول المنظومة الإشتراكية صدمة كبيرة لي ، ورغم أنني ما زلت متمسكا بالفكر الماركسي وإن انهارت الأنظمة ، إلا أنني وربما في لا وعيي كنت أستبطن فكرا ينسجم والوضع الجديد الذي وجدت نفسي فيه .
كنت قد إطلعت على بعض محطات هامة في الفكر الصوفي الإسلامي وأهمها محطة ابن عربي في مذهبه ( وحدة الوجود)
كما قرأت كتاب الراحل الكبير حسين مروة ( النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ) وقد أفادني كثيرا . وحين شرعت في كتابة ملحمة ( الملك لقمان) وجدت نفسي أبحث عن هذا الإله الذي اريده ، وإن شئتم ،هذا الفكر الذي أنسجم معه ويحقق لي توازنا مع ذاتي وليس مع الناس ، لأن هذا الأمر مستحيل.
في الملك لقمان ، جردت الإله من كل مفاهيم العبودية ما عدا عملية الخلق ، فإلهي لا يريد لأحد أن يعبده ويقيم له المعابد ، بل يريد من يساعده في عملية الخلق وفي نشر المحبة وعمل الخير ، بعد أن أوجد ما يمكنني أن أسميه بذرة الألوهة في كل كائن
لم يكن همي أن يكون هناك إله أو لا يكون بقدر ما كان همي هو إيجاد معرفة لماهية هذا الإله . الذي يستحيل في معظم جوانبه أن يكون كالإله الإسلامي في حاجة إلى صلاة وغيرها ولديه جهنم وجنة وهو منتقم ماكر جبار وعنده عذاب شديد .. ألخ
لقد حاولت الإفادة من الفكر المادي والفكر المثالي( الديني وغير الديني ) من الفكر المادي أخذت فكرة استحالة أن يكون الوجود قد جاء من العدم وبفعل خالق ، فهذه الفكرة كانت محسومة من قبل فالمادة موجودة ولم يكن هناك عدم وخالق لاستحالة الأمر.
من الفكر المثالي أخذت مبدأ وحدة الوجود عند ابن عربي ، الذي تسقط عنده ايضا مقولة أن الوجود جاء من العدم ، ويتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود وكما يشرحه حسين مروة ، أن الله حين أراد أن يتجلى ( يرى نفسه ) خلق الوجود .
وربما استوحى ابن عربي هذه الفكرة من أهم ما أضافه الفكر الإسلامي إلى الفكر الذي سبقه وهي أن الله موجود في كل زمان ومكان . وبهذا المعنى يكون الله موجودا في كل شيء ، لقد جرد الإسلام الإله إلى أبعد حدود المطلق بحيث يستحيل أن يأتي آخر بمفهوم أعمق وأشمل . ولقد نزه ابن عربي الله ( عن الوجود) باسمائه وصفاته . وكم قمّأ الفكر الإسلامي نفسه مفهوم الله الذي جاء به ، حين جعل منه معذبا ومنتقما .. ألخ
لم آخذ من ابن عربي سوى هذه الفكرة وربما فكرة أخرى من الفكر الصوفي وهي: إن ألحد الإنسان فهو يلحد بنفسه ، وإن آمن فهو يؤمن بنفسه ، أي أنه لا وجود له خارج وجود الذات الإلهية . وفي الحقيقة أستغرب كيف يطرح الصوفيون مثل هذه الأفكار المتقدمه ، ويظلون متقيدين بأصول العبادة .. مع إدراكي لبعض الصوفيين الذين ألغوا الفرائض لكنهم لم يلغوا كل ما جاء به
الإسلام من أفكار لا يحتملها أي عقل بشري.
عودة إلى الفكر المادي:
المادة كانت موجودة منذ الأزل . ونتيجة لتفاعلات ما عفوية داخل هذه المادة بدأ تشكل الكون عبر مليارات السنين ، ولا أظن أن الفكر المادي قد تجاوز هذا الطرح حتى اليوم ، فوجودنا سببه تفاعلات طبيعية وضمن نطاق الطبيعة ، وما تزال هذه التفاعلات جارية إلى ما لا نهاية.
السؤال وربما المثالي الذي طرحته أنا . ألا يمكن أن تكون هذه التفاعلات عبر مليارات السنين قد أوجدت نسبة ما من الوعي المحرك لتفاعلات الطبيعة . الإحتمال الذي طرحته أنا هو
ممكن جدا . وفي هذه الحال ، ألا يمكن أن يكون هذا الوعي قد ولد غاية في مرحلة لاحقة ، وألا يمكن أن تكون هذه الغاية قد تطورت مع التجارب، وكانت إجابتي نعم . وهي أنه يريد أن يحقق ذاته أن يرى نفسه ! !تماما كرسام أو أديب أو غير ذلك ، لنأخذ مثل الرسام ، فحين بدأ من مرحلة ما من الوعي، ولتكن الطفولة ، راح يرسم ولم يعجبه ما يرسم فمزقه ، وهكذا ظل يرسم ويمزق وهو حتى لا يعرف لماذا يرسم ،إلى أن كبر ودرس وتعلم وعرف أنه يرسم لكي يحقق ذاته ، وتحقيق ذاته لن يتم إلا بتناول مسائل ضرورية وإجادة الرسم بشكل جيد ، واستمر يرسم إلى أن رسم لوحة رضي عنها بعض الشيء فاحتفظ بها ولم يمزقها ، وثابر على البحث والدراسة والتأمل ، لترسيخ المزيد من تحقيق الذات ، ليرى نفسه في كل لوحة يرسمها لكنه لا يرى ما يطمح إليه ، فيثابر ويثابر إلى ما لا نهاية.
وأنا هنا بمثلي استبقت التوقعات .. ويبدو لي أننا الآن في مرحلة بدائية لدى هذه الذات الواعية نسبيا ، ولذلك تميتنا ( وهو ما يقابل التمزيق عند مثل الرسام ) تميتنا إلى أن تبلغ دهرا ما يرضيها أكثر عن ابداعها لتطيل في أعمارنا قليلا ، دون أن تعرف حتى حينه كمالا ما يمكن أن تصل إليه ، هذا إذا اقتنعت أنها وصلت إلى نوع راق جدا من الخلق لا يموت ، اقتنعت أنه الكمال المطلق ، وأشك في انها ستقتنع ، وهنا تكمن عظمتها ، إنها صيرورة دائبة لا تتوقف أبدا. .
لي عودة بعد العشاء!
إيل:
(2)
تعالوا لنطرح إمكانية تشكل وعي نسبي من المادة عبر تفاعلاتها ، بغض النظر عن الزمن الذي بدأ فيه تشكل هذا الوعي هل هو قبل تشكل الخلية البروتوبلازمية ، أم بعد ذلك . وإن كنا بذلك (ربما) قد شرعنا في التفكير بشكل مثالي.
إذا كنا ندرك أن الوجود يستحيل أن يأتي من العدم ، وأنه يستحيل أن يكون هناك إله في العدم قادر على أن يخلق وجودا من هذا العدم ، فكيف لا يمكننا أن نتوقع أن الوعي الذي نحن عليه الآن قد جاء من وعي أشمل في مرحلة ما من تطور الحياة بمختلف تفرعاتها . فإذا ما أجبنا بالنفي ، وقعنا في الخطأ الذي وقع فيه المثاليون ، حين قالوا أن الوجود قد جاء من العدم بفعل قدرة ربانية، وإن كنا هنا نستبدل العدم بتفاعلات الطبيعة التي لم تنتج وعيا ، فلماذا لا يمكن للطبيعة أن تنتج وعياعبر آلاف الأخطاء من الصدف التفاعلية، إلى أن مرت بصدف أوجدت وعيا ما ، نجم عنه عبر مليارات السنين الوعي الذي نحن عليه الأن ، ولسنا نحن فقط ، بل الكائنات الحية الأخرى التي تعي بشكل أو آخر ، والكائنات أو الجينات التي تندرج في تكوين هذه الكائنات.
ثمة تساؤل : هل الحيوان المنوي -الذي ينجح من بين ملايين الحيوانات المنوية في القذفة الواحدة – من السبح عبر المهبل إلى أن يدخل الرحم ويلقح البويضة ، ومن ثم تبدأ تفاعلات جديدة ليتشكل الجنين .. ألخ
هل يفعل ذلك بإرادة ووعي منه أم بغير وعي وإرادة . ببرمجة ذاتية أم ببرمجة خارجية، وهي في الغالب إن لم يكن بالتأكيد ليست برمجة عقل صاحب الحيوان المنوي ، هذا إذا اتفقنا على أنها برمجة وليست وعيا ذاتيا( أو إرادة ذاتية إن شئتم ) أوجد من قبل في الحيوان نفسه.
قد يقول قائل إن ذلك يحدث غريزيا ، فأتساءل : هل الغريزة خارج البرمجة والوعي ؟
حين تسقط فتة لحم لا يتجاوز حجمها حبة الأرز على أرض الغرفة ، في أحيان كثيرة وإذا لم يكن لدي عمل عاجل أتركها لأرى النمل كيف سيأتي إليها . في العادة تأتي نملة واحدة في البداية ، يبدو أن النمل يرسل مجموعة نملات في اتجاهات مختلفة للإستطلاع ، وإذا ما وجدت نملة أن الفريسة صغيرة حملتها وعادت ، أما إذا كانت دسمة فلا بد من اخبار معشر النمل لياتي بسرب طويل .. بيتي في الطابق الثالث ، وحجم النمل الأحمر الصغير لا يتجاوز 3 أو 4 ملم . ولكم ان تتخيلوا كم التساؤلات الذي أطرحه على نفسي حينئذ .. لأصل في النتيجة إلى إمكانية وجود وعي عند هذه النملة يلبي لها مقتضيات معيشتها.
لن أنتقل إلى موضوع آخر وأتعمق فيه وهو البذور ، ولنأخذ حبة القمح على سبيل المثال ، فهل لديها وعي أم أنها تحمل في داخلها شيفرة وراثية تجعل منها سنبلة ، وهل هذه الشيفرة واعية أم غير واعية ؟.. وهنا سسننتقل إلى التراب بدوره فهل هو خارج هذه الشيفرة ؟
لنخرج من التأمل والتوقع والتنظير إلى واقعي أنا لكن ليس الأن .. غدا.
يتبع (3)
إيل:
ارتأيت تأجيل الخوض في تجربتي الذاتية لأعرج على ابن عربي والحلاج مرة أخرى .
ما الذي يريد ابن عربي قوله حين يقول ما معناه ، حين أراد الله ان يتجلى(يرى نفسه) خلق الوجود ، أي أن الوجود بما فيه انعكاس للذات الإلهية. وكأن الله يقف امام مرآة. فالله في هذه الحال ليس كائنا روحيا ، إنه كائن مادي ، أوجد نفسه بنفسه لنفسه منذ الأزل ، لقد حل ابن عربي معضلة أيهما اولا الله أم المادة !فأوجدهما في آن واحد ، وألغى بذلك وجود وجودين ،وجود رباني ووجود مادي ، بأن جعلهما وجودا واحدا ، غير انه نزه الله عن الوجود بأسمائه وصفاته كما قلنا ..
يعتبر ابن عربي مطورا للفكر الصوفي الذي قبله بحيث وضع الفكر الديني على تخوم الفلسفة ، وهكذا جاء ابن رشد من قبل ليخوض غمار الفلسفة.
ما الذي يمكن أن يوحي به مذهب ابن عربي في وحدة الوجود من ضمن ما يوحي به ، يرى كثيرون أن الذ ات الإلهية موجودة في كل كائن . ومن هنا يمكننا أن نفهم قول الحلاج
رأيت ربي بعين قلبي.. فقلت من انت قال أنت.
فليس للأين منك أين .. ولا اين حيث أنت
أنت الذي حزت كل أين.. بنحو(لاأين ) فأين انت ؟
الخ...
ومن هذا القول والفكر استوحيت العبارة التي تذيل مداخلاتي في منتدى اللادينيين
) وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي)
أما العبارة التي تذيل مداخلاتي في منتدى الإلحاد فهي من وحي فكري أنا ( لا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن شعوري يا إلهي حين أخبرتني أن لا جهنم لديك)
للحلاج أشعار كثيرة في التوحد مع الذات الإلهية منها قصيدته الشهيرة
أنا من أهوى ومن أهوى انا .. نحن روحان حللنا بدنا
نحن مذ كنا على عهد الهوى .. تضرب الأمثال للناس بنا
فإذا ابصرتني ابصرته ..وإذا ابصرته أبصرتنا
أيها السائل عن قصتنا .. لو ترانا لم تفرق بيننا
روحه روحي وروحي روحه .. من رأى روحين حلت بدنا ؟

ضرب الحلاج ألف سوط ثم قطعت يداه ورجلاه، ومن ثم صلب وأحرقت جثته والقي رمادها في نهر دجله.
وذهب المقتدر (الخليفة العباسي الذي أعدم الحلاج ) إلى مزابل التاريخ دون أن يتذكره أحد ، بينما بقي فكر الحلاج وشعره ، حيا بيننا.
في ملحمة "غوايات شيطانية" يسأل الأديب ملكة السماء عما إذا كانت تتوحد بمثيلاتها من سباعيات الأجساد، وإذا يتوحدون جميعا، فتجيب إجابة معقدة لا بد أن فيها بعض شطحاتي
كل واحدة منا وكل واحد
كل كائن في عالمنا
وما هو غير كائن
يتوحد بالأخر
كما الصفر
يتوحد بكل الأرقام
وكل رقم بالصفر يتوحد
وحين يسألها ، وهل تتوحدون بالذات الإلهية أيضا وتتوحد هي بكم ؟
تقول :
واحدية الله هي الأصل
هي الأساس والنبع
هي رعشة الروح
السارية حياة في الكون
هي نقطة الماء
في النهر والبحر
في التراب والجسد
في النبات والحجر
لولاها لما توحدنا
ولولاها لما تعددنا
ولما كان تعددنا في توحدنا
وتوحدنا الأبدي في تعددنا
هي الكل في الكل بالكل
والكل في الكل بالكل هي
تسري بحركة دائبة
في غيهب الكون والكائنات .
*** ****
وحين يسأل الأديب الشيطان يجيب إجابة أكثر تعقيدا مستوحاة من الفكر الإسلامي والصيني والهندي :
ألله الكلام
واللا كلام
وما يعبر عنه الكلام
وما لا يعبر عنه الكلام
....
وما يستحيل على الكلام أن يتضح دونه.
وسع كرسيه السموات والأرض
ولم تتسع لوجوده السموات والكواكب
( يبدو أن الشيطان يتحدث عن تمدد الكون )
ووسعه قلب عبده المؤمن
ولم تتسع له ملايين القلوب
( يبدو انه يقصد الملحدين )
ويكمل الشيطان:
لا تستطيع أن تعرفه
ولا تستطيع أن لا تعرفه
فهو الحواس والعقول
واللا حواس واللا عقول
وما هو فوق الحواس والعقول
وهو ما تدركه الحواس والعقول
وما لن تدركه الحواس والعقول
بل وما يستحيل على الحواس والعقول
أن تدرك وجوده الكلي
وهو ما يستحيل على الحواس والعقول أن تدرك دونه
ولن تدرك دونه
إنه الله
لو كانت مياه البحار والأنهار مدادا
لما كفت للتعبير عنه
فكيف يتسنى لي أن أعبر عنه
إنه الله .
وحين يتساءل الأديب: هل تقصد أن الله كل شيء ولا شيء، المحسوس والمجرد الظاهر والباطن ، البادي والمخفي ، الوجود والعدم ، المادة واللامادة، الروح والجسد ، السالب والموجب ؟
يجيب الشيطان إجابة غامضة :
أنا اقصد ولا أقصد ، فلا استطيع أن اقول انني قصدت كذا ، كذلك لا استطيع أن اقول إنني لم اقصد !!
وحين كتبت الملك لقمان جعلت كوكبا يؤمن بهذه الأفكار ويعتقد بما اسميته ( الذات الكونية ) غير أن الملك لقمان لم تنته
وتحولت إلى الرسم دون أن أكتب الجزء الثالث ـ الذي يحتاج إلى المزيد من المعرفة والمزيد من التأمل .
ولي عودة .
يتبع (4)
إيل:
ما رأيكم باختصار المقدمات والقفز إلى النتائج وعبر تجربتي الشخصية ..
لقد مررت بظروف صعبة دفعتني إلى الإعتكاف ، وخلال هذا الإعتكاف الذي أشعرني بأنني وحيد في هذا العالم وخاصة بعد تطليق الزوجة الأولى( بعد طلاق الثانية ) وزعل الأولاد مني لتعلقهم بأمهم. شعرت أنني في حاجة إلى إله ، وحين قررت احتراف الرسم وأنجزت أول لوحة جعلتني أضع أول خطوة في طريق الثقة بالنفس كرسام ، أسندتها إلى المكتبة ورحت أتأملها ، وما لبثت أن شرعت في البكاء ، وأنا أردد ( شكرا يا إلهي ، شكرا يا إلهي ) مع إدراكي التام أنني ملحد ، ولا أعرف أي إله هذا الذي أشكره وما هو .لذلك قلت في غوايات شيطانية:
مهما مهما كنت
ومهما لم تكن
لم يبق لي إلا أنت
وليس لي إلا أنت
ولا يدركني إلا أنت
إلى أن أقول :
إن كنت أو لم تكن
فلتكن أنت أنا ولأكن أنا أنت
فليس لي إلا أنت
يا ألله يا ألله يا ألله .
الدوافع النفسية هي التي جعلتني أبحث عن إله حتى لو لم يكن هناك إله ، فأنا لا أؤمن بكل الديانات وقد اطلعت على أهم الديانات السائدة في الكرة الأرضية ، ومنها الهندوسية والبوذية والجاينية والطاوية أو التاوية وغيرها ( الأخيرة صينية) والأخريات هنديات .
وقد انتشرت هذه الديانات في العالم وخاصة الشرقي منه كالصين واليابان ، وهي ديانات عريقة تسبق الإسلام بأكثر من أحد عشر قرنا. ورافق ظهورها ظهور الفلسفة الإغريقية في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد ، ولا شك انها إضافة إلى الزرادشتية تركت تأثيرا ما في الديانات اللاحقة وخاصة المسيحية والمانوية والإسلام.
لم أحتمل فكرة السكون المطلق ( النيرفانا) التي يحدثنا عنها البوذا ، فهل سأنطوي على نفسي وألغي عقلي حتى أتخلص من شقاء الدنيا وهمومها وأعود إلى حالة من السكون !! (يبدو أنها البدء الأول للمادة/ فالسيد المستنير لم يشرحها لتلاميذه) أم سأدخل في دورة تناسخية لا تنتهي حتى يرضى براهمان عني ويصعدني خطوة ما في طريق الوصول إليه ، أو انتظر أن يأخذني المسيح إلى ملكوت السماء ، أو الأهم أن أعبد إله المسلمين ليدخلني الجنة ؟
كل هذه الديانات كان عقلي قد تجاوزها منذ زمن. ولا أنكر أنني وفي الفصل ما قبل الأخير من الجزء الأول من ( غوايات شيطانية ) المعنون ب( السيطرة على العقل والحواس والإرتداد إلى أعماق النفس ) كنت متأثرا بالفكر البوذي، لكن ليس لأصل إلى السكون المطلق أو النيرفانا بل للتوحد مع الله ، غير أن التوحد هنا يتم التوصل إليه عبر ممارسة الحب مع الملكة التي لم تكن تريد الحب إلا ربانيا !!أي مع الله شخصيا !! غير أنني جعلت الأمور تفلت مرة أخرى من بوذا ومن الملكة ومن الشيطان نفسه ، حين جعلت الملكة تفيق من نشوة الغرام ( في بداية الجزء الثاني ) على طفل في العامين من عمره يحبو على صدرها ويرضع من نهدها بكل براءة الأطفال !ولتتنبه إلى كائنات كثيرة تدور حول القصرالملكي وتهم لاقتحام الحجرة الملكية وما تلبث أن تشرع في اقتحامها . إليكم هذه المقاطع من القصيدة وهي طويلة جدا :

اندفعت ملكة اليمام عبر النافذة
حاملة بمنقارها نرجسة بيضاء
وراحت ترفرف فوق الطفل
والملكة الذاهلة الحائرة
ابتسم الطفل لملكة اليمام
ومد لها يده الصغيرة
ألقت بالنرجسة على خده
وحطت على كتف الملكة
ومدت رأسها
ملس الطفل عليه بأنامله
دون أن تفارق الإبتسامة شفتيه
ودون أن يفلت حلمة النهد
وروعة البراءة
رفرفت اليمامة ولامست بطرف جناحها جبين الطفل
فأشار لها الطفل أن

رفرفت ملكة اليمام بجناحيها
وطارت عبر النافذة
لتحلَق مع سربها
ومع الكائنات
حول العرش السامق في الأعالي
*******
اختلج الفرح في قلب الملكة
وابتسمت, فيما كانت ترقب من النوافذ
فرح الكائنات المحلقة
حول العرش وفي الفضاء
أجل فرحت وابتسمت
ومدت يديها لتحضن الطفل
وما لبثت أن دمعت
أجل دمعت دمعت
ليمتزج فرحها بالحزن
وليتساوى فرحها مع الحزن
أجل أجل ليتساوى فرحها مع الحزن
كما يتساوى في مملكتها السماوية
الليل مع النهار
والنور مع الظلام
ألليل الليل الليل
مع النهار النهار النهار
والنور النور النور
مع الظلام الظلام الظلام
******
أفلت الطفل النهد من فمه
واندفع على صدر الملكة
مشرعا يديه ليعانقها
احتوته بأن ضمته إلى روحها
بكل الوله
وكل الفرح الحزن
وكل الحنان
واحتواها بأن طوَق عنقها
بيديه الملائكتين
بكل البراءة
وكل المحبة
وكل عشق الأمومة
وكل فرح الطفولة
وكل الألوهة
وكل ما لن تعبر عنه الكلمات
ولا الأغاني
*******
استندت في سريرها
وقبلته على خده
وراحت تحتويه
وتغرق في احتوائه
فيما كانت العصافير
ترفرف على النوافذ
والشرفات
وكانت الورود والنباتات والكائنات
تحلق بأسرابها حول العرش
وحول القصر السامق في الأعالي
******
اندفعت كوكبة من الورود الجورية
والياسمينية
والنَدَيَة والنردية
عبر النافذة
وراحت تحلِق راقصة
في فضاء المخدع الملكي
رفع الطفل رأسه
عن عنق الملكة
وابتسم للورود
ومد يده ملوِحا لها
*****
هبطت نحوه باقة جورية
حمراء وبيضاء وزهرية
وخضراء وصفراء
مدَ الطفل أصابعه ليلامسها
فلان الشوك الجوري
وانثنى أمام أصابعه
وأحنت الورود زهورها
وذاهنته هاتفة
عليك يا ابن الله السلام
!! عليك يا ابن الله السلام
*******
لم تدرك الملكة تذاهن الورود مع الطفل
غير أنها أحست من بهجة الكائنات
أنَ من كان حبيبها وصار الآن ابنها
ربما غدا ابنا لله
وحبيبا للسماء
**** **** ***
إذن، أي إله هذا الذي اريده والذي شكرته بعد إتمام لوحة ناجحة وضعت عليها سعر مليون دولار حين عرضتها في أول معرض لي ، كي لا تباع ،وكانت تندر معظم الذين حضروا المعرض ؟
في ملحمة ( الملك لقمان ) التي كتبتها بحثا عن الله ، عبر بطل ملحد كان يود الإنتحار ، وفي نهاية الجزء الأول منها يأتي بطلي وهو أديب أصبح ملكا على الجن ( توظيف الأساطير لقول أفكار مغايرة تدعو إلى التفكير) إلى كوكب يحكمه دكتاتور جعل من نفسه إلها ، وعمل جنة ونارا وصلاة وطقوس عبادة أخرى كالإله الإسلامي .. يتوقف بطلي مع أعوانه من الجن في جهنم هذا الإله عند محطات كثيرة ، كان أهمها جهنم التي يحرق فيها من لا يؤمنون به . وقد جعل من مجموعة براكين تتفجر من الجبال المحيطة وتصب في سهول شاسعة لتشكل محيطا بكاملة من الحمم الملتهبة.كان هناك آلاف الطوابير من البشر الذين ينتظرون دورهم لإلقائهم في جهنم من قبل زبانية الطاغية الإله . وبعد أن يوقف الأديب العمليات الجهنمية الجارية ، ويشرع في غسل وإكساء المعذبين ـ يأتي إلى صف طويل من الأطفال ، يحمل طفلة بيديه ويحلق بها وهو يسألها عن السبب الذي يدفع داجون( الإله) لحرقهم ، فتخبره الطفلة أن أهلها لم يكونو يصلون لداجون فأحرقهم بناره وسيحرقهم كي لا يتبعوا طريق آبائهم في الإلحاد والمعارضة . قلت إن بطلي ملحد لكنه يبحث عن الله ، فقد يكون هناك إله ما يقول للطفلة ـ ما ذا تريدين أن أهديك يا حبيبتي ، عندي خيول ، عندي حوريات ...ألخ.. فتقول له الطفلة أنها لا تريد شيئا من هداياه ، إنها تريد امها وأباها ، وكان هذا الطلب مؤلما أكثر من طعنة رمح على قلب لقمان . استجمع كل ما في دخيلته بل و ما عرفه من أصوات ، وراح يصرخ من كل أعماقه وفي أعماق نفسه مفجرا اللحظة التي انطلق من أجلها من الأرض ـ وهو يحلق بالطفلة فوق حمم جهنم المتأججة : إلهي ، ما قطعت ملايين السنين الضوئية إلا ويحدوني امل أنك موجود ـ فإن كنت موجودا أعد الحياة لكل من أحرق في جهنم هذه!
ولم تمر سوى لحظات حتى بدأت البراكين تقذف ماء عذبا راح يطفىء الحمم الجهنمية لتقوم الساعة ، وليصرخ الملك لقمان بملايين الجن الذين أصبحوا تحت إمرته :كونوا مع الله ، كونوا مع الله!! وهو يقصد أن يقوموا بمساعدة الله بما يفعل !! وهذه العبارة على وجه التحديد هي ما يهمني ، لأنها كانت المفتاح الذي فتح لي باب تشكيل ماهية الإله الذي ابحث عنه ، إلهي !
إليكم المقطع الأخير من الجزء الأول:
فهتف الملك لقمان مرّة أخرى لقوى الجن:
«كونوا مع الله، كونوا مع الله»
فاندفع ملايين الجن إلى الماء، فيما راح عشرات الملايين الآخرين يرددون اسم الله
"الله.. الله.. الله.. الله..» وانطلقت أصوات الملايين من البشر – الذين أنقذهم الملك لقمان – تردد اسم الله بدورها، وأخذت الجبال والتلال والسّهول والأودية والسّفوح والشعاب والغيوم تردد اسم الله، ليتردد اسمه في كل الأكوان، ولتضج البوادي برجع الأصوات الهاتفة باسمه.
أخذت ملايين الأجساد البشريّة العارية تندفع من الماء بشكل عمودي إلى أعلى لتصعد إلى سماء المحيط وتحلّق فيه. أجساد رجال اندفعت، أجساد نساء اندفعت، أجساد أطفال اندفعت، أجساد شيوخ اندفعت، أجساد فتيات اندفعت، أجساد شباب اندفعت، وتتابع اندفاعها بالملايين لتملأ السماء، فيما كان مئات الآلاف من الأموات على النعوش والنّقالات ينهضون من الموت ويعودون إلى الحياة ويشرعون في ترديد اسم الله. إنس وجنّ وأرض وسماوات، حيوانات وطيور ونباتات، الأحياء ومن أُعيدوا إلى الحياة كانوا يرددون اسم الله، في توحّد فريد هائل خشعت له الأكوان.
خلعت الملكة نور السماء أجمل الملابس على كل من عاد إلى الحياة، وانطلق الملك لقمان محلّقاً بالطفلة بين ملايين البشر باحثاً عن والديها بلهفة، وهو يهتف إليها
«الآن سنعثر على بابا وماما يا حبيبتي، ابحثي معي عنهما بين الناس»
ورفعت الطفلة رأسها وراحت تجوب بعينيها من خلف كتفي الملك لقمان باحثة بين ملايين البشر المحلّقين.
حمل الجنّ ملايين البشر الذين كانوا يقفون في أرتال جهنّم، ليبحثوا عن ذويهم في السماء. حملوا الذين أركبهم الملك لقمان على الخيول بخيولهم، التي راحت تحلّق في السماء دون أن يبدو أن هناك قوىً خفيَّة تحملها. وحملوا النساء والرجال، الأطفال والشيوخ، الشّباب والشابات، فراحوا يبحثون عن ذويهم في هذه الملحمة البشريّة المتلاطمة في السّماء وسط دموع الفرح واختلاط الإنس بالجن، والنّساء بالرجال بالأطفال بالخيول بالملوك باسم الله الذي كان يملأ الكون.
اعتدلت الطفلة في حُضن الملك لقمان وراحت تبحث عن أبويها من أمامه، وليس من خلف كتفيه. وشاء الله ألا يبحثا عنهما كثيراً بين ملايين الناس، فحين كانت الطفلة تجوب بعينيها هُنا وهناك، لمحت أمّها وأباها، فهتفت «ماما، بابا» فسمعتها الأم وهتفت «ماما» وسمعها الأب وهتف «بابا» واندفعا في اتجاه الملك لقمان مشرعين أحضانهما، فاندفع الملك لقمان بدوره في اتجاههما..
أسلم الملك لقمان الطفلة إلى أحضان الأم، فيما أسلمت الملكة نورالسماء أختها إلى أحضان الأب
انثنى الملك لقمان على الفور هابطاً إلى الأرض وجثا – لأول مرة منذ قرابة ثلاثين عاماً – على ركبتيه، واضعاً يديه فوقهما، شاخصاً بعينيه إلى السّماء، فهبط خلفه الملايين وجثوا على ركبهم وفعلوا كما فعل، إنس وجن فعلوا وعلى اختلاف مذاهبهم ودياناتهم، وحين خفض بصره خفض الملايين أبصارهم، وراحت العيون، كل العيون، عيون الإنس والجن، تنظر إليه آملة كلمة منه، فهتف وعيناه تغرورقان بالدّموع:
«حين لا يكون هُناك إله، فليس ثمّة إلا الله»
) يتبع (5)

إيل :

(كونوا مع الله ) إذن ، الله في حاجة إلى مساعدتنا ، وحين أخلص مرافقو لقمان النية وشحذوا العزيمة ووقفوا بأفعالهم مع الله ، تحولت الحمم البركانية إلى مياه عذبة وأعيد إحياء القتلى
لا تنسوا أن هذا خيال أدبي مثالي يوظف الأسطورة ، ولا تنسوا أبدا أنني استخدم كلمة الله (
كتعبير مجازي ، فبإمكانكم أن تستبدلوا كلمة الله بالطبيعة ، أو الذات الكونية أو الكلية .وإن كنت أحبذ استعمال كلمة الله كونها الأكثر تعبيرا عما وراء الخلق لاستعمالها منذ أن بدأ التفكير بآلهة ما تقف وراء عملية الخلق .ولا تنسوا أيضا أن هذا كله مجرد اجتهاد لا غير مبعثه التأمل
والمعرفة المحدودين !! وهو قابل كأي فكر انساني للدحض والنقد .
والان إلى القليل من التفكير الواقعي الممكن:
لقد تساءلت من قبل : ألا يمكن للطبيعة التي نجم عنها الوجود الكوني بما فيه نحن بعقولنا، أن تكون قد توصلت في مرحلة ما من نشوئها وارتقائها ، إلى ايجاد وعي ما ، نجم عنه عبر الزمن وعينا الحالي ؟! وأن تطور وعينا مرتبط بتطور هذا الوعي؟
وإذا ما اعتبرنا أن العملية الجارية كلها هي نوع من الإبداع (الخلق) المتجدد لغاية أكثر رقيا لا تعرف حدودها ، حتى إذا ما بلغت مرحلة ما من التطور تجاوزتها لتبحث عما هو أكثر كمالا.
ثم ومن ناحية ثانية ، الا يمكن أن يكون وعينا الحالي بشكل أو آخر هو وعي الطبيعة نفسه أي أنه لا يوجد وعيان ، وعي الطبيعة ووعينا ، ولن أخوض في هذه المسألة طالما أنني قلت أن وعينا ناجم عن وعي سبقه وهو يشمل الحالة الثانية ( وجود وعي وا حد)
من الذي في مقدوره أن يجزم أن الإنسان كأرقى المخلوقات سيظل على شكله الحالي بعد كم غير محدد من السنين ؟ بل من الذي يجزم بأن الإنسان بشكله الحالي هو الجمال الذي ليس بعده جمال ، وهو الكمال الذي ليس بعده كمال ، وأن الطبيعة راضية عما وصلت إليه من خلق . ؟! وإذا ما أضفنا إلى ذلك سلوك الإنسان نفسه المتغير والمتبدل بين ماهو خير وما هو شر وما إلى ذلك ، يكون الإنسان في الحضيض .
صحيح أن فناني العالم مجتمعين لم يبتدعوا شكلا أجمل للإنسان حتى الآن ، رغم ذات الطبيعة المبثوثة في أجسادهم !!وقد يكون في مقدورهم ذلك حين يهتدون إلى معرفة أنفسهم وإلى الغاية من وجودهم وهي مشاركة ومساعدة الطبيعة في عملية الخلق !!وذلك بصدق النوايا وشحذ الهمم والعقول ، وهذا لن يكون نهاية المطاف ـ لكنه سيكون خطوة في سلم الرقي الإنساني
وحين صرخ لقمان بأعوانه ( كونوا مع الله ) ربما كان يدرك هذه االمسألة وإلا لما صرخ صرخته وهنا أدى تضافر القوى المشخصة أو المشبهة ( الإنس والجن ) مع القوى المنزهة الله أو الطبيعة بفعلها الذي لا نعرف آليته ، ( وهي قوى واحدة ) إلى إحياء القتلى. .

في هذا العمل نوع من تحقيق الذات ، ذات الطبيعة وتجلياتها ، التي تجلت في وحدتها .
إن شعور الإنسان بأن وجوده مرتبط بكل وجود آخر في الكون ،هو ما يشكل وحدة واحدة وإن تجزأت، وهو ما يترتب عليه أن يغير من سلوكه نحو الأرقى والأجمل والأفضل ، وهو بذلك يحقق ذاته وغاية وجوده كجزء من كل ، في الوقت الذي يساهم فيه في تحقيق الذات الإلهية.
لم نوجد كي نبقى مجرد متفرجين على ما يجري من حولنا.. إن الله في حاجة لنا بقدر ما نحن في حاجة إليه، لانه نحن ،ونحن هو ، وبقدر ما نكون معه ، يكون معنا ، إنه يكتمل بنا ونكتمل به ، دون أن نبلغ كمالا مطلقا ، إنه ليس في حاجة إلى من يعبده ويبني له الكنائس والمساجد والكنس والمعابد ، فنحن إن بنيناها وتعبدنا ، تعبدنا لأنفسنا ، وما الذي يجدي من تعبدنا لأنفسنا؟
إن أكثرالناس تخلفا عن الله من يتعبدون له !! إنه في حاجة إلى العقول التي أوجدها فينا( عقله) لنرقى معه بالحياة إلى ما هو أرقى واكثر عدالة.
عبادته لا تكون إلا بالعمل الصالح ، وبالمحبة ، والمؤاخاة بين البشر ، وتحقيق العدالة لجميع البشر ، لا فرق بين بشر وبشر ، فكلهم من الله ومع الله إلى ما لا نهاية ، منهم من يعمل بدأب ، ومنهم من يعمل بكسل وبلادة ، كل من عمل عملا ساهم في رقي الحضارة الإنسانية ، ساعد الله في عملية الخلق ‘ وكل من قتل نفسا إنسانية ، إنما قتل الله ، وكل من حقد على أخيه الإنسان حقد على الله
فكم مرة نقتل الله كل يوم ، وكم مرة نحقد على الله كل يوم.
: يقول شاعر الهند العظيم رابندرانات طاغور
(وإنما يكون الإنسان هو ذاته تماما حيثما يشعربلا نهائيته، وحيثما يكون ربانيا ... إن الرباني هو الجانب المبدع فيه ، ولذلك يكون مبدعا بمجرد وصوله إلى جوهره الحق)
إن الله لا يتحكم بعقولنا المعطاة لنا، ونحن المسؤولون عن أفعالنا ، خيرها وشرها ، ولا يقدم لنا الله ثناء على ما عملناه من خير ولا يجازينا على ما ارتكبناه من آثام ، فلا جنة لديه ولا نار ، فهو متسام ومترفع عن العذاب ، وهو من يعذب ( بتشديد وفتح الذال) بأفعالنا وليس نحن فقط ، وإنه لا يبطن إلا المحبة ، وهو لم يحلل ولم يحرم ، ولم ينزل أية شرائع ، ولم يرسل أنبياء، وغير قادر على كل شيء رغم أنه قادر على الكثير من الأشياء.
***** *****
هذه بعض ملامح إلهي إذا جاز لي التعبير( ولا شك أن فيها بعض الشطح ) وهناك ملامح أخرى قد اتطرق لها إذا ما اضطررت إلى ذلك .
أما عن رؤيته يسكر معي ويحادثني وأتشاجر أنا وإياه ويشتمني واشتمه ونمزح معا ، فهذا من إعمال الخيال والشطح الفكري .
وإن كنت من حيث المبدأ أعتقد بان الذات الإلهية مبثوثة في كل شيء حتى في حبة القمح وحتى في اصغر جزيء الكتروني احتارت فيه فيزياء الكم.
وبالتأكيد لن أنسى أن أؤكد ثانية أن كل ما مر ليس أكثر من تأملات وأفكار وأحلام يقظة ، استند معظمها على أفكار سابقة مادية ومثالية..
!! نهاية اللانهاية للإجابة على السؤال الثالث
****
تعقيب من محمود شاهين بعد قرابة خمسة عشر عاما على هذا الحوار، وعلى وجه التحديد في 29 كانون ألول (12) 2021 )
تطورت فكرة الخالق عندي في أعمالي الأدبية ومقالاتي ومقولاتي اللاحقة ، إلى اعتبارالخالق (عقل طاقوي أو طاقة عقلانية) تسري في الكون والكائنات وتتجلى فيهما ، ومن أهم هذه الأعمال الملحمية : أديب في الجنة . وعديقي اليهودي . وزمن الخراب. وقصة الخلق . إضافة إلى آلاف المقالات والمقولات الفلسفية المنشورة على النت وخاصة في الحوار المتمدن .

سيزيف:
نار البراءة .. نار الشهوة والبراءة من الله

نص استثنائي يمنحك شعورا مزدوجا ينفي استحالة اجتماع النقيضين
تستطيع ان تشتعل في تفاصيل لمشاهد غارقة في الايروتيكية اللافحة .. حركة وشعورا وحوار
رغما عنك تظل مشدودا نحو النهاية المتوقعة والغير متوقعة في آن
تتعاطف مع على الخطيب .. ثم تعود لتلعنه في سرك .. لماذا لم يستجب
تلعن مليحة ابو الجدايل .. وأنت تعلم انك تشتهيها
فقط الشعور الوحيد غير المراوغ .. هو أن تلعن القرية .. وربها

قصة غارقة في الممكن واليومي والمعاش .. يمكن لي تصنيفها كأدب واقعي يحمل نقدا اجتماعيا شديد اللهجة .. لكن يبقى مع ذلك شبح الاله يلوح في الافق .. ثم يعود ليتجلى كأوضح ما يكون في النهاية بمرارة الغياب
ما هي الفكرة ( أو الشعور ) السابق لوضع ذلك النص !

تتمحور الاحداث هنا حول طقس شعبي شديد الخصوصية ربما لم يسمع به البعض .. ما هي جذوره .. اين كان يمارس .. وهل مازال باقيا حتى الان؟ ؟

من المتهم هنا .. الزوج الذي لم يشبع لظى شبق زوجته .. مليحة .. أم علي .. كونه لم يستجب لها؟

تدفعني شخصية على الخطيب لعقد مقاربة ما مع قصة يوسف القرآنية .. الفارق الوحيد أنه هنا ( في روايتك ) لم يكن الله موجودا .. هل كان ذلك التشابه واعيا؟


جرعة الصدق والواقعية التي تنسكب ما بين المشهد والكلمة تدفعني للتساؤل .. الى أي مدى كانت بعض الاحداث صدى لتجربة شخصية؟

من زاوية مختلفة .. جدلية على الاغلب .. هل يمكن لنا النظر الى ذلك الاختبار على كونه موجها لله في الاساس وليس البشر؟

لا شك في أن آلهك لو قرر أن يعذب .. لبدأ باهل تلك القرية القابعة خلف اسوار الزمن!
إيل:
ج- تعرف نار البراءة في القضاء العشائري باسم نار البراة أو نار البشعة ، ويلجأ القضاة العشائريون إليها في الحالات التي ينكر فيها المتهم التهمة الموجهة إليه ، فيقومون بحمي محمصة القهوة أو الصاج على النار ليلعقها المتهم بلسانه ، وفي الحالات المتفق عليها ( كما في القصة ) يضعون جمرة على لسان المتهم مباشرة ، فإذا ما أحرقت النار لسانه فإن التهمة ستثبت عليه وإذا لم تحرقه تعلن براءته.
لقد كانت وكما أعرف سائدة في جنوب فلسطين وشرق الأردن وحوران (في سورية) وبعض نواحي السعودية ، وربما صعيد مصر ، وهي تقليد بدوي في الغالب ..كانت سائدة حتى أواسط القرن
الماضي ، وربما يلجأ إليها بعض البدو اليوم حين يريدون حل مشاكلهم بأنفسهم ولا يلجأون إلى القضاء الرسمي .
وهي وللحق إذا كان القاضي نزيها وخبيرا بعمله يمكن أن يعرف من ردود فعل المتهم أنه بريء أو مذنب ، فالمذنب بحق إذا لم يكن ذكيا وواعيا قد ينهار قبل أن يطبقوا العملية عليه .. لينكشف أمره . ثم إن البريء لا يكون خائفا وبالتالي لن يكون لسانه جافا تماما والقاضي النزيه يلقي بمحمصة القهوه ( وهي كملعقة طويلة مسطحة) على لسانه بخفة وسرعة ، بحيث لا تمكث على لسانه ربما لأكثر من ثانية ، بالكاد حتى تمتص اللعاب من على اللسان ، أما المتهم الخائف ( المذنب ) فيكون لسانه جافا وبالتالي تترك المحمصة أثر حرق على لسانه.
في قصة نار البراءة الجريمة مدبرة لحرق لسان علي الخطيب عن آخره ّ، ومن قبل المختار الذي لم يكن قاضيا من قبل فلا مفر من حرق لسان علي الخطيب لأن المشكلة تستدعي إيجاد ضحية .والطريف أن معظم سكان البلدة مقتنعون ببراءة على الخطيب ومع ذلك لم يتدخل أحد إلا رزق أبو الجدايل ( العقل الواعي في القصة وهو يمثل الشيوعيين ) غير أن الوعي لا يجدي مع التخلف الفكري والإجتماعي الذي يمثله على الخطيب. فهو رمز للإنسان الساذج إلى حد الغباء ، وكما يقولون على البركه . والحق إنه ليس مسؤولا عن غبائه فهو بشكل أو آخر نتاج لتربية وثقافة متخلفة ولهذا أتعاطف معه.
حرق لسان علي الخطيب دبر مسبقا بالرشوة وبالتفاهم بين المختار عايد وأبي الجدايل ( بالمناسبة كتب لي شاب مصري يسألني عن أبي الجدايل الذي أقصده لأن أباه يحمل الإسم نفسه ) وهو لقب أبي أيضا!
أبو الجدايل رمز التسلط والقمع والظلم ينحدر من أصول اقطاعية
المختار عايد رمز الدهاء والنفاق
مليحة رمز المرأة المتمردة على واقعها ‘ المرأة الأنثى التي يتمناها كل رجل ، الخصب المتدفق شبقا الأرض الظمأى إلى المطر!
خالد ( الزوج ) رمز لرجل بلا رجولة . لا في العير ولا في النفير
صقر أبو الجدايل : الباحث عن الملذات دون أي رادع أخلاقي
سكان القرية . القطيع الذي يقودة مجموعة من المستغلين حسب أهوائهم .
يلاحظ عند عملية الحرق أن رؤوس المؤامرة جميعا يرتجفون ما عدا علي الخطيب . فهم أيضا ورغم الجمرة المرعبة التي سيضعها المختار على لسان علي الخطيب ، متخوفون من أن يقف الله مع علي الخطيب ولا تحرق الجمرة لسانه
صحيح أن علي الخطيب كان قلقا بعض الشيء ويتبدى هذا القلق في الحوار مع زوجته حين سألها عن ابراهيم الخليل حين وضع في النار فجعلها الله بردا وسلاما عليه.وكانت إجابة الزوجة مشككة في عدالة الله حين قالت له ما معناه ، ذاك كان سيدنا ابراهيم. وكأنها تقول ، أما أنت فمن أنت حتى
يسأل الله عنك ؟
لقد كتبت هذه القصة بتأثير من قصة عملاق القصة العربية يوسف ادريس ( حادثة شرف ) ولم تخطر ببالي قصة يوسف على الإطلاق ، وجيد أنها جاءت لترد عليها وتكشف زيفها ، فالله هناك يقف مع يوسف هذا الذي استولى على ممتلكات الشعب المصري ليضعها في خزائن الفرعون ويجعل الشعب يتضور جوعا!
القصة (وكما في معظم قصصي) رواية مكثفة جدا ، والأسلوب الروائي وتعدد الشخصيات أمران واضحان فيها . حتى أن زميلا في منتدى من المحيط إلى الخليج اعتبرها رواية وراح يناقشها كذلك . وحين صدرت قصة موت معلن لماركيز فوجئت بالشبه القائم بين القصتين !! وحدث هذا مرة أخرى مع ماركيز، فروايتي ( الأرض الحرام ) صدرت قبل (الحب في زمن الكوليرا) بحوالي ثلاثة أعوام وكم فوجئت حين وجدت تشابها كبيرا مع إحدى خطوط روايتي . ولو أن روايتي صدرت بعد ترجمة رواية ماركيز لنشر النقاد عظمي !
في السيناريو الذي كتبته عن القصة ، ثمة تكملة إلى ما بعد الحرق ، حيث يجن على الخطيب من هول الصدمة ويهيم على رأسه في الجبال ، وقد غدا أخرسا لا يستطيع الكلام إلا جعجعة .ويستفحل الندم بمليحة إلى حد أنها تأتي إليه وتطلب إليه أن يقتلها غير أنه لا يقتلها .لا أذكرما إذا جعلته يضاجعها، في الغالب لا لأن الندم جعلها تتحجب وتعتكف ولا تخرج إلى الناس كما من قبل.
الإله الذي نشأت عليه هو خصمي في معظم ما كتبت .. وإدانته تأتي دائما بشكل غير مباشر .إلى أن قررت أن أبحث عن إله آخر كما في الملك لقمان وغوايات شيطانية.
هناك بعض الأحداث التي حدثت في بلدتنا قبل أن أغادرها .. لكن ليس كما في القصة ، وإن حوت القصة بعض التفاصيل نفسها .
الأسماء معظمها حقيقية ما عدا خالد ورزق طبعا يوجد خالد ورزق في البلدة لكن لا يتشابهان والشخصيتين المتخيلتين.
حين كتبت القصة عام 1976 كنت أدرك أنه لا يوجد إله حسب بعض المفاهيم الإسلامية ، لذلك مسألة الإختبار لم تكن واردة.
هل بقي شيء لم أجب عليه ؟
المدانون في القصة كثيرون ، لكن أهم هؤلاء ابو الجدايل والمختار ( القاضي ) والقصة بشكل عام إدانة للمجتمع ككل وبالتأكيد لم أقصد إدانة على الخطيب.
************** *************************
سيزيف:
تحية طيبة استاذ شاهين

الملك لقمان واعادة صياغة المقدس نفسه!

أعتقد أن ذلك العمل يصلح لأن يكون بوابة عبور ملكية الى فكرك وأحلامك

لماذا فضلت أن يخرج هذا العمل الرائع في صورته الملحمية تلك
نفسه ؟ ام انها كانت اشبه بسرد ذاتي حتى وان كان وجوده فقط بالمخيلة؟ ‍.. هل فرض الموضوع

كم استغرقت كتابة ذلك العمل .. وهل تنوي اكماله ‍‍‍‍‍‍‌‌‌‌‌‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‍‍‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.. هل يمكن له اصلا ان يكتمل؟

لماذا لم تصور بعض مشاهدها في لوحاتك .. خاصة وانها تحوي من الصور رائعة الدلالة والتكوين الكثير؟

الى اي مدي يمكننا اجراء مقاربة بين شاهين الانسان وبين الملك لقمان؟

تنوعت العلاقة مع الاله من خلال التطور السردي وتفاصيل الاحداث .. ما بين التمرد والجحود والانكار .. الى الشك والامل .. وصولا للايمان والتوحد
هل تلك الرؤية صحيحة؟


إيل :
عزيزي سيزيف
الساعة الآن الخامسة والربع .. الزمن الذي تلقيت سؤالك فيه ..
وهو القوت الذي أكون نائما فيه .. لكن ابراهيم كان يسكر عندي حتى
الثانية والنصف ، صرعني !! وما عرفت أدخل على الإنترنت براحتي
وما أن انصرف حتى انقطعت الكهرباء . أمضيت الوقت أبحث عن شموع ليس لانقطاع الكهرباء بل لأنني غدا(اليوم) سأحتفل مع صبية نيوزيلندية ورفيقتها .. صادف عيد ميلادها قبل عيد ميلادي بثلاثة أيام .. استغللت انقطاع الكهرباء ورحت أحضر الشموع للأمورة !!سأملأ البيت شموعا لها لذلك يا عزيزي وعلى الأغلب لن أجيبك قبل يوم الجمعة على أسئلتك
قلت لإلهي يعيدني 20 عاما إلى الوراء فلم يقبل حينئذ ، ليفاجئني بالأمس أنه سيعيدني 39 عاما ، لأن الصبية في الحادية والعشرين!
سلم!!
إيل:
الملك لقمان واعادة صياغة المقدس ..

س- اعتقد ان ذلك العمل يصلح ان يكون بوابة عبور ملكية الى فكرك واحلامك ايضا ..

لماذا فضلت ان يخرج هذا العمل الرائع في صورته الملحمية تلك .. هل فرض الموضوع نفسه .. ام انها كانت اشبه بسرد ذاتي حتى وان كان وجوده فقط بالمخيلة

ج- أجل إن العمل هو بوابة عبور إلى فكري وأحلام يقظتي صغيرا وكبيرا ..لكنه ليس عبورا ملكيا إلا إذا كنت تقصد أنه عبور عبر شخصية ملك !أنا فعلت كما فعل محمد الذي ألم بشكل ما بثقافة عصره لتغدو جزءا من أحلام يقظته . وإذا كانت النبوة حلم يقظة محمد فإن الملكية الخارقة هي حلم يقظتي ، وإذا كان محمد قد عمل جاهدا على تحقيق فكره وأحلام يقظته على أرض الواقع بشتى السبل، محاولا التوفيق بين الدنيوي والغيبي المقدس أو بين ما هو واقع وما هو خيال أو بين ما هو مشخص وما هو منزه ‘ ونجح في ذلك بشكل كبير، فإنني عملت على تحقيق فكري وأحلام يقظتي بأن أصوغهما أدبيا ، دون محاولة تحققهما على أرض الواقع، ليس لاستحالة ذلك فحسب بل لقناعتي أن هذا خيال أدبي ،لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع ، رغم مراميه الإنسانية ، وأن تأثيره في النفس لن يحقق حضوره في المدى المنظور ، لكنه سيلعب دورا ما في صقل النفوس وإغناء المعرفة بتجاوز ثقافة الماضي والتطلع إلى ثقافة المستقبل.
: للإجابة عن الشطر الثاني من السؤال أقول
:
لقد قلت أنني عملت بائع بالة لأكثر من عامين كنت خلالهما أحضر للرواية التي ستعبر عما يكتنف دخيلتي ، والتي كنت سأكتبها بعد روايات أخرى كنت أفكر فيها ، لكن وحين شعرت أن الزمن يطوي سني عمري- وخاصة بعد عمل الباله –دون أن أفعل شيئا ، قررت تدمير البالة والتفرغ لكتابة رواية عمري متجاوزا كل الروايات التي كنت أفكر فيها ، مستندا إلى معرفة نسبية وثقافة أدبية لا بأس بها وموهبة مقبولة .
لم تكن المسألة سردا ذاتيا حتى لو كانت تنم عن أحلام يقظة وأفكار .كنت وما أزال أدرك أن مشكلة هذه الأمة هي في عقلها وأن أكبر محنة تواجه هذا العقل هي الدين ، الذي ضرب على العقل حصارا رهيبا شله عن التفكير السليم .فكان لا بد من إعادة النظر في الدين ، الذي نجم عنه وكما في الملحمة ، إعادة النظر في عملية الخلق والتكوين بحد ذاتها ، وفكر من هذا النوع لا يمكن لأية رواية أن تعبر عنه ، فكان لا بد من الملحمة ، وهي ما يفتقر إليه الأدب العربي برمته .

س- كم استغرقت كتابة ذلك العمل .. وهل تنوي اكماله .. هل يمكن له اصلا أن يكتمل ؟

ج- قد لا ابالغ إذا ما قلت إن مخيلتي كانت ترسم خطوط هذا العمل لأكثر من 25 عاما ، أي منذ أن أدركت قيمة الأدب وترسخ في دخيلتي الطموح الكبيرفي أن أكتب أدبا جديدا ..ولذلك لم تأخذ معي كتابة الجزأين أكثر من عشرة أشهر ، إنما بعزل نفسي تماما عن العالم الخارجي والعمل يوميا حوالي 16 ساعة متواصلة.
لا أعرف إذا ما سيتاح لي أن أكمل العمل يوما ما ، قد أختصره من ستة. أجزاء إلى ثلاثة أي أنني سأكتفي بجزء واحد (ثالث ) أخير. ( كما فعلت في غوايات شيطانية ) وسأعمد في نهاية الإجابة عن هذه الآسئلة إلى وضع ملخص للأحداث اللاحقة للعمل وسأورد النهاية (لأن هناك اكتمال ونهاية ) وهي ستكون مفاجئة ولم يتوقعها أحد ، رغم الإشارة إليها في أكثر من موضع في العمل .سأورد هذا الملخص حتى إذا حان أجلي دون أن أكتبه ، يقدم أديب ما على صوغه حسب الملخص الذي سأضعه وسيكون شريكي في العمل !!هل عبد الرحمن منيف وجبرا ابراهيم جبرا ( يرحمهما إلهي ) أفضل منا حين كتبا رواية بائسة مشتركة !!مع أن روايتي لن تكون مشتركة بصفتي كتبت جزأين فيها ووضعت ملخصا للأجزاء اللاحقة.
س‌- لماذا لم تصور بعض مشاهدها في لوحاتك .. خاصة وأنها تحوي من الصور رائعة الدلالة والتكوين الكثير!
ج- الرسم وسيلة تعبير مختلفة ، ثم إن ما افكر فيه رسما غير ما افكر فيه أدبا ، وما أفكر فيه أدبا لا يمكن أن يعبر الرسم عنه ، في الرسم أعكس رؤيتي للناس كما أراهم ، أي أنني أعكس واقعا ملموسا كما في قصصي ، أو أنني أوغل في المطلق الغامض واللانهائي في أعماق نفسي ، وهذا يتمثل في اللوحات التجريدية .وثمة أعمال أخرى من وحي الأساطير والفنون القديمة .. في الملحمة أعكس أفكاري وأحلامي وما هو منزه في دخيلتي ، كالصدق مثلا ، كيف لي أن أرسم الصدق ؟ وإن كنت أرى في بعض لوحاتي التجريدية صدقا ما .. وإذا ما حاولت رسم لوحة للملك لقمان مثلا ، فما الذي يمكن أن تعنيه اللوحة أو تقوله ، وهي وإن قالت شيئا ، فلن يكون أكثر من نقطة ماء في بحر الشخصية التي عبرت عنها أدبيا .
؟ س- الى اي مدى يمكننا اجراء مقاربة بين شاهين الانسان وبين الملك لقمان
. ج- إنه أنا بالتأكيد .. لا يوجد شيء في شخصية الملك لقمان ليس موجودا في شخصيتي

س- تنوعت العلاقة مع الاله من خلال التطور السردي وتفاصيل الاحداث ما بين التمرد والجحود والانكار .. الى الشك والامل .. وصولا للايمان والتوحد .. هل تلك الرؤية صحيحة؟.

ج- رغم أن السؤال صحيح إلا أن الإيمان والتوحد لم يظهرا بعد بشكل حاسم في العمل . الإيمان لم يبلغ ذروته بعد ، وأي ايمان ؟ وإن كانت نهاية الجزء الثاني تشير إلى المسألتين وتؤكدهما. فالملك لقمان كان يعود إلى التقلب بين الشك والإيمان.
إن الإله الوحيد الذي آمن به دون أي لبس هو الإنسان الفلاح الذي وجده يحرث أرض الأرملة أم الأيتام مفضلا إياها على نفسه ، وكان قد قدم نفسه إلى لقمان على أنه الله ، مما جعل لقمان يعتقد أنه يسخر منه ، وحين راح الفلاح يدافع عن نفسه مفسرا له أنه الحاكم بالعدل في البلدة ـ وأن هذا يعني في مفاهيم أهل البلدة أنه الله ، لم يجد لقمان حينئذ إلا أن يسجد له ، ليتساءل الفلاح الذي لا يعرف السجود عما يفعله ، وليهتف لقمان له : ( إني أسجد لك لأني اقتنعت أنك حقا إله ) وهذا ما هتف به لقمان ثانية للإله المنزه حتى حينه ، في نهاية الجزء الثاني .ليبدو هنا الجمع بين التنزيه والتشبيه بترديد العبارة للإلهين .
أما عن الرؤيا يا عزيزي ( وليس الرؤية ) هل نسيت أنك أمام خيال أدبي ، وإن احتوى على اجتهاد
فكري . أم تريدني أن أصبح نبيا ! حتى لو كنت كذلك فلن يصدقني أحد . رسالة الأدب غير رسالة النبوة والسياسة .. هي تجهد لأن تؤثر في النفس ، للرقي بالسلوك الإنساني ، وإغناء المعرفة .
حين كتب نيتشه( هكذا تكلم زرادشت ) أثار ضجة كبيرة في كل أوروبا وساهم في تطور الوعي لدى اوروبا قاطبة ...نحن مأساتنا فظيعة ، وآمل أن لا يكون مصيري كمصير سقراط والحلاج وعمر المقصوص وغيلان الدمشقي والسهروردي وحسين مروة ومهدي عامل وفرج فوده! .
*****
! يتبع ملخص الأجزاء الأخيرة ونهاية الملك لقمان .
محمود شاهين ( إيل ) .. حوارات في الادب والفلسفة والفن !


إيل:
الخطوط العامة للأجزاء الأخيرة من الملك لقمان
كنت قد شرعت في كتابة بداية الجزء الثالث وكان كما يلي
الملك لقمان في حالة انفعال وغضب شديدين ، يصرخ مناديا ملك الملوك
- يا ملك الملوك --
أمر مولاي-
هل تعرف هذه المدينة المسماة تلابيب ؟
! سأعرفها يا مولاي -
! أريدك أن تقلبها رأسا على عقب ، لا تبق فيها أي كائن حي -
أمر مولاي-
وينصرف ملك الملوك للتنفيذ فيما تهرع الملكة نور السماء مذعورة وهي لا تصدق ما يجري ، فهذا ليس الملك لقمان الذي تعرفه . وتحاول جاهدة أن تردع الملك عن قراره.
! - مولاي
وقبل أن تضيف كلمة تفاجأ به يصرخ بها وكأنه يعرف مرادها (اخرسي !!إنهم يوغلون في الدم الفلسطيني ، وكأنه دم جرذان لا دم بشر)
وتنكفىء الملكة على نفسها لا تعرف ما الذي ألم بالملك ، فقد كشف فجأة عن شخصية مناقضة تماما لما تعرفه عنه. يحضر ملك الملوك ليزف النبأ
! لقد انتهى الأمر يا مولاي .. أخفيتها قرابة كيلو متر تحت الأرض -
! أحسنت أيها الملك -
ويشرع الملك لقمان في فتح عينيه ببطء ، وما يلبث أن يرفع رأسه عن الوسادة ليستند على مرفقية ، ناظرا ما حوله . الملكة تسترسل في نومها إلى جانبه .. يزفر نفسا عميقا .. يدرك أنه كان في كابوس رهيب.
*********************
يتابع الملك لقمان جولته السماوية ويمر على بعض الكواكب ليجد فيها أنظمة وديانات تشابه كثيرا بعض أنظمة وديانات الأرض .. أنظمة دكتاتورية في دول نامية .. وأنظمة ليبرالية رأسمالية تقيم ديمقراطية ما في دولها . يصلح شؤونها ويتابع جولته بسرعات خرافية ، بحيث يتحولون( هو ومن معه ) إلى مجرد ذبذبات تنطلق في شعاع متقطع . وحين يتوقفون تأخذ هذه الذبذبات في التجمع بسرعة هائلة لتعيد تشكيلهم كما كانوا!
يحط على كوكب متطور يتم التكاثر البشري فيه بنساء محسنات ( مطورات) متخصصات في الحمل والإنجاب وبرجال متفوقين ( متطورين كذلك )والأبناء كلهم أبناءالكوكب لا تفريق بين واحد وآخر ! وبشر هؤلاء الكوكب ليسوا كثيرين ويتميزون بجمالهم الخارق وحياتهم المرفهة للغاية . وهم لا يعرفون الحياة الزوجية والأسرية بشكلها المعروف في الكرة الأرضية ، فكلهم أسرة واحدة ، ولا يوجد شخص واحد عاطل عن العمل ، ولا يوجد عندهم دين على الإطلاق لكنهم يجلون كثيرا النساء المتخصصات في الحمل والإنجاب !
لا يتدخل الملك لقمان في حياتهم ، ويجرون له وداعا حافلا كما الإستقبال
ويحط الملك لقمان على كوكب آخر يجد الناس فيه يتكاثرون صناعيا ، لا تحمل فيه النساء على الإطلاق و يمارسن الجنس للمتعة فقط ، والنساء فيه خارقات الجمال فوق ما هو خارق ، والرجال كذلك . وفي هذا الكوكب كما في الآخر يجلون النساء كثيرا رغم أنهن إنتاج صناعي ! والناس في هذا الكوكب يمكنهم أن يطيروا إذا ما أرادوا ، دون أن يستخدموا أية أجنحة !وليس لديهم أي دين على الإطلاق !ودينهم الوحيد هو المحبة والعمل.
وكان خصم الملك لقمان المجهول يحاول قتله بين فينة وأخرى بشتى الوسائل دون أن ينجح في ذلك نظرا للقوى الهائلة التي أصبح يتحكم بها.
يقرر الملك لقمان أن يتوقف عن الهبوط على الكواكب المأهولة فيتوقف مع مرافقيه على كوكب غير مأهول ليبدأ عزلته لمعرفة حقيقة الله
يصدر أوامره للجميع بأن لا يسألوه شيئا على الإطلاق مهما غاب أو مهما جاع أو عطش
ويشرع في عزلته وتأملاته وهو يرجو الله الذي وقف معه كثيرا في رحلته السماوية أن يهديه إلى الحقيقة
. كان يخرج إلى أرض شبه صحراوية يسير بخطى بطيئة ودماغه يعمل بقدرات غير متناهية .. وكان يجلس أرضا حين يشعر بالتعب ، ليتابع تأملاته ، وكان حين يغضب يرفع صوته ، كما حدث حين طلب إلى الله أن يتجسد في شخص ليتكلم إليه ويحاوره ، ليفاجأ ب صوت الله يذاهنه أنه لا يستطيع لأنه لا يقدر على ذلك ، وهنا يصرخ لقمان لتردد الصحراء رجع صرخاته ( لا تقدر ، كل هذا الكون الذي أوجدته ولا تقدر ، هل حقا أنت الله الذي يذاهنني ، ألم تتجسد في شخص لتصارع يعقوب ، ألم تنفخ في فرج مريم لتنجب لنا ابنك يسوع ، ألم ترسل لنا محمدا نبيا ؟)
ليفاجأ بالتذاهن الإلهي هاتفا له : أنا لم أسمع بهؤلاء الذين تتحدث عنهم)
ليضع الملك لقمان في حيرة لم يكن عقله قادرا على تصورها .. إله ولا يعرف كل شيء ولا يقدر على كل شيء..تسوء صحة الملك خلال هذه الفترة نظرا لعدم الأعتناء بصحته وتجاوزه للعديد من وجبات الطعام
بحيث تطول ذقنه كثيرا .. دون أن يجرؤ أحد حتى الملكة على التدخل في ما يحدث له . وتطول الأيام والشهور دون أن يعرف لقمان ألحقيقة المطلقة لله والآلية التي يعمل بها في الخلق !وحين يشاهد الله
الحال التي آل إليها لقمان يسخر قدراته كلها ليتجسد له في شخص يشبهه تماما ويهبط عليه فجأة وهو في حال يرثى لها ، واضعا يديه تحت رأسه مضطجعا على جنبه مغمضا عينيه
! السلام عليك أيها الحبيب لقمان
وبالكاد حتى فتح لقمان عينيه ليرى مثيلا له يقف أمامه
- وعليك السلام ، من أنت ؟
أنا الله يا لقمان ، لقد نجحت أخيرا لأن أتجسد في إنسان! -
وهنا يجري حوار معقد للغاية بين الإثنين - يحتاج إلى الكثير من التأمل والمعرفتين المادية والمثالية- خلاصته:
إن الكون بما فيه هو نتاج متجدد دائما للخيال الإلهي ، وقد بث طاقته فيه ليعمل بشكل مستقل عنه بقدر ما هو منطلق منه كمصدر له ،وأن هذا الخيال إذا ما توقف للحظة فإن الكون بما فيه سيتلاشى وكأنه لم يكن بما في ذلك الله نفسه !
وإن استمرار عملية التخيل ( التجلي ) وديمومتها وتطورها مرهون باستخدام الطاقة المبثوثة في الكائنات على الوجه الأكمل لتساعد الخيال على التجلي الأكثر كمالا وعدلا وجمالا . وإذا ما حدث ذلك واستخدمت المخلوقات هذه الطاقة كما ينبغي ، سيأتي دهر يكون الكون كله قد بلغ مرتبة
. الله . وبالتالي ستكون بدورها قادرة على أن تكون مصدرا لكون وخلق جديد ين
الحوار طويل جدا .. يتخلله مشاحنات وانفعالات وصراخ بين الله ولقمان.
وبعد أن ينتهي الحوار يتطرق لقمان إلى خلق ابليس ، ليتبين أنه هو من خلق الإنسان فعلا وكان اسرافيل يدعي أمام الله أنه الخالق له ، وأن ما جرى مع ابليس كان مكيدة من إسرافيل ، وأن إسرافيل هو من كان يحاول قتل لقمان ، وقد عزله الله عن مكانته بعد أن عرف مكائده ! وقرر أن يضع الملك لقمان بدلا منه!
وقال الله أنه لم يعرف ذلك إلا حين قرر التجسد والنزول إلى لقمان وكان( للقمان) الفضل في ذلك
هدأت نفس لقمان وهو يتسلم أعلى مرتبة ربوبية عند الله !وشرع يدير شؤون الكون:
وحد كوكب الأرض في دولة واحدة تتبع الدين الجديد ( اللادين ) وهو العمل والمحبة وطلب العلم .. وقلص لغات العالم إلى عشر لتتقلص في المستقبل إلى لغة واحدة أكثر شيوعا ، غير أن اللغات العشر طعمت بمفردات من اللغات الأخرى.
.. وعمل اتصالات مع الكواكب الأخرى لتقيم علاقات مع كوكب الأرض ...
******* **** ****** *****
عوض ذلك المراهق الصغير محمود شاهين حلم يقظته الذي لم يتحقق بأن يكون ملكا ، عوضه بحلم يقظته في الكبر بأن يكون الحاكم المطلق للكون .
!!وهذا ما كان ..
غدا موعدكم مع المشهد الأخير من الجزء الأخير من ملحمة الملك لقمان ، والذي بالتأكيد سيفاجىء الجميع .
*****
ملاحظة خلال مراجعة النص أواخر عام 2021
حين أكملت ملحمة الملك لقمان في ملحمة مكملة أخرى عام 2016 " أديب في الجنة ) التي صدرت عن دار نشر مكتبة كل شيء في حيفا عام 2017 لم آخذ بكل ما جاء في هذا التعقيب ، وقد نسيت معظم ما ورد في هذا الحوار وما جاء فيه حول نهاية ملحمة الملك لقمان.
محمود شاهين
إيل :
مشهد الختام في ملحمة الملك لقمان .
كان بعض الرعاة ينتشرون بقطعانهم على أطراف الصحراء ، حين شاهدوا أسرابا من الطيور المختلفة ، تقدم عبر الفضاء لتحلق على ارتفاع منخفض فوق موقع منبسط في الصحراء
ما أدهش الرعاة هو كثرة الطيور وتنوعها وتآلفها وتحليقها في أسراب منتظمة فوق هذه الرقعة الصحراوية
كانت النسور تحتل مركز اللتحليق ، تلا ها الصقور والعقبان ، ثم اللقالق فا لقطا والنوارس واليمام ، وقد رسمت في الفضاء مشهدا أخاذا
أخذ الرعاة يتنادون منبهين بعضهم لما يجري ، وما لبثوا أن راحوا يهرعون نحو المكان لمعرفة السبب الذي دعا الطيور إلى التحليق فوق هذا المكان وبهذا الإنتظام الساحر
حين راح الرعاة يقتربون كانت النسور تهبط لتحلق على ارتفاع منخفض فوق المكان وكأنها تريد أن توفر حماية له .، وهو ما تأكد الرعاة منه حين غدوا على مسافة أمتار من حفرة مستطيلة في المكان ، فقد راحت النسور تهبط أكثر فأكثر.
واصل الرعاة تقدمهم ببطء دون أن يحاولوا الهوش على النسور ، لإحساسهم أن ما يجري أمر مهيب ، وأن النسور ربما تكون كائنات مسحورة ، أو مسيرة من الله ، وأنها قد تؤذيهم إذا ما حاولوا ابعادها .
واصل الرعاة تقدمهم ببطء وتوجس إلى أن غدوا على مسافة أقرب من الحفرة ، لكنها لا تتيح لهم رؤية ما بداخلها ، وتخوفوا من التقدم لأن النسور راحت تنقض نحوهم ، وكأنها تحذرهم من التقدم أكثر ، مما دفع الرعاة إلى الإعتقاد بأن الحفرة تحوي فراخ نسر ما ، وأن النسور تذود عنها ، كما يذود أي طائر عن فراخه.
تجرأ أحد الرعاة وتقدم ببطء ضاما يديه إلى صدره ليوحي للنسور أنه مسالم ولن يقوم بما هو مؤذ ، وفعلا نجح الراعي في التقدم إلى أن وقف على مسافة تتيح له رؤية عمق الحفرة
كان ثمة رجل ملتح بدا في الأربعينات من عمره يتمدد ميتا على أرض الحفرة ، شابكا يديه على صدره ، وثمة طيف ابتسامة يرتسم على شفتيه ، ونور ما يشع من وجهه، مضفيا مهابة أخاذة وطمأنينة فريدة على محياه ، فبدا وكأنه ليس ميتا على الإطلاق
كان يتمدد بكامل ملابسه التي لم تتعفر بالتراب ، رغم عوامل الطبيعة ووجوده داخل حفرة، يبدو أنه هو من حفرها ليموت فيها . ولم يكن قد نزع حذاءه أيضا . وكان هناك خنجر ملقى على صدره إلى جانب يديه المشبوكتين.
كانت أكوام التراب تحيط بالحفرة وثمة جمجمة قديمة وقمقم نحاسي عتيق يندثران بين الأكوام
حاول الراعي مد يده لأخذ القمقم ، ففوجىء بالنسر ينقض عليه بشراسة وهو يزعق بصوت مخيف . تو قف الراعي وأشار للرعاة أن يتقدموا ببطء وهدوء ليروا.
أحاط الرعاة بالحفرة القبر ، وراحوا يتاملون وجه الرجل دون أن يأتوا بأية حركة ، وفيما هم يتأملون وجهه شاهدوا طيف الإبتسامة المرتسم على شفتيه ينفرج بين فينة وأخرى ، لتبدو ابتسامته أكثر
انفراجا ، وكأنه ليس ميتا ، مما جعلهم يوقنون أنهم في حضرة ولي من أولياء الله الصالحين.
لم يعرف الرعاة ماذا يفعلون ، فلا يعقل أن يتركوا الرجل ملقى هكذا في هذه الحفرة في الصحراء ، وكلما حاولوا الإنحناء قليلا أو الإتيان بأية حركة كانت النسور تنقض عليهم بشراسة ، فلم يكن أمامهم إلا الإنصراف لإخبار سكان قراهم بما شاهدوا . راح الرعاة يعتلون قمم الجبال والتلال المحيطة بالمكان وينادون الناس في القرى بأعلى أصواتهم ، أن يهرعوا لمشاهدة المعجزة الإلهية!

راح الناس يهرعون من كل صوب من القرى المختلفة ، وفيما كانوا يقتربون شاهدوا ضريحا ينهض في المكان تعلوه قبة كبيرة ، فيما عادت الطيور تحلق على ارتفاع شاهق نسبيا ، وحين بلغوا الضريح وجدوا أنه أحيط بسور من القضبان الذهبية ، وحين حاولوا ملامستها لتقبيلها والتبرك من صاحب الضريح ، فوجئوا بالنسور تنقض عليهم مانعة إياهم من لمسها ، فوقفوا على مسافة منها ، وكان في مقدورهم أن يقرأوا بعض الكتابات التي كتبت على جدران الضريح بخط ذهبي واضح
(هنا يرقد جسد الرجل الذي عرف الله وجزءا من الحقيقة ، هنا يرقد جسد الأديب الملك لقمان عليه السلام ، الحاكم المطلق للكون!
التي يبدو أنها له : كما قرأوا بعض العبارات الأخرى
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي!
لا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن شعوري يا إلهي حين أخبرتني أن لا جهنم لديك ، وأنك لا تحمل إلا المحبة لمخلوقاتك.
عجب لآلهة تستطيع أن تقول للأشياء كوني فتكون ، ومع ذلك تبخل على البشرية بهتين الكلمتين وتجعلها تحيا كل هذه الفظائع والأهوال.
من شاء منكم أن يتعبد إلى الله فليحبه من كل قلبه ومن أعماق نفسه ، فلا عبادة عند الله أكبر من المحبة التي ينبض بها القلب وتختلج بها لواعج النفس .
نا روح الحق ، روح الله الذي لا إله غيره .
ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل ، وليس هناك رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ، ومارسوا الحب بالتراضي والقبول ، ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة ، فإنكم بذلك تتقربون إلى الله !
إن مساءلة الله والتساؤل عنه واجب على البشر ، وإني أقول لك أيها الشاب : إن فهمك بعض الناس فأنت عبقري ، وإن فهمك معظم الناس فأنت ذكي ، وإن فهمك الناس جميعا فأنت أحمق!
تستطيع أن تقنع بعض الناس ، وقد تستطيع أن تقنع معظم الناس ، لكنك لن تقنع الناس جميعا حتى لو كنت إلها !
لا يحصد المرء دائما ما يزرع
! قد يدخل جمل من ثقب إبرة ، لكن لن يدخل تاجر جشع إلى قلوب الناس
المادة هي الروح ، والروح هي المادة ، والفصل بينهما مسألة عبثية ، وقد وجدا معا في آن واحد ، ومنهما جاء كل شيء!
الإنسان عقل إن لم يزود بالمعرفة غدا أجوفا كالطبي!
إضافة إلى كتابات أخرى كثيرة من عبارات مأثورة قالها الملك لقمان . .
****
وكان الأديب لقمان بعد أن عثر على القمقم في القبر الذي حفره لنفسه لينتحر فيه ، راح يتخيل أن جنيا ما سيخرج له منه ، وهذا ما كان ، فاستلقى في القبر وأطلق العنان لخياله ليتابع رحلته مع الجني في الكون.
دام تخيله تسعة أيام بلياليها دون أن يذوق أي طعام أو شراب ، ودون أن يشعر بحاجته إليهما ، ودون أن تتمكن وحوش الصحراء من الإقتراب منه ، إلى أن أتم تخيله في اليوم التاسع ، فاصطفاه الله إلى رفقته ، لمشاركته في الخلق ، بأن بث روحه في الكون لتعم في كل الكائنات كما روح الله ، وأبقى على جسده هنا ، ليكون شاهدا على حقيقة الرجل الذي عرف الله وجزءا يسيرا من الحقيقة.
. انتهى
سيزيف:
تحية طيبة استاذ شاهين

لا تدرك مدى سعادتي كون ذلك الحوار كان سببا في وضعك للخاتمة التي طال انتظارها
لو كان هذا الحوارهو النتاج الوحيد .. لكفى.

مشهد ختامي رائع وصادم في آن واحد.
ولولا اسراب طيور حلقت .. وضريح ذهبي نصب
لأصبح الامر برمته توهم خيالي ومجرد حلم

النهاية تؤكد على وجود الله
ولكنها تضيف الكثير لفكرتنا التقليدية عنه نحن فقط القراء.
لكنها لم تغير شيئا في واقع الرواية وما يلبث الضريح أن يتحول الى مقام ولي ضمن مئات الاولياء
كما سرعان ما سوف تمحى الكلمات المنقوشة

هل تعتقد حقا بتغير مستقبل الصحراء ( رمز المجتمع الانساني) ) ..
هل ذلك الاثر الاستثنائي كافيا؟
ليتك قد جعلت الملك لقمان يدون كل ما مر به .. ليقرأه البشر
كأول كتاب حقيقي يمكن نسبته لله

اقتباس :

- هل تعرف هذه المدينة المسماة تلابيب ؟
- سأعرفها يا مولاي !
! أريدك أن تقلبها رأسا على عقب ، لا تبق فيها أي كائن حي -
- أمر مولاي !


هل حقا انه لا أمل الا بتدخل من ملك الملوك؟

انتهز الفرصة وامسك بطرف المناسبة
فلسطين .. وطنا وذاكرة ونزف جرح .. ماذا تعني لك
من المسئول .. ومن الملوم
هل من ثمة امل؟
إيل :
س-هل تعتقد حقا بتغير مستقبل الصحراء ( رمز المجتمع الانساني
هل ذلك الاثر الاستثنائي كافيا ؟
. ج- السؤال ملتبس بعض الشيء ، ومع ذلك سأجيب حسب ما فهمت
الأدب لا يحدث انقلابات وتغييره في المجتمعات تراكمي كمي عبر دوره في تطوير الوعي البشري وصقل وتهذيب النفس الإنسانية ، وذلك لا يحدث بين عشية وضحاها ، خاصة في مجتمعات مثل مجتمعاتنا تقمع أي فكر مخالف ، وحتى يتسنى للفكر المخالف أن يرى النور ويأخذ تأثيره في الناس قد يستغرق ذلك عقودا طويلة . خاصة في مجتمعات يسير التطور فيها سلحفائيا
س- ليتك قد جعلت الملك لقمان يدون كل ما مر به .. ليقرأه البشر
كأول كتاب حقيقي يمكن نسبته لله
ج-الكتاب مدون من قبلي كمؤلف ، وإذا ما تم نشر الجزأين المكتوبين سأجد حافزا لكتابة الأجزاء الباقية.
ويكفي أن ينسب لي كأديب فأنا مستقل عن الله بقدر ما أنا متحد معه
س- هل حقا انه لا امل الا بتدخل من ملك الملوك
انتهز الفرصة وامسك بطرف المناسبة
فلسطين .. وطنا وذاكرة ونزف جرح .. ماذا تعني لك
من المسئول .. ومن الملوم
هل من ثمة أمل؟
ج-على المدى المنظور ليس هناك أي أمل بتحرير فلسطين ، أما على المدى البعيد فالحل الممكن دولة واحدة كما حدث في جنوب افريقيا . وعلى المدى الأبعد لن يكون هناك دولة اسرائيل . لأن اليهود سيضيعون بين العرب ..عدا الأجيال الجديدة التي قد تخلق توافقا ما. .
المسؤول بالتأكيد أنظمة التخلف التي تواطأت مع بريطانيا لإنشاء هذا الكيان، وعجزها وتواطؤها حتى اليوم. لو كان هناك أنظمة حرة يكفي أن تقول لأمريكا والعالم إما نحن وإما اسرائيل ، لا نفط ، لا علاقات اقتصادية ، لا علاقات سياسية ، وأظن أن العالم سيجد حلا مناسبا حينئذ إن لم يضحي بدولة خمسة ملايين يهودي مقابل أكثر من عشرين دولة و أكثرمن 300مليون عربي يشكلون سوقا استهلاكية للعالم كله عدا ثرواتهم.
فلسطين بالنسبة إلي جرح متقيح في نفسي أحمله أينما حللت في حلي وترحالي وفي نفسي .
فلسطين أكبر شاهد في هذا العصر على عدم وجود عدالة إنسانية . ورغم أنني لم أعش في فلسطين يوما واحدا سعيدا ، إلا أنني أحلم دائما بالعودة إليها ، وإقامة منزل على جبل المنطار الذي كنت كثيرا ما أرعى عليه قطيعنا في طفولتي ، والذي تحولت كهوفه إلى مخبأ لي من سلطات الإحتلال حين كنت مقاتلا . عن فلسطين وعن جبل المنطار كتبت معظم قصصي ورواياتي .وكثيرا ما يرد جبل المنطار في قصصي خاصة في (الأرض المغتصبة ) )

_________________
سيزيف:
اقتباس

س-هل تعتقد حقا بتغير مستقبل الصحراء ( رمز المجتمع الانساني) ..
هل ذلك الاثر الاستثنائي كافيا ؟
ج- السؤال ملتبس بعض الشيء ، ومع ذلك سأجيب حسب ما فهمت :


اسئلتي تدور في العالم الافتراضي للرواية ..
بمعنى اخر انا مازلت اطمع في صيرورة للأحداث حتى بعد وضع المشهد الختامي ..
انا اتساءل هنا عن مستقبل قاطني الصحراء بعد اكتشاف جثة لقمان ومطالعتهم للكلام المنقوش ....

إيل :

السؤال طريف .. أظن أنهم سيتبعون دين لقمان ، لأنهم شاهدوا المعجزة بأم أعينهم .
على اية حال نحن أمة تبني حضارتها على الخرافة والأسطورة .. فالأمم
التي صدقت أن الله نفخ في فرج مريم الفلسطينية لتأتينا بالرب يسوع ، وموسى الذي شق البحر بعصاه ، ومحمد الذي صعد إلى السماء ، إلى آخر ما هنالك من خرافات وأساطير ، لا يمكن مخاطبتها إلا بلغة الأساطير نفسها ، ولذلك وجدت في الإسلام مادة خصبة ، فأخذت الشيطان وإسرافيل وميخائيل وجبريل والأفعى
وغيرهم لأعيد بناء الخلق الإسلامي بمنظور جديد ، بشيطان محب لله وخالق للإنسان
لمساعدة الله في عملية الخلق .
وبالمناسبة فكرة أن الشيطان هو الخالق ليست من عندي
لقد قرأتها في دراسة ما ذات يوم !لكني بنيتها بطريقة مختلفة.
.
يا ليت الواقع الإفتراضي يتحقق لانتهت كل مشاكلنا
*****
الأسئلة والتعليقات :
إيل:
اقتباس: truth seeker

بشكل عام لا أحب الحيوانات..
ولا أكرهها..

حلمت مرة أني ألعب مع نمر رااااااااااائع الجمال والجسد والشعر واللمعه والحركه، ومن يومها وللنمر عندي محبة ومكانة خاصة..

أستلطف القطط لأنها من نفس فصيلة النمور

أهاب الأسد..
أحترم الحمار ...
أحب الدب..

فرطتيني ضحك يا تروث .. هنيئا لك بالنمر .. واحترام الحمار إيل :

أنا في غاية السعادة اني رسمت الضحكه على وجهك الطاهر يامولاي !

هل تحب أن أخبرك لماذا الحمار يستحق الاحترام؟؟؟

تروث .. كل جلالي لك يا عزيزتي .. لكن أرجوك وأرجو كافة الزملاء وخاصة ميدو وسيزيف
وكل من يخاطبني ب مولاي أو سيدي .. أو ما شابه . أن تعفوني من هذا التعبير.. أنا زميلكم
وصديقكم .. ولا أحب أن أكون مولى لأحبتي ، ولا تعرفون كم أكره هذه الكلمة وكم أكره الأسياد
أما عن الحمار بل والحيوانات ألأخرى فأنا أعرف معاناتها بالتأكيد ..

*****

ابراهيم خليل:
استاذ شاهين ....استاذ ايل

نعتذر عن التأخير ....

ما اريد السؤال عنه الان هو

رواية الهجرة الى الجحيم .....
وهي رواية نصفها تقريبا على لسان احد المهاجرين اليهود ( او المدعين اليهودية )
والصورة التي رسمتها وكالات الهجرة اليهودية عن ارض العسل واللبن ...ارض الميعاد ...والنصف الاخر على لسان فدائي ضمن مجموعة تحاول أن تساعد هذا المهاجر للهرب من اسرائيل
وفي بداية الرواية ذكرت ان احد المهاجرين قام باعطائك لمخطوطة تتكون من عدة صفحات عن تجربته في اسرائيل.
كما انك كنت منحازا بشكل كبير الى هؤلاء اليهود الذين غرر بهم للتهجير الى فلسطين ( ارض الميعاد)
كما ان القيامة قامت عليك في تلك الفترة التي نشرت بها هذه الرواية الاستثناية
1984

ارجو أن تحدثنا عن ظروف هذه الرواية وملابساتها
نظرتك الى الذين تم التغرير بهم
الفلسفة التي تتمتع بها لتكتب على لسان عدوك ( او بعضهم ) لتبرئ ساحة الذين غرر بهم

ثمة جحيم ما
إيل:
لقد سبق وأن أشرت إلى أنني كنت أعمل في مكتب الدراسات الفلسطينية الذي كان يرأسه الأخ ابو مازن الرئيس الفلسطيني الحالي .. الذي كان يعمل حينئذ على إقامة هجرة معاكسة لليهود بأن يعودوا إلى الأوطان التي جاءوا منها.
(آمل أن لا أكون بهذا أنشر أسرارا دون أن أدري ) وذلك بدعوة الأنظمة العربية إلى فتح أبوابها لعودة اليهود إليها ، ومن المعروف أن يهود الدول العربية يشكلون 68% من مواطني دولة اسرائيل الفكرة لم تكن سيئة ـ لكن من يستجيب لها ، سواء من الأنظمة أو من اليهود أنفسهم ؟ أظن أن الدولة الوحيدة التي وافقت على ذلك هي المغرب ، وأظن أن الباب ما يزال مفتوحا أمام اليهود المغاربة للعودة إلى وطنهم إذا ما رغبوا في ترك اسرائيل والعودة إلى وطنهم .
.. فاليهود المغاربة لم يجبرهم أحد على الهجرة إلى فلسطين ، وكانت هجرتهم طوعية ، بعكس يهود العراق واليمن الذين أرغموا على الهجرة بشكل أو آخر ، حين دفعت الحركة الصهيونية ثمنهم لنوري السعيد والإمام البدر ( آمل أن لا أكون نسيت اسمه )
إذن وبما أنني أعمل في مكتب الدراسات ومعروف ككاتب ، فقد طلب إلي أن أكتب رواية عن معاناة المهاجرين اليهود إلى فلسطين لعلها تساعد في كبح جماح الهجرة .. وقد سبق لي وأن لخصت رواية
للأخ أبو مازن تتحدث عن هجرة اليهود الروس إلى اسرائيل ، عنوان الرواية ( أرض الميعاد) ولا أذكر اسم المؤلف الان ( يوري كوليسنيكوف ) (ضغطت على كومبيوتر ذاكرتي ، فخرج بهذا الإسم.. آمل أن يكون صحيحا ) .. وهي رواية جيدة وتقدم المجتمع الصهيوني كمجتمع عنصري .. وهي صادرة عن وزارة الثقافة السورية كما أذكر . ونسيت اسم المترجم . ( لقد سبق وأن ذكرت أنني بعت حوالي ألف كتاب من مكتبتي الخاصة حين كنت في حاجة إلى نقود خلال اعتكافي للتحول إلى الرسم ، لذلك أفتقد إلى معظم المراجع التي قد أحتاجها.
قدم إلي تقرير كتبه المهاجر البولوني ( أركاديوش بودليفسكي ) الذي ساعدته منظمة التحرير على الهرب من اسرائيل ( كان يعيش في حينه في السويد وعلى حساب منظمة التحرير كما عرفت في حينه . بعكس النتيجة التي وضعته فيها في الرواية . الموت في حقل ألغام مع مجموعة من اليهود والفلسطينيين ، على الحدود اللبنانية . حقل الألغام اسرائيلي طبعا.
لقد وفر إلي كل ما كتب عن هجرة اليهود إلى فلسطين وتم الحصول عليه ..
وهكذا كتبت الرواية وأنا لست مقتنعا بفكرتها . ونظرا لأنني فلسطيني حتى العظم ، فقد وضعت نصب عيني أن اتلافى السلبيات في رواية يوري كوليسنيكوف ، فالمذكور لا يعرف شيئا عن القضية الفلسطينية . وكل ما كتبه هو عن تفرقة دينية وعنصرية وتعصب ديني في المجتمع اليهودي الذي يضم 72 طائفة دينية من شتى أصقاع الأرض . لذلك كتبت رواية القضية الفلسطينية بجانبيها اليهودي والفلسطيني ، وغدت مسألة الهجرة المعاكسة التي يريدها أبو مازن ، مسألة ثانوية عندي . وهكذا أوردت مذبحة دير ياسين التي لولاها لما هرب الفلسطينيون من قراهم ومدنهم ولما أقيمت دولة اسرائيل , وهذا ما صرح به الزعماء الصهاينة أنفسهم.
الحل المطروح في الرواية هو ،" إذا كان بعضكم يرى أنه غرر به ، وأنه بات مقتنعا أن هذا الوطن ليس وطنه ، ليناضل معنا لإعادة الحق إلى نصابه ، فالحل ليس بالهرب بالتأكيد " والمؤسف أن أبطال الرواية من اليهود والفلسطينيين ، الذين يؤمنون بهذا الحل ، عملوا على نقيضه ، وحاولوا مساعدة أركاديوش وطفليه على الهرب ، وكانت النتيجة أن وقعوا في حقل الألغام معه ، لتتناثر أجسادهم أشلاء.
مكتب الدراسات لم ينشر الرواية لخلاف شخصي مع المدير .. كما أنني وضعت في الرواية ما أريد قوله ، فأنا ككاتب حين أكتب أو حتى حين أرسم ، لا أستطيع أن أكون إلا مع نفسي ومع قناعاتي.
ج-2 أنا لا أناقش في الرواية مسألة التغرير بهؤلاء وإن أشارت إلى الحلم بالسمن والعسل واللبن ألذي زرعته الحركات الصهيونية العاملة في الخارج في أدمغتهم ، والذي ينتظرهم في أرض الميعاد . بالتأكيد بعض هؤلاء غرربهم ، وبعض هؤلاْء لم يكن على توافق مع النظام الإشتراكي في اوروبا الشرقية ، وبعض هؤلاء كانوا مدفوعين بحوافز ثراء قد توفره لهم الدولة الصهيونية ، وهذا أمر معروف عن اليهود الذين قال عنهم كارل ماركس اليهودي نفسه ( المال هو إله اليهود المطماع ) اورد النص من الذاكرة.
ج-3 أنا كنت في فتح ، لكن وبما أن فتح ليست انتماءا عقائديا ، أي ليس لديها فكر عقائدي ـ فهي حركة تحرير وطنية يمكنها أن تحوي ما هب ودب يمينا ويسارا ، فقد كنت ماركسيا
وبالتأكيد كتبت الرواية من منظور ماركسي ، ولهذا كان معظم أبطالي من الماركسيين ، وحتى من
المتطرفين منهم كراحيل.
آمل أن أكون قد أجبت على أسئلتك برهوم !!( حلوة برهوم ما) ؟ ،
ابراهيم خليل:
ولكن كان الوصف والتعاطف كبيرا مع هؤلاء
وقد اشار النقاد الى روايتك هذه باصابع الاتهام .....مع ان اكثر من خمس مقاتلين ماتو خلال عملية تهريب أركاديوش.
مع اننا مؤمنين بانسانية المناضل الفلسطيني التي رسمتها في هذه الرواية.

مع ان هناك رواية اخرى ترسم الضد للعدو الصهيوني ( الارض المغتصبة)
ومرحلة التبدل الفكري والنضالي متبلورة تماما بين الروايتين.

ارجو من حضرتك توضيح هذا التبدل

ثمة كل الاحترام ما
إيل :
اقتباس (ولكن كان الوصف والتعاطف كبيرا مع هؤلاء)
لنلق نظرة على الأبطال الرئيسيين من اليهود : أبراهام يشعياهو.. راحيل .. أركاديوش بودليفسكي .
، المهاجر البولوني الذي لا يعرف شيئا عن اسرائيل ولا حتى عن اليهودية كون والدته تنحدر من جذور مسيحية ، وكان يعيش في بلد اشتراكي، والذي خدع كما خدع آخرون بالهجرة إلى أرض السمن والعسل .. ليجد أنه وقع في شرك فظيع ، فالديون أثقلت كاهلة منذ وصوله، عدا الشك في يهوديته وما لاقاه من تفرقة عنصرية ألخ .. ومع ذلك أنا لم أتعاطف معه وإن وضعته في حال يرثى لها ، لقد سقت قصته بموضوعية إلى حد كبير وهو ما يوحي بالتعاطف. .
أبراهام يشعياهو .. الفنان الفلسطيني ألذي يعشق فلسطين ويجسدها في لوحاته ، ويكره الغزاة الذين احتلوا بلده وقتلوا محبوبته واسرته وارتكبوا مجزرة دير ياسين التي كان شاهدا عليها ، ورواها لأركاديوش بكل خلجات نفسه ، ليعرفه بالدولة التي هاجر إليها وكيف تقوم على بحر من الدم ،والذي قتلته الحركة الصهيونية في الرواية.
راحيل العراقية التي هاجرت مع اسرتها عنوة من بغداد والتي تنتمي إلى جماعة يسارية متطرفة وضبط في حقيبتها عبوة ناسفة كانت تنوي وضعها في التخنيون . وجميع هؤلاء يسعون إلى اسقاط الكيان الصهيوني فهل وكما نسجت شخصياتهم لا يستحقون التعاطف معهم؟
بالمناسبة الرواية كتبت لتترجم ولتخاطب الإنسان الأوروبي وليس العربي بالدرجة الأولى . وهذا ما لم يتم لخلافي مع مكتب الدراسات.

حسب ما أعرف هاجم الرواية ناقد واحد وصحفيان ، وهناك نقاد كثيرون كتبوا لصالح الرواية بل واعتبروها نمطا جديدا في الأدب الفلسطيني .. والذين انتقدوا الرواية انتقدوها من منطلق عصبوي
لا يرى في اليهودي إلا عدوا وحشيا ينبغي قتله حتى لو كان مثل كارل ماركس ، أو ماركس نفسه.
الطريف في الأمر أن بعض من هاجموا الرواية يرتمون في أحضان اسرائيل الآن أو يكادون !!
اقتباس :(مع أن هناك رواية اخرى ترسم الضد للعدو الصهيوني ( الارض المغتصبة)

ومرحلة التبدل الفكري والنضالي متبلورة تماما بين الروايتين .
ارجو من حضرتك توضيح هذا التبدل؟

إيل : أولا : العدو الصهيوني ممثل في مجزرة دير ياسين في رواية الهجرة ، ومجزرة دير يايسين كما سردت تفاصيلها أبشع من أية مجزرة في الأرض المغتصبة ، وعلى هذا الأساس ليس هناك أي تبدل أو تغير في فكري .. كنت ماركسيا وما زلت ، وإن حاولت في السنين الأخيرة وبعد انهيار الإتحاد السوفيتي وتعرضي لظروف صعبة وقاهرة ، أن اعود إلى روحانية الشرق لأفيد منها مادية الغرب ، لأجد توافقا بين المعرفتين في شخصيتي ، وأظن أن فكرة الإله غير الكامل والذي ما زال يبحث عن كمال ما وبمساعدتنا نحن ، فكرة لم يسبقني إليها أحد ، وآمل أن لا أكون مخطئا . على أية حال هي فكرة أقرب إلى الفكر المادي منها إلى الفكر المثالي ، وأظن أنني ذكرت أنني أطلق على
فلسفتي تعبير ( المادية الروحية )

: ابراهيم خليل
لننتقل الان الى رواية الارض المغتصبة .....الغير مكتملة الاجزاء. ....

قبل كل شيء عندي سؤال بسيط ولكني اعتقد ان اجابته تطول وستعيدك الى ذلك التاريخ ....
ماقبل ايلول الاسود وبعد
عامر الليثي .....المناضل الشاب .... بدايته ...وبداية مرحلته النضالية حتى مماته ....
اين يتقاطع معك ...ككاتب ؟؟؟؟

ثمة رواية ما
إيل:
ج- في تلك الفترة من حياتي كان حلمي أن أكون جيفارا .. لكن وللأسف كانت المسألة صعبة وتكاد تكون أصعب من حلمي بأن أكون ملكا.
في الرواية التي أحاول فيها أن أؤرخ للثورة الفلسطينية ، اعتمدت على جانب من تجربتي الشخصية كمقاتل خلال وجودي في الأرض المحتلة ، وما لم أستطع تحقيقه عمليا في الواقع نتيجة لظروف صعبة ومعقدة ، حققته على الورق ، بأن أعدت تشكيل ما كنت أحلم به أدبيا .. تجربتي الحقيقية ما تزال سرا لأن الإحتلال ما يزال جاثما ولا يمكن البوح بها ، لأن في ذلك فائدة للإحتلال !!على أية حال هي تجربة مثيرة جدا ، وأكثر إثارة من أي شيء كتبته حتى الآن في هذا الحوار.
الأفكار التي يحملها عامر الليثي في الرواية هي أفكاري حين شرعت في كتابة الرواية بعد خمسة عشر عاما من حدوثها معي ، وهي تختلف تماما عن أفكاري في حينه ، وهي إذا ما استثنينا الجانب الوطني منها ، كانت متخلفة جدا ورومانسية !! كذلك وضعت بعض أفكاري في شخصية غالية .. أقصد فكري الحالي والذي كان متشكلا عند الشروع في الرواية
للأسف يا عزيزي وكما ترى لن أطيل لأن الأمر ما يزال سرا ولا أريد أن افجر قنابل ، كذلك لا أريد أن أتاجر بفلسطين.
ابراهيم :عزيزي شاهين

لا نريد بالطبع افشاء الاسرار التنظيمية

ولكن ما يهمنا هو العمل الروائي كعمل روائي ...لم يكتمل حتى الان ...
عامر الليثي ...
ام عامر
سليم
ابو كمال
الضرير
القائد العام ...
الشيخ
والاعجف ...ذلك التنظيم الذي عممته في روايتك ...اي وضعت كل عيوب التنظيمات الاخرى بهذا التنظيم الاعجفي

والكثير من الخطوط المتشابكة التي ادخلتها داخل هذه الروايه، حتى انك قاطعت الراوي في الجزء الثاني.

لذا حدثنا عن هذه الرواية ,,,وشخوصها

ثمة رواية ما
إيل:
ليس بالإمكان الجزم بنهاية كل شخصية في الرواية .. فخلال الكتابة قد تطرأ تغييرات كثيرة نتيجة لمعايشة الحالة كتابة وتطور الأحداث والمواقف .
.. لكن المؤكد أن القائد العسكري سينتصر على عامر الليثي في معركة مواجهة تودي بحياة الكثيرين من جنود الإحتلال .. مما يضطر القائد العسكري إلى رفع قلنسوته والإنحناء أمام جثمان عامر الليثي ومن ثم تأدية التحية له.
الأعجف انتهى دوره وتناسخ بحيث لم يعد الراوي قادرا على معرفته من بين القيادات
.والغريب في الأمر أنني كتبت فصل تناسخ الأعجف في الزمن الذي لم يكن فيه التناسخ قد عرف بعد ( طبعا التناسخ يتم لاحقا لكن استبقت زمنه في الرواية)
الشيخ علي (ممثل البرجوازية الوطنية ) ينتهي بوضع عبوة ناسفة من قبل سلطات الإحتلال ، في سيارته ، تؤدي إلى بتر ساقية
غالية تستشهد مع عامر
أبو كمال ينضم إلى حماس
أم عامر تبقى كما هي . الأم الفلسطينية التي لا تهزم مهما تكالبت عليها المحن
أبو عائد يلتقي ابنه عائد في السجن ويتعرفان واحدهما إلى الآخر . يخرج أبو عائد من السجن بعد انتهاء محكوميته ، وحين يصل إلى البلدة يرى جنازة تخرج منها ، وحين يسأل عنها ، يفاجأ بأنها جنازة أم عائد
السمسار حسن ينتحر إلى جانب جثمان زوجته في القبر الذي حفره لهما
الدكتور سليم يتابع النضال مع تغيير في النهج السياسي
وكون الرواية تاريخية إلى حد ما فهي تستقي أحداثها من الواقع الفلسطيني وتغيراته
وهناك شخصيات كثيرة أخرى لن يعرف مصيرها إلا خلال الكتابة
إيل:
تمنياتي الحارة للزميل العزيز سيزيف بالشفاء العاجل ، اثر حادث السير الذي حدث معه .. ونأمل أن نراه قريبا بيننا ليتابع جهوده المشكورة في الموقع ، وبشكل خاص لما بذله من جهد في إجراء هذا الحوار معي. .
ألف سلامتك يا عزيزي) .)
ابراهيم خليل:
الان ....

وفي هذه الايام التي تعيشها فلسطين بجو مليء بالمجازر والفيتو الامريكي ......

اين تجد عامر الليثي .........
واين تجد الاعجف ......
وام عامر ....
وذلك الضرير

ثمة ؟......ما
سيزيف:
جزيل شكري استاذ شاهين ..
انا الان افضل حالا ..
اتابع باهتمام سير الحوار الرائع ..
ولي عودة بالتأكيد ..
محبتي واحترامي .
****


إيل : رد على أسئلة ابراهيم الأخيرة :

بدءا لا بد من القول أنني انتهيت من الجزء الثاني من الرواية عام 1989، بحيث لم تكن الأمور اللاحقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية قد توضحت بعد ،وهذا يعني أن الرواية وإذا ما ظلت مفتوحة على الأفق الفلسطيني ستضطر إلى إدخال شخصيات جديدة فيها لتشمل القضايا المستجدة .كما أنني اود التنويه إلى أن الرواية ليست تأريخية بقدرما هي تاريخية ، أي أنها تستقى مادتها من التاريخ دون أن تلجأ إلى التأريخ.
عامر الليثي .. المناضل الذي يحمل طموحا كبيرا ليس لتحقيق حلم فلسطين المستقبل فحسب بل العرب أيضا والعالم قاطبة ، فهو صاحب مشروع انساني يرى في تحرير فلسطين مشروعا انسانيا يهم العالم كله . وباستشهاد عامر الليثي تم وأد هذا الطموح ، وهذا ما أظن أنني كنت موفقا في استشرافي له ، وإن كان استشهاده من ناحية ثانية يأتي ضمن رؤيتي التاريخية للبطل الفلسطيني ، الذي ينتهي دائما بالشهاده،بدءا من جليات الذي قتله الملك داود بالمقلاع حسبما يرد في التوراة ، مرورا بالقسام وعبد القادر الحسيني وانتهاء بياسر عرفات .. البطل الفلسطيني لا ينتصر
إذن المشروع الليثي والذي تمثله قوى اليسار الفلسطيني حينئذ ، هزم ، وكذلك هزمت معه قوى اليسار العربي، والمشروع البرجوازي الوطني الذي تمثله فتح،هزم ، فكان لا بد من ظهور حماس والجهاد و العودة إلى الوراء وظهور التيارات السلفية .
وظهور هؤلاء لا يعني الصواب .. لكن ضمن الشروط الإجتماعية القائمة ، لا بد منه . وأظن أننا بذلك نعود إلى 1-1-65
حين انطلقت الثورة الفلسطينية رافعة شعار تحرير كامل التراب الفلسطيني ..غير أن التيار السلفي أدرك عاجلا وبعد فوز حماس أنه يناطح بقرون من طين ، فأعلن موافقته على هدنه لخمسين سنة!!
. لن أتطرق كثيرا إلى السياسة لأن موضوعنا ليس سياسيا وإن كان يتطرق إلى قضايا سياسية .
الكيان الصهيوني مشروع امبريالي صرف ، ولا يهمه على الإطلاق لا اليهود ولا غير اليهود ، تهمه مصلحته فقط ، والحفاظ على مصالحه . لو كان المشروع يهوديا لقبل بشروط الحد الأدنى الذي وافق عليه الفلسطينيون ، دولة فلسطينية على 22% من كامل التراب الوطني الفلسطيني.
وهل يحلم الصهاينة بحل أفضل من هذا إذا كانوا يفكرون بمستقبل أبنائهم في محيط معاد لم يكتب التاريخ لأي غاز أن يبقى فيه ، بدءا بالإغريق فالفرس فالرومان فالتتر والمغول فا لعثمانيين فالإنكليز والفرنسيين .. إن أسخف عقل يمكنه أن يلمس هذه الحقيقة ، وإذا كان لديه أمة يفكر في مصيرها ، عليه أن لا يتجاهل هذه الحقائق التاريخية.
بالأمس صدر الفيتو الأمريكي رقم 36 منذ عام 1986الذي يرفض إدانة إسرائيل
إذن وكما يقولون ( إلي بدري بدري واللي ما بيدري بيقول كف عدس ) وإلى الذين لا يعرفون بماذا يضرب هذا المثل سأورد قصته.
يحكى أن رجلا فاجأ زوجته وهي تختلي مع عشيقها على بيدر العدس الذي يمتلكه ، فما كان من العشيق إلا الهرب حاملا بيده مقدارا من العدس .. وفيما كان الزوج يعدو خلفه ، كان يردد ( كف عدس ) ليعتقد الناس أن الزوج يلاحقه من أجله . وهكذا ضرب المثل !
وعليه يمكننا القول : إلي بدري بدري ولي ما بدري بيقول الوطن القومي لليهود !!علي الطلاق من ذراعي أن تسعين في المائة من اليهود يدركون تماما أن ابراهيم الخليل لم يوجد يوما ، وأن التسمية أو اللقب تعود إلى ولاة القرى الذين كان يطلق عليهم أبراهام ، ولا أعرف مدى علاقة هذه بالإبراهمن عند الهندوس .. أي كان هناك مئات المخاتير البراهميين .
ملاحظة : الأبحاث الأخيرة أثبتت أن شخصية ابراهيم مستوحاة من البراهمانية الهندوسية
*****
أظن أن الأعجف ما يزال موجودا بعد تناسخه ، وإن اختلفت مواقعه
أم عامر موجودة بالتأكيد في شخص الأم الفلسطينية
الأب الضرير يمثل حالة إنسانية أكثر منها وطنية.الرجل الكفيف الذي يرى ببصيرته لا ببصره **********
سيزيف :
تحية طيبة استاذ شاهين
اشكر لك اهتمامك
واعتذر عن انقطاع الحوار
وشكرا للصديق ابراهيم على استكماله كأفضل ما يكون

العبد السعيد
ومأساة ان تنمو كأقحوانة بحقل من شوك

قصة جميلة بعد انتهائك من قراءتها تصاب بمزيج من غضب وشجن ..

العبد سعيد بقوته ومهارته وحظه التعس
النساء اللواتي يعانين دوما وابدا من لظى الظمأ
الشيخ على .. مثال حي لجمود مجتمع خارج الزمن ويسيطر عليه تماما هاجس الجنس العبد قعدان رمز الخضوع لسطوة المجموع والعادات والموروثات البالية

وانا التهم سطور تلك القصة لم يفارقني الاحساس المصاحب لقصة نار البراءة ..
هل يمكن القول انها تنويع على نفس الموضوع وحضور لنفس المكان بما يحويه من بشر وصور لعلاقات مشوهة.
ما هي الفكرة التي اردت ايصالها لنا من خلال خضوع الطبيعة والحيوان لسعيد
هل يمكن لنا ان نعتبر سعيد هو رمز لكل مضطهد وملاحق بسبب تميزه في مجتمعه الآسن ..
؟ واخيرا هل يمكنني ان اتطرف فأدعي وجود اصداء لشاهين الانسان في سيرة العبد سعيد
إيل:
عزيزي سيزيف
هل في مقدورنا الآن القول حمدا لإلهنا على سلامتك ، وإلا سنؤجلها إلا ما بعد فك الجبس ؟
( في كل الأحوال نحمد إلهنا على سلامتك طالما أنك نجوت من الحادث .. )
والآن إلى الإجابة:

في الإمكان القول أن قصة( العبد سعيد) هي فعلا محاولة أخرى من محاولاتي المتعددة لإلقاء الضوء على ما تزخر به مجتمعاتنا من ظلم واضطهاد ، يقع في الغالب على المسحوقين والفقراء فاقدي الحيلة ، لتغيير واقعهم المزري.
في العبد سعيد تلتقي مصلحة الطرفين الإقطاع والسلطة الحاكمة حينئذ .. الإقطاع يخصي سعيد تخوفا من قوته المستقبلية وما يمكن أن تفعل حتى بالنساء، والسلطة تقطع أصابع يده للسبب ذاته بعد أن كبر وراح يعوض ما فقده من طاقة جنسية بمهارة خارقة في العزف على الآلات الموسيقية الشعبية ، مما حدا بالنساء إلى التعري أمامه والجلوس بخشوع . فعل النسوة يشير إلى إحساسهن بالظلم الذي وقع على سعيد والواقع عليهن بشكل أو آخر في الوقت نفسه . أما لماذا التعري على وجه التحديد ، فيمكن القول أن النساء كن يشعرن بالحنين العميق إلى الجنس في ألحان سعيد ، وربما بالفجيعة لفقدانه هذه الغريزة ، وكذلك ملامسته بشكل أو آخر لكبت جنسي تعاني النسوة منه ، في مجتمع يعامل المرأة كأمة ، ويمكن القول أنهن كن يشعرن في عزفه بنداء حار لممارسة الجنس ، فيتعرين أمامه مع إدراكهن أنه خصي ولن يفعل اي شيء ،و في الوقت نفسه كن يعبرن عن تضامن معه.
يمكن للقصة أن تلامس الواقع المعاصر بمنع الأدباء والفنانين وحتى السياسيين والمفكرين من التعبير عن واقعهم بحرية .. العبد سعيد كان قويا وموهوبا ، فتم قتل قوته وموهبته الخارقة في الموسيقي .. ولا يختلف قتله عن قتل موهوب في مجال آخر من مجالات الإبداع والفكر .. فبماذا يختلف قتل حسين مروة أو فرج فوده عن قتل العبد سعيد ؟ قتل الإبداع أيا كان هو نفسه .
بالتأكيد. القصة تلامس بعض جوانب حياتي ، فأنا عازف على الآلات نفسها ورعيت الأغنام وأنا من قتلت كأديب بتحطيم طموحي وحتى الخصاء يطالني كما يطال الآخرين وإن بشكل مختلف .. الشعب العربي من المحيط إلى الخليج مخصي بكل معنى الكلمة.
الذين حولوا القصة إلى سيناريو سينمائي ركزوا على هذا الجانب الأخير من الإخصاء ، وآمل للسيناريو أن يرى النور وأن لا ينضم إلى سيناريوهاتي ورواياتي ويبقى أسير الأدراج.
النهاية في القصة تشير إلى مجتمع يقتل نفسه بنفسه .. فقتل الفرد وطاقات الفرد تؤدي في النتيجة إلى الخواء والعطالة والتخلف فالقتل . . وهذا ما حدث لقطيع الإقطاعي وسكان البلدة .. فقد فتكت به الذئاب حين لم يعد سعيد قادرا على حمايته .. أليست اسرائيل قادرة الآن على هزيمة الدول العربية مجتمعة في أي حرب ؟
خضوع الحيوانات لسعيد ناجم عن تطويعها على صوت الموسيقى ، وهو وإن بدا اسطوريا إلا أنه ممكن جدا وأنا كنت أفعل شيئا من هذا مع قطيعنا لكني لم أكن بالمهارة االتي صورت سعيد عليها وبالتالي كان تطويعي مختلفا. الحيوانات بشكل عام تحب الموسيقى وتدر حليبا أكثر فيما لو اسمعت موسيقا كل يوم.
سيزيف :
تحية طيبة للزملاء الاعزاء

تلبية لرغبة الاستاذ شاهين .. واتساقا مع سير الحوار
اصبح الان الشريط متاحا لتداخلات الاعضاء وتساؤلاتهم مع الفنان الكبير ارجو للجميع الاستفادة والاستمتاع.
ولي عودة مرة اخرى معك استاذنا الجميل قبل الختام.
سيزيف:
يسعدني ان انقل هنا مداخلة الصديق العزيز والمتميز زمكان )
وفي انتظار بقية مداخلات الزملاء الاعزاء) ..

اقتباس

لا أزعم أني قرأت كل ما ورد في اللقاء , عسى أن يسعفني وقتي الضيق في استكماله .

ثمة أسئلة جالت في خاطري وأنا أقرأ بعض ردود الأديب محمود شاهين , ولا أستطيع نفي شعوري بالامتعاض والتطيُّر من حال المثقفين العرب المزري , ولهذا على الأرجح ستكون أسئلتي عن هذا المحور دون غيره.

- هل يتعين على المثقف , ليعيش ويصبح موجوداً , أن يكون كلب حراسة للسلطة , أم أنه كائن محكوم عليه بالإعدام ( مع وقف التنفيذ أو سريانه ) وكم مرة استلم شاهين صكاً بإعدامه , ثم كم مرة رفض أن يكون كلب حراسة؟
- بين الأدب والفلسفة علاقة جدلية قديمة , كان أفلاطون يكتب بأسلوب أدبي لا يضاهيه أي أديب عادي , وكذلك فعل الكثيرون كابن عربي وابن طفيل , وفي العصور الحديثة تعقدت هذه الجدلية أكثر مع سيوران وآخرون , هل هذا لصالح الفلسفة أم الأدب؟ , ولماذا ؟

- يقول غسان كنفاني " في الواقع خيال أكثر من الخيال نفسه " وحسبي أن هذه مقولة واقعية - تلجأ للبحث عن نتوءات جديدة - تغزوها وتبحث في مجاهيلها عوضاً عن الميتافيزيقيا التي لا نصلها لا بقارب ولا بشراع . هل نحن كائنات مريضة جداً , مسحورة جداً , بهذا الواقع , أم أن ثمة فراغ - لا تلحظه العين المجردة - يتوارى خلف هذه النقطة أو تلك ؟

- لو ساعدك الله , أو الطبيعة , أو الظروف , في أن تعيش عيد ميلادك المائة , أي أمنية كنت لتتمناها وتنشد تحقيقها ( أي أمنية اطلبها مهما كانت ) .

مع وافر التقدير لشخصكم الكريم ..
إيل:
اقتباس : الله ):

الزميل الكبير و الأخ العربي الجميل العزيز حبيبنا شاهينئيل
أشكرك اولا بالغ الشكر على طرحك تجربتك و سيرتك الذاتية بكل حب و صراحة و أخوية رقيقة..... لم تغب عني كلمة واحدة مما كتبت هنا ... أولا بأول كنت أزور حروفك المنحوتة من صخرة الزمن الفلسطيني المعتر.... و أكاد أجزم أنك السبب الذي أصاب المنتدى بالركود للفترة الماضية... ... الجميع استمتع بالحوار الذي اظنه بدأ من شهر رمضان الجوعان. شخصيا أشعر بالفخر بوجودي هنا معكم و أتمنى لو أن الآخرين ممن هم في مقام حضرتكم أن يفعلوا مثل هذا و يتواضعوا لنا ههنا.......... يعني ألا يحق لنا الكلام مع محمود درويش أيضا لنأخذ رأيه باللي .. ..سمعناه... ............ هاي قبلة على جبينك يا كبير...... انا امزح مع إلهك الصوفي ليس أكثر...
لي اسئلة بسيطة لو تكرمت تجب على اي منها:..............

ما هي المرحلة في حياتك التي تود لو أنها لم تكن .. تابعناك بجدية... فخد بالك و لا تتسرع

هل تعتبر نفسك شخصا مغامرا و ما هو رأيك بهكذا تجارب... أقصد الحياة النمطية المغامرة..

هل أتتك فرص ندمت عليها؟

ما هو سبب أو اسباب نجاحك الرئيسية؟ المرأة مثلا

ما هو معتقد حضرتكم الديني .. لاتدري

ما رأيك بالملحدين بشكل عام و بهذه المنتديات المشاكسة أيضا

لو طلبت منك اسم كتاب أو مجموعة من أفضل الكتب تعتقد أن على الواحد أن يمر بها.. فما هي؟

و لك الحب حتى ترضى
_________________
إيل:
عزيزي زمكان .. أسعدني حضورك ..وكنت قد حضرت الإجابة على الوورد ولم يبق غير السؤال الأخير .. ورغم حفظي للمادة إلا أنها ضاعت وكم حاولت استعادتها من سلة المهملات ..غير أنني لم أعثر عليها .. رغم أنني استعدت ما هب ودب فلم أفرغ السلة منذ قرن !! لذلك سأكتفي هذا الصباح بما لم يضع مني .. على أمل العودة مساء لإعادة الإجابات ..
وأرجو من الزملاء عدم طرح الأسئلة قبل استكمال إجاباتي عن أسئلة الزميلين سيزيف والله .
اقتباس زمكان : هل يتعين على المثقف , ليعيش ويصبح موجوداً , أن يكون كلب حراسة للسلطة , أم أنه كائن محكوم عليه بالإعدام ( مع وقف التنفيذ أو سريانه ) وكم مرة استلم شاهين صكاً بإعدامه , ثم كم مرة رفض أن يكون كلب حراسة؟?


ج- بالتأكيد لا .. لا تتطلب ضرورة وجود المثقف أن يصبح كلب حراسة .. بعض المثقفين يستطيعون أن يناوروا ضمن هامش الحرية الموجود أو يلجأوا إلى الرمز .. وهذا ما فشلت أنا فيه !! المشكلة أن الخصوم ليسوا السلطة- أ ية سلطة- فحسب ، بل الناشرون أيضا .. فالناشر لا يغامر بنشر كتاب يتطرق إلى الدين من وجهة نظر مختلفة ، وكذلك الجنس والسياسة ..( التابو الثلاثي في الوطن العربي بل والإسلامي ). ولن أنسى المجتمع بشكل عام الذي روض على عدم تقبل الفكر المغاير .. لقد حاولت نشر الملك لقمان وغوايات شيطانية في أكثر من ستة بلدان عربية وفشلت . ولو انني ناورت وتحايلت لكتبت اكثر من عشرين رواية .. وهذا ما لم أستطعه ولم أفكر فيه ، لأنني كنت أفكر في إيصال رسالتي بشكل واضح وصريح .. حتى أن الذين كتبوا ترميزا كنجيب محفوظ في أولاد حارتنا حوربوا وجرت محاولات لقتلهم . هامش الحرية أمام الكاتب ضيق جدا ولا أمل على المدى المنظور .. وأملنا أن يتحقق لأجيالكم ما لم يتحقق لنا .. ونأمل أن تتذكرونا وتتذكروا أننا حاولنا .. لكن ما باليد حيلة كما يقولون. ..

فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال .. أكثر تهديدات بالقتل تلقيتها بعد صدور رواية الأرض المغتصية . ومعظمها ممن كانوا يظنون أن الأعجف في الرواية هو ياسر عرفات ، خاصة وأن مصمم الغلاف استلهم لوحة الغلاف من وجه ياسر عرفات . أما أقلها فكان من مسؤول تنظيم صغير وضعت بعض الشعارات التي كان يرفعها في الرواية ، فعرف نفسه .. لكن التهديدات تلاشت أثر مقابلة معي في الحياة اللندنية وضحت فيها أن الأعجف هو سلبيات القيادات الفلسطينية كلها وليس ياسر عرفات تحديدا .. ثم إن ياسر عرفات يظهر في الرواية باسم الختيار وهو ما كنا نناديه به .

وفيما يتعلق بالشق الثالث .. لم يعرض علي يوما أن أكون تابعا لسلطة أو كلب حراسة كما أسميته .. فأنا لا أملك الأرضية التي تؤهلني لذلك ، فالسلطة تختار تابعيها حسب كتاباتاتهم ، أما إذا لم يكن ثمة كتابات تمهد لاختيارهم فكيف ستعرفهم ؟ وكان يكفي أن امتدح اي نظام عربي على موقف ما لأقبض .. ويسعدني أنني لم أقدم على ذلك .. وذات مرة تعاطفت مع موقف لزعيم عربي وحاولت أن اورد اسمه في قصيدة ضد التطبيع مع إسرائيل ، فلم يقبل أحد أن ينشر القصيدة لأنني أوردت اسم الزعيم مع اسم رابين !!مع أنني استهجن أن يكون هو مثل رابين !!كان الحديث عن التطبيع وقتها على اشده إلى درجة بتنا فيها على وشك أن نقتنع أن فلسطين هي اسرائيل.
إليك مقطع من آخر القصيدة وهي طويلة
.) فأنا لا أتصور أن تكون الدلعونا (هاكيفاه ) ( تحوير لإسم النشيد الوطني الإسرائيلي )
وأن تكون ترشيحا بتاح تكفا
وأن تكون القدس اورشليم
وأن يكون عبد الناصر بيغن
ويكون ................ رابين ( النقط بدل اسم الزعيم العربي .. حتى الآن أخاف أن افهم خطأ ولا أضع اسمه)

وأن يكون الله يهوة أو إيل
وتكون فلسطين اسرائيل
فإما أنا وإما هي
وإما المستحيل .
**********
تصور أن أحدا لم يفهم أنني أمجد الزعيم وأعتز به .. يعني باختصار حتى لحظات صدقي مع الزعماء لا تنجح معي .. يعني لا أعرف كيف أنافق .... يا عزيزي النفاق مهنة صعبة جدا..
في الثورة الفلسطينية .. كان هامش الحرية عندنا واسعا جدا .. ولم نكن في حاجة لا إلى النفاق ولا إلى إعلان الولاء . وكنت معارضا لما لا يرضيني منذ بداياتي في الثورة.. كإعدام فدائي فلسطيني لأنه أحب بنتا لبنانية ، أثيرت حوله شكوك ربما لم تكن مؤكدة. وكتبت عن ذلك الأمر قصيدة. أعدم
إيل:
اقتباس زمكان : بين الأدب والفلسفة علاقة جدلية قديمة , كان أفلاطون يكتب بأسلوب أدبي لا يضاهيه أي أديب عادي , وكذلك فعل الكثيرون كابن عربي وابن طفيل , وفي العصور الحديثة تعقدت هذه الجدلية أكثر مع سيوران وآخرون , هل هذا لصالح الفلسفة أم الأدب , ولماذا؟
ج- العلاقة بين الفلسفة والأدب علاقة جدلية قديمة ، وقد سبق الأدب الفلسفة بآلاف السنين وبذلك مهد لها كونه كان يحمل أفكارا فلسفية بشكل أو آخر
ملحمة جلجامش السومرية أقدم ملحمة أدبية في التاريخ مكتشفة حتى الآن ( حوالي 3000 سنة ق.م.) بينما لم تظهر الفلسفة بأهم تجلياتها إلى في منتصفات الألف الأول ق.الميلاد ).
لا أظن أنه في مقدور أحدهما أن يتخلى عن الآخر . وبالتأكيد هو لصالح الإثنين معا .. الأدب العظيم لا بد أن يستند إلى فلسفة تساعد في نهوضه إضافة إلى العناصر الأخرى كاللغة ..
اقتباس زمكان : - يقول غسان كنفاني " في الواقع خيال أكثر من الخيال نفسه " وحسبي أن هذه مقولة واقعية - تلجأ للبحث عن نتوءات جديدة - تغزوها وتبحث في مجاهيلها عوضاً عن الميتافيزيقيا التي لا نصلها لا بقارب ولا بشراع . هل نحن كائنات مريضة جداً , مسحورة جداً , بهذا الواقع , أم أن ثمة فراغ - لا تلحظه العين المجردة - يتوارى خلف هذه النقطة أو تلك ؟
ج- أنا لا أتفق مع هذه المقولة ، فما يجري في الواقع هو واقع لا يفوق الخيا ل ،لأن الوجود برمته نتاج خيال ، ، وما الواقع إلا نتاج نتاج هذا الخيال ، وحين يتوقف الخيال سيتدمر الوجود
الخيال ضرورة .. وحين نعرف مبررات وجودنا والغاية منه نستطيع أن نرقى بخيالنا إلى ما هو أرقى وأجمل ، بغض النظر عما إذا كنا مرضى أو مسحورين.

- اقتباس زمكان : لو ساعدك الله , أو الطبيعة , أو الظروف , في أن تعيش عيد ميلادك المائة , أي أمنية كنت لتتمناها وتنشد تحقيقها ( أي أمنية اطلبها مهما كانت)
ج- في بداية حياتي حلمت بأن أكون ملكا ، وفي كهولتي حلمت بأن أكون ملكا كالملك لقمان ، فما الذي سيكون عليه حلمي في سن المائة ، بالتأكيد أن أكون الله
******
إيل :
جزيل شكري عزيزي الله على المتابعة والإطراء
اقتباس الله : ما هي المرحلة في حياتك التي تود لو أنها لم تكن.. تابعناك بجدية... فخد بالك و لا تتسرع .
ج- مراحل كثيرة يا عزيزي ويمكن تلخيصها منذ ولادتي حتى بداية نشر أول قصة لي .. يعني أن الغي حوالي 25 سنة من عمري !وفي الإمكان إضافة مراحل أخرى لكن هذه هي الأهم. اقتباس ألله : هل تعتبر نفسك شخصا مغامرا و ما هو رأيك بهكذا تجارب... أقصد الحياة النمطية المغامرة..
ج- لم اكن مغامرا في يوم ما .. وأكره الحياة النمطية .

اقتباس الله: هل أتتك فرص ندمت عليها
ج- لم يأتني أية فرص تستحق الندم .. لكن إن أردت أن يكون السؤال أشمل عن الندم، فقد ندمت على بعض مواقفي في الحياة.
؟ اقتباس ألله: ما هو سبب أو اسباب نجاحك الرئيسية؟ المرأة مثلا
. ج- أسباب نجاحي النسبي جلدي ومثابرتي واجتهادي .
اقتباس الله : ما هو معتقد حضرتكم الديني لاتدري
ج- بل أدري ..أنا صوفي .. ومعتقدي هو الصوفية الحديثة .. وأنا أؤمن بإلهي إيمانا كبيرا ، وإن كنت أدرك أن إيماني مجرد اجتهاد يفيد كثيرا من فكر سبقه .
. ويتناقض كثيرا مع معظم طروحات الفكر الإسلامي وأفكار دينية أخرى ..
اقتباس ألله : ما رأيك بالملحدين بشكل عام و بهذه المنتديات المشاكسة أيضا
ج-الإلحاد القائم على ثقافة مقبولة يقود إلى الإيمان الحقيقي بالوجود ، أي إلى الأيمان الحق !! اما القائم على ثقافة هوجاء فهو مجرد ترهات .( حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله ) معرفة الله تأتي من ذروة الإلحاد ، أي حين نصل إلى عدم وجوده نكون قد وصلنا إليه.
المنتديات أدت رسالة عظيمة كنا في حاجة إليها منذ زمن.
اقتباس ألله : لو طلبت منك اسم كتاب أو مجموعة من أفضل الكتب تعتقد أن على الواحد أن يمر بها.. فما هي؟

ج- لو أنك حددت لي اهتماماتك لكان أفضل .
فإن كنت تهتم بالأدب عليك بأمهات الأدب العالمي :
الإلياذة – هوميروس
الكوميديا الإلهية – دانتي
دون كيشوت – ثربانتس
فاوست – جوته
وأضيف بعض أعمال دوستويفسكي وشارلوت برونتي وكازنتزاكي وشكسبير .. وهناك أسماء كثيرة تستحق القراءة .
حسب رأيي أعظم أديب أنجبته البشرية .. دوستويفسكي ..ولن تنجب مثله .
إن كنت تهتم بالقصة القصيرة عليك بالعملاقين تشيخوف وعزيز نيسين ، ومن العرب يوسف ادريس وزكريا تامر .
إذا تهتم بالثقافة بشكل عام عليك بقصة الحضارة .. لكن هذه ضخمة جدا .. 42 جزءا . وجيد أن تقرأ في الديانات والأساطير
..فهناك كتب كثيرة ..
إيل:
اقتباس: باخوس
تحية عطرة للمشرفين على هذا المنتدى,وشكر خاص للزميل سيزيف على حسن إجراءه للحوار,و أتمنى أن يكون بألف خير

تحية ملؤها الجمال للأستاذ شاهين,وأقول أني لم أستمتع بالحوار فقط,بل احترقت لاحتراقك,واشتعلت فرحا لاشتعالك,وتلك خاصة الكبار,الذين ينحتون وحدهم من الكلمة عوالم ,تسمو باليومي نحو الجمال
سؤال/ عزيزي و أستاذي شاهين,حين يصرخ إيفان كارامازوف ومعه دويستوفسكي,**لاتستحق معارف العالم مجتمعة ,دموع الأطفال** بم يرد شاهين؟ فائق الشكر....
جزيل شكري عزيزي باخوس --
رغم أن دوستويفسكي كان متاثرا بالمسيحية إلا أن الشك في وجود إله عادل لم يغب عن باله يوما ،ولم تكن المعرفة التي اطلع عليها حينذاك كافية لأن تشفي غليلة وتضع حدا لقلقه ، وكان بالتأكيد يتعامل معها كاجتهادات فكرية لم تبلغ حقيقة مقنعة ,, وبقوله هذا كان يدين المعرفة البشرية العاجزة عن سبر ما وراء الوجود .. وهذا يذكرني بسجود راسكولنيكوف في الجريمة والعقاب أمام العاهرة سونيا ،وقوله (إنني أسجد أمام عذابات البشرية )لقد رأى في عذابات سونيا عذابات البشرية .
وراى في دموع الأطفال ألا عدالة في العالم .آمل أن تكون إجابتي مقبولة. .

سيزيف
تحية طيبة استاذ شاهين ..

ثمة اسئلة قصيرة وقد تبدو للوهلة الاولى غير مترابطة ..
الا انها كثيرا ما تساعد في القاء الضوء على شخصية وفكر المجيب عنها ..
ماذا تعني تلك الكلمات بالنسبة لك .. وما تعريفها لديك :

المرأة

الله

الموت

العقل

الصديق

الوطن

الشر

كانت تلك بعض الايقونات القصيرة ..
انتظرني لاحقا واسئلة حول شاهين الانسان .

إيل:
عزيزي سيزيف .. جميل أنك عدت .. ظننت أن الأسئلة ستنهال علي بكثرة
ومر بضعة أيام دون أن أتلقى سؤالا .. يبدو أن الزملاء قطعوا شوطا كبيرا نحو اكتمال معرفتهم ، ولم يجدوا عندي ما قد أضيفه إليها .. فمعرفتي متواضعة جدا ولن تكتمل مهما طال بي العمر ..
الآن إلى أسئلتك.

اقتباس:
ماذا تعني تلك الكلمات بالنسبة لك .. وما تعريفها لديك :
المرأة ؟

ج:
المرأة؟ يا إلهي ما أصعب هذا السؤال .. يمكنني أن أقول في المرأة ما قلته في الله مع تحوير النص طبعا :
( حين لا يكون هناك امرأة فليس ثمة إلا المرأة)
فأنا على سبيل المثال لا يوجد الآن امرأة في حياتي ، ومع ذلك لا تكاد تمر ساعة دون أن أستحضر فيها المرأة ولو في خيالي !!المرأة ينبوع الحياة ، حافزنا الكبير نحو التكامل والإبداع والبقاء .. ملهمتنا حين يقصر الخيال عن بلوغ مآربه . الأم التي تحنو علينا دوما .. الأخت التي تكلؤنا بعنايتها .. الإبنة التي نحتضنها في قلوبنا
الحبيبة التي تجدد حياتنا
رغم انني عرفت عشرات النساء ( بالمعنيين الجنسي والعشقي ) إلا أنني لم أجد المرأة التي في مقدورها أن ترافقني العمر كله.
لقد صعب علي أن أجد المرأة التي تملأ حياتي رغم كثرة النساء اللواتي عرفتهن .ربما لأن نفسي تسعى دوما نحو الأجمل والأرقى ، ويستحيل عليها أن ترتكن إلى حياة نمطية.
. وربما لهذا خلصت إلى نتيجة :(ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل، وليس هناك
رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال ، والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ، ومارسوا الحب بالتراضي والقبول ، ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة ، فإنكم بذلك تتقربون إلى الله ) وكذلك قلت : ( المرأة كالوردة ، كلما شممتها كلما أحببت أن تشم غيرها ) !! ولا أعرف كيف كان بعض الفلاسفة يكرهون المرأة أمثال شوبنهور ونيتشه وغيرهما .. لا أنكر أن علاقة هؤلاء الفاشلة بالمرأة انعكست في فلسفتهم.

: ألله
إنه الذي لا غنى لأي إنسان عنه .. وكي أكون واضحا .. أنا أقصد الدين ـ لأن هناك ديانات لا يوجد فيها آلهة ، كالبوذية .. حتى الملحد يمكن اعتبار فكره شكلا من التدين والعقيدة . وحسب فلسفتي أو ما أطلق عليه ماديتي الروحية ، حتى لو ألحد الإنسان فإنه يلحد بنفسه ، وكأنه يقول : أنا غير موجود ولا أؤمن بنفسي !!فأي إلحاد هذا ؟ إنه موجود ويعتقد بوجوده شاء أم أبى.


الموت :المعضلة التي لم تجد الطبيعة حلا لها إلا بالتكاثر والإنتخاب الطبيعي حتى الآن .. وتنتظر أن نساعدها في إيجاد الحلول لهذا البغيض المسمى الموت
وقد سبق وأن أشرت في إحدى شطحاتي مع الله ، أن الله يميتنا لأنه غير راض عنا حتى الآن وغير راض عن خلقه أيضا ، وهو ينتظر الأفضل إلى أن يوقف عملية الموت . حين ضربت مثلا بالفنان غير الراضي عن رسمه فيمزقه.
ملاحظة : الموت عندي اليوم مرحلة ضرورية لتجديد دورة الحياة واستمرارها بالإندماج في الطاقة والمادة ( الطقمادية ) فطاقة الخلق السارية في الجسد ( الحياة ) تذهب في الطاقة الخالقة الكونية ومادة الجسد تندغم بتربة الأرض لإغنائها )

العقل : الهبة الأعظم التي منحتنا إياها الطبيعة (الله) لمساعدتها في عملية الخلق .

الصديق : الذي يزرع الأمل في نفوسنا ، والذي يقف معنا في أشد المحن التي نواجهها .

الوطن : الحضن الأكبر الذي يحتضننا بعد حضن الأم .

الشر: ما ينبغي أن يقتله الإنسان في نفسه .
إيل:
اقتباس: باخوس
تحية جميلة
أستاذ شاهين هل نستطيع كعرب دخول القرن الواحد والعشرين??وكيف ؟?

يا عزيزي باخوس .. عقدتها كثير !! ندخل القرن الحادي والعشرين ؟ كيف بإلهي عليك ونحن ما نزال نعيش في القرون الوسطى ؟! بل هناك عقول هي المؤثرة كثيرا في مجتمعاتنا ما تزال تعيش بعقلية القرن السابع الميلادي.
مشكلتنا يا عزيزي معقدة جدا .. ومحنة عقلنا في الإسلام نفسه ، الذي كان نعمة ذات يوم ، فغدا اليوم نقمة لا مثيل لها .ومع ذلك لا بد من الأمل ،فلعل وعسى أن تحدث معجزة ما.
إيل:
اقتباس: باخوس
اقتباس:
باخوس ..كيفك ..جاوبت على سؤالك الأخير في الحوار معي ..

جاوبتني لأبقى على عطشي

معك حق يا عزيزي لكن ما باليد حيلة ..
في مقدوري القول إن هذه الأمة إذا ما أرادت أن تلحق بركب الحضارة عليها أن تتبع أمرين أساسيين :
- إشاعة الديمقراطية الإنتخابية ( وهذا مصطلح من عندي ) فأنا لا أقبل بديمقراطية الغرب التي تتيح لأي كان أن يرشح نفسه لحكم البلاد . يجب أن يجري اختيار أهم عشرة عباقرة في أية بلاد ومن يفز منهم يحكم البلاد .. وهذه مسألة تحتاج إلى شرح
. الأمر الثاني عزل الدين عن الدولة كما في أوروبا .. يكفينا زعماء مؤمنين
في ما يتعلق بالنظام الإقتصادي .. لا بد من نظام يحد من الثراء الفاحش وكذلك الفقر المدقع ، بتوفر دخل أدنى لكافة الناس يجعلهم يحيون بكرامة ، حتى لو كانوا لا يستحقون الحياة حسب رأي نيتشه وسوبرمانه المتفوق جدا.
يبدو أنني أنادي بجمهورية أفلاطون !! فعلا أنا معجب بهذا الفيلسوف العظيم الذي لم تجد فلسفته آذانا صاغية في المجتمع البشري. وإن كنت على خلاف معه في المسائل الطبقية .
وبالمناسبة دعوني أدعو إلهي أن يحيي رفات سقراط مجترع السم بكل رضى ، ودعوني أعرج على الحلاج والسهروردي وكل شهداء العقل البشري انتهاء بفرج فودة.

إيل :
اقتباس: باخوس
هل تعرف كم نحبك أستاذ؟
وشكرا على الإجابة وإن كنت أود طرح أسئلة كثيرةلولا خوفي من ان اثقل عليك
باخوس ..جزيل شكري عزيزي
بالعكس أشعر أن هذه فرصتي لأتطرق إلى فلسفتي التي لم ادونها بشيء من الإيجاز ؟؟ ظهرت بعض ملامحها في روايتي (الملك لقمان ) و( غوايات شيطانية )؟ يمكنك أن تسأل كما شئت
خاصة وأن السائلين قليلون جدا.
إيل :
اقتباس: truth seeker
عزيزي شاهين...
هناك مسألة أفكر فيها كثيرا... أنا لا أخاف من الموت... ولكن أخاف أن أندم على حياة لم أعشها وتجارب لم أخضها ، ولكن ليس هذا سؤالي

أسأل الانسان شاهين - وأقدم اعتذارا مسبقا ان ازعجك سؤالي -

لا أخشى على نفسي من الموت ولكن اخشى اللحظه التي يبدأ أقراني فيها بالموت ان لم امت قبلهم... فكيف تكون الحياه عندما يبدأ الموت يخطفهم من حياتك؟؟ وما هي الفلسفه التي تنصح بالأخذ بها؟؟؟

اللعنه على هذا السؤال

هلا عزيزتي ايمو
لم تزعجيني بالسؤال .. بالعكس .. ربما أنا في حاجة إلى أسئلة معقدة من هذا النوع .
لا يوجد كائن حي لا يشيخ ويفنى حتى الطبيعة نفسها والأرض التي نعيش عليها ..
الخوف من واقع الناس وما يحيط بهم هو الذي أوجد الدين ، والخوف من الموت هو الذي أوجد حياة ما بعد الموت في بعض الديانات والعقائد ، كالجنة عند المسلمين مثلا . غير أن هذا الإيمان بالحياة الأخرى لم يقنع المسلم بعدم البكاء والحزن واللطم والندب وحتى الحداد لبضعة أيام على الميت .. وأحيانا مئات السنين كما يجري الندب واللطم على الحسين بن علي كل عام منذ قرابة 1400 عام ، رغم أنه سيكون في مفهومهم من زينة شباب الجنة .
وماذا عن الحزن على الرب نفسه ممثلا في يسوع المسيح عند المسيحيين الذي يحتفل به لمدة اسبوع كل عام ؟( اسبوع الآلام) )
الحزن غريزة .. وجدت فينا للتخفيف من وطأة الآلام والمصاعب التي نواجهها ، وكثيرا ما نشعر أننا في حاجة إلى البكاء لنخفف من وطأة الحياة على نفوسنا أكثر مما نحن في حاجة إلى الضحك والفرح .. وفي حال الموت لن يكون الضحك والفرح واردين. الموت في فلسفتي هو ما لم تجد له الطبيعة - أو الله إن شئت – حلا حتى الآن ، وتنتظر مساعدتنا لإيجاد هذا الحل.
ليس هناك ما هو أفضل من التسليم بهذا القدر الحتمي الذي يطال كل شيء ، وتقبله بهدوء قدر الإمكان .. العلاقة الحسنة القائمة على المحبة بين من سيرحل وبين من سيبقى ، تمنح الباقي الكثير من الراحة رغم الحزن ، لأنه سيشعر في قرارة نفسه أنه قام بالأفضل تجاه الآخر وجعله يرحل مطمئنا ؟؟
الحزن الذي ينتابنا عند رحيل محب أو حتى رحيل إنسان هو حزن الطبيعة على ما عجزت عن إيجاد حل له إلا بالتناسل حتى الآن ، وإشعار الراحل بأنه موجود فينا وفي ما سنخلفه حتى لو رحل يمنحنا شيئا من الطمأنينه .. وإذا كان الراحل أديبا أو فيلسوفا أو فنانا او عالما أو مجرد إنسان صالح ..فإن الحفاظ على تراثه يجعله يرحل براحة وطمأنينه ويهب من سيخلفه الشيء ذاته .
وبما أننا ندور في فلك الطبيعة وإليها سنعود ، ما الذي يمنع من أن يكون رفاتنا غذاءا مفيدا للطبيعة ينتج عنه خلق جديد يحمل بعض صفاتنا وقد تحسنت وتطورت ..
!! حين لا تعجبني لوحة أقوم بتمزيقها ورسمها من جديد .. وقد تساءلت في بعض شطحاتي الفكرية عن لوحة الله (الكون ) وكيف يميت الإنسان فيها لأنه غير راض عن خلقه حتى الآن .
هذا المساء راود الموت خيالي وأنا أستلقي في السرير بعد الغداء ..وشاهدت نفسي ميتا في السرير نفسه ، وراقت لي فكرة الموت بعد استلقاء يشعرني بالراحة ، لكن ليس في تلك اللحظة التي واتتني اليوم . ورحت أتمثل نفسي ميتا في السرير لبضعة أيام أو حتى أسابيع دون أن يفتقدني أحد ، ثم تمثلت ابنتي تدخل على الغرفة فجأة وهي تصرخ بابا..
حين جاءني نبأ رحيل أمي ( في الضفة )
على الهاتف من عمان ، لم أجد إلا أن أقفل الهاتف وأشرع في البكاء ـ ولم يكن هناك غير زوجتي الألمانية ألتي احتضنتني وألقت برأسي على صدرها .. دام ذلك لبضع دقائق ، ثم أخذت ورقة وقلما وكتبت صفحة أنعي فيها أمي .. وانتهى الأمر . وهذا ما حصل معي حين فتحت رسالة وصلتني لأجد من يعزيني بأبي .. شرعت في البكاء لبضع دقائق وانتهى الأمر!!
. وأتحاشى حتى الآن قدر الإمكان السير في جنازات الراحلين لأنني أبكي
البكاء لا بد منه . وتقبل الموت لا بد منه أيضا ، رغم اننا جميعا وحتى الله يبغضه ، وحين نشعر أن الله يقف معنا في محنتنا يخفف ذلك كثيرا من وطأة الموت على نفوسنا
ملاحظة : حاولت قدر الإمكان في أعمالي اللاحقة أن أجعل من الموت مرحلة لحياة جديدة بالإتحاد مع طاقة الخلق الكونية ماديا وطاقويا كما ذكرت في ملاحظة قبل هذه .
إيل:
العزيز علينا الأستاذ محمود شاهين
إن أُتيحت لك الفرصة لأن تعود للقدس وتستقر فيها ماهو أول ما سيجول بخاطر محمود شاهين الفنان المناضل ؟

هل ستتزوج من فتاة مقدسية؟

ماذا تعني لك فلسطين هل هو الوطن المقدس الذي يعيش بداخل كل فلسطيني , أم جرح لازال ينزف منذ فجر التاريخ صارخاً بوجه الإنسانية العمياء لكي تصحو يوماً مثقلةً بأكاذيب أصبحت مع التكرار واقعاً نعيشه.
- سلام يا كبير
ج- هلا عزيزي فورتيكس
لقد أجبت ضمن الشريط على جانب من السؤال المتعلق بفلسطين : إنها الجرح الذي أحمله دائما في خبيئة قلبي ، ويرافقني دوما في حلي وترحالي .. ولا أتخيل قبري يوما إلا على ترابها ، رغم انني لم أعش فيها يوما سعيدا !!وبالتأكيد فلسطين أكبر شاهد في هذا العصر على عدم وجود عدالة إنسانية ..وها نحن نلمس بوادر أمل عند الأمريكيين ، اثر صدور كتاب جيمي كارتر ( فلسطين سلام لا للفصل العنصري ) ألذي أثار ضجة لدى الأوساط الصهيونية ، واتهمته بالتحيز للفلسطينيين .
جميل أن نسمع هذا الصوت من رئيس أمريكي سابق ، يتهم الأمريكيين بالتخوف من إدانة اسرائيل وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية تجاه فلسطين ، إضافة إلى سياسة اسرائيل العنصرية . يبدو أن كا رتر الذي أشرف على الإنتخابات الفلسطينية ، رأى بأم عينيه الهمجية الإسرائيلية وجدار الفصل العنصري وما تقترفه اسرائيل من مجازر ، ولم يستطع أن يقاوم ضميره . وربما لمس أيضا طيبة هذا الشعب الذي أبتلي بهذا الكيان.

إجابة السؤال الثاني تفتح جروحا يا عزيزي:
بعد الخلاص من زيارة اخوتي وأخواتي وأقاربي ..سأقوم بزيارة زملائي الذين شاركوني النضال في القدس قبل 36 عاما .. وما لا يقل أهمية عن ذلك سأقوم بزيارة الأماكن التي كنت ألتجىء إليها في القدس ............. ..وأقوم ببعض واجباتي فيها .. ..!! ويؤسفني أنني لا أستطيع ذكرها الآن . لكنني أستطيع ذكر بعض الأماكن والحوادث في ريف القدس وبيت لحم .
حادثة طريفة
حين دخولي إلى الأرض المحتلة عام 1969 مع مجموعة من المقاتلين( 15مقاتلا
كنائب لقائد المجموعة .. اشتبكنا مع قوات الإحتلال على شاطئ البحر الميت الغربي ؟ ولم يكن أمامنا خيارات غير النفاد بجلودنا .. فالبحر من ورائنا والعدو أمامنا ، متمترسا خلف كمين رهيب ، فهو في سفح جبل ونحن على الشاطىء ومكشوفين لنيرانه عدا أنه أضاء المنطقة بطلقات الإنارة .. فكان لا بد من الإنتشاروالتفرق والدخول إلى الأرض المحتلة .. ونظرا لأن الأرض وعرة جدا على مسافة أمتار من الشاطىء ، فقد راح كل منا يبحث عن مسلك عبر السفوح بعد أن تفرقنا يمينا وشمالا على الشاطئ.
.والحق أنه لولا جبن الكمين المعادي لما نجا منا واحد.
تسللنا فرادى إلى داخل الأرض المحتلة .. ومرت أربعة أيام دون أن أعثرسوى على اثنين من أفراد المجموعة . وهذان وجد كل واحد منهما حجة لأن يتركني ، فهما من الأدلاء البدو .. الذين تتلخص مهمتهم في معرفة الطرق الجبلية ليلا ليقودوا المقاتلين عبرها . الأول ذهب ليحضر لنا طعاما ولم يعد والثاني ذهب يبحث عنه ولم يعد أيضا .. وهكذا أصبحت وحيدا في منطقة بيت لحم التي لا أعرف تضاريسها.
وذات ليلة وفيما كنت أسير وحيدا في واد سمعت صوتا ينادي حمارا قائلا ( كرش كرش ) وكنا ننادي بعضنا ليلا حين نفترق بتقليد أصوات الذئاب أو الديكة أو الكلاب أو ما شابه .. توقفت للحظات مفكرا ، لا شك أنه أحد أفراد المجموعة يبحث عني .. رحت أتسلق سفح الجبل فيما نداء الحمار يتكرر ، وقبل أن أتيقن تماما من حقيقة الأمر ، رحت أكرش بدوري ، حين لمحت شبح شخصين يعتليان السفح .. ومع ذلك كنت قد هيأت بندقيتي لمواجهة أي طارىء. ولا يمكن لأحد ان يتصور مدى دهشتي حين وجدت نفسي واقفا أما سيدة وابنها وهما يرتجفان رعبا ، ويؤكدان لي أنهما كانا يبحثان فعلا عن حمارة
الحادثة الطريفة والمحزنة الثانية كانت لقائي بأمي وقبل ذلك سأورد لكم لقائي بالأرض التي أعرف تضاريسها.
عدت إلى بلدتنا في ضواحي القدس بعد حوالي ثمانية أيام كنت أتسول فيها طعامي من الفلاحين والرعاة ليلا . وصلت إلى ضواحي بلدتنا حوالي منتصف الليل.
كنت أقف أعلى أحد سفوح الجبال الشرقية للقدس وكانت أضواء كثيرة من القدس نفسها والقرى المحيطة بها تتراءى لي من كل مكان ، دون أن أجزم فعلا أن هذه بعض أضواء القدس وضواحيها ، ودون أن أعرف على أي أرض أقف ، ولم اجد إلا أن اشعل عودا من الثقاب وأنظر إلى ما حول قدمي ، ولن يصدقني أحد إذا ما قلت أنني عرفت أين أقف على ضوء عود الثقاب ، لأعرف بعد ذلك مبعث معظم الأضواء التي تتراءى لي .. ألقيت بندقيتي ورحت أتدحرج على الأرض بطنا وظهرا
**********
لم أتصور أن لقائي بأمي سيكون على هذا النحو .. كان أبي يقيم مع القطيع في فصل الشتاء في عزبة لنا في البرية ، وهي عبارة عن كهف له باب حديدي محاط بجدار شبه مثلث ، يمثل أسفل سفح إحدى الهضاب . حين بلغت العزبة ليلا لم أجد فيها أحدا .. ونظرا لأنني متعب لم أبحث طويلا في الكهوف والأودية المجاورة .
كان ثمة كهف أسفل كهفنا طمرت السيول بابه ، فغدا مدخله كالجحر ، تمددت على بطني وحبوت إلى داخل الجحر .. وبعد أن نظفت الأرض قدر الإمكان من البق والقراد على ضوء أعواد الثقاب ، تمددت ونمت محتضنا بندقيتي.
الآن سأنقل لكم ما أوردته في روايتي (الأرض المغتصبة ) عن هذا المشهد ، بتحوير النص من صيغة الغائب إلى صيغة المتكلم وكذلك بشيء من التصرف لأنه يحوي تفصيلا دقيقا وطويلا..
قبيل أصيل ذلك اليوم سمعت وقع أغنام فوق الكهف الذي التجيء إليه .. لا شك أنها أغنامنا .. من الواضح أنها تتعارك حول طاولة العلف .. لم اعرف ماذا أفعل ..أنا لا أستطيع الخروج حتى لا يراني أحد ويكثر القيل والقال ليبلغ خبري كفدائي مسامع عملاء السلطات.
فرغت الأغنام من العراك وبدأت تغادر العزبة لتنتشر في السفح الذي في مواجهتي تماما .. كنت أنظر عبر باب الكهف ( الجحر) وقد ألقيت رأسي منتصفه تماما فيما كان باقي جسدي يتمدد داخل الكهف . كانت الأغنام تتجه شرقا ، وسمعت صوتا يزجرها ليعيدها نحو الغرب ، عرفت من الزجرة الأولى انه صوت أمي التي لم أرها منذ حوالي سبعة أعوام ، وشاهدتها بعد لحظات وهي تلحق بالأغنام عبر السفح وتحاول أن تردها غربا . كانت تمطر رذاذا، وقد عملت من كيس خيش قناعا وضعته على رأسها .. ليس من المعتاد أن ترعى أمي مع القطيع .. .. ماذا أفعل ؟ هل أناديها من هنا ؟ ناديتها بعد تردد هاتفا (يمه).. بدا أنها لم تسمعني واستمرت تهوش على الأغنام .. كررت النداء بصوت أعلى قليلا (يماه ).. توقفت لثوان دون أن تصدق اذنيها ، وتابعت الهوش على الأغنام .. ناديتها للمرة الثالثة بصوت أعلى (يم...اه) توقفت تماما وهي تنظر إلى ما حولها وتبسمل خيفة ( بسم الله الرحمن الرحيم ). كررتها ثلاث مرات وهي ما تزال تنظر إلى ما حولها . ناديتها للمرة الرابعة بصوت أطول، مكنها من أن تنظر إلى مصدر الصوت ، لترى وجهي يتوسط باب الجحر ، أمعنت النظر نحوي ربما لثانية فقط ، ونزلت( تكرج ) السفح بخطوات سريعة قصيرة كطير الحجل ، وهي تردد دون توقف :
( بسم الله الرحيم شو انت يا هذا أنت إنس أم جن ؟) فيما أنا أردد بدوري ودون توقف ( ما تخافيش يمه أنا محمود ) إلى أن وقفت أمام الجحر حيث لا يبدو إلا وجهي.
حدقت إلى وجهي لبضع ثوان فقط ، ثم سألتني بلهفة :
(جعان عطشان ، شو أجيب لك ) ؟
. قلت لها أن ترسل لي أخي فقط ، وانصرفت
عادت بعد حوالي عشر دقائق كانت قد قطعتها عدوا خلف الأغنام التي نأت عنها
. لقد تذكرت أنها لم تسلم علي بعد أن أيقنت كما يبدو أنني ابنها ولست جنيا
استلقت على بطنها وزحفت قليلا لتقترب من وجهي وتضم رأسي بين راحتيها وتشرع في تقبيلي
*********
مسألة الزواج غير واردة لأنني عجوز ولأنني وجدت أن المؤسسة الزوجية مؤسسة فاشلة.
إيل :
اقتباس: رنا

تحياتي إلى المناضل الفذ، والفنان الشامل المحترم محمود شاهين

أرحب بك أيضاً مثلما فعل قبلي الجميع، وأحب أن أهنئك على كل إنجازاتك الكبيرة، ومسيرة حياتك الحافلة أيها الزميل العزيز
اقتباس:
لأنني وجدت أن المؤسسة الزوجية مؤسسة فاشلة !.

لاحظتُ وبشكل ظاهر لا يقبل الشك أنك تتعامل مع الجميع بشكل عام، والمرأة بشكل خاص باحترام وحب ودماثة ملفتة ومنقطعة النظير، وعليه أحب أن أستفيض في السؤال والإستفسار هنا: لماذا يا ترى وجدتَ مؤسسة الزواج فاشلة رغم مشاعرك الإيجابية الراقية نحو المرأة؟ أهي بسبب تجربة شخصية فيها، أم لأسباب أخرى؟..هل ترى - كما أرى أنا من وجهة نظري - أن هذه المؤسسة مرتهنة بأمور عديدة وظروف كثيرة قد تتسبب في نجاحها الباهر، أو خيبتها المريرة، وما بين النجاح والخيبة تدرجات لا منتهية تتراوح بينهما؟؟
أحب أن أعرف رأيك لأنك - يا سـَيـِّدي- شخص عركته الحياة، فأنضجته، وجعلت منه إنساناً فاهماً،عارفاً، مـُلـِمـَّاً، يستطيع المرء أن يستقي من خبرته ويستشيره في شؤون وشؤون
تحية كبيرة وترحيب حار بك، وتحية مماثلة وترحيب من توأمي الموجودة حالياً في دمشق، فقد كلمتها عنك كزميل محترم في المنتدى، وهي بدورها تعرفت عليك فوراً وأخبرتني أنها من المـُطـَّلـِعات على أعمالك وأنك فنان مشهود له، وأرسلت لك معي بالنيابة عن نفسها هذه التحية والتقدير.
تقبل فائق الإحترام

أهلا ومرحبا بالعزيزة رنا ... جزيل شكري عزيزتي لهذا الإطراء الذي غمرتني به ويغمرني به
الزملاء ، وكم أوجس مخافة ألا أكون أستحق هذا القدر من التكريم .
قبل أن أشرع في الإجابة عن سؤالك الهام والذي يحتاج إلى مجلد للإجابة عنه ، أرجو أن تخبري توأمك أن تمر على محلي في القيمرية لأرسل لك لوحة متواضعة هدية ..وسأهديها لوحة بالتأكيد
الآن إلى الإجابة وباختصار:
قد لا أنكر أن المؤسسة الزوجية هي أفضل ما توصلت إليه البشرية لحفظ النوع حتى الآن .. وبما أننا معنيون بحاضرنا الآن فسأركز عليه . بالتأكيد حاضرنا نحن وهو يختلف عن حاضر الأوروبيين والأمم التي قطعت شأوا مهما في الحضارة الإنسانية ، وإن كنا نشارك هذه الحضارات المؤسسة ذاتها إنما بشروط مختلفة تبيح للذكر الهيمنة على المرأة ، أكثر مما تبيحه له في الغرب . وأنا هنا أتفق معك تماما بارتهان المؤسسة بأمور عديدة ... ألخ .. تخيلي مثلا ـ بالأمس زارني أردنيون
في المعرض ، لا يعرفونني ، يسألونني عما إذا كنت أعرف فتيات شاميات مؤهلات للزيجة !!! أي زواج هذا ؟ إنهم يبحثون عن بضاعة يشترونها وليس عن إنسانة من لحم ودم وعقل وكيان وشخصية .. .
تعالي لنعرج إلى الأعقد لنعود فيما بعد إلى ما هو أسهل . ما أعرفه وأدركه الآن أن النفس الإنسانية تواقة دوما إلى الأجمل والأرقى والأكمل وما يبعث على السعادة أكثر ، وكلما أمسكت بلحظة أجمل كلما حاولت تجاوزها للبحث عما هو أجمل ، وهنا يكمن سر التطور الإنساني ، بل وسر التطور الوجودي الكوني برمته ، تصوري لو أن الطبيعة أقتنعت قبل مليار عام مثلا أنها حققت الخلق الأكمل وقررت التوقف عن الخلق ، فعلى أية شاكلة سيكون الوجود ؟ وتصوري لو أنها اقتنعت الآن واقتنعنا نحن بدورنا بصفتنا جزءا من هذه الطبيعة ، أن العالم بما هو عليه الآن من نظم وقوانين وعلاقات وعادات وتقاليد وخلق ... ألخ‘ هو الكمال بعينه ، وينبغي التوقف عنده . بالتأكيد ستكون مصيبة .
لنحاول أن ندخل في صلب الموضوع .. وهو الجمال . أنا شخصيا أعشق الجمال ، الجمال بشكل عام ، جمال الطبيعة ، جمال الفن ـ جمال المرأة .. وما يهمني هنا هو جمال المرأة . سواء اعتقد الفلاسفة أو لم يعتقدوا ، أو لا يريدون أن يعتقدوا ، بل يجحدون نتيجة لظروفهم الخاصة وعلاقتهم بالمرأة ، كشوبنهور مثلا ، إن أكثر جمال خلقته الطبيعة يشد الرجل إليه هو جمال المرأة ، أنا شخصيا، ليس هناك أي جمال على الإطلاق يمكنه أن يستولي على روحي ومشاعري واحاسيسي اكثر من جمال المرأة . وهذا لا يمنع إطلاقا من أن يكون الرجل أيضا هو الأكثر جمالا عند المرأة من بين جميع الموجودات ذات الجمال . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يمكن أن تختزل امرأة واحدة عشق هذا الجمال وتملأ حياة رجل بكل معنى الكلمة ،و تغنيه مدى الحياة عن أية امرأة أخرى ؟! وبالمقابل هل يمكن لرجل واحد أن يملأ حياة امرأة ..؟ ولهذا قلت :
ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل، وليس هناك رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال ، والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ، ومارسوا الحب بالتراضي والقبول ، ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة ، فإنكم بذلك تتقربون إلى الله ) وكذلك قلت : ( المرأة كالوردة ، كلما شممتها كلما أحببت أن تشم غيرها!)
وذات يوم في موسكو وأنا استلقي بين أحضان فاتنة روسية ، سألتني ، هل أنت متزوج ؟ فقلت :
أنا متزوج وأحب زوجتي وكلما أحببت غيرها أحببتها أكثر ) طار عقل الفتاة الروسية ولم تعرف أية فلسفة هذه التي تسير حياتي.
وأنا اليوم ورغم أنني مطلق ، إلا أن زوجتي العربية تأتي لتقيم معي شهرا كل عام ..
. ويستحيل عليها أن تتخلى عني رغم الطلاق !! أما عن الألمانية ، فما أن وقعنا طلاقنا في المحكمة حتى دعوتها على الغداء في االغوطة .. واستمرت أربع سنوات بعد ذلك تستشيرني في كل محبيها من بعدي ‘ إلى أن تزوجت من أمير افريقي وأنجبت منه طفلتين. .
عود على بدء:
التحليل والتحريم والشرف وكبت الحريات وما إلى ذلك من أخلاق بائسة تربط الشرف بالعضو التناسلي للمرأة إضافة إلى العلاقات الإ جتماعية المريضة ، لا تؤدي إلى زيجات مقبولة ، بل إلى زيجات فاشلة ، نسبة الطلاق في دول الخليج حوالي 40% مع أن تعدد الزوجات أمر ممكن . وهاهم في السعودية يشرعون زواج البوي افرند تحت تسمية أخرى ، إضافة إلى زواج المسيار ، وزواج المتعة ، وغيرهما من الزيجات.
ما يجري في مجتمعاتنا وحين يكتشف الزوجان وطأة الحياة ومشاكل الزوجية ، يتحملان واقعهما على مضض ، خاصة بعد إنجاب الأطفال ، وإذا رغبا في إنجاح زواجهما ، فإنهما يتعاونان على مصاعب الحياة ، وبالتأكيد يضحيان بالكثير من مباهجها في سبيل استقرار نسبي !!
عودة إلى حياة واقعية عشتها:
حين تزوجت في الثالثة والعشرين من عمري من فتاة في السادسة عشرة من عمرها ، كنت رومانسيا إلى حد الغباء . وكنت أتصور أن هذه الطفلة التي لم اجد أما مي غيرها لأتزوجها ، ستنقلني إلى الفردوس !! وتبين أنني كنت أحمق إلى حد غير معقول!
وحين حاولت إصلاح الأمر حين أتيح لي ذلك بعد ثلاثة عشر عاما لأتزوج من فتاة متعلمة ، كنت أعرف نفسي جيدا ، وأعرف أن هذه الفتاة رغم تعليمها وجمالها لن تملأ حياتي ، لكنها قد تمنحني ما لم تمنحني إياه زوجتي الأولى ، ومع ذلك لم ينجح الزواج وفشل بعد قرابة تسع سنين ، وبعد ان أصبحت زوجتي تحمل الدكتوراة ..هي الآن بروفيسورة . بعد ان أعدت رسالة عن بيروت خلال الحرب في الأدب العربي . وكانت قد عملت الدكتوراة عن ( الشخصية الفلسطينية في روايات بلاد الشام ) وكان الماجستير عن القصة الفلسطينية. .
الحديث في هذه المسألة يحتاج إلى وقت طويل .. ولا أظن ان ثمة أفقا أفضل لهذه المؤسسة ضمن المدى المنظور .. حتى في أوروبا المؤسسة تلاقي إخفاقات كثيرة رغم أنها تقوم على أسس أفضل من التي لدينا ويجري ما يمكن أن نعتبره غض الطرف عن علاقة ما قد تقوم بها بعض الزوجات أو عدم التساؤل عما تفعله الزوجة ، كونها بالغة عاقلة وتملك زمام نفسها وتعرف حقوقها تماما - وهذا ما كنت أفعله مع زوجتي ، وأفعله الآن حين يكون لدي صديقة ، كل مسؤول عن نفسه،
وبعض الأجيال الجديدة تفضل العيش على انفراد بأن تقيم الصديقة في بيتها والصديق في بيته ، ولقد بدأت بعض المجتمعات في أوروبا كما في ألمانيا وايطاليا ـ تفكر في المستقبل ، لإحجام بعض الشباب عن الزواج.


.



إيل:
اقتباس: r-alsayed
الاستاذ العظيم محمود شاهين تحيه اسلاميه وبعد :
مابين الحلم والحقيقة..............................
مابين الموت والحياة......................
مابين الدين واللادين....................
مابين المنتظم والعشوائية ...........
اراك اليوم منبرا" للأنسانيه
...
هلا عزيزي رامي
الشريط نور بحضورك
جزيل شكري عزيزي
إيل :
اقتباس: رنا
زميلي المحترم شاهين
ألف شكر على لفتتك الرقيقة بالتفكير في أن تهديني وتهدي توأمي شيئاً من فنك الجميل، وسأعتبر نفسي بمثابة من استـَلـَمـَتْ الهدية الثمينة عبر الأثير، وثبـَّتـّتـْها على جدار أجمل غرفة في البيت..يقال يا سيـِّدي بأن التفكير في الإهداء هو أثمن من الهدية ذاتها.

من جهة أخرى، أشكرك على توضيحك الغني لوجهة نظرك في سؤالي حول موضوع "مؤسسة الزواج" وإن يكن تعليقي المطوَّل الذي طرأ على ذهني عقب قراءة ردك يحتاج مني إلى إفراد شريط خاص به يتم فيه نقاش مثل هذا الموضوع الجوهري الحساس لكي لا نبخسه حقه من الحوار البنـَّاء المثمر، ولكي يجيب كل منا على تساؤلات الآخر ويعلق على وجهات نظره في المسألة ككل، والتي قد تـُغني الموضوع بالمزيد من الآفاق والرؤى والحلول
تقبـَّل كل التحية والتقدير.

عزيزتي رنا
موضوع المؤسسة الزوجية فعلا يحتاج إلى نقاش مستفيض كي نفيه بعض حقه ، وما قد نتوصل
إليه لن يكون بالضرورة الجواب الشافي ، كما هي إجابتي السابقة ، مجرد اجتهاد ووجهة نظر، قابلة للدحض والطعن والنقاش .
لكن بإلهي لماذا لا تريدين أن أرسل لك لوحة ؟ لتوفري علي بعض تعبي ؟ ربما !
إيل:
مساء الخير لجميع الشباب وعلى راسهم الفنان شاهين
الفنان شاهين
اقتباس :
تجد أنني أقول أن روح الله موجودة حتى في حبة القمح
، أي في كل الكائنات الحية وحتى في الجماد والكون برمته ، فما بالك بالإنسان ، أي أن روح الله
موجودة فيك أنت أيضا ، هذا بالتعبير الواقعي ـ أما بالتعبير المجازي ‘ فيمكن أن نقول عما روح الله فيه أنه الله ، وهكذا كان إطلاقي على النهد .
حين تقف أمام إحدى لوحاتي ، بالتأكيد سترى روحي فيها ، ومجازا يمكن أن تعتبر هذه اللوحة هي أنا
لا يوجد شيء في الكون خارج الذات الإلهية

سؤال :مصطفى
لو حضرتك رسمت صورة جميلة هل يمكنك ان تكون انت بذاتك هو الصورة ام ان الصورة تعبر عنك وتوضح ابداعك بمعنى ان الله هو بديع هذا الكون بمعنى ان الكون صورة معبرة على وجود مبدع لها فان افترضت انك دخلت بصورتك وبقيت جزء لا يتجزء منها
فلن ترى الصورة كاملة كما اذا كنت خارجة
ج- نسيت يا عزيزي تعبيري بكلمة مجازي حين قلت : يمكن أن تعتبر اللوحة هي أنا ، أما غير المجازي فهو أنك سترى روحي في اللوحة
أللوحة قبس مني ، وأنا خالقها ، وهي لا تشكل أكثر من واحد من أكثر من سبعة آلاف لوحة رسمتها ـ هذا إضافة إلى نشاطي الآخر في الأدب والصحافة وغيرهما ، وفي هذه الحال ستكون ذاتي أو روحي مبثوثة في كل ما أبدعته وعملته ، وما أبدعه الله يملأ الأكوان جميعا وروحه مبثوثة فيه، إنه الكل الذي لا يتجزأ إلا في واقعنا .كأن تكون روحه موجودة في حبة القمح ، لكن حبة القمح لن تكون هو ، وكذلك لن أكون أنا أو أنت هو إلا بالتعبير المجازي لأن روحه الكون بما فيه، وهو الذات الإلهية ، وليس هناك أي وجود خارجي منزه عنها ـ أي وجود وجودين ، ذات إلهية منزهه ووجود مادي ، وهذا ما يميز فلسفتي عن فلسفة ابن عربي ، وما يميز فلسفتي عن الفلسفة المادية هو تعبير الله أو الذات الإلهية ، بدلا من الطبيعة ، وفي الإمكان استعمال كلمة طبيعة بدلا من الذات الإلهية في فلسفتي.
أنا حققت ذاتي بأعمالي وأنا الوحيد القادر على معرفة ورؤية كافة ما فعلته ، وأنا دون ما فعلته سيكون للصفر أهمية أكثر مني .
وبوفاتي سيتوقف خلقي وإبداعي . الله أبدع الوجود وما زال يبدع وهو الوحيد القادر على رؤية كل ما أبدعه ، وحين يتوقف عن الإبداع والخلق ستدمر الحياة بل سيدمر الكون كله ، إذن ما ينطبق علي لا ينطبق عليه ، لأنني جزء صغير جدا من كون هائل جدا، أما هو فكل، وكل كله يملأ الأكوان بحيث لا مكان خارجه
أنا لن أدخل صورتي .. والله لا يدخل عالمه ، أي لا يدخل نفسه ـ لأن العالم كله هو . وهل يمكن أن نتخيل أن القادر على كل هذا الخلق غير قادر على رؤية خلقه ، وبمعني آخر رؤية نفسه .؟ وما هذه العيون التي لدى الكائنات ، أليست عيونه ، وما الحواس كلها أليست حواسه ؟ فلماذا لا يرى بها وهذا بالمناسبة فكر اسلامي مأخوذ عن الديانات الهندية وها أنا أتبناه
. وهو قابل للنقاش
أظن أن إجابتي شملت الأسئلة اللاحقة . ومع ذلك سأضيف
تعال لنستعير شرح فراس سواح لابن عربي لفقرة تتعلق بالمسألة
فهو( الله ) الظاهر في كل صورة ، والمتجلي في كل وجه ، وهو الوجود الواحد ، والأشياء موجودة به معدومة بنفسها
( دين الإنسان ص 300)
أما عن الكيفية التي يتم بها التجلي الإلهي (تجدد عملية الخلق واستمرارها ) يقوم فراس بشرح قول ابن عربي:
إن كل تجل يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق ، فذهابه هو عين الفناء عن التجلي ، والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر.
يشرح فراس هذا النص بقوله :
(لقد أدرك ابن عربي بحدسه المبدع ، ما توصلت إليه فيزياء الكم حول طبيعة الكون والمادة ، فالوجود عبارة عن طاقة ذات ذبذبات متغيره ـ وليست تبديات هذه الطاقة نفسها، وما الظواهر المرئية التي تشكلها ، إلا اختلافات في درجة الذبذبة ، وسواء رأينا إلى هذه الطاقة في طبيعتها الموجية أو الكمومية ، فإنها تأتي دوما على دفقات متقطعة ، لا كسيالة مستمرة ، فالوجود كله والحالة هذه ، يحدث بشكل متقطع ، رغم استمراريته الظاهرة
( فراس سواح .. دين الإنسان ص 302)
شمس :
تحية معطرة أرسلها لك مع نسائم البحر القريب مني

الزميل (إيل)...الأستاذ العظيم (محمود شاهين)).
أريد الاعتراف بشكل علني للجميع..أن هذا الموضوع أجمل موضوع في هذا المنتدى
ولن أستطيع التعبير لك عن مدى إعجابي بك...وبحياتك

أكثر ما أثار اهتمامي..هو تحولك من مراهق يعمل في الفنادق و المطاعم إلى فنان وأديب وصحفي...
هل تعلم يا أستاذ محمود كم مرة مسحت تعليقات كنت أود وضعها هنا؟...كلما كنت أكتب تعليقاً أجده قليلاً بالنسبة لك...ولا أجده معبرا عن مدى إعجابي لك...و بحياتك...وبتحولك من إنسان بسيط يعمل في الفنادق و المطاعم إلى فنان وأديب وصحفي...هذا الشيء أكثر ما لفتني في حياتك التي بدأت أقرؤها بدموعها وابتساماتها وأحداثها

إنني اشعر بالفخر...وبالاعتزاز لمجرد أنك خطيت في أروقة كلماتي..وأنا أعجز عن التعبير عن الإعجاب و الاحترام الذي أكنه لك
كل الحب..والتقدير..
إيل :

عزيزتي شمس
جزيل شكري عزيزتي .. كلماتك شرف وفخر لي سأعتز بهما ..
لقد تعبت كثيرا في الحياة حتى حققت شيئا من ذاتي .. وآمل من الشباب والشابات أن لا ييئسوا ، وأن يكون دأبهم دائما الرقي بواقعهم وبأنفسهم .. كان ابي قد رسم قدري بأن أكون راعيا حين اخرجني من المدرسة لأرعى قطيعنا .. غير أنني تمردت بسرعة على هذا القدر البائس . ولهذا كتبت الإهداء في مقدمة روايتي (الأرض المغتصبة)
( إلى الذين كان القدر أقوى منهم وإلى الذين يطمحون في أن يكونوا أقوى من القدر )

أكرر جزيل شكري لك ولزيارتك للشريط .
الزعيم سقراط

أنا ابحث عن مسطلح يستحق ان توصف به هاته السيرة . إنها رائعة.

لم اجد
اكتفي برائعة
اكثر من رائعة
إيل :
جزيل شكري عزيزي.

طوق الياسمين
سهرتان في قراءة شريط سيرتك عزيزي ايل .... انتهيت الان من قراءتها ...
اولا لك مني و لكل من حاورك من الزملاء قرنفلة حمراء ! تخيلوها !
ربما فهمت الان سر شوقك لمالفا ... ....
اكثر ما استوقفني نقطتان .... تشكيلك للاله و حوارك معه ...... اكثر من رائع
و الزواج (ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل، وليس هناك رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال ، والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ، ومارسوا الحب بالتراضي والقبول ، ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة ، فإنكم بذلك تتقربون إلى الله)
قرنفلة حمراء اخرى
إيل :
جزيل شكري عزيزتي ..
الشريط نور بوجودك . من زمان ما حدا كتب لي عنه.. ..أطيب تحياتي
حكاية
محمود شاهين

اقتباس

عزيزي مصطفى
الحق معك في أن باخوس زودها ، وهناك نصوص في المنتدى تتطرق إلى الدين ضمن الممكن
ومنها نصوصي . وبالتالي البيت بيتك وأنت من يفرض شروطه ، وأقر لك بأن هامش الحرية هنا
واسع ، وقد يكون أقصى ما يمكن
فهناك زملاء بالتأكيد ينبغي احترام مشاعرهم ، وإذا كان لا بد من نقاش الدين (أي دين ) فهناك ساحة وربما أكثر لذلك
مودتي
عزيزي باخوس
هذا الكلام جاء بعد دفاعي عنك واعتبارك ثائرا كمحمد تود تحطيم ألأصنام المعاصرة ، غير أن مصطفى لم يقتنع ، وهو محق في هذا
الجانب لأن القصيدة تحوي مفردات نابية جدا ، لم يعتدها أحد ، ولو أنك نشرت هذه القصيدة هنا في الصفحات المفتوحة لربما لاقت ما لاقته هناك من معارضة رغم الحادية المنتدى
لقد نشرت هناك الغوايات التي أقدم فيها الشيطان كملاك نبيل ووضعته في مكانة لا تقل عن الله ، ودخل عليه قرابة 2700 داخل.. ولم يعترض أحد ، وكذلك الملك لقمان .. ورسائل عشق ، وكلها فيها ما ينقد الدين والله، ولم يعترضني أحد ، وهناك قصائد وقصص لغيري .
بالتأكيد هامش الحرية واسع ، لكنه ليس الهامش الذي نريده نحن ، فلنعمل على ابقاء هذا ا لهامش من الحرية التي أتاحها لنا الإنترنت ،ولا نؤجج الأمورلعل الأنظمة لا تتنبه لما نفعل وتشرع في اصدار القوانين الإنترنتية وحجب المواقع
يقول المثل : العب بالمقصقص لييجي الطيار
أنا مع حريتك حتى لو زودتها عشر حبات ، فأنت حر في ما تكتب ، لكن لا تستطيع أن تفرض ما تكتبه على أي موقع
كل مودتي
بسوس :
وعشق ما له آخر..

كل الحب لشاعرنا المبجل ولا تفريط.

اعشق كلماتك والي الامام ))

Salam For Ever:
محمود شاهين الأسطورة المفقودة في زماننا
إيل :
هلا عزيزي أبو السلم
اين أنت
Salam For Ever:


يا جدي شاهين كما أنا هنا ........

منذ فترة قد أتيت إلى المحل لكنني لم أجدك و تركت لك رسالة تحت الباب

إيل :
ما بقلك تعال دائما متأخر ، شو بتفكرني بصبح احلم بالمحل ؟
:saturn

الشاعر والقاص والفنان إيل

لاول مره اشاهد هذا الشريط الذي يحمل عصارة تجارب
الالم والمعاناه ليس لاديبنا فحسب بل لشعب بأكمله
اعتقد بأنني رأيت بعض ذاتي بين سطورك وفي حلك
وترحالك القصري وفي ثورتك وعنفوانك
امنى النفس بلقياك

إيل :

بدي أقول ساحة حواري منورة اليوم ، بعد غياب طويل للزملاء
هلا عزيزي .
أبهجني حضورك ، وأسعدني كثيرا . دمت صديقا ومبدعا عزيزي .
******

ابراهيم خليل:
تحياتي استاذنا محمود شاهين/ايل

قبل الخوض بمكنونات ( الملك لقمان ) هذه الرواية الكنز بالنسبة لدي ...لدي بعض الاسئلة حول التكنيك المتبع في كتابتها
إيل:

جزيل شكري عزيزي ابراهيم .
وآمل أن يكون حوارنا مثمرا ومفيدا للجميع .
لقد شرعت في كتابة ( الملك لقمان ) عام 1994، وكتبت بعدها وعلى هامشها ( غوايات شيطانية ) في محاولة مني
لوضع أسس لما أسميه فلسفتي للخالق والوجود والدين .. غير أن دور النشر العربية رفضت نشر الكتابين لما يحملانه من
تجديد في الدين يكاد يلغي معظم الأسس والشرائع التي قام عليها .ولهذا تحولت إلى الرسم الذي أعيش منه
وهذا العام جاء الفرج حين وافقت رقابة اتحاد الكتاب العرب في سوريا على نشر الكتابين .
ما صدر هو المجلد الأول من ملحمة الملك لقمان ، وهناك مجلد ثان على الأقل أتمنى أن أجد الوقت لكتابته .وآمل أن تكون بعدئذ فلسفتي واضحة للجميع ومتكاملة .
لقد أطلقت على فلسفتي (الصوفية الحديثة ) وقد تكون الفلسفة الأولى التي توفق بين الروح والمادة ، وإن شئت ( الخالق والمخلوق )
محاولا في ذلك تطوير منهج ابن عربي في وحدة الوجود ، الذي لا يخلو مذهبة من مادية روحية أو العكس
كل مودتي
ابراهيم خليل :
شكرا لك استاذنا الكبير محمود شاهين 8-)
على هذا التقديم حول ما حدث لك مع هذه الرواية ...ونتمى ان نرى الملجد الثاني مطبوعا ومنشورا في اقرب وقت ...

اعزائي القراء ...
كنت قد نوهت في الاعلان السابق عن هذا الحوار ....
ان الملك لقمان .... رواية تحمل الكثير من الحكمة والفلسفة والصوفية ...والخيال ..الخاص بالكاتب
حول الله ...وملائكته ...وابليسه ...وكل ما جاءنا من اساطير ...
حول السلم والحرب ...ابليس وادم ...حول الله والانسان ...حول الانسان والدين ...
حول الدين والاسطورة ...حول شخصيات الاسطورة والكون ....

لذا فالحوار سيشتمل على ماجاء فيها حول كل ما سبق ذكره ...وسيكون الجانب النقدي لهذه الرواية متداخلا ...ولكن لن يكون الاساس بالحوار ...
فما اسعى اليه في هذا الحوار ...هو اعادة صياغة ماجاء فيها // بشكل روائي متقن // ....ليكون مرتبا للقاريء ...ويستطيع رؤية ...ما رأيته انا فيها ...من وجهة نظري ...من خلال هذا الحوار مع الاستاذ الكاتب محمود شاهين ...

لذا وجب التنويه ...

كل الود للجميع
تحياتي استاذنا محمود شاهين/ايل

تبدا الرواية بـــ:

اقتباس:

"حين عزم الأديب لقمان على الانتحار – قبل أن يغدو ملكاً – لم يخبر أحداً بنيّته. ألقى نظرة عابرة على أفراد أسرته، وحيّاهم بحركة بطيئة من يده، وخرج دون أن يتفوّه بكلمة.
ظنّت ابنته أنه يحاول الخروج من العزلة التي فرضها على نفسه منذ أعوام، وظنّ ابنه أنّه يزداد إمعاناً في عزلته، وما خروجه إلا للسير وحيداً بُعيد الأصيل كي يحرّك ساقيه، وربما يستقبل غروب الشمس.
زوجته لم تفكّر في شيء، فهي لم تكن يوماً قادرة على أن تفهم ما يدور في خلده، وكُلّما ظنّت شيئاً فعل نقيضه:

وكان الانتحار بالنسبة له
اقتباس:

«لم تكن الفكرة حسنة، لكنها قد تكون أفضل من حالة اليأس والإحباط التي وصل إليها!»

فقد اعطيتنا لمحة سريعة عن شخصية لقمان ...لنبدأ منذ حينها برسم ملامح هذه الشخصية.
ويبدا لقمان بحفر قبره بيده ...وكانت الصدفة عاملا مهما في هذه البداية ..مع العلم انه يحفر في الصحراء ...فقد حفر قبر قديما ظهرت به في البداية جمجمة
اقتباس:

"أي قدر هذا الذي ساقه إلى هذا المكان بالذات، وما الذي كان عليه صاحب هذه الجمجمة؟"


وبعدها ...كان ما لم يكن بالحسبان ...

اقتباس

"حفر من حوله وأبعد التراب ليجد نفسه أمام قمقم من نحاس. رفعه برفق، كان محكم الإغلاق. عالج التراب المتحجّر حول الغطاء برأس الخنجر إلى أن حرَّره
. أداره بقوة وببطء لتخوّفه من أن يندفع من القمقم جنيّ ما، لكثرة ما قرأ عن الجن السجناء والقماقم المرصودة في كتب التراث العربي

ثم ...وياللدهشة ...ظهر جني القمقم ...وكانت بداية جديدة .او بصيص امل جديد يحاول لقمان التمسك به ولا ينهي حياته بهذا الشكل ...

اقتباس

أمر مولاي العظيم لقمان محرر أرواح الجان! عبدك المُطيع ودرعك المنيع شمنهور« الجبّارملك ملوك الجن الحُمر في سائر الأكوان والأمصار"

عزيزي محمود شاهين ...
ان هذه البداية الرابطة بين الحلم والواقع ...بين التراث والمعاصرة بخيط واه ...
او لنقل غير موجود ...


الم تكن لتشكل معضلة في بداية رواية تريد كتابتها ...
فكما ذكرت على لسان بطل لروايةلقمان ...لكثرة ما قرأ في كتب التراث العربي ...وقصصه ...حول الجن ..ومردة القماقم ...
فكانت البداية ليست تقليدية ...ولكن قد تعطي انطباعا لدى القاريء للوهلة الاولى ...انه امام احدى حكايات الف ليلة وليلة ...قبل أن يكمل ...ويتفاجأ ...بما سيراه بعد ذلك ؟؟؟

كل الود
:-? :-?


إيل:
جزيل شكري عزيزي ابراهيم لكل الإطراء الذي ذكرته خلال تقديمك للسؤال .
يا عزيزي إذا نجحت في الإيحاء للقاريء بأنه أمام عمل من نوع ألف ليلة وليلة ، فهذا شيء جيد ، وهذا ما أردته بالفعل .وأنا شخصيا نشأت على ألف ليلة وليلة ، وهي أول عمل ملحمي قرأته في حياتي وأعدت بعض فصوله عدة مرات
أما لماذا لجأت إلى التراث لتحقيق ما أصبو إليه . فلأنني أرى أن زمن التراث بل التراث نفسه ، ما زال يمتد فينا ويؤثر إلى أبعد الحدود . بدءا بالقناعات الراسخة بما جاء من أساطير دينية
واجتماعية ، وانتهاء ب( الإعجازات العلمية في القرآن ) !! تصور أنني قرأت هذا اليوم موضوعا عن الفيزياء وكيف يمكن تحويل المادة إلى طاقة ، ليرينا كاتب المقال أن عصر سليمان كان ملما بالفيزياء المتقدمة ؛ بحيث استطاع نقل عرش بلقيس ( من اليمن إلى القدس)
ليضعه أمام سليمان ،( قبل أن يرتد إليه طرفه ) أي بلمح البصر !! وتعليل الكاتب ، هو أن عرش بلقيس تحول إلى طاقة انتقلت بسرعة أكثر من سرعة الضوء لتعود إلى التجسد أمام سليمان في شكل العرش ، وهذا ما لم تستطع الفيزياء الحديثة انجازه ! وإن حققت بعض الإنجازات في تحويل المادة إلى طاقة! .
حين شرعت في كتابة ( الملك لقمان ) كنت أدرك أن هذه الأمة ( أمة الأساطير ) لا يمكن مخاطبتها إلا عبر الأسطورة نفسها ، لتغيير بعض قناعاتها .. وكنت أود من ذلك معالجة الكثير من المشاكل التي تعاني منها ، بين ما يشدها ألف عام ونيف إلى الوراء ( تراثها ) وبين ما يشدها إلى الحاضر ( الحضارة المعاصرة ))
. وأكثر ما يعاني من هذه المسائل هم جيل الشباب
حضرت ذات يوم عرضا راقصا لفرقة أوروبية في دمشق . وكانت المفاجأة حين وجدت أن الراقصات عاريات بينما معظم الجمهور من النساء المحجبات . رحت أتساءل عما يدور في أذهان هؤلاء الفتيات وهن يرين أنفسهن بما هن عليه أمام هذا الواقع !وكم أرى العديد من الفتيات اللواتي يضعن الحجاب يوما وينزعنه يوما آخر دون أن يستقر بهن الأمر على حال
ثمة صراع غير معلن تعيشه أجيالنا ، بل وعشناه نحن ، وما نزال نعيشه ، بين ما ضينا وحاضر العصر
لذلك كان لا بد من كتابة الملك لقمان ، في محاولة لتقديم وجهة نظر مغايرة للدين ، وجهة نظر ترقى بالدين إلى الحاضر .. وثمة في الديانات وخاصة الإسلام ما يشير إلى أنه ينبغي على الأمة أن ترقى بدينها ليواكب متطلبات العصر الذي تعيش فيه ، وهذا ما أشار إليه النبي محمد حين قال ما معناه
أنه يأتي على رأس هذه الأمة كل مائة عام من يصلح لها أمور دينها ، واطلبوا العلم ولو في الصين ، ومن المهد إلى اللحد ، وغير ذلك ..
ترى إذا كان الإسلام يحضنا على طلب العلم ، فألم يكن يعلم أن العلم قد يأتينا بما ينقض تعاليم وشرائع كثيرة ؟! أكاد أجزم أن محمدا كان يدرك ذلك ، أو يتوقعه على الأقل ، وكان مع تطوير الدين ليلائم العصور اللاحقة
للأسف هذا ما لم يتنبه له جهابذة الدين ، وربما يتجاهلونه ، ويريدوننا أن نحيا بعقلية ألف وأربعمائة عام إلى الوراء
لم يخرج للقمان جني من القمقم ، وما جرى هو تخيل لقمان أن جنيا سيخرج له . وتركت الأمر غامضا لما تقتضيه متطلبات الروي .. لقد انتحر لقمان فعلا ، وكل ما جرى جرى في خياله ! وهذا ما سيعرفه القارىء في الأجزاء المتبقية من الرواية . ولكن وبعد أن أقول ذلك للقارىء أعيده إلى أسطرة الأمر حين يبني الله قبة كبيرة على ضريح من الذهب للقمان ، خلال طرفة عين !! ففي الوقت الذي أقول فيه للقارىء أن كل ما قرأته مجرد تخيل لقماني ، أعود لأؤكد مباركة الله لهذا التخيل
لقد نشرت أهم خطوط فصل الختام في الرواية ضمن الحوار المطول الذي جرى معي هنا ، وسأبحث عنه وأعيد نشره هنا ، لإغناء الحوار

ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي
تقول ...
اقتباس:

لقد شرعت في كتابة ( الملك لقمان ) عام 1994، وكتبت بعدها وعلى هامشها ( غوايات شيطانية ) في محاولة مني
لوضع أسس لما أسميه فلسفتي للخالق والوجود والدين

ونعود للرواية ...للربط ...والحديث عن نية لقمان بالانتحار ...وظهور الجني شمنهور امامه ...وجعله للقمان مللك ملوك الجان لتحرره لشمنهور
فاجاب لقمان بعد هذا العرض المغري

اقتباس

«المشكلة أنني لا أقتنع بوجود الجن والشياطين وحتى الآلهة نفسها، وما جئت إلى هنا إلا لأنتحر بعد أن غدت حياتي لا تطاق!

اقتباس

أنهم أفقدوني حقي فيها أيها الملك، بل أفقدوني مبررات وجودي نفسها. حتى الفقراء الذين بددت مالي عليهم أو أدنته لهم اختفوا من وجودي، الأصدقاء منهم وغير الأصدقاء، كلّهم تبخّروا في الهواء! وحتى الصّدور الكاعبة الدافئة الحنونة التي كانت تبثُّ إكسير الحياة في روحي ذبلت وذوت أو اختفت. لم يعد ثمة شيء يشدّني إلى هذه الحياة الخاوية أيها الملك

من هنا تبدأ حكاية لقمان والحلم / الواقع ....
تصريح الكاتب بعدم ايمانه بالجن والشياطين ....ثم اعتماد الرواية على رحلة مصاحبة الجن ..لايصال ما تريد من فلسفتك
فهل تعتقد ان هذا قد يكون ناجحا بالنسبة للقاريء لإيصال ما تريد ....

فهذا يعطي رؤية جديدة للكاتب ...والقاريء من وجهة نظري ..فهل من الممكن اعطائنا هذه الرؤية التي تراها اتجاه القاريء

هل هذه دعوة للانتحار ...باعتقادي لا ...ولكن تم توظيغها للوصول الى ما تريده من هذا
فهل من الممكن اعطائنا تصور عن فكرتك حول الموت ...والانتحار ..كحالة هروب من الواقع ...وكيف ترى الموت هنا ....قبل ان تصل اليه بفكرك ..وبعد ان وصلت الى ما انت عليه الان ...؟؟؟

طبعا لن اتناسى موضوع حبيبة ملك الجان ...وما فعله به الملك سليمان ...فلي عودة اليه ....
وسنعود لنهاية المجلد الثاني التي اوردتها ,,,,
كل الود ....

إيل:
hrjfhs

من هنا تبدأ حكاية لقمان والحلم / الواقع ....
تصريح الكاتب بعدم ايمانه بالجن والشياطين ....ثم اعتماد الرواية على رحلة مصاحبة الجن ..لايصال ما تريد من فلسفتك.
.. فهل تعتقد ان هذا قد يكون ناجحا بالنسبة للقاريء لايصال ما تريد ....

فهذا يعطي رؤية جديدة للكاتب ...والقاريء من وجهة نظري ..فهل من الممكن اعطائنا هذه الرؤية التي تراها اتجاه القاريء؟ فكرة عن

يا عزيزي .. الرواية كلها تطرح مسألة الصراع بين الإيمان والإلحاد ، وكان لا بد من بطل ملحد ( لقمان ) لمواجهته بما لا يؤمن به .
ا لخلق حالة درامية ، رغم أن القارىء سيكتشف
في نهاية العمل أن العملية كلها مجرد تخيل للقمان . بغض النظر عن الإيمان المختلف الذي أدى إليه هذا الإختلاف
حين أشرع في الكتابة أبدأ من نقطة لا أعرف أين ستسير ولا إلى أين ستنتهي ، دون أن أفكر في القارىء على الإطلاق ، فما يهمني هو التعبير عما أعاني منه بشكل أو آخر ، أنا أعالج نفسي في الكتابة ، حتى لا أطق قهرا أو ألجأ إلى الإنتحار كما فعل لقمان . الكتابة زادي لمواجهة معركة الحياة . ثمة قراء أتوني ببعض رواياتي ممزقة لأنهم وجدوا فيها ما لا يسرهم .. تماما كما يجري معنا هنا في المنتدى ، فثمة آلاف يتمنون لو في مقدورهم تدمير المنتدى . المنتدى هنا بشكل أو آخر( يعالج)الفكر العلماني أو الإلحادي إن شئت ، وأعداء هذا الفكر بالملايين ، ولو أردنا أن نتنازل عن همومنا ونعمل منتديات تليق بالملايين ، لما لجأ المنتدى إلى الإلحاد.

مشكلتي مع الأدب هي المشكلة نفسها .
قد أكون اخترت الأسلوب المناسب للتعبير عن أفكاري وقد أكون فشلت ، وقد حققت بعض النجاح .. ألخ ..المهم أنني لم أقلد أحدا في أسلوبي ، لا من حيث الشكل ،ولا من حيث المضمون.

ألموت في فلسفتي هو ما لم يجد الخالق حلا له أو بديلا عنه حتى الآن . أما الإنتحار فيلجأ إليه المرء حين لا يقدر على مواجهة واقعه ، وحين يصل إلى حالة اليأس ، وأنا ضده بالتأكيد ولا أدعو إليه . الحياة معركة إما أن تخرج منها منتصرا أو مهزوما . طبعا أقصد حياتنا المعاصرة..
وليس الحياة التي حلمت بها في ( الملك لقمان)
في حياتي راودتني فكرة الإنتحار لكني لم أقدم على تنفيذ أي من الأفكار المتعلقة بالمسألة.
راودتني حين كانت الرقابات تمنع بعض أدبي . لكن إلهي وقف إلى جانبي وقال لي: لا تيأس يا محمود ، قم وارسم ، فقمت ورسمت ، وصرخت بأعلى صوتي : أنا هنا ، لن أموت حتى لو منعتم أدبي !! وإذا منعتم رسمي ، سأتحول إلى الموسيقى ، فأنا أجيد العزف على الناي .
( يا لون حين زارني طيفك في شفق الفجر مؤتلقا بروح الخالق في سنا البرق ، وتحت ظلال المطر ، لتنقذني من ربق الكلام وأسر الزمن ، وتقودني إلى آفاق الحلم ، أغواني سحر جمالك ، وأنا أتيم في سدم فيئك ، ، وذاهنني الله أن أتبعك ، فتبعتك ، لتحملني وأحملك ، عبر فضاءات الروح ونبض الأحاسيس ، إلى غياهب المطلق وأغوار المجهول)
مقدمة كلمتي حول معرضي الأول عام 1995ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي محمود شاهين ...
واشكرك على ردك الجميل ...

تقول
اقتباس

، أنا أعالج نفسي في الكتابة ،

وهنا اقتبس مقولة من بداية الرواية على لسان الملك لقمان ...بعد سؤال ملك الجان المحرر عن طموحه

اقتباس

إنه طموح بسيط ومشروع أيها الملك: أن نحبّ بعضنا نحن معشر البشر، وأن نحب لغيرنا ما نحبّه لأنفسنا، وأن نعمل من أجل الآخرين بالقدر الذي يعمل به الآخرون من أجلنا، وأن ننبذ الشر من بيننا، ونصلح ما أفسد أرواحنا، وشوّه جمال إنسانيتنا، أن نتّحد في مواجهة الأخطار المحيقة بكوكبنا، أن نمنح الإنسان حريته، أن نسخّر العلم والمعرفة لخدمة البشرية وإطالة عمر الإنسان، لا لتدميرها وقتل الإنسان، أن نوجد نظاماً عصرياً يسمو بالبشرية من حضيضها، أن ننقذ ملايين الجوعى في العالم. لقد أخفقت في تحقيق شيء أيها الملك، حتى طموحاتي الأقل شأناً كأن أرى بلدي محرراً من المحتلّين، أخفق جميع العرب والمسلمون والقوى المحبة للسلام والحرية في تحقيقه، أو حتى أن أعيش ضمن الحد الأدنى من الحُرّيّة الذي يتيح لي نشر كتبي وأفكاري وإبداء رأيي وممارسة الحب مع من تحبّني! لم يتحقق لي أي شيء من كل هذا وذاك أيها الملك، أي شيء على الإطلاق، ولم يعد هناك أي معنى لهذه الحياة، ولو في نظري. والحق أنني أشكّ في أنك قادر على تحقيق أحلامي هذه، رغم قناعتي أنك قادر على فعل المعجزات. لذلك أرجوك أن تأخذ خاتمك هذا وتنصرف إلى حيث تريد، وتعيش حياتك بحرية خارج الأسر. وتدعني أنتحر بسلام، وكم أنا سعيد بتحريري لك،بعد ثلاثة آلاف عام من القهر. لا أظن أنني فعلت ما هو أجمل من هذا في حياتي، وإن حدث ذلك بمحض الصدفة. ولا أظن أن ثمة بطولة في المسألة"

هنا يتحدث الملك لقمان ويعطي ملخصا كاملا عن مأساته داخل الجموع الانسانية ...وشعوره بالواجب اتجاههم ...ولكن احلامه الكبيرة باءت بالفشل ...فادت به الى الانتحار ...وجزمه ان هذا الجني لن يستطيع تحقيق ما يصبو اليه ...ربما نتيجة عدم تصوره لما يستطيع الجن ان يفعله ...وهذا ما سيتوضح للقاريء بعد ذلك خلال رحلته مع الملك لقمان خلال صفحات تلك الرواية

وهذا الاقتباس المكثف ...يختزل الكثير ...لنراه موضحا في الرواية خلال زيارات الملك لقمان
السؤال هنا ...
اذا اردنا اعتبار الدين ...اي دين ...صاحب رسالة ...فهل يستطيع فرض المحبة والسلام من منظور انساني ؟؟؟ باعتبار انك وجدت عكس ذلك ...
...هل يمكن ان توضح لنا نظرتك الى الديانات .؟؟

وكيف ترى حرية التعبير ؟؟؟ وهل لها قواعد ؟؟ طبعا مع الاخذ بعين الاعتبار ...ان حرية التعبير للكاتب في كتاباته ...تختلف تماما ...عن ممارسة الحرية على ارض الواقع ؟؟؟


والان اعود الى تعليقك السابق ...

اقتباس

ثمة قراء أتوني ببعض رواياتي ممزقة لأنهم وجدوا فيها ما لا يسرهم .. تماما كما يجري معنا هنا في المنتدى ، فثمة آلاف يتمنون لو في مقدورهم تدمير المنتدى
المنتدى هنا بشكل أو آخر( يعالج)الفكر العلماني أو الإلحادي إن شئت ، وأعداء هذا الفكر بالملايين ، ولو أردنا أن نتنازل عن همومنا ونعمل منتديات تليق بالملايين ، لما لجأ المنتدى إلى الإلحاد
كيف ترى الالحاد على مستوى الدول العربية ؟؟؟ وكيف تعرف الالحاد من وجهة نظرك ...؟؟

كل الود عزيزي

إيل:
اقتباس:
اذا اردنا اعتبار الدين ...اي دين ...صاحب رسالة ...فهل يستطيع فرض المحبة والسلام من منظور انساني ؟؟؟ باعتبار انك وجدت عكس ذلك ...
...هل يمكن ان توضح لنا نظرتك الى الديانات .؟؟

وكيف ترى حرية التعبير ؟؟؟ وهل لها قواعد ؟؟ طبعا مع الاخذ بعين الاعتبار ...ان حرية التعبير للكاتب في كتاباته ...تختلف تماما ...عن ممارسة الحرية على ارض الواقع ؟؟؟

الديانات كما الفكر الإنساني كله مراحل تمر بها الأمم خلال فترات حياتها ، في سعيها للبحث عن سر وجودها وغايته ، بما في ذلك سر الوجود نفسه .. وليس هناك أمة لم تفكر في المسألة.

.. لا أظن أن ثمة دينا لا يحمل في بعض جوانبه فكرا إنسانيا ، طالما أنه من وضع بشر . المشكلة أن الفكر الإنساني يختلف من فكر لآخر ومن دين لآخر.. ..
ولا أظن أنه في الإمكان تطبيق فكر إنساني بمعنى الكلمة للبشرية كلها ، سواء بمنظور إنساني أو بمنظور ديني ، مالم يظهر فكر إنساني يقرب بين الأمم وينمي نوازع الخير في نفوسها ويقتل نوازع الشر . وهذه مسألة ليست سهلة على الإطلاق.. .
حرية التعبير
عن أية حرية تعبير تسأل ؟ في عالمنا العربي هامش الحرية محدود جدا على كافة
الصعد ، الأدبي منها وغير الأدبي.في البلدان المتقدمة ، الحرية متوفرة، وشروطها
فضفاضة ، حسب شخصية المعبر!
. فقد يعبر أحدهم عن رأية بلغة مهذبة وقد يعبر آخر بالشتائم

اقتباس:
كيف ترى الالحاد على مستوى الدول العربية ؟؟؟ وكيف تعرف الالحاد من وجهة نظرك ...؟؟

أظن أن نسبة الملحدين في الدول العربية كبيرة ، وربما أكثر من بعض الطوائف
الملحد من لا يعتقد بوجود خالق .وهناك من يشاركون الملحد بشكل أو آخر هذا الإعتقاد
- من يعتقدون بوجود خالق ، كأن يكون طاقة ما ! أو حتى الطبيعة .
- من يعتقدون أن مسألة وجود خالق أو عدمه ، مسألة لا يمكن اثباتها ( أللاأدريون
) العلمانيون
اللادينيون
إلى اللقاء
ابراهيم خليل:
اقدم اعتذاري عزيزي الاستاذ محمود شاهين على التاخير في اكمال الحوار ....وخلال
ايام ساعود لاكماله ...وارجو منك قبلول اعتذاري
لا داعي للعذر عزيزي
جمال المنتديات أن الزمن والمساحة فيها مفتوحان. وأظن أننا لسنا في عجلة من أمرنا ، هاجمني هاجس الكتابة اليوم وودت أن أشرع في الجزء الثالث من ( الملك لقمان )
ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي محمود واعتذر عن التاخر في تتمة الحوار ...وسنعود لاكماله
واريد ان اقفز قليلا عن بعض صفحات الرواية للوصول الى شيء مهم يدور حاليا في اروقة المنتدى ويكثر الحديث عنها ...ولن انسى ان اذكر انك نوهت الي عن هذا الفصل ... حيث ان الحديث عن الاخلاق بات الشغل الشاغل خلال الفترة الماضية وحتى اليوم ... ما بين مؤيد ومعارض ...وطريقة التعامل معها ..ولاكون اشد تحديدا .... الرادع ...فالمؤمن لديه رادع واضح وهو عقاب الله ...ولكن الملحد لا رادع واضح له ...بالنسبة للذي ينظر اليه من المتديين ... حيث يتهم الملحدين بانهم لا اخلاقيين..
وللدخول الى الرواية

) فصل (بطيخ وبغال وزنى أبوي ) ص( 136 )
اقتباس

لكن سأختصر لأقول، إن المشاكل في كوكبنا أكثر من أن تحصى، وفيما يتعلّق بالمسألة الجنسية، تجد نساء عندنا ورغم القناع الأخلاقي يضاجعن أبناءهن، ورجالاً يضاجعون بناتهم، وثمة من يضاجعون البهائم والحيوانات وحتى الفواكه والخضار، وثمة من يخونون نساءَ هم، وثمة من يخنّ رجالهن، وثمة من يتزوّجون امرأة كل أسبوع على سنّة الله ورسوله، وثمة من لديهم مئات الجواري والغلمان ..
«مهلاً، مهلاً أيها الأديب، ماذا تقصد بمضاجعة البهائم والفواكه والخضار؟»
يا عزيزي.. عندنا في الريف يلجأ أبناء الفلاحين إلى مضاجعة الجحشات والبغلات والأبقار والمعز والنّعاج والخنازير. وفي المدينة، وربّما في الريف أيضاً، تلجأ النسوة إلى الخيار والجزر والموز والكوسا والفقّوس والباذنجان، وحتى الزّجاجات الأسطوانية والصبّار!
«الصبّار؟»
نعم! ذات مرة فعلتها فتاة من قريتنا لم تجد غير الصّبار لأن شوكه يثيرها أفضل من أي فاكهة أُخرى!
«وأنت ماذا أدراك أيها الأديب؟»
«هي قالت لي حين رأيت شفريها متورّمين»
وراح السيد شاهل بيل وزوجته يضحكان، فيما الأديب لقمان يتابع
لكن إن شئتما الأطرف، فهو ما فعله أحد المراهقين في بلدتنا مع البطيخة، حيث ثقب في قشرها دائرة بحجم عضوه، وحفر لها حفرة في الأرض كي تستقر فيها واستلقى فوقها. كان أمتع شيء في هذه المضاجعة، هو إحساسه بتمزّق لُب البطيخة أمام ضغط عضوه، فقد كان يشعر أنّه يفتض بكارة عذراء!

هل هذه الفصول من خيالك أم أنها حدثت فعلا سواء معك أو مع آخرين عرفتهم أو سمعت عنهم ؟
وكيف تنظر اليها .....؟؟ هل تعطيها مبررات بسبب الظروف .... أم أنت مؤمن بها ؟؟؟
بمعنى اخر ...ما هي نظرتك للاخلاق ؟؟؟



كل الود والمحبة ....


ثمة ما بين الخيال والواقع ما
إيل:
المشكلة أن الدين لا يردع المتدينين عن تلبية رغباتهم حتى لو كانت غير أخلاقية ، كالممارسة مع المحرمات .. وربما يكون الملحدون أكثر التزاما بالأخلاق التي يؤمنون بها وهي ممارسة الجنس بالتراضي حين تتوفر الرغبة لدى الطرفين .. أنا لا أعمم فيما يتعلق بالمحرمات .. فالمؤمن الملتزم بالدين لا يستطيع في الغالب تجاوز سني المراهقة والشباب دون ممارسة الجنس ولو بالعادة السرية!وهذه مشكلة لم تحلها الديانات ، حتى في المسيحية الجنس دنس !
لذلك تلجأ بعض الطوائف إلى الرهبنة .. وقد تطرق نيكوس كازنتزاكي إلى هذه المسألة حين رأى أن المسيحية تقتل الجسد لصالح الروح
سأقتطع هذه الفقرة التي تأتي في ما بعد في الرواية ، وهي خلاصة رأيي في المسألة الجنسية:
إني أقول لك أيتها المرأة ، ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل ، وليس هناك رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال ، والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ومارسوا الجنس بالتراضي والقبول ، ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة فإنكم بذلك تتقربون إلى الله!
أنا اربط هنا بين الجنس والتقرب إلى الله .. وأرى أنه ضرورة لتهذيب النفس والسمو بها وحتى الرقي بالعقل .. المكبوت لا يفكر بشكل سليم ، حرروا أجسادكم تحرروا عقولكم!
لا أرى ما يسيء إلى الأخلاق في ممارسة العادة السرية في أي سن كانت .. فالمجتمع الذي لا يجد حلولا لمشاكل أبنائه يلجأ إلى أية وسائل أخرى تشبع رغباتهم . وثمة مشاكل تنشأ بعد الحياة الزوجية لعدة أسباب لا توفر المتعة الكاملة للزوجين أو لأحدهما . وفي هذه الحال لا بد من إيجاد حلول حتى لو كانت العدة السرية
المؤسسة الزوجية مؤسسة فاشلة لكن لا يوجد بديلا لها حتى الآن في المجتمعات ، في الغرب تم تجاوز المسألة في حالات محدودة ، الإنجاب دون زواج وحتى دون حياة مشتركة.
أظن أن الجميع سمعوا بالأمس بالطفل الإنكليزي ذي ال 13 عاما الذي أصبح أبا مع صديقته الطفلة.
الأحداث التي أوردها في الرواية معظمها سمعته من أصدقاء وصديقات وبعضها حدث معي بالتأكيد ، وثمة إضفاء القليل من الخيال عليها.
بالتأكيد لا أشجع ممارسة الجنس مع الحيوانات .. غير أنني لن أعنف مراهقي الأرياف إذا ما فعلوها ، كذلك لن اعنف مراهقي ومراهقات المدن إذا ما فعلوها مع أمثالهم أو مع الجنس الآخرأو حتى مع الكوسا والجزر للمراهقات. ..
الأخلاق كلمة فضفاضة وحدودها تختلف من مجتمع إلى آخر ، ويمكنني تلخيصها بعدم الإساءة إلى الآخرين مهما كان نوع هذه الإساءة . فممارسة الجنس بشكل ذاتي أو مع طرف آخر حق للإنسان أينما كان ، تماما كالطعام والشراب.
الجنس مع المحرمات مكروه ( في زمننا ) عند البشر سواء كانوا ملحدين أو متدينيين ولا يقدم عليه غير المرضى أو أشباههم.
في عصور سالفة كان الفراعنة يتزوجون من أخواتهم ، وقابيل وهابيل تصارعا على أختهما.
ولوط ضاجعته ابنتاه وأنجبتا منه طفلين لينتشر بعد ذلك نسل أصله حرام..
في ما بعد الزواج تنشأ مشاكل كثيرة بين الزوجين ، إن أردتم تجربتي فأنا مع الحرية ، زوجتي بالغة عاقلة وهي مسؤولة عن نفسها وأنا مسؤول عن نفسي ، فهي لم تتملكني وأنا لم أتملكها..
مع مراعاة المشاعر والظروف .. يعني يندر أن تكون زوجتي موجودة ( غير مسافرة ) وأذهب لأنام مع صديقتي .. مع أن هذا حدث معي لكن برضى زوجتي ، لأن الصديقة هددت بالإنتحار إذا لم أذهب إليها.
أنا الآن دون زوجات ( تزوجت مرتين ) لأنني أعشق حريتي ، ولأن الحياة الزوجية لم تشبع رغباتي العاطفية والجنسية . عدا المشاكل الأخرى وهي كثيرة.
الصدق بين الزوجين المسألة الأهم ..فإذا اتفقا على الإلتزام شيء جميل ،وإذا اتفقا على البوح بالرغبات فهو كذلك .. الزواج عقد بين اثنين يمكنهما أن يصوغاه حسب رغبتهما ..
في مجتمعاتنا الذكورية المسألة معروفة ، المرأة كالجارية .. والرجل يفعل ما يشاء .. والمرأة في معظم الأحيان تغض الطرف ، لعدم وجود خيارات أمامها. *********
ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي محمود شاهين. -
في فصل ( ولادة وتنبؤات مأساوية ) ص (209..) تتحدث عن ولادة الأديب لقمان في حقل الحصاد ، حيث يتماهى ما هو واقعي ( الولادة في الحقل ) بما هو أسطوري ، حديث الأفعى للأم وتنبؤاتها بأن ابنها سيغدو ملكا.
هل هذه ولادة محمود شاهين فعلا أم أنها محض خيال ، وهل شخصية لقمان تحمل شيئا من شخصية محمود شاهين ؟

وهل اردت يوما أن تصبح ملكا ؟؟؟ وكيف ترى الملك في ذاتك ؟؟

ثمة ولادة ...ام نبوءة ما !
في الحقيقة لا أعرف بالضبط .. غير أنني سمعت في صغري من أمي حديثا عن ولادتي في حقل حصاد أو ما شابه ذلك .. الفصل متخيل وربما لا يخلو من حقيقة ما
شخصية لقمان في سلوكها هي نسخة طبق الأصل عني ، أما في شكلها فإنني نادرا ما تخيلتها ، وحين أحاول ذلك أتخيل نفسي.
بالتأكيد لم أحاول أن أصبح ملكا في يوم ما لاستحالة الطموح ، وإن كنت أحلم في طفولتي بأن أكون ملكا .. وكم أطلقت لخيالي العنان وعشت حياة الملوك كما تخيلتهم طفولتي .. وحين شرعت في كتابة ( الملك لقمان) وأنا في الثامنة والأربعين من عمري لم أعرف في البداية أنني أستنهض أحلام الطفولة بالملكية .
أدركت ذلك فيما بعد وأنا أستعيد سيرة حياتي في لحظة صفاء .. راقت لي الفكرة كثيرا .. ورحت أخوض مع لقمان غمار حلم مختلف .. فلقمان قادر على زلزلة الكون بعكس الملك المتواضع الذي كنت أتخيله في طفولتي.
أنا ما زلت أعيش أحلاما من هذا النوع في حياتي ، أقصد أحلاما خارقة ، ولا سيما قبل النوم بين حين وآخر .. وكثيرا ما حررت فلسطين من سريري خلال خمس دقائق قبل النوم ..
الفصل الذي سأفتتح به الجزء الثالث من ( الملك لقمان ) سيكون تحرير فلسطين .. وسأجعل لقمان يرتكب من الفظاعات في الصهاينة ما لا يمكن لعقل بشري أن يتخيله ، وسأجعل كل يهودي يقرأ الفصل إذا ما أتيح له ذلك أن يغادر فلسطين فورا !!رغم أن الفصل كله ليس أكثر من كابوس يراه لقمان وهو نائم. فلقمان شخصية مسالمة في الرواية ويكره الحرب والقتل وسفك الدماء.
راودتني فكرة الفصل بشكله النهائي بعد مجازر غزة
لا أعرف من أين جاءني الحلم بالملكية في الطفولة ، ربما من قراءتي لألف ليلة وليلة التي قرأتها وأنا في حدود الثالثة عشرة من عمري.
إيل:

ابراهيم خليل يتكاسل أو أنه مشغول بشيئ ما !لم يعد يطرح أسئلة
أفتح المجال لكل من يريد أن يسأل حول ( الملك لقمان ) و( غوايات شيطانية )
. مع أطيب تحياتي لكل من تابع وسيتابع الشريط
ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي
واقدم اعتذاري لك حول تاخري في اكمال هذا الحوار ....واتمنى ان لا ننقطع عنه حتى النهاية .

لنعد الى الرواية ....
وسيكون كالسؤال الاخير ..ولكن بصيغة اخرى .

اقتباس:

أرجوك أيها الملك ألا تخاطبني مولاي، لأنني أكره أن أكون سيداً لأحد، ولا تعظمني لأنني لم أمقت في حياتي أحداً أكثر من المعظّمين دون أن يكونوا عظماء. ثم إنني وبالتأكيد،لست عظيماً ولست بطلاً ولست نابغة، إنني إنسان متنوّر بعض الشيء، حاول أن يلِمّ بثقافة البشرية بالقدر الذي أتاحه له وقته.

هنا يخاطب الاديب لقمان ملك الجن
اسم الرواية الملك لقمان .....وبطل الرواية يرفض هذا المنصب ...او ان يكون سيدا لأحد ...؟؟؟ كيف كان اسم الرواية الملك لقمان ، وكيف ارتبطت طفولتك ...وروايتك في نفس الحلم ...وما هو مفهومك عن الحاكم.الذي حاولت ايصاله من خلال الرواية ..
طبعا قبل احداث غزة عزيزي .....
كل الود
إيل:

ابراهيم
بذمتك ؟
هل هذا ما طلع معك لأن تسأل عنه بعد طول غياب ؟
كان اسم الرواية كذلك لأن لقمان غدا فيها ملكا ، بعد أن وافق على مصاحبة الجني شمنهور، وقبل أن يكون ليس ملكا فحسب، بل ملكا للملوك أيضا رغم كرهه للملوك
لكنه كان ملكا ليس كالملوك بالتأكيد حسب ورود افعاله في الرواية ، فقد كان رحيما جدا وإنسانيا جدا . ولم يعدم أي إنسان من الطغاة الذين واجههم في رحلته .ولا تنس أن كل ذلك مجرد حلم ،فلقمان انتحر ولم يصبح شيئا إلا في الخيال .
لا يوجد من طفولتي في الكتاب إلا الحلم كحلم بالملكية ، حلم الطفولة كان حسب وعيي كطفل ، أي أنه كان ساذجا ، أما حلمي كروائي فهو مختلف تماما ، حسب الرواية ، فهنا الملك الذي لديه رؤية للوجود والكون والعدالة الإنسانية ، والدين ، وغير ذلك.
عن أي حاكم تسأل ، الإمبراطور ، الدكتاتور ، الملك ، الرئيس ؟ كلهم معروفون
لكن إن شئت أن تسأل عن مفهومي للحاكم الذي ينبغي أن يكون فيمكن تلخيصه بما يلي
1- لا يقبل لترشيح الحاكم أي إنسان دون سن الخمسين
2- ينبغي أن يكون حائزا على أعلى شهادة جامعية
3- ينبغي أن يكون قد قدم أفعالا مشهودة لمجتمعه
4- ينبغي أن يكون من صفاته التاريخية ، المحبة ، حسن الخلق ، عشقه للحرية ، الصدق ، الأمانة ، الوفاء ، الإخلاص ، وأن تكون رؤيته للعدالة الإنسانية مشهودا بها ، كنبذه للثراء والفقر في الوقت نفسه ومحبته للبشر دون تمييز
5- لا يحق له البقاء في الحكم لأكثر من أربع سنوات
6- أن ينتخب من قبل 60 % من أبناء بلده ،
هذه خطوط عامة للحاكم الذي أتخيله ، وهذا ما سأتعمق فيه في الأجزاء المتبقية من الملك لقمان
إلى اللقاء في أسئلة أكثر عمقا
ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي ....
بعد اجابتك حول شكل الحاكم الذي تتمنى وتحبذ
....وهو مشابه لما كانت عليه مجالس
الشيوخ في روما قديما على ما اعتقد
.... حيث اعضاءه يجب ان يكونوا من ذوي المراتب العالية علما وثقافة وتجربة وسنا ....

اقتباس

لقد اعتدت تعظيم من يتحكّمون بطلسمي أيها الأديب لقمان، ومع ذلك سأحاول إن استطعت

هذه العبارة على لسان ملك الجان لها من التفسيرات الكثير .. ولكني ساختار ما رايته انا واضحا جليا
ان الاعتماد على الحكايات القديمة ...والطلاسم ...وكون ملك الجان هنا عنصرا رئيسيا في الرواية ...واذعان الجان للطلاسم حسب معرفتنا .... يجعل هناك مقارنة بين مشاكل الجان لانها مسحورة ومذعنة لمن يفك طلسمها وبين شعوبنا العربية ...واذعانها للظلم الذي يقع عليها .... اذ انه من هنا نعلم ان ملك الجان سيكون في خدمة الاديب لقمان طوال رحلتنا عبر صفحات الرواية ...مع ان الملك لقمان يرفض هذا الالتزام .... فهنا قد يجد القاريء نفسه امام حدث مألوف ...ولكنك تستخدم تكنيكا بالطرح ...حيث انك جعلت هذا الجني يشارك في اكثر الحورات تعقيدا ...مع اعترافه المسبق بعدم قدرته على فهمها

اقتباس

حسناً أيها الأديب! ما أودُّ قوله فيما يتعلّق بخيبة أملك، وتبديد طموحاتك، وسعيك إلى الانتحار، هو أن الشر أزلي فلقد خلق الله الإنسان وخلق الشيطان، خلق حوّاء وخلق الأفعى، خلق «قابيل» وخلق «هابيل» من ضمن ما خلق، إنّه سرّه وإحدى معجزاته يا مولاي، عفواً أيها الأديب لقمان!

«أي سرٍ هذا وأية معجزة أيها الملك؟ إذا كان الله يعرف أن الشيطان سيضلل الإنسان، فلماذا خلقه؟ وإذا خلقه دون أن يعرف ما الذي سيفعله، فلماذا جعله يقوم بأفعاله البغيضة؟ لماذا لم يردعه؟ لماذا لم يقتله بعد فعلته الأولى؟ وإذا كان يعرف أن «قابيل» سيقتل «هابيل» فلماذا خلقه أيضاً، وإذا لم يكن يعرف حين خلقه، فلماذا أتاح له أن يقتل أخاه؟! قل لي أيها الملك؟

ان هذا الحوار الذي يدور بين لقمان والجني ...عن سر الخلق ...حول قصة الخلق ...وجعلك لهذا الجني يخوض حوارا تم تلقينه له عبر حياته الطويلة جدا ....

فها انت هنا تبدأ بقصة الخلق ...وتبدأ بوضع لمستك الاولى حول صوفيتك وفكرك ...في هذه الرواية ...
الخير والشر والله .....

اقتباس:

«إنه سرّه. سرّه أيها الأديب لقمان»

الاجابة المعتادة لكل متدين


اقتباس:

سرّه أن يكون خيراً وشراً في آن واحد؟ ما هي الحكمة في ذلك؟ سرّه أيضاً أن ينزل كلَّ هذا العذاب بأيوب لمجرّد أن يختبر إيمانه، وليقنع الشيطان بهذا الإيمان؟! هل أغواه الشيطان هو أيضاً حتى أتاح له أن ينزل كل هذا العذاب الفظيع بأيّوب؟ أي إله هذا الذي لا يعرف مدى إيمان إنسان خلقه إلاّ بهذه الطريقة البشعة؟! من الأفضل لك أيها الملك أن تعرف أنه سرّنا نحن معشر الإنس، وإن شئت الإنس والجن، الذين أوجدوا الله والشيطان، قابيل وهابيل، آدم والأفعى، الخير والشر.

هذه التساؤلات العميقة ... كيف اجبت عليها ...لتبدأ رحلتك نحو الهك الخاص ...؟؟؟

كل الود .

إيل:

لن أخوض في مقدمتك التي فيها ما أتفق معك عليه وما أختلف أيضا
حتى نهاية الرواية لا يعثر لقمان على إجابات قاطعة لقلقه حول وجود خالق كما يتصوره ، كان هناك تصور لخالق لدى لقمان ووجد أن هذا الخالق يقف معه ويساعده حتى بإحياء الموتى له ، مما يشير إلى أن الخالق راض عنه وعن أفعاله ، لكنه لم يصل إلى إجابات حاسمة ، خاصة وأن الشيطان بدا خالقا أيضا في الرواية ويقول أنه هو من خلق الإنسان لمساعدة الله في عملية الخلق .عدا الآلهة الأخرى التي
واجهها لقمان في رحلته ومنها إله بشري ( فلاح ) سجد له لقمان لقناعته بألوهيته ، حين وجد أنه مجبول من طينة خيرانية لا يوجد فيها أي جانب شراني على الإطلاق
فالألوهة هنا تتبدى في جانب خيراني فقط ، دون أن يكون لديها أية إمكانية للخلق بالمعنى الإلهي أو الديني.
على أية حال يمكنني القول أنه لا يطلب من عمل أدبي متخيل أن يقدم إجابات قاطعة عن أية مسألة في الوجود لأن هذا ليس من مهمة الأدب ، بل من مهمة البحث العلمي أو الإجتماعي ، وبالتالي طرح أسئلة من هذا النوع مجاله ليس هنا.
الأدب يضيء طريقا ينير يستشرف آفاقا، يطرح مشكلات ومسائل تعاني منها المجتمعات لكن لا يمكنه تقديم إجابات قاطعة.
من يصدق أنه يمكن لإنسان أن يصعد إلى السماء بالطريقة التي صعد بها لقمان ، ومن يصدق أنه واجه هذا العالم ؟
لعبة الخيال هذه تقيم دولة على كوكب الزهرة ، مع أنه معروف للجميع أن لا حياة عليه ، وقس على ذلك جميع أحداث الرواية غير ممكنة الحدوث .. ولا تقدم إجابات قاطعة لأية مشكلة . تقدم إضاءات واستشراف آفاق ، وقد تؤثر أيجابا في قارئها ، وقد يكون تأثيرها صادما وسلبيا أيضا.
إلى اللقاء .
ملاحظة : تجاوزت هذه الإشكالية واجتهدت لأن أقدم مفهوما لماهية الخالق كعقل طاقوي يسري في الكون والكائنات ويتجلى فيهما وخاصة في الانسان ، وأن الغاية من الخلق هي أن يرى هذا العقل ذاته متجلية في خلقه ، وأن يقوم الخلق بدوره بالعمل على إيجاد حضارة انسانية تتحقق فيها قيم الخير والعدل والمحبة والجمال. وهو ما يطمح هذا العقل الطاقوي في بلوغه .
ابراهيم خليل:
تحياتي عزيزي محمود

لقد سالت عن تجربتك الخاصة نحو هذا الاله الذي يحاول لقمان الوصول اليه عبر التجريب والانتقال من كوكب الى اخر ..حيث قمت انت باستخدام الاسطورة ...وبدات الانتقال بين خباياها ...كانها كواكب منفصلة ...تربطها مسافات زمنية ..استطعت بمهارة فنان الوصول اليها واللعب على حكاياتها ...ما بين تقديس الانسان .... الى ذلك الاله الذي يدعوه لقمان ويجعل كل الجان تؤمن به

هل من الممكن ان تخبرنا عن تاثير الاسطورة عليك ...وكيف استطعت الاخذ منها والتمييز ما بين الجانب الخيراني والجانب الشراني بينهما .... حيث انك وضعت في شروحاتك في الرواية ...الكثيرمن القصص ... ابتدأت بحكاية ملك الجان الذي حكم عليه سليمان بالحبس 3000 سنة وصولا الى حكاية ابليس الذي رفض السجود لادم حسب الموروث الديني
فالرواية تعج بالكثير حول ذلك ...واعتقد انني ساجهدك بالاجابة على الاسئلة من الان حيث انني سانتهج منذ الان الاسئلة العمومية على الرواية وسنتطرق خلالها الى ولادة الرواية الاخرى // غوايات شيطانية. //

كل الود !
إيل:
عزيزي ابراهيم
ليست المسألة مسألة تأثر بالأسطورة بقدر ما هي محاولة للإفادة منها وتوظيفها في عمل أدبي .، وإذا كان ثمة تأثر بأسطورة ما ، فأنا متأثر بعض الشيء بأسطورة المسيح ، بقدر ما .. ربما لأن قصته تراجيدية بكل معنى الكلمة . ثم إنني لا أتعامل مع الأسطورة بشكل مباشر، بل أستوحي منها ، وأحيانا أؤلف اسطورة من خيالي ، وليس بالضرورة أن تكون من وحي أو تأثير أسطورة ما ، كأسطورة الفلاح الإله . ويمكن القول أن الرواية بمجملها هي اسطورتي أنا.
لقد حاولت الإفادة من بعض أساطير الشرق ، بدءا بالأساطير الفرعونية ، مرورا بالبابلية والفنيقية ( مع أن بعض الباحثين لا يعترفون بالحضارة الفنيقية ويعتبرونها كنعانية ) ثم التوراة والإنجيل فالقرآن وغيرها
ثمة بعض الفصول تبدو الدلالات فيها واضحة وتذكر بأساطير معينة كما في فصل (الآلهة الطيبون) و فصل ( تحطيم الأصنام). )
وثمة رموز كثيرة تشير إلى الكتاب المقدس أو اسطورة الإله تموز أو الإله اليهودي يهوه .
ثم إن معظم الأسماء في الرواية هي أسماء وجدت من قبل في أساطير المنطقة . وقد وظفتها في محاولة لخلق صورة محدثة للتكوين ،وهذا ما طمحت إليه في الرواية بمجملها.
لا أحبذ الخوض أكثر في الأساطير التي مثلت بشكل أو آخر في الرواية ، لان هذا الخوض لا يغني القارىء عن قراءة الرواية ، والقارىء المطلع ولو قليلا على أساطير المنطقة سيلمس حضورها بصورة ما في بعض الفصول.
أكثر ما أعجبني في الآلهة المضحون هو تموز أو دوموزي الذي يذبح في فصل الخريف ويعود ليحيا في الربيع ، وقد استوحيت منه مشهدا ضمن فصل( الآلهة الطيبون)
وأظن أن ذبحه كان يتم بطريقة غير إنسانية وهذا ما فعلته في المشهد رغم
رغبة الإله وشعبه في المسألة ، والحق أن هذه الأسطورة التي تأثرت بها المسيحية فيما بعد وقدمتها بشكل مختلف (صلب المسيح)
تبدو لي من أغرب ما تمخضت عنه عقلية شعوب المنطقة ، قتل الإله من أجل الحياة .. أو التضحية بالإله فداء لشعبه.
تبدو الفكرة نبيلة رغم همجية القتل بحد ذاته ! ولذلك جعلت الأرض التي دفنت فيها قطع لحم الإله تنبت الخيرات بسرعة.
في فصل (تحطيم الأصنام ) يهاتف الله الملك لقمان في فقرة مطولة ( ص 413 ) مشيرا إلى أن كل ما سفك من دماء عبر التاريخ هو دمه !دون أن يكون راضيا ودون أن يكون قادرا على منع السفك ، وكأنه قدر لا مفر منه يواجه الله نفسه ! وهذا ما دفع لقمان إلى التساؤل عما إذا كان الله يبحث عنه بالقدر الذي يبحث فيه هو عنه .
. وهذا أدى إلى معرفة ما هو جديد عن الله لدى لقمان ، الإله غير قادر على كل شيء رغم قدراته العظيمة . وهذا ما أعرفه في فلسفتي
ب ( الإله غير الكامل ) المبدأ الذي تقوم عليه فلسفتي كلها.
مسألة الخوض في تفاصيل الفصول والأحداث والوقائع قد تطول كثيرا دون أن نفيها حقها. وقد نعود إلى بعضها في الأسئلة اللاحقة.
لذلك سأكتفي بهذا القدر من الإجابة.
إلى اللقاء
*****
روجع هذا الشريط في كانو الثاني.2022
***********










حوار صاخب مع محمود شاهين في الأسبوع الأدبي
تاريخ النشر : 2008-11-27

لماذا لا يحطم الكاتب العربي جدران التابوهات ويذهب إلى الجنة
حوار صاخب مع الروائي والفنان التشكيلي الفلسطيني محمود شاهين

تقديم:
العصامي :

منذ أكثر من سبعة عشر عاما اختفى محمود شاهين من عالمي الأدب والصحافة ، ليتحول إلى الرسم ، وإذا استثنينا مجموعته القصصية ( موتي وقط لوسيان)
التي صدرت عن وزارة الثقافة الفلسطينية قبل ستة أعوام ، فإن محمود شاهين لم ينشر شيئا بالعربية بعد صدور روايته ( الأرض المغتصبة – عودة العاشق ) عن دار الشيخ أواخر الثمانينات.غير أنه صدر لمحمود شاهين قبل بضعة أعوام رواية ملحمية في ألمانيا ، مترجمة إلى الألمانية بعنوان ( غوايات شيطانية سهرة مع ابليس) ولم تصدر الملحمة تلك باللغة العربية.
محمود شاهين ، رجل عصامي عنيد ، جاد جدا ، مثابر على عمله إلى حد الجنون
أنشأ نفسه بنفسه ، درس الصحافة والأدب واللغتين الإنكليزية والألمانية والفلسفة والأسطورة والرسم دراسة خاصة ! ورفض قدره الذي رسمه أبوه بأن يكون راعيا ، فتعلم العزف على الآلات الشعبية بداية ، ثم دخل عالم الصحافة وعمل فيها قرابة 25 عاما وكتب الشعر والقصة والرواية والملحمة والنقد الأدبي ثم تحول إلى الرسم ليبدع فيه ، ويقيم عدة معارض في العالم ، لتنتشر لوحاته المقتناه في أكثر من ثمانين بلدا في العالم ، معظمها في أوروبا الغربية.
البحث عن محمود شاهين غير العادي لم يكن صعبا علي ، لأننا تعارفنا على شبكة الإنترنت التي زخرت بأعماله الأدبية والحوارات معه ، حتى أن حوارا معه في الأدب والفلسفة والفن في منتديين على الشبكة ، استغرق قرابة أربعة أشهر . وما قاله في ذلك الحوار يحتاج إلى كتاب .التقينا في معرضه في القيمرية ، وفي بيته ، وعلى شبكة الإنترنت ، فكان هذا الحوار الصاخب.
عن نشأته ، ثقافته ، تجربته الأدبيه ، تجربته مع الرسم ، وما قاله الأستاذ خيري الذهبي عنه ، إضافة إلى رؤيته الفلسفية ، ورأيه في الأدب العربي
.. ثمرة هذه اللقاءات
. نشأت على ألف ليلة وليلة *
س:
هل لك ان تروي لنا باستفاضة عن بداياتك الفكرية والفنية
?. كيف بدأت كشاعر ثم تحولت إلى روائي ثم إلى فنان تشكيلي
ج- بداياتي الفنية لم تكن مع الشعر بل مع العزف على الناي ( الشبابة ) وكان أبي قد أخرجني من المدرسة بعد الصف الأول الإعدادي لأرعى قطيع أغنامنا ، والراعي عندنا يجب أن يجيد العزف على الآلات الشعبية ( الناي، المجوز، الأرغول ) وهذا ما تعلمته خلال ما يقارب الأعوام الثلاثة من الرعي ، وأظن أنني أتقنت مهنة الرعي أيضا ، وكنت أطوع الأغنام على نايي وأرغولي ! وعلى ضوء تجربتي في الرعي كتبت قصة ( العبد سعيد ) بعد ثمانية عشر عاما ، وقد ترجمت القصة إلى العديد من اللغات العالمية ، كما كتبت قصة ( موتي وقط لوسيان ) التي أصور فيها صراع الكباش في زمن السفاد وعلاقتي بالحيوانات بشكل عام ، وخاصة المعز والنعاج والقطط والكلاب .ولا شك ان مجتمع الرعي يمثل كثيرا في قصصي ورواياتي الأولى ، ولكن ليس كما عشته بالضبط.
عدا ذلك ، أتقنت جميع الأغاني الشعبية التي كانت تغنى في بلدتنا ( عرب السواحرة ) التي ضم جزء منها ( جبل المكبر) أو( السواحرة الغربية) إلى القدس فيما بقي الجزء الثاني مع الضفة .وأيضا كان لدي الوقت لأقرأ كتب ألف ليلة وليلة والزير سالم وسيف بن ذي يزن ، ومحمد الغريب ، وسيرة بني هلال ، وعبرات المنفلوطي وبعض أشعار
أبي النواس وسيرة عنترة ..
وأيضا وهذا الأهم ، كان لدي الوقت لأحلم بالعدالة ، ولم يكن حلمي عاديا ، فقد كنت أحلم بأن أكون ملكا ، لاعتقادي ان الملوك وحدهم هم من يقدرون على تحقيق العدالة ، ونظرا لأنني لم اكن أعرف إلا الملك حسين ، فقد كنت أرى نفسي في أحيان كثيرة ملكا مثله ، وكثيرا ما تنازل جلالته لي عن العرش ، غير أن شهامتي كانت تأبى ذلك ،
ولم أعرف انني سأستنهض أحلام الطفولة بالملكية ، حين شرعت في كتابة ملحمة (الملك لقمان ) بعد أربعة وثلاثين عاما من زمن الرعي . حيث كتبت عن الملك القادر على زلزلة الكون وحتى الوقوف في وجه الآلهة الطغاة.
إذن لم تكن بداياتي مع الشعر ، بل مع الموسيقا ، وعشق الأدب . وما كتبته من أشعار رديئة بعد عام 1967 كان مجرد محاولات بائسة جدا ـ لا تستحق الذكر.
غير أنني عدت إلى الشعرأواسط التسعينيات لأكتب ( السلام على محمود ) وهو شعر نقدي لديوان محمود درويش ( لماذا تركت الحصان وحيدا ) وكذلك ( قصائد عشق إلى ميلينا .. 34 قصيدة ) وكثيرا ما أرتجل قصائد خلال
دقائق وأنا على شبكة الإنترنت . وآخر قصيدة كتبتها بالأمس كانت قصيدة ندب إلى حبيبتي.
حبيبتي
كنت المسك والعنبر
لتجعلي من أيامي لوزا وسكر
وكنت بلسم الروح
للهوى الأكبر
وكنت لصباحاتي
كما الزيت للزعتر
لأغدو بعدك يا حبي
كدلهم بلا حنظل
ذوى الحندقوق في داري
وذبلت شقائق النعمان
وحتى الأقحوان تعثر
أنى للنرجس أن يبرعم
وأنى للقرنفل ان يزهر
بعد أن غابت عيناك عنه
ولم تعد تظهر
من لي بحزن الكون
علي أفرج عن قلب تكسر
لقد نشأت على ألف ليلة وليلة وتغريبة بني هلال والزير سالم ، ومن ينشا على هذه الأعمال ويطمح أن يكون أديبا ، لا بد له من كتابة الرواية ، والرواية غير الواقعية تحديدا ، ونظرا لأنني لم أجد من ينشر روايتي الأولى لطولها وضعف بنائها بالتأكيد ، فقد رحت ألخص روايات ملحمية في قصص مطولة ، فكانت قصص( نار البراءة ) الأربع التي تلخص رواية من أربعة أجزاء: اسبوع الآلام
وأم الغيث ونار البراءة والنهر المقدس . وهذه عناوين الروايات التي كنت أفكر في كتابتها ، والتي تحولت إلى أربع قصص طويلة نسبيا ، وتزخر بعشرات الشخصيات ،تبدأ بالعهد التركي وتنتهي بهزيمة حزيران. وهذا ينطبق على
(العبد سعيد ) و(الخطار) في مجموعة الخطار ، وكذلك ( موتي وقط لوسيان ) في المجموعة التي تحمل العنوان نفسه والصادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية عام الفين وقد تطرق إلى ذلك معظم الذين كتبوا عن قصصي ، أي انهم اعتبروها روايات مكثفة جدا ،كما تطرقت أنا إلى ذلك في العديد من مقابلاتي.
أين وصلنا ؟
- - ما زلنا بصدد الإجابة عن السؤال الأول ، هل ما ذكرته هو بداياتك الفكرية والأدبية فقط ؟
- بالتاكيد لا ! بعد التحاقي بالثورة الفلسطينية بعد عام 67 ، تعرفت على الفكر الماركسي ، وقرأت لماركس وإنجلز ولينين وماوتسي تونغ ، وفيما بعد
. (في دمشق ) قرات الكثير من الفكر الماركسي اللينيني

*إذا كانت القدس أمي بالولادة فدمشق أمي بالرضاعة !
في المجال الأدبي تعرفت إلى درويش ومحفوظ والقدوس .. وبعد قدومي مع الفلسطينيين بعد عام 70 إلى دمشق وعملي في الصحافة الفلسطينية ، وذهابي في دورات إعلامية وصحفية إلى القاهرة انفتحت أمامي آفاق واسعة للمعرفة ، ورحت اقرأ بنهم منقطع النظير كل ما تطاله يدي( انتقاء وليس بشكل عشوائي )ومن أهم ما قرأته في الأدب أمهات الأدب العالمي بالتأكيد ، وهي من وجهة نظر كثيرين ، دون كيشوت ، الكوميديا الإلهية ، فاوست ، الإلياذة ، وأضيف إليها ، أعمال دوستويفسكي وشكسبير ، وشارلوت برونتي ، ونيكوس كازنتزاكي ، وميخائيل شولوخوف ، وبوشكين ، وديكنز ، وتوماس مان ، وهيجو، وبلزاك ! هذه بعض الأسماء التي تحضرني الآن.
وقرأت للمئات غير هؤلاء ، لكنهم ليسوا بأهمية المذكورين . ولا أظن أن البشرية قادرة على أن تنجب أديبا بحجم دوستويفسكي
أذكر أنني اصطحبت اول نسخة تقرأ من رواية الياطر لحنا مينه معي في الطائرة ، حيث كنت ذاهبا في دورة إعلام إلى القاهرة . وكانت الرواية تطبع في المطبعة التي نطبع فيها المجلة ، وكنت أشرف على المجلة في المطبعة.
في دمشق كونت ثقافتي الحقة وكونت شخصيتي ، ولهذا قلت في مقابلة لي مع الحياة اللندنية ( إذا كانت القدس أمي بالولادة فدمشق أمي بالرضاعة ولن أحيا إلا فيها ) فيها عرفت المئات من الأدباء والمثقفين العرب من اقصى الشرق إلى أقصى الغرب العربي.
شرعت بداية في كتابة الرواية ، كان ذلك عام 74 ، وكانت رواية تزخر بالأحداث والوقائع ، واعتمدت فيها على الكثير من سيرتي الذاتية ، غير ان بناءها كان ضعيفا ، ولم أجد من يساعدني في نشرها ، فكان لا بد من التحول إلى القصة ، وقد تطرقت إلى ذلك ولا يمكنني أن أنسى اليوم الذي صابحني فيه الصديق الراحل سعيد حورنية طارقا بابي - بعد ان أعطيته مخطوط نار البراءة ليبدي رأيه فيه – ليخبرني أنني كتبت ما هو جديد وجميل ، ولا أريد أن اقول ما قاله سعيد بالضبط لأنه قد يزعج كثيرين ، إلى حد انني لم أصدق أنه في مقدوري ان اكتب ادبا بهذا الكمال الذي يتحدث عنه سعيد . على أية حال ، بعد صدور الكتاب في وقت متأخر عام 79 ، قال كثيرون انه
مفاجاة الثقافة ، واعتبره بعض الكتاب أهم كتاب مقروء في الأدب العربي عام 79 حسب استطلاع أجرته صحيفة البعث.
أصدرت بعد ذلك ( الخطار ) ولاقى استحسانا مقبولا . وكان لا بد من العودة إلى حلمي بالرواية بعد أن وضعت قدمي في عالم الأدب، فكانت رواية (الأرض الحرام ) التي صدرت عن وزارة الثقافة عام 83
لقد أثر الفكر الماركسي عدا أحلامي بالعدالة الإجتماعية التي كانت تصاحبني منذ الطفولة ، على فكري في الرواية ، بحيث لم أضع في اعتباري تصوير واقع بقدر ما كنت أطمح في استشراف آفاق مستقبل ، رغم استحالة تحقيق هذا المستقبل ضمن الزمن الذي أتحدث عنه . لهذا كانت المأساة في نهاية الرواية ، متمثلة في آلاف البشر يحملون المئات من جثث قتلاهم ويهيمون على وجوههم .
س: أين الفن التشكيلي ؟
ج- حتى حينه لم يكن لي اية علاقة بالفن التشكيلي ، وإن كنت أرسم بعض الموتيفات في المجلة
التي كنت أعمل فيها لملء فراغ ما ، وأواظب على حضور المعارض التشكيلية ، واسهر كثيرا في بيت الصديق الراحل مصطفى الحلاج ، الذي التقيت فيه بالصديقين الراحلين سعيد حورانية ومحمد عمران ، ومحمود درويش وغيرهم ولو ان أحدا قال لي قبل عام 1994 أنني سأتحول من الأدب إلى الرسم لنعته بالجنون
هناك بدايات لا تستحق الذكر مع الفن بدأت عام 85 حيث كنت أتعامل مع القواقع البحرية على طريقة الأرواديين ، وكان ذلك للتسلية فقط .
- كتبت رواية ( الهجرة إلى الجحيم ) بناء على رغبة مكتب الدراسات الذي كان يرأسه الأخ أبو مازن.
س- في رواية (الهجرة إلى الجحيم ) ذكرت في المقدمة أن البطل مهاجر بولندي حقيقي وليس من خيالك ، ومع ذلك امته في نهاية الرواية مع مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين واليهود، فهل حدث ذلك فعلا ، وما هي قصة هذه الرواية ؟
ج- لا طبعا ، وقد نوهت إلى ذلك في المقدمة .كنت حينها أعمل في مكتب الدراسات الفلسطينبة الذي كان يرأسه الأخ ابو مازن الرئيس الفلسطيني حاليا . وكان قد طلب مني تلخيص رواية يوري كوليسنيكوف (أرض الميعاد) له ، ونظرا لأنني وجدت أن الرواية المذكورة تتجاهل القضية الفلسطينية تماما ، فقد فكرت في كتابة رواية تتناول واقع القضية من كافة جوانبه ، وكان الأخ أبو مازن يعمل وقتها على تشجيع الهجرة المعاكسة لليهود من فلسطين . فوجئت بمدير المكتب يقدم لي تقريرا كتبه أحد المهاجرين البولنديين الذين تمكنت منظمة التحرير من مساعدتهم على الهجرة المعاكسة . يقع التقرير في حوالي عشرين صفحة ويتحدث عما عاناه هذا المهاجر مع طفليه في اسرائيل . وطلب مني مدير المكتب أن أفيد منه في كتابة رواية عن القضية الفلسطينية موجهة للقارىء الأوروبي بشكل خاص
وجدت في التقرير ما يمكن أن يبنى رواية عليه . وهذا ما كان ، ونظرا لأنني لم أكن مقتنعا بفكرة الهجرة المعاكسة ، فقد أمت البطل في حقل ألغام مع مجموعة من المقاتلين على الحدود اللبنانية.

س- عام 1985 صدر القسم الأول من الجزء الأول من رواية ( الأرض المغتصبة ) وعام 1989
صدر الجزء الأول كاملا بجزئيه في مجلد واحد ، غير أن الجزء الثاني لم يصدر حتى اليوم ، لماذا ؟
ج- للأسف لم توافق رقابة اتحاد الكتاب الذي أنتمي إليه منذ عام 1981 على نشر الكتاب في سورية ، كما لم توافق على نشر( الهجرة...) من قبل ، ولم توافق على نشر( موتي وقط لوسيان )فيما بعد ، لذلك لم أتقدم بنشر ( الملك لقمان ) و(غوايات شيطانية )( ورسائل عشق إلى ميلينا )
و(السلام على محمود ) التي كتبتها لاحقا إليها ، لأنها سترفض بالتأكيد
س- لماذا رفضت الرقابة كل هذه الأعمال ؟
ج- المسألة تتعلق بمزاج الرقباء !ذات مرة سألت رقيبا عن سبب رفض رواية( الهجرة إلى الجحيم ) فأجاب بأنه لا يوجد فيها نفس قومي !ولا أعرف كيف يفهم هذا الرقيب النفس القومي ! يبدو أنني لا أجيد نفخ الأنفاس القومية!
س- ألم تحاول في بلاد أخرى ؟
ج- حاولت لكن ليس للأرض المغتصبة !القد قررت التوقف عن هذا الهاجس الذي كان
يدعوني لكتابة رواية تاريخية عن القضية الفلسطينية بكل تناقضاتهاوشرعت فيما بعد في كتابة ما كنت أحلم بكتابته ، قبل أن يطوي الزمن سني عمري ، الذي راح يتآكل وأنا أنظر إليه . لكن وللأسف الشديد ، فوجئت بدور النشر من المحيط إلى الخليج ترفض نشر أدبي الجديد الذي يقتحم عالم الدين بجرأة شديدة .فكان لا بد من التحول إلى الرسم في أخطر قرار اتخذته في حياتي.
أمر مؤسف جدا أن يقرأ الألماني ( غوايات شيطانية ) قبل ان يقرأها القارىء العربي ، ولا أظن أنه سيقرأها ، وهذا ينطبق إلى حد كبيرعلى( الملك لقمان )
على أية حال أنا مدين لشبكة الإنترنت التي أتاحت لي نشررواياتي العصية على النشر ، وأشكر إلهي أن قراءها بالآلاف على شبكة الإنترنت .
س- لماذا التحول إلى الرسم تحديدا ؟
ج- لأنني مللت من العمل في الصحافة ، وفي حاجة إلى دخل يمكنني من العيش ، كتبت في الثمانينات سيناريوهات سينمائية ومسلسلات تلفزيونية ، غير أنها لم تر النور ، حتى أن قصصي التي بيع معظمها إلى السينما والتلفزيون لم تر النور .
أغلقت باب غرفتي على نفسي لمدة عشرة أشهر ، ورحت أصارع الألوان بكل جنون ممكن، وبإرادة لا تقهر ، إلى أن أيقنت أنه في مقدوري أن أرسم ، بل وأقيم معرضا ! فكان معرضي الأول في المركز الثقافي الروسي عام 1995 وتحت عنوان (ألوان من السماء) المعرض التجريبي الأول لمدرسة الصوفية الحديثة!

س- محمود شاهين ! أظن ان الحوار معك يحتاج إلى صحيفة كاملة ، ولا أعرف إلى أي حد ستتسع صفحات الصحافة للحوار معك ، فمع كل إجابة لك تتولد أسئلة كثيرة ، وليس في الإمكان طرحها ، لأن الإجابة عنها تحتاج إلى صفحات .سأطرح القليل من الأسئلة التي تدور في ذهني.
هل نجحت في الرسم بحيث تمكنت من العيش منه؟
ج- عانيت أول عامين ، لأنني لم أعرف كيف أسوق لوحاتي ، وانتهزالمسوقون اللصوص طيبتي ولطشوا مني حوالي 700 لوحة ! لكن بعد ذلك ، وبعد أن أقمت معرضا دائما في مقهى النوفرة ، حل الإشكال ، أقمت معارض في ألمانيا وفرنسا وفلسطين عدا معارضي في دمشق . حاليا لدي معرضي الخاص في القيمرية. .
رسمت في 13 عاما حوالي 8000 لوحة . لي حاليا في العالم أكثر من ستة آلاف لوحة ، بين مباع ومهدى وملطوش ، أبيع شهريا ما لا يقل عن 25 لوحة معظمها صغير ، باختصار أعيش بكرامة!
ولم اقبض قرشا من ضماني الصحي في اتحاد الكتاب منذ خمسة أعوام ونيف ، لأنني لم اعد في حاجة إليه مع أنني ادفع الكثير صحيا.
هذا الشهر ( آب ) بعت حتى اليوم (31 آب ) 46 لوحة
أنا حزين على الأدب الذي نعيته عبر اللون قائلا :
( (يا لون ، كان الكلام عشق روحي ، فغدوت أنت روحي ، لأغدو كلمة في لون ،ولونا في كلمة ، فماذا في مقدوري أن اقول لك ، حين يمنع الكلام من أن يقول كلامه ، من أن يبوح بمكنونات بدئه
، أنا مدين لك ايها اللون ، مدين لك بودي ، مدين لك بعشقي ، مدين لك بكل خلايا عمري)
س- هل أنت حزين لفقد الأدب بتحولك إلى الرسم ؟
ج- حزين جدا جدا . لا أحد يعرف كم كان طموحي كبيرا ، لكنه تحطم على صخرة الرقاباتوالتابوهات وما إلى ذلك. .
س- ألا يمكنك التوفيق بين الكتابة والرسم ؟
ج- للأسف لا ، أنا مضطر أن ارسم يوميا كي يظل المعرض ممتلئا باللوحات ، فمتى ساكتب ؟ وإذا ما اتيح لي أن أكتب ، من سينشر ؟

! *صوفيتي فكر مادي صرف وتقوم على فكرة الإله غير الكامل
س - هل لك أن توجز لنا فكرتك عن (الصوفية الحديثة )
التي حاولت تأسيسها والتي كتبت على ضوئها ملحمتي ( الملك لقمان ) و(غوايات شيطانية ) ؟
ج- يمكنني القول وباختصار شديد ، أن صوفيتي الحديثة هي فكر مادي علماني صرف وليس فيها أي فكر مثالي على الإطلاق !غير أن تمثلها في الأدب يختلف عن شرحها النظري ، ففي الأدب قد يلمس القارىء مثالية ما ، لأنني أتعامل مع تراث متغلغل في نفوس البشر ، فأنا في الواقع لا أعتقد بوجود جن وشياطين ، ومع ذلك كانت البطولة لهم في أدبي الأخير ، وإن قدمتهم بطريقة تناقض ما هو معروف عنهم.
تقوم صوفيتي على فكرة الخالق غير الكامل والذي في حاجة إلى عقولنا لتطوير الحياة معه ، فوجوده لا ينحو نحو كمال ما إلا بنا ، ووجودنا لا يكتمل إلا به .وبهذا المعنى يمكن القول أن كل من قدم خدمة للإنسانية أو ساعد في تطوير الحضارة ، ساعد الله
في عملية الخلق . والله عندي كما هو عند ابن عربي
( متجل في كل وجه ، وظاهر في كل صورة )
س- في العدد 1020 من صحيفة الأسبوع الأدبي الصادر بتاريخ 19-8- 2006 ، وفي مقالة له
بعنوان ( عن القصة الرواية ) يمتدح الروائي خيري الذهبي عمليك ( نار البراءة ، والخطار) قائلا:
(وكان قد فاجأ الساحة الأدبية في سورية بمجموعته القصصية نار البراءة، فكانت مفاجأة حقيقية) ثم يثني على الخطار:
( (أصدر محمود شاهين فيما بعد مجموعته الثانية، وكان اسمها –الخُطار- فحازت الاهتمام نفسه، والإعجاب نفسه) ثم يتابع قائلا
. (ولكن... فجأة جاء من وسوس له كما سيوسوس للكثيرين من كتاب القصة القصيرة الجميلين فيما بعد.‏ سيقول له الموسوس: حسناً، ها أنت أنهيت تدريبك (تخيلوا تدريبك) على الكتابة في القصة القصيرة، وقد آن الأوان أن ترتقي بكتابتك إلى الرواية.... وهذا ماكان... كتب محمود شاهين عدداً من الروايات المتواضعة ثم تخلى عن الكتابة إلى الرسم، وليته استمر في كتابة القصة القصيرة
ما تعليقك على هذا الكلام ؟ ومن وسوس لك يا شاهين ؟
( يضحك .. )
ج-يبدو ان الصديق خيري لم يتنبه إلى أن قصصي روايات ، ولست في حاجة لمن يوسوس لي !
ما جرى هو العكس ، أي أن الأصدقاء من الكتاب لم يشجعوني إطلاقا على التحول إلى الرواية الطويلة او الملحمية . وكانوا يحبذون قصصي الطويلة نسبيا والمكثفة . ولا أعرف من وسوس لخيري بهذا الكلام غير الصحيح على الإطلاق.
في مقدمة الطبعة الإنكليزية ، تشير الدكتورة سلمي الجيوسي إلى أن قصصي هي روايات مكثفة تزخر بعشرات الشخصيات ، كما عند جبرا ابراهيم جبرا . بالمناسبة قصة نار البراءة تحديدا ، تضم حوالي عشرين شخصية ، ويتداول سردها الراوي وثلاثة من أبطالها ، وهذا بناء روائي وليس قصصيا ، حتى ان الناقد التونسي فوزي الديماسي ، راح يحلل لي بناء القصة ( على موقع من المحيط للخليج ) ليقنعني أنها رواية وليست قصة.
أنا شخص عصامي وعنيد جدا ولا أستجيب لوسوسات ما ، وما تزخر به مخيلتي يحتاج إلى مئات الروايات
! * الأدب العربي أدب بحوث اجتماعية وتاريخ
- *هل من يدلني على أديب عربي واحد بحجم دوستويفسكي ؟
خيري يحب الأدب المعاش الأقرب إلى البحث الإجتماعي التاريخي كما هي حال الأدب العربي كله ، وقائع واقعية تسلي القارىء دون أن تمنحه زادا معرفيا خلاقا ، أو تصدمه ! أدب الأحلام بالحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، لا يقاربه الكتاب العرب ، وكأن المواطن العربي لا يحلم ! لماذا ليس هناك دونكيشوت عربي ، فاوست عربي ، كوميديا إلهية عربية ، ألف ليلة وليلة عربية ؟!!! لماذا لا يحطم الكاتب العربي جدران التابوهات ويذهب إلى الجنة حيث تنتظر المؤمن اثنتان وسبعون من حور العين إضافة إلى الولدان المخلدين ؟ هل خياله عاجز إلى هذا الحد ؟روايتي التي
لم أكتبها بعد ، تحمل عنوان:
( (أديب في الجنة
كفانا أدب تسال وبحوث اجتماعية ، تراثنا أغنى وأعمق من ذلك بكثير ! رحمك إلهي يا أبا العلاء المعري ، كان على الصديق خيري أن يحاسبك لأنك لم تكتب رسالة غفران معاشة!
هل من يدلني على أديب عربي واحد بحجم دوستويفسكي ، أو غوته ، أو ثربانتس ، أو دانتي ! للأسف لا يوجد . حين تتراجع الأمم إلى مستويات متدنية أقرب إلى الإنحطاط ولا سيما المعرفي منه ، تنتج أدبا وفنا على شاكلتها !انظر الفنون المنحطة التي تبثها لنا الفضائيات!وهذا ينطبق على المسلسلات التي بالكاد تلامس قشور المجتمعات..

ليس هناك ادب عربي على الإطلاق يعالج مشاكلنا الأساسية ( الدين
الجنس.السياسة ) ما يكتب هو أدب اجتماعي يدور حول قشور الحياة الإجتماعية
على أية حال الصديق خيري يظن أنني كتبت أدبا معاشا في قصصي ، وهو ليس كذلك ، إنه أدب متخيل تماما وإن استند إلى أرضية واقعية . أنا لم اشاهد أحداث نار البراءة إطلاقا ، لو اتيح لخيري قراءة موتي وقط لوسيان لوجد كيف يتحول الكبش عندي إلى بطل اسطوري ، وكيف يتحول صراع الكباش إلى حرب ملحمية ، لكنه قرأ العبد سعيد ، ورأى انسانا خارقا وغير واقعي على الإطلاق ، أي أنني كتبت عن حياة لم اعشها ولم أعرفها . ( القصة مباعة إلى السينما بالمناسبة مع غيرها من القصص . )أنا نشأت على ألف ليلة وليلة ولا يمكنني أن أكون واقعيا إلا مرغما كما حدث في بعض كتاباتي.
ليست المعايشة هي الأهم في الأدب ، بل القدرة على التخيل واستحضار الممكن .
هل عاش ثربانتس حياة دونكيخوته ، وهل عاش دانتي أحداث الكوميديا الإلهية ، وهل عاش جوته أحداث فاوست ؟ وأخيرا ، هل عاش زكريا تامر مع نموره في اليوم العاشر ، أو يوسف ادريس مع ( حادثة شرف ) التي لولاها لما كتبت نار البراءة.

*ليس هناك أي معنى لأدب يقول للناس ما يعرفونه*
بالمناسبة أنا لم يعجبني مما قرأته من أعمال خيري غير حسيبة ، وإن كانت لا تخرج عن الإطار الذي ذكرته .
آمل من الصديق خيري أن لا يؤلف قصصا من خياله عن أصدقائه في مقالات أخرى
س: ماذا تنتظر من شباب اليوم ؟
ج- أن يحققوا ما فشل جيلنا في تحقيقه.
س- همسة اخيرة من محمود شاهين
ج- حزين جدا لعدم تمكني من الكتابة ، لأنني أرسم كل يوم كي أعيش . وآمل أن اتمكن مستقبلا من التوفيق بين الرسم والأدب لأكتب الجزء الثالث من ( الملك لقمان ) الذي أبين فيه فلسفتي
عن الله، في حوار يجري بين الملك لقمان والله
أجرىالحوار
سلام الزبيدي



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء الشيطان . رائد الحواري
- إلى كافة الصديقات والأصدقاء في العالم
- المأساة في رواية -النهر المقدس-(5)
- لكاتب في رواية -موتي وقط لوسيان- (4)
- لماذا لا يكون القائم بالخلق طاقة عقلانية !
- هل وشة الأذنين نذير نهاية ؟
- القائم بالخلق طاقة عقلانية ( أي عقل ) وليس كائناً أو كياناً ...
- معنى أن يكون الخالق طاقة عقلانية غير طقمادية ؟
- مقاربة لفلسفة محمود شاهين مع فلسفات ومعتقدات مختلفة.
- الحيوان نموذج لإنسانية الإنسان في قصص محمود شاهين.
- رائد الحواري :مقالات في أدب محمود شاهين
- رد الصديق محمد القاسم على ما نشرته عن لقائنا وتعارفنا، وقد ش ...
- رُبّ صديق خيرمن أخ أو حتى ابن ، وألف عديق!
- مأساة العقل البشري!
- بعدين مع هذا الكورونا ، لا حب لا قُبل لا غرام ؟!
- عملية الخلق المنشودة لم تبدأ بعد !
- عملية الخلق ما تزال في بداياتها! مقالات ومقولات في الخلق وال ...
- رحمه الله أم لروحه السلام ! ؟
- نجوت من كورونا.. شكراً إلهي !
- في يوم مولدي: عملت جهدي لأن يكون لوجودي ضرورة !


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - حوارات في الادب والفلسفة والفن مع محمود شاهين ( إيل)