أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - هُمْ ونحنُ















المزيد.....

هُمْ ونحنُ


سلمى الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 7129 - 2022 / 1 / 7 - 03:49
المحور: الادب والفن
    


صورة من واقع حياة المجتمعات


معرفتي بها تمتد الى أكثر من سنتين عندما أستأجرت الدارالملاصق لدارنا ،
وكانت العائلة متكونة من السيدة مع زوجها وأبنتها المراهقة ، وأبنها ذو
الإحدى عشرة سنة ، حيث كانوا يعيشون في ألمانيا قرابة تسع سنوات ، ثم قرروا
الأنتقال الى أنكلترا لسبب شخصي .
كانت تتكلم نفس لغتي ، وكنا نلتقي أحياناً من باب الصدف في الشارع ونحن في طريقنا
الى مشاغل حياتية مختلفة . وكنت أنا لا أزال أعمل بدوام كامل وكذلك أفراد عائلتي،
ولا نعود الى البيت قبل الغروب ، وفي بعض الأحيان كنت أغير وقت عملي لأبدأ
بعد الظهر حوالى الساعة الثانية ظهرا وأنتهي من عملي الساعة التاسعة مساءً وبعدها
أسلك طريقي الى البيت ، وكنت في الطريق أكلم نفسي ماذا بقي لي من يومي ، ونحن
مجبرون على العمل لتسديد الفواتير ومتطلبات الحياة .
شاءت الصدف أن ألتقينا أنا وجارتي يوماً ونحن في طريقنا الى محطة القطار ،
وحينها سألتني إن كنت أعمل ، وما هو عملي وكم ساعة أعمل ؟ فشرحت لها كل ما يتعلق
بعملي ،أحسست أنها تريد أن تستوعب أكثر ما يمكن من المعلومات لأنها في بلد جديد .
- سألتها " وأنت هل كنت تعملين في بلدك السابق " ؟
- أجابتني : كنت منشغلة بتربية أبنائي ، والدولة تقوم بتوفير كل ما نحتاجه في حياتنا .
- لماذا أنتقلتم الى هذا البلد ؟
- كان قرار زوجي وهو أراد ذلك ؟
وبعد لحظات أفترقنا وكل منا سار الى وجهته ، لقاءاتنا كانت على العموم عابرة ،
ومرت بضعة شهور وجاءتني يوماً لتشاركني شرب الشاي عصراً في نهاية الأسبوع
والتي هي عطلة رسمية يوم السبت والأحد لمن لا يريد أن يعمل .
دار الحديث بداية بيننا لمواضيع مختلفة ثم شاءت أن تعبر عن إنطباعها عن أهل
البلد الجديد عليها ، فصرحت السيدة أن أهل البلد المواطنين الأصليين دمهم بارد
ولا يحس الغريب الدفء في علاقاتهم ، فعندما تلتقين بجارة أنكليزية وتلقين التحية
عليها لا ترد عليك بنفس الحرارة ، تقابلك فقط بإبتسامة فاترة بإماءة خفيفة وترينها تستمر
في السير وكأنما هي بإستعجال ، وأكملت " إننا نختلف عنهم فنحن أهل الكرم والضيافة،
أما هم فلا يفتحوا باب دارهم لإستقبالك ودعوتك لشرب القهوة أو الشاي أو أي ضيافة
بعكس مجتمعنا فنحن أهل الخير دائماً وأحسن منهم مضيافين للأقرباء والغرباء " .
وتطلعت بإستغراب الى محياها بهذه المقارنة ، وأجبتها بنوع من المواجهة المنصفة
للدفاع عن حق المواطنة الأصلية .
- هل أنت نفسك تعملين في الوقت الحاضر في هذا البلد الجديد ؟
- أجابت بالنفي .
- هل زوجك يعمل حالياً ؟
- أجابت بلا .
لا زلت أتذكر عندما كان البيت الذي أنتم ساكنون فيه الآن ومعروضاً للإيجار ،كان
السعر المطلوب هو 1700 باون أسترليني شهرياً ، وعليكم أيضاً أن تدفعوا للبلدية
ضريبة شهرية حسب سعة البيت قد تصل الى 200 باون في الشهر . وسألتها
- كيف تتدبرون الأمر وكلاكما لا يعمل ، وأبناءك لا زالوا طلبة في المدارس ولا يعملون.
- أجابتني لقد تدبر الأمر زوجي ولكن لا أعرف كيف رتبه ، المهم أن كل أحتياجاتنا
إيجارالبيت وضريبة البلدية وتكاليف المعيشة كعائلة كلها مدفوعة لنا شهرياً .
- وأنت ماذا تعملين في يومك ؟
- أجابت عموماً أصحو بعد الساعة الحادية عشر صباحاً وأحياناً بعد منتصف النهار
لأبدأ الطبخ والتنظيف وأتابع البرامج التلفزيونية والمسلسلات .
- جوابك هذا يرد على أنطباعك عن برودة أهل هذا البلد فهولاء الناس في هذه البلاد ،
الملايين منهم يعملون بشتى أنواع المهن والحرف بكل جدٍ وأخلاص لبلدهم ، حيث
يستيقظون باكراً حتى يصلوا مراكز عملهم في الوقت المخصص لبدء الدوام ، ثم
يعملون بجد متواصل لمدة ثمان ساعات وعليهم أن يعودوا الى منازلهم لتحضير أنفسهم
للغد ، وعند عودتهم يحضرون عشاءهم كما يحضرون إن أمكن بعض ما يحتاجونه للغد ،
ويهتمون بأطفالهم إذأ كان لهم أطفال ، ثم الكثير من الرسائل البريدية أو الإيميلات في
أنتظارهم للأطلاع عليها أو الرد عليها ،ثم متطلبات الدفع الكثيرة التي يتوجب عليهم
دفعها في وقتها من مدخولهم الشخصي إذا كانوا يعملون، مثلا الديون مع فوائدها إذا
كانوا قد أستدانوا من البنوك لشراء بيت للسكن ، أو دفع إيجار سكنهم من مدخولهم
الخاص إذا كانوا مستأجرين ، وهم ملزمين بدفع الكثير من متطلبات إمتلاك سيارة ،
وتوجد تأمينات كثيرة مثلا التأمين على السيارة وعلى البيت ، وعلى محتويات البيت
، وإذا كان لهم أطفال صغار كلفة الحضانة أو المربية لهم ، وا ... وا ... وا ...
أسمحي لي أن أقول لك أنت والكثير من أمثالك الذين هاجروا الى هذه البلاد
الأوربية معظم الدفع الذي تحصلون عليه من الدولة لكل الإحتياجات التي ذكرناها،
قد أستقطعت هذه الأموال من مدخول العاملين في القطاع العام أو الخاص والذين
يشتغلون بجد وإخلاص لكي يوفروا العيش الكريم لأنفسهم ولكم ، حيث تتمتعون
بالضمان الصحي الذي يوفر لكم الدواء والعلاجات المختلفة ...والمدارس المجانية
لأبناءكم وتنقلهم المجاني في المواصلات العامة ما داموا هم تحت سن الرشد ،كما
يقدمون لهم الغداء مجاناً ، والزي الرسمي للمدرسة اذا كان الوالدان يستلمان
الإعانة من الدولة . كل هذه الإعانات هل تعرفين من يدفعها لكم ، "هم هولاء
الناس الذين ليس لهم وقت ليستضيفوك أو يقضوا وقتاً للتحدث معك لأنهم أكرم منك،
فأنت في بلدك لم تعملي من أجلهم لتدفعي لهم إحتياجاتهم ، ودولتك لن تدفع لك إذا
كنت محتاجة " .
- فأسألك من هو الأكرم ضيافة والأسخى عطاءً ... أنتِ ؟ أم هُمْ ؟؟
لقد أستقبلوا الملايين من أمثالك ولم يمنوا يوماً أمام العالم ليعيروكم بانكم تسألون
عن متطلبات حياتية منهم.ولو حسبنا مجموع ما يصلكم من إعاناة شهرية بمجموعها
يكون أكثر من الراتب الشهري للكثيرمن العاملين الذين يكدون ويعملون بإخلاص
الى بلدهم ولا يريدون أستغلال الفرصة التي ليس من حقهم حتى يخلصوا الى
بلدهم،أي كما تسمونه في معتقدكم عيشة الحلال . والكرم الأكرم هو بعد سنوات
معدودة عندما تحصلون على الجنسية وستكونون مواطنين تتمتعون بكل الحقوق
والواجبات التي يتمتع بها المواطن الأصلي والمواطن الجديد على حد سواء .
- هل حقوق المواطنة مكفولة لكل المجاميع البشرية بالتساوي في بلداننا ؟!



#سلمى_الخوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إهانة للعالم كبرى
- ليتني
- ََفَعَلَ فِعلَتهُ
- صورة من القرن العشرين
- الحب يبدأ طفلاً
- شهداء مستشفى الحسين
- بيوتنا ما عادت بيضاء كالنجوم
- آني سكران
- بلا إستئذان
- حلم ذات ليلة
- الذل الأسود
- والله كلكم كذابين
- مناجاة أم جندي
- متى نفهم ؟؟
- وهي مندهشة
- يلا حجية
- الحرب والحب
- بماذا تفكرين ؟ ماذا بك ؟
- هل تراني !!؟؟
- آلو ….


المزيد.....




- مهرجان -بيروت لسينما المرأة- يكرم هند صبري
- إطلاق خريطة لمترو موسكو باللغة العربية
- الدويري: كمائن غزة ترجمة لتحذيرات الاحتلال من تصعيد ضد قواته ...
- المكتبات المستقلة في فرنسا قلقة على مستقبلها في ظل هيمنة الم ...
- نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيس ...
- -ذا سينرز-.. درس في تحويل فيلم رعب إلى صرخة سياسية
- عاجل | وزير الثقافة العراقي: سلمنا الرئيس السوري أحمد الشرع ...
- معرض أبو ظبي للكتاب ينطلق تحت شعار -مجتمع المعرفة.. معرفة ال ...
- الدورة الـ30 من معرض الكتاب الدولي بالرباط تحتفي بالشاعر الم ...
- إحالة نجل الفنان محمد رمضان لمحكمة الطفل.. التفاصيل كاملة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - هُمْ ونحنُ