أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سفيان حميت - هل مشكلة تخلف مجتمعنا سياسية أم ثقافية ذهنية؟














المزيد.....

هل مشكلة تخلف مجتمعنا سياسية أم ثقافية ذهنية؟


سفيان حميت

الحوار المتمدن-العدد: 7129 - 2022 / 1 / 7 - 00:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن مشكلتنا أعمق بكثير من أن تختزل فيما هو سياسي فقط!

نعم قد تكون السياسة بشكل أو آخر باعتبارها نقطة التماس التي تصطدم فيها طموحات الأفراد وآمالهم بحسابات الدولة و توازناتها...
وهذا ما يجعل الأمر يحسب حسابا سياسيا،فتكون النتيجة قياسا على ذلك تحميل المسؤولية للدولة كمؤسسة سياسية في كل ما استعصى على التحقق!
ومادام هناك ما لم يتحقق فهناك بالضرورة تذمر،لوم وإحباط...ومن الطبيعي أن يوجد من يتحمل تبعات ومسؤولية هذه النتيجة؟
وهو ما يتم إلصقه قسرا بالسياسة؛ذلك المجال الذي يجد الناس أنفسهم غالبا مدينين له لكثافة العلاقات بينهم وبينه كما ذكرنا سابقا؛

وتتباين مستويات هذا"الإلصاق"بتباين وتفاوت مستويات الإخفاق أوالتراجع، إن على المستوى الاجتماعي أو الإقتصادي أو أو...بل يحدث أن يمتد الأمر إلى ما هو عاطفي وجداني أيضا!

وهذا في نظري فيه من المبالغة الكثير؛لأن السياسة كمجال لنشاط الدولة شئنا أم أبينا هو انعكاس مباشر لمختلف الديناميات والسلوكيات القيمية،الإجتماعية،الثقافية...التي تخترق مجتمعنا.

وبالتالي فالسياسة هنا كممارسة-في مستوى معين-ماهي إلا انعكاس للذات الجماعية بكل تفاصيلها؛أي بمعنى من المعاني هي مرآة لا يمكن أن نكسرها ونلعنها لأنها كانت صادقة في عكس واقعنا!

وهذا ما يدفعني إلى القول-دون أن أغفل طبعا عن دور الممارسة السياسة ومساهمتها نسبيا في تردي الواقع كما في تحسنه-أن المشكل الحقيقي الذي يمكن أن نلتمس فيه الإجابة لنكباتنا وتخلفنا وسوء حاضرنا على الأصعدة كافة؛هو الثقافة وليس السياسة.
وحسبيّ بهذا القول أن أشير تحديدا إلى أن طبيعة الذهنيات السائدة مجتمعيا نتيجة هيمنة ثقافة محددة، هو المتغير الأساسي وربما الحقيقي لقياس التخلف في مجتمعنا وليس العكس،لكن كيف يمكن التدليل على ذلك؟

دعونا نتفق أولا،على مسألة أساسية وهي أن كل مجال من مجالات الحياة يتطبع بطباع أفرادها؛فالفرد الصالح إلى جانب الفرد الصالح يخلق مجتمعا صالحا والعكس بالعكس!
بمعنى أن سيادة قيم بناءة وإيجابية في مجتمع معين مثلا، لن تكون إلا نتيجة لإيمان أفراد هذا المجتمع بهذه القيم،وبالتالي يصير الأمر حالة من الإنعكاس للسلوك الفردي على الحياة العامة للناس.
لنأخذ أمثلة عملية على ذلك من صلب واقعنا المعيش ونوضح من خلاله تأثير الذهنية السلبية على حالة المجتمع وتطوره.

لا يخفى على أحد منا أن طبيعة الثقافة السائدة في مجتمعنا زاخرة بنماذج لسوء السلوك والقيم،بدءا من سيادة ثقافة الاتكال(يُقال مثلا من اعتمد على نفسه بقيّ في مكانه)والحط والتنقيص من قيمة العمل وأهميته وقدره(يقال الحمار بوحدو لي كيخدم ويضرب تمارة)،ناهيك عن القابلية للاستسلام والخنوع(أش دارو لي دازو قبلنا...حنا عمرنا نطورو...)،
هذه أمثلة وغيرها كثير...إذا ما أضفناها إلى مسلكيات سلبية أخرى تعاود الانبعاث من رماد ماضينا/حاضرنا البدوي،وتنهل في ذات الوقت من روح وقيم"عالم التيه" الذي نعيشه؛كالأنانية،العنف،التعالي،التنمر،الخداع،العنصرية،تبرير الذات واحتقار الغير...سنخلص سريعا إلى أن هذه الأخيرة(القيم والسلوكات)هي من تشرط ذهنياتنا بتركيز مفعولها السلبي فيها؛خاصة ذلك المركب المتصل بقيم البداوة الفجة،التي تجعل فهمنا لذواتنا والعالم مشوها،فيتشوه معه السلوك الذي ينعكس قيّما وأفكارا سلبية في مجالات السياسة والدين والإجتماع... لدرجة أنه تجعل الإنسان يعيش حالة من السكيزوفرينيا المرضية:فهو المسؤول عن تردي واقعه بفهمه وسلوكه،وفي ذات الواقع هو من ينتقده ويرمي بالمسؤولية واللوم على غيره(خاصة الساسة والقائمين على أمور الناس).

كيف لي أن أغش في الإمتحان وأسرق مجهود ومال غيري وأنكر ذلك على السياسي واللص وقاطع الطريق؟
كيف لي أن أعطي الحق لنفسي بالكذب وأمنعه على غيري...؟!

في اعتقادي يوم سنجيب أو نتجاوز عمليا هذه التناقضات التي تصرخ بها ذواتنا سنتقدم كثيرا.

وأختم بالقول أن ثقافتنا لم تستطيع بعد أن تخلق من داخلها ما يتجاوزها لذلك تحاول الرمي بالمسؤولية على السياسة لتجاوز مأزقها هذا...



#سفيان_حميت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إسرائيل تعلن مقتل رئيس وحدة الاتصالات بحزب الله في غارات جوي ...
- جوليا رمضان: شابة لبنانية أحبّت العطاء حتى الرمق الأخير
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير نفق حدودي بين لبنان وسوريا ويكشف ...
- تقرير: نصرالله دفن مؤقتا في مكان سري
- كابولوف يؤكد اتخاذ قرار شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب على أع ...
- مصرع 78 شخصا على الأقل في انقلاب سفينة بجمهورية الكونغو الدي ...
- روسيا.. تجميع قمر صناعي جديد للاتصالات بمكونات محلية الصنع ب ...
- أخف بـ3 مرات من غيرها.. الخبراء الروس يطورون طائرة مسيرة بمو ...
- هل يفيد تناول الثوم في موسم البرد؟
- جامعة موسكو للفيزياء التقنية تفتتح معهدا للذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سفيان حميت - هل مشكلة تخلف مجتمعنا سياسية أم ثقافية ذهنية؟