|
الدين والدين الأخر
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7128 - 2022 / 1 / 6 - 22:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من ثوابت العقل البشري أن الإنسان مختار بين متحيز أو محتار، فهو عاجز عن التفريق بين اليقين والشك طالما الأمر يدور بين التصديق والتعقل، لكنه في كل الأحوال سيختار طريقا ما بين الحيرة والخيرة، من هنا أتكلم عن الدين والدين الأخر بمعنى أن لكل صاحب دين رؤية نابعه من دينه لا من عقله، فالعقل أداة وعاء لا يمكنه التشريع خلاف ما يؤمن وإلا عد متعديا أو ربما كافر، أما الدين الأخر فهو ما نتلقاه عبر العقل فقط فيكون العقل هنا مصدر للدين وليس وعاء فحسب. البعض يقول أن الله كتب لنا بيده ويرانا بعينه ويرحمنا بنفسه، هل تؤمن أن الله يرانا أو يكتب لنا أو يفعل بنا ككل؟. بل ليس من العقل أن يرانا بكله بل بعينه التي هي جزء من كل ويفعل بيده بعض من كل، كلام قد لا يفهم بمعناه الكلي حتى يفهم بمعناه الجزئي. أنا لا أراك ببدني ولا بلحمي وشحمي بل أراك بعين ألة البصر، فالله كما أرى يرى بعينه ويفعل بيده، السؤال بعيدا عن التوصيف والتجسيم والمماثلة، هل لله أكثر من عين أو أكثر من يد؟ بالتأكيد ودليلي إنا سخرنا الشمس والقمر وإنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، من هم إذا النحن هنا؟ إذ قلنا الله فالله قال لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، وقال وما عليك من حسابهم من شيء وأن ما من شيء ألا والله يعلمه. إذا الله غير الــ نحن والــ نحن يد الله وعينه تتحرك بأمره وتنصاع لإرادته لكنها غيرية بمعنى تابعة تنفيذية موكل لها ترجمة قانون الوجود من خلال البحث عن عنوانه لا من خلال الذات تماما كما يفعل رئيس الدولة بتنفيذ سياسته عبر الأذرع المختصة، كلام غريب أليس كذلك؟ بالتأكيد هناك من يعترض وهنا من يتبرأ منه، الله الوحدة الكونية المطلقة المقررة المنفذة التي لا تعصى عليها قضية ولا تقف بوجهها مستحيل أو محال، مهلا أيها المعترض..... وقبل الرد اسألك هل قرأت القرآن جيدا وتدبرت آياته؟ هل قرأت كتب الديانات كلها؟ هل تعرف جبرائيل وميكائيل وإسرافيل؟ هل تؤمن بوجود أنبياء؟ ستقول بالتأكيد وما أمر هؤلاء إلا أمر الجندي المطيع لقائده. حسنا ولماذا تعترض إذا؟.. هل تطلب من الله أن يكشف لك كل آليات عمله وتدبيره حتى تريح نفسك من التفكير؟ أم ترى أن الله لا يريد لك أن تعلم أن الكون عبارة عن سلسلة من المتصلات والمتواصلات تعمل وفق نظام موحد مدرج متوالي أوله في أخره وأخره أن عليك أن تفكر وتتدبر وتتأمل. سأخطو معك خطوة أخرى لعلك تهتز من مكانك الذي جالس فيه من ألاف السنين ترفض المغادرة... لا يهمني ما هو شعورك الآن.... لو كان الله الذي رسمته مثل الكمبيوتر الخارق في ذهنك وجعلته كل شيء في كل شيء وأنه لا يحتاج لشيء في كل شيء وأمر بين كاف الشيء ونون المشيئة... لماذا إذا خلق ملائكة وجند ورسل؟. هل لأنه أحيانا لا يرغب أن يفعل أو يتكاسل فيجعل أحدهم يقوم بذلك... طيب متى وكيف عرفت أنه لا يحتاج ليد وعين أخرى؟... أجبني. قرأت مثلا هذا النص ﴿وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ إلى الله ترجع الأمور في سلسلة من المراجع وإلا لا يمكن أن ترجع بعد ذهبت إلا من خلال.... ﴿وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾... إذا إليه يرجع الأمر هل سألت يوما كيف يرجع الأمر بذاته أم بواسطة أم من خلال نظام يعمل وينتظم يجعل كل شيء في كل شيء على قانون عمل واحد. ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾، من يسجد في الأرض معروف من هم إذا من يسجدون في السماء... ستقول الشمس والقمر والنجوم...لا يا صديقي أنظر ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾... طبعا طبعا الملائكة هم أيضا يسجدون.... جميل جدا ماذا يعمل الملائكة إذن؟... يعبدون ويسجدون ويحملون عرش الرب... هل تتكلم بجد وكيف هذا عرش الرب الذي تحمله الملائكة؟... أهو من خشب أم من حديد أم من ذهب؟ لا تدري ولا تدري أن هرش ربك هذا التي تقول عنه ليس الآن بل يومئذ يحمل عرش ربك ثمانية.. سألت نفسك ما هو يومئذ؟ لا تدري أكيد لكن قيل لك يوم الحساب... ﴿وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾. فلا تك من المبطلين. أتعلم أن لله جنود؟ ليس في السموات فقط بل حتى في الأرض وما بينهما... ستقول نعم أعرف... إذا لماذا تعترض عندما نقول أن الله الأمر ووضع القوانين وللجنود تطبيق ذلك (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما)، أنزل السكينة نعم من حملها وأوصلها قلوب المؤمنين ... جند الله... جميل ورائع... (ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلْأُخْرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ) أرسل الموت نعم من حمله وأوصلها إلى الأنفس؟ ومن أمسك الأخرى؟ كيف؟ طبعا هذا الكلام لمن يتفكر وليس من يكفر. ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾. إذا السؤال هنا هذا الدين الذي نؤمن يفترق عن الدين الأخر الذي لا نؤمن ؟ الدين الأخر دين المفكر دين المتدبر دين الذي يفقه الدين لا يتفق فيه.. الفرق من يعرف غير الذي يرد أن يتعرف... تما كم يريد الصعود للسطح وهو ما زال في الأرض عن الذي فوق السطح بعد أن أكمل رحلة الصعود... فمت صديقي ما أقول أم أنك لا تبرح عما يقول المتفيقهون؟.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى ملاك الأحلام والأماني الكبار
-
أحببتك دوما
-
أنا وأنت وليلة العيد السعيد
-
نصائح بلا سبب
-
رصاصة واحدة لا تكفي
-
نصوص حائرة بين المعنى والروح
-
تنقية وتحرير الفكر والخطاب الإسلامي من تأثيرات التاريخ العقا
...
-
من أين يبدأ الإيمان؟
-
رسالة لشهداء جسر الزيتون
-
رسالة إلى صباح جميل
-
رسول الليل
-
الحرية الدينية في موضع التنصيص
-
عالم البرزخ بين التصور والنص
-
مفهوم العبادة في النص القرآني ح2
-
مفهوم العبادة في النص القرآني ح1
-
المجرمون في نصوص القرآن ودورهم في تخريب الوجود
-
الدين والأخلاق وجوديا
-
الظاهرة السارتية ح 14هل منطق الدين وجوديا ج1
-
الظاهرة السارترية ح14هل منطق الدين وجوديا ج2
-
رباعيات حياة
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|