|
قضية المرأة العربية من خلال المجموعة القصصية الموسومة قرار أخرس للكاتبة التونسية حبيبة محرزي .
حسن ابراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 7127 - 2022 / 1 / 5 - 18:26
المحور:
الادب والفن
إن الخيط الرابط بين القصص الواردة ضمن المجموعة القصصية الموسومة قرار أخرس هو الخيط الذي يؤثث تمظهرات قضية المرأة العربية ، هذه الاخيرة تتبدى في مجموعة من العلاقات السائدة في المجتمع التونسي ، بل في المجتمعات العربية كلها . على هذا الأساس وردت هذه القضية بتمفصلات ، وتمظهرات أحيانا تتبدى من خلال مجموعة من الأحداث بشكل مباشر ، لكنها احيانا تتبدى بشكل غير مباشر ، كما ورد على ألسنة بعض الشخصيات القصصية . وفيما يتعلق بالفضاء ، وردت بعض الأحداث التي توحي بكون هذه القضية مطروحة على جدول أعمال المرأة التونسية ، لكنها سرعان ما يتبدى أن المرأة بالجزائر تعاني من نفس الظلم الذي تعاني منه المرأة بتونس . وإذا كان سؤال قضية المرأة العربية مطروحا ، فانه من خلال القراءة المسحية لهذه القصص يتبين أن هذه المجموعة لم تقدم جوابا له . قد يعود السبب في ذلك إلى كون السارد واع بكون الجواب ينبغي أن يقدمه المجتمع ، بفعل تطوره بهذه الدول ، وبفعل وعيه بخطورة الأوضاع التي تعيشها المرأة بتونس ، وبباقي الدول العربية. ومهما يكن من أمر، فإن السارد بفعل خبرته بخصوص هذه القضية قدم تدخل بعض مؤسسات الدولة للحد من انتشار بعض الظواهر مثل الاغتصاب ، وغيرها التي تمس كرامة المرأة العربية ، ومع ذلك اتضح تناسل ظواهر أخرى تتبدى في العلاقات السائدة في هذه المجتمعات ، ما دامت حكوماتها ليس لها خطط لمعالجة كل المشاكل التي تمس كرامة المرأة العربية في شموليتها. لهذا من حين لأخر يتبدى تمظر ظاهرة من الظواهر في العلاقات السائدة ، ولعل جل القصص تبين ذلك . وما دام كون حكومات هذه الدول لم تتمكن من معالجة الظواهر المرتبطة بهذه القضية ، تأسيسا على ذلك تتفشى في هذه المجتمعات ظواهر أخرى تتغدى بها هذه القضية ، إذ تساهم بشكل كبير في تناسلها في أغلب مؤسسات هذه الدول . اقصد بذلك الأمية التي ارتفعت نسبتها ، الجهل ، والتقاليد الفاسدة ، إذ على أساس قيم ذات صلة بهذه الظواهر وغيرها تعمد بعض المؤسسات منها مؤسسة الاسرة الى تربية أطفالها ، بتفضيل الذكور قياسا إلى الإناث ، وما يخلفه ذلك من مواقف تتأسس عند الجنسين ، يتم الانخراط بها في كل مؤسسات المجتمع ، بهدف تكريس التمييز بين الجنسين . هذا المعطى وإن اصله الاسرة بفعل تدخل الدولة وانتشار الامية ، إلا انه يجد امتدادا له في باقي مؤسسات الدولة ، ويتضح ذلك في أغلب مؤسسات الدولة منها التنظيمات السياسية بما في ذلك تنظيمات اليسار ، وقبول الانخراط في الانتخابات على هذا الأساس، اي على اساس التمييز . كل ذلك من أجل ضمان تكريس الهيمنة الذكورية التي تتبدى على مستوى مؤسسة اخرى ذات صلة كبرلمانات هذه الدول ، من حيث عدد النساء المتواجد بها ، وكذلك على مستوى الحكومات ، وما يخلفه ذلك من انعكاس سلبي يتمظهر بباقي المؤسسات ، الشيء الذي يفيد صعوبة إيجاد حلول لظواهر أخرى ذات صلة بها ، إذ على هذا الأساس تتعذر امكانية تحقيق تعليم يمكن المرأة من الولوج إلى المدرسة ، ذلك ان العديد من النساء لم يلجن المدرسة ، وبالتالي تتعذر امكانية اكتساب وعي أولي بقضيتهن . وكما تتمظهر قضية المرأة في حقل التعليم ، ايضا تتبدى على مستوى جل مؤسسات الدولة ، وما يعنيه ذلك من استمرار معاناة المرأة ، وتعذر أيجاد مخرج لها ، في ظل استمرار تخلف هذه المجتمعات ، وصعوبات تحقيق الديموقراطية بها . لهذا نجد التقسيم التقليدي للعمل بين الجنسين ، حيث مكان المرأة هو البيت ، وانجاب الأطفال ، أما الرجل فعمله خارج البيت ، وبسبب استمرار هذا التقسيم ، وما خلفه تأثير الهيمنة الذكورية في هذه المجتمعات ، لهذا نجد أن هذه المجموعة لم تجرؤ على اقتراح بعض الحلول ، تاركة للتطور التاريخي بهذه المجتمعات تقديم إجابات مفتوحة . ومن المفيد الاشارة إلى كون هذه المجموعة لم تحدد زمان ظهور هذه الظواهر ، ايضا لم تحدد أسس تطورها ، كما لم تتضمن المجموعة تدخل المرأة المنظم رغم ضعفه بهذه المجتمعات للتنديد بهذه الظواهر ، والمطالبة بوضع حد لها ، إذ على الرغم من ظهور موقف بعض الشخصيات منها إلا انه لم يرق إلى موقف منظم ، هذا الموقف جسدته الفتاة التي هربت من موقف بيعها لبعض الخليجيين ، كما أختها ، هذا الموقف اعتقد أنه على الرغم من ثباته ضمن هذه المجموعة ، إلا انه لم يرق إلى موقف منظم ، حيث تدخل بعض الجمعيات النسائية لفضح مثل هذه المواقف التي يعتبر الفقر سببا فيها الى جانب عوامل اخرى. . ومن هنا نطرح اشكالية أخرى اعتقد أنها إشكالية تنخر مجتمعانا العربية ، حيث على أساس استمرار هذه الظاهر تتعمق معاناة المرأة بهذه الدول ، ولذلك فحكومات هذه الدول مطالبة بالحسم مع النمودج التنموي القديم بسبب فشله ، والانخراط في نمودج تنموي جديد بكل هذه الدول ، على اساسه يتم تعليم المرأة ، وتثقيفها وفقا لقيم العلم ، والمعرفة ، ومستجداتهما ، وبالتالي لإعدادها للانخراط في المجتمع بمواقف ايجابية حيال محيطها ، وحيال باقي الظواهر التي ترتبط بقضيتها .
وعليه فمن بين الاشكالات التي اعتقد انه ينبغي ايضا مجابهتها ، قضية التربية الجنسية ، بالحسم مع هذا التابو ، ودفع هذه المجتمعات للانخراط في هذا النقاش ، بدفع المثقفين لتنوير مجتمعاتهم بمخرجات هذا النقاش على اساس الضغط على حكوماتهم لتبنيه ، نصوصا تشريعية ، وممارسة الضغط لتفعيل هذه النصوص في سياق التطور التاريخي لهذه المجتمعات. . في نفس الاطار تطرح المجموعة قضية الحريات الفردية ، ايضا هذا التابو ينبغي أن ينفتح عليه كل المثقفين على اساس الحسم مع النصوص القانونية القديمة التي تعيق تطور هذه المجتمعات . كل ذلك اساسه انخراط نخب هذه المجتمعات ، في نقاش عمومي من اجل ضمان الانتقال السلس للديموقراطية ، حيث على اساس دمقرطة هذه المجتمعات يتم الحسم مع كل الظواهر التي تسيئ للمرأة ، ومن اجل الحسم مع هذه الظواهر ، وضمان كرامة المرأة بهذه المجتمعات ينبغي أن تنخرط المراة نفسها بقوة في الفعل ، بشكل يصون كرامتها ، ويحقق آملها بمعزل عن الذيلية للرجل ، لكن بتنسيق معه على أساس مواقفها هي ، وليس على اساس مواقف الرجل . وفي الاخير أعتبر هذه المجموعة صرخة مدوية أتت من أجل ان تنبه الحكومات العربية ،والمجتمعين السياسي ، والمدني لخطورة ، ومعاناة المراة العربية ، وبالتالي أعتبرها مساهمة واعية لفتح نقاش مجتمعي ، من اجل تحرير المرأة من كل ما يكبلها ، ويمنعها من أن تعيش حياة كريمة بهذه المجتمعات ، بتدخل الدولة نفسها للقضاء على كل الظواهر التي تمنعها من ان تنخرط في هذه المجتمعات منتجة الى جانب الرجل بالقضاء على التمييز بهذه المجتمعات ، وتحقيق المساواة بها .
#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وظيفة المكان برواية تحت عنوان قيامة آلهة لابتهال خلف الخي
...
-
عبث بمَسَد الجراد .
-
اخرج من الرمح ليكتمل دمي .
-
جشع جمع المال ،وتوجيهه للعلاقات السائدة بالمجتمع الروسي من خ
...
-
الشعر العربي من سلطة القبيلة الى سلطة الدولة عبر التاريخ .
-
موسيقى لغموض الثلج .
-
قطعة ليل توزع الغروب .
-
هلع دلاٌع يغذي مكر جبروت .
-
صحصح يبني المرارة بحليب دمية .
-
احتفاء بتليسة لحبات رهاب .
-
الوطن وجع لم يصح بالمرآة .
-
استقامة المستحيل بمنغلق رصاصة .
-
فضح الفساد من خلال رواية تحت عنوان شباب امرأة لألبرتو مورافي
...
-
رتق بريش يمامة .
-
دبوس في نعل زوبعة .
-
كسور في نشوة رمل .
-
قطرة دم في نجمة عجماء .
-
حارس النار
-
أوضاع المرأة العربية بين ضعف تدخلاتها , واستشراف المستقبل .
-
تمثل الماضي للحسم مع سلبياته , والعمل لاستشراف المستقبل من خ
...
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|