|
نبوءة الأسقف ديزموند توتو (2)
طارق الهوا
الحوار المتمدن-العدد: 7127 - 2022 / 1 / 5 - 08:13
المحور:
كتابات ساخرة
ذكرت في مقال نُشر في "الحوار المتمدن" عشية رأس السنة، أن كبير أساقفة دولة جنوب أفريقيا ديزموند توتو اعتبر أن جورج بوش وتوني بلير مجرما حرب بسبب غزوهما للعراق سنة 2003، والملفت للنظر أن وسائل الاعلام العربي ركّزت فقط في تغطيتها على خبر وفاة الأسقف على دوره في محاربة الفصل العنصري، ولم تُشر اطلاقاً إلى دوره وتسمية الأشياء بأسمائها في معارضة غزو العراق. معارضو تلك الحرب البريطانيين وقع أكثر من 550 ألف شخص منهم على عريضة تطالب بسحب وسام "فارس" من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. العريضة نشرها أنغوس سكوت على موقع change.org وجاء فيها إن السير توني "تسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه لكل من دستور المملكة المتحدة ونسيج مجتمع الأمة* أثناء توليه منصبه، وتشكو من أن دوره في حرب العراق يجعله "مسؤولاً شخصياً" عن العديد من القتلى وتتهمه بارتكاب "جرائم حرب". وأضافت: "لقد كان مسؤولاً شخصياً عن التسبب في مقتل عدد لا يحصى من الأبرياء والمدنيين والجنود في نزاعات مختلفة. ولهذا وحده يجب أن يحاسب على جرائم الحرب". حصل بلير زعيم حزب العمال السابق، الذي كان في السلطة من 1997 إلى 2007، على وسام الشرف من صاحبة الجلالة في قائمة الشرف الصادرة للسنة الجديدة، وكان التعيين اختيارا شخصيا من قبل الملكة إليزابيث، وهو ثاني تكريم على جرائمه، فقد قدم الرئيس جورج دبليو بوش للسير توني وسام الحرية الرئاسي، وهو أعلى وسام مدني أميركي، على "جهوده لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام في الخارج"، ووصف بوش حليفه في حرب العراق بأنه "زعيم استثنائي" تعامل مع "التحديات التاريخية بإصرار كبير". وكان التكريم الوحيد الذي ناله جورج دبليو بوش هو الحذاء الذي ألقاه منتظر الزيدي عليه أثناء مؤتمر صحافي في بغداد في 14 كانون الأول 2008. كل التقارير المُنصفة جرّمت غزو العراق سنة 2003 ، ومنها تقرير شيلكوت سنة 2016 حول حرب العراق، الذي أكد " أن حكومة السير توني قد اختارت الانضمام إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة قبل استنفاد جميع الخيارات السلمية لنزع السلاح، وأن التخطيط والاستعدادات للتعامل مع الوضع في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين كانت غير كافية على الإطلاق". على نقيض ما حدث في حرب الخليج عام 1991، قوبل غزو العراق بمعارضة شديدة في الولايات المتحدة أيضاً، كما رفضت فرنسا وإيطاليا، بعد أن كانتا قد شاركتا في الجهود العسكرية السابقة، والمشاركة في التحالف في ذلك الوقت. وأعرب وقتها الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن معارضة شديدة للتدخل العسكري، الأمر الذي عكر صفو العلاقات بين باريس وواشنطن، ووجهت أوامر إلى ثلاثة مطاعم في مجلس النواب الأمريكي من أجل تغيير اسم البطاطس المقلية French fries على قوائم الأطعمة واستخدام اسم جديدة هو Freedom fries . وحتى في لندن تجمع حشد تجاوز مليون شخص في مسيرة كبيرة احتجاجا على الحرب. كما أعرب أحد الشخصيات الرئيسية في حكومة رئيس الوزراء توني بلير آنذاك، زعيم الاغلبية العمالية في مجلس العموم ووزير الخارجية السابق روبين كوك، عن اعتراضه وقدم استقالته على خلفية هذا الغزو. من الأكاذيب التي قالها دونالد رامسفيلد عن غزو العراق: "خمسة أيام أو خمسة أشهر، لكن بكل تأكيد لن تطول أطول من ذلك"، لكن القوات الأميركية ظلت حتى 2011، ولم يزل غزو العراق، بعد أكثر من 18 عاما، موضوعا خلافيا ولم تنعم البلاد مطلقاً بالسلام، بعد تصاعد العنف الطائفي بين الغالبية الشيعة في البلاد، والأقلية السنية التي حكمت في ظل نظام حكم صدام حسين. وفي عام 2014 مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، دخلت البلاد في ذروة حرب أهلية. وسيطر المسلحون المتشددون على معظم مناطق شمال العراق، بما في ذلك مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن في البلاد. كان غزو العراق أحد العوامل التي مهدّت للربيع العربي وظهور دول الخلافة، وكانت النتيجة عدم نشر الديمقراطية في العراق ولا غيره، وكيف تُنشر وتفكيك كوادر الدول وأجهزة شرطتها وجيوش العراق وسوريا وليبيا ومصر كان هدف الربيع الأول؟ تأكد فشل دول تعاني من الأساس بدلا من الأخذ بيدها، وانتشرت موجة هجرة لم تحدث في التاريخ أصبحت تهدد ثقافات الغرب نفسه، واقتُلعت البقية المتبقية من المسيحيين من الشرق الأوسط، علاوة على وقوع الدولة الأميركية نفسها في ديون تتراكم ويستحيل الوفاء بها. *الذين زاروا لندن في العشر سنوات الأخيرة، سيدركون عبارة "ضرر لا يمكن إصلاحه لكل من دستور المملكة المتحدة ونسيج مجتمع الأمة"، وسيفهمون لماذا يُطلق على لندن "لندنستان"، بعد تغيير نسيج مجتمع الأمة بقبول عرق واحد من المهاجرين. والمرجّح أن الملكة لا ترى ذلك من خلال عيشها في قصور وبروتوكولات وملابس الماضي.
#طارق_الهوا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نبوءة الأسقف ديزموند توتو
-
دور فاتيكاني سياسي مرفوض
-
القمّص يُبحر واثقاً في مضيق اللعنات
-
الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني (2)
-
فشل أميركا في قيادة العالم
-
الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني
-
صحوة الموت الاسلامية
-
حقوق الإنسان الجديدة
-
إرهابي؟ إذن قدِّم طلب هجرة للغرب
-
بايدن رئيس ولايات متعددة الجنسيات
-
ما الذي يشغل الإمام الأكبر؟
-
انتخابات مرسي وانتخابات حسين/جو
-
الديمقراطية بعين واحدة
-
احترام معتقدات الآخرين
-
شيزوفرانيا التمسك بالشرع والتمحك بالديمقراطية
-
عصر الربوتات الإنسانية
-
لو ربح أوباما ولاية ثالثة
-
ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟ (2)
-
ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟
-
الغرب يحتضر على مشنقة الحرية
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|