أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟














المزيد.....

علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7127 - 2022 / 1 / 5 - 01:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فاق صدى استقالة عبد الله حمدوك مساء الأحد من منصب رئيس الوزراء الذي كان عبد الفتّاح البرهان، خليفة عمر البشير في دور دكتاتور السودان وقاهر شعبها، قد أعاد تعيينه فيه قبل ستة أسابيع، وذلك بعد أن أطاح به وفرض عليه الإقامة الجبرية عندما قرّر وضع حدّ لمسار الانتقال الديمقراطي يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فاق صدى تلك الاستقالة تبعاتها الفعلية. ذلك أن حمدوك بقي، إثر تعيينه الثاني، رئيس وزراء بلا قرار مستقل في الأمور الأساسية مثلما هم رؤساء الوزراء في كافة أنظمة الحكم الفردي والدكتاتوريات، وهو السبب عينه الذي جعل شتى مكوّنات المعارضة الشعبية السودانية تلومه على القبول بالعودة إلى المسرح الحكومي بالرغم من تحوّله إلى مسرح دُمى.
أما عدا رفعه «ورقة التين» التي غطّى بها عورة الحكم العسكري، فإن أهم ما حقّقه حمدوك باستقالته هو تأكيد صدق نيّته الشخصية في محاولة ترميم المسار الانتقالي، وهي نيّة ساذجة تماماً حفّزها توهّم بأن الضغط الدولي سيمنحه سطوة تخوّله تحقيق مبغاه، مثلما وعده الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، فولكِر بيرتِس، الذي تطفّل على الوضع السوداني بروح مفعمة بمنطق استعماري، ناقضاً اللاءات الثلاثة التي نادى بها الحراك الشعبي إزاء الانقلاب العسكري: «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» (أنظر «هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟» 21/12/2021). والحال أن أنظمة الاستبداد العربية أثبتت بما يكفي ويفي، لاسيما منذ انفجار «الربيع العربي» قبل أحد عشر عاماً، أن دعوات «المجتمع الدولي» لا تثنيها البتة عن المضي في تسلّطها وبطشها، وأنها لا تفرّط البتة بسيادتها الاستبدادية، التي تطلق عليها تسمية «السيادة الوطنية» بينما تدوس سيادة الشعب، التجسيد الأوحد للسيادة الوطنية الحقيقية.
ولا زالت الحركة الشعبية السودانية تثبت يوماً بعد يوم امتيازها والتزام قياداتها، متمثلة بلجان المقاومة وتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير، بالإصرار على إسقاط حكم العسكر وإحلال نظام مدني ديمقراطي محلّه، وتنظيم الحراك الشعبي بلا هوادة سعياً وراء هذا الهدف الذي لم يعد ثمة مجال للمساومة عليه بعدما أثبت قادة العسكر أنهم لن يرضوا بالتخلّي عن زمام الحكم لصالح سلطة مدنية منتخبة ديمقراطياً، بل إنهم لا يقبلون حتى بتسليم منصب رئاسة «المجلس السيادي» الانتقالي وقد نفّذوا انقلابهم استباقاً لموعد التسليم المذكور.
وقد يظنّ أحد أن فضل الحركة الشعبية السودانية في مواصلة النضال والإصرار على تحقيق غايات الثورة، إنما يعود، ولو جزئياً فقط، إلى الاعتدال النسبي الذي واجهت به القيادة العسكرية حتى الآن التظاهرات الشعبية.

ولا يُنكر أن القمع الذي واجهته الحركة الشعبية السودانية منذ اندلاع الثورة وحتى كتابة هذه السطور (صباح الثلاثاء) على شراسته وقباحته، بقي محدوداً بقياس ما شهدته مصر بعد انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013، ناهيكم من فظاعة القمع الذي تعرّضت له الثورتان الليبية والسورية منذ أسابيعها وأشهرها الأولى. أما الحقيقة فهي أن القادة العسكريين السودانيين ليسوا أكثر رأفة من غيرهم من أرباب أنظمة الاستبداد في منطقتنا، بل إن الفارق الجوهري الذي يتحكم بمستويات القمع إزاء حركات شعبية تطالب بإسقاط السلطة القائمة وقد بلغت فعلياً حدّ تهديد استمرارها، إنما هو ثقة الحكام بتحكّمهم بالقوات المسلّحة.
ففي أنظمة ميراثية مثل نظام آل القذّافي الليبي ونظام آل الأسد السوري، تتحكم العائلة الحاكمة بالقوات المسلّحة، ولاسيما وحداتها الأكثر تسليحاً وتدريباً، من خلال الوشائج العائلية والقبلية والإقليمية، بل والطائفية كما في الحالة السورية، فلا تتردّد في استخدامها سعياً وراء إغراق المعارضة الشعبية بالدماء. أما في مصر فقد خشيت قيادة القوات المسلّحة من تمرّد جنودها لو حاولت زجّهم في قمع وحشي للحراك الشعبي العارم في شتاء عام 2011 دفاعاً عن رئيس بات واضحاً أنه خسر رصيده الشعبي. وبالمقابل، فلم تتردد القيادة العسكرية في الإشراف على تنفيذ مجزرة رهيبة بعيد انقلاب سنة 2013، إذ شعرت بأن الرصيد الشعبي الذي أحرزته بسهولة إزاء حكم الإخوان الأرعن قد ضَمن لها القدرة على المضي في تجديد أسس الاستبداد بمستوى أكثر بطشاً.
أما في السودان، فثمة نظير للوحدات الخاصة الليبية أو السورية تمثله «قوات الدعم السريع» المكوّنة من ميليشيا الجنجاويد القبلية المعروفة بممارساتها الإجرامية في دارفور. ولهذا السبب بالذات استخدمتها القيادة العسكرية في محاولتها إرهاب الحركة الشعبية من خلال مجزرة «فض اعتصام القيادة العامة» في الثالث من يونيو/ حزيران 2019. لكن قادة الجيش لم يتجرؤوا على المضي قُدُماً على هذه درب الدموية خشية من انتشار مظاهر التمرّد في صفوف القوات النظامية التي بدأت تتجلّى إزاء المجزرة. وتبقى القيادة العسكرية السودانية مقيّدة بضعف رصيدها الشعبي مقارنة بحجم المعارضة الشعبية. وقد ظنّت قبل شهرين ونصف أن المزاج الشعبي قد تغيّر لصالحها، لكنها سرعان ما رأت أن ذلك كان وهماً، ليس إلّا. وهي تراهن الآن على كلل الحركة الشعبية وضغط الظروف المعيشية كي تسنح لها فرصة تصعيد قمعها وإعادة تثبيت الدكتاتورية العسكرية على غرار ما حصل في الجزائر.
أما في المقابل، فلا طريق إلى القضاء على حكم العسكر وإرساء سلطة مدنية ديمقراطية محله سوى من خلال صعود التعاطف مع الحركة الشعبية من داخل القوات المسلحة بما يُؤدّي إلى عصيان عسكري وإطاحة بالمجلس العسكري «الانتقالي» القائم. وهذا ما أراد البرهان تداركه بتقديمه «تنويراً» لضباط القوات المسلحة من رتبة عميد فما فوق يوم الإثنين، سعياً وراء محاصرة وقع استقالة حمدوك في الليلة السابقة. وفي التحليل الأخير، فإن مصير الثورة السودانية يتوقف على قدرة المعارضة الشعبية على شق صفوف القوات المسلحة واستدرار تعاطف قسم منها وحثه على تأييد المطالب الشعبية بما يكفي من حزم وقوة لردع القسم المضاد للثورة أو هزمه.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين
- بعد الانقلاب الأرعن: السودان إلى أين؟
- «وقائع انقلاب مُعلَن» في السودان
- لبنان و«الحسابات الخاطئة»
- تأمل أولي في عِبَر الانتخابات العراقية
- شبكة فساد أكبر من شبكة الصرف الصحّي
- قوى تونس التقدمية أمام مسؤوليتها التاريخية
- أمريكا والصين على رقعة الشطرنج الدولية
- إسقاط التيار الإخواني واستكمال هجمة النظام القديم
- أيهما أخطر 11/9 أم 1991؟
- أفغانستان وأسطورة العجز الأمريكي
- من المقبور في «مقبرة الإمبراطوريات»؟
- من المسؤول عن إخفاق التجربة التونسية؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟