ابن تيمية

وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)

الحوار المتمدن-العدد: 7126 - 2022 / 1 / 4 - 14:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يتحدث البعض عن عبقريته والبعض الآخر عن جنونه، ويتحدث البعض الآخر عن مدى نفعيته لهم في إبقاء سكان المغاور والكهوف قائمين في أماكنهم لا يغادرونها أبدا، رغم تغير الأجيال وتعاقب الفصول، إن الجغرافية الذهنية في نظر هذا الطرف الأخير، هي من يجب ألا تتغير أو تتبدل، لأنها تمهد لنهاية الاحتلال الثقافي وتبعاته عن هذه المراكز الحضارية العتيقة، الناطق منها باللهجات العربية أو اللغات الأخرى.
يتبع المحتلُ دائما نفس المنهج في استيلاب الشعوب، محو الذاكرة المساعدة على التقدم والتطور نحو الأفضل، واستبدالها بذاكرة العنف الموجودة أصلا في المُستَلَب، لأن أي شعب كيفما كان له جانب من ممارسة للعنف، لذلك يعمل المُحتل عندما يحتل وطنا ما إلى إبقاء شعوب هذه الأوطان ضمن هذا المستوى العنيف، والذي يمكن من اتهامه به متى شاء ومتى أراد.
تدخل كتابات ابن تيمية ضمن هذا الإطار، القائم على إبقاء المستَلَب في حالته، فلا هو بالعبقري طبقا لعصره، لأنه لم يتجاوز الأفق المعرفي لعصره، ولا هو بالمجنون، لأنه نتاج سياق ذلك الزمن؛ عملت كتابات الاستشراق ومنها كتابات المستشرق الفرنسي هنري لاؤوست Henri Laoust ( 1905 - 1983 م ) "بحث في آراء ابن تيمية الاجتماعية والسياسية"، "الانشقاقات في الإسلام" وأعمال أخرى على استحضار هذا النسق من أجل تفعيل هذه الرؤية الاستعمارية القائمة على إبقاء حالة العنف في المستلَب من أجل إبقائه كما هو، ليعيش حالة التكرار الدائم، بحيث تلد هذه المجتمعات المفعول بها أجدادها.
ذكره ابن بطوطة في رحلته "تحفة النُظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، وقال عنه: "وكان بدمشق من كبار الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون. إلا أن في عقله شيئا (أي مجنون) ... وتكلم مرة بأمر أنكره الفقهاء، ورفعوه إلى الملك الناصر... فأمر بسجنه بالقلعة أعواما، حتى مات في السجن بعدها، وصنف في السجن كتابا في تفسير القرآن سماه "البحر المحيط"، في نحو أربعين مجلدا". (ص 111.112).
إن سؤال الراهنية أو التبيئة، أي ما فائدته طبقا للزمن الذي نعيش فيه؟ هو من يؤكد أن هذا الاستحضار من لدن الاستشراق لمثل هذه الأعلام في الذاكرة العامة للشعوب بقادتها وعوامها له هدف أساسي هو بناء موسوعة، مجموعة من النصوص ذات التصور العنيف، والتي بناء عليها سيصبح المتلقي منتجا للعنف وأشكاله، وبالتالي بقائه في حالة أبعد عن التفكير العقلي والمنطقي.

#وديع_بكيطة (هاشتاغ)       Bekkita_Ouadie#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات