أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الفرق بين المعلم الحقيقي و المتوهم














المزيد.....


الفرق بين المعلم الحقيقي و المتوهم


اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7124 - 2022 / 1 / 2 - 15:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يزال يتكاثر في كل لحظة من يتصدرون الوعي و يقدمون أنفسهم على أنهم معلمون ومتنورون ! وكلما دخلت منهم أمة جديدة لعنت أختها و وسمتها بالزيف وأدعت أن الحقيقة بين يديها! وكل هذا الذي يحصل أمامنا متوقع وسببه معروف، فإن من سمات الظلام الأصيلة التي لا تتغير عبر الزمان والمكان أن الظلام يوسم نفسه بوسم من نور حتى يوهم الناس ويدخلهم في ظلامه بإسم النور! يقول عز و جل "فقبضت قبضة من أثر الرسول!" حتى الحركات الظلامية مثل الماسونية يسمون أنفسهم المتنورون الأحرار، النور و الحرية وهما أعلى قيم الحقيقة، وحتى نمايز الفرق بين الحقيقي و الواهم لابد أن نفهم كل الفهم، أولا أن الحقيقة والنور والوعي ليست ثقافة ولا زخم معلومات، لذلك ترى المزيفين من المتصدرين للوعي يتسابقون كل لحظة في بث المعلومات الجديدة والمصطلحات والتصنيفات حتى أصبح السالك في طريق النور في حيرة وكأنه أمام مادة دسمة سيتقدم فيها لإمتحان غدا ! و أول صفات الحقيقة أنها سلسة رقيقة واضحة، فإنك إذا جلست أمام نهر فإنك لست بحاجة لأن يشرح لك أحد أن هذا نهر، و لست بحاجة ليعلمك أحدهم كيف تصغي إلى خرير مائه، وتستمتع بصوته وجريانه وإنسياب مائه، إنه نهر! ماذا يهمني في لحظة إتحادي بجمال النهر أنه يتكون من جزيئات الهيدروجين والأوكسجين وأنه ينبع من جبال طوروس ويصب في المحيط الهندي! هذا لن يغير حقيقة أن النهر نهر! بل إنك إذا كنت صافيا من الداخل ستحس بجريان ماء النهر فيك كأنك أنت النهر ولن تكون معنيا ولا مهتما بأي معلومات أو هراء أو أوصاف وميزات هذا النهر! هب أنك لم تشاهد النهر في حياتك، وجاء معلم أنهار وبقي يشرح لك كل تفاصيل النهر وجماله، ربما يسعفك الخيال لنشوة مزيفة وقتية ولحظية، لكنك في الحقيقة ليس لديك أي فكرة عن متعة الجلوس بجانب نهر، فكل ما تتخيله أوهام ونشوة كاذبة منبعها رغبتك، والحقيقة أيضا أن معلم الأنهار هذا لم يسبق له أصلا رؤية نهر! لقد جمع من هنا وهناك ما سمعه عن النهر وظن من كمية معلوماته أنه معلم أنهار! وهو لا يعرف أصلا طريق النهر ويقول لك سأرشدك الطريق! وستتبع خطواته ثم تجد نفسك تهلك عطشا تائها وسط صحراء لا تستطيع الوصول إلى النهر ولا حتى العودة إلى موطنك، فمن هو المعلم الحقيقي وسط هؤلاء الواهمين؟ إن هذا الطريق، طريق النور أو الوعي أو طريق الحقيقة أيا كان ما يصفونه، هو الحق بعينه و الحق أو الحقيقة خالية من أي وهم أو زيف ولا يمكن أبدا للعقل أن يتصل بالحقيقة إطلاقا، لأن العقل أدواته محدودة بالحس "السمع والبصر وأدوات الحس المعروفة" وهي قاصرة أن تدرك المطلق و المطلق لا يمكن بأي حال أن يدرك سوى بالقلب وهي أداته الوحيدة وحين نقول القلب فعلينا أن نعي أنه سمي قلبا لأنه يدرك "مقلوب" ما يدركه العقل! فكل وعيك العقلي حين يعاين الحقيقة سيدرك أن كل هذا الوعي في حقيقته مقلوب تماما! و ليس كما يبدو أبدا ! و من هنا ينشأ الصراع الدائم بين وعي العقل و وعي القلب، و يظل العقل يشاكس و يناور و يحارب و يبرر حتى لا يفقد قيادته وسلطته وهيمنته عليك، الحقيقة أو النور أو الحق تتطلب قلبا خاليا تماما حتى يستوعب هذا الإشراق و الجمال و المطلق، وهذه كلها فوق أي وصف وفوق اللغة ذاتها، فأي محاولة لوصف الحقيقة باللغة فهي محاولة غبية و فاشلة تماما، وهذا الفشل هو عينه الذي يقوم به معلمو الوعي المزيفون، بينما المعلم الحقيقي يكتفي بالإشارات و كما قيل "من لم ترشده إشاراتنا لم تسعفه عباراتنا!" فالمعلم الحقيقي متصل بمصدر النور، بقلبه، بينما يدعي المزيف إتصاله بالمصدر وهو يستخدم عقله! بينما لا يستطيع أعظم عقل أن يستوعب أصلا قبس من نور الحقيقة، بل سيحاربه و يعترض عليه و يرميه بالأحكام مباشرة، مثال بسيط إفتراضي حتى نقرب كل ما فات، أحدهم يوجد بباب بيته شجرة و كلما مر أمام هذه الشجرة يحس بالضيق و الكراهية والنفور والمشاعر المتدنية بسبب وجود هذه الشجرة، يذهب هذا الرجل إلى معلمه ويقول له لا أستطيع قبول هذه الشجرة، أحس بالضيق منها، هناك شيء غريب يدفعني لأن أكرهها، المعلم المزيف بطبيعة الحال سيقول له أنت تعاني من نقص في ترددات الحب لديك، فالشجرة محايدة من الطبيعة وأنت تردداتك منخفضة، عليك بمزيد من التأمل وتنظيف الشاكرات وإلخ من هذا الهراء ويذهب المسكين ظنا أنه تلقى الإرشاد و يحاول و يحاول و يوهم نفسه مرة أو مرتين بأنه منسجم مع الشجرة ثم يعود وينقلب حاله ويبقى يحس بأنه متدنٍ وفاسد ولا يصلح لشيء ويبقى يستنزف المعلم كل ما فيه دون أدنى نتيجة، بينما مثلا لو ذهب إلى معلم حقيقي، فإن هذا المعلم سوف يتلقى الحقيقة من مصدرها، لن يستخدم عقله بل سيصله الإلهام الحقيقي لحقيقة إختلاف الشجرة وهذا الرجل وقد يكون الإلهام أن يرشد الرجل لقطع الشجرة وإحراق جذورها بالكامل! و لو سمع بهذا أحد المعلمين المزيفين لسارع الكل بإتهام هذا الحقيقي أنه مخرب و أنه عدو الطبيعة وعدو النور والوعي! المعلم المزيف تلقى إرشاده من العقل المحدود ومن ربط وتحليل المعلومات الكثيفة لديه عن الحقيقة، بينما المعلم الحقيقي تلقى إلهامه من المصدر عبر قلبه ولا يأبه بحكم هذا الطالب، أو أي أحد يحكم عليه جراء ما أرشد به طالبه، فهو يعيش خارج الأحكام أصلا ولا يعنيه سوى الحقيقة وفقط الحقيقة، وهذا المثال تجدونه حاضرا في قصة الخضر مع موسى في التنزيل القرآني، فإن الخضر قد فعل كل شيء لا يستطيع العقل بأدواته وتحليله الصبر عليه فهو خارج وعي هذا العقل أصلا، لأن من سمات الحقيقة أنها محيطة! تحيط بكل شيء بينما العقل معقول"أي ملزوم ومحكم بعقال يحدده" لذلك قال الخضر لموسى وكيف تصبر على ما لم (تحط) به خبرا! المعلمون الحقيقيون يتكلمون عن المصدر مباشرة، لذلك هم في كل زمان تصلهم نفس الرسائل لأن المصدر واحد فيتوحد جوهر كلامهم و يختلف التعبير اللفظي فقط، وهم يدركون دورهم تماما،و يعرفون أنه إرشادي فقط، وأن لكل مخلوق وعي مقدر له بحسب ما خلق له وبحسب دوره على هذه الأرض.

͜ ✍ﮩ₰ الماستر الأكبر سعيد اتريس

____2 يناير 2022____



#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يرقصون ليلة رأس السنة
- المعراج إلى عالم الأنوار
- ألف غاية و غاية
- الطبيعة الكونية
- من وحي الذات العليا
- على قدر حلمك تتسع الأرض
- إشراقات من أقداس الملكوت
- كيف يتأثر الإنسان بالسحر
- ما الطاقة الكونية
- الموت الطقسي
- الترددات بين المؤثر و الطبيعي
- فلسفة الماتريكس! الرؤيا من خلف الظلال
- مواعظ الحكمة من أقوال أبي مرة
- ثرثرة مع صديقي العجوز
- إستمع إلى قلبك الذي سيرشدك إلى ما تريد
- إيحاء الضمير الحر
- السحر الأسود من وجهة نظر العلم
- تأملات في علم طاقة و الوعي الروحي
- أصناف العلوم الروحانية وفق التراث العربي إسلامي
- ما الحاسة السادسة


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الفرق بين المعلم الحقيقي و المتوهم