حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 02:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
اعترف حسن نصر الله بأنه ما كان ليقدم علي خطف الجنديين الإسرائيليين لو تصور مدي رد الفعل الإسرائيلي غير المتناسب من وجهة نظره مع فعلته. وقبل أن نولي الموضوع نصيبه من البحث، لا بد من الإشادة بالشجاعة الأدبية التي تحلي بها والتي لم نعهدها في كل المخفقين العرب ممن احتلوا الكراسي بصفة رئيس أو ملك أو رئيس وزراء أو وزير أو فقيه أو مفتي وصولاً لشيخ قبيلة.
لكن الأمر أبعد بمراحل عن الشجاعة الأدبية التي قد تكون غير مقصودة لذاتها، إنه في مسئولية شاغل الكرسي وفي كيفية اتخاذ القرار. فقد درج محتلو الكراسي في عالمنا العربي التعيس أن يتخذوا القرارات بالإلهام المستند إلي أشخاصهم المنزهة عن الخطأ أو المبني علي مرجعيتهم الدينية التي افترضوا أنها تعطيهم حقاً مطلقاً أودعه الله فيهم. مبدأ الدراسة قبل اتخاذ القرارات غير وارد، فالمؤسسات العلمية القادرة علي النصيحة إما مهمشة أو غير موجودة، إضافة إلي استبعاد المحاسبة علي الخطأ. الشعوب مُهمَلة مُساقة مُغرِقة في الخزعبلات، الاستخفاف بها أوردها كل تهلكة، هي التي تتحمل الإخفاق في كل القرارات، سواء في النتائج الكارثية أو في إلصاق تهمة الفشل بها. لقد اعتاد الشعب المصري علي سماع أن زيادته هي سبب مصائبه وصولاً إلي كارثة القطار، عليه أن يتحمل صاغراً العاقبة؛ ليس من المستغرب تحميله مسئولية الأعاصير والزلازل والفيضانات. وها هي لبنان قد دمرت بحجة لم أكن أعرف ولم أتصور حدة رد الفعل، وكأن رد الفعل الإسرائيلي مرهون بإرادة حسن نصر الله، وهو ما يعكس قدر القصور في اتخاذ القرارات المصيرية ومدي استهدافها الغوغاء في المقام الأول.
من المؤكد أن من حق متخذي القرارات العشوائية العربية التمادي في التوهان طالما أنهم علي يقين من أنهم لن يُساءلوا وأن كباش فداء إخفاقاتهم من شعوب ومسئولين أكثر من الهم علي القلب. الإخفاق العربي يُقابل بالطبل والزمر، يُصور كأنه انتصار ترقص له شعوبٌ ضائعة أدمنت الانكسار، ويتغني به مرتزقةُ تلوينِ كل فشل.
في عصر لا مجال فيه إلا للعلم، لا تزال الشعوب العربية تُقاد بالإلهام في منام أو صحوة، ليس بمستغرب أن تخرج من خراب إلي خراب وأن تظل قابعة علي أنقاضِها إلي أن تفني تماماً، تلك سنة الحياة منذ بدء الخليقة، في الحيوان والإنسان،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟