|
.. العوالم الجديدة .. والحضارة ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 02:18
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عام 1492 اكتشفت أمريكا على يد كولمبس والذي مات وهو لايدري انه قد اكتشف قارة بكاملها في عام 1606 اكتشفت استراليا كقارة أيضاً وفي أواخر عام 1700 اكتشفت نيوزيلنده ... سأتطرق في مقالي هذا من العوالم الجديدة أقدمها من حيث الاكتشاف وهي قارة أمريكا وبعدها أو قربها أو انسلاخها عن البعد الحضاري ، وبداية يجب علينا أن نعرف ماهي الحضارة وقد احتلت هذه الأيام عناوين كثيرة لمقالات وأبحاث ومدونات ومجلدات ونهاية التاريخ وصراع الحضارات وحوار الحضارات ، هل الحضارة أبنية وقصور وقبور وأهرامات وأصنام وتماثيل وجسور وقناطر وأسوار وحصون وقلاع ، أم هي فتوحات مدمرة وغزوات بربرية وقتل الشعوب وسبيها ، هل الحضارة حرق للزرع والضرع والهدم والتخريب أم نشر للأيديولوجيات الروحية والمادية بالقوة والقسر وفرض الجزية والقتل ، أم انها تشمل امبراطوريات لاتغيب عنها الشمس ولكن تغيب عنها الكرامةالإنسانية وتسودها ديكتاتوريات تمجد الحاكم إلهاً والشعب عبيداً ويعبدونه هل الحضارة أن تخترع أسلحة فتاكة لتدمر بها الشعوب الآمنة ، هل غطرسة القوة حضارة ....؟! وفي العودة إلى أصل كلمة الحضارة هي من كلمة حَضَرْ وعكس كلمة بدو والحضارة بعكس البداوة ، فالبدوي يبقى في خانة التخلف حتى ينتقل إلى خانة الحضارة عندما يترك بدويته والبادية وحرية الفوضى وينتقل إلى مجمع المدينة ( الحضر) حيث النظام والقانون ، وجاء في القاموس الحضارة : إقامة في الحضر ، والحضارة ضد البداوة ، والحضارة مظاهر الرقي الفكري والفني والاجتماعي في المجتمعات وحضارة الأمة جملة مظاهر التقدم فيها .... والذي دعاني إلى كتابة هذا المقال قراءتي لجملة من الكتاب ، يصمون فيها الشعب الأمريكي أنه خارج ركب الحضارة ويعاني عقدة حضارية ولاتاريخ حضاري له ؟ بالمناسبة أنا لست مع السياسة الأمريكية كدولة غاصبة ومتغطرسة غطرسة القوي الأوحد ، وأدينها بكل شدّة ، ولكني أسال ، هل الشعب الأمريكي قد جاء من المريخ أم من جزيرة معزولة ، والواقع يؤكد أنه خليط من شعوب حضارية وضالعة في الحضارة ، إنكليز ، فرنسيين ، جرمان ، اسبان ، هنود ، من الصين ، من الوطن العربي من ايران والحضارة الفارسية ، من إفريقيا ، ومن بقي من سكان أمريكا الأصليين ويمثلون حضارة الأنكا .. ولما تقدم فإن الواقع المذكور يؤكد تلاحم حضاري لامثيل له ولم يسبق في التاريخ أن قامت أمة على مثل هذا التلاقح الحضاري الذي نجم عنه ولادة حضارية بدءاً من شكل السلطة الحاكمة ، التقدم الاقتصادي الهائل ، منجزات علمية فائقة بل رائدة على مستوى العالم، ثورة ثقافية مذهلة نجم عنها سبق إنساني وحضاري .. قبل التحدث عن نظام الحكم الديمقراطي العلماني في أمريكا ،لابد من الوقوف أمام ثورة العصر الثقافية والإنسانية ألا وهي ثورة تحرير العبيد ، وكان رئيس الولايات المتحدة المعروف بمحرر العبيد ابراهام لنكولن قد وقّع إعلان تحرير العبيد في 2/1/1863 ، في الوقت الذي كانت الامبراطورية الإسلامية وفي أوج ازدهارها قد عجزت عن سن تشريع يلغي العبودية بل ان أسواق النخاسة والعبيد والجاريات كانت تحتل الصدارة في أسواق بغداد والمدن الإسلامية الكبرى وقد استمرت العبودية حتى إلى عهد قريب ، وقد دفع الشعب الأمريكي ثمناً باهظاً في سبيل تحرير العبيد واندلعت حرب أهلية مابين الشمال والجنوب قتل فيها ألافاً من الطرفين ، حتى انتصر الشمال المنادي بتحرير العبيد من الرق والعبودية وكان إنجازاً حضارياً إنسانياً يفوق كثيراً بما يسمى حضارات أصيلة وأما التحرير الحضاري الثاني والذي لايقل عن الأول ويضاهي كل حضارات العالم السابقة واللاحقة ألا وهو اختراع الكهرباء على يد العالم الأمريكي أديسون عام 1879الذي أنار الدنيا من الظلمة ومابني عليه من مئات الاختراعات لصالح الإنسان والإنسانية والذي يتمتع به المؤمنون وقد تمّ على يدي كافر ..؟ وأي حضارة أخرى يمكنها أن تضاهي هذا الاختراع الحضاري المذهل ، وهناك اختراع أول سيارة تعمل على ( البزين ) للمخترع الأمريكي جورج سيلدن عام 1895 ، واختراع القطار الكهربائي لأول مرة في تاريخ البشرية على المواطن الأمريكي الأسود جرانفيل ووذر عا م 1891والكثير من الاختراعات الأخرى ، لأن الإبداع هو ثمرة الحرية فلا إبداع بلا حرية ، والشعوب المقهورة ستبقى في حيز الجهل والتخلف مثل حكوماتها المستبدة .. في أمريكا لاتفرقة عرقية أو قومية أو دينية بين الشعب ، والدين بعيد عن السياسة ، ولا وجود لسيطرة أو لتمييزٍ قومي أو عرقي أو مذهبي ، الكل يعيش بأمان تحت مظلة ونظام دستور علماني ديمقراطي شامل والجميع مرتبط بالوطن الأرض الأمريكية وهو الانتماء الحقيقي والجوهري للأمة ، الأرض ولا انتماء آخر ، ان العلمانية مطبقة بشكل رائع ، والمواطن الأمريكي يتمتع بحرية مثلى ، ويمكنه أن يدعي حتى على رئيس البلاد أو أي مسؤول فيها والمحاكم تستقبل الشاكي باحترام وان رئيس الجمهورية لأقوى دولة في العالم ولو كان ابن الله لن يمكنه أن يستمر في حكم البلاد أكثر من دورتين انتخابيتين ، كما يمكن لقاضي التحقيق أن يحاكم رئيس الجمهورية بيسر وسهولة ، وكلنا قد شاهد محاكمة كلينتون على شاشة الفضائيات أمام أنظار العالم أجمع .... أما حرية الإعلام حدث ولا حرج بل انها سلطة مستقلة وتتمتع بكامل الحرية والاحترام وبإمكانها أن تنقد من كان وحتى لو كان يشغل أعلى المناصب كما يمكن لأي كاتب أن يصدر كتابه دون المرور على رقابة الدولة ، والضمان الاجتماعي يؤمن دخلاً لكل عاطل عن العمل بما يكفيه ، والنقابات العمالية نشطة ولها تأثير كبير والعامل يعيش برخاء ، والضمان الصحي يسري على جميع المواطنين ، وامريكا متقدمة زراعياً مع فائض إنتاج وتصدر القمح إلى كثير من دول العالم ومنها مصر ، أما في الصناعة تقدم تكنلوجي هائل في كافة المجالات وهي الأولى في مجال غزو الفضاء ، واقتصاد قوي ومتين .. وبعد هذه النبذة الموجزة هل يمكن لأي عاقل أن يقول أن هذا الشعب غير حضاري أو يفتقر إلى الحضارة أو انه يعاني عقدة نقص حضارية ، وعندما تتوالى انقطاعات التيار الكهربائي علينا في هذه الأيام الجهنمية من أب ثم تعود لتنقذنا من سعير لاهب ، ألا نترحم على روح من اخترع الكهرباء ، وأخيراً من هو أحق بالجنة ، الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن محرر العبيد و أديسون مخترع الكهرباء ومخترعون آخرين قدموا للإنسانية الشيء الكثير ، أم أسماء كثيرة حولها هالة من التقديس ولا أستطيع ذكر الأسماء ، وذلك بسبب حضارتنا الشرقية التي نعتز بها ونبكي على أطلالها ... ؟؟؟
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
.. حقوق المرأة العربية ، بين الواقع والممكن ..؟
-
.. انه الأدب .. انه الحوار المتمدن ...؟
-
.. مابعد بعد نطحة زيدان ..؟ ..
-
العلمانية والدولة .....؟
-
شعائر فرح شرقي ...!؟
-
عذراً .. انه حوار متمدن ...؟
-
العلمانية والمجتمعوالكمبيوتر .. ومنبر الحوار المتمدن ..؟
-
ألعلمانية.. وأين مجتمعنا منها ...؟
-
البرجوازية والعلمانية...؟
-
...مِثِل نطحة زيدان ...!؟
-
مونديال الربح والخسارة مابين سوريا ومصر ...؟
-
الشارع العربي الذكوري في الكويت يفخر بانتصاره على النساء ..؟
-
الشارع العربي وآلهة الشر ..؟
-
صراع البقاء في يم العلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والمجتمع
...
-
ممارسة الحب على المسرح ...؟
-
جحافل العولمة تغزو وأشاوس الواوا وطبطب لهم بالمرصاد ...؟
-
الحمائم والصقور مابين البنادق والفنادق ...؟
-
عواء الرجل الميت ، مجموعة قصصية لطلال شاهين
-
البلالفة والمناتفة
-
الارهابيون يحاولون النيل من المفكر عبد الكريم سليمان .؟
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|