أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد المطيري - اعتذر لفقدك














المزيد.....

اعتذر لفقدك


احمد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


اعتذر لفقدك

ذاكرة الجرح والألم لاتزال تنزف وأثار القيد باقية تحفر في داخلك نهرا من الحزن ؛ بالأمس القريب حَمَلتْكَ نفس الوجوه مقيدا لمنفى بعيد بعد أن أدانوك بتهمة الهروب من جحيم الوطن .. واليوم حَمَلتكَ إلى منفى بعيد أيضا بعد أن أدانوك لأنك حلمتَ بوطن. للحظة تذكرتَ التل والمقبرة المهجورة التي تعتليها، والطابور الصباحي والأبواب المغلقة وساعات الانتظار وكل لحظات الحزن المدمي بالخيبة والعطش والجوع.. تذكرت ذلك الجرو الذي حسدته كثيرا لأنه عبر الشرك الذي يحيط حلمك وذاكرتك وخيالك .. وارتسمتْ أمامك قاعة الأشباح حيث كان يُعزلُ فيها المرضى.. أجساد هزيلة تنتظر الموت ولا احد يأبه بها.
تذكرتَ انك بكيتَ مرة واحدة حين علمتَ انه فقد ساقه؛ تذكرتَ أخر كلماته حين زارك متكئاً عل عكازه ليقول لك: سألحق بك أينما تكون يا ولدي!!
كانت رجله المعطوبة تنزف مثل عمرك. ودّعك، كان يجرجر بصعوبة أقدامه، تمنيتَ لو انك لحقتَ به واحتضنتَه ربما زال عنك لحظتها ألم القيد وأزاح هذه الجدران التي حالت دونكما.
هناك في ذلك الشرك علمتَ أن قدمه أكلها المرض فقرروا بترها. بكيتَ بشدة لحظتها، تمنيت لو كنتَ بقربه حينما عرفتَ بأنه كان يردد اسمك وهو تحت تأثير المخدر.. لعنتَ إلف مرة هذا السجن وهذه الأسوار وقبل كل شيء لعنت ( عذراً ) هذا الوطن.
اليوم وأنت بين هذه الجدران وبعد أن استقر هو تحت التراب.. تراءى أمام عينيك كيف كان يصارع الموت بقوة وعناد كعادته. كنتَ تجلس بقربه ولأول مرة تمنيتَ لو اعترفتَ له بأنك لم تحب أحدا بحياتك مثلما أحببته، فقسوة قلبك تخفي تحتها مشاعر جياشة تخاف من أن تظهرها..تمنيتَ لو انه سامحك، فقد خيبتَ أمله كثيراُ. آخر مرة كان بودكَ أن تصرخ على سجّانك:
" اتركه لي .. لقد سلبتّ مني كل شيء ..عمري وأحلامي..لم يبق لي سواه .. لم اشعر يوما بطعم وجوده.. لم اظهر له حبي يوما.. كم احتاجه الآن.. اتركه لي .. أريد أن اسمع صوته للمرة الأخيرة "
رأيتَ دمعة نزلت من عينيه ..كأنه شعر بكل ما يجول بداخلك وكأنه سمع أمنيتك...
لكن الموت لم يترك له متسعا ..حاول مقاومته.. إبعاده عنه، لكن جسده الذي احتله المرض لم يقوَ على مقاومة الموت حتى النهاية.. فتوقف كل شيء ليرحل إمام عينيك وأنت غارق بعجزك وفشلك..ترى الموت ينتزعه منك بكل قسوة دون أن تفعل شيء.. بعدها هربت كعادتك .. لم تتحمل فكرة انك لن تجده كل ليلة بانتظارك ليسألك كالمحقق .. أين كنت؟ .. لماذا تأخرت؟
حتى السيجارة لن يكون لها طعما ..كنت تدخنها في الخفاء كيلا يراك واليوم صار بإمكانك أن تدخنها أينما كنت. لقد فقدته إلى الأبد وهذا هوا عذابك وعزاؤك .. وحتى الآن وأنت مرمي خلف هذه الأسوار العالية تلازمك صورته كل لحظة .. تسائل نفسك: ماذا تراه يقول لو كان موجودا؟.. بالتأكيد سوف يكتب لك رسالة كما فعل من قبل يعلن فيها انه يفخر بك لأنك شجاع، لكن هذا لن يخفف لديك الشعور بالهزيمة المريرة..
في المرة السابقة علمتَ من أمك بأنه كان يبكي كل ليلة لفراقك حتى مات...
احمد المطيري






#احمد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حائرون


المزيد.....




- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد المطيري - اعتذر لفقدك