عبدالله عبداللطيف المحامي
الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:53
المحور:
الادب والفن
عم عبد السميع رجل طيب ومقهور.. عاش حياته محروما تحت ضغط الفقر والجهل والمرض.. كانت ولازالت وستظل أعبائه شديدة ولا قبل له بها.. سارت به مركب الحياة تتقاذفه الأمواج وهو لا يستطيع أن يلبي حاجات أسرته الكبيرة العدد فكل صباح يطلع عليه يواجه مطالب الأبناء والحياه.. ولا يملك القدرة علي تلبية إلا النذر اليسير منها.. وكل ليل يمسي عليه ينوء حمله بهم الديون التي تتثاقل عليه وتزيد علي كاهله يوما بعد يوم.
إشتد به الحال ضيقا وكل يوم يمر عليه تزيد ضائقته .. من كثرة الديون أغلق حانوته الصغير الذي كان يبيع للأطفال بعض الحلوي .. لم يسلم من أذي رجال الحكومة .. أصبح مطالب بسداد الكثير من الديون المربوطة عليه لصالح هيئات الحكومة المختلفة .. التأمينات تحجز عليه لعدم سداد أقساط التأمين الإجباري المفروضة عليه بحكم القانون .. الوحدة المحلية تحاصره بمطلوبات رسوم النظافة وإشغالات الطريق .. مصلحة الضرائب تطالبه بمبالغ ربطت جزافا عليه .. في النهاية وجد عم عبدالسميع نفسه داخل السجن يقضي عقوبة الحبس نظير تبديده للمنقولات التي تم الحجز عليها لصالح جهات حكومية مختلفة وفاءا للمبالغ المطلوبة منه رغم أن كل هذه الحجوزات إدارية غيابية لا يعلم عنها المسكين شيئا ولا تاريخا .
خرج من السجن يشتكي القهر والحرمان .. والظلم الواقع عليه بلا جريمة اقترفها .. ذهب الي احد الواصلين الأغنياء يشتكي حاله وضيق ذات يده .. ساعده ببعض المبالغ الزهيدة التي لا تغني ولا تسمن من جوع .. ثم رأي أن يعينه عاملا عنده في العمارة الكبيرة التي تستأجرها مصلحة حكومية كبيرة يرتادها يوميا المئات من المواطنين والموظفين العاملين بالمصلحة .
وأصبح عم عبدالسميع مسئولا عن تشغيل أسانسير العمارة الكبيرة نظير اجر شهري يكاد يسد رمقه .
ومنذ اليوم الأول لاستلام عمله .. ولأول مرة يشعر الرجل الغلبان المقهور ان بيده سلطة ما .. ودون أن يدري وجد نفسه يستغل هذه السلطة ليشعر مرة واحدة في الحياة أن له وجود وكيان .. فوضع مقعده المتهالك إلي جوار سكينة الأسانسير ليفصل دوما التيار الكهربائي عنه ويتجمع الناس أمام الأسانسير ويطلبون منه تشغيله فيرد عليهم وهو يشعر بالعظمة وانه محط اهتمام الآخرين أن الأسانسير معطل ويتلذذ الرجل بصعود الناس علي درج السلالم وهو جالس فرحا بذلك .
وأكثر ما يسعد الرجل أن يفتح بعض الناس أمخاخهم ويضعون في جيبه بعض النقود خلسة ليفتح لهم سكينة الكهرباء لتوصيل التيار الكهربائي لتشغيل الأسانسير بعدها يشعر عم عبدالسميع بسعادة غامرة .. أخيرا شعر الرجل بقيمته وأهميته وبسلطته وكأنه رئيس جمهورية ... الأسانسير .
#عبدالله_عبداللطيف_المحامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟