أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الطاهر المعز - محاولة تعميم المعرفة















المزيد.....

محاولة تعميم المعرفة


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7117 - 2021 / 12 / 25 - 23:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


النيوليبرالية
النيوليبرالية
محاولة تبسيط بعض مفاهيم الاقتصاد السياسي
الطاهر المعز

كان رونالد ريغان (1911-2004) رئيسًا للولايات المتحدة من 1981 إلى يناير 1989، وكانت مارغريت تاتشر (1925-2013) رئيسة وزراء بريطانيا من 1979 إلى 1990، ومثَّلاَ مَعًا رمزان لتطبيق الرأسمالية النيوليبرالية التي ينعتها البعض ب"المُنْفَلِتَة"، عندما كان الاتحاد السوفييتي يحتضر.
نجحت النيوليبرالية خلال أربعة عُقُود في إرهاق وتفكيك النقابات، وتَخريب العمل النقابي، ما زاد من تدهور ظروف العمل، وسَلْب المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة، مثل الضمان الاجتماعي ، والحق في الصحة ، والتقاعد ...
قامت الشركات متعددة الجنسيات بتسريع حركة تفكيك شركاتها وتقسيمها إلى وحدات صغيرة، لتجنب التجمعات الكبيرة للعمال، ما يُمَكِّنُ الرّأسمالية من فَرْضِ هشاشة العَمل في ظروف سيئة، بعقود غير مستقرة وأجور منخفضة. أما في الولايات المتحدة فتُشغّل الشركات (وكذلك الإدارات الحكومية ووزارة الحرب) حوالي 2,5 مليون سجين برواتب تقل عن رواتب عُمّال بُلْدان "الجنوب" الفقيرة، لتصنيع مجموعة كبيرة من السّلع، منها التجهيزات المنزلية (ثلاجات وغسّالات وأفران وغيرها) ومُعدّات الجيش (خوذات وملابس...) ومنسوجات وجُلُود مُصنّعة وقطع غيار، وما إلى ذلك.
نقلت العديد من الشركات (باستثناء صناعة التقنيات الدّقيقة ) مصانع قطاعات بأكملها (الكيماويات والمنسوجات والأسمنت والتجهيزات الخفيفة، وتجميع قطع غيار السيارات وحتى الطائرات، وما إلى ذلك) إلى بُلدان فقيرة، في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، بهدف زيادة نصيب رأس المال وتقليل نصيب العمال والموظفين من عملية الإنتاج، إذ يُقدّر راتب العامل في بنغلاديش بنحو عَشُر (واحد من عشرة أجزاء) راتب العامل في أوروبا أو الولايات المتحدة. فضلاً عن نقل العديد من الأنشطة، عملت الشركات الرأسمالية الكُبرى على تعميم عملية "أتْمَتَة" بعض القطاعات الصناعية أو الخدمية، بهدف زيادة الإنتاجية وزيادة حصة رأس المال في عملية الإنتاج ...
كثّفت الاحتكارات الكبيرة - في القطاع المالي والمَصْرِفي أو النفطي أو في مجال البنى التحتية أو الاتصالات - من عمليات الاستحواذ والاندماج، للقضاء على الوحدات الأصْغَر حجمًا، مما أدى إلى زيادة تركيز رأس المال، ونمو الإنتاجية، وإلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين وزيادة عدد العاطلين عن العمل، الذين يضطرون لقبول العقود غير المستقرة، والوظائف بدوام جزئي، والأجور المنخفضة، وظروف العمل السيئة ...
في الوقت نفسه، وعلى على مدى أربعة عقود، ارتفعت ديون البلدان الفقيرة، فأصْبَحَ المقرضون، مثل صندوق النقد الدولي (IMF)، بقيادة الدول الإمبريالية وشركاتها متعددة الجنسيات، وكذلك البنك العالمي (وتُشرف على إدارتهما وتسييرهما حكومات الدّول الإمبريالية ومصارفها وشركاتها العابرة للقارات) حُكّامًا فعْلِيِّين للبلدان المثقلة بالديون، يفرضون خصخصة القطاع العام والمرافق، لتستحوذ عليها الشركات المُعولمة، ويفرضون إلغاء الدّعم، مقابل فتح حدود الدول الفقيرة أمام المنتجات الأجنبية، وبالتالي يمنعون أي شكل من أشكال حماية الاقتصاد والإنتاج - الصناعي أو الزراعي - المحلي، وبذلك يُصبح إنتاج العمال والفلاحين في البلدان الفقيرة، مُوَجّهًا لتلبية احتياجات مواطني البلدان الإمبريالية، بدل تلبية احتياجات مواطني البلد مَنْشَأ الإنتاج...
تفرض اتفاقيات منظمة التجارة العالمية لسنة 1994 ( W.T.O) فتح الحدود أمام رأس المال والسلع، مع إغلاق الحدود في وجه الفُقراء الذين يرغبون الانتقال من الجنوب إلى الشمال، بهدف العمل أو الدّراسة أو الزيارة، إذ يجب أن يبقوا في بلدانهم للخضوع للاستغلال المفرط بأجور منخفضة، والتعامل مع المنتجات التي تشكل خطورة على الصحة، لمدة 10 أو 12 ساعة في اليوم، لستة أيام في الأسبوع، دون حماية اجتماعية، وفي مواقع عمل سيئة التّهوِئة، وتفتقد إلى شروط الصّحة والسلامة المهنية، مع حد أدنى من الراحة والعُطَل الرسمية، وأحيانًا بدون عطلة سنوية مدفوعة الأجر.
سمحت هيمنة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية بهيمنة الشركات متعددة الجنسيات التي تحتاج إلى زيادة أرباحها وتقليل نفقاتها، وعدم إنفاق أرباحها المتعاظمة في دول الإنتاج، بل تهريبها إلى الملاذات الضريبية، التي يقع معظمها في بلدان أوروبا، وفي مستعمرات بريطانيا وبعض الولايات الأمريكية أو الأراضي والجُزُر الواقعة تحت الإستعمار أو النّفُوذ الأمريكي ...
منذ حوالي العِقْدَيْن، وبالتّزامن مع تفجيرات 2001 بالولايات المتحدة، استعانت الشركات متعددة الجنسيات بعمالة ماهرة (مهندسين، محاسبين، استشاريين، محللين ماليين إلخ) في قطاعات مالية وصناعية وخَدَمِيّة متعددة، بالإضافة إلى قطاعات ذات كثافة عالية من العمالة غير الماهرة، إلى أن انتشرت جائحة كوفيد -19 التي شكّلت فرصة ذهبية لتوسيع نطاق العمل عن بُعد وتعميمه، مما يتيح المرونة وتوفير الوقت، وخفض نفقات الشركات متعددة الجنسيات على مقرات العمل والمكاتب ومصاريف الاتصالات والطاقة ومكيفات الهواء وما إلى ذلك، كما يُعَدُّ الوباء أيضًا فرصة لتعزيز هيمنة بعض المجموعات الصيدلانية على قطاع الأدوية واللقاحات، من خلال استبعاد اللِّقاحات المُنافِسَة، المُصنّعة في كوبا أو روسيا أو الصين ...
تطمح بعض التيارات "الاشتراكية الديمقراطية" إلى إصلاح أو "ترميم" النظام الرأسمالي (بيكيتي، وتسيغليتز، وزيغلر، وساندرز... ) وإدخال المزيد من النزعة الإنسانية والعدالة المالية، من خلال إعادة هيكلة الضّرائب والرُّسُوم... وفي الواقع هذه إجراءات نفذتها الرأسمالية عند حدوث الأزمات، خصوصًا بعد الأزمة الكُبرى سنة 1929، وبعد الحرب العالمية الثانية، من أجل إعادة الإعمار، أما خلال أزمة 2008/2009 و أزمة انتشار وباء "كوفيد - 19"، فقد وزّعت الحكومات الرأسمالية المال العام (ضرائب الأُجراء والمُستهلكين) على المصارف والشركات الكُبرى، ولم يستفد منها العُمّال وصغار المزارعين والمُعطّلين عن العمل والفُقراء، وقد يتأثر رأس المال بانخفاض جزء يسير من ريعه وأرباحه، لكن لا يمكن هز أركان الرأسمالية المُعَوْلَمَة وزعزعة استقرارها، بمثل هذه الإجراءات، لأن الرأسمالية تحكم البلدان الغنية، ومعظم البلاد الفقيرة، ورغم ترديد الإدعاء بأن هذا الحكم ديمقراطي، لأنه يعتمد على الإنتخابات الدّورية، فإن الرأسمالية في جوهرها سلطوية وعنيفة، فهي في الدّاخل تتحكّم بوسائل الإعلام التي تُؤثِّرُ في توجّهات النّاخِبين، وحصل أن رفض مواطنو فرنسا وهولندا دستور الإتحاد الأوروبي، ضمن استفتاء (سنة 2005)، فما كان من الإتحاد الأوروبي سوى وقف عمليات الإستفتاء التي كانت مُبَرْمَجَة، وتطبيق ذلك الدّستور...
من جهة أخرى، بعد انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، عززت الإمبريالية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وَوَسّعت رقعة وحجم نُفُوذه، بدلاً من حَلّه، وشنت الدول الإمبريالية، بزعامة الولايات المتحدة، عدة حروب (أفغانستان ، العراق، سوريا، اليمن، الصومال، ليبيا، مالي ...)، بالإضافة إلى الحروب بالوكالة كالعدوان المُستمر للكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني والبلدان المُحيطة بفلسطين، وحتى إيران، فضلاً عن تمويل حكام السعودية وحكام الخليج لجيوش الإرهابيين، فيما تحتل تركيا قُبرص وجزءًا من سوريا، وتتحرّش بالعديد من البلدان الأخرى، كالعراق ولبنان وليبيا، وتستعين الإمبريالية الأمريكية أيضًا بجيوش مرتزقة وبفرق وأطراف عديدة، متعاقدة ومرتبطة بالجيش الأمريكي وحلف شمال الأطلسي ...
تهدف الإمبريالية الأمريكية، الحفاظ على حالة الحرب الدائمة، ولاستدامة وضع الحرب المستمرة، يُقدَّرُ عدد جُنود وضُبّاط الجيش الأمريكي بنحو 1,5 مليون جندي وضابط، ولديه أكثر من ثمانمائة قاعدة عسكرية حول العالم، وما انفكّت ميزانية الحرب للولايات المتحدة تنمو سنويًّا، وبلغت نحو تريليون دولارا، سنة 2021، منها 740 مليار دولارا تم الإعلان عنها، وحوالي 260 مليار لم يتم الإبلاغ عنها، زيادة على نفقات تقاعد ومعالجة الجنود السابقين، وميزانية المخابرات العسكرية و "الفِرَق الخاصّة"، وبعض العمليات الخارجية (تخريب مصالح الدول الأخرى)، وتوظف صناعة الأسلحة الأمريكية ما يقرب من 1,7 مليون شخص في الولايات المتحدة...
تُجْبِرُ الإمبريالية الأمريكية حُلفاءَها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على شراء المعدات العسكرية الأمريكية (خاصة الطائرات والسُّفن الحربية والغوّاصات والصّواريخ)، وتتدرب جُيُوش الحُلَفاء على السلاح الأمريكي، بإشراف الجيش الأمريكي، لتحقيق النّجاعة في الحروب الأمريكية التي تُشارك بها هذه الجُيُوش، إلى جانب جيوش المرتزقة، دفاعًا عن المصالح الأمريكية.
ماذا يمكن لغالبية سكان العالم ، وخاصة سكان البلدان الفقيرة ، التي تسيطر عليها الإمبريالية ، أن يفعلوا لتحرير أنفسهم من الهيمنة الإمبريالية والرأسمالية، في ظل هذا الوَضْع؟
لا بديل عن النضال المُستمر بأهداف ومطالب واضحة، ومنها إلغاء الديون وتأميم القطاعات الأساسية واستخدام مبالغ الدّيون المُلْغاة وفوائدها والأموال المنهوبة والمُهَرّبَة، للإستثمار في القطاع الزراعي والصناعات التحويلية، وإعادة توزيع الثروة، وتوجيه الإنتاج نحو تلبية الإحتياجات الأساسية للمواطنين، وتطبيق شكل أفقي من الديمقراطية، والتّشاور ومُشاركة المعنيِّين، من منتجين أو مستلكين أو مواطنين آخرين، في تسيير الشؤون الإقتصادية والسياسية...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من التُّراث النّضالي للمُهاجرين العرب بفرنسا
- -قتيل عن قتيل بيِفْرقْ-
- نموذج من إفلاس سلطة الإسلام السياسي -المُعتدل-
- في ذكرى انتفاضة تونس
- الولايات المتحدة - دروس من موجة الإضرابات الأخيرة
- محاولة لتبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي
- فرنسا، متابعات- بعض مواضيع الحملة الإنتخابية
- هل الرسوم الضريبية أداة لتعميق الفجوة؟
- أوروبا، إلى اليمين دُرْ!
- تشيلي - نموذج الإلتفاف على النضالات الجماهيرية
- الهند- استفزاز فنضال فانتصار
- تونس - بعض ملامح الوضع الحالي
- تأثيرات خصخصة قطاع الصّحّة على سلامة وحياة المواطن
- ارتباط قضية المناخ بنمط الإنتاج
- الرأسمالية بين زيادة الثروات وزيادة الفقر
- تركيا - قمع داخلي وعدوان واضطهاد خارجي
- متابعات - المسألة الزراعية
- مُتابعات - خَبَران وتعليق
- إضرابات العاملين بالولايات المتحدة
- فرنسا، ثقافة استعمارية مُتَجَذِّرَة وتوتّر قبل الإنتخابات ال ...


المزيد.....




- قضية قطع رأس رجل الأعمال فهيم صالح بأمريكا.. القضاء يكشف تفا ...
- شاهد دبًا أسودًا يداهم رجلًا في فناء منزله الخلفي.. ماذا فعل ...
- التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن ...
- لحظات مؤثرة لوصول ولقاء جوليان أسانج بعائلته في مطار كانبرا ...
- فيدان: حرب أوكرانيا قد تتوسع عالميا
- شاهد: المنتخب البرازيلي يصل إلى لاس فيغاس استعدادا لمواجهة ا ...
- الرئيس الكيني يصف الاحتجاجات وما أحاط بها من أحداث دامية -با ...
- مشاركة عزاء للرفيق خليل عليان بوفاة أخيه
- -الشبح الطائر-.. مميزات مقاتلة Su-57 الروسية
- -أطباء بلا حدود- نعته.. إسرائيل تغتال مسؤول تطوير منظومة صوا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الطاهر المعز - محاولة تعميم المعرفة